المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح رياض الصالحين ( باب المجاهدة )



maghfera
03-28-2009, 02:07 PM
غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه ، عن قتال
109 - الخامس عشر : عن أنس رضي الله عنه ، قال : غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه ، عن قتال بدر ، فقال : يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين ، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال : اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ ، فقال : يا سعد بن معاذ الجنة ورب الكعبة ، إني أجد ريحها من دون أحد . قال سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع ! قال أنس : فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف ، أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم ، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه . قال أنس : كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)إلى آخره . متفق عليه . قوله : ليرين الله روى بضم الياء وكسر الراء ، أي ليظهرن الله ذلك للناس ، وروى بفتحهما ، ومعناه ظاهر ، والله أعلم .
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن عمه أنس بن النضر رضي الله عنه ، أن أنساً لم يكن مع الرسول صلى الله عليه وسلم - يعني أنس بن النضر - في بدر ، وذلك لأن غزوة بدر خرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يريد القتال ، وإنما يريد عير قريش وليس معه إلا ثلاثمائة وبضع عشر رجلاً ، معهم سبعون بعيراً وفرسان يتعاقبون عليها ، وقد تخلف عنها كثير من الصحابة لأنها ليست غزوة ، ولم يدع إليها أحد وإنما خرج إليها الخفاف من الناس . قال أنس بن النضر للنبي عليه الصلاة والسلام يبين له أن لم يكن معه في أول قتال قاتل فيه المشركين ، وقال : لئن أدركت قتالاً لأرين الله ما أصنع . فلما كانت أحد ، وهي بعد غزوة بدر بسنة وشهر ، خرج الناس وقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وصارت الدائرة في أول النهار للمسلمين ، ولكن لما تخلف الرماة عن الموقع الذي جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم فيه ونزلوا من الجبل ، كر فرسان المشركين على المسلمين من خلفهم ، واختلفوا بهم ، وانكشف المسلمون ، وصارت الهزيمة لما انكشف المسلمون ، تقدم أنس بن النضر رضي الله عنه وقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء ، يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين . ثم تقدم رضي الله عنه فاستقبله سعد بن معاذ فسأله إلى أين ؟ قال : يا سعد إني لأجد ريح الجنة دون أحد ، وهذا وجدان حقيقي ليس تخيلاً أو توهماً ولكن من كرامة الله ، هذا الرجل شم رائحة الجنة قبل أن يستشهد رضي الله عنه من أجل أن يقدم ولا يحجم فتقدم فقاتل فقتل رضي الله عنه . استشهد ووجد فيه بضع وثمانون ، ما بين ضربة بسيف أو برمح أو بسهم ، حتى إنه قد تمزق جلده ، فلم يعرفه أحد إلا أخته ، ولم تعرفه إلا ببنانه رضي الله عنه . فكان المسلمون يرون أن الله قد أنزل فيه هذه الآية من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ، ولا شك أن هذا وأمثاله رضي الله عنهم يدخلون دخولاً أولياً في هذه الآية ، فإنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، حيث قال أنس : والله ليرين الله ما أصنع ففعل ، فصنع صنعاً لا يصنعه أحد إلا من من الله عليه بمثله حتى استشهد . ففي هذا الحديث : دليل شاهد للباب ، وهو مجاهدة الإنسان نفسه على طاعة الله ، فإن أنس بن النضر جاهد نفسه هذا الجهاد العظيم ، حتى تقدم يقاتل أعداء الله بعد أن انكشف المسلمون وصارت الهزيمة حتى قتل شهيداً رضي الله عنه .