المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محيطات العالم بعيون "إسبرانزا"



bassem_1974
04-24-2008, 12:28 PM
محيطات العالم بعيون "إسبرانزا"

15/12/2005

نهى سلامة** (http://www.islamonline.net/arabic/science/2005/12/article04.shtml#1)

http://www.islamonline.net/arabic/science/2005/12/images/pic04.jpg
خريطة توضح مسار الإسبرنزا حول العالم

انطلقت سفينة "إسبرانزا" من " كيب توان " في جنوب أفريقيا، في واحدة من حملات حركة "السلام الأخضر" (http://www.greenpeace.org/international)(1) (http://www.islamonline.net/arabic/science/2005/12/article04.shtml#2) Greenpeace ، والتي تهدف لكشف المخاطر والانتهاكات التي تتعرض لها محيطاتنا يوماً بعد يوم، ولإطلاع سكان اليابس على ما يجري في عالم البحار (http://oceans.greenpeace.org/en/the-expedition/route)، ودفاعا عن مياه كوكبنا التى تمثل منه الثلثين وتقدم لنا نصف الأوكسجين الذى نتنفسه... انطلقت لتتحدث باسم 80% من الحياة البحرية الغامضة تحت قيعان المحيطات.
وتأتي هذه الرحلة بعد تجاوزات ضخمة ارتكبها البشر في حق الطبيعة واستمرت أعواما، كأساطيل السفن التي تجوب البحر لتنهب خيراته بصيد جائر قضى على قدر كبير من الحياة البحرية، ناهيك عن إهدار الثروة السمكية برمي ما يقع في شباك المصيدة في البحر مرة أخرى وهي ميتة لمجرد عدم كونها من النوعيات المرغوبة، وغيرها من المخالفات التي تصل إلى حدود مدمرة للبيئة، بما تحدثه من تلوث وما تتسبب فيه من تفاقم لظاهرة الاحتباس الحراري.

ما وراء الرحلة

وبدافع مما تقدم ذكره من تجاوزات انطلقت تلك الرحلة بهدف:
- فضح ممارسات وألاعيب قراصنة البحار ورءوس الأموال الضخمة المدعومة بتكنولوجيا فائقة والتي تسرق كما يحلو لها من بحار الأرض وتتلون بكل لون.
- رسم ما يسمى بخريطة "المحميات البحرية" للحفاظ على التوازن والتنوع البيئي المهدد بكارثة، آخذة في الاعتبار المجتمعات الساحلية الفقيرة وتأثرها بهذه القرصنة.
- كما ستحاول الحملة الاستطلاعية جمع إمضاءات لمليون شخص "مدافعين عن المحيط" وتتواصل معهم أولا بأول عبر شبكة من التكنولوجيا المتقدمة تنقل له عبر الشاشات والكاميرات كل ما يحدث فوق سطح المحيط وفي أعماقه، وهي التكنولوجيا التي زودت بها "إسبرانزا" سفينة السلام الأخضر الجديدة.

أساطيل القرصنة

تتجول أساطيل من سفن عملاقة في بحارنا كيف تشاء، مزودة بأحدث الأجهزة التكنولوجية التي يمكن أن تحدد بسهولة ودقة التجمعات السمكية، وباصطياد السفن للأسماك الكبيرة تبدأ في النفاد، فتتجه لاصطياد الأسماك الصغيرة، وهكذا...
والنتيجة هي عدم توافر الفرصة للأجيال لتعويض النقص، فتدخل في معركة غير متكافئة مع هذه التكنولوجيا العملاقة، مخلة بالتوازن البيئي تحت سطح المحيط، فباستمرار الحال كما هو ربما لن نجد يوما إلا الرخويات لنأكلها على موائدنا، حيث يتوقع أن تزداد في تكاثرها تحت سطح المحيطات.
كما هددت عمليات الصيد الجائر 90% من الأسماك الكبيرة، كالتونا، وسمك السيف، وسمك القد أو الهليون (أضخم الأسماك المفلطحة) وغيرها.
وينحدر أغلب هؤلاء القراصنة من دول كالصين، وكوريا، وتايوان، واليابان، وأمريكا والاتحاد الأوربي، ويتجهون إلى أفقر مناطق العالم فيسرقون منها قوتها ويدمرون الصيد التقليدي لأهالي هذه المناطق.
فغرب ووسط المحيط الهادي على سبيل المثال يوجد 20 جزيرة تعتمد في دخلها على الصيد، وتنتج نصف إنتاج التونا كل عام، وبالرغم من أن مشاريع صيد سمك التونا من أربح أنواع الصيد في العالم فإن الأرباح دائما ما تذهب إلى جعبة الشركات الكبرى، والتي تسرق ما يقرب من طنين (2 طن) سنويا وترمي بفتات الأرباح لهذه الدول الفقيرة.
وفي "جوانيا" غرب أفريقيا تصل خسائر الدخل القومي من مد الشركات العملاقة لأوعية سمكية داخل مياهها إلى 100 مليون دولار. وبالفعل قل تكاثر التونا الزرقاء بنسبة 80% خلال الـ20 عاما الماضية، إلى جانب ذلك يكمن خطر الخلل البيئي الذي تحدثه تلك الشركات في استهلاكها 225.000 طن من الأسماك الأخرى كطعوم لسمك التونا (25 كجم من الطعم يستخدم لاصطياد 1 كجم من التونا)؛ وهو يؤدي إلى تهديد أسماك أخرى كالدلافين التي تتغذى على هذه الأنواع من الأسماك.

