maghfera
07-26-2009, 08:22 AM
السميع
قال تعالى:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
وحين نرى تذييل آية بصفتين من صفات الحق، أو باسمين من أسماء الله الحق سبحانه، فلابد أن تعلم أن بين الصفتين أو الاسمين وبين متعلق الآية علاقة، مثل هذا التذييل:
{إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
لقد جاء هذا التذييل بعد أمر بأداء الأمانة، وأمر بالحكم بالعدل بين الناس. ولقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حين أمر من يقضي بين الناس أن يسوي بين الخصمين في لحظه ولفظه، فلا ينظر لواحد دون الآخر، وفي اللفظ أي: لا يكرم واحداً دون الآخر، وذلك حتى يشعر الطرفان بالمساواة أمام القاضي، فلا ينظر القاضي إلي طرف بحنان وعطف، وينظر إلي الآخر بجفاء؛ لأن النظرة يجب أن تكون متساوية، وكذلك الألفاظ.
ولذلك نجد سيدنا الإمام علياً كرم الله وجهه قد رد القاضي لأنه قال له: يا أبا الحسن، فقال علي كرم الله وجهه: أنت لا تقضي بيني وبين خصمي؛ لأنك كنيتني دون أن تكنيه، فالتكنية دليل المودة والتعظيم. إذن: حين يقول رسول الله للقاضي: "سو بينهم في لحظك ولفظك". فاللحظ عمل العين، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه بصيراً بالعباد، واللفظ يطلب الإذن، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه سمعياً للعباد، وقد يقول قائل: لماذا جاء الحق هنا بأنه سميع بصير؟ وقيل: بأن ما يسمح به التكريم واضح، لكن النظرة قد تكون عقوبة وغير ملحوظة إلا لمن انتبه بشدة.
والحق سبحانه وتعالى لم توجد له صفة السمع بعد أن وجد ما يسمعه، ولم توجد له صفة البصر بعد أن وجد ما يبصره، إنه سبحانه وجدت له صفة السمع قبل أن يخلق خلقاً يسمع منه، ووجدت له صفة البصر قبل أن يخلق خلقاً ليبصر أفعالهم. إذن: فهناك فرق بين أن يقول (سميع بصير) و(سامع ومبصر) إن كلمة (سميع) معناها أن يكون المدرك على صفة يجب أن تدرك المسموع إن وجد المسموع. ولكن إن لم يوجد المسموع بعد فهو سميع، وإن كان لا يوجد ما يسمعه.
فالشاعر قبل أن يقول القصيدة هو موهوب في الشعر، وقال القصيدة لوجود موهبة الشعر عنده. إذن: فالحق سبحانه وتعالى على سبيل المثال غفار حتى قبل أن يوجد الخلق، أي: أنه سبحانه على صفة يجري عليها الأمر إن وجد، وهو سبحانه غافر إن وجد الأمر عندما يوجد ما يغفره بالفعل، إنه سبحانه وتعالى سميع وبصير، إذ لا قبل أن يخلق الذين ينشأ من وجودهم ما يسمع وما يبصر. يعلمنا الحق سبحانه أن كل شيء إنما هو ممنوح من الله، لذلك فبعد أن أتم إبراهيم وإسماعيل رفع القواعد قالا:
{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
إن الحق سبحانه يعلمنا بدعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يدعو الإنسان بقبول عمله إذا قام به ونيته خالصة لوجه الله. إن دعوة إبراهيم وإسماعيل
{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
و(القبول) و(المقابلة) و(الاستقبال) كلها مأخوذة من مادة (المواجهة) أي: يا ربنا لا تعرض عن عملنا، إنه دعاء يريد به إبراهيم وإسماعيل الثواب، إنهما يرفعان الرجاء إلي الله، ويا رب أنت كلفتنا ونحن قمنا بالتكليف، ونرجو أن تثيبنا على عملنا. إن إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام يعلمان أن الإنسان حين ينجز عملاً مطلوباً لله، فإن على الإنسان أن يدعو الله وقت العمل أن يتقبله منه، لماذا؟
وذلك ليستحضر الإنسان استخلاص النية في العمل لله الذي أمره بهذه العمل، إن الحق سبحانه لا يكلف إنساناً بعمل ما إلا لينفع الإنسان، وإذا استحضر الإنسان كل نيته، وهو يقوم بالعمل الذي أمره به الله، فإنه يرجو الله أن يقبل العمل. وقال إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام:
{إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
هذا القول هو مخاطبة للحق بأنه السامع لكل دعاء، والعليم بكل نية، ذلك أن أي عمل له (قالب) ينفذه به الإنسان، وللعمل أيضا (نية)، وعندما تتفق (النية) مع (القالب) فإن ذلك هو العمل الذي يتلقى الإنسان عليه الثواب. أما الذي لا يستحضر النية في العمل، ويؤدي العمل لمجرد التظاهر، فهذا الأمر قد يعرض الإنسان لفقدان الثواب،
ولذلك نجد الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله، فهجرته إلي الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذن: فكل عمل له (قالب) يحدث عليه، وهذا القالب قد ينهي شكلية التكليف، وكل عمل له (نية) يقوم بها العمل، ويقصد بها الإنسان القيام بالعمل، وعلى ذلك يكون مقدار الثواب على التكليف موقف من يقوم بالعمل الإيماني ليلقي عن كاهله عين التكليف وموقف من يقوم بالعمل الإيماني وهو مخلص النية في الفعل. ويخرج من العمل وهو يرجو أن يتقبل الله منه ما قام به، وينوي استقبال أي تكليف إيماني آخر. إن الموقف الثاني هو موقف العشق، والحب لتكاليف الرحمن.
