expresso222
04-23-2008, 12:00 PM
اعداد الشيخ / جمال عبد الرحمن
http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF الحمد لله تعالى الذي خلقنا لعبادته، ورزقنا من فضله وخزائن رحمته، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته، وبعد:
استيقظتْ إحدى الأسر بعد انتظار ليلة كاملة للابن الشاب الغض على نبأ تحطم ذلك الابن تحت إطار إحدى السيارات المسرعة التي كانت محتجزة بسبب انغلاق الطريق بجمهرة من الناس كانت في صياح وضجيج وألعاب وممارسات يعبر بها المتجمهرون عن فرحهم بالسبق في إحدى اللعبات http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF
وما إن لاحت فرصة للسيارة المحتجزة التي كانت محملة بالفاكهة حتى انطلقت، وكان الشباب قد اعتلوها متسلقين ينهبون الفاكهة ويوزعون على الناس من فوق السيارة، دون احترام لأموال الناس وأملاكهم، فالجميع في فرح وليس هذا وقت التدقيق والتحقيق، فكله يهون، والناس في نشوتهم يفرحون وفي سكرتهم يعمهون.
فلما انطلقت السيارة مسرعة إذ وجدت أملاً في النجاة بما بقي من حمولتها، أحس الشباب أنها ستنأى بهم كثيرًا عن ميدان الصخب والعبث، فقفزوا مسرعين لينالوا ما قد قُدر لهم ما بين ميت تحت الإطار، وما بين مصابين في حالة خطيرة !!
وفي مشهد آخر بعيدًا عن هذا الحدث، إذا بصاحب دراجة نارية «موتوسيكل» تأخذه النشوة فيبالغ في العبث والقفز بدراجته، فتجمح منه جموحًا أودى بحياة الشاب ولم يكمل بقية الألعاب.
وهذه أمثلة لما رأينا، وما خفي كان أعظم.
والسؤال: ماذا نقول لربنا عز وجل إذا سألنا عن هذه الأرواح التي أُزهقت والأنفس التي هلكت، والأسر التي حزنت ؟ إن الفرح والحزن أمران فطريان خلقهما الله تعالى في الإنسان، بل وفي الحيوان، لكن الفرح إذا زاد عن حده ربما سبب لصاحبه الهوس وخفة العقل، والحزن إذا زاد عن حده أورث الكآبة واليأس، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عمل على ترشيد هذين الضدين فيقول صلى الله عليه وسلم : «أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما».
[صحيح الجامع ح178].
فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى التوسط والاعتدال ؛ لأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرح مع الأولاد الذي يؤدي إلى الكذب عليهم، فقد سمع أم عبد الله بن عامر تقول له: ها أعطيك. أي تعالَ لأعطيك، فقال لها صلى الله عليه وسلم : «ماذا أردت أن تعطيه؟» فقالت: أعطيه تمرًا، فقال: «أما إنكِ لو لم تعطيه كُتبت عليكِ كذبة».
[أخرجه أبو داود، وحسنه الألباني].
ولما رأى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه حزنوا من أجل أن ناقته التي لم تُسبق، سبقها أعرابي على قعود له، وجههم أن هذه الأمور الدنيوية لا مجال لتعظيمها والأسف عليها، فقال: «إن حقًا على الله تعالى ألا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه». [صحيح البخاري].
وفي هذا قال الحكماء: «ما طار طيرٌ وارتفع، إلا كما طار وقع».
إن التعصب ممقوت ومذموم، وإذا مات صاحبه عليه مات ميتة الجاهلية ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «ومن قاتل تحت راية عمية يدعو إلى عصبية أو بغض لعصبية فقتل قتلة جاهلية». [النسائي وصححه الألباني].
والسؤال الآخر: هل أخذت ميادين الجد في حياتنا الاهتمام الذي أخذته ميادين اللعب واللهو ؟ أم كما قال بعض المعاصرين: أخذوا قوانين الجد فوضعوها في ميادين اللعب، وتركوا ميادين الجد بغير قانون؟
وهل تأخذ مسابقات العلم الشرعي وحفظ القرآن والسنة من الاهتمام والرعاية والمكافآت والدعاية مثلما تأخذه مسابقات اللعب ؟ والجواب: لا.