الصيد المدمر

ولنا أن نتخيل ما تسببت فيه ممارسات الصيد الحديثة من دمار، فلقد أودت بحياة 300.000 من الحيتان والدلافين وخنازير البحر، وما يقرب من 100 مليون قرش (http://www.islamonline.net/arabic/science/2000/10/Article3.shtml) سنويا، لا بغرض الانتفاع بها بل لعدم تمكنها من الهروب من شباك الصيد، فيما يسمى بالصيد المهدر أو غير المرغوب فيه.
تمسك هذه الشباك بأسماك أخرى غير مستهدفة، وتلقي بها ميتة أو تتركها لتموت في البحر؛ فهذه السفن العملاقة تسحب شبكات ثقيلة مخروطية بصفائح حديدية وعجلات مطاطية هائلة، وتجرف كل ما يقابلها في قاع المحيط، فتحطم الشعب المرجانية والحياة الدقيقة والحيوانات غير الجذابة مثل النجميات والإسفنجيات، بل وتحصد معها 20% من الحياة النباتية تحت المحيط، كما أن ذلك التجريف يتطلب مئات السنوات حتى يستعيد قاع المحيط طبيعته الأصلية، وذلك يشبه جرف الأرض الزراعية عدة مرات في العام الواحد، ومما يزيد من دهشتنا أيضا أن 8% من الصيد العالمي يرمى في البحر ميتا.
وغير بعيدين عن الأزمة، فمصايد الجمبري تعد الأخطر، حيث تقع في شباكه 90% من الأنواع البحرية غير المرغوب فيها، فتقتل فيه السلاحف والدلافين بأعداد هائلة، بل وطيور البحر التي أحيانا تبلع الطعوم فتسحب معها إلى الغرق، إضافة إلى ما يقتل كل عام في المصايد البحرية من طيور البطرس، والتي تتجاوز 100.000 طائر، وكثير منها مهدد بالانقراض.

مزارع الأسماك.. تحطم البيئة

وتتضمن القائمة السوداء للسلام الأخضر خطرا آخر، ألا وهو "المزارع السمكية"، فبالرغم من توفيرها لـ30% من بروتين الأسماك المستهلك في العالم؛ فإن تحطيمها للبيئة والمجتمعات مفزع وغير عادل، فهي تستخدم الشجر الاستوائي "المنغروف" في مزارع الجمبري، مما قضى على 38% منه حتى الآن.
أما مزارع السلامون فتحتاج 5 أرطال من أنواع الأسماك الأخرى (مثل الرنجة والسردين والماكريل... وغيرها) لينمو رطل من السلامون. إضافة إلى التلوث الهائل الذي تخلفه سمكة السالمون، حيث إن 200.000 سمكة تخلف برازا يعادل مخلفات مجتمع به 62.000 مواطن.

بين فكي التلوث والاحتباس

وتتوالى المخاطر الواحدة تلو الأخرى لتصل إلى التلوث الذي تحدثه حوادث ناقلات البترول، إضافة إلى تلوث المياه بمخلفات الإنسان من نفايات المصانع، وحوادث وتسريبات السفن، كذلك المبيدات الحشرية ومخلفات الأنشطة النووية.
وكجزء من الحلقة تتمخض آثار التلوث عما يعرف بظاهرة "الاحتباس الحراري (http://www.islamonline.net/arabic/science/2001/01/Article23.shtml)"، فمن المعروف أن ارتفاع درجة حرارة الماء يغير كثيرا من شكل الحياة، ومن اتجاهات البحر الحركية بل ويرفع من مستواه، كما أن هذه الظاهرة تؤدي إلى تبيض الشعاب المرجانية، وتتسبب في تمدد ماء المحيطات وتسييح ثلوج القطبين مما يؤثر على الحياة هناك، وبالفعل قد قلت نسبة بطريق القطب الجنوبي إلى 33% بسبب تقلص البيئة.
وينشأ أيضا عن هذا التلوث انتشار الطحالب والتي تستخدم أوكسجين المياه بعد موتها، وتحللها فتتأثر الحياة البحرية بنقصان الأوكسجين، ويمتد زحف المناطق الميتة.
وختاما فقد اختارت رحلة إسبرانزا أن تتجه إلى مجمع الحيتان في منطقة القطب الجنوبي والذي تقيمه اليابان منذ عام 1994، وكان الاختيار قد وقع على هذا المكان لما يتعرض له من انتهاكات صارخة حيث يتم قتل مائة من الحيتان سنويا، وذلك تحت ذريعة العلم والدراسات. ومن المقرر أن تتصدى إسبرانزا إلى هذا النشاط التجاري السافر، حيث يصرف على هذه الأبحاث 50 مليون دولار.
وما زال طريق إسبرانزا طويلا وغامضا، فأمامها بحار وأعماق غامضة، إضافة إلى مواجهة قراصنة يتلونون بلون الشعاب حتى يصلوا إلى أهدافهم الرخيصة.