maghfera
03-28-2009, 01:48 PM
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل
100 - السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير . احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله ، وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان رواه مسلم .
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . المؤمن القوي : يعني في إيمانه وليس المراد القوي في بدنه ، لأن قوة البدن ضرراً على الإنسان إذا استعمل هذه القوة في معصية الله ، فقوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها ، إن كان الإنسان استعمل هذه القوة فيما ينفع في الدنيا والآخرة صارت محمودة ، وإن استعان بهذه القوة على معصية الله صارت مذمومة . لكن القوة في قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي أي قوي الإيمان ، ولأن كلمة القوي تعود إلى الوصف السابق وهو الإيمان ، كما تقول الرجل القوي : أي في رجولته ، كذلك المؤمن القوي يعني في إيمانه ، لأن المؤمن القوي في إيمانه تحمله قوة إيمانه على أن يقوم بما أوجب الله عليه ، وعلى أن يزيد من النوافل ما شاء الله ، والضعيف الإيمان يكون إيمانه ضعيفاً لا يحمله على فعل الواجبات وترك المحرمات فيقصر كثيراً . وقوله : خير يعني خير من المؤمن الضعيف ، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : وفي كل خير يعني المؤمن القوي ، والمؤمن الضعيف كل منهما فيه خير ، وإنما قال وفي كل خير لئلا يتوهم أحد من الناس أن المؤمن الضعيف لا خير فيه ، بل المؤمن الضعيف فيه خير ، فهو خير من الكافر لاشك . وهذا الأسلوب يسميه البلاغيون الاحتراز ، وهو أن تكلم الإنسان كلاماً يوهم معنى لا يقصده ، فيأتي بجملة تبين أنه يقصد المعنى المعين ، ومثال ذلك في القرآن قوله تبارك وتعالى : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ، لما كان قوله http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)وهم أن الآخرين ليس لهم حظ من هذا ، قال : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) كلا وعد الله الحسنى http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). ومن ذلك قوله تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، لما كان هذا يوهم أن داود عنده نقص ، قال تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وكلا آتينا حكماً وعلماً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). ومن ذلك قوله تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : وفي كل خير أي المؤمن القوي والمؤمن الضعيف ، لكن القوي خير وأحب إلى الله ، ثم قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك هذه وصية من الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أمته ، وهي وصية جامعة مانعة احرص على ما ينفعك يعني اجتهد في تحصيله ومباشرته ، وضد الذي ينفع الذي فيه ضرر ، وما لا نفع فيه ولا ضرر ، وذلك لأن الأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم ينفع الإنسان ، وقسم يضره ، وقسم لا ينفع ولا يضر . فالإنسان العاقل الذي يقبل وصية النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحرص على ما ينفعه ، وما أكثر الذين يضيعون أوقاتهم اليوم في غير فائدة ، بل في مضرة على أنفسهم وعلى دينهم ، وعلى هذا فيجدر بنا أن نقول لمثل هؤلاء : إنكم لم تعملوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، إما جهلاً منكم وإما تهاوناً ، لكن المؤمن العاقل الحازم هو الذي