ربما يقول قائل: نعم إننا نهتم بمسابقات القرآن ونعطي عليها الجوائز ونُعلن عنها في الصحف. وهذا صحيح، لكنه ليس بنفس الولاء لكتاب الله وحامليه، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحافظيه.
فمسابقات القرآن والسنة لم تنل عند الكثيرين من المكافآت والأموال إلا فتات الموائد!
إن الله تعالى كرم القارئ لكتابه بالحرف الواحد عشر حسنات، ولمن قرأ سورة «الكهف» يوم الجمعة بالنور يوم القيامة، ومن يقرأ القرآن وهو ماهر به بأن يكون مع السفرة الكرام البررة، وبأجرين لمن يقرؤه ويتعتع فيه وهو عليه شاق، وبصلاة الله وملائكته وأهل السماوات والأرض والنمل في جحره والحوت في بحره على معلم الناس الخير.
فهل إذا علم الناس هذا التكريم الرباني تحفزوا ولاءً لله وللمؤمنين، أن يعتنوا حقيقة بمن اعتنى الإسلام بهم.
والسؤال الثالث: ما الذي أوصل الأبناء أن يعرضوا حياتهم ومستقبلهم لهذه الأخطار من جراء عصبية لا تعود عليهم إلا بالدمار ؟
والجواب: إنهما الأبوان اللذان هما في الأصل على نفس السلوك الذي تربى عليه الابن.
وبافتراض سلامتهما من هذه الآفة لكنهما لم يجنبا ابنهما الإصابة بها، فتركوه يتلقى مبادئه وعلومه وآدابه وتربيته من القرناء والأصدقاء، فضلاً عن افتقاد الأسوة والهدي النبوي في تربية النشء: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الأحزاب: 21].
أثر القصة في تربية النشء
هناك فجوة عميقة، وهوة سحيقة بين الآباء والأبناء نتجت عن حياة معقدة مليئة بالواجبات والمتطلبات، والملهيات والمغريات، هذه الفجوة جعلت مِن الصعوبة بمكان، على الأب أن يتفرغ لمجالسة أبنائه ومحادثتهم ومناقشتهم، والتعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية فيهم، ومن ثَمَّ تلمس الداء والدواء، فضلاً عن القيام بالعملية التعليمية التربوية لهذا النشء التي هي تكليف من رب العباد، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُــوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [التحريم: 6].
والله تعالى جعل في كتابه مكانًا عظيمًا للقصص الذي به سلوى النفوس المبتلاة، وتثبيت الأفئدة على أمر الله، ففي القصص ذكرى وعبرة وتفكر، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFفَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الأعراف: 176]، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [يوسف: 111].
والقصة تحكي جسرًا يعبر عليه الطفل إلى ساحل بحر الأبوين وهي قارب النجاة الذي ينجون به من فتنة الأمواج المتلاطمة في خضم الحياة المعقدة في العصر العجيب.
ولذلك ينبغي للأبوين الحرص عليها لأنها تستحوذ على اهتمام الطفل وتُجمِّع تركيزه، فتتلخص أمامه الفكرة ويتجسد الهدف، خاصة كلما كانت القصة هادفة وأحداثها مثيرة.
فإذا كانت هكذا، فما أجمل أن تُبدأ باسم الله الرحمن الرحيم، أو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بدعاء في وقت تركيز الأبناء.
فإذا روعي في القصة سن الطفل وقدرته وإدراكه كانت الاستفادة على أعلى مستوى، خاصة إذا كانت القصة معايشة للواقع القريب من الطفل والمستوى الاجتماعي، ولا تكون خيالية تنقله من الحقيقة إلى الخيال، ومن الاستفادة إلى التسلية وتضييع الوقت، كما ينبغي أن يكون التركيز على خلق وسلوك يؤخذ من هذه القصة يستنبطه الأولاد وحدهم من خلال عرض الأحداث.
وحينئذ يمكن تثبيت المصطلحات الإيمانية الشرعية عندهم، من حلال وحرام، وخيانة وأمانة، وصدق وكذب، وجنة ونار، وسماوات وأرض، وظلم وعدل، وحب وبغض.
ولابد أن تنتهي القصة بسؤال الأطفال، لو كانوا مكان شخصيات هذه القصة سواءً الإيجابية منهم والسلبية فماذا كانوا سيصنعون ؟ وهل يرضون عن هذه أو هذه ؟ ويكون فائدة ذلك غرس المبادئ والأخلاق بينهم.
