المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هداية شاب على يد إبنه الصغير



SaRaH19000
04-25-2008, 09:02 AM
الحمد لله رب العالمين


اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها وعلى آله وصحبه 0


هذه قصة شاب كانت هدايته على يد ابنه الصغير :::فهيا نستمع إليه:::



يقول الشاب :
لم أكن قد بلغت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي ..
ما زلت أذكر تلك الليله ..
كنت سهراناً مع الشله في إحدى الشالهيات ..
كانت سهرة حمراء بمعنى الكلمه ، كما يقولون ..
أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيراً ..
كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ..
بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ..
أجل ..كنت أسخر من هذا وذاك ..
لم يسلم أحد مني حتى شلتي ..
صار بعض أصحابي يتجبني كي يسلم من لساني وتعليقاتي اللاذعه ..
تلك الليله ..
سخرت من ..
رجل أعمى ، رأيته يتسول في السوق ..
والأدهى ..
أني وضعت قدمي أمامه ليتعثر ..
تعثر..
وانطلقت ضحكتي التي دوَّت في السوق ..
عدت إلى بيتي متأخراً ..
وجدت زوجتي في انتظاري ..
كانت في حاله يرثى لها ..
أين كنت يا راشد ؟!.
قلت : في المريخ – ساخراً – عند أصحابي بالطبع ..
كانت في حالة يرثى لها ، قالت والعبرة تخنقها : راشد أنا تعبه جداً ..
الظاهر أنَّ موعد ولادتي صار وشيكاً ..
سقطت دمعه صامته على خدها ..
أحسست أني أهملت زوجتي ..
كان المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي خاصة أنها في شهرها التاسع ..
قاست زوجتي الآلام يوماً وليلة في المستشفى ..
حتى رأى طفلي النور..
لم أكن في المستشفى ساعتها ..
تركت رقم هاتف المنزل ، وخرجت ..
اتصلوا بي حتى تعلموني الخبر ..
ففعلوا ..
اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم ..
سالم ..
حين وصلت المستشفى طُلب مني أن أراجع الطبيبه ..
أي طبيبه ؟..
المهم الآن أن أرى ابني سالم ..
لا بدّ من مراجعة الطبيبه قالوا لي : أجابتني موظفه الاستقبال بحزم ..
صُدمت حين عرفت أن ..
ابني به تشوه شديد في عينينه ، ومعاق في بصره ..
تذكرت المتسول ..
قلت : سبحان الله كما تدين تدان ..
لم تحزن زوجتي ..
كانت مؤمنه بقضاء الله راضيه ..
طالما نصحتني ..
طالما طلبت مني أن أكف عن تقليد الآخرين ..
كلا هي لا تسميه ..
تقليداً ..
بل غيبه ..
ومعها كل الحق ..
لم أكن أهتم بسالم كثيراً ..
اعتبرته غير موجود في المنزل ..
حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصاله لأنام فيها ..
كانت زوجتي تهتم به كثيراً وتحبه ..
لحظه ..
لا تظنوا أني أكرهه ..
أنا لا أكره ، لكني لم أستطع ان أحبه ..
أقامت زوجتي احتفالاً حين خطا خطواته الأولى ..
وحين أكمل الثانيه اكتشفنا أنه أعرج ..
كلما زدت ابتعاداً عنه ..
زادت زوجتي حباً وتعلقاً بسالم ..
حتى بعد أن أنجبت عمراً ، وخالداً ..
مرت السنوات ..
وكنت لاهٍ غافل ..
غرتني الدنيا وما فيها ..
كنت كاللعبه في يد رفقة السوء ..
مع أني كنت أظن أني من يلعب عليهم ..
لم تيأس زوجتي من إصلاحي ..
كانت دائماً تدعو لي بالهدايه ..
لم تغضب من تصرفاتي الطائشه ..
أو إهمالي لسالم ،واهتمامي بباقي أخوته ..
كبر سالم ..
ولم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصه بالمعاقين ..
لم أكن أحس بمرور السنوات ..
