المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ردّ على سورة القدر المزعومة



bassem_1974
04-23-2008, 08:54 PM
ردّ على سورة القدر المزعومة



بقلم: ياسر محمود الأقرع
نقف ضمن سلسلة دراساتنا البلاغية التي نتناول فيها بعض نصوص الكتاب المزعوم "الفرقان الحق " عند الآيات الثلاث في أوّل السورة التي حملت اسم " سورة القدر " . والاقتصار على هذه الآيات في دراسة السورة يرجع إلى أمرين :
أولهما : انقطاعها شكلاً ومعنى عما يليها من الآيات في النص ذاته .
ثانيهما: إن الآيات الثلاث في مطلع السورة محاولة ساذجة تهدف إلى تقليد سورة القدر في القرآن الكريم .
وإذا كنا نؤمن حتماً أنه لا مجال للمقارنة بين عظمة النص القرآني ، وسخافة الفرقان الشيطاني ، ولا يُعَدُّ هذا الأمر ( أي المقارنة ) هدفاً من أهداف هذه الدراسة، فإننا سنترك للقارئ بعد الوقوف على التحليل البلاغي لما سنعرضه أن يتبين اضطراب الصياغة اللغوية، وضعف البناء البياني الذي يختزنه النص في آياته الثلاث .
تقول الآيات الثلاث في مطلع سورة القدر من الفرقان المزعوم:
1- إنا أنزلناه في ومضة الفجر في ساعة القدر
2- نوراً للضالين وهدى للناس كافة في كل عصر
3- فرقان حق وحكم عدل وقول فصل في كل أمر
الساعة ستون ومضة :
يطلق على هذا النص اسم " سورة القدر " ويفترض ، انطلاقاً من هذه التسمية، أن يكون لهذا الاسم ( القدر ) شأناً مهماً ، أو دلالة مميزة ، جعلت منه عنواناً للنص وفاتحة للدخول إليه .
يبدأ النص بالحديث عن إنزال الفرقان الحقّ، ويحدد زمن نزوله على أنه ( في ومضة الفجر ) وهذه الـ ( في ) حرف جر يفيد الظرفية الزمانية أو المكانية .
فإذا استبعدنا احتمال أن تفيد هذه الـ (في) الظرفية المكانية في هذا السياق ، فهذا معناه أن الفرقان قد أنزل في ومضة الفجر زمانياً، وهو المقصود هنا. أي: كان إنزال الفرقان في وقت ومضة الفجر!! فما هذه الومضة ؟!
الومضة – لغوياً – من وَمَضَ : أي لمع ، والوميض : أن يومض البرق إيماضة ضعيفة ثم يخفى ثم يومض. ( لسان العرب م 7 / ص 252 ) ، إذا كان الومض لمعان يظهر ثم يختفي ، فما هي إذاً ومضة الفجر !؟ وهل للفجر ومضة !؟
إن ومضة الفجر حسب ما ورد في النص هي دلالة زمنية . وهي جزء من دلالة زمنية أوسع، أعني ( ساعة القدر ) أي أن ومضة الفجر تشكل جزءاً من أجزاء هذه الساعة ( ربما كانت الساعة تساوي ستين ومضة بتوقيت الفرقان الحق !!! ) ، فإذا كان هذا الفرقان قد أنزل في ومضة الفجر ( وليس للفجر ومضة ) وبهذا أي ( بنزول الفرقان) شُرِّفت هذه الومضة ، فأي شأن لساعة القدر في هذا الأمر ، وما دلالة ذكرها في هذا السياق، خصوصاً أن السورة أخذت اسمها من كلمة ( القدر ) .
ربما قيل : إن عظمة شأنها، وعلو مكانتها، إنما مصدره استيعاب هذه الساعة لومضة الفجر التي كان فيها إنزال الفرقان !!
في الرد نقول : الأمر الذي أريد تعظيمه هو إنزال الفرقان، والزمن الذي كان فيه هذا الإنزال – حسب ما ورد في النص – هو ومضة الفجر ( وهي دلالة زمنية ) فهذا الزمن هو الأولى بالتعظيم وبجعله اسماً للسورة ...
أمّا ساعة القدر فدلالة زمنية لا شرف لها بذاتها هنا ، بل جاء تعظيمها من كونها تستوعب الزمن الذي أريد تعظيمه وهو ( ومضة الفجر ) .
وإذا كان المقصود تعظيم الفرقان الحق دون أن يكون لزمن نزوله أهمية فإن ذكر ومضة الفجر وساعة القدر جاء فضلة زائدة في النص ولم يكن ثمة داعٍ لذكرهما ... فإلى أي الجانبين نميل !؟
ضلال ..!!