نماذج من الحكايات والقصص
كان الصحابة- رضوان الله تعالى عليهم- يعرفون قيمة تأثير القصة على سلوك أولادهم وتربيتهم نفسيًا واجتماعيًا وإيمانيًا وعباديًا، فكانوا يقصون عليهم أخبار مغازيهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه نعم القَصص ونعم السيرة ونعم السلوك والعطاء والبذل والفداء، فكان تأثير القصة على الأبناء تأثيرًا فعالاً إيجابيًا قولاً وعملاً.
فنشأ أبناؤهم جيلٌ فريدٌ ليست الدنيا ومظاهرها همه، إنما همه الآخرة، همه طاعة الله ورسوله.
جيل خلف من سبقه وهو يدعو الله له: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFرَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الحشر: 10].
جيل لا تُقبل نفسه على لعب وعصبية، أو تحت راية عمية وجاهلية، ولكن يبذل كل ما يملك ويستطيع "ولو كانت روحه التي بين جنبيه" سهلة رخيصة من أجل الله ودينه، فاللهم ألحقنا بهم على خير.
نساء لا يعرف العنف طريقًًا إلى حياتهن
1- قالت الربيع بنت معوذ: قلت لزوجي: أختلع منك بجميع ما أملك، قال: نعم، فدفعتُ إليه كل شيء إلا درعي (قميصي) فخاصمني (شكاني) إلى عثمان، فقال: له شَرْطُه، فدفعتُه إليه. وفي رواية عثمان: الشرط أمْلَكْ، فخذ كل شيء حتى عقاص رأسها (ضفائرها). وأصل العقيصة هي الشعر المضفور، والعقص هو اللُّي وإدخال أطراف الشعر في أصوله.
فلتحذر المسلمة حين تشترط، ولتعلم أن المسلمين على شروطهم، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
2- عن الشعبي قال: تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه أسماء بنت عميس رضي الله عنها، فتفاخر ابناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها علي: اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شابًا خيرًا من جعفر، ولا كهلاً خيرًا من أبي بكر، فقال لها: فما أبقيت لنا؟ [الإصابة 7/490].
رحم الله أسماء بنت عميس، فلقد كانت دائمًا صاحبة المواقف العظيمة، وهي في هذا الموقف النبيل الكريم، وفي وجود زوجها الثالث، علي بن أبي طالب، تضع كل زوج من أزواجها الذين توفوا عنها في موضع حسن، وتلقن أبناءها درسًا تربويًا بألا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد، وهذا غاية النبل في إنزال الناس منازلهم، والتعامل مع الناس بالرحمة دون عنف أو فظاظة.
وبهدوء ولطف تقربت المسلمة إلى الله بأحسن شيء
لما نذرت امرأة عمران ما في بطنها لخدمة المسجد، سألت ربها القبول، فلما وضعت ما في بطنها كان المولود أنثى، والأنثى ليست كالذكر في الخدمة والقيام ببعض الأعمال، فقالت: يا رب كنت أريدها ذكرًا ليقوم بالخدمة على وجه أكمل وأقوى من الأنثى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَىhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [آل عمران: 36]، فلما رأى الله تعالى منها الصدق والإخلاص في نذرها: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFفَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًاhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [آل عمران: 37].
فلتتقرب المسلمة إلى ربها بأحسن ما تستطيع في كل شيء، ولتكن ذات قوة وعزيمة وإتقان في عملها، والله تعالى يقول: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFخُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [البقرة: 63]،
ويقول: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الزمر: 55].
ومن الرفق واجتناب العنف: الوفاء
عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية أم الدرداء، رضي الله عنهما، فأبت أن تتزوجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «المرأة في آخر أزواجها». أو قال: «لآخر أزواجها»، أو كما قال، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً. [صفوة الصفوة 4/297).
