Bakenam
09-29-2009, 05:35 PM
مادة رقم 11 من قانون التحكيم :
لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذى يملك التصرف فى حقوقه ، ولا يجوز التحكيم فى المسائل التى لا يجوز فيها الصلح .
الشروط الموضوعية لصحة اتفاق التحكيم :
لا تحكيم دون إرادة التحكيم ، بمعني أن التحكيم وهو يرتد الي أصله كعقد من العقود الرضائية ، يشترط فيه - ونعني لصحته - أن يكون أطراف أشخاص طبيعية أو اعتبارية ، وأن يكون لكل منهم حق التصرف في حقوقه .
ولكي يكون اتفاق التحكيم صحيحاً من الناحية الموضوعية - وهو موضوع المادة محل البحث - أن يكون ثمة رضا صحيح وأهليه تحمل هذا الرضا ومحل ينصب عليه هذا الرضا :
الرضا في اتفاق التحكيم : الرضا بالتحكيم هو جوهرة المميز له ، لذا لا محل للحديث عن تحيكم إجباري أو قسري ، وقد تصدت المحكمة الدستورية العليا للعديد من القوانين التي حاولت أن تفرض التحكيم كنظام لفض المنازعات وقض بعدم دستوريتها ومن ذلك :
• • •
1- الأصل فى التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا المحكم فى ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة ، مجردا من التحامل ، وقاطعا لدابر الخصومة فى جوانبها التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، وذلك سواء كان موضوع التحكم نزاعا قائما أو محتملا، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق، وإذ يحدد طرفاه _ وفقا لأحكامه نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما، أو المسائل الخلافية التى يمكن أن تعرض لهما وإليه ترتد السلطة الكاملة التى يباشرها المحكمون عند البت فيها وهما يستمدان من اتفاقهما على التحكيم ، التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه تنفيذا كاملا وفقا لفحواه فإذا لم يكن القرار الصادر فى نزاع معين بين طرفين، منهيا للخصومة بينهما ، أو كان عاريا عن القوة الإلزامية ، أو كان إنفاذه رهن وسائل غير قضائية ، فإن هذا القرار لا يكون عملا تحكيميا .
2- تنص المادة 18 من القانون رقم 48 لسنه 1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي _ المطعون عليها _ على أن " يفصل مجلس الإدارة بأغلبية أعضائه بصفته محكما ارتضاه الطرفان فى كل نزاع ينشأ بين أي مساهم فى البنك وبين مساهم آخر، سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وذلك بشرط أن يكون النزاع ناشئا عن صفته كمساهم فى البنك، ولا يتقيد مجلس الإدارة فى هذا الشأن بقواعد المرافعات المدنية والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضى أما إذا كان النزاع بين البنك وبين أحد المستثمرين أو المساهمين أو بين البنك والحكومة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وأن إحدى شركات القطاع العام أو الخاص، أو الأفراد ، فتفصل فيه نهائيا هيئة من المحكمين معفاة من قواعد الإجراءات ، عدا ما يتعلق بالضمانات والمبادىء الأساسية للتقاضى .
وفى هذه الحالة تشكل هيئة التحكيم من محكم يختاره محكم يختاره كل طرف من طرفي النزاع، وذلك خلال ثلاثين يوما استلام أحد طرفي النزاع طلب إحالة المنازعة إلى التحكيم من الطرف الآخر ثم يختار الحكمان حكما مرجحا خلال الخمسة عشر يوما التالية لتعيين آخرهما ويختار الثلاثة أحدهم لرئاسة هيئة التحكم خلال الأسبوع التالي لاختيار الحكم المرجح ويعتبر اختيار كل طرف لمحكمة قبولا لحكم المحكمين، واعتباره نهائيا .
وفى حالة نكول أحد الطرفين عن اختيار محكمة، أو فى حالة عدم الاتفاق على اختيار الحكم المرجح أو رئيس هيئة التحكيم فى المدد المحددة فى الفقرة السابقة يعرض الأمر على هيئة الرقابة الشرعية لتختار الحكم أو الحكم المرجح أو الرئيس حسب الأحوال . ويكون حكم التحكيم فى جميع الأحوال نهائيا، وملزما للطرفين ، وقابلا للتنفيذ شأن الحكام النهائية وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقا للإجراءات المنصوص عليها فى باب التحكيم فى قانون المرافعات .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب الغش
قاعدة الغش يبطل التصرفات هى قاعدة سليمة و لو لم يجر بها نص خاص فى القانون و تقوم على اعتبارات خلقية و اجتماعية فى محاربة الغش و الخديعة و الاحتيال و عدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره فى التصرفات و الإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الإفراد و المجتمع و إذ كان استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى و تقدير ما يثبت به هذا الغش و ما لا يثبت به يدخل فى السلطة التقديرية لقاضى الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض فى ذلك ما دامت الوقائع تسمح به .
يشترط فى الغش و التدليس - على ما عرفته به المادة 136 من القانون المدني - أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة و حيلة غير مشروعة . و محكمة الموضوع هى التى تستظهر توافر هذين العنصرين من وقائع الدعوى . و لا شأن لمحكمة النقض معها ما دامت الوقائع تسمح بذلك .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب التدليس
إذا كان من المقرر فى قضاء محكمة النقض ، أنه يشترط فى الغش و التدليس و على ما عرفته المادة 125 من القانون المدني ، أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة ، و أن تكون هذه الحيلة غير مشروعة قانونا ، و كان الحكم قد فهم واقعة الدعوى ، ثم عرض لما طرأ على المتعاقدة بسبب فقد ولدها و أبنائه جميعا ، و استبعد أن يكون ما أولته إياها المتعاقد معها - و هى ابنتها - من عطف ، و كذلك عطف شقيقاتها ، هو من وسائل الاحتيال ، بل هو الأمر الذى يتفق و طبيعة الأمور ، و أن ما يغايره هو الحقوق ، كما استبعد أن تكون التصرفات الصادرة من الأم لبناتها - بعد وفاة ولدها الوحيد - قد قصد بها غرض غير مشروع ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
يشترط فى الغش و التدليس على ما عرفته المادة 125 من القانون المدني أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة ، و أن هذه الحيلـة غير مشروعة قانوناً . .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب الإكراه
الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بتهديد الطرف المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا، ولما كان النفوذ الأدبي إذا اقترن بوسائل إكراه غير مشروعة بقصد الوصول إلى غرض غير مشروع يعتبر كافيا لإبطال التصرف .
الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا ويجب أن يكون الضغط الذى يتولد عنه فى نفس المتعاقد الرهبة غير مستند إلى حق وهو يكون كذلك الهدف الوصول إلى شئ غير مستحق وحتى ولو سلك فى سبيل ذلك وسيلة مشروعة .