قال تعالى:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
وحين نرى تذييل آية بصفتين من صفات الحق، أو باسمين من أسماء الله الحق سبحانه، فلابد أن تعلم أن بين الصفتين أو الاسمين وبين متعلق الآية علاقة، مثل هذا التذييل:
{إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
لقد جاء هذا التذييل بعد أمر بأداء الأمانة، وأمر بالحكم بالعدل بين الناس. ولقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حين أمر من يقضي بين الناس أن يسوي بين الخصمين في لحظه ولفظه، فلا ينظر لواحد دون الآخر، وفي اللفظ أي: لا يكرم واحداً دون الآخر، وذلك حتى يشعر الطرفان بالمساواة أمام القاضي، فلا ينظر القاضي إلي طرف بحنان وعطف، وينظر إلي الآخر بجفاء؛ لأن النظرة يجب أن تكون متساوية، وكذلك الألفاظ.
ولذلك نجد سيدنا الإمام علياً كرم الله وجهه قد رد القاضي لأنه قال له: يا أبا الحسن، فقال علي كرم الله وجهه: أنت لا تقضي بيني وبين خصمي؛ لأنك كنيتني دون أن تكنيه، فالتكنية دليل المودة والتعظيم. إذن: حين يقول رسول الله للقاضي: "سو بينهم في لحظك ولفظك". فاللحظ عمل العين، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه بصيراً بالعباد، واللفظ يطلب الإذن، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه سمعياً للعباد، وقد يقول قائل: لماذا جاء الحق هنا بأنه سميع بصير؟ وقيل: بأن ما يسمح به التكريم واضح، لكن النظرة قد تكون عقوبة وغير ملحوظة إلا لمن انتبه بشدة.
والحق سبحانه وتعالى لم توجد له صفة السمع بعد أن وجد ما يسمعه، ولم توجد له صفة البصر بعد أن وجد ما يبصره، إنه سبحانه وجدت له صفة السمع قبل أن يخلق خلقاً يسمع منه، ووجدت له صفة البصر قبل أن يخلق خلقاً ليبصر أفعالهم. إذن: فهناك فرق بين أن يقول (سميع بصير) و(سامع ومبصر) إن كلمة (سميع) معناها أن يكون المدرك على صفة يجب أن تدرك المسموع إن وجد المسموع. ولكن إن لم يوجد المسموع بعد فهو سميع، وإن كان لا يوجد ما يسمعه.
فالشاعر قبل أن يقول القصيدة هو موهوب في الشعر، وقال القصيدة لوجود موهبة الشعر عنده. إذن: فالحق سبحانه وتعالى على سبيل المثال غفار حتى قبل أن يوجد الخلق، أي: أنه سبحانه على صفة يجري عليها الأمر إن وجد، وهو سبحانه غافر إن وجد الأمر عندما يوجد ما يغفره بالفعل، إنه سبحانه وتعالى سميع وبصير، إذ لا قبل أن يخلق الذين ينشأ من وجودهم ما يسمع وما يبصر. يعلمنا الحق سبحانه أن كل شيء إنما هو ممنوح من الله، لذلك فبعد أن أتم إبراهيم وإسماعيل رفع القواعد قالا:
{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
إن الحق سبحانه يعلمنا بدعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يدعو الإنسان بقبول عمله إذا قام به ونيته خالصة لوجه الله. إن دعوة إبراهيم وإسماعيل
{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
و(القبول) و(المقابلة) و(الاستقبال) كلها مأخوذة من مادة (المواجهة) أي: يا ربنا لا تعرض عن عملنا، إنه دعاء يريد به إبراهيم وإسماعيل الثواب، إنهما يرفعان الرجاء إلي الله، ويا رب أنت كلفتنا ونحن قمنا بالتكليف، ونرجو أن تثيبنا على عملنا. إن إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام يعلمان أن الإنسان حين ينجز عملاً مطلوباً لله، فإن على الإنسان أن يدعو الله وقت العمل أن يتقبله منه، لماذا؟
وذلك ليستحضر الإنسان استخلاص النية في العمل لله الذي أمره بهذه العمل، إن الحق سبحانه لا يكلف إنساناً بعمل ما إلا لينفع الإنسان، وإذا استحضر الإنسان كل نيته، وهو يقوم بالعمل الذي أمره به الله، فإنه يرجو الله أن يقبل العمل. وقال إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام:
{إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
هذا القول هو مخاطبة للحق بأنه السامع لكل دعاء، والعليم بكل نية، ذلك أن أي عمل له (قالب) ينفذه به الإنسان، وللعمل أيضا (نية)، وعندما تتفق (النية) مع (القالب) فإن ذلك هو العمل الذي يتلقى الإنسان عليه الثواب. أما الذي لا يستحضر النية في العمل، ويؤدي العمل لمجرد التظاهر، فهذا الأمر قد يعرض الإنسان لفقدان الثواب،
ولذلك نجد الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله، فهجرته إلي الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذن: فكل عمل له (قالب) يحدث عليه، وهذا القالب قد ينهي شكلية التكليف، وكل عمل له (نية) يقوم بها العمل، ويقصد بها الإنسان القيام بالعمل، وعلى ذلك يكون مقدار الثواب على التكليف موقف من يقوم بالعمل الإيماني ليلقي عن كاهله عين التكليف وموقف من يقوم بالعمل الإيماني وهو مخلص النية في الفعل. ويخرج من العمل وهو يرجو أن يتقبل الله منه ما قام به، وينوي استقبال أي تكليف إيماني آخر. إن الموقف الثاني هو موقف العشق، والحب لتكاليف الرحمن.