شمس الليل
04-20-2008, 06:21 PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً ..
من نعني بكلمة ملتزمة؟
إننا نعني بها تلك الفتاة التي آمنت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد – صلى الله عليه وآله وسلم – نبياً ورسولاً، ورضيت منهج الله – تعالى – وشريعته ديناً ودرباً وطريقاً..
فلم ترض قوانين الشرق والغرب ولا تقاليدها، إنما رضيت أن تكون أسوتها وقدوتها هن النسوة المؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين، فليست هي تلك الفتاة التي أخذت الدين تقليداً عن آبائها وأجدادها وهي تشعر أنه عبء ثقيل تتمنى أن تلقيه عن كاهلها صباحاً أو مساءً.. كلا..
ولا تلك الفتاة التي أخذت من دينها بظاهره وغفلت عن باطنه وحقيقته، فإن الدين كله مظهر ومخبر وسلوك وعقيدة..
ولا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يفرط ببعض الكتاب { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } [البقرة: 85]
وهذه قصيدة للشاعر (العشماوي) في وصف بعض التناقض الموجود عند بعض البيئات وبعض النسوة:
هـــذي العيــون وذلك القـــــــد *** والشيح والريحــــان والند
مــن أيـــن جئت أ أنجبتك رؤى *** بيض فأنــت الزهر والــورد
قالــــت وفـي أجفانهـــا كحـــل *** يغري وفي كلماتــها جــد
عربيـــــة حريتــــي جعــــلــــت *** مني فتــاة مالهــــا نـــــد
أغشى بقاع الأرض ما سنحت*** لي فرصة بالنفس أعتــــد
عربية ! فســـألــت مسلمـــة؟ *** قالت نعم ولخالقي الحمد
فسألتها والحزن يـعصف بــــي ***والنــــار في قلبي لها وقــد
من أيـن هـذا الزي ما عـــرفت *** أرض الحجـــاز ولا رأت نـجد
هذا التبــــذل يــــا محدثتــــي *** سهم من الإلحـــاد مرتـــد
فتنمرت ثـــــم انثنــــت صلفــاً *** ولسانها لسبابهـــا عبـــد
قالت أنـــا بالنفــــس واثقـــــة ***حريتي دون الهـوى ســـــد
فأجبتها والنــــار تلفحــــنـــي *** أخشى بأن يتنــاثر العقــد
ضدان يا أختاه مـا اجتمعــــــا ***دين الهدى و الكفر والصـــد
والله مــــــــا أزرى بــــأمتنـــــا*** إلا ازدواج مــــالـــــه حـــــــد
****
ومصادر هذه المادة بعد كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذين بهما نسترشد ونستهدي في كل طرق الحياة، هي من رسائل الأخوات واستفساراتهن وكتاباتهن إلي.
فبدءاً من العنوان " هموم ملتزمة " وهو اقتراح من إحدى الأخوات، ومروراً بالموضوعات وانتهاء ببعض الأسئلة حرصت أن يكون كل ذلك مما عملته أيديهن.
تقول إحداهن في مطلع اقتراحها للموضوع:
إن الملتزمة بحاجة ماسة إلى من يأخذ بيدها ويطور لها التزامها، وبالذات مع شعورنا بأن هناك من الواعين من يعتقد أن تحجّب الفتاة وتركها لمشاهدة التلفاز، هو النقطة الأخيرة التي تقف عندها..
ليتهم يعلمون أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الذكر والفهم السليم (هكذا تقول الأخت)، وإذا كنا نوافق أن كثيراً من الناس يظنون أن الالتزام ينتهي عند حد الحجاب، وترك مشاهدة التلفاز، مع أن الواقع أن المسلم والمسلمة لا يزالان في جهاد وترقب إلى الموت، تصديقاً لقول الله عز وجل: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }[الحجر: 99].
وقوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت: 69]
فالالتزام ليس مرحلة يتجاوزها الإنسان إلى غيرها.. أو قضية ينتهي عندها.. لا.. بل إن الالتزام هو محاولة مستمرة تـظل مع الفتى ومع الفتاة إلى الممات، حتى في ساعة الموت يجاهد الإنسان ويعبد ربه: { حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99]
وما دام أن الروح في الجسد وما دام أن النفس يتردد فأمام الإنسان ألوان وألوان من المجاهدات والمصابرات والمدافعات يحتاج المرء أو المرأة إليها.. ولكننا لا نوافق تلك الأخت على أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الذكر والفهم السليم فإن كثيراً من الأخوات الملتزمات يملكن بحمد الله قدراً جيداً من الفهم السليم والعقول الناضجة والمواهب القوية، نسأل الله تعالى لنا ولهن جميعا الثبات.
أما العناوين فهي كالتالي:
أولاً: المرأة والالتزام.
ثانياً: من صفات الداعية.
ثالثاً: من مشكلات الدعوة النسائية.
رابعاً: عقبات في الطريق.
خامساً: موضوعات وكتب.
***********
أولاً : المرأة و الالتزام:
المرأة بطبيعتها أكثر تأثراً بالخير والشر وبما يحيط بها من الرجل، ولذلك نعرف خطر استغلال أجهزة الزور المسماة بأجهزة الإعلام في التخريب، وتأثير تلك الأجهزة في عقلية المرأة ناجمة عن بقاء المرأة في المنـزل ووجود الفراغ الذي تعيشه جزءا من الوقت, فكثير من النساء تعكف عند هذا الجهاز، ومنه تتناول ثقافتها وعلمها بل وحتى معلوماتها عن دينها، من خلال بعض الأقوال والآراء والأطروحات والأمور التي تقدم لها.
وإن من الواجب أن يستخدم الدعاة الوسائل العلنية العامة في مخاطبة النساء كالشريط والكتاب والمحاضرة المتخصصة بل والمدرسة والجامعة, حتى أقول: والسوق وكل وسيلة متاحة مباحة، فإنه ينبغي أن يستخدمها الدعاة إلى الله تعالى في الوصول إلى عقول النساء وقلوبهن ومخاطبتهن بآيات الله – تعالى – والحكمة..
أيها الأحبة.. أيتها الأخوات.. إن رموز الوطنية والتحرر والثقافة في معظم البلاد العربية أمثال هدى شعراوي وأمينة السعيد ونوال السعداوي والقائمة المعروفة.. كن رموزاً في نظرهم يطبّل لها الإعلام، وتتكلم عنها الصحافة ويعتبرن رائدات في مجالهن، أما في بلادنا في هذه الجزيرة بالذات فلا تزال المستغربات في العقل والشعور موضوع ازدراء وسخرية من المجتمع بحمد الله تعالى.
فهن يكتبن في صحفنا بكل تأكيد ولكن على استحياء وبشيء من الغموض فإذا أرادت إحداهن نقد الدين عبرت بالطقوس والتقاليد البالية والسراب ومخلفات القرون السابقة، لكنها لا تستطيع أن تتكلم عن الدين هكذا صراحاً بواحاً.
وإذا أرادت نقد العلماء والدعاة عبرت بالمتطرفين وبالأصوليين ضيقي الأفق, أو أبعد في النجعة فعبرت بالكهانة والكهنة.
وهذا يبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا في وجوب وجود قيادات نسائية مـعروفة على كافة المستويات، فلا بد أن تكون في المدرسات قيادة وفي نطاق (التعليم) قيادات، وعلى مستوى البلد قيادات بل وعلى مستوى الإقليم قيادات، وهذا وإن كان واجباً في كل بلاد الإسلام إلا أنه في هذا البلد أسهل وأيسر، فلا يزال الميدان مكشوفاً مفتوحاً لمن أراد.
والبعض من الإخوة يعتبون علي ويقولون: لماذا تحرض النساء على الاستمرار في الدراسة مثلاً أو على مواصلة العمل وخاصة من المتدينات؟
والجواب.. أقول لإخوتي وأخواتي.. إننا في مجتمع لا ننفرد نحن بصياغته وصناعته، بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون (ذووا) عقول شتى ومذاهب مختلفة وآراء (متباينة)، بل ونظريات واتجاهات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما يقال..
فإذا توقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف، ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك مجالات العمل والتأثير فإننا سمحنا لكل تلك الفئات والطبقات والاتجاهات التي لا تسمع لنا أصلاً بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سداً منيعاً أمام العنصر الوحيد الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة، أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أن ثمة خدمة يمكن أن نقدمها بالمجان للعلمانيين وأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة، ألا وهي أن تخلو التجمعات النسائية بجامعاتها ودراساتها ومعاهدها وندواتها وأعمالها من الملتزمة التي ترفع راية الدين وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر!
وأقل ما يمكن أن تقوم به تلك الملتزمة هي أن تشعر المجتمع بما يجري داخل تلك المجتمعات النسائية وما يكون وراء الكواليس ووراء الستار، إن العلماء والدعاة بل والعامة أحوج ما يكونون إلى من يقول لهم إنه يجري في أوساط النساء كيت وكيت، فأين دوركم وما مجالكم وأين هي أصواتكم؟
فإخبارهم بما يحصل ويحدث داخل تلك الأسوار هو أقل ما يمكن، ومع ذلك أعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى أو كاد أن ينتهي (أي أن دور الخيريين والخيرات لا يجوز أبداً أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى للجهات المختصة)، لأسباب أهمها:
أولاً: لو كان هناك إصرار من القمم على منع رياح التغيير والفساد لأحكموا غلق النوافذ، والمسؤولون الصغار دائماً وأبداً يتلمسون مواقف الكبار وردود فعلهم ومدى حزمهم أو تساهلهم، ولذلك يقال في النكت والطرائف، إذا أردت أن تعرف مدى قوة المسؤول في بلد، فانظر في سلوك البقال إذا صار بينك وبينه مشاجرة، فإذا قلت له إن فعلت وإلا رفعتك إلى مدير الشرطة أو إلى المحافظ أو إلى الأمير، فوجدته اضطرب وارتبك وخاف فاعرف أن هذا دليل القوة والعدل، وأن سيف الحق صارم، أما إذا قال لك: ارفع وافعل ما شئت، وأمامك هيئة الأمم المتحدة وأمامك وأمامك.. فاعلم أن الأمر دليل على التراخي..
ثانياً: ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال، خاصة ونحن في عصر صار للجماهير فيه تأثير كبير، حيث أسقطوا زعماء كبار وهزوا عروشاً وحطموا أسواراً وحواجز، ولا زالت صورة العُزّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي، بعدما قام الانقلاب الشيوعي الأخير الذي فشل، وهم يتدافعون في وجوه الدبابات بالآلاف بل بعشرات الآلاف، حتى استطاعوا وهم لا يملكون ولا حتى رصاصة واحدة، أن يقفوا في وجه ذلك الانقلاب ويفشلوه، لازالت هذه الصورة ماثلة للأذهان وقد رآها العالم كله حية على الهواء في شرقه وغربه.
فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمعاً منقسماً وهذه حقيقة { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل: 45]، وهذا الانقسام إلى حق وباطل ومهتدٍ وضال ومؤمن وفاجر، وهو أمر لا خيار فيه ولا حل له، ولا يعني أن هناك سعياً إلى تمزيق المجتمع بل هو سعي إلى تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، ووضع الأمر في نصابه.
أقول، إذا كان المجتمع منقسماً - وهذه حقيقة - فينبغي أن يمارس الخيّرون كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية، والشكوى وسيلة لا يمكن أن نهون منها أو من شأنها، ولكنها من أضعف الوسائل خاصة إذا لم يكن معها غيرها، لكن يستطيع الأخيار أن يمارسوا دورهم كغيرهم، وكما أن تلك الفتاة المنحرفة المشبعة بأفكار الغرب واتجاهاته استطاعت أن تصل إلى موقع التأثير والمسؤولية، وغيرت عقول بعض بناتنا وبعض فتياتنا وأثرت عليهن، فكذلك تستطيع الطيبة الصالحة المهتدية أن تكون في الموقع نفسه، وليس هناك حواجز بحمد الله تقف في وجهها، وإن وجد حواجز فالتغلب عليها ممكن و(الحاجة أم الاختراع)، والمؤمن الصادق لا يعدم حيلة توصله بإذن الله تعالى إلى ما يريد.
ثالثاً: الذي يجعلني أقول إن مجرد الشكوى لا يكفي، أنه من غير الممكن اليوم أن نقول للناس أغلقوا الجامعات أغلقوا المستشفيات.. أغلقوا المؤسسات النسائية، فهذا أمر غير مطلوب فلابد للناس من كل هذه الأمور وهي مؤسسات ارتبطت بحياة الناس الآن بدون شك، فلم يبق إلا أن يرسم لهذه المؤسسات والمدارس والمستشفيات الإطار الشرعي الصحيح، والشرع جاء بضبط كل شيء { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } [الإسراء: 12]، فلم يبق إلا أن تشجع الفاضلات على إدارتها، أو على الأقل على المساهمة فيها ومزاحمة الاتجاهات الأخرى غير المهتدية.
ثانياً : من صفات الداعية
وإذا كنا نتحدث عن الفتاة الملتزمة، فإنني أكاد أعتقد أن امرأةً أو رجلاً ملتزماً، لا يمكن أن نتصور أنه غير داعية في مثل هذه الظروف الواقعة الآن، لأن من الالتزام أن يدعو الإنسان إلى الله، ومعنى كون المرأة ملتزمة أي أنها مطيعة لربها, والله عز وجل يقول: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } [التوبة: 71]؛ إذن فأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر هو جزء من التزامها وقيامها بأمر الله تعالى هو كذلك جزء منه، لأن الله تعالى يقول: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران: 110]
ويقول: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143]، إذن فقيامها بواجبها وقيامها بالدعوة إلى الله وقيامها بالإصلاح وقيامها بالأمر والنهي هو جزء من التزامها.
وقد أثبتت الأحداث والتجارب الكثيرة أن هذه الأمة رجالاً ونساءً لديها قدرة على قبول الحق، بل لديها رغبة في سماع الحق والتزامه.
إذن لا عذر لرجل منا أو امرأة أن يقول أنا ملتزم ولكنني غير داعية، أبداً كل ملتزم فهو داعية.. داعية بالفطرة.. لأن التزامه يعني أنه مطيع وأن الذي أمره بالصلاة هو الذي أمره بالدعوة وهو الذي أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن أن نفرق بين هذا وذاك بحال من الأحوال، ولذلك حديثي ينصب على الملتزمة الواعية الداعية باعتبار أنها هي المخاطبة أصلة بهذا الموضوع، ولا شك أن كل صفة نتصورها في الرجل الداعي هي أيضاً مطلوبة في المرأة..
الصفة الأولى: العلم بما تدعوا إليه، وهذا من الواجبات فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلم هل هو من الشرع أم ليس من الشرع هل هو من العادات أم من العبادات هل هو من الأمور الدينية أو من التقاليد الاجتماعية الموروثة مثلاً، والشرع واضح بحمد الله: إما آية محكمة أو سنة ماضية أو إجماع قائم، أو قول معروف مبني على اجتهاد صحيح واضح كالشمس.
فلا بد أن تعرف المرأة المسلمة الأمر الذي تدعو إليه بدليله بحيث إذا قال لها أحد لماذا وما الدليل استطاعت أن تجيب على ذلك.
الصفة الثانية: القدوة الحسنة، ومن قبل قال شعيب عليه السلام: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [هود: 88]، وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له يا فلان: ما لك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، قال: بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر وآتيه ».
