المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحوكمة في سوق المال السعودي



bassem_1974
04-24-2008, 09:30 PM
الحوكمة في سوق المال السعودي (http://financialmanager.wordpress.com/2008/02/27/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d9%83%d9%85%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a/)

كتبت بتاريخ فبراير 27, 2008 بواسطة financialmanager
الحوكمة أولاً

ضمن جهودها التي تبذل لتنظيم سوق الأسهم أعلنت هيئة سوق المال السعودية يوم الاثنين الماضي قرار البدء بتنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بأن تكون القيمة الاسمية لسهم الشركة المساهمة عشرة ريالات، مما يعني تقسيم السهم إلى خمسة أسهم لجميع الشركات المدرجة في السوق اعتباراً من يوم السبت القادم على أربع مراحل ابتداء من يوم السبت 3/3/1427هـ حتى يوم السبت 24/3/1427هـ. وفكرة هذا القرار جيدة من حيث المبدأ لأنها ستؤدي إلى تقليل المضاربة في السوق وتفضيل المدخل الاستثماري نظراً لتضاعف عدد الأسهم عند تطبيقه إلى خمسة أضعاف عددها القائم حالياً على أقل تقدير مما يعني تصعيب مهمة المضاربين أو المتلاعبين في السيطرة عليها والتحكم في حركة أسعارها في الاتجاهين الصاعد والهابط، ومما يعني أيضاً ضرورة العودة للعمل بنظام أجزاء الريال في المزايدة على الأسهم بيعا وشراءً، والعودة إلى توسيع نطاق التذبذب الأقصى إلى 10 في المائة في الاتجاهين مرة أخرى.
وكنت آمل التروي في التطبيق الشامل لقرار التجزئة في حال صدوره واعتماد أسلوب التدرج مع البدء بالشركات الصغيرة أولاً وذلك بسبب الهبوط الحاد الذي عانت منه أسعار كافة شركات السوق خلال هذه الفترة التصحيحية التي بدأت منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي واستمرت شهراً كاملاً لينتج عنها سوق في أمس الحاجة لالتقاط الأنفاس واستعادة الثقة وتعويض قدر من الخسائر الفادحة التي منيت بها.
ورغم أهمية ما أشرت إليه في الفقرة السابقة إلا أن أهم من ذلك هو العمل بالتوازي مع تطبيق قرار التجزئة على تطوير مفاهيم (حوكمة الشركات) لتعويض المستثمرين في السوق المجزأة الثقيلة المترعة بمليارات الأسهم عن ما يتوقع أن يفقدوه من جاذبية المضاربة وأرباحها السريعة بتعزيز ربحية الشركات وتحسين أدائها لتصبح أهلاً للاستثمار بها والانتظار لجني أرباحها مرة كل نهاية عام.
وتعتبر

http://www.okaz.com.sa/okaz/images/new/Open-DblQ.gif لماذا نهتم بالحوكمة ونرى أنها أصبحت ضرورة حتمية في أعمالنا http://www.okaz.com.sa/okaz/images/new/Close-DblQ.gif

