المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لتكوني أكثر فاعلية



Baby.Mona
05-27-2009, 04:18 PM
لتكوني أكثر فاعلية

سنبحر معاً أخيتي في رحلة البحث عن البوصلة الذاتية التي تُسيِّر حياتك، والتي تشكل الدافع الأكبر من وراء كل أفعالك وتصرفاتك، كخطوة أولى في طريق حيازة النجاح والفاعلية في هذه الحياة
الأنانية
كثير من الناس يجعل نفسه مركز اهتمامه الوحيد في هذه الدنيا؛ فيتمحور حول ذاته، ولا يهتم إلا بشخصه وبصحته وسعادته، ولا يصرف أي اهتمام لغيره إلا بمقدار ما يستفيد منه لذاته.
وهذا هو الإنسان الأناني، الذي يضع ذاته قبل أمته وأسرته وأصدقائه وأقرب الناس إليه، فهو يأخذ دائمًا ولا يعطي، وهذا الصنف من الناس فوق أنه يكسب كراهية كل من حوله، فإنه أيضًا لا يشعر أبدًا بسعادة حقيقية، فكثيرون لديهم فكرة خاطئة عن الشيء الذي يشكل السعادة الحقيقية، إن السعادة لا تتحقق عن طريق إشباع المرء لذاته أو إشباعه لرغباته، وإنما عن طريق إخلاصه لهدف قيم.
التوازن والاعتدال
أخيتي .. فرض الله عز وجل طاعة الزوج، فواجب عليك طاعته إلا في معصية الله، ولكن لا يصح أبدا أن تجعلي زوجك هو المركز الرئيسي لحياتك بحيث تتبعينه في كل شيء سواء كان طاعة أو معصية.
وما نرفضه هنا هو التبعية العمياء، والتي تتجاوز حد الاعتدال الذي وضعه الشرع الحنيف، فهو الذي يلزم كل طرف بواجبات، ويجعل له حقوق بإزائها، بما يحفظ لكل من الزوجين شخصيته السوية، فالمطلوب إذًا أن يؤدي كل طرف واجباته، ويأخذ حقوقه، ويهتم بالطرف الآخر كما أمرته الشريعة، ولا يجعل من شريكه صنمًا يتعبد له في محرابه.
كما أن الوقت الذي تقضينه مع عائلتك هو من أكثر الأوقات التي تشعرين فيها بالراحة والسعادة، وهو من باب أولى صلة رحمك، ولكن لا تصلح العائلة أن تشكل اهتمامنا الوحيد والرئيسي، فمن الجميل أن تجلسين معهم وتتحدثين إليهم وتهتمين بهم، ولكن لا يصلح أن يمتلكوا كل أوقاتك، بحيث تتنازلين عن بعض الأوليات لإرضائهم.
الاعتدال في الصداقات
ليس هناك ما هو أفضل من الانتماء إلى مجموعة كبيرة من الأصدقاء، وخاصة أن يد الله مع الجماعة، وليس هناك ما هو أسوأ من الشعور بالوحدة والانعزال، وإن الأصدقاء مهمون جدا ولا شك، ولكن لا يجب أبدًا أن يصبحوا مركزًا لحياتك، لماذا؟ لأنهم بشر تتقلب مشاعرهم، ولديهم تقلبات مزاجية ، ثم إنهم ينتقلون أحيانًا للعيش في مكان آخر.
و سوف يأتي اليوم الذي لا يكون فيه الأصدقاء هم أعظم الأشياء في حياتك، فهذه احدى الزهرات تقول: أثناء دراستي كانت لدي مجموعة هائلة من الصديقات، كنا نفعل كل شيء معًا، لقد أحببتهن كثيرًا، وشعرت بأننا سنظل صديقات إلى الأبد، وبعد التخرج من المدرسة والانتقال شعرت بالدهشة من ندرة عدد المرات التي أصبحنا نرى فيها بعضنا الآخر، إننا نعيش متباعدات، وتلتهم أوقاتنا علاقات وصديقات ووظائف وعائلات ومشاغل جديدة، وكمراهقة ما كنت أبدًا أستطيع أن أفهم ذلك.