إذن فمن الخطورة بمكان أن يتكلم الإنسان فيكذب ذلك بأفعاله.
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً *** إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً *** والموبقات لعمري أنت جانيها
والكلام في الرجل والمرأة، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: « يؤتى بالرجل » لا يمنع والمرأة أيضاً، وإنما ذكر الرجل على سبيل التغليب، وإلا فالحكم واحد والطبيعة واحدة، وما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا بدليل يخرجها منه..
يـا أيهــــا الرجـــــل المعلــــم غيـــره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى*** كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانههــــا عـــن غيهــــــا *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم
وهناك يقبــــل إن وعظــــت ويقتـدى ***بالقول منـــك وينفع التعليم
لا تنـــه عن خلــــق وتأتـــي مثـلــــه ***عار عليك إذا فعلت عظيـــم
فالتربية والدعوة بالسلوك أحياناً أحسن من ألف محاضرة، وسلوك امرأة بين زميلاتها بحسن خلقها وأدبها ومظهرها ومخبرها وطيب حديثها والتزامها بشريعة ربها وصلاحها.. أفضل من كثير من الكلمات والمحاضرات، التي نبدأ فيها ونعيد ونردد الكلام، وقد لا يسمعه الكثيرون، فكثير من الأخوات تقول ليس لدي رغبة في أن أسمع الأشرطة الدينية، لكن لو وجدت أمامها نموذجاً حياً وصورة حية.. من فتاة ملتزمة متدينة فأعجبتها، فأعتقد أنها هنا لا تحتاج إلى أن تسمع شريطاً، والحق واضح ولا يحتاج إلى صعوبات في من يريده، فلا بد من القدوة الحسنة ولا بد من الأخت الداعية أن تكون قدوة حسنة في عبادتها وسلوكها ومخبرها وفي قلبها، وفي عقيدتها وأخلاقها وطيبتها، وفي مظهرها أيضاً، في شكلها وفي شعرها وفي ثيابها، وفي مشيتها وحركاتها وأعمالها وأقوالها وفي كل شيء.
وأضرب لك ولكِ مثلا على ذلك.. المرأة الداعية القدوة التي تظهر بمظهر لا يليق بمثلها، كأن تلبس مثلاً عباءة مطرزة أو تلبس كاباً مطرزاً، هو زينة في نفسه أو تضعه على كتفها أو تظهر زينتها للأجانب، أو تكون مولعة بمتابعة الموضات والتسريحات أولاً بأول، لا نقول أنه يجب عليها أن تسكت إذا كانت هكذا لا.. فهي مطالبة بالدعوة كما قلنا منذ قبل، ولكن أيضاً حين تدعو فإنها بهذا العمل الذي عملته سنت للأخريات سنة يقلدونها فيها، إما عن حسن ظن بأن هذا العمل الذي فعلته لا شيء فيه والدليل أن فلانة فعلته، أو سيقولون إن هذه المرأة لا تستحق أن يسمع لها لأنها تناقض قولها بفعلها.
فينبغي أن تتجنب الأخت الداعية بعض الأمور المشتبهة حماية لعرضها وحماية لدعوتها.
الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب، مما يحبب إليها الأخريات، ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة، والأسلوب شديد التأثير في قبول الدعوة أو ردها، ولا يجوز لنا أبداً أن نتجنى على الحق الذي نحمله، حين نقدمه للناس بالأسلوب الغليظ الجاف، بل يجب أن نعطف على الآخرين ونحتوي مشاعرهم، ونتلمس همومهم ونشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، ولا نستعلي عليهم أو نستكبر فما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه.
الصفة الرابعة: أن يكون عند الداعية قدر من اهتمامها بمظهرها.. لأنه قد يظن البعض أنني أدعو إلى أن تكون المرأة المتدينة الداعية، مبتذلة بعيدة عن الاهتمام بمظهرها، وهذا مرفوض، فالمظهر هو البوابة الرئيسية التي لا بد من عبورها إلى قلوب الأخريات، ومن الطبيعي أن تتحلى المرأة أو تبحث عن الثوب الجميل، والله تعالى قال: { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [الزخرف: 18]، فكون الفتاة تنشأ منذ طفولتها في الحلية هذا أمر طبعي لا تلام عليه.
ومن الطبيعي أن تهتم المرأة بتسريح شعرها وأن تعتني بمظهرها والرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بذلك الرجل، فلما جاءه رجل أشعث الرأس أمره بأن يسرح شعره ويدهنه، ولما جاءه بعد ذلك قال: « هذا خير من أن يأتي أحدكم أشعث الرأس كأنه شيطان »، فالمرأة مع بنات جنسها من باب أولى..
نحن بطبيعة الحال لا نقبل أبدا أن تتبرج المرأة المسلمة بزينة، ولا أن تتطيب لخروجها من بيتها، لكن هذا لا يعني بحال التبذل أو أن تذهب إلى المجتمعات النسائية في أثواب ممتهنة، خاصة حين تكون داعية يشار إليها بالبنان.
الفتيات اليوم يعرضن عن الدعوة لأنهن يعتقدن أن معنى الالتزام هو أن تتخلى عن كل مظهر من مظاهر اهتمامها بنفسها وهي بالطبع لا تريد ذلك، وتقول كل شيء إلا اهتمامي بمظهري!
ومن قال أن الإسلام يحول بينها وبين ذلك؟
ولكن في حدود ما أباحه الله تعالى، فمظهر مباح وثوب ليس زينة في نفسه غير متطيبة فيه ولا تظهر به أمام الرجال.
الصفة الخامسة: الاعتدال في كل شيء ومن ذلك الاعتدال في مشاعرها بين الإفراط والتفريط، فنحن نجد مثلاً من بعض الأخوات من تكون جافة في عواطفها ومشاعرها، لا تتجاوب مع الآخرين ولا تبادلهم شعوراً بشعور، ووداً بود ومحبة بمحبة أو تبتسم في وجوههم، وترى أن جدية الدين والدعوة تتطلب قدراً من الصرامة والوضوح والقسمات الجادة، وهذا أمر بلا شك غير مقبول « وتبسمك في وجه أخيك صدقة » كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول للمرأة أيضاً: وتبسمك في وجه أختك هي صدقة أيضاً فالحكم عام.
وبالمقابل هناك من النساء أو من الأخوات من تبالغ في المشاعر وتبالغ في إغراق الآخرين بمشاعر تصل أحياناً إلى حد الإفراط، فتجدين أن من الأخوات لا تصبر عن فلانة ساعة من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها الأوقات الطويلة تبث إحداهما إلى الأخرى مشاعرها وهمومها وشجونها، بل ربما تغار إذا رأت أخرى تجالسها أو تحادثها، لأنها تريدها لنفسها فقط، وهذا نوع مما يسمى بـ"الإعجاب" في أوساط البنات، فضلاً عن قضية المحاكاة والتقليد أي أنها تقلدها في كل شيء في حركاتها وسكناتها، وفي طريقة كلامها ولباسها وحذائها وثيابها، وحركات يدها وفي كل شيء، ولا شك أن ذوبان شخصية البنت في أخرى ولو كانت داعية ضياع، لأن الله عز وجل خاطب كل إنسان بمفرده { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً }[مريم: 93-95].
وقال سبحانه: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [الشمس: 7-10]
فينبغي أن تشعر المسلمة باستقلاليتها، وأنه لا يجوز أن تذوب في شخصية أخرى، فهي موقوفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة بذاتها وبمفردها.
ثالثاً : من مشكلات الدعوة النسائية
هناك مشكلات كثيرة في مجال دعوة النساء أشير إلى شيء منها فمن هذه المشكلات:
أولاً: قلة عدد النساء الداعيات، وهذه القلة يعاني منها الكثيرون، ولذلك نجد هناك جهلاً كبيراً في أوساط الفتيات.. حتى في عالم المدن فضلاً عن القرى والأرياف والمناطق النائية.
والحل أمام هذه المشكلة يتمثل في أمور، أعرضها في اختصار: فمن الحلول:
الحل الأول: طلب المشاركة من الجميع بمعنى أن تحرص الأخت المسلمة على أن تشارك كل النساء في الدعوة إلى الله تعالى، كل الغيورات حتى مع وجود شيء من التقصير، فلا يشترط للدعوة أن تكون كاملاً، فالدعوة ليست نادياً للكملة، والكمال في البشر عزيز، وما من إنسان إلا وفيه نقص ولكن هذا النقص لا يمكن أن يحول بين الإنسان وبين قيامه بواجب الدعوة إلى الله تعالى، فأنت تدعو مثلاً إلى ما عملت بل حتى ما لم تعمله..
ويمكن أن تدعو إليه بطريقتك الخاصة.. فمثلاً الإنسان المقصر رجلاً أو امرأة يمكن أن يقول للناس: "الأمر الذي وقعت فيه وهو كيت وكيت، أعرف أنه خطأ وأستغفر الله تعالى منه وأتوب إليه، وقد يكون منكم من هو أقوى عزيمة مني، أو أصلب إرادة أو أصدق إيمانا أو أخلص لله عز وجل، فيستطيع أن ينجح هو فيما فشلت فيه أنا"، فتكون دللت على الخير ولك مثل أجر فاعله ولو كنت مقصراً فيه.
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد
ولذلك قال الأصوليون: "حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً"
يعني وقوع الإنسان في المعصية لا يسوغ له ترك النهي عنها أبداً، بل ينهى عن المعصية ولو كان واقعاً فيها ويأمر بالمعروف ولو كان تاركاً له، وإن كان الأكمل والأفضل والأدعى للقبول سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [هود: 88].
ولكن حتى مع التقصير يجب أن تجد الأخت الساعية الأخريات إلى المشاركة.. مثلاً الطالبات في المدارس.. يمكن أن تشارك الطالبة في كلمة أو توجيه أو إعداد بحث مصغر في أمور معينة تحدث بها بنات جنسها من خلال حلقة المسجد أو الدرس أو أي مناسبة أخرى، مع مراعاة وتعاهد هؤلاء النساء بالتوجيه, فكونها قامت أو تكلمت أو ألقت محاضرة أو كلمة أو بحث لا يعني أنها قد جاوزت القنطرة، وأصبحت داعية يطلب منها ولا يوجه إليها، بمعنى يطلب منها أن تأمر الناس ولا تؤمر هي.. كلا.. بل هو مطلوب أن تتعاهد.. ويحرص عليها وتنصح وتقرأ مشاعرها، وتوضع في موضعها الطبيعي فلا نبالغ في الثقة بها وإطلاق العنان لها بما قد يضر بها..
وقد سمعت واطلعت على كثير من الحالات أن الفتاة لما تكون في المرحلة الثانوية مثلاً ثم يسند إليها أمر الدعوة كله في المدرسة فتكون هي الداعية وهي المعلمة والمتكلمة والواعظة والمتحدثة، وتصبح الأنظار تتجه إليها والأصابع تشير إليها، والأخريات ينظرن إليها نظرة معينة يفقدها ذلك أحياناً نوعاً من القدرة على ضبط نفسها وعلى اتزانها ويكون له تأثير سلبي على نفسيتها وعلى اهتماماتها التربوية الأخرى، فربما تنسى نفسها أحياناً وربما تبالغ في بعض الأمور وربما تجتهد فلا تصيب، لأن الفترة والسن الذي تعيش فيه لا تجعلها قادرة على الاجتهاد في كل المسائل، بل ربما يشعر أهلها بشيء من التقصير، وقد اطلعت على حالات وصلت إلى حد أزمة نفسية!!
إذن يجب أن نفرق فلا نقول لا تتدخل الفتاة وهي في مثل هذا السن في الدعوة، فهذا لا ينبغي، ولا يصح أن نضع في يدها الأمر كله من الألف إلى الياء ونجعلها هي القائمة بالأمر قياماً كاملاً، بل ينبغي أن تكون في مجال التدريب والمساهمة والمشاركة مع أخريات، وأن نتعاهدها بالتوجيه والنصح ونقول: هنا أصبت وهنا كنت تحتاجين إلى أن تجتهدي في الأمر أكثر وهذا خطأ ينبغي تجنبه وهكذا.
الحل الثاني: الاتجاه نحو الجهود العامة.. فمثلاً.. مجموعة من الجلسات قد تشمل عشرين أو ثلاثين امرأة، لكن نرى المرأة الداعية تجلس في بيتها جلسة خاصة لخمس من جيرانها، خمس نساء فقط، ولو أنها أقامت محاضرة أو درساً عاماً أو أمسيةً لكان من الممكن أن تشمل مئات النساء، فيكون هذا الجهد المحدود الذي صرفته إلى خمس من الممكن أن تصرفه إلى خمسين أو إلى خمسمائة امرأة.. بطبيعة الحال نحن لا نقلل من أهمية الدروس والجلسات الخاصة.. لا, فهذه الدروس والجلسات الخاصة لها أهميتها.. فهي:
أولاً: تخاطب فئة من المجتمع.
ثانياً: ربما يوجد امرأة تقدر أن تقيم جلسة خاصة لخمس لكنها لا تستطيع أن تقيم محاضرة أو درساً عاماً.
ثالثاً : أن الجلسة الخاصة لخمس نساء أو عشر يمكن التحكم في وقتها وفي مكانها ولكن درس أو محاضرة قد يصعب قيامه.
لكن نقول متى أمكن أن تقوم المرأة بنشاط عام كمحاضرة أو درس عام أو ندوة فإن ذلك يكون أبلغ في التأثير وأوسع في المنطقة التي تخاطبها.
الحل الثالث: ضرورة التركيز من الجميع رجالاً ونساءً، على إعداد جيل من الداعيات الواعيات، ممن يحملن هم الإسلام وتنمية معاني الدعوة لديهن.. قد تكون زوجتك ممن تصلح لهذا فلا يجوز أن يكون زواجها نهاية المطاف، أختك.. قريبتك.. بنت أختك.. محرمك.. ينبغي أن تُعْنـَى?
أن تعدها داعية إلى الله تعالى، وكذلك النساء الداعيات من المدرسات ينبغي أن يعتنين بإعداد نوعيات من الفتيات وتهيئهن وتأهيلهن للقيام بهذه المهمة الصعبة، لأن واحدة من النساء يمكن أن تقوم عن عشر وكما قيل:
والناس ألف منهم كواحد **** وواحد كالألف إن أمر عنى
ولا نحتاج إلى تحريف في هذا البيت فقد حرفه قبلنا عبد الرحمن بن عقيل فقال:
والناس ألف منهم كواحدة *** وواحدة كالألف إن أمر عنى
وهذا صحيح، ربما امرأة غلبت الآلاف من الرجال، ومن يستطيع أن يأتي في عيار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, أو خديجة, أو حفصة, أو زينب, أو أم سلمة, أو غيرهن من المؤمنات الأول، حتى كبار الرجال تتقاصر هممهم دونهن، ولا زال في هذه الأمة خير رجالاً ونساءً.
الحل الرابع: الاستفادة من النشاطات الرجالية، فلماذا نتصور أن نشاط المرأة ينبغي أن يكون محصوراً؟؟ فالنشاطات الرجالية كالدروس والمحاضرات والندوات معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال ويصلح للنساء، وكما أسلفت: الشرع جاء للرجل والمرأة وخاطب الاثنين معاً، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل، ولا يلزم أن تكون المرأة مجتمعاً مستقلاً متكاملاً فقيهته منه أو داعيته منه ومفتيته منه.
والرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا رجالاً فقط، قال الله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } [الأنبياء: 7].
إذاً فالرسل كانوا رجالاً، ولا أريد أن أدخل في جدل عقيم هل بعث من النساء أحد؟..
فابن حزم له رأي وبعض الفقهاء لهم رأي، لكن الجمهور كما ذكر القرطبي وغيره أن الرسل كلهم كانوا من الرجال، ولم تبعث نبية قط فلنقف عند الآية: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } [الأنبياء: 7].
وهؤلاء الرجال كانوا يخاطبون الرجال ويخاطبون النساء، ويدعون الجميع على حد سواء، إذاً لا مانع حفظاً للجهود أن تنضم النساء إلى مواكب المستمعين إلى الدروس والمحاضرات والمجهودات الرجالية، بطبيعة الحال على انفراد ومع التزامهن بأوامر الشرع في عدم التطيب إذا أرادت الخروج، وعدم لبس الثوب الذي يكون زينة في نفسه وستر نفسها وعدم الجهر بالقول، والاختلاط بالرجال إلى غير ذلك، لكنها تستفيد في مجالاتها الخاصة المنعزلة.. وهنا يأتي أيضاً دوركم أنتم يا أولياء الأمور، دور الأب، دور الزوج، دور الأخ في تسهيل المهمة وإعانة المرأة على بلوغ محلها الذي تريد.
ثانياً: من المشكلات في مجتمعات الدعوة النسائية، صعوبة التوفيق بين العمل والدعوة والشؤون المنـزلية، فأمام المرأة مثلاً العمل، الدراسة، التدريس.. وأمامها الدعوة، وأمامها أيضاً بعض الشؤون المنـزلية.. البيت والزوج والأولاد، إلى غير ذلك..
وهذه بلا شك معضلة حقيقية، ولا أتجاوز الحقيقة إذا قلت إنها أكبر مشكلة تواجه الداعيات، وعلى عتبتها تتحطم الكثير من الآمال والطموحات، فكم من فتاة تشتعل في قلبها جذوة الحماس إلى الدعوة إلى الله تعالى، وتعيش في مخيلتها الكثير من الأحلام والآمال والطموحات، فإذا تزوجت وواجهت الحياة العملية تبخرت تلك الآمال، وذابت تلك المشاعر ولم تعد تملك منها إلا الحسرات والأنات والآهات والزفرات والذكريات والله المستعان..
كثير ما تقول الفتيات.. كنت وكنت.. أصبح كثير من الأخوات (كنتية ً)، تستطيع أن تقول كنت وكنت، ولكن لا تستطيع أن تقول: أنا الآن أفعل كذا إلا في القليل.
ولا أزعم أيضا أنني أملك حلاً لهذه المعضلة، ولكني أحاول المشاركة في بعض الحلول فأول إضاءة في هذا الطريق:
الإضاءة الأولى: هي في ظل قول الله عز وجل: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [الطلاق: 2-3]
يقول الله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }[الطلاق: 5]
ويقول الله تعالى:{ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الأنفال: 29]، فالتقوى هي أول حل، أن يتقى العبد ربه وتتقي الأمة ربها جل وعلا في نفسها، في زوجها، في وقتها, في عملها, في مسؤولياتها..
والتقوى ليست معنى غامضاً كما يتصور البعض.. لا.. يمكن أن نحدد التقوى في بعض النقاط والأمثلة فقط.
من التقوى أن تختصر الفتاة ثلاث ساعات تجلسها أمام المرآة وهي تعبث بالأصباغ وترسم وتمسح وتزين شعرها لتصبح هذه الثلاث ساعات نصف ساعة مثلاً.. أو ثلث ساعة دون تفريط في العناية بجمالها لزوجها الذي هو جزء من شخصيتها.
ومن التقوى أن تختصر الفتاة مكالمة هاتفية لمدة ساعتين مع زميلتها، في أحاديث لا جدوى من ورائها، لتكون هذه المكالمة ربع ساعة أو عشر دقائق في السؤال عن الحال والحلال والعيال.. وغير ذلك..
ومن التقوى أن تختصر الفتاة الوقت المخصص لصناعة الحلوى مثلاً، من ساعة ونصف إلى صناعة أمور جيدة جاهزة، لا يستغرق تحضيرها أحياناً نصف ساعة.
ومن التقوى أن تقتصد المؤمنة في نومها.
فالنوم من صلاة الفجر إلى الساعة العاشرة ضحى وبعد الظهر وقسط كافي من الليل، لا يسوغ, وهو من عادات الجاهلية، وامرؤ القيس لما كان يمدح معشوقته كان يقول: (نؤوم الضحى)، فيمدحها بكثرة نومها، لكن في الإسلام مضى عهد النوم وأصبح المؤمن مطالباً بأن يكون قسطه من النوم مجرد استعداد لاستئناف حياة من البذل والجهاد..
ولذلك في قصة أم زرع وهي في صحيح البخاري ومسلم أن اثنا عشر امرأة اجتمعن وتعاهدن وتعاقدن على أن لا يكتمن عن أخبار أزواجهن شيئاً، فكل واحدة قالت زوجي كذا, وقالت الثالثة زوجي: المشنق إن أنا أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق.. إلى آخر القصة الطويلة التي لا شأن لنا بها الآن، لكن قالت الخامسة منهن: "زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد، و لا يسأل عما عهد"، فما معنى فهد؟ يقول ابن النباري: أن معنى قولها إذا دخل فهد معنى صار كالفهد، وهو حيوان كثير النوم، فهي تقول إذا دخل التف بفراشه وغفل عنها ونام نوماً طويلاً، أما إذا خرج فهو كالأسد على الناس، ولا يسأل عما عهد، يعنى أنه رجل فيه كرم وإعراض فهو لا يدقق في كل شيء ولا يسأل عن كل شيء، وقد كان العرب يمدحون الإنسان بمثل هذا الشيء، وما زال العرب أيضاً يمدحون الإنسان بقلة نومه واقتصاده في ذلك، تذكرون قول الهذلي الذي يقول:
فأتت به حوش الفؤاد مبطناً *** سهداً إذا ما نام ليل الهوجل
فكون الإنسان قليل النوم هذا مما يمدح به الرجل والمرأة، والاقتصاد في ذلك ممكن، فالعلماء في السابق كانوا يقولون إن القدر المعتدل من النوم ما بين ست إلى ثمان ساعات يومياً، وهذا الكلام ذكره جماعة من السابقين مع إجماع الأطباء اليوم عليه، أما الآن فقد ظهر أطباء معاصرون يقولون لا الأمر الغالب ست إلى ثمان ساعات لكن قد يكتفي الجسم بثلاث أو أربع ساعات أحياناً وقد يحتاج إلى أكثر من ثمان ساعات أحياناً أيضاً وهذا وذاك قليل لكنه موجود.
الإضاءة الثانية: هي قوله تعالى:{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } [النحل: 90], وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان لابن عمر وابن العاص: « إن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً »، وفي رواية: « إن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً »، والزور يحتمل أن يكون المقصود به الجوف يعنى نفسك لك عليها حق فينبغي أن تأكل بقدر ما تحتاج مثلاً..
وقيل إن المقصود بالزور: هم الزوار فلهم عليك حق أيضاً، ولا ينبغي أن تهملهم وتهجرهم، وتعرض عنهم، فآت كل ذي حق حقه، ولذلك سوء التوزيع سبب لضياع الثروة، و إذا كانت أغلى ثروة نملكها هي الوقت، فان سوء توزيع الوقت من أسباب الضياع، ولو أن الرجل والمرأة أفلحا في ضبط وقتهما وتوزيعه بطريقة معتدلة، لكسبا شيئاً كثيراً، فبعض الزوجات الداعيات مثلاً تشتكي من أن زوجها الملتزم لا يعطيها من وقته ما يكفيها، وهذا جاءني فيها شكاوى كثيرة، وأقول ولعلى لا أكون من هؤلاء، ليس أولئك بخياركم، كما أن من يقصرن في حقوق بيوتهن لسن من الخيار.
فكثير من النساء تشتكى من أن زوجها لا يعطيها من وقته ما يكفيها، وقد لا يأوي إلى البيت إلا متأخراً، وربما يأوي وهو متعب أو قلق أو متضايق، فهو لا يريد أن ينظر إلى زوجته، ولا أن يجلس معها، وإنما يريد أن يأوي إلى الفراش أو ينام ويخلو بهمومه.
أفليس من المناسب إذن.. إذا كان الأمر كذلك، أن تكون المرأة منشغلة بعض الوقت بشؤون بيتها، أو شؤون دعوتها أو أولادها، في ظل غياب زوجها، خاصة ونحن نعلم أن المرأة إذا كانت في البيت تنتظر الزوج، فهي تعد الساعات والدقائق عدّاً، فإذا جاء كانت قد استطالت غيبته واستبطأت مجيئه، لكن إذا كانت المرأة هي الأخرى مشغولة في أمور مفيدة نافعة في أمور دينها، فإن الوقت يمر عليها بغير ذلك، ومن العدل ترتيب الأولويات والمهمات، فالفرض مثلاً يقدم على النفل وربنا جل وعلا يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: { وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه } ..
إذن
أولاً: الفرائض
ثانياً: النوافل.. وإن الله تعالى لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة كما قال أبو بكر رضي الله عنه في وصيته، فالفرض يقدم على النفل والضرورات تقدم على الحاجات، والحاجات تقدم على الأمور التكميلية التحسينية.
وهذا عند التعارض فليس من العدل أن تهمل المرأة زوجها وبيتها وأولادها بحجة أنها مشغولة بالدعوة، كما أنه ليس من العدل أن يهمل الرجل زوجه وبيته وأولاده بحجة أنه مشغول بالدعوة أيضاً، وليس من العدل أن تغفل المرأة الداعية عن عملها الوظيفي الذي تتقاضى عليه مرتباً من الأمة، أو تغفل عن عملها الدعوي الذي هي فيه على ثغرة من ثغور الإسلام، يخشى أن يؤتى الإسلام من قبلها..
ومن الحلول أن بإمكانها أن تسند بعض المهمات إلى آخرين، يتحملون معها المسؤولية وهي تقوم بدور التوجيه والإشراف، فإذا كثرت عليها الأعمال استطاعت أن توزع المهمات، فيمكن مثلاً أن يساعدها أحد في القيام على شؤون الأطفال خاصة ممن يوثق بعلمها ودينها وخلقها، أو أن يساعدها أحد في ترتيب بيتها أو في مهماتها الدعوية كما أسلفت.
أما الإضاءة الثالثة: فهي قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 162-163]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن جابر ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه: « كل معروف صدقة », وكل: من ألفاظ العموم.
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والترمذي والحاكم عن جابر رضي الله عنه: « إن من المعروف أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وأن تفرغ من دلوك في إناء جارك »
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطيالسي وأحمد والنسائي عن عمرو بن أمية الضمري: « كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم ».
والكلام للرجل والمرأة على حدٍ سواء.. بل في الحديث المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « كل سلامى من الناس عليه صدقة »
يعني كل مفصل من المفاصل أو عضو من الأعضاء عليه صدقة ينبغي للإنسان أن يؤديها يومياً، « كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل على دابة فتحمله عليها أو ترفع له متاعه عليها صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، -ودل الطريق أي دلالة الإنسان - على الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ».
إذا الصدقات كثيرة جداً، ويمكن أن تكون من المرأة ودعوتها لزوجها سواء كان زوجها ملتزماً أو عادياً أو منحرفاً، فقيام الفتاة بالوقوف وراء زوجها وسد ثغرة البيت الذي هو الحصن الداخلي، هو جزء من مهمتها ومن دعوتها، وأيضا قيامها بتحويل زوجها من إنسان عادي همه الدنيا إلى إنسان داعية يشتعل في قلبه هم الإسلام، هذه دعوة، أو حتى قيامها بتغيير زوجها من زوج منحرف ضال مقصر في الصلاة أو مرتكب للحرام إلى إنسان صالح مستقيم هذا جزء من الدعوة، ويمكن أن يكون لها في ذلك دور كبير كما أنه يمكن أن يكون في أولادها، من تربية على الخير وتنشئة على الفضيلة وهذا جزء من دعوتها ومسؤوليتها، ونحن جميعاً نعرف ما هي الأجواء التي تربى فيها عبدالله بن الزبير أو عبدالله بن عمر أو عبدالله بن عمرو بن العاص، أو غيرهم من شباب الصحابة وأي نساء ربينهم..
وتدريس المرأة مثلاً في مدرستها لا يجوز أبداً أن يكون عملاً وظيفياً آلياً تقوم به، فنحن لا يهمنا أن تتخرج البنت وقد حفظت نصوص البلاغة مثلاً، أو عرفت المعادلات الرياضية أو أتقنت التفاعلات الكيميائية وهذا كله جزء من المقرر، ولا تثريب على المعلم في تدريسه والحرص عليه، ولكن كل هذه المواد ومواد اللغة ومواد الشريعة وكل ما يقدم للبنت وللرجل أيضاً، فإنه يهدف إلى أمر واحد فقط وهو بناء الإنسان الصالح رجلاً كان أو امرأة، بناء المتدين المستقيم الصالح، هذا هو الهدف ولا يجوز أبداً أن ننشغل بالوسيلة عن الهدف والغاية، فلم لا تخصص المعلمة من الحصة خمس إلى عشر دقائق للتوجيه، ولا أعني بالضرورة النصيحة المباشرة، التي قد تثقل أحياناً على النفوس، ولا أعني أيضاً أن هذه النصيحة هي سد للفراغ، حيث لا تكون المعلمة مثلاً قد أعدت الدرس إعداداً جيداً فتقدم نصيحة لملء الفراغ.. لا, ولكنها كلمة صادقة من قلب يحترق تتحسس بها قلوب الطالبات فتحرك إيمانهن وتساهم في توعيتهن وحل مشكلاتهن.
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: « الكلمة الطيبة صدقة »، فنريد أن توزع المدرسة من الصدقات على الطالبات.
والآن ما من بنت إلا وهي تدرس في المدرسة، فلو وجدنا في كل مدرسة معلمة ناصحة داعية مخلصة، معنى ذلك أننا استطعنا أن نوصل صوت الخير إلى كل فتاة وهذا مكسب عظيم جداً لو استفدنا منه.
كما أنه من الممكن أن تحرص المعلمة أيضا على إقامة الجسور والعلاقات الأخوية والودية مع زميلاتها المدرسات وطالباتها، وطالما سمعنا ثناء الجميع على معلمة لحسن خلقها وطيب معشرها, وطالما استطاعت معلمة واحدة أو مشرفة أو إدارية أن تقلب المدرسة كلها رأساً على عقب, وأعرف حالات استطاعت معلمة واحدة في مطلع حياتها الوظيفية أن تقلب القرية بأكملها, وتحول الفتيات فيها إلى صالحات متدينات.
وفي مجال عمل الداعية في بيتها أقترح بعض الاقتراحات السريعة.. فمن المقترحات:
1. أن تتوفر للمرأة مكتبة صغيرة للقراءة تختار فيها مجموعة من الكتب المناسبة يكون فيها كتب توجيهية
2. قصص
3. كتب وعظية فقهية كبيان أحكام الصلاة مثلاً
4. الأشياء التي يحتاج إليها في البيت
5. تعليم أمور العقيدة
6. وسوف نورد في نهاية هذا الدرس بعض الكتب المقترحة..