فهذه المؤمنة الفاضلة أم الدرداء رضي الله عنهما بلغ بها الإحسان والوفاء لزوجها المُتوفى أبي الدرداء رضي الله عنه أن ترفض الزواج بأحد بعده، ولو كان أميرًا على المسلمين، لِما رأته من إحسان زوجها أبي الدرداء إليها إحسانًا جعلها لا تفكر في الزواج بعده، وتنتظر لقاءه في الجنة، فاللهم ارزقنا وإياها الجنة. وهذه بلا شك رسالة إحسان، عسى أن يفهمها أزواج هذا الزمان !!
http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF الحمد لله تعالى الذي خلقنا لعبادته، ورزقنا من فضله وخزائن رحمته، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته، وبعد:
استيقظتْ إحدى الأسر بعد انتظار ليلة كاملة للابن الشاب الغض على نبأ تحطم ذلك الابن تحت إطار إحدى السيارات المسرعة التي كانت محتجزة بسبب انغلاق الطريق بجمهرة من الناس كانت في صياح وضجيج وألعاب وممارسات يعبر بها المتجمهرون عن فرحهم بالسبق في إحدى اللعبات http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF
وما إن لاحت فرصة للسيارة المحتجزة التي كانت محملة بالفاكهة حتى انطلقت، وكان الشباب قد اعتلوها متسلقين ينهبون الفاكهة ويوزعون على الناس من فوق السيارة، دون احترام لأموال الناس وأملاكهم، فالجميع في فرح وليس هذا وقت التدقيق والتحقيق، فكله يهون، والناس في نشوتهم يفرحون وفي سكرتهم يعمهون.
فلما انطلقت السيارة مسرعة إذ وجدت أملاً في النجاة بما بقي من حمولتها، أحس الشباب أنها ستنأى بهم كثيرًا عن ميدان الصخب والعبث، فقفزوا مسرعين لينالوا ما قد قُدر لهم ما بين ميت تحت الإطار، وما بين مصابين في حالة خطيرة !!
وفي مشهد آخر بعيدًا عن هذا الحدث، إذا بصاحب دراجة نارية «موتوسيكل» تأخذه النشوة فيبالغ في العبث والقفز بدراجته، فتجمح منه جموحًا أودى بحياة الشاب ولم يكمل بقية الألعاب.
وهذه أمثلة لما رأينا، وما خفي كان أعظم.
والسؤال: ماذا نقول لربنا عز وجل إذا سألنا عن هذه الأرواح التي أُزهقت والأنفس التي هلكت، والأسر التي حزنت ؟ إن الفرح والحزن أمران فطريان خلقهما الله تعالى في الإنسان، بل وفي الحيوان، لكن الفرح إذا زاد عن حده ربما سبب لصاحبه الهوس وخفة العقل، والحزن إذا زاد عن حده أورث الكآبة واليأس، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عمل على ترشيد هذين الضدين فيقول صلى الله عليه وسلم : «أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما».
[صحيح الجامع ح178].
فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى التوسط والاعتدال ؛ لأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرح مع الأولاد الذي يؤدي إلى الكذب عليهم، فقد سمع أم عبد الله بن عامر تقول له: ها أعطيك. أي تعالَ لأعطيك، فقال لها صلى الله عليه وسلم : «ماذا أردت أن تعطيه؟» فقالت: أعطيه تمرًا، فقال: «أما إنكِ لو لم تعطيه كُتبت عليكِ كذبة».
[أخرجه أبو داود، وحسنه الألباني].
ولما رأى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه حزنوا من أجل أن ناقته التي لم تُسبق، سبقها أعرابي على قعود له، وجههم أن هذه الأمور الدنيوية لا مجال لتعظيمها والأسف عليها، فقال: «إن حقًا على الله تعالى ألا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه». [صحيح البخاري].
وفي هذا قال الحكماء: «ما طار طيرٌ وارتفع، إلا كما طار وقع».
إن التعصب ممقوت ومذموم، وإذا مات صاحبه عليه مات ميتة الجاهلية ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «ومن قاتل تحت راية عمية يدعو إلى عصبية أو بغض لعصبية فقتل قتلة جاهلية». [النسائي وصححه الألباني].
والسؤال الآخر: هل أخذت ميادين الجد في حياتنا الاهتمام الذي أخذته ميادين اللعب واللهو ؟ أم كما قال بعض المعاصرين: أخذوا قوانين الجد فوضعوها في ميادين اللعب، وتركوا ميادين الجد بغير قانون؟
وهل تأخذ مسابقات العلم الشرعي وحفظ القرآن والسنة من الاهتمام والرعاية والمكافآت والدعاية مثلما تأخذه مسابقات اللعب ؟ والجواب: لا.
ربما يقول قائل: نعم إننا نهتم بمسابقات القرآن ونعطي عليها الجوائز ونُعلن عنها في الصحف. وهذا صحيح، لكنه ليس بنفس الولاء لكتاب الله وحامليه، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحافظيه.