الأهلية في اتفاق التحكيم : لا يكفي الرضا ليصح اتفاق التحكيم وإنما يجب أن يكون طرف التحكيم ذي أهليه لكي يمكن إلزامه بما قد يسفر عنه اتفاق التحكيم وفي ذلك يراجع نص المادة 11 من قانون التحكيم .
•
وفي ذلك تنص المادة 5 فقرة 1 بند أ من اتفاقية نيويورك : لا يجوز رفض الإعتراف وتنفيذ الحكم بناء علي طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل علي أن أطراف الاتفاق كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية …
- فإذا كان من أبرم الاتفاق وكيلاً عن الأصيل أو ممثلاً له تعين أن تكون له سلطة إبرام الاتفاق نيابة عن الأصيل وإلا كان الاتفاق باطلاً .
- وعليه يجب أن يكون بيد المحامي وكالة خاصة تخول له هذا الحق دون الاكتفاء بالوكالة العامة .
- وعليه لا يجوز للوصي أن يبرم اتفاقاً بالتحكيم نيابة عن القاصر بغير إذن صريح من المحكمة بذلك .
- العبرة بتوافر أهلية لمتعاقد وقت إبرام التصرف و لا يؤثر زوالها بعد ذلك فى صحته و قيامه .
- ثبوت القصر عند التعاقد كاف لقبول دعوى الإبطال و لو تجرد التصرف الدائن بين النفع و الضرر من أى غبن مهما كان مقدار إفادة القاصر منه و لو لم يعلن القاصر قصره للمتعاقد الآخر أو أخفى حالته عنه أو أدعى كذباً بلوغه سن الرشد . و سواء كان هذا المتعاقد يعلم بحالة القصر أو يجهلها .
- إجازة التعاقد الباطل باعتبارها تصرفاً قانونياً يتضمن إسقاطاً لحق . لا يملكها ناقص الأهلية .
- إذ كانت أهلية التصرف القانوني محل الوكالة يجب أن تتوافر فى الموكل ، فإنه لا يجب توافرها فى الوكيل ، لأن أثر هذا التصرف لا ينصرف إليه بل ينصرف إلى الموكل ، فيجوز توكيل القاصر فى تصرف لا أهلية له فيه ، إذ يكفى أن يكون الوكيل مميزاً ما دام يعمل باسم موكل لا باسمه الشخصي .
قابلية اتفاق التحكيم للإبطال بسبب عوارض الأهلية
- المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قيام عارض من عوارض الأهلية لدى أحد الخصوم هو مما يتعلق بفهم الواقع فى الدعوى تستقل محكمة الموضوع فى تقدير الدليل عليه ، و لا شأن للطبيب فى إعطاء الوصف القانوني للحالة المرضية التى يشاهدها و أن الأمر فى ذلك لمحكمة الموضوع فى ضوء ما يبديه الطبيب و لا معقب من محكمة النقض عليها فى ذلك متى كان إستخلاصها سائغاً .
- قيام عارض من عوارض الأهلية لدى أحد الخصوم هو مما يتعلق بفهم الواقع ………… ولا شأن للطبيب فى إعطاء الوصف القانوني للحالة المرضية التى
يشاهدها وأن الأمر فى ذلك لمحكمة الموضوع فى ضوء ما يبديه الطبيب بغير معقب على ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا .
- أن قرار الحجر للسفه أو الغفلة وعلى ما جرى به نص المادة 115 من القانون المدني ليس له أثر إلا من تاريخ صدوره ولا ينسحب على التصرفات السابقة عليه ما لم تكن قد حصلت بطريق الاستغلال أو التواطؤ .
اثر نقص الأهلية على اتفاق التحكيم باعتباره عقداً
- تنص الفقرة الثانية من المادة 142 من القانون المدني على أن ناقص الأهلية ـ إذا أبطل العقد لنقص أهليته ـ أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ، بما يعنى أن الرد فى هذه الحالة لا يكون واجباً إلا وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب و هو ما نصت عليه المادة 186 من ذات القانون بقولها أنه إذا لم تتوافر أهلية التعاقد فيمن تسلم غير المستحق فلا يكون ملتزماً إلا بالقدر الذى أثرى به ، بما يفصح عن أن المشرع قرر قصر التزام المشترى ناقص الأهلية بالرد على قدر النفع الحقيقي الذى عاد عليه فلا يلزم برد ما أضاعه أو أنفقه فى غير مصلحته .
- إن العبرة فى تحرى أهلية العاقد هى بحاله فى الوقت الذى انعقد فيه العقد . فإذا كانت المحكمة قد أقامت قضاءها بقيام حالة العته عند المحجور عليه وقت التعاقد " السابق على الحجر و على طلبه " على أقوال شهود مؤداها أنه كانت تنتابه نوبات عصبية و يتهيج فى بعض الأحيان ، و على أنه سبق أن حجر عليه للعته و رفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه ثانياً للعته و السفه بعد تعاقده ، ثم رفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه مرة ثالثة لضعف قواه العقلية ، فإن ما استدلت به من هذا ليس فيه ما من شأنه أن يؤدى إلى أن المحجور عليه كان معتوهاً فى ذات وقت التعاقد ، و يكون هذا الحكم قاصر التسبيب متعيناً نقضه .
اجازة ناقص الأهلية لاتفاق التحكيم الصادر عنه باعتباره عقداً
- الإجازة تصرف قانوني يتضمن إسقاطاً لحق فلا يملكها من كان ناقص الأهلية . و إذن فمتى كان الحكم إذ اعتبر إجازة القاصر للبيع الصادر منه منعدمة الأثر قانوناً قد أقام قضاءه على أن هذه الإجازة إنما صدرت من القاصر بعد قرار المجلس الحسبي باستمرار الوصاية عليه ، فإن النعي على الحكم الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير صحيح و لا محل للتحدى بعدم نشر قـرار استمرار الوصاية فى الجريدة الرسمية وفقاً لما كانت تقضى به المادة 30 من اللائحة التنفيذية لقانون المجالس الحسبية ، إذ ليس من شأن إغفال النشر أن يكون لمن صدرت لمصلحته الإجـازة أن يدعى صحتها : أولاً - لأن الإجازة ، و هى إسقاط لحق تصرف من جانب واحد لا يشارك فيـه الغير فليس له التحدى بنصوص يدعى أنها وضعت لحماية الغير فى التعامل . و ثانياً - لأن قرارات المجالس الحسبية الصادرة فى ظل المرسوم بقانون الصادر فى 13 من أكتوبر سنـة 1925 بالحجر أو باستمرار الوصاية تحد من أهلية المحجور بمجرد صدورها و لا يتراخى هذا الأثر قبل الغير حتى يقوم الوصي أو القيم بنشر إقرار فى الجريدة الرسمية وفقاً لما يفرضـه نــص المادة 30 من القرار الوزاري الصادر فى 24 من نوفمبر 1925 .