7. توفير مكتبة صوتية تحتوي على عدد طيب من الأشرطة الإسلامية المفيدة – أشرطة القرآن الكريم – أشرطة السنة النبوية – أشرطة الدروس والمحاضرات – أشرطة توجيهية
8. بيان بعض الأحكام التي يحتاج إليها أهل المنـزل
9. حتى بعض الأشرطة المفيدة الترفيهية في حدود المباح وما أباحه الشرع
10. وما أشبه ذلك مما يحتاج إليه في المنـزل ومما يستغني به الأطفال والصغار والكبار والأميون عن قضاء الوقت في القيل والقال والغيبة والنميمة أو مشاهدة التلفاز أو غير ذلك
11. عقد درس أو حلقة أسبوعية لأهل البيت تجتمع فيه النساء الكبار والصغار ومن المحارم ويتلقون فيه أشياء يسيرة
12. آية محكمة
13. سنة من سنن المصطفى – عليه الصلاة والسلام –
14. تدريب على عبادة من العبادات, تعليم عقيدة من العقائد
15. تربية
16. قصة
17. أنشودة
18. قصيدة
19. مسابقة إلى غير ذلك
20. تحسين العلاقة مع كافة أفراد المنـزل تمهيداً لدعوتهم إلى الله وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
21. فإن المرأة إذا كانت في البيت سواء كانت زوجة أو بنت إذا استطاعت أن تكون محبوبة عند الأم وعند الأب وعند إخوانها وعند أخواتها فإنها تستطيع أن تؤثر فيهم كثيراً
22. لكن إذا كانت الأمور على النقيض فأعتقد أنها كمن يضرب في حديد بارد
23. مراعاة كبار السن وصعوبة التأثير عليهم فكثيراً ما تشتكي الفتيات من امرأة كبيرة السن قد تكون أمها أو أم زوجها أو خالتها أو قريبتها وإن هؤلاء النسوة لا يقبلن التوجيه وإذا قيل لهن شيء قلن: كل شيء لديكم حرام
24. دينكم جديد
25. أنتم كذا أنتم كذا.. تشتكي كثير من النساء من مثل هذا.. فأقول.. ينبغي أن يراعى هذا بالنسبة للنساء كبيرات السن بأمور منها:
أن تتلطف في الدعوة.. ومنها أنها إن رأتهن على منكر، يمكن أن تصرفهن عنه أولاً، فإن رأت غيبة تحاول أن تطرح موضوع آخر بعيد فإذا استغلت النساء بهذا الموضوع الجديد عن موضوع الغيبة، بحثت الفتاة يوم من الأيام عن كتاب يكون فيه كلمة لأحد العلماء المعروفين كسماحة الشيخ (ابن باز) أو غيره، فيها تحذير من الغيبة أو النميمة أو بيان الحكم الشرعي الذي أخطأت فيه المرأة ثم تأتي المرأة تقول: أريد أن أقرأ عليكم هذه فتوى للشيخ (ابن باز).. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. وتقرأ، حينئذ لا تملك المرأة الكبيرة أن تقول: هذا دين جديد، بل تقول: سبحان الله – سبحان الله، العلم بحر وتقبل هذا الكلام لأنها عرفت أن هذا الرجل له ثقله وله كبره.
من الحلول أيضاً: مراعاة الحاجة إلى أسلوب ملائم في الدعوة، يتميز بالمرح والمؤانسة وتطيب القلوب و خواطر الآخرين، وتقديم النصيحة لهم بالود والمحبة، ويمكن أن يأتي هنا دور الهدية، فإنها تسل السخيمة كما جاء في الحديث وإن كان لا يصح.
رابعاً: عقبات في طريق الدعوة
هناك عقبات كثيرة تعترض الداعية كما يعترض الرجل الداعية عقبات أخرى كثيرة أيضاً.. فمن هذه العقبات:
العقبة الأولى: الشعور بالتقصير، (وهي عقبة من النفس)، وكثير من الأخوات الداعيات تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة، المشكلة لو أن الفتاة تشعر بكمالها أو أهليتها التامة، ومعنى ذلك أنها لن تسعى إلى تكميل نفسها أو تلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين لأنها ترى في نفسها الكفاية، أما شعورها بالنقص والتقصير، فهو مدعاة إلى أن تستفيد مما عند الآخرين وأن تقبل النصيحة، وينبغي أن تعلم الأخت الداعية إنه ما من إنسان صادق إلا ويشعر بهذا الشعور، ويقول لي الكثيرون من الأخوة الشباب لو تعرف حقيقة ما نحن عليه لعذرتنا وغيرت رأيك، ونحن لا نقول هذا على سبيل التواضع أو هضم النفس ولا نعتقد أن النقص الذي عندنا هو كنقص الذي عندك أو عند الآخرين، كلا بل نحن مقصرون إلى درجة لا تحتمل!
والغريب أن هذا الكلام يقوله كل إنسان عن نفسه ولو نطق أفضل الناس في هذا العصر لقال هذا الكلام بعينه، ولكنه يدور في قلبه وفي نفسه ويؤثر أن لا يقوله، لئلا يصدم الآخرين أو يثبط عزائمهم أو يفكك هممهم، وهذه طبيعة الإنسان أنه كلما زاد صلاحه كلما زاد شعوره بالتقصير، كلما عرف علماً جديداً ازداد معرفة بأنه جاهل كما قال الشاعر:
وكلما ازددت علما *** ازددت علما بجهلي
فكلما زاد فضل الإنسان زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده زاد شعوره بالكمال، وباختصار فإنه ما دامت الروح على الجسد فلن يكمل الإنسان، وكلما شعر بالتقصير وهضم النفس كان أقرب إلى الله تعالى وأبعد عن الكبر والغرور، وقد يبتلى الله تعالى العبد أو الأمة بنوع تقصير خفي لا يعلمه الناس، يحميه الله تعالى به من داء العجب فيجعله دائم الذل لله ودائم الانطراح والانكسار بين يديه عز وجل، فلا يمنعنك الشعور بالتقصير من الدعوة إلى الله، فإنها من أعظم العبادات التي يكمل بها الإنسان نفسه، وهي من أفضل القربات, ونفعها يتعدى إلى الأخريات، وهي أفضل من نوافل الصوم وأفضل من نوافل الصلاة: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33].
ومن عقبات النفس أيضاً: التخوف والتهيب والإحجام من الدعوة والكلام أمام الأخريات وهذا لا يمكن أن يزول إلا بالتجربة والممارسة، ففي البداية يمكن أن تتعلم الفتاة ولو وسط مجموعة قليلة أن تلقي كلمة ولو كانت مكتوبة في ورقة، ثم مع مجموعة أكثر ثم تشارك في المسجد والدروس التي تقام في المدرسة ثم تبدأ بعد ذلك بإعداد العناصر ثم تلقي ما سوى ذلك من نفسها وبطريقة الارتجال.
ولا بد من التدرب وإلا سيظل الرجل وستظل المرأة تقول لا أستطيع، فلو بقي إنسان يتلقى طرق السباحة مثلاً عشر سنوات نظرياً ما استطاع أن يسبح، لكن لو نزل خمس دقائق في الماء وحاول أن يعوم، وخشي من الغرق ولكنه تغلب وهناك من يرشده ويؤيده ويساعده ويسدده فإنه يمكن أن يتعلم في خمس دقائق أو أقل من ذلك.
العقبة الثانية: هي عقبات من البيئة، فساد البيئة التي تعمل فيها المرأة سواء كانت هذه البيئة مدرسة أو مؤسسة أو مستشفى أو معهداً أو غير ذلك، فإن البيئة إذا كانت بيئة فاسدة تؤثر في نفسية المرأة وتضغط عليه ضغطاً شديداً، وأضرب لكم مثلاً رسالة جاءتني من إحدى الأخوات، تتكلم عن هذا الصرح العلماني المعروف: معهد الإدارة العامة، تقول: " العاملات فيه من الفليبينيات غير المسلمات غالباً، أقسم بالله لك أن بعض الطالبات يجدن متعة في الحديث معهن بكل صراحة، حتى أنها تعمل لها ما يسمى بـ (الحلاوة) ويقمن بقص الشعر وكتابة الأشعار الغزلية وترجمتها، المسجد مترين في مترين، ممر تقطعه ستارة بسيطة جلست مرة أنصح بعض طالبات التمريض فكادوا يكونون علي لبداً ".
هو مثال صغير محدود فالمستشفيات مثلاً، فيها مضايقات من بعض الأطباء والممرضين والمراجعين، والجامعات وما فيها من الاختلاط، والحفلات المختلطة، ورجال يدرسون البنات مباشرة وبدون حجاب وليس عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة، وقد تكون الدائرة التلفزيونية موجودة وتترك ليتكلم رجل مع النساء مباشرة، وأخذ توقيعاتهن بالموافقة على أن يدخل عليهن وجهاً لوجه، دكتور يشرف على رسالة طالبة وقد يلتقي بها على انفراد وفي غرفته الخاصة إلى آخر تلك المهازل التي ليس لها آخر.
وقبل أيام ثارت قضية قريبة منا هنا، في الكويت وقد تكلمت عنا الصحف بشكل مزعج للغاية، الدكاترة في كلية الطب يمنعون الطالبات المنتقبات من دخول الفصول ويا سبحان الله.. لماذا تمنعوهن من دخول الفصول؟
يقول: لأن الطالبة إذا كانت منتقبة، أي وضعت النقاب على وجهها فإن المريض قد يخاف ولا يكون مرتاحاً نفسياً فلا يساعد هذا على العلاج..! انظر كيف هي الحجج الواهية!
ألهذا الحد بلغت عنايتهم بالمرضى!
آخر يقول: أنا أقرأ التأثر على وجوه الطالبة ومن خلال رؤيتي لوجه الطالب أعرف هل فهم أو لا.. فكيف أقرأ هذا في وجه الطالبة وهي منتقبة؟
انظر كيف هي الحيل.. أوهى من بيت العنكبوت وأتفه من عقولهم، هذا الكلام السخيف الذي لا ينطلي على أحد يكتب في الصحف ويقال، وتصير قضية كبرى، وأنا أقول أيتها الأخوات: (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، أي إذا كان هذا في جامعة الكويت وهي منا قاب قوسين أو أدنى فما الذي يؤمنك أن الدور عليك، فواجب على أصحاب الغيرة أن يتحركوا الآن في هذه القضية وفي غيرها، ويكون لهم مساهمة، وأقل ما نستطيع أن نفعله هو مخاطبة المسؤولين وولاة الأمر ومكاتبتهم.
أمر آخر تلك الصحف الكويتية التي تنشر مثل هذه المهاترات وقد سلطت سهامها وأسلطت سيوفها على رقاب الخيرين فما تركت لفظاً من ألفاظ السباب والشتام في قاموس اللغة بل وما ليس بقاموس اللغة، إلا وألصقته بهؤلاء الأخيار وتكلمت فيهم، وشتمتهم وسبتهم وعيرتهم، وقالت الكلام البذيء المفزع المقذع الذي لا يجوز أن يقال في مثل هذا المقام، ووالله قصاصات، لو جلست إلى الفجر أقرأها ما انتهت.. كلها هجاء للأخيار.. صحيح أن الأخيار فيهم أخطاء.. نحن لا نقول أنهم ملائكة، لكن إلى هذا الحد؟!.. ويهجوهم أناس لهم تاريخ معين وإلى يومك هذا!
فأقول: ما هو دورنا..؟ أقل ما نستطيع أن نفعله هو أن نوقف دخول هذه الجرائد إلى بلادنا، لأنها تشترى في أسواقنا هنا أكثر مما تشترى في أي مكان آخر، والواجب أن توقف أو تطالب بالكف عن أعراض الأخيار وأن تتكلم بعقل واعتدال ومنطق.. نحن لا نقول لا تنتقدوا الأخيار.. لا.. انتقد من شئت لكن بالحجة.. بالبرهان بالموضوعية.. بالتعقل.. بالمنطق.. بالكلام.. بالدليل
أما كونك تأتي بألفاظ الشتم والسب والتجريح بدون حجة، وإنما هو مجرد بذاءة وقلة أدب، فقلة الأدب لا يجوز أن نشتريها بأموالنا وأقول: أين الرجال، أقل دور يمكن أن يقام به هو منع دخول هذه الجرائد والمجلات إلى بلادنا، وإذا لم نفلح فأقل ما نستطيع أن نقول نحن لكل أفراد المجتمع بوجوب مقاطعة هذه الصحف والمجلات ومحاربتها، وشن حملة لا تتوقف عليها حتى تتوقف هي عن النيل من ديننا ومن كرامتنا ومقدساتنا ومن أخلاقنا ومن الرجال الصالحين.
ومن الحلول في ذلك مواصلة العلماء وطلاب العلم والدعاة الغيورين، بكل ما يحدث داخل تلك المجتمعات، إنها ليست أسراراً ولا خفايا، كيف وهي تنشر في بعض الصحف العالمية، أعني بعض ما يجري في مجتمعات النساء هنا، فإذا تحدثت طالبة مثلاً أو راسلت أحد الدعاة، حقق معها بحجة أنها نشرت أسرار الجامعة أو نشرت أسرار المستشفى.. كيف يحدث هذا، إننا يجب أن نطمئن جميعاً إلى الجو الذي تدرس فيه بناتنا وتتعلم فيه أخواتنا ومن حقنا جميعا أن نعرف.
من الحلول.. النزول للميدان مهما كانت التضحيات، فالهروب من هذه التضحيات هو عبارة عن هدية ثمينة كما أسلفت، نقدمها بالمجان للعلمانيين والمفسدين في الأرض، وأرى اجتهاداً ضرورة خوض هذه الميادين وتحمل الفتاة ما تلقاه في ذات الله عز وجل، إلا إن خشيت على نفسها الفتنة ورأت أنها تسير إليها فعلاً لضعف إيمانها، أو قوة الدوافع الغريزية لديها أو ما شابه ذلك فحينئذ فالسلامة لا يعدلها شيء.
ويجب أن تظل الدعوة هاجساً قوياً للأخت مع كل الأطراف، فلا تعين الشيطان على أخواتها الأخريات، فحتى تلك التي يبدو فيها شيء من الجفوة في حقها أو الصدود عنها أو سوء الأدب معها، يجب أن تتحمل منها وتتلطف معها وتضع في الاعتبار أنه من الممكن أن تهتدي، والله تعالى على شيء قدير { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } [القصص: 56]
من الحلول أيضاً: يجب على الدعاة والتجار والمخلصين أن يسعوا جاهدين إلى إقامة مؤسسات إسلامية أهلية نظيفة مستقلة، فلم يعد مستحيلاً إقامة مستشفى نسائي خاص، ولم يعد مستحيلاً إقامة أسواق نسائية خاصة بل هي موجودة بالفعل، ولم يعد مستحيلاً كذلك إقامة مدارس نسائية خاصة بل وليس من المستحيل إقامة جامعات أو جامعة على الأقل خاصة للنساء في هذا البلد وفي كل بلد، وأعتقد أن الظروف الاقتصادية والظروف العلمية والظروف الإسلامية مواتية لمثل هذه الأعمال، فقد طال تململ الناس من تلك الأوضاع الفاسدة في عدد من المؤسسات الصحية والتعليمية والإدارية دون أن يطرأ عليها أي تغيير..