فمسابقات القرآن والسنة لم تنل عند الكثيرين من المكافآت والأموال إلا فتات الموائد!
إن الله تعالى كرم القارئ لكتابه بالحرف الواحد عشر حسنات، ولمن قرأ سورة «الكهف» يوم الجمعة بالنور يوم القيامة، ومن يقرأ القرآن وهو ماهر به بأن يكون مع السفرة الكرام البررة، وبأجرين لمن يقرؤه ويتعتع فيه وهو عليه شاق، وبصلاة الله وملائكته وأهل السماوات والأرض والنمل في جحره والحوت في بحره على معلم الناس الخير.
فهل إذا علم الناس هذا التكريم الرباني تحفزوا ولاءً لله وللمؤمنين، أن يعتنوا حقيقة بمن اعتنى الإسلام بهم.
والسؤال الثالث: ما الذي أوصل الأبناء أن يعرضوا حياتهم ومستقبلهم لهذه الأخطار من جراء عصبية لا تعود عليهم إلا بالدمار ؟
والجواب: إنهما الأبوان اللذان هما في الأصل على نفس السلوك الذي تربى عليه الابن.
وبافتراض سلامتهما من هذه الآفة لكنهما لم يجنبا ابنهما الإصابة بها، فتركوه يتلقى مبادئه وعلومه وآدابه وتربيته من القرناء والأصدقاء، فضلاً عن افتقاد الأسوة والهدي النبوي في تربية النشء: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الأحزاب: 21].
أثر القصة في تربية النشء
هناك فجوة عميقة، وهوة سحيقة بين الآباء والأبناء نتجت عن حياة معقدة مليئة بالواجبات والمتطلبات، والملهيات والمغريات، هذه الفجوة جعلت مِن الصعوبة بمكان، على الأب أن يتفرغ لمجالسة أبنائه ومحادثتهم ومناقشتهم، والتعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية فيهم، ومن ثَمَّ تلمس الداء والدواء، فضلاً عن القيام بالعملية التعليمية التربوية لهذا النشء التي هي تكليف من رب العباد، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُــوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [التحريم: 6].
والله تعالى جعل في كتابه مكانًا عظيمًا للقصص الذي به سلوى النفوس المبتلاة، وتثبيت الأفئدة على أمر الله، ففي القصص ذكرى وعبرة وتفكر، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFفَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الأعراف: 176]، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [يوسف: 111].
والقصة تحكي جسرًا يعبر عليه الطفل إلى ساحل بحر الأبوين وهي قارب النجاة الذي ينجون به من فتنة الأمواج المتلاطمة في خضم الحياة المعقدة في العصر العجيب.
ولذلك ينبغي للأبوين الحرص عليها لأنها تستحوذ على اهتمام الطفل وتُجمِّع تركيزه، فتتلخص أمامه الفكرة ويتجسد الهدف، خاصة كلما كانت القصة هادفة وأحداثها مثيرة.
فإذا كانت هكذا، فما أجمل أن تُبدأ باسم الله الرحمن الرحيم، أو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بدعاء في وقت تركيز الأبناء.
فإذا روعي في القصة سن الطفل وقدرته وإدراكه كانت الاستفادة على أعلى مستوى، خاصة إذا كانت القصة معايشة للواقع القريب من الطفل والمستوى الاجتماعي، ولا تكون خيالية تنقله من الحقيقة إلى الخيال، ومن الاستفادة إلى التسلية وتضييع الوقت، كما ينبغي أن يكون التركيز على خلق وسلوك يؤخذ من هذه القصة يستنبطه الأولاد وحدهم من خلال عرض الأحداث.
وحينئذ يمكن تثبيت المصطلحات الإيمانية الشرعية عندهم، من حلال وحرام، وخيانة وأمانة، وصدق وكذب، وجنة ونار، وسماوات وأرض، وظلم وعدل، وحب وبغض.
ولابد أن تنتهي القصة بسؤال الأطفال، لو كانوا مكان شخصيات هذه القصة سواءً الإيجابية منهم والسلبية فماذا كانوا سيصنعون ؟ وهل يرضون عن هذه أو هذه ؟ ويكون فائدة ذلك غرس المبادئ والأخلاق بينهم.