- متى كان القاصر بعد أن بلغ سن الرشد قدم مذكرة تتضمن موافقته على الحكم الابتدائي القاضي برد العين المبيعة وفائيا إليه وإلى باقى الورثة و بطلب تأييده فانه يكون غير منتج التمسك بأن الوصي قد طلب الاسترداد باسم القاصر و هـو لا يملك هذا الحـق إذ فى موافقـة القاصر على الحكـم اجـازة لعمل
الوصي .
اثر الغش الصادر من ناقص الأهلية علي صحة اتفاق التحكيم
- مفاد نص المادة 119 من القانون المدني أنه إذا لجأ ناقص الأهلية إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته ، فإنه و إن كان يجوز له طلب إبطال العقد لنقص الأهلية ، إلا أنه يكون مسئولاً عن التعويض للغش الذى صدر منه عملا بقواعد المسئولية التقصيرية ، و لا يكفى فى هذا الخصوص أن يقتصر ناقص الأهلية على القـول بأنه كاملها ، بل يجب أن يستعين بطرق احتيالية لتأكيد كمال أهليته .
- إذا رفع المشترى دعوى على البائع يطالبه فيها بتعويض عما لحقه من الضرر بسبب عدم إتمام الصفقة التى تعاقد معه عليها و دفع له جزءاً من ثمنها ، مدعياً أن البائع دلس عليه بأن أوهمه بأنه تام الأهلية فى حين أنه كان محجوزاً عليه ، فرفضت المحكمة الدعوى على أساس ما استبانته من ظروفها و وقائعها من أن كل ما وقع من البائع هو أنه تظاهر للمشترى بأنه كامل الأهلية و هذا لا يعدو أن يكون مجرد كذب لا يستوجب مساءلة مقترفة شخصياً ، فلا شأن لمحكمة النقض معها فى ذلك ما دامت الوقائع الثابتة فى الدعوى مؤدية إليه .
محل التحكيم : يقصد بمحل التحكيم الموضوعات التي يجوز بشأنها ، فالثابت أن للتحكيم مجال أو حدود لا يتجاوزها ، فمحل التحكيم هو موضوع المنازعة أو المنازعات التي يطرحها اتفاق التحكيم علي هيئة التحكيم ، ويتعين أن يكون هذا الموضوع طبقاً لاتفاقية نيويورك من المسائل التي يجوز تسويتها عن طريق التحكيم ، وطبقاً للمادة 11 - موضوع البحث - فإن القيد الوحيد الذي يرد علي التحكيم - جواز التحكيم - هو عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ،والواضح أن نصوص القانون المصري في هذا الشأن تنسجم مع ما نصت عليه المادة 5 فقرة 2 - بند ب - من اتفاقية نيويورك حيث نصت علي أنه لا يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها :
•
أ- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم .
ب- أن في اعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد .
لا يجوز التحكيم في المسائل الجنائية :
لئن كان من غير الجائز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية و إلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام ، إلا أنه إذا اشتمل الاتفاق على التحكيم بالقضاء فى منازعات لا يجوز فيها ، فإنه - شأنه فى ذلك شأن سائر العقود - يصح بالنسبة إلى ما يجوز فيه التحكيم و يقتصر البطلان على الشق الباطل وحده ما لم يقدم من يدعى البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد .
لا يجوز التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية :
الأحوال الشخصية هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية .
الأحوال الشخصية - كما قضت محكمة النقض في قضاء مستقر - هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيـره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى
رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية ككون إنسان ذكراً أو أنثى ، و كونه زوجاً أو أرملاً أو مطلقاً أو أباً أو إبناً شرعياً ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون ، أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية . أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، و إذن فالوقف و الهبة و الوصية و النفقات على اختلاف أنواعها و مناشئها هى من الأحوال العينية لتعلقها بالمال و باستحقاقه و عدم استحقاقه . غير أن المشرع المصري وجد أن الوقف و الهبة و الوصية - و كلها من عقود التبرعات - تقوم غالباً على فكرة التصدق المندوب إليه ديانة ، فألجأه هذا إلى اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية كيما يخرجها عن اختصاص المحاكم المدنية التى ليس من نظامها النظر فى المسائل التى قد تحوى عنصراً دينياً ذا أثر فى تقرير حكمها . على أن أية جهة من جهات الأحوال الشخصية إذا نظرت فى شئ مما تختص به من تلك العقود ، فإن نظرها فيه بالبداهة مشروط بإتباع الأنظمة المقررة قانوناً لطبيعة الأموال الموقوفة و الموهوبة و الموصي بها .
ومن أمثلة المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها التحكيم المسائل المتعلقة بثبوت النسب وصحة الزواج أو بطلانه ، والمحارم التي لا يجوز الزواج بينهم ، ووقوع الطلاق أو عدم وقوعه وتحديد الأنصبة في الميراث وعدم جواز التبني ، علي أنه تجدر الإشارة ملاحظة أنه يجوز بنص المادة 551 التحكيم بشأن الحقوق المالية التي تترتب علي الحالة الشخصية كنفقة المتعة وأجر الحضانة وسكن الحضانة .
لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام .
يقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها
المعنوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلي فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها ، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية ، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها علي مختلف أنواع العلاقات القانونية في الدولة ، وجوداً وأثراً ، غالباً في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة ، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمل إرادي يأتيه المخاطب بها بالمخالفة لها ، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية ، وعدم جواز النزول عن الحقوق والمراكز القانونية التي تقررها للبعض منهم قبل البعض الآخر ، من ناحية أخري .
هناك إذن علاقة تبادلية بين مفهوم النظام العام وبين القواعد الآمرة ، فالنظام العام هو السبب في اكتساب بعض قواعد القانون صفتها الآمرة ، وهو ما يبرر من ناحية وجود قواعد تصف بأنها قواعد أو نصوص آمرة بقانون التحكيم ، كما أنه يبرر البطلان كجزاء وأثر علي مخالفة ما يتعلق بالنظام العام .
قضي وقبل إصدار قانون التحكيم المصري في البطلان لمخالفة النظام العام : مفاد نص المادة 501 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - تخويل المتعاقدين الحق فى الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به أصلاً المحاكم ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع و إن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز إستثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة و فى كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين ، كما أن المشرع لم يأت فى نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم فى الخارج على يد أشخاص غير مصريين ، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر فى أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرداتهما و اتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء فى أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه . فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم ، و كما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما فى إجراء هذا الصلح أو فى الحكم فى النزاع يستوى فى ذلك أن يكون المحكمون فى مصر و أن يجرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين فى الخارج و يصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هى التى تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات ، و قد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه و لو تم فى الخارج - دون أن يمس ذلك النظام العام .