ونحن لم يجعلنا الله – تعالى – بمنه وكرمه في دار هوان ولا مضيعة وها هي أمم الكفر الآن قد سعت في هذا المضمار، وقد رأيت بعيني جامعات تضم ألوف الطالبات في قلب أمريكا، ليس فيها طالب واحد على الإطلاق مع أن دينهم ليس هو الذي أملى عليهم ذلك، فهم غير متدينين حقيقة ولكنهم رأوا في ذلك مصلحة ما، أفليس هذا جديراً بنا؟
كما قرأت في عدد من الأخبار أن هناك فنادق في ألمانيا وغيرها مخصصة للنساء فقط!
ونجد في بعض البلاد العربية والإسلامية بدايات لذلك، فمثلاً سمعت أن في سوريا مستشفيات مخصصة للنساء، وهنا لا بد أن نشير إلى بعض البوادر وهي أن هناك بعض الجمعيات الخيرية وبعض الجهود الفردية كانت وراء إقامة مستشفيات ومستوصفات مخصصة للنساء، تحمي المرأة المسلمة من المشاكل والصعوبات والقضايا الصحية التي تواجهها المرأة عندما تذهب للتطبيب في المستشفيات العامة..
وهناك جهود غير عادية لمحاولة إثارة قضية التمريض في أوساط البنات، ودعوتهن إليها بكل وسيلة، وتمنيات كبيرة من قبل المسؤولين في الاكتفاء بالممرضات السعوديات كما يقولون.. وأقول إن هذا لن يكون أبداً إلا إذا أوجدنا البيئة الصالحة التي تستطيع الفتاة أن تجد فيها الحفاظ على دينها، وأخلاقها، وهي تقوم بتمريض النساء من بنات جنسها بعيداً عن ارتكاب الحرام، وبعيداً عن الاختلاط بالرجال، فإذا كنتم تريدون فعلاً من بناتنا وبنات المسلمين أن يدخلن معاهد التمريض والمعاهد الصحية، فيجب عليكم أولاً أن توجدوا البيئة الصالحة التي تطمئن الفتاة ويطمئن أهلها إلى أنها سوف تكون هناك في هذا المكان المأمون المضمون البعيد عما حرم الله، فحينئذ نعم..
أما أن يزج الرجل بابنته في مثل هذه البيئات التي لا يأمن الإنسان عليها، والتي يرى فيها من المنكرات الشيء العظيم، أعتقد أن هذا الشيء غير ممكن بحال من الأحوال، حتى غير المتدين لا يتقبل هذا لأن الفتاة التي صارت في مثل هذه الأوضاع، قد يعزف الرجل عن الزواج بها.
فحتى من الناحية المصلحية والناحية الدنيوية يكونون بعيدين عن مثل هذه الأمور..
العقبة الثالثة: من العقبات التي تواجهها المجتمعات الدعوية النسائية.. عدم التجاوب من الأخريات من النساء ورد بعضهن للدعوة، وبدءاً أقول هذه الأمة أمة مجربة، فلست أنت أول من دعا وإنما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، فكان التجاوب كثيراً وكبيراً، و الكفار الآن يدخلون في دين الله أفواجاً، فمن باب أولى المسلمون يستجيبون لله والرسول إذا دعوا إلى ما يحييهم، وإذا أمروا ونهوا، فأما أسباب عدم التجاوب فإنها ترجع إلى بعض الأمور الآتية:
أولاً: ما يتعلق بالمدعوة نفسها فقد يكون السبب منها فعلاً، وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، أو طال مكثها في الشر وأصبح أمر خروجها منه ليس بالأمر السهل، وأصبحت جذورها ضاربة في تربة الشر والفساد، أو صعوبة طابعها وعدم ليونتها أو لشيء فيها من العناد وصعوبة المراس، أو لفساد البيئة التي ترجع إليها كوجود قرينات سوء يدعونها إلى الشر والفساد، وهذا كله يمكن أن يعالج بالصبر وطول النفس والأناة وتكثيف الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة إسلامية جديدة تكون بديلاً عن البيئة الفاسدة التي هي فيها، وقد يكون عدم قبولها للدعوة هو كبر سنها كما أسلفت فيعالج بالوسائل المناسبة.
ثانياً: ومن الأسباب التي تعوق قبول الدعوة، ما يتعلق بالداعية نفسها وذلك كعدم استخدامها الأسلوب المناسب، أو عدم قدرتها على الوصول إلى قلوب الأخريات أو قسوتها أو شدة تركيزها على أخطاء الآخرين، وهذه مشكلة، كون الدعوة دائماً تركز على الأخطاء، أو شعور الأخريات بأن الداعية تمارس نوعاً من الأستاذية أو التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها، لأنهن يعتبرن عملها هذا مساً للكرامة أو جرحاً للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة فترفض الدعوة ولا تقبل عليها.
والعلاج: هو أن تحرص الفتاة الداعية على استخدام أسلوب الالتماس والعرض والتلميح دون المواجهة والضرب في الوجه ما أمكن ذلك، وأن لا تشعر الأخريات بأنها مستعلية عليهن أو أنها فوقهن، أو أنها تشعر بالأستاذية أو التسلط عليهن.
ومن العلاج: العناية بشخصية المرأة عقيدة وثقافة وسلوكاً ومظهراً ومخبراً دون إهمال الأمور المهمة والأساسية بسبب الاشتغال بالقضايا المظهرية فحسب، إن 90 % من الأسئلة التي تصلني لا تكاد تتجاوز شعر الرأس إلا إلى أكمام اليدين أو حذاء القدمين!
حسناً.. أين عقيدة المرأة.. أين أخلاقها.. أين خوفها من ربها.. أين معرفتها بأحكام دينها.. أين معرفتها بعبادتها.. أين معرفتها بالصلاة بالصيام بالزكاة بالحج.. أين معرفتها بحقوق الآخرين عليها.. أين أين؟؟
كل هذه الأمور لا تكاد تجد عنها أسئلة، إنما تجد الأسئلة محصورة في موضوعات محددة جداً، وقد قلت هذا من خلال استقراء لعدد كبير من الأسئلة التي تصلني، نحن لا نهون من أمر شيء فالدين كله مهم.
ولما قيل للإمام مالك في مسألة.. هذا أمر صغير قال: ليس في الدين شيء صغير، الله تعالى يقول: { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [المزمل: 5].
فالدين كله كذلك لكن رحم الله امرئ وضع الشيء في موضعه وهذه من الحكمة، فمثلاً لماذا نهون من أمور العقيدة وأمور القلب، القلب الذي يقول فيه المصطفى عليه الصلاة والسلام:
« في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله »، لماذا لا نعتني بالقلب؟ فصلاحه صلاح للظاهر.
من العلاج أيضاً: عدم تتبع الزلات والعثرات فما من إنسان إلا وعليه مآخذ وله زلات، وليس من الأسلوب التربوي أبداً التركيز على ملاحظة الزلات، فلقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يثني أحياناً ويمدح الإنسان الذي يستحق المدح بخصال الخير الموجودة فيه، وكتب المناقب في البخاري ومسلم وكل كتب السنة مليئة بمثل ذلك، فيثني على الإنسان بالخير الموجود فيه حتى ينمو هذا الخير ويكبر، وحتى يقتدي به الآخرون في ذلك.. لأن المدح.. مدح الإنسان بالخير الموجود فيه وليس بشرط أن تمدح الشخص ذاته، بل تمدح الفئات أو الأمة أو الطائفة بالخير الموجود فيهم، يدعوهم ذلك إلى المزيد من الخير وإلى محاولة التغلب على خصال النقص الموجودة لديهم، ولا يمنع هذا أن يلاحظ أن على الفتاة أحياناً شيئاً من النقص فتنصح به في رسالة أو حديث أخوي مباشر أو مكالمة هاتفية، لكن لا يكون هذا الأصل بل طارئ لمناسبة وجود خطأ معين.
ومن العلاج: عدم محاصرة المرأة المخطئة أو المقصرة أو المسارعة إلى اتهامها، فنحن لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا أن نشق عن صدورهم، وليس لنا إلا الظاهر، لسنا بمغفلين بكل تأكيد ولكن لا نطلق لخيالنا العنان في تصور فساد مستور أمره إلى الله تعالى، إن شاء عذب وإن شاء غفر والله تعالى يقول: { رحمتي سبقت غضبي }.
أحياناً يتصور الإنسان فساداً ما ويغلب على ظنه أنه واقع، لكن لا داعي له طالما أنه أمر مستور لم يظهر لك، وليس عندك أدلة، فدع أمر الناس إلى الناس، وقد يتبين لك أن ما كنت تظنه خطأ وسوء الظن مشكلة تعذب قلب الإنسان نفسه، وقد تسبب أذى للآخرين.. وقد تحول بينه وبينهم في دعوتهم إلى الله تعالى، فمن ظهر منه شيء أخذناه به أما المستور فأمره إلى الله تعالى..
وبين اليقظة وسوء الظن خيط رفيع فبعض الناس عنده تغفيل والتغفيل مذموم، قد يرى الفساد ويتجاهله أو يتغافله وهذا لا يصح فينبغي أن يكون الإنسان يقظاً واعياً مدركاً وفي نفس الوقت يبعد سوء جانب.
خامساً / موضوعات وكتب:
أولاً: من الموضوعات التي من المناسب أن تطرح في مجالس النساء ودروسهن ما يلي:
الطهارة..
التوبة..
محبة الله تعالى .. محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم..
ثقافة الفتاة..
اللباس والزي الشرعي وشروطه..
نصائح للفتاة قبل الزواج..
الأخوة في الله ومعناها وفضلها وبيان متى تكون الأخوة دينية ومتى تكون الأخوة عواطف مذمومة..
آثار المعصية على الفرد وأثر المعصية على المجتمع..
التواضع وفضله موضوع الأمانة..
إصلاح القلوب.. أنواع القلوب أسباب صلاح القلب وأسباب فساده ..
أثر الإيمان باليوم الآخر على الفتاة ..
عذاب القبر ونعيمه.. أسباب النجاة من عذاب القبر..
أثر الإيمان بالقدر في حياة الإنسان وفي حياة المرأة ..
الأمانة..
دور الفتاة في إصلاح المجتمع.. دور الفتاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
صفات الآمر والناهي و صفات الداعية..
الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين..
واقع المرأة الغربية وأسبابه..
أسباب السعادة الزوجية ..
طرق تربية الأبناء ودور الأم في ذلك ..
سير ونماذج من حياة الصحابيات ..
أثر الأفلام والمسلسلات على الفتاة ..
وسائل أعداد الإسلام لإفساد المرأة ..
حقوق الآخرين: حقوق الوالدين.. حقوق الزوج - حقوق الأخوة - حقوق الأبناء - حقوق الأصدقاء.. حقوق الجيران..
أثر الجليس على الإنسان..
قراءة القرآن وفضله وآدابه..
موضوعات للمناسبات مثل:
الصيام - الحج الإجازات الصيفية - الأحداث المتجددة القريبة والبعيدة.. موضوع الأذكار والأدعية الشرعية.
ثانياً: عرض لبعض الكتب المفيدة المختارة :
تفسير ابن كثير - العقيدة الواسطية - كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب- زاد المعاد - فتاوى النساء لابن تيمية - التحفة العراقية لابن تيمية في أعمال القلوب - إغاثة اللهفان لابن القيم، رياض الصالحين للنووي - تهذيب سيرة ابن هشام - قبسات من الرسول - الشمائل المحمدية للترمذي ومختصره للشيخ الألباني - الفوائد لابن القيم - صيد الخاطر لابن الجوزي مع ثغرات فيه - تلبيس إبليس لابن الجوزي - حقوق النساء في الإسلام لرشيد رضا - معركة التقاليد لمحمد المقدم - المرأة المسلمة المعاصرة لأحمد البابطين - الموضة في التصور الإسلامي للزهراء فاطمة بنت عبد الله - كيف تخشعين في الصلاة لرقية المحارب - عمل المرأة في الميزان للدكتور البار - النساء الداعيات لتوفيق الواعي - رسائل إلى حواء لمحمد رشيد العويد - كلمات إلى حواء من الكتاب - دليل الطالبة المؤمنة لمحمد الخلف - سري وللنساء فقط للقطان - أفراح الروح لسيد قطب - مواقف نسائية مشرفة لنجيب العامر.
من نعني بكلمة ملتزمة؟
إننا نعني بها تلك الفتاة التي آمنت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد – صلى الله عليه وآله وسلم – نبياً ورسولاً، ورضيت منهج الله – تعالى – وشريعته ديناً ودرباً وطريقاً..
فلم ترض قوانين الشرق والغرب ولا تقاليدها، إنما رضيت أن تكون أسوتها وقدوتها هن النسوة المؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين، فليست هي تلك الفتاة التي أخذت الدين تقليداً عن آبائها وأجدادها وهي تشعر أنه عبء ثقيل تتمنى أن تلقيه عن كاهلها صباحاً أو مساءً.. كلا..
ولا تلك الفتاة التي أخذت من دينها بظاهره وغفلت عن باطنه وحقيقته، فإن الدين كله مظهر ومخبر وسلوك وعقيدة..
ولا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يفرط ببعض الكتاب { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } [البقرة: 85]
وهذه قصيدة للشاعر (العشماوي) في وصف بعض التناقض الموجود عند بعض البيئات وبعض النسوة:
هـــذي العيــون وذلك القـــــــد *** والشيح والريحــــان والند
مــن أيـــن جئت أ أنجبتك رؤى *** بيض فأنــت الزهر والــورد
قالــــت وفـي أجفانهـــا كحـــل *** يغري وفي كلماتــها جــد
عربيـــــة حريتــــي جعــــلــــت *** مني فتــاة مالهــــا نـــــد
أغشى بقاع الأرض ما سنحت*** لي فرصة بالنفس أعتــــد
عربية ! فســـألــت مسلمـــة؟ *** قالت نعم ولخالقي الحمد
فسألتها والحزن يـعصف بــــي ***والنــــار في قلبي لها وقــد
من أيـن هـذا الزي ما عـــرفت *** أرض الحجـــاز ولا رأت نـجد
هذا التبــــذل يــــا محدثتــــي *** سهم من الإلحـــاد مرتـــد
فتنمرت ثـــــم انثنــــت صلفــاً *** ولسانها لسبابهـــا عبـــد
قالت أنـــا بالنفــــس واثقـــــة ***حريتي دون الهـوى ســـــد
فأجبتها والنــــار تلفحــــنـــي *** أخشى بأن يتنــاثر العقــد
ضدان يا أختاه مـا اجتمعــــــا ***دين الهدى و الكفر والصـــد
والله مــــــــا أزرى بــــأمتنـــــا*** إلا ازدواج مــــالـــــه حـــــــد
****
ومصادر هذه المادة بعد كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذين بهما نسترشد ونستهدي في كل طرق الحياة، هي من رسائل الأخوات واستفساراتهن وكتاباتهن إلي.
فبدءاً من العنوان " هموم ملتزمة " وهو اقتراح من إحدى الأخوات، ومروراً بالموضوعات وانتهاء ببعض الأسئلة حرصت أن يكون كل ذلك مما عملته أيديهن.
تقول إحداهن في مطلع اقتراحها للموضوع:
إن الملتزمة بحاجة ماسة إلى من يأخذ بيدها ويطور لها التزامها، وبالذات مع شعورنا بأن هناك من الواعين من يعتقد أن تحجّب الفتاة وتركها لمشاهدة التلفاز، هو النقطة الأخيرة التي تقف عندها..
