bassem_1974
04-23-2008, 06:30 PM
أختلافات في تراجم الكتاب المقدس
http://www.55a.net/firas/ar_photo/118427170554545.jpg
نسخة مخطوطة من الكتاب المقدس موجودة في أحد الأديرة في بريطانيا تعود إلى 1407ميلادية
بقلم اللواء أحمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى
نبدأ الحديث عن نصوص الكتاب المقدس بذكر قاعدة أصولية وضعها علماء الكتاب المقدس، الذين عكفوا على ترجمته إلى الفرنسية، وأخرجوا للناس ما يعرف باسم: الترجمة المسكونية للكتاب المقدس .[1]..ولقد جاءت هذه القاعدة عند الحديث على نص سفر أعال الرسل، إذ يقول نصها:
" ومن أراد أن يطالع مؤلفا قديما، وجب عليه أن يثبت نصه" .[2]..
نصوص العهد القديم:
تقول دائرة المعارف الأمريكية .[3]. "لم تصلنا أي نسخة بخط المؤلف الأصلي لكتب العهد القديم، أما النصوص التي بين أيدينا فقد نقلتها إلينا أجيال عديدة من الكتبة والنساخ.
ولدينا شواهد وفيرة تبين أن الكتبة قد غيروا بقصد أو بدون قصد في الوثائق والأسفار التي كان عملهم الرئيسي هو كتابتها أو نقلها.
وقد حدث التغيير بدون قصد حين أخطأوا في قراءة أو سمع بعض الكلمات، أو في هجائها، أو أخطأوا في التفريق بين ما يجب فصله من الكلمات وما يجب أن يكون تركيبا واحدا.
كذلك فإنهم كانوا ينسخون الكلمة أو السطر مرتين، وأحيانا ينسون كتابة كلمات، بل فقرات بأكلمها.
وأما تغييرهم في النص الأصلي عن قصد فقد مارسوه مع فقرات بأكملها حين كانوا يتصورون أنها مكتوبة خطأ في صورتها التي بين أيديهم.
كما كانوا يحذفون بعض الكلمات أو الفقرات، أو يزيدون على النص الأصلي فيضيفون فقرات توضيحية ..
وهكذا لا يوجد سبب يدعو للافتراض بأن وثائق العهد القديم لم تتعرض للأنواع العادية من الفساد النسخي، على الأقل في الفترة التي سبقت اعتبارها أسفارا مقدسة ...
لقد كتبت أسفار العهد القديم على طول الفترة من القرن الحادي عشر ق.م إلى القرن الأول ق.م وأخذ صورته النهائية في القرن الأول الميلادي ..
وعلى مدى القرون الطويلة التي كتبت فيها أسفار العهد القديم نجد أن نصوصه قد نسخت مرارا وأعيدت كتابتها باليد. ولقد حدثت أخطاء في عملية النسخ، وكان يحدث أحيانا أن بعض المواد التي كتبت على هامش النص تضاف إليه ...
ولقد أكد اكتشاف وثائق البحر الميت .عام 1947. ضرورة إدخال بعض التغييرات على النسخة العبرية الحديثة، في سفر أشعياء".
& & &
ويقول المدخل إلى العهد القديم .[4]. في ترجمة التوراة للكاثوليك تحت عنوان:
تشويه النص.[5].:
[لا شك أن هنالك عددا من النصوص المشوهة التي تفصل النص المسوري .العبري. الأول عن النص الأصلي. فمن المحتمل أن تقفز عين الناسخ من كلمة إلى كلمة تشبهها وترد بعد بضعة أسطر، مهملة كل ما يفصل بينهما.
ومن المحتمل أيضا أن تكون هناك أحرف كتبت كتابة رديئةفلا يحسن الناسخ قراءتها فيخلط بينها وبين غيرها.
وقد يدخل الناسخ في النص الذي ينقله، لكن في مكان خاطئ، تعليقا هامشيا يحتوي على قراءة مختلفة أو على شرح ما.
والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا، بإدخال تصحيحات لا هوتية، على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدو لهم معرضة لتفسير عقائدي خطير .[6]..
وأخيرا، فمن الممكن أن نكتشف ونصحح بعض النصوص المشوهة، باللجوء إلى صيغ النصوص غير المسورية، في حال كونها أمنت من التشوه ..