- تنص الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات على أنه " يجوز الاتفاق على التحكيم فى نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة " كما يجوز الاتفاق على التحكيم فى جميع المنازعات التى تنشأ فى تنفيذ عقد معين " . فإن مفاد هذا النص . - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق فى الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع ، و إن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز إستثناء سلب اختصاص جهات القضاء ، إلا أنه ينبنى مباشرة و فى كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين ، كما أن المشرع لم يأت فى نصوص قانون المرافعات مما يمنع أن يكون التحكيم فى الخارج على يد أشخاص غير مصريين ، إلا أن حكمة تشريع التحكيم تنحصر فى أن طرفي الخصومة يريدان أن يمحص إرادتهما و اتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء فى أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه ، فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم ، و كما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما فى إجراء هذا الصلح أو فى الحكم فى النزاع يستوى فى ذلك أن يكون المحكمون فى مصر و أن يجرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين فى الخارج و يصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هى التى تخلق التحكيم بطريق استثنائي لفض المنازعات و قد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه و لو تم فى الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام .
كما قضي : تنص المادة 824 من قانون المرافعات القائم - والمادة 705 المقابلة لها فى القانون الملغى - "على أنه لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم فى المشارطة المتضمنة لذلك أو فى عقد سابق عليها" . وهذا النص صريح فى وجوب اتفاق الخصوم المحتكمين على جميع المحكمين المفوضين بالصلح أو الذين يحكمون بصفتهم محكمين مصالحين وتعيينهم بأسمائهم سواء فى مشارطة التحكيم أو فى عقد سابق عليها . وحكم هاتين المادتين - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من النظام العام فمخالفته موجبة لبطلان الحكم الذى يصدره المحكمون - الذين لم يعينوا طبقاً له - بطلاناً مطلقاً لا يزيله حضور الخصوم أمام هؤلاء المحكمين . وما دام القانون لا يجيز تعيين الحكم المفوض بالصلح بغير اتفاق الخصوم فإنه يمتنع المحكمة فى جميع الأحوال أن تعين محكما مصالحا لم يتفق عليه الطرفان المتنازعان .
كما قضي : إذ كانت مشارطة التحكيم موضوع الدعوى - المطلوب الحكم ببطلانها - هى عقد رضائي توافرت عناصره من إيجاب و قبول صحيحين بين طرفيه ، و كان موضوع النزاع مما يجوز التحكيم فيه و قد وقع محكمان على المشارطة و أقر المحكم الثالث كتابة بقبوله مهمة التحكيم ، فإن المشارطة تكون قد انعقدت صحيحة و يكون طلب الحكم ببطلانها على غير أساس . و لا يغير من هذا النظر قول المطعون ضده الأول إنه بوفاة المحكم - الذى لا يجوز تعين غيره بواسطة المحكمة لأنه كان محكماً مفوضاً بالصلح - أضحى تنفيذ المشارطة مستحيلاً مما تعتبر معه باطلة ، لأن ذلك مردود بأن المحكم توفى بعد نشوء المشارطة صحيحة فلا تكون هذه الوفاة إلا عقبة استجدت فى سبيل تنفيذ المشارطة لا سبباً لبطلانها ، لأنه - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كان المحكم مفوضاً بالصلح فلا يمكن تعيين غيره بغير اتفاق الطرفين ، و مؤدى ذلك أنه إذا حدث سبب بعد مشارطة التحكيم بمنع المحكم عن الحكم فلا ينفذ عقد التحكيم إلا باتفاق جديد بين الخصوم على شخص محكم آخر طبقاً للمادة 824 من قانون المرافعات السابق الواجبة التطبيق فى الدعوى و التى يعتبر حكمها من النظام العام ، و كل هذا لا يخل بشروط انعقاد المشارطة موضوع النزاع التى توافرت قبل وفاة المحكم .
كما قضي : التحكيم طريق استثنائي لبعض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية ، و لئن كان فى الأصل وليد إرادة الخصوم ، إلا أن أحكام المحكمين فى شأن أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها و تبقى هذه الحجية طالما بقى الحكم قائماً و لو كان قابلاً للطعن و تزول بزواله ، و لما كان الثابت أن طرفي الخصومة قد لجأ إلى التحكيم فيما كان ناشئاً بينهما من منازعات ، و كان حكم المحكمين الصادر بتاريخ 1968/4/5 فصل فيها و انتهى إلى اعتبار المطعون عليه مشترياً لنصيب الطاعن فى المنزل الكائن به شقة النزاع ، و كان لم يطعن على هذا الحكم بطرق الاستئناف الذى كانت تجيزه المادة 847 من قانون المرافعات السابق ، و كان لا سبيل إلى إقامة دعوى مبتدأه بطلب بطلان حكم المحكمين وفق المادة 849 من ذات القانون تبعاً لأنه مما يجوز استئنافه و الفرصة متاحة لإبداء كل الاعتراضات عليه ، فإن حكم المحكمين يكون بمجرد صدوره ذا حجية فيما فصل فيه و له قوة ملزمة بين الخصوم و يسوغ النعى على حكم المحكمين بالبطلان استنادا إلى مخالفة المادة 823 من قانون المرافعات السابق من أن عدد المحكمين كان شفعاً و ليس وتراً أو أن موضوع النزاع لم يحدد فى مشارطة التحكيم أو أثناء المرافعة فى معنى المادة 822 من ذات القانون أو أن مشارطة التحكيم خلت من توقيع المحكمين بالموافقة على مهمة التحكيم وفق المادتين 826 ، 827 من القانون المشار إليه أو أن الخصومة فى التحكيم لم تتبع فيها الأصول و المواعيد المقررة فى قانون المرافعات تبعاً لعدم دعوة الطاعن للحضور عملاً بالمادة 834 من القانون عينه فضلاً عن أخطاء موضوعية شابت الحكم - على النحو المفصل بسبب النعى - أياً كان وجه الرأى فى هذه الأسباب جميعاً ، تبعاً لأنه لا يجوز للخصوم أن يأتوا بما يناقض الحجية ، و لأن قوة الأمر المقضي تسمو على اعتبارات النظام العام .
إذا بنيت دعوى بطلان مشارطة التحكيم على أنها قد تناولت منازعات لا يجوز التحكيم فيها لتعلقها بالنظام العام أو بما لا يجوز التصرف فيه من الحقوق ، و كان الحكم الصادر برفض هذه الدعوى - حين تصدى لبيان المنازعات التى اتفق على التحكيم فيها - لم يقل إلا أن النزاع الشرعي الذى كان قائماً بين الطرفين قد فصلت فيه المحكمة العليا الشرعية ، و أن النزاع القائم بينهما أمام المحكمة الأهلية قد فصل فيه القضاء المستعجل فيما رفع منه إليه ، و ما بقى أمام القضاء العادي هو عبارة عن دعاوى حساب عن غلة الوقف ، فهذا من الحكم قصور فى بيان موضوع الدعاوى الواقع عليها التحكيم . إذ لا يعرف منه هل كان موضوع النزاع من نوع الحقوق التى يملك المتحاكمون مطلق التصرف فيها فيصح التحكيم أم ليست منه فلا يصح . و ذلك من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق المادة 703 مرافعات التى تمسكت بها مدعية البطلان مما يتعين معه نقض الحكم .
لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذى يملك التصرف فى حقوقه ، ولا يجوز التحكيم فى المسائل التى لا يجوز فيها الصلح .
الشروط الموضوعية لصحة اتفاق التحكيم :
لا تحكيم دون إرادة التحكيم ، بمعني أن التحكيم وهو يرتد الي أصله كعقد من العقود الرضائية ، يشترط فيه - ونعني لصحته - أن يكون أطراف أشخاص طبيعية أو اعتبارية ، وأن يكون لكل منهم حق التصرف في حقوقه .
ولكي يكون اتفاق التحكيم صحيحاً من الناحية الموضوعية - وهو موضوع المادة محل البحث - أن يكون ثمة رضا صحيح وأهليه تحمل هذا الرضا ومحل ينصب عليه هذا الرضا :
الرضا في اتفاق التحكيم : الرضا بالتحكيم هو جوهرة المميز له ، لذا لا محل للحديث عن تحيكم إجباري أو قسري ، وقد تصدت المحكمة الدستورية العليا للعديد من القوانين التي حاولت أن تفرض التحكيم كنظام لفض المنازعات وقض بعدم دستوريتها ومن ذلك :
• • •
1- الأصل فى التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا المحكم فى ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة ، مجردا من التحامل ، وقاطعا لدابر الخصومة فى جوانبها التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، وذلك سواء كان موضوع التحكم نزاعا قائما أو محتملا، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق، وإذ يحدد طرفاه _ وفقا لأحكامه نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما، أو المسائل الخلافية التى يمكن أن تعرض لهما وإليه ترتد السلطة الكاملة التى يباشرها المحكمون عند البت فيها وهما يستمدان من اتفاقهما على التحكيم ، التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه تنفيذا كاملا وفقا لفحواه فإذا لم يكن القرار الصادر فى نزاع معين بين طرفين، منهيا للخصومة بينهما ، أو كان عاريا عن القوة الإلزامية ، أو كان إنفاذه رهن وسائل غير قضائية ، فإن هذا القرار لا يكون عملا تحكيميا .
2- تنص المادة 18 من القانون رقم 48 لسنه 1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي _ المطعون عليها _ على أن " يفصل مجلس الإدارة بأغلبية أعضائه بصفته محكما ارتضاه الطرفان فى كل نزاع ينشأ بين أي مساهم فى البنك وبين مساهم آخر، سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وذلك بشرط أن يكون النزاع ناشئا عن صفته كمساهم فى البنك، ولا يتقيد مجلس الإدارة فى هذا الشأن بقواعد المرافعات المدنية والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضى أما إذا كان النزاع بين البنك وبين أحد المستثمرين أو المساهمين أو بين البنك والحكومة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وأن إحدى شركات القطاع العام أو الخاص، أو الأفراد ، فتفصل فيه نهائيا هيئة من المحكمين معفاة من قواعد الإجراءات ، عدا ما يتعلق بالضمانات والمبادىء الأساسية للتقاضى .
وفى هذه الحالة تشكل هيئة التحكيم من محكم يختاره محكم يختاره كل طرف من طرفي النزاع، وذلك خلال ثلاثين يوما استلام أحد طرفي النزاع طلب إحالة المنازعة إلى التحكيم من الطرف الآخر ثم يختار الحكمان حكما مرجحا خلال الخمسة عشر يوما التالية لتعيين آخرهما ويختار الثلاثة أحدهم لرئاسة هيئة التحكم خلال الأسبوع التالي لاختيار الحكم المرجح ويعتبر اختيار كل طرف لمحكمة قبولا لحكم المحكمين، واعتباره نهائيا .
وفى حالة نكول أحد الطرفين عن اختيار محكمة، أو فى حالة عدم الاتفاق على اختيار الحكم المرجح أو رئيس هيئة التحكيم فى المدد المحددة فى الفقرة السابقة يعرض الأمر على هيئة الرقابة الشرعية لتختار الحكم أو الحكم المرجح أو الرئيس حسب الأحوال . ويكون حكم التحكيم فى جميع الأحوال نهائيا، وملزما للطرفين ، وقابلا للتنفيذ شأن الحكام النهائية وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقا للإجراءات المنصوص عليها فى باب التحكيم فى قانون المرافعات .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب الغش
قاعدة الغش يبطل التصرفات هى قاعدة سليمة و لو لم يجر بها نص خاص فى القانون و تقوم على اعتبارات خلقية و اجتماعية فى محاربة الغش و الخديعة و الاحتيال و عدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره فى التصرفات و الإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الإفراد و المجتمع و إذ كان استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى و تقدير ما يثبت به هذا الغش و ما لا يثبت به يدخل فى السلطة التقديرية لقاضى الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض فى ذلك ما دامت الوقائع تسمح به .
يشترط فى الغش و التدليس - على ما عرفته به المادة 136 من القانون المدني - أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة و حيلة غير مشروعة . و محكمة الموضوع هى التى تستظهر توافر هذين العنصرين من وقائع الدعوى . و لا شأن لمحكمة النقض معها ما دامت الوقائع تسمح بذلك .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب التدليس
إذا كان من المقرر فى قضاء محكمة النقض ، أنه يشترط فى الغش و التدليس و على ما عرفته المادة 125 من القانون المدني ، أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة ، و أن تكون هذه الحيلة غير مشروعة قانونا ، و كان الحكم قد فهم واقعة الدعوى ، ثم عرض لما طرأ على المتعاقدة بسبب فقد ولدها و أبنائه جميعا ، و استبعد أن يكون ما أولته إياها المتعاقد معها - و هى ابنتها - من عطف ، و كذلك عطف شقيقاتها ، هو من وسائل الاحتيال ، بل هو الأمر الذى يتفق و طبيعة الأمور ، و أن ما يغايره هو الحقوق ، كما استبعد أن تكون التصرفات الصادرة من الأم لبناتها - بعد وفاة ولدها الوحيد - قد قصد بها غرض غير مشروع ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
يشترط فى الغش و التدليس على ما عرفته المادة 125 من القانون المدني أن يكون ما إستعمل فى خدع المتعاقد حيلة ، و أن هذه الحيلـة غير مشروعة قانوناً . .
بطلان اتفاق التحكيم بسبب الإكراه
الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بتهديد الطرف المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا، ولما كان النفوذ الأدبي إذا اقترن بوسائل إكراه غير مشروعة بقصد الوصول إلى غرض غير مشروع يعتبر كافيا لإبطال التصرف .
الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا ويجب أن يكون الضغط الذى يتولد عنه فى نفس المتعاقد الرهبة غير مستند إلى حق وهو يكون كذلك الهدف الوصول إلى شئ غير مستحق وحتى ولو سلك فى سبيل ذلك وسيلة مشروعة .