ليتهم يعلمون أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الذكر والفهم السليم (هكذا تقول الأخت)، وإذا كنا نوافق أن كثيراً من الناس يظنون أن الالتزام ينتهي عند حد الحجاب، وترك مشاهدة التلفاز، مع أن الواقع أن المسلم والمسلمة لا يزالان في جهاد وترقب إلى الموت، تصديقاً لقول الله عز وجل: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }[الحجر: 99].
وقوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت: 69]
فالالتزام ليس مرحلة يتجاوزها الإنسان إلى غيرها.. أو قضية ينتهي عندها.. لا.. بل إن الالتزام هو محاولة مستمرة تـظل مع الفتى ومع الفتاة إلى الممات، حتى في ساعة الموت يجاهد الإنسان ويعبد ربه: { حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99]
وما دام أن الروح في الجسد وما دام أن النفس يتردد فأمام الإنسان ألوان وألوان من المجاهدات والمصابرات والمدافعات يحتاج المرء أو المرأة إليها.. ولكننا لا نوافق تلك الأخت على أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الذكر والفهم السليم فإن كثيراً من الأخوات الملتزمات يملكن بحمد الله قدراً جيداً من الفهم السليم والعقول الناضجة والمواهب القوية، نسأل الله تعالى لنا ولهن جميعا الثبات.
أما العناوين فهي كالتالي:
أولاً: المرأة والالتزام.
ثانياً: من صفات الداعية.
ثالثاً: من مشكلات الدعوة النسائية.
رابعاً: عقبات في الطريق.
خامساً: موضوعات وكتب.
***********
أولاً : المرأة و الالتزام:
المرأة بطبيعتها أكثر تأثراً بالخير والشر وبما يحيط بها من الرجل، ولذلك نعرف خطر استغلال أجهزة الزور المسماة بأجهزة الإعلام في التخريب، وتأثير تلك الأجهزة في عقلية المرأة ناجمة عن بقاء المرأة في المنـزل ووجود الفراغ الذي تعيشه جزءا من الوقت, فكثير من النساء تعكف عند هذا الجهاز، ومنه تتناول ثقافتها وعلمها بل وحتى معلوماتها عن دينها، من خلال بعض الأقوال والآراء والأطروحات والأمور التي تقدم لها.
وإن من الواجب أن يستخدم الدعاة الوسائل العلنية العامة في مخاطبة النساء كالشريط والكتاب والمحاضرة المتخصصة بل والمدرسة والجامعة, حتى أقول: والسوق وكل وسيلة متاحة مباحة، فإنه ينبغي أن يستخدمها الدعاة إلى الله تعالى في الوصول إلى عقول النساء وقلوبهن ومخاطبتهن بآيات الله – تعالى – والحكمة..
أيها الأحبة.. أيتها الأخوات.. إن رموز الوطنية والتحرر والثقافة في معظم البلاد العربية أمثال هدى شعراوي وأمينة السعيد ونوال السعداوي والقائمة المعروفة.. كن رموزاً في نظرهم يطبّل لها الإعلام، وتتكلم عنها الصحافة ويعتبرن رائدات في مجالهن، أما في بلادنا في هذه الجزيرة بالذات فلا تزال المستغربات في العقل والشعور موضوع ازدراء وسخرية من المجتمع بحمد الله تعالى.
فهن يكتبن في صحفنا بكل تأكيد ولكن على استحياء وبشيء من الغموض فإذا أرادت إحداهن نقد الدين عبرت بالطقوس والتقاليد البالية والسراب ومخلفات القرون السابقة، لكنها لا تستطيع أن تتكلم عن الدين هكذا صراحاً بواحاً.
وإذا أرادت نقد العلماء والدعاة عبرت بالمتطرفين وبالأصوليين ضيقي الأفق, أو أبعد في النجعة فعبرت بالكهانة والكهنة.
وهذا يبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا في وجوب وجود قيادات نسائية مـعروفة على كافة المستويات، فلا بد أن تكون في المدرسات قيادة وفي نطاق (التعليم) قيادات، وعلى مستوى البلد قيادات بل وعلى مستوى الإقليم قيادات، وهذا وإن كان واجباً في كل بلاد الإسلام إلا أنه في هذا البلد أسهل وأيسر، فلا يزال الميدان مكشوفاً مفتوحاً لمن أراد.
والبعض من الإخوة يعتبون علي ويقولون: لماذا تحرض النساء على الاستمرار في الدراسة مثلاً أو على مواصلة العمل وخاصة من المتدينات؟
والجواب.. أقول لإخوتي وأخواتي.. إننا في مجتمع لا ننفرد نحن بصياغته وصناعته، بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون (ذووا) عقول شتى ومذاهب مختلفة وآراء (متباينة)، بل ونظريات واتجاهات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما يقال..
فإذا توقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف، ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك مجالات العمل والتأثير فإننا سمحنا لكل تلك الفئات والطبقات والاتجاهات التي لا تسمع لنا أصلاً بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سداً منيعاً أمام العنصر الوحيد الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة، أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أن ثمة خدمة يمكن أن نقدمها بالمجان للعلمانيين وأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة، ألا وهي أن تخلو التجمعات النسائية بجامعاتها ودراساتها ومعاهدها وندواتها وأعمالها من الملتزمة التي ترفع راية الدين وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر!
وأقل ما يمكن أن تقوم به تلك الملتزمة هي أن تشعر المجتمع بما يجري داخل تلك المجتمعات النسائية وما يكون وراء الكواليس ووراء الستار، إن العلماء والدعاة بل والعامة أحوج ما يكونون إلى من يقول لهم إنه يجري في أوساط النساء كيت وكيت، فأين دوركم وما مجالكم وأين هي أصواتكم؟
فإخبارهم بما يحصل ويحدث داخل تلك الأسوار هو أقل ما يمكن، ومع ذلك أعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى أو كاد أن ينتهي (أي أن دور الخيريين والخيرات لا يجوز أبداً أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى للجهات المختصة)، لأسباب أهمها:
أولاً: لو كان هناك إصرار من القمم على منع رياح التغيير والفساد لأحكموا غلق النوافذ، والمسؤولون الصغار دائماً وأبداً يتلمسون مواقف الكبار وردود فعلهم ومدى حزمهم أو تساهلهم، ولذلك يقال في النكت والطرائف، إذا أردت أن تعرف مدى قوة المسؤول في بلد، فانظر في سلوك البقال إذا صار بينك وبينه مشاجرة، فإذا قلت له إن فعلت وإلا رفعتك إلى مدير الشرطة أو إلى المحافظ أو إلى الأمير، فوجدته اضطرب وارتبك وخاف فاعرف أن هذا دليل القوة والعدل، وأن سيف الحق صارم، أما إذا قال لك: ارفع وافعل ما شئت، وأمامك هيئة الأمم المتحدة وأمامك وأمامك.. فاعلم أن الأمر دليل على التراخي..
ثانياً: ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال، خاصة ونحن في عصر صار للجماهير فيه تأثير كبير، حيث أسقطوا زعماء كبار وهزوا عروشاً وحطموا أسواراً وحواجز، ولا زالت صورة العُزّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي، بعدما قام الانقلاب الشيوعي الأخير الذي فشل، وهم يتدافعون في وجوه الدبابات بالآلاف بل بعشرات الآلاف، حتى استطاعوا وهم لا يملكون ولا حتى رصاصة واحدة، أن يقفوا في وجه ذلك الانقلاب ويفشلوه، لازالت هذه الصورة ماثلة للأذهان وقد رآها العالم كله حية على الهواء في شرقه وغربه.
فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمعاً منقسماً وهذه حقيقة { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل: 45]، وهذا الانقسام إلى حق وباطل ومهتدٍ وضال ومؤمن وفاجر، وهو أمر لا خيار فيه ولا حل له، ولا يعني أن هناك سعياً إلى تمزيق المجتمع بل هو سعي إلى تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، ووضع الأمر في نصابه.
أقول، إذا كان المجتمع منقسماً - وهذه حقيقة - فينبغي أن يمارس الخيّرون كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية، والشكوى وسيلة لا يمكن أن نهون منها أو من شأنها، ولكنها من أضعف الوسائل خاصة إذا لم يكن معها غيرها، لكن يستطيع الأخيار أن يمارسوا دورهم كغيرهم، وكما أن تلك الفتاة المنحرفة المشبعة بأفكار الغرب واتجاهاته استطاعت أن تصل إلى موقع التأثير والمسؤولية، وغيرت عقول بعض بناتنا وبعض فتياتنا وأثرت عليهن، فكذلك تستطيع الطيبة الصالحة المهتدية أن تكون في الموقع نفسه، وليس هناك حواجز بحمد الله تقف في وجهها، وإن وجد حواجز فالتغلب عليها ممكن و(الحاجة أم الاختراع)، والمؤمن الصادق لا يعدم حيلة توصله بإذن الله تعالى إلى ما يريد.
ثالثاً: الذي يجعلني أقول إن مجرد الشكوى لا يكفي، أنه من غير الممكن اليوم أن نقول للناس أغلقوا الجامعات أغلقوا المستشفيات.. أغلقوا المؤسسات النسائية، فهذا أمر غير مطلوب فلابد للناس من كل هذه الأمور وهي مؤسسات ارتبطت بحياة الناس الآن بدون شك، فلم يبق إلا أن يرسم لهذه المؤسسات والمدارس والمستشفيات الإطار الشرعي الصحيح، والشرع جاء بضبط كل شيء { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } [الإسراء: 12]، فلم يبق إلا أن تشجع الفاضلات على إدارتها، أو على الأقل على المساهمة فيها ومزاحمة الاتجاهات الأخرى غير المهتدية.
ثانياً : من صفات الداعية
وإذا كنا نتحدث عن الفتاة الملتزمة، فإنني أكاد أعتقد أن امرأةً أو رجلاً ملتزماً، لا يمكن أن نتصور أنه غير داعية في مثل هذه الظروف الواقعة الآن، لأن من الالتزام أن يدعو الإنسان إلى الله، ومعنى كون المرأة ملتزمة أي أنها مطيعة لربها, والله عز وجل يقول: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } [التوبة: 71]؛ إذن فأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر هو جزء من التزامها وقيامها بأمر الله تعالى هو كذلك جزء منه، لأن الله تعالى يقول: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران: 110]
ويقول: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143]، إذن فقيامها بواجبها وقيامها بالدعوة إلى الله وقيامها بالإصلاح وقيامها بالأمر والنهي هو جزء من التزامها.
وقد أثبتت الأحداث والتجارب الكثيرة أن هذه الأمة رجالاً ونساءً لديها قدرة على قبول الحق، بل لديها رغبة في سماع الحق والتزامه.
إذن لا عذر لرجل منا أو امرأة أن يقول أنا ملتزم ولكنني غير داعية، أبداً كل ملتزم فهو داعية.. داعية بالفطرة.. لأن التزامه يعني أنه مطيع وأن الذي أمره بالصلاة هو الذي أمره بالدعوة وهو الذي أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن أن نفرق بين هذا وذاك بحال من الأحوال، ولذلك حديثي ينصب على الملتزمة الواعية الداعية باعتبار أنها هي المخاطبة أصلة بهذا الموضوع، ولا شك أن كل صفة نتصورها في الرجل الداعي هي أيضاً مطلوبة في المرأة..
الصفة الأولى: العلم بما تدعوا إليه، وهذا من الواجبات فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلم هل هو من الشرع أم ليس من الشرع هل هو من العادات أم من العبادات هل هو من الأمور الدينية أو من التقاليد الاجتماعية الموروثة مثلاً، والشرع واضح بحمد الله: إما آية محكمة أو سنة ماضية أو إجماع قائم، أو قول معروف مبني على اجتهاد صحيح واضح كالشمس.
فلا بد أن تعرف المرأة المسلمة الأمر الذي تدعو إليه بدليله بحيث إذا قال لها أحد لماذا وما الدليل استطاعت أن تجيب على ذلك.
الصفة الثانية: القدوة الحسنة، ومن قبل قال شعيب عليه السلام: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [هود: 88]، وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له يا فلان: ما لك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، قال: بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر وآتيه ».
إذن فمن الخطورة بمكان أن يتكلم الإنسان فيكذب ذلك بأفعاله.
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً *** إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً *** والموبقات لعمري أنت جانيها
والكلام في الرجل والمرأة، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: « يؤتى بالرجل » لا يمنع والمرأة أيضاً، وإنما ذكر الرجل على سبيل التغليب، وإلا فالحكم واحد والطبيعة واحدة، وما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا بدليل يخرجها منه..
يـا أيهــــا الرجـــــل المعلــــم غيـــره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى*** كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانههــــا عـــن غيهــــــا *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم
وهناك يقبــــل إن وعظــــت ويقتـدى ***بالقول منـــك وينفع التعليم
لا تنـــه عن خلــــق وتأتـــي مثـلــــه ***عار عليك إذا فعلت عظيـــم
فالتربية والدعوة بالسلوك أحياناً أحسن من ألف محاضرة، وسلوك امرأة بين زميلاتها بحسن خلقها وأدبها ومظهرها ومخبرها وطيب حديثها والتزامها بشريعة ربها وصلاحها.. أفضل من كثير من الكلمات والمحاضرات، التي نبدأ فيها ونعيد ونردد الكلام، وقد لا يسمعه الكثيرون، فكثير من الأخوات تقول ليس لدي رغبة في أن أسمع الأشرطة الدينية، لكن لو وجدت أمامها نموذجاً حياً وصورة حية.. من فتاة ملتزمة متدينة فأعجبتها، فأعتقد أنها هنا لا تحتاج إلى أن تسمع شريطاً، والحق واضح ولا يحتاج إلى صعوبات في من يريده، فلا بد من القدوة الحسنة ولا بد من الأخت الداعية أن تكون قدوة حسنة في عبادتها وسلوكها ومخبرها وفي قلبها، وفي عقيدتها وأخلاقها وطيبتها، وفي مظهرها أيضاً، في شكلها وفي شعرها وفي ثيابها، وفي مشيتها وحركاتها وأعمالها وأقوالها وفي كل شيء.
وأضرب لك ولكِ مثلا على ذلك.. المرأة الداعية القدوة التي تظهر بمظهر لا يليق بمثلها، كأن تلبس مثلاً عباءة مطرزة أو تلبس كاباً مطرزاً، هو زينة في نفسه أو تضعه على كتفها أو تظهر زينتها للأجانب، أو تكون مولعة بمتابعة الموضات والتسريحات أولاً بأول، لا نقول أنه يجب عليها أن تسكت إذا كانت هكذا لا.. فهي مطالبة بالدعوة كما قلنا منذ قبل، ولكن أيضاً حين تدعو فإنها بهذا العمل الذي عملته سنت للأخريات سنة يقلدونها فيها، إما عن حسن ظن بأن هذا العمل الذي فعلته لا شيء فيه والدليل أن فلانة فعلته، أو سيقولون إن هذه المرأة لا تستحق أن يسمع لها لأنها تناقض قولها بفعلها.
فينبغي أن تتجنب الأخت الداعية بعض الأمور المشتبهة حماية لعرضها وحماية لدعوتها.
الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب، مما يحبب إليها الأخريات، ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة، والأسلوب شديد التأثير في قبول الدعوة أو ردها، ولا يجوز لنا أبداً أن نتجنى على الحق الذي نحمله، حين نقدمه للناس بالأسلوب الغليظ الجاف، بل يجب أن نعطف على الآخرين ونحتوي مشاعرهم، ونتلمس همومهم ونشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، ولا نستعلي عليهم أو نستكبر فما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه.