أية صيغة من النص نختار؟ وبعبارة أخرى، كيف الوصول إلى نص عبري يكون أقرب نص ممكن إلى الأصل؟
لم يتردد بعض النقاد في تصحيح النص المسوري، كلما لم يعجبهم، لاعتبار أدبي أو لاعتبار لاهوتي .[7]..وتقيد البعض الآخر، كرد فعل، بالنص المسوري، إلا إذا كان تشويهه واضحا، فحاولوا عندئذ أن يجدوا، بالرجوع إلى التراجم القديمة، قراءة فضلى.
هذه الطرق غير علمية، ولا سيما الأولى منها، فهي ذاتية إلى حد الخطر ..
لكن الحل العلمي الحقيقي يفرض علينا أن نعامل الكتاب المقدس كما نعامل جميع مؤلفات الحضارة القديمة .[8].أي نضع "شجرة النسب" لجميع ما نملكه من الشهود، بعد أن نكون قد درسنا بدقة فائقة مجمل القراءات المختلفة: النص المسوري، ومختلف نصوص .وادي. قمرا، والتوراة السامرين، والترجمات اليونانية السبعينية .مع مراجعاتها الثلاث المتعاقبة. وغير السبعينية، وترجمات الترجوم الآرامية، والترجمات السوريانية، والترجمات اللاتينية القديمة، وترجمة القديس ايرونيمس، والترجمات القبطية، والأرمنية ... إلخ.
وبهذه المقارنات كلها نستطيع أن نستعيد النموذج الأصلي الكامن في أساس جميع الشهود. وهذا النموذج الأصلي يرقى عادة إلى حوالي القرن الرابع قبل المسيح.
ولسوء الحظ، لم تنشر نصوص قمران كلها إلى اليوم، وهذا العمل النقدي يقتضي من الكفاءات والأبحاث ما يستغرق عشرات السنين] .[9]..
& & &
نصوص العهد الجديد:
إذا كانت دقة النصوص مطلوبة دائما باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه العقائد والأحكام المستقاة من كل كتاب مقدس، فإن تلك الدقة قد صارت في المسيحية من ألزم اللزوميات، نظرًا لتأثر مصادرها الأولى تأثرًا عميقاً بالفكر اليوناني وفلسفاته، وخاصة لفظ .اللوغس. ومدلولاته المتنوعة والغامضة.
يقول المدخل إلى العهد الجديد .[10]. في ترجمة الكاثوليك تحت عنوان:
بعض النظرات إلى العالم اليوناني الروماني:
[أخذ الناس، قبل العهد المسيحي بقليل، ينظرون إلى الأباطرة نظرتهم إلى كائنات إلهية، أبناء الله، بل آلهة.
وهذا التطور قد أثرت فيه تأثيرا كبيرا معتقدات الشعوب الشرقية، موافق لمنطق الأمور، فلما كانت الإمبراطورية واحدة، لزم أن تظهر العبادة أساسها الواحد. فضل طيباريوس وقلوديوس وسبسيانس أن يشجعوا عبادة الإمبراطور بعد موته فحسب، في حين أن قليغولا ونيرون ودوميطيانس تركوا الناس يعبدونهم في أثناء حياتهم. تلك بعض أهم صفات العالم الذي كان للمسيحيين الأولين أن يعيشوا فيه، والشهادة التي يعلنونها في إيمانهم هي أن المسيح هو وحده الرب وليس الإمبراطور، فله تجب الطاعة ولو تعرضوا لأن يخالفوا مخالفة صريحة الدين الذي يسود الحياة كلها في بيئتهم].
& & &
لقد تكلم المسيح وتلاميذه الآرامية، بينما جاءتنا أسفار العهد الجديد مكتوبة جميعها بالإغريقية على مخطوطات بالية تختلف نصوصها اختلافا كبيرا.
[ليس في هذه الكتب الخط .المخطوطات. كتاب واحد بخط المؤلف نفسه. وجميع أسفار العهد الجديد، من غير أن يستثنى واحد منها، كتب باليونانية.
وأقدم الكتب الخط، التي تحتوي معظم العهد الجديد أو نصه الكامل، كتابان مقدسان على الرق يعودان إلى القرن الرابع.
وأجلهما المجلد الفاتيكاني، سمى كذلك لأنه محفوظ في مكتبة الفاتيكان.
