المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب تخلف مجتمعاتنا



شمس الليل
04-22-2008, 04:42 PM
تعيش مجتمعاتنا تخلفا. وكثير منا لا يدرك أن مجتمعه متخلف والكل لا يعلم أسباب التخلف.تحت هذا العنوان أنقل مقطع من موضوع عن التنمية والتخلف لهناء السالم.أحببت أن يطلع عليه إخواننا في شبكة العراق الثقافية.
..... أوجدوا بعض المقاييس لقياس التخلف فعرفوا التخلف من خلال دلالاته. فاعتبروا الفقر من دلالات التخلف، واعتمدوا قياس الحالة الصحية أو التعليم، ولقي التعريف انتقادات، ففضلا عن الشك في مدى مصداقية تلك المقاييس، قد تكون النتائج مضللة، وليس هي دليلا على مدى تخلف المجتمع، كما أن الدخل ليس دليلا على مدى تقدم المجتمع، حيث يجب أن يؤخذ كل شئ بعين الإعتبار، الفساد الاخلاقي، كثرة الجرائم، وغيرها. فلا يمكن معرفة التقدم أو التخلف من منظور واحد.
وقد كان الإهتمام منصبا على اعتبار الجانب الإقتصادي هو المؤشر للتخلف أو التقدم، فالتقدم له علاقة بأدوات الإنتاج ومستواها، وإذا كان مستوى أدوات الإنتاج متقدما، في مجتمع ما تحول إلى مجتمع صناعي. وهو دليل على التقدم حسب زعمهم، وهناك فشل في تطبيق علم اجتماع البلدان المتقدمة، لأنه يسبب التقدم في المجال المادي لا غيره، وليس كثرة العمران المؤشر الوحيد على تقدم المجتمعات.
في بلادنا هناك مؤشرات للتخلف نلمسها في حياتنا ولكن ليس من السهل معرفة المشكلة الحقيقية. فمجتمعاتنا التقليدية، فيها أعراض مرض التخلف واضحة. ولكن ما أسباب ذلك التخلف؟
هناك محكات للتخلف في المجتمعات التقليدية وهي:
1. تحكم العادات والتقاليد في السلوك، والإلتزام بها أكثر من الشرع والقانون.
2. الرتابة الجامدة في النظام الإجتماعي، لتقيده بقيود روتينية.
3. انتقال السلوك من جيل إلى جيل بشكل جامد.
4. توارث المكانة الإجتماعية.
5. انخفاض الإنتاجية، لغياب أهمية الوقت.

إلى هنا انتهى المقطع المنقول نصا من الموضوع لهناء السالم ، وأحببت أن أعلق على النقاط المدرجة كأسباب للتخلف لأنها تستحق التأمل. فعن النقطة الأولى تعوّد الطفل أن يسمع من أبويه وأسرته كأول وحدة اجتماعية يفتح عينيه عليها، تعود أن سيمع كلمة العيب والحرام ولايمكنه التمييز بينهما. والمعروف عن الطفل لا يدرك المجاملة ويعتبرها ضربا من ضروب الكذب، ولذلك يتصرف بواقعية مع الآخرين. فينهال عليه العقاب أمام الضيوف والآخرين عندما يخالف تقليدا أو عرفا معينا.
وأما النقطة الثانية فتكاد تسير الحياة من حولنا دون أن يكون لعقلنا دور في الأمور. وتجري الأمور على الجميع بشكلها الروتيني. ومن يناقش أو يعترض فالويل له. وحتى الأوساط الدينية لو خالف مجتهدا المشهور عند الفقهاء كفّروه وأخرجوه من الملة، والحديث يقول إن أخطأ له حسنة وإن أصاب له حسنتان.ولم يدعنا المجتمع حتى أن نسمع لرأي المجتهد الآخر، أذكر مرة كنت أتساءل عن مسألة لفقيه يعارض فيها المشهور، وكان ذلك أمام حشد من نسوة في وقت إلتقينا فيه ذلك الفقيه خلال موسم الحج، وقبل أن يجيبني الفقيه سمعت صيحة واحدة من الحاضرات يصحن محتجّات على طرح السؤال، ولكنه أجابني بم أزال عني كل الغموض واللبس حول الموضوع. إن العقول المغلقة لا يدخلها نور ولا تسمح بدخول النور لعقول الآخرين.
وما انتقال السلوك من جيل إلى جيل إلا تعبير عن هذا التحجر والإنغلاق، وتشبه مجتمعاتنا الحياة الإجتماعية للحيوانات كالنمل والنحل لا يمكنها أن تغير أدوارها لأنها تسير كما شاء الله لها جيلا بعد جيل.
ومن منا لا يسمع قولهم السيد الفلاني. وفلان من عائلة كذا. والتمجيد لا يكون باستحقاق بل بالوراثة. وقد يحمل شخص لقب معين وهو أهل للـتمجيد ورمز من رموز المجتمع، وهذا لا عيب فيه أما العيب أن يمجد الناس كل من يحمل ذلك اللقب ويعتبره رمزا بغير استحقاق. لقد اصطبغت ثقافتنا بهذا الوباء، وبات من الفولكلور العراقي باللهجة العراقية ( جانه العيد وانعيد، وانبوس ايدين السيد).
وأما عن الوقت وأهميته فلا اعتبار لذلك في تقافتنا، حتى أصبح من المعروف بين أوساط الجالية العراقية المقيمة في السويد على سبيل المثال إذا اتفق إثنان على موعد يسأل أحدهما اللآخر موعد سويدي لو عراقي؟ ولم يقتصر عدم الإهتمام بالوقت على بلد واحد بل هذا ما تميزت به تقافاتنا العربية والإسلامية على الرغم من حرص الإسلام على الوقت وعدم إضاعته والوفاء بالوعد. نسأل الله أن تتفتح العقول لهذه الأجيال ولا يمضي عليها ما مضى على الأجيال السابقة لتغيير الإنحرافات في ثقافتنا التي ابتعدت كثيرا عن الحق.