يقبل هذه النصيحة ، ويحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه . وهذا الحديث عظيم ينبغي للإنسان أن يجعله نبراساً له في عمله الديني والدنيوي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : احرص على ما ينفعك وهذه الكلمة جامعة عامة على ما ينفعك أي على كل شيء ينفعك سواء في الدين أو في الدنيا ، فإذا تعارضت منفعة الدين ومنفعة الدنيا ، فإنها تقدم منفعة الدين لأن الدين إذا صلح صلحت الدنيا ، أما الدنيا إذا صلحت مع فساد الدين فإنها تفسد . فقوله على ما ينفعك يشمل منافع الدين والدنيا وعند التعارض تقدم منافع الدين على منافع الدنيا ، وفي قوله احرص على ما ينفعك إشارة على أنه إذا تعارض منفعتان إحداهما أعلى من الأخرى ، فإننا نقدم المنفعة العليا لأن المنفعة العليا فيها المنفعة التي دونها وزيادة ، فتدخل في قوله احرص على ما ينفعك . فإذا اجتمع صلة أخ وصلة عم كلاهما سواء في الحاجة ، وأنت لا يمكنك أن تصل الرجلين جميعاً ، فهنا تقدم صلة الأخ لأنها أفضل وأنفع ، وكذلك أيضاً بين مسجدين كلاهما في البعد سواء لكن أحدهما أكثر جماعة فإننا نقدم الأكثر جماعة لأنه الأفضل ، فقوله على ما ينفعك يشير إلى أنه إذا اجتمعت منفعتان إحداهما أعلى من الأخرى فإنها تقدم الأعلى . وبالعكس إذا كان الإنسان لابد أن يرتكب منهياً عنه من أمرين منهي عنهما وكان أحدهما أشد ، فإنه يرتكب الأحق ، فالمنهي يقدم الأخف منها ، والأوامر يقدم الأعلى منها . وقوله عليه الصلاة والسلام واستعن بالله ما أروع هذه الكلمة بعد قوله احرص على ما ينفعك لأن الإنسان إذا كان عاقلاً ذكياً فإنه يتتبع المنافع ويأخذ بالأنفع ، وربما تغره نفسه حتى يعتمد على نفسه وينسى الاستعانة بالله ، وهذا يقع لكثير من الناس ، حيث يعجب بنفسه ولا يذكر الله عز وجل ويستعين به فإذا رأى من نفسه قوة على الأعمال وحرصاً على النافع وفعلاً له ، أعجب بنفسه ونسى الاستعانة بالله ، ولهذا قال : احرص على ما ينفعك واستعن بالله أي لا تنس الاستعانة بالله ولو على الشيء اليسير . وفي الحديث : ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شعث نعله إذا انقطع يعني حتى الشيء اليسير لا تنس الله ، حتى ولو أردت أن تتوضأ أو تصلي أو تذهب يميناً أو شمالاً أو تضع شيئاً فاستحضر أنك مستعين بالله عز وجل ، وأنه لولا عون الله ما حصل لك هذا الشيء . ثم قال ولا تعجز يعني استمر في العمل ولا تعجز وتتأخر ، وتقول إن المدى طويل والشغل كثير ، فما دمت قد صممت في أول الأمر أن هذا هو الأنفع لك واستعنت بالله وشرعت فيه فلا تعجز . وهذا الحديث في الحقيقة يحتاج إلى مجلدات يتكلم عليه فيها الإنسان ، لأن له من الصور والمسائل ما لا يحصى . منها مثلاً : طالب العلم الذي يشرع في كتاب يرى أنه منفعة وفيه مصلحة له ، ثم بعد أسبوع أو شهر يمل ، وينتقل إلى كتاب آخر ، هذا نقول استعان بالله وحرص على ما نفعه ولكنه عجز ، كيف عجز ؟ بكونه لم يستمر ، لأن معنى قوله لا تعجز أي لا تترك العمل ، بل مادمت دخلت فيه على أنه نافع فاستمر فيه . ولذا تجد هذا الرجل مضى عليه الوقت ولم يحصل شيئاً ، لأنه أحياناً يقرأ في هذا وأحياناً في هذا . حتى في المسألة الجزئية تجد بعض طلبة العلم مثلاً أن يراجع مسألة من المسائل في كتاب ، ثم يتصفح الكتاب يبحث عن هذه المسألة ، فيعرض له أثناء تصفح الكتاب مسألة أخرى يقف عندها ، ثم مسألة ثانية فيقف عندها ، ثم ثالثة فيقف ، ثم يضيع الأصل الذي فتح الكتاب من أجله فيضيع عليه الوقت ، وهذا ما يقع كثيراً في مثل فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهذا ليس بصحيح بل الصحيح أن تنظر الأصل الذي فتحت الكتاب من أجله . كذلك أيضاً في تراجم الصحابة في الإصابة مثلاً لابن حجر - رحمه الله - حين يبحث الطالب عن ترجمة صحابي من الصحابة ، ثم يفتح الكتاب من أجل أن يصل إلى ترجمته ، فتعرض له ترجمة صحابي آخر فيقف عندها ويقرأها ، ثم يفتح الكتاب يجد صحابي آخر ، ثم هكذا يضيع عليه الوقت ولا يحصل الترجمة التي من أجلها فتح عليها الكتاب ، وهذا فيه ضياع للوقت . ولهذا كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبدأ بالأهم الذي تحرك من أجله ، ولذلك لما دعا عتبان بن مالك الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : أريد أن تأتي لتصلي في بيتي لأتخذ من المكان الذي صليت فيه مصلى لي فخرج النبي عليه الصلاة والسلام ومعه نفر من أصحابه ، فلما وصلوا إلى بيت عتبان واستأذنوا ودخلوا ، وإذا عتبان قد صنع لهم طعاماً ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبدأ بالطعام ، بل قال : أين المكان الذي تريد أن نصلي فيه ؟ فأراه إياه ، فصلى ثم جلس للطعام . فهذا دليل على أن الإنسان يبدأ بالأهم ، وبالذي تحرك من أجله من أجل ألا يضيع عمله سدى . فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعجز أي لا تكسل وتتأخر في العمل إذا شرعت فيه ، بل استمر لأنك إذا تركت ثم شرعت في عمل آخر ، ثم تركت ثم شرعت ثم تركت ، ما تم لك عمل . ثم قال عليه الصلاة والسلام : فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا يعني بعد أن تحرص وتبذل الجهد وتستعين بالله وتستمر ، ثم يخرج الأمر على خلاف ما تريد فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا ، لأن هذا أمر فوق إرادتك ، أنت فعلت الذي تؤمر به ولكن الله عز وجل غالب على أمره http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) ونضرب مثالاً لذلك إذا سافر رجل يريد العمرة ولكنه في أثناء الطريق تعطلت السيارة ، ثم رجع فقال : لو أني أخذت السيارة الأخرى لكان أحسن ولما حصل علي التعطل ، نقول لا تقل هكذا لأنك أنت بذلت الجهد ، ولو كان الله عز وجل أراد أن تبلغ العمرة ليسر لك الأمر ، ولكن الله لم يرد ذلك . فالإنسان إذا بذل ما يستطيع بذله وأخلفت الأمور فحينئذ يفوض الأمر إلى الله لأنه فعل ما يقدر عليه ، ولهذا قال : إن أصابك شيء يعني بعد بذل الجهد والاستعانة بالله عز وجل فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا وجزى الله عنا نبينا خير الجزاء فقد بين الحكمة من ذلك ، حيث قال : فإن لو تفتح عمل الشيطان أي تفتح عليك الوساوس والأحزان والندم والهموم ، حتى تقول : لو أني فعلت لكان كذا ، فلا تقل هكذا ، والأمر انتهى ولا يمكن أن يتغير عما وقع ، وهذا أمر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن تخلق السماوات # والأرض بخمسين ألف سنة ، وسيكون على هذا الوضع مهما عملت . ولهذا قال ولكن قل : قدر الله أي هذا قدر الله أي تقدير الله وقضاؤه ، وما شاء الله عز وجل فعله http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) إن ربك فعال لما يريد http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، لا أحد يمنعه في ملكه ما يشاء ، ما شاء فعل عز وجل . ولكن يجب أن نعلم أنه سبحانه وتعالى لا يفعل شيئاً إلا لحكمة خفيت علينا أو ظهرت لنا ، والدليل على هذا قوله تعالى http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). فبين أن مشيئته مقرونة بالحكمة والعلم ، وكم من شيء كره الإنسان وقوعه فصار في العاقبة خيراً له ، كما قال تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) ولقد جرت حوادث كثيرة تدل على هذه الآية ، من ذلك قبل عدة سنوات أقلعت طائرة من الرياض متجهة إلى جدة وفيها ركاب كثيرون يزيدون عن ثلاثمائة راكب ، وكان أحد الركاب الذين سجلوا في هذه الطائرة في قاعة الانتظار حتى نام ، وأعلن عن إقلاع الطائرة ، وذهب الركاب وركبوا ، فإذا بالرجل يستيقظ بعد أن أغلق الباب ، فندم ندامة شديدة ، كيف فاتته الطائرة ؟ ثم إن الله قدر بحكمته أن تحترق الطائرة وركابها ، فسبحان الله كيف نجا هذا الرجل ؟ كره أنه فاتته الطائرة ، ولكن كان ذلك خيراً له . فأنت إذا بذلت الجهد واستعنت بالله ، وصار الأمر على خلاف ما تريد لا تندم ، ولا تقل لو أني فعلت لكان كذا ، إذا قلت هذا انفتح عليك من الوساوس والندم والأحزان ما يكدر عليك الصفو ، فقد انتهى الأمر وراح ، وعليك أن تسلم الأمر للجبار عز وجل ، قل قدر الله وما شاء فعل . والله لو أننا سرنا على هدي هذا الحديث لاسترحنا كثيراً ، لكن تجد الإنسان أولاً : لا يحرص على ما ينفعه بل تمضي أوقاته ليلاً ونهاراً بدون فائدة ، تضيع عليه سدى . ثانياً : إذا قدر أنه اجتهد في أمر ينفعه ثم فات الأمر ولم يكن على ما توقع تجده يندم ، ويقول ليتني ما فعلت كذا ، ولو أني فعلت كذا لكان كذا ، وهذا ليس بصحيح فأنت أد ما عليك ثم بعد هذا فوض الأمر لله عز وجل . فإذا قال قائل كيف احتج بالقدر ؟ كيف أقول قدر الله وما شاء فعل ؟ والجواب نقول : نعم هذا احتجاج بالقدر ولكن الاحتجاج بالقدر في موضعه لا بأس به ، ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، فبين له أن شركهم بمشيئته والاحتجاج بالقدر على الاستمرار في المعصية هذا حرام لا يجوز ، لأن الله قال : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)لكن الاحتجاج بالقدر في موضعه هذا لا بأس به ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام دخل ذات ليلة على علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد عليه الصلاة والسلام فوجدهما نائمين ، فقال لهما : ما منعكما أن تقوما ؟ يعني : تقومان تتهجدان ، فقال علي : يا رسول الله إن أنفسنا بيد الله لو شاء أن نقوم لقمنا ، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب على فخذيه ويقول : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) هذا جدال لكن احتجاج علي بن أبي طالب في محله ، لأن النائم ليس عليه حرج فهو ما ترك وهو مستيقظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة ، ولا يبعد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يختبر علي بن أبي طالب : ماذا يقول في الجواب وسواء كان ذلك أم لم يكن . فاحتجاج علي بالقدر هنا حجة ، وذلك لأنه أمر ليس باختياره : هل النائم يستطيع أن يستيقظ إذا لم يوقظه الله ؟ . . . لا ، إذن هو حجة . فالاحتجاج بالقدر إذا أراد الإنسان أن يستمر على المعصية ليدفع اللوم عن نفسه ، نقول مثلاً : يا فلان صل مع الجماعة ، تقول والله لو هداني الله لصليت ، فهذا ليس بصحيح ، يقال لآخر أقلع عن حلق اللحية ، يقول : لو هداني الله أقلعت ، وأقلع عن الدخان يقول : لو هداني الله لأقلعت ، فهذا ليس بصحيح ، لأن هذا يحتج بالقدر ليستمر في المعصية والمخالفة لكن إن وقع الإنسان في خطأ وتاب إلى الله ، وأناب إلى الله ، وندم ، وقال : إن هذا الشيء مقدر علي ، ولكن أستغفر الله وأتوب إليه ، نقول : هذا صحيح ، إن تاب واحتج بالقدر فليس هناك مانع .