الأهلية في اتفاق التحكيم : لا يكفي الرضا ليصح اتفاق التحكيم وإنما يجب أن يكون طرف التحكيم ذي أهليه لكي يمكن إلزامه بما قد يسفر عنه اتفاق التحكيم وفي ذلك يراجع نص المادة 11 من قانون التحكيم .
•
وفي ذلك تنص المادة 5 فقرة 1 بند أ من اتفاقية نيويورك : لا يجوز رفض الإعتراف وتنفيذ الحكم بناء علي طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل علي أن أطراف الاتفاق كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية …
- فإذا كان من أبرم الاتفاق وكيلاً عن الأصيل أو ممثلاً له تعين أن تكون له سلطة إبرام الاتفاق نيابة عن الأصيل وإلا كان الاتفاق باطلاً .
- وعليه يجب أن يكون بيد المحامي وكالة خاصة تخول له هذا الحق دون الاكتفاء بالوكالة العامة .
- وعليه لا يجوز للوصي أن يبرم اتفاقاً بالتحكيم نيابة عن القاصر بغير إذن صريح من المحكمة بذلك .
- العبرة بتوافر أهلية لمتعاقد وقت إبرام التصرف و لا يؤثر زوالها بعد ذلك فى صحته و قيامه .
- ثبوت القصر عند التعاقد كاف لقبول دعوى الإبطال و لو تجرد التصرف الدائن بين النفع و الضرر من أى غبن مهما كان مقدار إفادة القاصر منه و لو لم يعلن القاصر قصره للمتعاقد الآخر أو أخفى حالته عنه أو أدعى كذباً بلوغه سن الرشد . و سواء كان هذا المتعاقد يعلم بحالة القصر أو يجهلها .
- إجازة التعاقد الباطل باعتبارها تصرفاً قانونياً يتضمن إسقاطاً لحق . لا يملكها ناقص الأهلية .
- إذ كانت أهلية التصرف القانوني محل الوكالة يجب أن تتوافر فى الموكل ، فإنه لا يجب توافرها فى الوكيل ، لأن أثر هذا التصرف لا ينصرف إليه بل ينصرف إلى الموكل ، فيجوز توكيل القاصر فى تصرف لا أهلية له فيه ، إذ يكفى أن يكون الوكيل مميزاً ما دام يعمل باسم موكل لا باسمه الشخصي .
قابلية اتفاق التحكيم للإبطال بسبب عوارض الأهلية
- المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قيام عارض من عوارض الأهلية لدى أحد الخصوم هو مما يتعلق بفهم الواقع فى الدعوى تستقل محكمة الموضوع فى تقدير الدليل عليه ، و لا شأن للطبيب فى إعطاء الوصف القانوني للحالة المرضية التى يشاهدها و أن الأمر فى ذلك لمحكمة الموضوع فى ضوء ما يبديه الطبيب و لا معقب من محكمة النقض عليها فى ذلك متى كان إستخلاصها سائغاً .
- قيام عارض من عوارض الأهلية لدى أحد الخصوم هو مما يتعلق بفهم الواقع ………… ولا شأن للطبيب فى إعطاء الوصف القانوني للحالة المرضية التى
يشاهدها وأن الأمر فى ذلك لمحكمة الموضوع فى ضوء ما يبديه الطبيب بغير معقب على ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا .
- أن قرار الحجر للسفه أو الغفلة وعلى ما جرى به نص المادة 115 من القانون المدني ليس له أثر إلا من تاريخ صدوره ولا ينسحب على التصرفات السابقة عليه ما لم تكن قد حصلت بطريق الاستغلال أو التواطؤ .
اثر نقص الأهلية على اتفاق التحكيم باعتباره عقداً
- تنص الفقرة الثانية من المادة 142 من القانون المدني على أن ناقص الأهلية ـ إذا أبطل العقد لنقص أهليته ـ أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ، بما يعنى أن الرد فى هذه الحالة لا يكون واجباً إلا وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب و هو ما نصت عليه المادة 186 من ذات القانون بقولها أنه إذا لم تتوافر أهلية التعاقد فيمن تسلم غير المستحق فلا يكون ملتزماً إلا بالقدر الذى أثرى به ، بما يفصح عن أن المشرع قرر قصر التزام المشترى ناقص الأهلية بالرد على قدر النفع الحقيقي الذى عاد عليه فلا يلزم برد ما أضاعه أو أنفقه فى غير مصلحته .
- إن العبرة فى تحرى أهلية العاقد هى بحاله فى الوقت الذى انعقد فيه العقد . فإذا كانت المحكمة قد أقامت قضاءها بقيام حالة العته عند المحجور عليه وقت التعاقد " السابق على الحجر و على طلبه " على أقوال شهود مؤداها أنه كانت تنتابه نوبات عصبية و يتهيج فى بعض الأحيان ، و على أنه سبق أن حجر عليه للعته و رفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه ثانياً للعته و السفه بعد تعاقده ، ثم رفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه مرة ثالثة لضعف قواه العقلية ، فإن ما استدلت به من هذا ليس فيه ما من شأنه أن يؤدى إلى أن المحجور عليه كان معتوهاً فى ذات وقت التعاقد ، و يكون هذا الحكم قاصر التسبيب متعيناً نقضه .
اجازة ناقص الأهلية لاتفاق التحكيم الصادر عنه باعتباره عقداً
- الإجازة تصرف قانوني يتضمن إسقاطاً لحق فلا يملكها من كان ناقص الأهلية . و إذن فمتى كان الحكم إذ اعتبر إجازة القاصر للبيع الصادر منه منعدمة الأثر قانوناً قد أقام قضاءه على أن هذه الإجازة إنما صدرت من القاصر بعد قرار المجلس الحسبي باستمرار الوصاية عليه ، فإن النعي على الحكم الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير صحيح و لا محل للتحدى بعدم نشر قـرار استمرار الوصاية فى الجريدة الرسمية وفقاً لما كانت تقضى به المادة 30 من اللائحة التنفيذية لقانون المجالس الحسبية ، إذ ليس من شأن إغفال النشر أن يكون لمن صدرت لمصلحته الإجـازة أن يدعى صحتها : أولاً - لأن الإجازة ، و هى إسقاط لحق تصرف من جانب واحد لا يشارك فيـه الغير فليس له التحدى بنصوص يدعى أنها وضعت لحماية الغير فى التعامل . و ثانياً - لأن قرارات المجالس الحسبية الصادرة فى ظل المرسوم بقانون الصادر فى 13 من أكتوبر سنـة 1925 بالحجر أو باستمرار الوصاية تحد من أهلية المحجور بمجرد صدورها و لا يتراخى هذا الأثر قبل الغير حتى يقوم الوصي أو القيم بنشر إقرار فى الجريدة الرسمية وفقاً لما يفرضـه نــص المادة 30 من القرار الوزاري الصادر فى 24 من نوفمبر 1925 .