فالشرع أباح لك اتخاذ الصديقات، بل جعل الصداقة في مقام عال إذا كانت في الله، فإن للمتحابين في الله منابر يوم القيامة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء، ويأتون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، ولكن كل هذا الثواب من أجل المنافع التي تأتي بها هذه العلاقة الإيمانية، حيث التعاون على البر والتقوى، ولكن ليست للأشخاص.
ولا تنسى أخيتي أن تحسني اختيار صديقاتك, وبما أن الصديقات ما هن إلا بشر عرضة للتغير والتقلب والانتقال، فلا يصلح أن تبني عليهن حياتك وتجعلي منهن مركز اهتمامك.
التركيز على الدراسة:
تركيز الحياة على الدراسة هو أمر شائع بين الشباب أكثر مما قد يظن البعض، إليك قصة تلك الفتاة التي تأسف على أن جعلت حياتها مركزة على الدراسة لفترة طويلة للغاية: [لقد كنت شديدة الطموح، وكانت حياتي مركزة تمامًا على المدرسة، لدرجة أنني لم أستمتع قط بسنوات شبابي، ولم يكن ذلك ضارًا لي فحسب، ولكنه كان نوعًا من الأنانية؛ لأن كل ما كنت أهتم به هو نفسي وإنجازاتي.
لقد كنت وأنا في أول متوسط أجتهد بشدة، وكأنني في سنة التخرج النهائية من الجامعة، كنت استيقظ مبكرة ولا أنام إلا قليلاً من الوقت، وكل ذلك بغرض الإنجاز، لقد شعرت أن مدرساتي وزميلاتي كن يتوقعن ذلك مني، حاول والداي أن يحرراني من هذا الالتزام القاسي، ولكن آمالي الشخصية كانت تتفق مع توقعات مدرساتي وزميلاتي .
وأنا الآن أدرك أنه كان باستطاعتي إنجاز ما أردته، بدون بذل هذا الجهد الفائق، وكان يمكنني أن أستمتع بوقت جيد في هذه الأثناء.
إن المراهقين الذين يركزون حياتهم على المدرسة غالبًا ما تسيطر عليهم فكرة تحقيق درجات ممتازة، لدرجة ينسون معها أن الغرض الأساسي من المدرسة هو التعلم، وليس حصد أعلى الدرجات، وكما أثبت آلاف المراهقين، يمكنك أن تؤدي بشكل رائع في المدرسة، وتحافظ- مع ذلك- على توازن صحيح جيد في الحياة عمومًا.
ونشكر الله على أن أهليتنا كبشر لا تقاس بالدرجات.
المبادئ .. لا تخفق أبدًا.
يقول المثل الصيني: [العقول الصغيرة تناقش الأشخاص، والعقول المتوسطة تناقش الأشياء، والعقول الكبيرة تناقش المبادئ]
إن الأمر الوحيد الذي يستحق أن يجعله الإنسان العظيم مركز اهتمامه الرئيس في هذه الحياة هو القيم والمبادئ القويمة، ذلك أن الذي يبني حياته على أساس القيم؛ إنما يبنيها على أساس متين، لا يمكن أن يتزعزع مهما تغيرت الظروف، حيث أن المبادئ القويمة لا تموت، فهي ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والأحوال، ولا تتبدد كالأموال.
ولذلك فإن الشخص صاحب المبادئ يعيش حياة آمنة مستقرة غير مهددة بالضياع والتذبذب، بخلاف من يعيش من أجل أشياء صغيرة، كالمال أو الزوجة أو الأسرة أو الذات، وغير ذلك من الأهداف المتغيرة بتغير الظروف والأحوال.
ولا شك أن المبادئ القويمة إنما تحض الإنسان على الاهتمام بنفسه وأسرته وعمله، ولكن دون تفريط أو إفراط، ودون الإخلال بالمبادئ التي تشكل الاهتمام الأول للإنسان الحكيم العاقل.
إن اهتمام الإنسان بالمبادئ القويمة يحرره من الخوف والقلق؛ لأنه يستند إلى قاعدة صلبه لا تتوفر لمن يقدس الثروة أو الزوجة أو العمل، إنها تعطيه قوة تنبع من إيمانه بذاته وقدراته، فهو يستطيع أن يبدأ دائمًا من جديد، حتى لو فقد عمله أو ماله، كما يستطيع أن يتقبل الصدمات بصبر وعزيمة لو فقد عزيزًا عليه؛ فلا يقتله الحزن أو يفقد الأمل في الحياة مهما صادفه من عقبات