أيامي سواء ليلي ونهاري ..
عمل ونوم ..
طعام وسهر ..
حتى ذلك اليوم ..
كان يوم الجمعه ..
استيقظت الساعه الحاديه عشره ظهراً ..
ما يزال الوقت مبكراً أقول ..
لكن لا يهم ..
أخذت دشاً سريعاً ..
لبست ، وتعطرت ، وهممت بالخروج ..
استوقفتني منظره ..
منظر سالم ..
كان يبكي بحرقه ..
إنها المره الأولى التي أرى فيها سالم يبكي مذ كان طفلاً ..
أأخرج ، أم أرى مما يشكو سالم ؟!..
قلت : لا ..كيف أتركه وهو في هذه الحاله ..
أهو الفضول أم الشفقه ..
لا يهم ..
سألته : لماذا تبكي يا سالم ؟..
حين سمع صوتي توقف ..
بدأ يتحسس ما حوله ..
ما به يا ترى ؟!.
اكتشفت أن ابني يهرب مني ..
الآن أحسست به ..
أين كنت منذ عشر سنوات ..
تبعته ..كان قد دخل غرفته ..
رفض أن يخبرني في البدايه سبب بكائه ..
وتحت إصراراي ..
عرفت السبب ..
تأخر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد ..
اليوم الجمعه ..
خاف سالم أن لا يجد مكاناً في الصف الأول ..
نادى والدته لكن لا مجيب حينها..
حينها وضعت يدي على فمه كأني أطلب منه أن يكف عن حديثه وأكملت ..
حينها بكيت يا سالم ..
لا أعلم ما الذي دفعني لأقول له :سالم لا تحزن ..
هل تعلم من سيرافقك اليوم إلى المسجد ؟..
أجاب سالم : أكيد عمر ..ليتني أعلم إلى أين ذهب ..
قلت : لا يا سالم ..
أنا من سيرافقك ..
أنا من سيرافقك ..
استغرب سالم ..
لم يصدق ..
ظنَّ أني أسخر منه ..
عاد إلى بكائه ..
مسحت دموعه بيدي ..
وأمسكت بيده ..
أردت أن أوصله بالسياره ، رفض قائلاً : أبي المسجد قريب ..
أريد أن أخطو إلى المسجد ..
فإني أحتسب كل خطوه أخطوها..
يقول : لا أذكر متى آخر مره دخلت فيها المسجد ..
ولا أذكر آخر مرة التي سجدت فيها لله سجده ..
هي المره الأولى التي أشعر فيها ..
بالخوف والندم..
الندم ..
على ما فرطت طوال السنوات الماضيه ..
مع أنَّ المسجد كان مليئاً بالمصلين ..
إلا أني وجدت لسالم مكاناً في الصف الأول..
استمعنا لخطبة الجمعه معاً ..وصليت بجانبه ..
بعد انتهاء الصلاه ..
طلب مني سالم مصحفاً ..
استغربت..
كيف سيقرأ وهو أعمى ..
هذا ما تردد في نفسي ولم أصرح به خوفاً من جرح مشاعره ..
طلب مني أن أفتح له المصحف على سورة الكهف ..
نفذت ما طلب ..
وضع المصحف أمامه ، وبدأ في قراءة السوره ..
يالله ..
إنه يحفظ صورة الكهف كامله ، وعن ظهر غيب ..
خجلت من نفسي ..
أمسكت مصحفاً ..
أحسست برعشه في أوصالي ..
قرأت ، وقرأت ..
ودعوت الله أن يغفر لي ، ويهديني ..
هذه المره أنا الذي بكى ..
بكيت ..
حزناً ..
وندماً على ما فرطت ..
ولم أشعر إلا بيد حنونه تمسح عني دموعي ..
لقد كان سالم ..
يمسح دموعي ..
ويهدأ من خاطري ..
عدنا إلى المنزل ..
كانت زوجتي قلقه كثيراً على سالم ..
لكن قلقها ..
تحول إلى دموع فرح ..
حين علمت أني ..
صليت الجمعه مع سالم ..
منذ ذلك اليوم ..
لم تفتني صلاة الجماعه في المسجد ..
هجرت رفقاء السوء ..
وأصبحت إلى رفقة خيره عرفتها في المسجد ..
ذقت طعم الإيمان ..
عرفت منهم أشياء ألهتني عن الدنيا ..
لم أفوت حلقة ذكر ، أو قيام ..
ختمت القرآن عدة مرات في شهر ..
وأنا نفس الشخص الذي هجره سنوات ..
رطبت لساني بالذكر ..
لعل الله يغفر لي غيبتي ، وسخريتي من الناس ..
أحسست أني أكثر قرباً من أسرتي ..
اختفت نظرات الخوف والشفقه التي كانت تطل من عيون زوجتي ..
الابتسامه ما عادت تفارق وجه ابني سالم ..