الصفة الرابعة: أن يكون عند الداعية قدر من اهتمامها بمظهرها.. لأنه قد يظن البعض أنني أدعو إلى أن تكون المرأة المتدينة الداعية، مبتذلة بعيدة عن الاهتمام بمظهرها، وهذا مرفوض، فالمظهر هو البوابة الرئيسية التي لا بد من عبورها إلى قلوب الأخريات، ومن الطبيعي أن تتحلى المرأة أو تبحث عن الثوب الجميل، والله تعالى قال: { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [الزخرف: 18]، فكون الفتاة تنشأ منذ طفولتها في الحلية هذا أمر طبعي لا تلام عليه.
ومن الطبيعي أن تهتم المرأة بتسريح شعرها وأن تعتني بمظهرها والرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بذلك الرجل، فلما جاءه رجل أشعث الرأس أمره بأن يسرح شعره ويدهنه، ولما جاءه بعد ذلك قال: « هذا خير من أن يأتي أحدكم أشعث الرأس كأنه شيطان »، فالمرأة مع بنات جنسها من باب أولى..
نحن بطبيعة الحال لا نقبل أبدا أن تتبرج المرأة المسلمة بزينة، ولا أن تتطيب لخروجها من بيتها، لكن هذا لا يعني بحال التبذل أو أن تذهب إلى المجتمعات النسائية في أثواب ممتهنة، خاصة حين تكون داعية يشار إليها بالبنان.
الفتيات اليوم يعرضن عن الدعوة لأنهن يعتقدن أن معنى الالتزام هو أن تتخلى عن كل مظهر من مظاهر اهتمامها بنفسها وهي بالطبع لا تريد ذلك، وتقول كل شيء إلا اهتمامي بمظهري!
ومن قال أن الإسلام يحول بينها وبين ذلك؟
ولكن في حدود ما أباحه الله تعالى، فمظهر مباح وثوب ليس زينة في نفسه غير متطيبة فيه ولا تظهر به أمام الرجال.
الصفة الخامسة: الاعتدال في كل شيء ومن ذلك الاعتدال في مشاعرها بين الإفراط والتفريط، فنحن نجد مثلاً من بعض الأخوات من تكون جافة في عواطفها ومشاعرها، لا تتجاوب مع الآخرين ولا تبادلهم شعوراً بشعور، ووداً بود ومحبة بمحبة أو تبتسم في وجوههم، وترى أن جدية الدين والدعوة تتطلب قدراً من الصرامة والوضوح والقسمات الجادة، وهذا أمر بلا شك غير مقبول « وتبسمك في وجه أخيك صدقة » كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول للمرأة أيضاً: وتبسمك في وجه أختك هي صدقة أيضاً فالحكم عام.
وبالمقابل هناك من النساء أو من الأخوات من تبالغ في المشاعر وتبالغ في إغراق الآخرين بمشاعر تصل أحياناً إلى حد الإفراط، فتجدين أن من الأخوات لا تصبر عن فلانة ساعة من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها الأوقات الطويلة تبث إحداهما إلى الأخرى مشاعرها وهمومها وشجونها، بل ربما تغار إذا رأت أخرى تجالسها أو تحادثها، لأنها تريدها لنفسها فقط، وهذا نوع مما يسمى بـ"الإعجاب" في أوساط البنات، فضلاً عن قضية المحاكاة والتقليد أي أنها تقلدها في كل شيء في حركاتها وسكناتها، وفي طريقة كلامها ولباسها وحذائها وثيابها، وحركات يدها وفي كل شيء، ولا شك أن ذوبان شخصية البنت في أخرى ولو كانت داعية ضياع، لأن الله عز وجل خاطب كل إنسان بمفرده { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً }[مريم: 93-95].
وقال سبحانه: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [الشمس: 7-10]
فينبغي أن تشعر المسلمة باستقلاليتها، وأنه لا يجوز أن تذوب في شخصية أخرى، فهي موقوفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة بذاتها وبمفردها.
ثالثاً : من مشكلات الدعوة النسائية
هناك مشكلات كثيرة في مجال دعوة النساء أشير إلى شيء منها فمن هذه المشكلات:
أولاً: قلة عدد النساء الداعيات، وهذه القلة يعاني منها الكثيرون، ولذلك نجد هناك جهلاً كبيراً في أوساط الفتيات.. حتى في عالم المدن فضلاً عن القرى والأرياف والمناطق النائية.
والحل أمام هذه المشكلة يتمثل في أمور، أعرضها في اختصار: فمن الحلول:
الحل الأول: طلب المشاركة من الجميع بمعنى أن تحرص الأخت المسلمة على أن تشارك كل النساء في الدعوة إلى الله تعالى، كل الغيورات حتى مع وجود شيء من التقصير، فلا يشترط للدعوة أن تكون كاملاً، فالدعوة ليست نادياً للكملة، والكمال في البشر عزيز، وما من إنسان إلا وفيه نقص ولكن هذا النقص لا يمكن أن يحول بين الإنسان وبين قيامه بواجب الدعوة إلى الله تعالى، فأنت تدعو مثلاً إلى ما عملت بل حتى ما لم تعمله..
ويمكن أن تدعو إليه بطريقتك الخاصة.. فمثلاً الإنسان المقصر رجلاً أو امرأة يمكن أن يقول للناس: "الأمر الذي وقعت فيه وهو كيت وكيت، أعرف أنه خطأ وأستغفر الله تعالى منه وأتوب إليه، وقد يكون منكم من هو أقوى عزيمة مني، أو أصلب إرادة أو أصدق إيمانا أو أخلص لله عز وجل، فيستطيع أن ينجح هو فيما فشلت فيه أنا"، فتكون دللت على الخير ولك مثل أجر فاعله ولو كنت مقصراً فيه.
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد
ولذلك قال الأصوليون: "حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً"
يعني وقوع الإنسان في المعصية لا يسوغ له ترك النهي عنها أبداً، بل ينهى عن المعصية ولو كان واقعاً فيها ويأمر بالمعروف ولو كان تاركاً له، وإن كان الأكمل والأفضل والأدعى للقبول سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [هود: 88].
ولكن حتى مع التقصير يجب أن تجد الأخت الساعية الأخريات إلى المشاركة.. مثلاً الطالبات في المدارس.. يمكن أن تشارك الطالبة في كلمة أو توجيه أو إعداد بحث مصغر في أمور معينة تحدث بها بنات جنسها من خلال حلقة المسجد أو الدرس أو أي مناسبة أخرى، مع مراعاة وتعاهد هؤلاء النساء بالتوجيه, فكونها قامت أو تكلمت أو ألقت محاضرة أو كلمة أو بحث لا يعني أنها قد جاوزت القنطرة، وأصبحت داعية يطلب منها ولا يوجه إليها، بمعنى يطلب منها أن تأمر الناس ولا تؤمر هي.. كلا.. بل هو مطلوب أن تتعاهد.. ويحرص عليها وتنصح وتقرأ مشاعرها، وتوضع في موضعها الطبيعي فلا نبالغ في الثقة بها وإطلاق العنان لها بما قد يضر بها..
وقد سمعت واطلعت على كثير من الحالات أن الفتاة لما تكون في المرحلة الثانوية مثلاً ثم يسند إليها أمر الدعوة كله في المدرسة فتكون هي الداعية وهي المعلمة والمتكلمة والواعظة والمتحدثة، وتصبح الأنظار تتجه إليها والأصابع تشير إليها، والأخريات ينظرن إليها نظرة معينة يفقدها ذلك أحياناً نوعاً من القدرة على ضبط نفسها وعلى اتزانها ويكون له تأثير سلبي على نفسيتها وعلى اهتماماتها التربوية الأخرى، فربما تنسى نفسها أحياناً وربما تبالغ في بعض الأمور وربما تجتهد فلا تصيب، لأن الفترة والسن الذي تعيش فيه لا تجعلها قادرة على الاجتهاد في كل المسائل، بل ربما يشعر أهلها بشيء من التقصير، وقد اطلعت على حالات وصلت إلى حد أزمة نفسية!!
إذن يجب أن نفرق فلا نقول لا تتدخل الفتاة وهي في مثل هذا السن في الدعوة، فهذا لا ينبغي، ولا يصح أن نضع في يدها الأمر كله من الألف إلى الياء ونجعلها هي القائمة بالأمر قياماً كاملاً، بل ينبغي أن تكون في مجال التدريب والمساهمة والمشاركة مع أخريات، وأن نتعاهدها بالتوجيه والنصح ونقول: هنا أصبت وهنا كنت تحتاجين إلى أن تجتهدي في الأمر أكثر وهذا خطأ ينبغي تجنبه وهكذا.
الحل الثاني: الاتجاه نحو الجهود العامة.. فمثلاً.. مجموعة من الجلسات قد تشمل عشرين أو ثلاثين امرأة، لكن نرى المرأة الداعية تجلس في بيتها جلسة خاصة لخمس من جيرانها، خمس نساء فقط، ولو أنها أقامت محاضرة أو درساً عاماً أو أمسيةً لكان من الممكن أن تشمل مئات النساء، فيكون هذا الجهد المحدود الذي صرفته إلى خمس من الممكن أن تصرفه إلى خمسين أو إلى خمسمائة امرأة.. بطبيعة الحال نحن لا نقلل من أهمية الدروس والجلسات الخاصة.. لا, فهذه الدروس والجلسات الخاصة لها أهميتها.. فهي:
أولاً: تخاطب فئة من المجتمع.
ثانياً: ربما يوجد امرأة تقدر أن تقيم جلسة خاصة لخمس لكنها لا تستطيع أن تقيم محاضرة أو درساً عاماً.
ثالثاً : أن الجلسة الخاصة لخمس نساء أو عشر يمكن التحكم في وقتها وفي مكانها ولكن درس أو محاضرة قد يصعب قيامه.
لكن نقول متى أمكن أن تقوم المرأة بنشاط عام كمحاضرة أو درس عام أو ندوة فإن ذلك يكون أبلغ في التأثير وأوسع في المنطقة التي تخاطبها.
الحل الثالث: ضرورة التركيز من الجميع رجالاً ونساءً، على إعداد جيل من الداعيات الواعيات، ممن يحملن هم الإسلام وتنمية معاني الدعوة لديهن.. قد تكون زوجتك ممن تصلح لهذا فلا يجوز أن يكون زواجها نهاية المطاف، أختك.. قريبتك.. بنت أختك.. محرمك.. ينبغي أن تُعْنـَى?
أن تعدها داعية إلى الله تعالى، وكذلك النساء الداعيات من المدرسات ينبغي أن يعتنين بإعداد نوعيات من الفتيات وتهيئهن وتأهيلهن للقيام بهذه المهمة الصعبة، لأن واحدة من النساء يمكن أن تقوم عن عشر وكما قيل:
والناس ألف منهم كواحد **** وواحد كالألف إن أمر عنى
ولا نحتاج إلى تحريف في هذا البيت فقد حرفه قبلنا عبد الرحمن بن عقيل فقال:
والناس ألف منهم كواحدة *** وواحدة كالألف إن أمر عنى
وهذا صحيح، ربما امرأة غلبت الآلاف من الرجال، ومن يستطيع أن يأتي في عيار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, أو خديجة, أو حفصة, أو زينب, أو أم سلمة, أو غيرهن من المؤمنات الأول، حتى كبار الرجال تتقاصر هممهم دونهن، ولا زال في هذه الأمة خير رجالاً ونساءً.
الحل الرابع: الاستفادة من النشاطات الرجالية، فلماذا نتصور أن نشاط المرأة ينبغي أن يكون محصوراً؟؟ فالنشاطات الرجالية كالدروس والمحاضرات والندوات معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال ويصلح للنساء، وكما أسلفت: الشرع جاء للرجل والمرأة وخاطب الاثنين معاً، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل، ولا يلزم أن تكون المرأة مجتمعاً مستقلاً متكاملاً فقيهته منه أو داعيته منه ومفتيته منه.
والرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا رجالاً فقط، قال الله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } [الأنبياء: 7].
إذاً فالرسل كانوا رجالاً، ولا أريد أن أدخل في جدل عقيم هل بعث من النساء أحد؟..
فابن حزم له رأي وبعض الفقهاء لهم رأي، لكن الجمهور كما ذكر القرطبي وغيره أن الرسل كلهم كانوا من الرجال، ولم تبعث نبية قط فلنقف عند الآية: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } [الأنبياء: 7].
وهؤلاء الرجال كانوا يخاطبون الرجال ويخاطبون النساء، ويدعون الجميع على حد سواء، إذاً لا مانع حفظاً للجهود أن تنضم النساء إلى مواكب المستمعين إلى الدروس والمحاضرات والمجهودات الرجالية، بطبيعة الحال على انفراد ومع التزامهن بأوامر الشرع في عدم التطيب إذا أرادت الخروج، وعدم لبس الثوب الذي يكون زينة في نفسه وستر نفسها وعدم الجهر بالقول، والاختلاط بالرجال إلى غير ذلك، لكنها تستفيد في مجالاتها الخاصة المنعزلة.. وهنا يأتي أيضاً دوركم أنتم يا أولياء الأمور، دور الأب، دور الزوج، دور الأخ في تسهيل المهمة وإعانة المرأة على بلوغ محلها الذي تريد.
ثانياً: من المشكلات في مجتمعات الدعوة النسائية، صعوبة التوفيق بين العمل والدعوة والشؤون المنـزلية، فأمام المرأة مثلاً العمل، الدراسة، التدريس.. وأمامها الدعوة، وأمامها أيضاً بعض الشؤون المنـزلية.. البيت والزوج والأولاد، إلى غير ذلك..
وهذه بلا شك معضلة حقيقية، ولا أتجاوز الحقيقة إذا قلت إنها أكبر مشكلة تواجه الداعيات، وعلى عتبتها تتحطم الكثير من الآمال والطموحات، فكم من فتاة تشتعل في قلبها جذوة الحماس إلى الدعوة إلى الله تعالى، وتعيش في مخيلتها الكثير من الأحلام والآمال والطموحات، فإذا تزوجت وواجهت الحياة العملية تبخرت تلك الآمال، وذابت تلك المشاعر ولم تعد تملك منها إلا الحسرات والأنات والآهات والزفرات والذكريات والله المستعان..
كثير ما تقول الفتيات.. كنت وكنت.. أصبح كثير من الأخوات (كنتية ً)، تستطيع أن تقول كنت وكنت، ولكن لا تستطيع أن تقول: أنا الآن أفعل كذا إلا في القليل.
ولا أزعم أيضا أنني أملك حلاً لهذه المعضلة، ولكني أحاول المشاركة في بعض الحلول فأول إضاءة في هذا الطريق:
الإضاءة الأولى: هي في ظل قول الله عز وجل: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [الطلاق: 2-3]
يقول الله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }[الطلاق: 5]
ويقول الله تعالى:{ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الأنفال: 29]، فالتقوى هي أول حل، أن يتقى العبد ربه وتتقي الأمة ربها جل وعلا في نفسها، في زوجها، في وقتها, في عملها, في مسؤولياتها..
والتقوى ليست معنى غامضاً كما يتصور البعض.. لا.. يمكن أن نحدد التقوى في بعض النقاط والأمثلة فقط.