نماذج من الحكايات والقصص
كان الصحابة- رضوان الله تعالى عليهم- يعرفون قيمة تأثير القصة على سلوك أولادهم وتربيتهم نفسيًا واجتماعيًا وإيمانيًا وعباديًا، فكانوا يقصون عليهم أخبار مغازيهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه نعم القَصص ونعم السيرة ونعم السلوك والعطاء والبذل والفداء، فكان تأثير القصة على الأبناء تأثيرًا فعالاً إيجابيًا قولاً وعملاً.
فنشأ أبناؤهم جيلٌ فريدٌ ليست الدنيا ومظاهرها همه، إنما همه الآخرة، همه طاعة الله ورسوله.
جيل خلف من سبقه وهو يدعو الله له: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFرَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الحشر: 10].
جيل لا تُقبل نفسه على لعب وعصبية، أو تحت راية عمية وجاهلية، ولكن يبذل كل ما يملك ويستطيع "ولو كانت روحه التي بين جنبيه" سهلة رخيصة من أجل الله ودينه، فاللهم ألحقنا بهم على خير.
نساء لا يعرف العنف طريقًًا إلى حياتهن
1- قالت الربيع بنت معوذ: قلت لزوجي: أختلع منك بجميع ما أملك، قال: نعم، فدفعتُ إليه كل شيء إلا درعي (قميصي) فخاصمني (شكاني) إلى عثمان، فقال: له شَرْطُه، فدفعتُه إليه. وفي رواية عثمان: الشرط أمْلَكْ، فخذ كل شيء حتى عقاص رأسها (ضفائرها). وأصل العقيصة هي الشعر المضفور، والعقص هو اللُّي وإدخال أطراف الشعر في أصوله.
فلتحذر المسلمة حين تشترط، ولتعلم أن المسلمين على شروطهم، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
2- عن الشعبي قال: تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه أسماء بنت عميس رضي الله عنها، فتفاخر ابناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها علي: اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شابًا خيرًا من جعفر، ولا كهلاً خيرًا من أبي بكر، فقال لها: فما أبقيت لنا؟ [الإصابة 7/490].
رحم الله أسماء بنت عميس، فلقد كانت دائمًا صاحبة المواقف العظيمة، وهي في هذا الموقف النبيل الكريم، وفي وجود زوجها الثالث، علي بن أبي طالب، تضع كل زوج من أزواجها الذين توفوا عنها في موضع حسن، وتلقن أبناءها درسًا تربويًا بألا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد، وهذا غاية النبل في إنزال الناس منازلهم، والتعامل مع الناس بالرحمة دون عنف أو فظاظة.
وبهدوء ولطف تقربت المسلمة إلى الله بأحسن شيء
لما نذرت امرأة عمران ما في بطنها لخدمة المسجد، سألت ربها القبول، فلما وضعت ما في بطنها كان المولود أنثى، والأنثى ليست كالذكر في الخدمة والقيام ببعض الأعمال، فقالت: يا رب كنت أريدها ذكرًا ليقوم بالخدمة على وجه أكمل وأقوى من الأنثى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَىhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [آل عمران: 36]، فلما رأى الله تعالى منها الصدق والإخلاص في نذرها: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFفَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًاhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [آل عمران: 37].
فلتتقرب المسلمة إلى ربها بأحسن ما تستطيع في كل شيء، ولتكن ذات قوة وعزيمة وإتقان في عملها، والله تعالى يقول: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFخُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [البقرة: 63]،
ويقول: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الزمر: 55].
ومن الرفق واجتناب العنف: الوفاء
عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية أم الدرداء، رضي الله عنهما، فأبت أن تتزوجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «المرأة في آخر أزواجها». أو قال: «لآخر أزواجها»، أو كما قال، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً. [صفوة الصفوة 4/297).
فهذه المؤمنة الفاضلة أم الدرداء رضي الله عنهما بلغ بها الإحسان والوفاء لزوجها المُتوفى أبي الدرداء رضي الله عنه أن ترفض الزواج بأحد بعده، ولو كان أميرًا على المسلمين، لِما رأته من إحسان زوجها أبي الدرداء إليها إحسانًا جعلها لا تفكر في الزواج بعده، وتنتظر لقاءه في الجنة، فاللهم ارزقنا وإياها الجنة. وهذه بلا شك رسالة إحسان، عسى أن يفهمها أزواج هذا الزمان !!