حوكمة الشركات Corporate Governance من أهم المفاهيم الحديثة التي ظهرت أواخر الثمانينات وتطورت وتعززت خلال التسعينات من القرن المنصرم حتى يومنا هذا، وتتنازع التخصص فيها عدة فروع من العلوم الاجتماعية فالاقتصاديون يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من تخصصاتهم الأكاديمية ويدرسونها ضمن أقسام الاقتصاد في حين يرى المحاسبون أنهم هم أهل الحوكمة، وينازعهم في ذلك الماليون (تخصص التمويل)، ولعل ذلك عائد إلى زاوية الرؤية والتركيز التي تؤثر في التعريف ومنهاج الدراسة، ولذلك تتنوع تعريفات العولمة بتنوع معرّفيها فالاقتصاديون يعرّفونها بأنها فرع من الاقتصاد يتخصص في تقصي كيفية تأمين وتعزيز الإدارة الكفؤة لشركات الأعمال بتوظيف أدوات التحفيز الملائمة في العقود والخرائط التنظيمية والتشريعات لتمكين مديري الشركات من تحقيق عائد تنافسي ومجز للاستثمار، ويعرفه الماليون بأنه فرع من التخصصات المالية يعنى بالطرق التي يهتم أصحاب رؤوس الأموال باعتمادها لضمان عائد من تمويلهم لأعمال أي شركة أعمال ترغب في توظيف أموالهم في عملياتها الإنتاجية، أما المحاسبون فيرون أن الحوكمة نظام System محاسبي يمكن من خلاله مراقبة أعمال الشركة ومراقبة أدائها وتصحيح أخطائها، وفي تعريفات أخرى يضيق المفهوم ليقتصر الاهتمام بمفردات العلاقة بين الشركة وحملة أسهمها، ويتسع ليشمل مفردات العلاقة بين الشركة والمجتمع الذي تعمل من خلاله، وهناك تعريفات للحوكمة تركز على الجانب الأخلاقي في أداء الشركات لأعمالها ومنها تعريف ج.ولفنسون الرئيس السابق للبنك الدولي الذي يرى أن (حوكمة الشركات تعنى بتطوير مفاهيم العدالة والشفافية وتقبل المساءلة)، وتضيق تعريفات الحوكمة لتقتصر على اعتبار الحوكمة مجرد كلمة راقية لوصف علاقة المديرين والمدققين بحملة الأسهم أو مرادف حديث لمفهوم الديمقراطية في كافة مراحل اتخاذ القرار في شركات الأعمال.
وكل تعريف من هذه التعريفات أو غيرها للحوكمة يتطلب إحداث تغيير هيكلي في بناء الشركة محل الحوكمة لإعادة توزيع الحقوق والواجبات والمسؤوليات بين مختلف أطراف الشراكة ويشمل ذلك مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين وحملة الأسهم وكافة الشركاء الآخرين كحملة الأسهم الممتازة للتأكد من سلامة توجه الجميع نحو تحقيق الأهداف والغايات التي أنشأت الشركة من أجلها.
ولكن لماذا نهتم بالحوكمة الآن ونرى أنها أصبحت ضرورة حتمية في مجتمع أعمالنا؟ كثير من المحللين يرى أن سبب انهيار الأسواق المالية الآسيوية والشركات المدرجة فيها أواخر التسعينات كان بسبب انعدام وجود نظام لحوكمة الأسواق المالية ثم اتضح من خلال أزمة سوق المال التي تمر بها أسواقنا الخليجية حالياً حاجتنا الماسة لمثل هذا النظام الذي يبدو أنه لم يتضح في الأذهان بعد، رغم أنه يعزز إنتاجية الشركات ويضيف إلى قيمتها ويقلل من المخاطرة بالاستثمار في أسهمها ويجنبها تكرار حدوث الأخطاء ويساهم في تطوير الأسواق المالية وتعزيز سلامة الاقتصاد وبالتالي يعزز الربحية وإمكانية الاستمرار.
ولا يفوتني في ختام مقالتي هذه أن أوجه القارئ إلى مرجع ممتاز منشور باللغة العربية تحت عنوان (حوكمة الشركات ومعالجة الفساد المالي والإداري) للدكتور محمد مصطفى سليمان الحاصل على الدكتوراه من جامعة ديرم الإنجليزية، والكتاب صادر عن الدار الجامعية في جمهورية مصر العربية ويعنى بمفهوم الحوكمة ومبادئها وتجارب الدول في تطبيقها وأدوار مجالس الإدارات ولجان المراجعة كأدوات لها ومسؤوليات لجنة المراجعة ومفاهيم الحوكمة في الشركات الصغيرة والعائلية وفي الشركات العربية، إضافة إلى دور البنوك في حوكمة الشركات ومفهومها في الشركات والبنوك الإسلامية.
إنه كتاب قيّم بمفهوم جديد من تأليف أستاذ فاضل ومتمكن من الكفاءات الشابّة التي أعتز بزمالتها وأرجو أن نستفيد من وجودها بين ظهرانينا خلال هذه الفترة لتعميم مفهوم حوكمة الشركات والأسواق وبناء الأنظمة اللازمة لممارستها حتى تصبح أعمالنا أكثر شفافية وأسواقنا أقل خطراً واقتصادنا أشد صلابة في مواجهة الأعاصير والتقلبات التي تعصف بمكتسبات الشعوب في هذه المنطقة المضطربة من العالم.
altawati@hotmail.com