100 - السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير . احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله ، وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان رواه مسلم .
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . المؤمن القوي : يعني في إيمانه وليس المراد القوي في بدنه ، لأن قوة البدن ضرراً على الإنسان إذا استعمل هذه القوة في معصية الله ، فقوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها ، إن كان الإنسان استعمل هذه القوة فيما ينفع في الدنيا والآخرة صارت محمودة ، وإن استعان بهذه القوة على معصية الله صارت مذمومة . لكن القوة في قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي أي قوي الإيمان ، ولأن كلمة القوي تعود إلى الوصف السابق وهو الإيمان ، كما تقول الرجل القوي : أي في رجولته ، كذلك المؤمن القوي يعني في إيمانه ، لأن المؤمن القوي في إيمانه تحمله قوة إيمانه على أن يقوم بما أوجب الله عليه ، وعلى أن يزيد من النوافل ما شاء الله ، والضعيف الإيمان يكون إيمانه ضعيفاً لا يحمله على فعل الواجبات وترك المحرمات فيقصر كثيراً . وقوله : خير يعني خير من المؤمن الضعيف ، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : وفي كل خير يعني المؤمن القوي ، والمؤمن الضعيف كل منهما فيه خير ، وإنما قال وفي كل خير لئلا يتوهم أحد من الناس أن المؤمن الضعيف لا خير فيه ، بل المؤمن الضعيف فيه خير ، فهو خير من الكافر لاشك . وهذا الأسلوب يسميه البلاغيون الاحتراز ، وهو أن تكلم الإنسان كلاماً يوهم معنى لا يقصده ، فيأتي بجملة تبين أنه يقصد المعنى المعين ، ومثال ذلك في القرآن قوله تبارك وتعالى : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ، لما كان قوله http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)وهم أن الآخرين ليس لهم حظ من هذا ، قال : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) كلا وعد الله الحسنى http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). ومن ذلك قوله تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، لما كان هذا يوهم أن داود عنده نقص ، قال تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وكلا آتينا حكماً وعلماً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). ومن ذلك قوله تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : وفي كل خير أي المؤمن القوي والمؤمن الضعيف ، لكن القوي خير وأحب إلى الله ، ثم قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك هذه وصية من الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أمته ، وهي وصية جامعة مانعة احرص على ما ينفعك يعني اجتهد في تحصيله ومباشرته ، وضد الذي ينفع الذي فيه ضرر ، وما لا نفع فيه ولا ضرر ، وذلك لأن الأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم ينفع الإنسان ، وقسم يضره ، وقسم لا ينفع ولا يضر . فالإنسان العاقل الذي يقبل وصية النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحرص على ما ينفعه ، وما أكثر الذين يضيعون أوقاتهم اليوم في غير فائدة ، بل في مضرة على أنفسهم وعلى دينهم ، وعلى هذا فيجدر بنا أن نقول لمثل هؤلاء : إنكم لم تعملوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، إما جهلاً منكم وإما تهاوناً ، لكن المؤمن العاقل الحازم هو الذي يقبل هذه النصيحة ، ويحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه . وهذا الحديث عظيم ينبغي للإنسان أن يجعله نبراساً له