وهذا الكتاب الخط مجهول المصدر، وقد أصيب بأضرار لسوء الحظ، ولكنه يحتوي على العهد الجديد ما عدا: الرسالة إلى العبرانيين9/14 – 13/25، والرسالتين الأولى والثانية إلى طيموتاوس، والرسالة إلى طيطس، والرسالة إلى فليمون، والرؤيا .[11]..
والعهد الجديد كامل في الكتاب الخط الذي يقال له المجلد السينائي لأنه عثر عليه في دير القديسة كاترينا، لا بل أضيف إلى العهد الجديد: الرسالة إلى برنابا، وجزء من الراعي لهرمس. وهما مؤلفان لن يحفظا في قانون العهد الجديد في صيغته الأخيرة .[12]..
& & &
لقد أساء النساخ كثيرا إلى نصوص العهد الجديد وكان أكبر خطاياهم ما فعلته أيديهم من تغيير وتبديل.
[ إن نسخ العهد الجديد التي وصلتنا ليست كلها واحدة، بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثير جدا على كل حال ...
إن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بذل فيها من الجهد، بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه.
يضاف إلى ذلك بعض النساخ حاولوا أحيانا، عن حسن نية، أن يصوبوا ما جاء في مثالهم وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة، أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ.
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مرّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلا بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات ] .[13]..
ولقد تبين لعلماء المسيحية استحالة الوصول إلى النص الأصلي مهما بذلوا من مجهودات، ولم يبق، إذن، سوى صرخة حسرة تقول: يا سوء طالعنا!
[ المثال الأعلى الذي يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يمحص هذه الوثائق المختلفة لكي يقيم نصا يكون أقرب ما يكون من الأصل الأول.
ولا يرجى في حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه ..
كان الآباء لسوء طالعنا يستشهدون به في أغلب الأحيان عن ظهر قلبهم .من الذاكرة. ومن غير أن يراعوا الدقة مراعاة كبيرة، فلا يمكننا والحالة هذه الوثوق التام في ما ينقلون إلينا] .[14]..
لقد أصبح الحل الذي يراه آباء الكنيسة وعلماء المسيحية إزاء مشكلة النص، هو قبول الوضع الحالي بكل ما عليه من مآخذ، باعتباره أحسن ما استطاعت مجهوداتهم البشرية الوصول إليه.
على أن يستمر هذا الوضع مقبولا إلى الوقت الذي تظهر فيه وثائق جديدة تساعد على إعادة النظر فيه وتطويره ليكون أقرب ما يكون إلى ذلك الأصل المجهول، بعد تنقيته من التحريف الذي لحق به!
[ هدف أصحاب النقد الباطني أن يوضحوا بجلاء نوع التدخل الذي قام به الناسخ، والأسباب التي دعته إلى ذلك التدخل. فيسهل بعد ذلك الارتقاء إلى القراءة القديمة التي تفرعت منها سائر الروايات المحرفة. وبوسعنا اليوم أن نعد نص العهد الجديد نصا مثبتا إثباتا حسنا، وما من داع إلى إعادة النظر فيه إلا إذا عثر على وثائق جديدة] .[15]..
إن الإنسان لا يجاوز الحقيقة إذا قال تعقيبا على هذه الأقوال التي جاءت من مصادر مسيحية موثوقة: إن العهد الجديد الحالي هو عهد جديد مؤقت!
إنه معرض للتغيير والتبديل حسبما تأتي به الأيام!
الإعجاز الغيبي:
وإذا كان هذا هو ما آلت إليه آراء الذين أوتوا العلم من "أهل الكتاب" في كتابهم المقدس، فماذا قال القرآن منذ 14 قرنا؟
لقد قال في الذين استحفظوا كتاب الله ولم يراعوا أماناتهم وعهدهم:
{ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ}[المائدة: 13].
الحق إنها لمعجزة لمن لا يزال يطلب المعجزات سبيلا للإيمان بالله الواحد الأحد.
إن "المدخل إلى العهد الجديد"لم يجد كلمة غير "التحريف"يصف بها ما أصاب نصوصه التي بين أيدي الناس. وهو ما تبينه الصورة الزنكغرافية المنشورة في الصفحة التالية.
وبين القرآن أن منهم من كان يضيف إلى كلام الله وينقص منه ما شاء له هواه، ولقد رأينا ذلك رأي العين:
{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة:79].
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78].
ومنهم من كتب الكلام المقدس حسب ظنه، دون تثبت ويقين.
{وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: 28].
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }[البقرة: 78].
http://www.55a.net/firas/ar_photo/118427170554545.jpg
نسخة مخطوطة من الكتاب المقدس موجودة في أحد الأديرة في بريطانيا تعود إلى 1407ميلادية
بقلم اللواء أحمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى
نبدأ الحديث عن نصوص الكتاب المقدس بذكر قاعدة أصولية وضعها علماء الكتاب المقدس، الذين عكفوا على ترجمته إلى الفرنسية، وأخرجوا للناس ما يعرف باسم: الترجمة المسكونية للكتاب المقدس .[1]..ولقد جاءت هذه القاعدة عند الحديث على نص سفر أعال الرسل، إذ يقول نصها:
" ومن أراد أن يطالع مؤلفا قديما، وجب عليه أن يثبت نصه" .[2]..
نصوص العهد القديم:
تقول دائرة المعارف الأمريكية .[3]. "لم تصلنا أي نسخة بخط المؤلف الأصلي لكتب العهد القديم، أما النصوص التي بين أيدينا فقد نقلتها إلينا أجيال عديدة من الكتبة والنساخ.
ولدينا شواهد وفيرة تبين أن الكتبة قد غيروا بقصد أو بدون قصد في الوثائق والأسفار التي كان عملهم الرئيسي هو كتابتها أو نقلها.
وقد حدث التغيير بدون قصد حين أخطأوا في قراءة أو سمع بعض الكلمات، أو في هجائها، أو أخطأوا في التفريق بين ما يجب فصله من الكلمات وما يجب أن يكون تركيبا واحدا.
كذلك فإنهم كانوا ينسخون الكلمة أو السطر مرتين، وأحيانا ينسون كتابة كلمات، بل فقرات بأكلمها.
وأما تغييرهم في النص الأصلي عن قصد فقد مارسوه مع فقرات بأكملها حين كانوا يتصورون أنها مكتوبة خطأ في صورتها التي بين أيديهم.
كما كانوا يحذفون بعض الكلمات أو الفقرات، أو يزيدون على النص الأصلي فيضيفون فقرات توضيحية ..
وهكذا لا يوجد سبب يدعو للافتراض بأن وثائق العهد القديم لم تتعرض للأنواع العادية من الفساد النسخي، على الأقل في الفترة التي سبقت اعتبارها أسفارا مقدسة ...
لقد كتبت أسفار العهد القديم على طول الفترة من القرن الحادي عشر ق.م إلى القرن الأول ق.م وأخذ صورته النهائية في القرن الأول الميلادي ..
وعلى مدى القرون الطويلة التي كتبت فيها أسفار العهد القديم نجد أن نصوصه قد نسخت مرارا وأعيدت كتابتها باليد. ولقد حدثت أخطاء في عملية النسخ، وكان يحدث أحيانا أن بعض المواد التي كتبت على هامش النص تضاف إليه ...
ولقد أكد اكتشاف وثائق البحر الميت .عام 1947. ضرورة إدخال بعض التغييرات على النسخة العبرية الحديثة، في سفر أشعياء".
& & &
ويقول المدخل إلى العهد القديم .[4]. في ترجمة التوراة للكاثوليك تحت عنوان:
تشويه النص.[5].:
[لا شك أن هنالك عددا من النصوص المشوهة التي تفصل النص المسوري .العبري. الأول عن النص الأصلي. فمن المحتمل أن تقفز عين الناسخ من كلمة إلى كلمة تشبهها وترد بعد بضعة أسطر، مهملة كل ما يفصل بينهما.
ومن المحتمل أيضا أن تكون هناك أحرف كتبت كتابة رديئةفلا يحسن الناسخ قراءتها فيخلط بينها وبين غيرها.
وقد يدخل الناسخ في النص الذي ينقله، لكن في مكان خاطئ، تعليقا هامشيا يحتوي على قراءة مختلفة أو على شرح ما.
والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا، بإدخال تصحيحات لا هوتية، على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدو لهم معرضة لتفسير عقائدي خطير .[6]..
وأخيرا، فمن الممكن أن نكتشف ونصحح بعض النصوص المشوهة، باللجوء إلى صيغ النصوص غير المسورية، في حال كونها أمنت من التشوه ..