- متى كان القاصر بعد أن بلغ سن الرشد قدم مذكرة تتضمن موافقته على الحكم الابتدائي القاضي برد العين المبيعة وفائيا إليه وإلى باقى الورثة و بطلب تأييده فانه يكون غير منتج التمسك بأن الوصي قد طلب الاسترداد باسم القاصر و هـو لا يملك هذا الحـق إذ فى موافقـة القاصر على الحكـم اجـازة لعمل
الوصي .
اثر الغش الصادر من ناقص الأهلية علي صحة اتفاق التحكيم
- مفاد نص المادة 119 من القانون المدني أنه إذا لجأ ناقص الأهلية إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته ، فإنه و إن كان يجوز له طلب إبطال العقد لنقص الأهلية ، إلا أنه يكون مسئولاً عن التعويض للغش الذى صدر منه عملا بقواعد المسئولية التقصيرية ، و لا يكفى فى هذا الخصوص أن يقتصر ناقص الأهلية على القـول بأنه كاملها ، بل يجب أن يستعين بطرق احتيالية لتأكيد كمال أهليته .
- إذا رفع المشترى دعوى على البائع يطالبه فيها بتعويض عما لحقه من الضرر بسبب عدم إتمام الصفقة التى تعاقد معه عليها و دفع له جزءاً من ثمنها ، مدعياً أن البائع دلس عليه بأن أوهمه بأنه تام الأهلية فى حين أنه كان محجوزاً عليه ، فرفضت المحكمة الدعوى على أساس ما استبانته من ظروفها و وقائعها من أن كل ما وقع من البائع هو أنه تظاهر للمشترى بأنه كامل الأهلية و هذا لا يعدو أن يكون مجرد كذب لا يستوجب مساءلة مقترفة شخصياً ، فلا شأن لمحكمة النقض معها فى ذلك ما دامت الوقائع الثابتة فى الدعوى مؤدية إليه .
محل التحكيم : يقصد بمحل التحكيم الموضوعات التي يجوز بشأنها ، فالثابت أن للتحكيم مجال أو حدود لا يتجاوزها ، فمحل التحكيم هو موضوع المنازعة أو المنازعات التي يطرحها اتفاق التحكيم علي هيئة التحكيم ، ويتعين أن يكون هذا الموضوع طبقاً لاتفاقية نيويورك من المسائل التي يجوز تسويتها عن طريق التحكيم ، وطبقاً للمادة 11 - موضوع البحث - فإن القيد الوحيد الذي يرد علي التحكيم - جواز التحكيم - هو عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ،والواضح أن نصوص القانون المصري في هذا الشأن تنسجم مع ما نصت عليه المادة 5 فقرة 2 - بند ب - من اتفاقية نيويورك حيث نصت علي أنه لا يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها :
•
أ- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم .
ب- أن في اعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد .
لا يجوز التحكيم في المسائل الجنائية :
لئن كان من غير الجائز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية و إلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام ، إلا أنه إذا اشتمل الاتفاق على التحكيم بالقضاء فى منازعات لا يجوز فيها ، فإنه - شأنه فى ذلك شأن سائر العقود - يصح بالنسبة إلى ما يجوز فيه التحكيم و يقتصر البطلان على الشق الباطل وحده ما لم يقدم من يدعى البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد .
لا يجوز التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية :
الأحوال الشخصية هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية .
الأحوال الشخصية - كما قضت محكمة النقض في قضاء مستقر - هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيـره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى
رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية ككون إنسان ذكراً أو أنثى ، و كونه زوجاً أو أرملاً أو مطلقاً أو أباً أو إبناً شرعياً ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون ، أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية . أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، و إذن فالوقف و الهبة و الوصية و النفقات على اختلاف أنواعها و مناشئها هى من الأحوال العينية لتعلقها بالمال و باستحقاقه و عدم استحقاقه . غير أن المشرع المصري وجد أن الوقف و الهبة و الوصية - و كلها من عقود التبرعات - تقوم غالباً على فكرة التصدق المندوب إليه ديانة ، فألجأه هذا إلى اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية كيما يخرجها عن اختصاص المحاكم المدنية التى ليس من نظامها النظر فى المسائل التى قد تحوى عنصراً دينياً ذا أثر فى تقرير حكمها . على أن أية جهة من جهات الأحوال الشخصية إذا نظرت فى شئ مما تختص به من تلك العقود ، فإن نظرها فيه بالبداهة مشروط بإتباع الأنظمة المقررة قانوناً لطبيعة الأموال الموقوفة و الموهوبة و الموصي بها .
ومن أمثلة المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها التحكيم المسائل المتعلقة بثبوت النسب وصحة الزواج أو بطلانه ، والمحارم التي لا يجوز الزواج بينهم ، ووقوع الطلاق أو عدم وقوعه وتحديد الأنصبة في الميراث وعدم جواز التبني ، علي أنه تجدر الإشارة ملاحظة أنه يجوز بنص المادة 551 التحكيم بشأن الحقوق المالية التي تترتب علي الحالة الشخصية كنفقة المتعة وأجر الحضانة وسكن الحضانة .
لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام .
يقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها
المعنوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلي فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها ، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية ، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها علي مختلف أنواع العلاقات القانونية في الدولة ، وجوداً وأثراً ، غالباً في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة ، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمل إرادي يأتيه المخاطب بها بالمخالفة لها ، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية ، وعدم جواز النزول عن الحقوق والمراكز القانونية التي تقررها للبعض منهم قبل البعض الآخر ، من ناحية أخري .
هناك إذن علاقة تبادلية بين مفهوم النظام العام وبين القواعد الآمرة ، فالنظام العام هو السبب في اكتساب بعض قواعد القانون صفتها الآمرة ، وهو ما يبرر من ناحية وجود قواعد تصف بأنها قواعد أو نصوص آمرة بقانون التحكيم ، كما أنه يبرر البطلان كجزاء وأثر علي مخالفة ما يتعلق بالنظام العام .
قضي وقبل إصدار قانون التحكيم المصري في البطلان لمخالفة النظام العام : مفاد نص المادة 501 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - تخويل المتعاقدين الحق فى الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به أصلاً المحاكم ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع و إن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز إستثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة و فى كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين ، كما أن المشرع لم يأت فى نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم فى الخارج على يد أشخاص غير مصريين ، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر فى أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرداتهما و اتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء فى أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه . فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم ، و كما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما فى إجراء هذا الصلح أو فى الحكم فى النزاع يستوى فى ذلك أن يكون المحكمون فى مصر و أن يجرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين فى الخارج و يصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هى التى تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات ، و قد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه و لو تم فى الخارج - دون أن يمس ذلك النظام العام .