في عمله الديني والدنيوي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : احرص على ما ينفعك وهذه الكلمة جامعة عامة على ما ينفعك أي على كل شيء ينفعك سواء في الدين أو في الدنيا ، فإذا تعارضت منفعة الدين ومنفعة الدنيا ، فإنها تقدم منفعة الدين لأن الدين إذا صلح صلحت الدنيا ، أما الدنيا إذا صلحت مع فساد الدين فإنها تفسد . فقوله على ما ينفعك يشمل منافع الدين والدنيا وعند التعارض تقدم منافع الدين على منافع الدنيا ، وفي قوله احرص على ما ينفعك إشارة على أنه إذا تعارض منفعتان إحداهما أعلى من الأخرى ، فإننا نقدم المنفعة العليا لأن المنفعة العليا فيها المنفعة التي دونها وزيادة ، فتدخل في قوله احرص على ما ينفعك . فإذا اجتمع صلة أخ وصلة عم كلاهما سواء في الحاجة ، وأنت لا يمكنك أن تصل الرجلين جميعاً ، فهنا تقدم صلة الأخ لأنها أفضل وأنفع ، وكذلك أيضاً بين مسجدين كلاهما في البعد سواء لكن أحدهما أكثر جماعة فإننا نقدم الأكثر جماعة لأنه الأفضل ، فقوله على ما ينفعك يشير إلى أنه إذا اجتمعت منفعتان إحداهما أعلى من الأخرى فإنها تقدم الأعلى . وبالعكس إذا كان الإنسان لابد أن يرتكب منهياً عنه من أمرين منهي عنهما وكان أحدهما أشد ، فإنه يرتكب الأحق ، فالمنهي يقدم الأخف منها ، والأوامر يقدم الأعلى منها . وقوله عليه الصلاة والسلام واستعن بالله ما أروع هذه الكلمة بعد قوله احرص على ما ينفعك لأن الإنسان إذا كان عاقلاً ذكياً فإنه يتتبع المنافع ويأخذ بالأنفع ، وربما تغره نفسه حتى يعتمد على نفسه وينسى الاستعانة بالله ، وهذا يقع لكثير من الناس ، حيث يعجب بنفسه ولا يذكر الله عز وجل ويستعين به فإذا رأى من نفسه قوة على الأعمال وحرصاً على النافع وفعلاً له ، أعجب بنفسه ونسى الاستعانة بالله ، ولهذا قال : احرص على ما ينفعك واستعن بالله أي لا تنس الاستعانة بالله ولو على الشيء اليسير . وفي الحديث : ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شعث نعله إذا انقطع يعني حتى الشيء اليسير لا تنس الله ، حتى ولو أردت أن تتوضأ أو تصلي أو تذهب يميناً أو شمالاً أو تضع شيئاً فاستحضر أنك مستعين بالله عز وجل ، وأنه لولا عون الله ما حصل لك هذا الشيء . ثم قال ولا تعجز يعني استمر في العمل ولا تعجز وتتأخر ، وتقول إن المدى طويل والشغل كثير ، فما دمت قد صممت في أول الأمر أن هذا هو الأنفع لك واستعنت بالله وشرعت فيه فلا تعجز . وهذا الحديث في الحقيقة يحتاج إلى مجلدات يتكلم عليه فيها الإنسان ، لأن له من الصور والمسائل ما لا يحصى . منها مثلاً : طالب العلم الذي يشرع في كتاب يرى أنه منفعة وفيه مصلحة له ، ثم بعد أسبوع أو شهر يمل ، وينتقل إلى كتاب آخر ، هذا نقول استعان بالله وحرص على ما نفعه ولكنه عجز ، كيف عجز ؟ بكونه لم يستمر ، لأن معنى قوله لا تعجز أي لا تترك العمل ، بل مادمت دخلت فيه على أنه نافع فاستمر فيه . ولذا تجد هذا الرجل مضى عليه الوقت ولم يحصل شيئاً ، لأنه أحياناً يقرأ في هذا وأحياناً في هذا . حتى في المسألة الجزئية تجد بعض طلبة العلم مثلاً أن يراجع مسألة من المسائل في كتاب ، ثم يتصفح الكتاب يبحث عن هذه المسألة ، فيعرض له أثناء تصفح الكتاب مسألة أخرى يقف عندها ، ثم مسألة ثانية فيقف عندها ، ثم ثالثة فيقف ، ثم يضيع الأصل الذي فتح الكتاب من أجله فيضيع عليه الوقت ، وهذا ما يقع كثيراً في مثل فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهذا ليس بصحيح بل الصحيح أن تنظر الأصل الذي فتحت الكتاب من أجله . كذلك أيضاً في تراجم الصحابة في الإصابة