أية صيغة من النص نختار؟ وبعبارة أخرى، كيف الوصول إلى نص عبري يكون أقرب نص ممكن إلى الأصل؟
لم يتردد بعض النقاد في تصحيح النص المسوري، كلما لم يعجبهم، لاعتبار أدبي أو لاعتبار لاهوتي .[7]..وتقيد البعض الآخر، كرد فعل، بالنص المسوري، إلا إذا كان تشويهه واضحا، فحاولوا عندئذ أن يجدوا، بالرجوع إلى التراجم القديمة، قراءة فضلى.
هذه الطرق غير علمية، ولا سيما الأولى منها، فهي ذاتية إلى حد الخطر ..
لكن الحل العلمي الحقيقي يفرض علينا أن نعامل الكتاب المقدس كما نعامل جميع مؤلفات الحضارة القديمة .[8].أي نضع "شجرة النسب" لجميع ما نملكه من الشهود، بعد أن نكون قد درسنا بدقة فائقة مجمل القراءات المختلفة: النص المسوري، ومختلف نصوص .وادي. قمرا، والتوراة السامرين، والترجمات اليونانية السبعينية .مع مراجعاتها الثلاث المتعاقبة. وغير السبعينية، وترجمات الترجوم الآرامية، والترجمات السوريانية، والترجمات اللاتينية القديمة، وترجمة القديس ايرونيمس، والترجمات القبطية، والأرمنية ... إلخ.
وبهذه المقارنات كلها نستطيع أن نستعيد النموذج الأصلي الكامن في أساس جميع الشهود. وهذا النموذج الأصلي يرقى عادة إلى حوالي القرن الرابع قبل المسيح.
ولسوء الحظ، لم تنشر نصوص قمران كلها إلى اليوم، وهذا العمل النقدي يقتضي من الكفاءات والأبحاث ما يستغرق عشرات السنين] .[9]..
& & &
نصوص العهد الجديد:
إذا كانت دقة النصوص مطلوبة دائما باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه العقائد والأحكام المستقاة من كل كتاب مقدس، فإن تلك الدقة قد صارت في المسيحية من ألزم اللزوميات، نظرًا لتأثر مصادرها الأولى تأثرًا عميقاً بالفكر اليوناني وفلسفاته، وخاصة لفظ .اللوغس. ومدلولاته المتنوعة والغامضة.
يقول المدخل إلى العهد الجديد .[10]. في ترجمة الكاثوليك تحت عنوان:
بعض النظرات إلى العالم اليوناني الروماني:
[أخذ الناس، قبل العهد المسيحي بقليل، ينظرون إلى الأباطرة نظرتهم إلى كائنات إلهية، أبناء الله، بل آلهة.
وهذا التطور قد أثرت فيه تأثيرا كبيرا معتقدات الشعوب الشرقية، موافق لمنطق الأمور، فلما كانت الإمبراطورية واحدة، لزم أن تظهر العبادة أساسها الواحد. فضل طيباريوس وقلوديوس وسبسيانس أن يشجعوا عبادة الإمبراطور بعد موته فحسب، في حين أن قليغولا ونيرون ودوميطيانس تركوا الناس يعبدونهم في أثناء حياتهم. تلك بعض أهم صفات العالم الذي كان للمسيحيين الأولين أن يعيشوا فيه، والشهادة التي يعلنونها في إيمانهم هي أن المسيح هو وحده الرب وليس الإمبراطور، فله تجب الطاعة ولو تعرضوا لأن يخالفوا مخالفة صريحة الدين الذي يسود الحياة كلها في بيئتهم].
& & &
لقد تكلم المسيح وتلاميذه الآرامية، بينما جاءتنا أسفار العهد الجديد مكتوبة جميعها بالإغريقية على مخطوطات بالية تختلف نصوصها اختلافا كبيرا.
[ليس في هذه الكتب الخط .المخطوطات. كتاب واحد بخط المؤلف نفسه. وجميع أسفار العهد الجديد، من غير أن يستثنى واحد منها، كتب باليونانية.
وأقدم الكتب الخط، التي تحتوي معظم العهد الجديد أو نصه الكامل، كتابان مقدسان على الرق يعودان إلى القرن الرابع.
وأجلهما المجلد الفاتيكاني، سمى كذلك لأنه محفوظ في مكتبة الفاتيكان.