تبدأ الآية الثانية بالقول ( نوراً للضالين ) والحديث عن نزول الفرقان الحق، الذي جاء نوراً أي
( منوّراً ) والكلمة حال، جاءت اسماً جامداً بمعنى المشتق ...
لكنّ إنزال الفرقان – حسب ما جاء في النص – كان في ( ومضة الفجر ) والومضة كما بيّنا لمعان ثم اختفاء فهي التماع فيه ضوء شديد، والفجر نور أيضاً ...
فما الحاجة لوصف الفرقان بأنه نزل نوراً إن جاء في وقت الفجر بل في شدة التماعه ( حسب ما جاء في الآية ) .
نزل الفرقان (نوراً للضّالين) ومعنى ذلك أن بقية الناس ممن لا ينطوون تحت اسم ( الضالين ) هم مهتدون ، إذ الهدى عكس الضلال، وتأتي بعد ذلك عبارة ( وهدى للناس كافة ) ...
فما الحاجة في أن يكون الفرقان ( بعد أن جاء نوراً للضالين ) هدى للناس كافة ، وفي هؤلاء من لا يدخل في زمرة الضالين ، فهو مهتدٍ أصلاً .
أما إذا كان المقصود من عبارة ( هدى للناس كافة ) أن الناس كلهم في ضلال قبل نزول الفرقان، فإن هذا المعنى يغني عن ذكره العبارة السابقة: ( نوراً للضالين ) .
ترادف .. واجترار:
تبدأ الآية الثالثة بكلمة ( فرقانٌ ) هكذا بالرفع ، وهي خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) أو ما يعادلها. ومجيئها في حالة الرفع يؤكد انقطاعها عما قبلها إذا لم تأتِ في حالة النصب ... على أنها حال لإنزال الفرقان.
والآية الثالثة لا تعدو كونها جملاً مترادفة تتقاطع وتتلاقى في المعاني التي تحملها :
فرقان حق وحكم عدل وقول فصل
هذه الجمل الثلاث في وصف الكتاب المنزل جاءت متفقة من حيث المدلول الذي هو ( تمييز الحق من الباطل ) وإن اختلفت من حيث الصياغة ...
ففرقان: معناه يفرق بين حق وباطل.
وحُكمٌ عدل : معناه حكم قائم على إعلاء كلمة الحق، ودحض دعاوى الباطل.
وقول فصل: يعني أنه قول يبيّن حدود الحق وحدود الباطل ويفصل بينهما .
ومعنى هذا كله أنه يمكن الاستغناء عن هذا الترادف في المدلولات بإيراد إحدى الجمل الثلاث والاستغناء بها عن سواها في تأدية المعنى وإيصاله .
ثم إن من البلاغة أن تحذف واو العطف بين الجمل الثلاث ذلك أن إثباتها يقتضي تغاير المعطوف والمعطوف عليه فالأصل أن تأتي الواو بين الصفات المتباعدة المتناقضة في الظاهر، حيث يبعد في الذهن اجتماع هذه الصفات في ذات واحدة ، وفي الجمل المذكورة ليس ثمة ما يدل على تباعد الصفات أو تناقضها في الظاهر بل هي تتفق من حيث المعنى ووجود واحدة منها كاف ليدل على وجود الصفات الأخرى.
إشكالية
وتختتم هذه الآية بجملة: ( في كل أمر )، وهذه العبارة تفترض أن كل أمر (هكذا دون استثناء) يحتاجإلى فرقان حق ، وحكم عدل، وقول فصل . وهذا يفترض أساساً وجود إشكالية ما في كل أمر، تضطرنا إلى طلب الحكم والتفريق بين الحق والباطل. فهل كل أمر يحتاج فعلاً إلى ذلك !؟
أليس ثمة أمور متفق عليها ، أو مسلّمات نشترك في الإيمان بها على اختلاف آرائنا واتجاهاتنا وميولنا ، وهي بطبيعة الحال لا تحتاج إلى تحكيم أو فصل !! ؟؟
وبعد... فهذه هي سورة القدر ( والقدر: المنزلة)
اسم حمله عنوان السورة بوصفه دالاً لفظياً لا مدلول له، مرتبطاً بزمن لا غاية واضحة لذكره.
وتعظيم لفرقان جاء نوراً في وقت مشبع بالنور إلى حد الإبهار ( ومضة )
وترادف في المعاني، يكفي ذكر أحدها ليغني عن سواه، ويريح كاهل النص من فائض الكلمات، والدوران في فلك التقليد السطحي ومحاولة الصوغ الساذج ...
إنها سورة قدر لا قدر لها !!!
لمراسلة المؤلف:

yaserakra@maktoob.com (yaserakra@maktoob.com)