من يرى سالم يظنه ملك الدنيا وما فيها ..
حمدت الله كثيراً ..
وصليت له كثيراً على نعمه ..
ذات يوم ..
قررت أنا وأصحابي ..
أن نتجه إلى أحد المناطق البعيده في برامج دعويه مع مؤسسه خيريه ..
ترددت في الذهاب ..
استخرت الله ..
واستشرت زوجتي ..
توقعت أن ترفض ..
لكن حدث العكس ..
فرحت كثيراً ..
بل شجعتني ..
حين أخبرت سالم عزمي على الذهاب ..
أحاط جسمي بذراعيه الصغيرين فرحاً ..
ووالله لو كان طويل القامه مثلي لما توانى عن تقبيل رأسي ..
بعدها توكلت على الله ..
وقدمت طلب إجازه مفتوحه بدون مرتب ..
والحمد لله جاءت الموافقه بسرعه ..أسرع مما تصورت ..
تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ..
كنت خلال تلك الفتره أتصل كلما سنحت لي الفرصه بزوجتي ..
أحدث أبنائي ..لقد اشتقت لهم كثيراً ..
لكني ..
اشتقت أكثر لسالم ..
تمنيت سماع صوته ..
هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت ، إما أن يكون في المدرسه أو المسجد ساعه اتصالي بهم ..
كلما أحدث زوجتي أطلب منها أن تبلغه سلامي ، وتقبله ..
كانت تضحك حين تسمعني أقول مثل هذا الكلام ..
إلا آخر مره هاتفتها فيها ..
لم أسمع ضحكتها المتوقعه ..
تغير صوتها ..
وقالت لي : إن شاء الله ..
أخيراً ..عدت إلى المنزل ..
طرقت الباب ..
تمنيت أن يفتح سالم لي الباب ..
لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعه من عمره ..
حملته بين ذراعي ، وهو يصيح : بابا ..بابا ..
انقبض صدري حين دخلت البيت ..
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
سعدت زوجتي بقدومي ..
لكن هناك شيء قد تغير فيها ..
تأملتها جيداً ..
إنها نظرات الحزن التي ما كانت تفارقها ..
عادت مره ثانيه إلى عينيها ..
سألتها : ما بك !..
قالت : لا شيء ..
هكذا ردت ..
فجأه تذكرت من نسيته للحظات ..
قلت لها : أين سالم ؟!.
خفضت رأسها ولم تجب ..
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد الذي ما زال يريد في أذني حتى هذه اللحظه..
قال : أبي ..إن سالم راح عند الله في الجنه ..
قال : أبي ..إن سالم راح عند الله في الجنه ..
لم تتمالك زوجتي الموقف ..
أجهشت بالبكاء ، وخرجت من الغرفه ..
عرفت بعدها أن ..
سالماً أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعين ..
أخذته زوجتي إلى المستشفى ..لازمته يومين ..
وبعد ذلك فارقته الحمى ..
حين فارقت روحه الجسد..
أحسست أنَّ ما حدث ..
ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى ..
أجل إنه اختبار ..
وأي اختبار ..
صبرت على مصابي ..
وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه ..
ما زلت أحس ..
بيده تمسح دموعي ..
وذراعه تحيطني ..
كم حزنت على سالم الأعمى الأعرج ..
لم يكن أعمى ..
لم يكن أعمى ..
أنا من كنت أعمى ..
حين انسقت وراء رفقة السوء ..
ولم يكن سالم أعرج ..
لأنه استطاع ..
أن يسلك طريق الإيمان رغم كل شيء ..
لا زلت أتذكر كلماته وهو يقول : إن الله { ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } ..
سالم ..
الذي امتنعت يوماً عن حبه ..
اكتشفت أني أحبه أكثر من أخوانه ..
بكيت كثيراً ..
وما زلت حزيناً ..
كيف لا أحزن ..
وقد كانت هدايتي على يديه ..
كيف لا أحزن ..
وقد كانت هدايتي على يديه ..
اللهم ..تقبل سالم في رحمتك ..

اللهم ..إنا نسألك الثبات حتى الممات ..
أبشر ..
أيها التائب ..
أبشر ..