- تنص الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات على أنه " يجوز الاتفاق على التحكيم فى نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة " كما يجوز الاتفاق على التحكيم فى جميع المنازعات التى تنشأ فى تنفيذ عقد معين " . فإن مفاد هذا النص . - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق فى الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع ، و إن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز إستثناء سلب اختصاص جهات القضاء ، إلا أنه ينبنى مباشرة و فى كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين ، كما أن المشرع لم يأت فى نصوص قانون المرافعات مما يمنع أن يكون التحكيم فى الخارج على يد أشخاص غير مصريين ، إلا أن حكمة تشريع التحكيم تنحصر فى أن طرفي الخصومة يريدان أن يمحص إرادتهما و اتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء فى أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه ، فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم ، و كما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما فى إجراء هذا الصلح أو فى الحكم فى النزاع يستوى فى ذلك أن يكون المحكمون فى مصر و أن يجرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين فى الخارج و يصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هى التى تخلق التحكيم بطريق استثنائي لفض المنازعات و قد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه و لو تم فى الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام .
كما قضي : تنص المادة 824 من قانون المرافعات القائم - والمادة 705 المقابلة لها فى القانون الملغى - "على أنه لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم فى المشارطة المتضمنة لذلك أو فى عقد سابق عليها" . وهذا النص صريح فى وجوب اتفاق الخصوم المحتكمين على جميع المحكمين المفوضين بالصلح أو الذين يحكمون بصفتهم محكمين مصالحين وتعيينهم بأسمائهم سواء فى مشارطة التحكيم أو فى عقد سابق عليها . وحكم هاتين المادتين - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من النظام العام فمخالفته موجبة لبطلان الحكم الذى يصدره المحكمون - الذين لم يعينوا طبقاً له - بطلاناً مطلقاً لا يزيله حضور الخصوم أمام هؤلاء المحكمين . وما دام القانون لا يجيز تعيين الحكم المفوض بالصلح بغير اتفاق الخصوم فإنه يمتنع المحكمة فى جميع الأحوال أن تعين محكما مصالحا لم يتفق عليه الطرفان المتنازعان .
كما قضي : إذ كانت مشارطة التحكيم موضوع الدعوى - المطلوب الحكم ببطلانها - هى عقد رضائي توافرت عناصره من إيجاب و قبول صحيحين بين طرفيه ، و كان موضوع النزاع مما يجوز التحكيم فيه و قد وقع محكمان على المشارطة و أقر المحكم الثالث كتابة بقبوله مهمة التحكيم ، فإن المشارطة تكون قد انعقدت صحيحة و يكون طلب الحكم ببطلانها على غير أساس . و لا يغير من هذا النظر قول المطعون ضده الأول إنه بوفاة المحكم - الذى لا يجوز تعين غيره بواسطة المحكمة لأنه كان محكماً مفوضاً بالصلح - أضحى تنفيذ المشارطة مستحيلاً مما تعتبر معه باطلة ، لأن ذلك مردود بأن المحكم توفى بعد نشوء المشارطة صحيحة فلا تكون هذه الوفاة إلا عقبة استجدت فى سبيل تنفيذ المشارطة لا سبباً لبطلانها ، لأنه - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كان المحكم مفوضاً بالصلح فلا يمكن تعيين غيره بغير اتفاق الطرفين ، و مؤدى ذلك أنه إذا حدث سبب بعد مشارطة التحكيم بمنع المحكم عن الحكم فلا ينفذ عقد التحكيم إلا باتفاق جديد بين الخصوم على شخص محكم آخر طبقاً للمادة 824 من قانون المرافعات السابق الواجبة التطبيق فى الدعوى و التى يعتبر حكمها من النظام العام ، و كل هذا لا يخل بشروط انعقاد المشارطة موضوع النزاع التى توافرت قبل وفاة المحكم .
كما قضي : التحكيم طريق استثنائي لبعض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية ، و لئن كان فى الأصل وليد إرادة الخصوم ، إلا أن أحكام المحكمين فى شأن أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها و تبقى هذه الحجية طالما بقى الحكم قائماً و لو كان قابلاً للطعن و تزول بزواله ، و لما كان الثابت أن طرفي الخصومة قد لجأ إلى التحكيم فيما كان ناشئاً بينهما من منازعات ، و كان حكم المحكمين الصادر بتاريخ 1968/4/5 فصل فيها و انتهى إلى اعتبار المطعون عليه مشترياً لنصيب الطاعن فى المنزل الكائن به شقة النزاع ، و كان لم يطعن على هذا الحكم بطرق الاستئناف الذى كانت تجيزه المادة 847 من قانون المرافعات السابق ، و كان لا سبيل إلى إقامة دعوى مبتدأه بطلب بطلان حكم المحكمين وفق المادة 849 من ذات القانون تبعاً لأنه مما يجوز استئنافه و الفرصة متاحة لإبداء كل الاعتراضات عليه ، فإن حكم المحكمين يكون بمجرد صدوره ذا حجية فيما فصل فيه و له قوة ملزمة بين الخصوم و يسوغ النعى على حكم المحكمين بالبطلان استنادا إلى مخالفة المادة 823 من قانون المرافعات السابق من أن عدد المحكمين كان شفعاً و ليس وتراً أو أن موضوع النزاع لم يحدد فى مشارطة التحكيم أو أثناء المرافعة فى معنى المادة 822 من ذات القانون أو أن مشارطة التحكيم خلت من توقيع المحكمين بالموافقة على مهمة التحكيم وفق المادتين 826 ، 827 من القانون المشار إليه أو أن الخصومة فى التحكيم لم تتبع فيها الأصول و المواعيد المقررة فى قانون المرافعات تبعاً لعدم دعوة الطاعن للحضور عملاً بالمادة 834 من القانون عينه فضلاً عن أخطاء موضوعية شابت الحكم - على النحو المفصل بسبب النعى - أياً كان وجه الرأى فى هذه الأسباب جميعاً ، تبعاً لأنه لا يجوز للخصوم أن يأتوا بما يناقض الحجية ، و لأن قوة الأمر المقضي تسمو على اعتبارات النظام العام .
إذا بنيت دعوى بطلان مشارطة التحكيم على أنها قد تناولت منازعات لا يجوز التحكيم فيها لتعلقها بالنظام العام أو بما لا يجوز التصرف فيه من الحقوق ، و كان الحكم الصادر برفض هذه الدعوى - حين تصدى لبيان المنازعات التى اتفق على التحكيم فيها - لم يقل إلا أن النزاع الشرعي الذى كان قائماً بين الطرفين قد فصلت فيه المحكمة العليا الشرعية ، و أن النزاع القائم بينهما أمام المحكمة الأهلية قد فصل فيه القضاء المستعجل فيما رفع منه إليه ، و ما بقى أمام القضاء العادي هو عبارة عن دعاوى حساب عن غلة الوقف ، فهذا من الحكم قصور فى بيان موضوع الدعاوى الواقع عليها التحكيم . إذ لا يعرف منه هل كان موضوع النزاع من نوع الحقوق التى يملك المتحاكمون مطلق التصرف فيها فيصح التحكيم أم ليست منه فلا يصح . و ذلك من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق المادة 703 مرافعات التى تمسكت بها مدعية البطلان مما يتعين معه نقض الحكم .