مثلاً لابن حجر - رحمه الله - حين يبحث الطالب عن ترجمة صحابي من الصحابة ، ثم يفتح الكتاب من أجل أن يصل إلى ترجمته ، فتعرض له ترجمة صحابي آخر فيقف عندها ويقرأها ، ثم يفتح الكتاب يجد صحابي آخر ، ثم هكذا يضيع عليه الوقت ولا يحصل الترجمة التي من أجلها فتح عليها الكتاب ، وهذا فيه ضياع للوقت . ولهذا كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبدأ بالأهم الذي تحرك من أجله ، ولذلك لما دعا عتبان بن مالك الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : أريد أن تأتي لتصلي في بيتي لأتخذ من المكان الذي صليت فيه مصلى لي فخرج النبي عليه الصلاة والسلام ومعه نفر من أصحابه ، فلما وصلوا إلى بيت عتبان واستأذنوا ودخلوا ، وإذا عتبان قد صنع لهم طعاماً ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبدأ بالطعام ، بل قال : أين المكان الذي تريد أن نصلي فيه ؟ فأراه إياه ، فصلى ثم جلس للطعام . فهذا دليل على أن الإنسان يبدأ بالأهم ، وبالذي تحرك من أجله من أجل ألا يضيع عمله سدى . فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعجز أي لا تكسل وتتأخر في العمل إذا شرعت فيه ، بل استمر لأنك إذا تركت ثم شرعت في عمل آخر ، ثم تركت ثم شرعت ثم تركت ، ما تم لك عمل . ثم قال عليه الصلاة والسلام : فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا يعني بعد أن تحرص وتبذل الجهد وتستعين بالله وتستمر ، ثم يخرج الأمر على خلاف ما تريد فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا ، لأن هذا أمر فوق إرادتك ، أنت فعلت الذي تؤمر به ولكن الله عز وجل غالب على أمره http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) ونضرب مثالاً لذلك إذا سافر رجل يريد العمرة ولكنه في أثناء الطريق تعطلت السيارة ، ثم رجع فقال : لو أني أخذت السيارة الأخرى لكان أحسن ولما حصل علي التعطل ، نقول لا تقل هكذا لأنك أنت بذلت الجهد ، ولو كان الله عز وجل أراد أن تبلغ العمرة ليسر لك الأمر ، ولكن الله لم يرد ذلك . فالإنسان إذا بذل ما يستطيع بذله وأخلفت الأمور فحينئذ يفوض الأمر إلى الله لأنه فعل ما يقدر عليه ، ولهذا قال : إن أصابك شيء يعني بعد بذل الجهد والاستعانة بالله عز وجل فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا وجزى الله عنا نبينا خير الجزاء فقد بين الحكمة من ذلك ، حيث قال : فإن لو تفتح عمل الشيطان أي تفتح عليك الوساوس والأحزان والندم والهموم ، حتى تقول : لو أني فعلت لكان كذا ، فلا تقل هكذا ، والأمر انتهى ولا يمكن أن يتغير عما وقع ، وهذا أمر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن تخلق السماوات # والأرض بخمسين ألف سنة ، وسيكون على هذا الوضع مهما عملت . ولهذا قال ولكن قل : قدر الله أي هذا قدر الله أي تقدير الله وقضاؤه ، وما شاء الله عز وجل فعله http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) إن ربك فعال لما يريد http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، لا أحد يمنعه في ملكه ما يشاء ، ما شاء فعل عز وجل . ولكن يجب أن نعلم أنه سبحانه وتعالى لا يفعل شيئاً إلا لحكمة خفيت علينا أو ظهرت لنا ، والدليل على هذا قوله تعالى http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb). فبين أن مشيئته مقرونة بالحكمة والعلم ، وكم من شيء كره الإنسان وقوعه فصار في العاقبة خيراً له ، كما قال تعالى : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) ولقد جرت حوادث كثيرة تدل على هذه الآية ، من ذلك قبل عدة سنوات أقلعت طائرة من الرياض متجهة إلى جدة وفيها ركاب كثيرون يزيدون عن ثلاثمائة راكب ، وكان أحد الركاب الذين سجلوا في هذه الطائرة في قاعة الانتظار حتى نام ، وأعلن عن إقلاع الطائرة ، وذهب الركاب وركبوا ، فإذا بالرجل يستيقظ بعد أن أغلق الباب ، فندم ندامة شديدة ، كيف فاتته الطائرة ؟ ثم إن الله قدر بحكمته أن تحترق الطائرة وركابها ، فسبحان الله كيف نجا هذا الرجل ؟ كره أنه فاتته الطائرة ، ولكن كان ذلك خيراً له . فأنت إذا بذلت الجهد واستعنت بالله ، وصار الأمر على خلاف ما تريد لا تندم ، ولا تقل لو أني فعلت لكان كذا ، إذا قلت هذا انفتح عليك من الوساوس والندم والأحزان ما يكدر عليك الصفو ، فقد انتهى الأمر وراح ، وعليك أن تسلم الأمر للجبار عز وجل ، قل قدر الله وما شاء فعل . والله لو أننا سرنا على هدي هذا الحديث لاسترحنا كثيراً ، لكن تجد الإنسان أولاً : لا يحرص على ما ينفعه بل تمضي أوقاته ليلاً ونهاراً بدون فائدة ، تضيع عليه سدى . ثانياً : إذا قدر أنه اجتهد في أمر ينفعه ثم فات الأمر ولم يكن على ما توقع تجده يندم ، ويقول ليتني ما فعلت كذا ، ولو أني فعلت كذا لكان كذا ، وهذا ليس بصحيح فأنت أد ما عليك ثم بعد هذا فوض الأمر لله عز وجل . فإذا قال قائل كيف احتج بالقدر ؟ كيف أقول قدر الله وما شاء فعل ؟ والجواب نقول : نعم هذا احتجاج بالقدر ولكن الاحتجاج بالقدر في موضعه لا بأس به ، ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)، فبين له أن شركهم بمشيئته والاحتجاج بالقدر على الاستمرار في المعصية هذا حرام لا يجوز ، لأن الله قال : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb)لكن الاحتجاج بالقدر في موضعه هذا لا بأس به ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام دخل ذات ليلة على علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد عليه الصلاة والسلام فوجدهما نائمين ، فقال لهما : ما منعكما أن تقوما ؟ يعني : تقومان تتهجدان ، فقال علي : يا رسول الله إن أنفسنا بيد الله لو شاء أن نقوم لقمنا ، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب على فخذيه ويقول : http://www.sonnaonline.com/Montaka/..%5Cimages%5CAyaStart.jpg (http://www.b7st.com/vb) وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً http://www.sonnaonline.com/images%5CAyaEnd.jpg (http://www.b7st.com/vb) هذا جدال لكن احتجاج علي بن أبي طالب في محله ، لأن النائم ليس عليه حرج فهو ما ترك وهو مستيقظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة ، ولا يبعد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يختبر علي بن أبي طالب : ماذا يقول في الجواب وسواء كان ذلك أم لم يكن . فاحتجاج علي بالقدر هنا حجة ، وذلك لأنه أمر ليس باختياره : هل النائم يستطيع أن يستيقظ إذا لم يوقظه الله ؟ . . . لا ، إذن هو حجة . فالاحتجاج بالقدر إذا أراد الإنسان أن يستمر على المعصية ليدفع اللوم عن نفسه ، نقول مثلاً : يا فلان صل مع الجماعة ، تقول والله لو هداني الله لصليت ، فهذا ليس بصحيح ، يقال لآخر أقلع عن حلق اللحية ، يقول : لو هداني الله أقلعت ، وأقلع عن الدخان يقول : لو هداني الله لأقلعت ، فهذا ليس بصحيح ، لأن هذا يحتج بالقدر ليستمر في المعصية والمخالفة لكن إن وقع الإنسان في خطأ وتاب إلى الله ، وأناب إلى الله ، وندم ، وقال : إن هذا الشيء مقدر علي ، ولكن أستغفر الله وأتوب إليه ، نقول : هذا صحيح ، إن تاب واحتج بالقدر فليس هناك مانع .