وهذا الكتاب الخط مجهول المصدر، وقد أصيب بأضرار لسوء الحظ، ولكنه يحتوي على العهد الجديد ما عدا: الرسالة إلى العبرانيين9/14 – 13/25، والرسالتين الأولى والثانية إلى طيموتاوس، والرسالة إلى طيطس، والرسالة إلى فليمون، والرؤيا .[11]..
والعهد الجديد كامل في الكتاب الخط الذي يقال له المجلد السينائي لأنه عثر عليه في دير القديسة كاترينا، لا بل أضيف إلى العهد الجديد: الرسالة إلى برنابا، وجزء من الراعي لهرمس. وهما مؤلفان لن يحفظا في قانون العهد الجديد في صيغته الأخيرة .[12]..
& & &
لقد أساء النساخ كثيرا إلى نصوص العهد الجديد وكان أكبر خطاياهم ما فعلته أيديهم من تغيير وتبديل.
[ إن نسخ العهد الجديد التي وصلتنا ليست كلها واحدة، بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثير جدا على كل حال ...
إن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بذل فيها من الجهد، بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه.
يضاف إلى ذلك بعض النساخ حاولوا أحيانا، عن حسن نية، أن يصوبوا ما جاء في مثالهم وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة، أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ.
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مرّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلا بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات ] .[13]..
ولقد تبين لعلماء المسيحية استحالة الوصول إلى النص الأصلي مهما بذلوا من مجهودات، ولم يبق، إذن، سوى صرخة حسرة تقول: يا سوء طالعنا!
[ المثال الأعلى الذي يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يمحص هذه الوثائق المختلفة لكي يقيم نصا يكون أقرب ما يكون من الأصل الأول.
ولا يرجى في حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه ..
كان الآباء لسوء طالعنا يستشهدون به في أغلب الأحيان عن ظهر قلبهم .من الذاكرة. ومن غير أن يراعوا الدقة مراعاة كبيرة، فلا يمكننا والحالة هذه الوثوق التام في ما ينقلون إلينا] .[14]..
لقد أصبح الحل الذي يراه آباء الكنيسة وعلماء المسيحية إزاء مشكلة النص، هو قبول الوضع الحالي بكل ما عليه من مآخذ، باعتباره أحسن ما استطاعت مجهوداتهم البشرية الوصول إليه.
على أن يستمر هذا الوضع مقبولا إلى الوقت الذي تظهر فيه وثائق جديدة تساعد على إعادة النظر فيه وتطويره ليكون أقرب ما يكون إلى ذلك الأصل المجهول، بعد تنقيته من التحريف الذي لحق به!
[ هدف أصحاب النقد الباطني أن يوضحوا بجلاء نوع التدخل الذي قام به الناسخ، والأسباب التي دعته إلى ذلك التدخل. فيسهل بعد ذلك الارتقاء إلى القراءة القديمة التي تفرعت منها سائر الروايات المحرفة. وبوسعنا اليوم أن نعد نص العهد الجديد نصا مثبتا إثباتا حسنا، وما من داع إلى إعادة النظر فيه إلا إذا عثر على وثائق جديدة] .[15]..
إن الإنسان لا يجاوز الحقيقة إذا قال تعقيبا على هذه الأقوال التي جاءت من مصادر مسيحية موثوقة: إن العهد الجديد الحالي هو عهد جديد مؤقت!
إنه معرض للتغيير والتبديل حسبما تأتي به الأيام!
الإعجاز الغيبي:
وإذا كان هذا هو ما آلت إليه آراء الذين أوتوا العلم من "أهل الكتاب" في كتابهم المقدس، فماذا قال القرآن منذ 14 قرنا؟
لقد قال في الذين استحفظوا كتاب الله ولم يراعوا أماناتهم وعهدهم:
{ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ}[المائدة: 13].
الحق إنها لمعجزة لمن لا يزال يطلب المعجزات سبيلا للإيمان بالله الواحد الأحد.
إن "المدخل إلى العهد الجديد"لم يجد كلمة غير "التحريف"يصف بها ما أصاب نصوصه التي بين أيدي الناس. وهو ما تبينه الصورة الزنكغرافية المنشورة في الصفحة التالية.
وبين القرآن أن منهم من كان يضيف إلى كلام الله وينقص منه ما شاء له هواه، ولقد رأينا ذلك رأي العين:
{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة:79].
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78].
ومنهم من كتب الكلام المقدس حسب ظنه، دون تثبت ويقين.
{وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: 28].
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }[البقرة: 78].