bassem_1974
04-23-2008, 07:22 PM
المَلام لمَن أخطأَ في حقّ يونس عليه السلام
بقلم المهندس مراد عبد الوهاب الشوابكه
من المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم هي هجر القرءان الكريم، فلا تكاد تركب في حافلة أو تدخل في سوق إلا وتجد أصوات الأغاني الماجنة تتعالى في كل مكان كأنّها أصوات الشياطين، وقلّما تسمع فيها القرءان، وكأن القرءان الكريم قد أُنزِلَ فقط على أهل مكّة ولا ينبغي لك أن تسمعه إلا في المسجد، فلا غرابة إذن أن نجد من بين أبناء المجتمع الإسلامي وسط هذه الأجواء الصاخبة بما لا يرضي الله عزّ وجلّ من لا يكاد يفهم القرءان، فقد تبدّلت لغتهم القرآنية الفصيحة بكلمات ماجنة ركيكة طغت على القلوب الصحيحة فأشربتها بحب الشهوات وأبعدتهم عن فهم كلام ربّ الأرض والسماوات.
وأرجوكم أن تعذروني على هذا الكلام، ولكنها الحقيقة التي لن نجد عن قولها مصرفاً، لأنها داءٌ عضال استشرى في جسد الأمة حتى أردى بأبنائها الضِعاف في مهالك الشبهات والفهم الخاطئ لكلام الله عزّ وجل، واليوم سنتحدّث إليكم حول تصحيح خطأ فاحش وقع فيه الكثيرون من الذين إضيَقَّت مداركهم اللغوية حتى وصل بهم الحال إلى القول بأنّ يونس عليه السلام قد شكَّ في قدرة الله عليه (حاشا لله) ولكن هؤلاء للأسف اكتفوا بظاهر القرءان ولم يفهموا معناه ولم يقرؤوا التفاسير لذا جاءت هذه المقالة بعد ما سمعت من بعضهم هذا الفهم الخاطئ.
يونس بن متّى عليه السلام " ذو النون ":
هو أحد أنبياء الله عزّ وجلّ الذين ورد ذكرهم في القرءان الكريم لمقصد عظيم هدفه شحذ همم الدعاة إلى الله تعالى وتحذيرهم من مغبّة الوقوع في اليأس من الدعوة إليه لأن مفاتيح القلوب بيد الله عز وجل وما عليك إلا البلاغ المبين فلعلك مع كثرة الدعاء والبلاغ توافق لحظة صفاء فطرة عند من تدعو فيكون ذلك سببا لهدايته وصلاحه .
أما سيدنا يونس عليه السلام فقد أرسله الله إلى أهل نينوى ليدعوهم إلى عبادة الله عز وجل، وترك ما يدعون من دونه، فما كان جواب قومه إلا أن كذّبوا دعوته وأصرّوا على كفرهم، فلمّا رأى هذا العناد والكفر تركهم مغاضباً، فركب البحر، حتى إذا ماجت السفينة بمن فيها ألقي بيونس عليه السلام بعد أن إستهموا عليه فابتلعه الحوت في بطنه وضيَّق عليه في جوفه فنادى في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين، فنجّاه الله عز وجل مما فيه.
أمّا الخطأ الفاحش الذي وقع فيه البعض فهو قولهم بأن سيدنا يونس عليه السلام كان لديه شكّ في قدرة الله عزّ وجلّ ونسوا بذلك أنهم بمقولتهم هذه قد أخرجوه من دائرة الإيمان إلى الكفر، وهذا ما لا ينبغي أن يقال عن مؤمن عاديّ، فكيف يرضونه لنبي كريم ؟
وسبب هذا القول هو عدم فهم الآية 87 من سورة الأنبياء كما ينبغي :
بسم الله الرحمن الرحيم
" وذَا النُّونِ إذ ذَّهَبَ مُغاضِباً فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ فَنَادَى فِي الظُّلمَاتِ أن
لآ إله إلا أنت سُبْحَانكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينْ "
صدق الله العظيم
أمّا قول الله عز وجل" فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ " ليس بمعنى أنّ يونس عليه السلام قد شكّ في قدرة الله عليه، إذ يستوجب ذلك منّا أن نحيط بمعاني كلمة نَّقدِرَ اللغوية :
من المعجم الوسيط :
بإرجاع كلمة نَّقدِرَ إلى أصلها الثلاثي قَدَرَ ، نجد :
قَدَرَ اللهُ على فلان : معناها ضَّيَقَ عليه و وابتلاه ، وفي التنزيل العزيز :
" وأمّا إذا ما ابتلاه فَقَدَرَعليه رزقه "
فالقدر إذن هو وقوع البلاء من الله عز وجل على الإنسان نتيجة تقصيرٍ بَدَرَ منهُ ، أما إذا لم يدرك هذا الشخص وقوعه في المحظور فربّما يتبادر إلى ذهنه ويظن بأن الله لن يعاقبه على فعلته ولن يقدر عليه ـ لن يعاقبه ويبتليه ـ وهذا تماما ما حصل مع يونس عليه السلام إذ أنّه بعد ما ترك دعوة قومه ظنّ أن الله لن يبتليه لكن الله ضيّق عليه بطن الحوت .
وختاماً نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في الدين ويجعلنا من الذين يتدبرون القرءان ويقيمون حروفه وحدوده ، وأن نكون ممن حسّنوا ظَنّهم بالله وأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام .
مع تحيّات م.مراد عبد الوهاب الشوابكه
Shau_murad@yahoo.com (Shau_murad@yahoo.com)
المصادر والمراجع :
(1) القرءان الكريم
(2) تفسير القرءان العظيم للإمام الحافظ ابن كثير
(3) في ظلال القرءان – سيّد قطب
(4) المعجم الوسيط – الجزء الثاني – ط3
بقلم المهندس مراد عبد الوهاب الشوابكه
من المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم هي هجر القرءان الكريم، فلا تكاد تركب في حافلة أو تدخل في سوق إلا وتجد أصوات الأغاني الماجنة تتعالى في كل مكان كأنّها أصوات الشياطين، وقلّما تسمع فيها القرءان، وكأن القرءان الكريم قد أُنزِلَ فقط على أهل مكّة ولا ينبغي لك أن تسمعه إلا في المسجد، فلا غرابة إذن أن نجد من بين أبناء المجتمع الإسلامي وسط هذه الأجواء الصاخبة بما لا يرضي الله عزّ وجلّ من لا يكاد يفهم القرءان، فقد تبدّلت لغتهم القرآنية الفصيحة بكلمات ماجنة ركيكة طغت على القلوب الصحيحة فأشربتها بحب الشهوات وأبعدتهم عن فهم كلام ربّ الأرض والسماوات.
وأرجوكم أن تعذروني على هذا الكلام، ولكنها الحقيقة التي لن نجد عن قولها مصرفاً، لأنها داءٌ عضال استشرى في جسد الأمة حتى أردى بأبنائها الضِعاف في مهالك الشبهات والفهم الخاطئ لكلام الله عزّ وجل، واليوم سنتحدّث إليكم حول تصحيح خطأ فاحش وقع فيه الكثيرون من الذين إضيَقَّت مداركهم اللغوية حتى وصل بهم الحال إلى القول بأنّ يونس عليه السلام قد شكَّ في قدرة الله عليه (حاشا لله) ولكن هؤلاء للأسف اكتفوا بظاهر القرءان ولم يفهموا معناه ولم يقرؤوا التفاسير لذا جاءت هذه المقالة بعد ما سمعت من بعضهم هذا الفهم الخاطئ.
يونس بن متّى عليه السلام " ذو النون ":
هو أحد أنبياء الله عزّ وجلّ الذين ورد ذكرهم في القرءان الكريم لمقصد عظيم هدفه شحذ همم الدعاة إلى الله تعالى وتحذيرهم من مغبّة الوقوع في اليأس من الدعوة إليه لأن مفاتيح القلوب بيد الله عز وجل وما عليك إلا البلاغ المبين فلعلك مع كثرة الدعاء والبلاغ توافق لحظة صفاء فطرة عند من تدعو فيكون ذلك سببا لهدايته وصلاحه .
أما سيدنا يونس عليه السلام فقد أرسله الله إلى أهل نينوى ليدعوهم إلى عبادة الله عز وجل، وترك ما يدعون من دونه، فما كان جواب قومه إلا أن كذّبوا دعوته وأصرّوا على كفرهم، فلمّا رأى هذا العناد والكفر تركهم مغاضباً، فركب البحر، حتى إذا ماجت السفينة بمن فيها ألقي بيونس عليه السلام بعد أن إستهموا عليه فابتلعه الحوت في بطنه وضيَّق عليه في جوفه فنادى في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين، فنجّاه الله عز وجل مما فيه.
أمّا الخطأ الفاحش الذي وقع فيه البعض فهو قولهم بأن سيدنا يونس عليه السلام كان لديه شكّ في قدرة الله عزّ وجلّ ونسوا بذلك أنهم بمقولتهم هذه قد أخرجوه من دائرة الإيمان إلى الكفر، وهذا ما لا ينبغي أن يقال عن مؤمن عاديّ، فكيف يرضونه لنبي كريم ؟
وسبب هذا القول هو عدم فهم الآية 87 من سورة الأنبياء كما ينبغي :
بسم الله الرحمن الرحيم
" وذَا النُّونِ إذ ذَّهَبَ مُغاضِباً فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ فَنَادَى فِي الظُّلمَاتِ أن
لآ إله إلا أنت سُبْحَانكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينْ "
صدق الله العظيم
أمّا قول الله عز وجل" فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ " ليس بمعنى أنّ يونس عليه السلام قد شكّ في قدرة الله عليه، إذ يستوجب ذلك منّا أن نحيط بمعاني كلمة نَّقدِرَ اللغوية :
من المعجم الوسيط :
بإرجاع كلمة نَّقدِرَ إلى أصلها الثلاثي قَدَرَ ، نجد :
قَدَرَ اللهُ على فلان : معناها ضَّيَقَ عليه و وابتلاه ، وفي التنزيل العزيز :
" وأمّا إذا ما ابتلاه فَقَدَرَعليه رزقه "
فالقدر إذن هو وقوع البلاء من الله عز وجل على الإنسان نتيجة تقصيرٍ بَدَرَ منهُ ، أما إذا لم يدرك هذا الشخص وقوعه في المحظور فربّما يتبادر إلى ذهنه ويظن بأن الله لن يعاقبه على فعلته ولن يقدر عليه ـ لن يعاقبه ويبتليه ـ وهذا تماما ما حصل مع يونس عليه السلام إذ أنّه بعد ما ترك دعوة قومه ظنّ أن الله لن يبتليه لكن الله ضيّق عليه بطن الحوت .
وختاماً نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في الدين ويجعلنا من الذين يتدبرون القرءان ويقيمون حروفه وحدوده ، وأن نكون ممن حسّنوا ظَنّهم بالله وأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام .
مع تحيّات م.مراد عبد الوهاب الشوابكه
Shau_murad@yahoo.com (Shau_murad@yahoo.com)
المصادر والمراجع :
(1) القرءان الكريم
(2) تفسير القرءان العظيم للإمام الحافظ ابن كثير
(3) في ظلال القرءان – سيّد قطب
(4) المعجم الوسيط – الجزء الثاني – ط3