من التقوى أن تختصر الفتاة ثلاث ساعات تجلسها أمام المرآة وهي تعبث بالأصباغ وترسم وتمسح وتزين شعرها لتصبح هذه الثلاث ساعات نصف ساعة مثلاً.. أو ثلث ساعة دون تفريط في العناية بجمالها لزوجها الذي هو جزء من شخصيتها.
ومن التقوى أن تختصر الفتاة مكالمة هاتفية لمدة ساعتين مع زميلتها، في أحاديث لا جدوى من ورائها، لتكون هذه المكالمة ربع ساعة أو عشر دقائق في السؤال عن الحال والحلال والعيال.. وغير ذلك..
ومن التقوى أن تختصر الفتاة الوقت المخصص لصناعة الحلوى مثلاً، من ساعة ونصف إلى صناعة أمور جيدة جاهزة، لا يستغرق تحضيرها أحياناً نصف ساعة.
ومن التقوى أن تقتصد المؤمنة في نومها.
فالنوم من صلاة الفجر إلى الساعة العاشرة ضحى وبعد الظهر وقسط كافي من الليل، لا يسوغ, وهو من عادات الجاهلية، وامرؤ القيس لما كان يمدح معشوقته كان يقول: (نؤوم الضحى)، فيمدحها بكثرة نومها، لكن في الإسلام مضى عهد النوم وأصبح المؤمن مطالباً بأن يكون قسطه من النوم مجرد استعداد لاستئناف حياة من البذل والجهاد..
ولذلك في قصة أم زرع وهي في صحيح البخاري ومسلم أن اثنا عشر امرأة اجتمعن وتعاهدن وتعاقدن على أن لا يكتمن عن أخبار أزواجهن شيئاً، فكل واحدة قالت زوجي كذا, وقالت الثالثة زوجي: المشنق إن أنا أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق.. إلى آخر القصة الطويلة التي لا شأن لنا بها الآن، لكن قالت الخامسة منهن: "زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد، و لا يسأل عما عهد"، فما معنى فهد؟ يقول ابن النباري: أن معنى قولها إذا دخل فهد معنى صار كالفهد، وهو حيوان كثير النوم، فهي تقول إذا دخل التف بفراشه وغفل عنها ونام نوماً طويلاً، أما إذا خرج فهو كالأسد على الناس، ولا يسأل عما عهد، يعنى أنه رجل فيه كرم وإعراض فهو لا يدقق في كل شيء ولا يسأل عن كل شيء، وقد كان العرب يمدحون الإنسان بمثل هذا الشيء، وما زال العرب أيضاً يمدحون الإنسان بقلة نومه واقتصاده في ذلك، تذكرون قول الهذلي الذي يقول:
فأتت به حوش الفؤاد مبطناً *** سهداً إذا ما نام ليل الهوجل
فكون الإنسان قليل النوم هذا مما يمدح به الرجل والمرأة، والاقتصاد في ذلك ممكن، فالعلماء في السابق كانوا يقولون إن القدر المعتدل من النوم ما بين ست إلى ثمان ساعات يومياً، وهذا الكلام ذكره جماعة من السابقين مع إجماع الأطباء اليوم عليه، أما الآن فقد ظهر أطباء معاصرون يقولون لا الأمر الغالب ست إلى ثمان ساعات لكن قد يكتفي الجسم بثلاث أو أربع ساعات أحياناً وقد يحتاج إلى أكثر من ثمان ساعات أحياناً أيضاً وهذا وذاك قليل لكنه موجود.
الإضاءة الثانية: هي قوله تعالى:{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } [النحل: 90], وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان لابن عمر وابن العاص: « إن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً »، وفي رواية: « إن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً »، والزور يحتمل أن يكون المقصود به الجوف يعنى نفسك لك عليها حق فينبغي أن تأكل بقدر ما تحتاج مثلاً..
وقيل إن المقصود بالزور: هم الزوار فلهم عليك حق أيضاً، ولا ينبغي أن تهملهم وتهجرهم، وتعرض عنهم، فآت كل ذي حق حقه، ولذلك سوء التوزيع سبب لضياع الثروة، و إذا كانت أغلى ثروة نملكها هي الوقت، فان سوء توزيع الوقت من أسباب الضياع، ولو أن الرجل والمرأة أفلحا في ضبط وقتهما وتوزيعه بطريقة معتدلة، لكسبا شيئاً كثيراً، فبعض الزوجات الداعيات مثلاً تشتكي من أن زوجها الملتزم لا يعطيها من وقته ما يكفيها، وهذا جاءني فيها شكاوى كثيرة، وأقول ولعلى لا أكون من هؤلاء، ليس أولئك بخياركم، كما أن من يقصرن في حقوق بيوتهن لسن من الخيار.
فكثير من النساء تشتكى من أن زوجها لا يعطيها من وقته ما يكفيها، وقد لا يأوي إلى البيت إلا متأخراً، وربما يأوي وهو متعب أو قلق أو متضايق، فهو لا يريد أن ينظر إلى زوجته، ولا أن يجلس معها، وإنما يريد أن يأوي إلى الفراش أو ينام ويخلو بهمومه.
أفليس من المناسب إذن.. إذا كان الأمر كذلك، أن تكون المرأة منشغلة بعض الوقت بشؤون بيتها، أو شؤون دعوتها أو أولادها، في ظل غياب زوجها، خاصة ونحن نعلم أن المرأة إذا كانت في البيت تنتظر الزوج، فهي تعد الساعات والدقائق عدّاً، فإذا جاء كانت قد استطالت غيبته واستبطأت مجيئه، لكن إذا كانت المرأة هي الأخرى مشغولة في أمور مفيدة نافعة في أمور دينها، فإن الوقت يمر عليها بغير ذلك، ومن العدل ترتيب الأولويات والمهمات، فالفرض مثلاً يقدم على النفل وربنا جل وعلا يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: { وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه } ..
إذن
أولاً: الفرائض
ثانياً: النوافل.. وإن الله تعالى لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة كما قال أبو بكر رضي الله عنه في وصيته، فالفرض يقدم على النفل والضرورات تقدم على الحاجات، والحاجات تقدم على الأمور التكميلية التحسينية.
وهذا عند التعارض فليس من العدل أن تهمل المرأة زوجها وبيتها وأولادها بحجة أنها مشغولة بالدعوة، كما أنه ليس من العدل أن يهمل الرجل زوجه وبيته وأولاده بحجة أنه مشغول بالدعوة أيضاً، وليس من العدل أن تغفل المرأة الداعية عن عملها الوظيفي الذي تتقاضى عليه مرتباً من الأمة، أو تغفل عن عملها الدعوي الذي هي فيه على ثغرة من ثغور الإسلام، يخشى أن يؤتى الإسلام من قبلها..
ومن الحلول أن بإمكانها أن تسند بعض المهمات إلى آخرين، يتحملون معها المسؤولية وهي تقوم بدور التوجيه والإشراف، فإذا كثرت عليها الأعمال استطاعت أن توزع المهمات، فيمكن مثلاً أن يساعدها أحد في القيام على شؤون الأطفال خاصة ممن يوثق بعلمها ودينها وخلقها، أو أن يساعدها أحد في ترتيب بيتها أو في مهماتها الدعوية كما أسلفت.
أما الإضاءة الثالثة: فهي قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 162-163]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن جابر ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه: « كل معروف صدقة », وكل: من ألفاظ العموم.
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والترمذي والحاكم عن جابر رضي الله عنه: « إن من المعروف أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وأن تفرغ من دلوك في إناء جارك »
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطيالسي وأحمد والنسائي عن عمرو بن أمية الضمري: « كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم ».
والكلام للرجل والمرأة على حدٍ سواء.. بل في الحديث المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « كل سلامى من الناس عليه صدقة »
يعني كل مفصل من المفاصل أو عضو من الأعضاء عليه صدقة ينبغي للإنسان أن يؤديها يومياً، « كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل على دابة فتحمله عليها أو ترفع له متاعه عليها صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، -ودل الطريق أي دلالة الإنسان - على الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ».
إذا الصدقات كثيرة جداً، ويمكن أن تكون من المرأة ودعوتها لزوجها سواء كان زوجها ملتزماً أو عادياً أو منحرفاً، فقيام الفتاة بالوقوف وراء زوجها وسد ثغرة البيت الذي هو الحصن الداخلي، هو جزء من مهمتها ومن دعوتها، وأيضا قيامها بتحويل زوجها من إنسان عادي همه الدنيا إلى إنسان داعية يشتعل في قلبه هم الإسلام، هذه دعوة، أو حتى قيامها بتغيير زوجها من زوج منحرف ضال مقصر في الصلاة أو مرتكب للحرام إلى إنسان صالح مستقيم هذا جزء من الدعوة، ويمكن أن يكون لها في ذلك دور كبير كما أنه يمكن أن يكون في أولادها، من تربية على الخير وتنشئة على الفضيلة وهذا جزء من دعوتها ومسؤوليتها، ونحن جميعاً نعرف ما هي الأجواء التي تربى فيها عبدالله بن الزبير أو عبدالله بن عمر أو عبدالله بن عمرو بن العاص، أو غيرهم من شباب الصحابة وأي نساء ربينهم..
وتدريس المرأة مثلاً في مدرستها لا يجوز أبداً أن يكون عملاً وظيفياً آلياً تقوم به، فنحن لا يهمنا أن تتخرج البنت وقد حفظت نصوص البلاغة مثلاً، أو عرفت المعادلات الرياضية أو أتقنت التفاعلات الكيميائية وهذا كله جزء من المقرر، ولا تثريب على المعلم في تدريسه والحرص عليه، ولكن كل هذه المواد ومواد اللغة ومواد الشريعة وكل ما يقدم للبنت وللرجل أيضاً، فإنه يهدف إلى أمر واحد فقط وهو بناء الإنسان الصالح رجلاً كان أو امرأة، بناء المتدين المستقيم الصالح، هذا هو الهدف ولا يجوز أبداً أن ننشغل بالوسيلة عن الهدف والغاية، فلم لا تخصص المعلمة من الحصة خمس إلى عشر دقائق للتوجيه، ولا أعني بالضرورة النصيحة المباشرة، التي قد تثقل أحياناً على النفوس، ولا أعني أيضاً أن هذه النصيحة هي سد للفراغ، حيث لا تكون المعلمة مثلاً قد أعدت الدرس إعداداً جيداً فتقدم نصيحة لملء الفراغ.. لا, ولكنها كلمة صادقة من قلب يحترق تتحسس بها قلوب الطالبات فتحرك إيمانهن وتساهم في توعيتهن وحل مشكلاتهن.
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: « الكلمة الطيبة صدقة »، فنريد أن توزع المدرسة من الصدقات على الطالبات.
والآن ما من بنت إلا وهي تدرس في المدرسة، فلو وجدنا في كل مدرسة معلمة ناصحة داعية مخلصة، معنى ذلك أننا استطعنا أن نوصل صوت الخير إلى كل فتاة وهذا مكسب عظيم جداً لو استفدنا منه.
كما أنه من الممكن أن تحرص المعلمة أيضا على إقامة الجسور والعلاقات الأخوية والودية مع زميلاتها المدرسات وطالباتها، وطالما سمعنا ثناء الجميع على معلمة لحسن خلقها وطيب معشرها, وطالما استطاعت معلمة واحدة أو مشرفة أو إدارية أن تقلب المدرسة كلها رأساً على عقب, وأعرف حالات استطاعت معلمة واحدة في مطلع حياتها الوظيفية أن تقلب القرية بأكملها, وتحول الفتيات فيها إلى صالحات متدينات.
وفي مجال عمل الداعية في بيتها أقترح بعض الاقتراحات السريعة.. فمن المقترحات:
1. أن تتوفر للمرأة مكتبة صغيرة للقراءة تختار فيها مجموعة من الكتب المناسبة يكون فيها كتب توجيهية
2. قصص
3. كتب وعظية فقهية كبيان أحكام الصلاة مثلاً
4. الأشياء التي يحتاج إليها في البيت
5. تعليم أمور العقيدة
6. وسوف نورد في نهاية هذا الدرس بعض الكتب المقترحة..
7. توفير مكتبة صوتية تحتوي على عدد طيب من الأشرطة الإسلامية المفيدة – أشرطة القرآن الكريم – أشرطة السنة النبوية – أشرطة الدروس والمحاضرات – أشرطة توجيهية
8. بيان بعض الأحكام التي يحتاج إليها أهل المنـزل
9. حتى بعض الأشرطة المفيدة الترفيهية في حدود المباح وما أباحه الشرع
10. وما أشبه ذلك مما يحتاج إليه في المنـزل ومما يستغني به الأطفال والصغار والكبار والأميون عن قضاء الوقت في القيل والقال والغيبة والنميمة أو مشاهدة التلفاز أو غير ذلك
11. عقد درس أو حلقة أسبوعية لأهل البيت تجتمع فيه النساء الكبار والصغار ومن المحارم ويتلقون فيه أشياء يسيرة
12. آية محكمة
13. سنة من سنن المصطفى – عليه الصلاة والسلام –
14. تدريب على عبادة من العبادات, تعليم عقيدة من العقائد
15. تربية
16. قصة
17. أنشودة
18. قصيدة
19. مسابقة إلى غير ذلك
20. تحسين العلاقة مع كافة أفراد المنـزل تمهيداً لدعوتهم إلى الله وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
21. فإن المرأة إذا كانت في البيت سواء كانت زوجة أو بنت إذا استطاعت أن تكون محبوبة عند الأم وعند الأب وعند إخوانها وعند أخواتها فإنها تستطيع أن تؤثر فيهم كثيراً
22. لكن إذا كانت الأمور على النقيض فأعتقد أنها كمن يضرب في حديد بارد
23. مراعاة كبار السن وصعوبة التأثير عليهم فكثيراً ما تشتكي الفتيات من امرأة كبيرة السن قد تكون أمها أو أم زوجها أو خالتها أو قريبتها وإن هؤلاء النسوة لا يقبلن التوجيه وإذا قيل لهن شيء قلن: كل شيء لديكم حرام
24. دينكم جديد
25. أنتم كذا أنتم كذا.. تشتكي كثير من النساء من مثل هذا.. فأقول.. ينبغي أن يراعى هذا بالنسبة للنساء كبيرات السن بأمور منها:
أن تتلطف في الدعوة.. ومنها أنها إن رأتهن على منكر، يمكن أن تصرفهن عنه أولاً، فإن رأت غيبة تحاول أن تطرح موضوع آخر بعيد فإذا استغلت النساء بهذا الموضوع الجديد عن موضوع الغيبة، بحثت الفتاة يوم من الأيام عن كتاب يكون فيه كلمة لأحد العلماء المعروفين كسماحة الشيخ (ابن باز) أو غيره، فيها تحذير من الغيبة أو النميمة أو بيان الحكم الشرعي الذي أخطأت فيه المرأة ثم تأتي المرأة تقول: أريد أن أقرأ عليكم هذه فتوى للشيخ (ابن باز).. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. وتقرأ، حينئذ لا تملك المرأة الكبيرة أن تقول: هذا دين جديد، بل تقول: سبحان الله – سبحان الله، العلم بحر وتقبل هذا الكلام لأنها عرفت أن هذا الرجل له ثقله وله كبره.
من الحلول أيضاً: مراعاة الحاجة إلى أسلوب ملائم في الدعوة، يتميز بالمرح والمؤانسة وتطيب القلوب و خواطر الآخرين، وتقديم النصيحة لهم بالود والمحبة، ويمكن أن يأتي هنا دور الهدية، فإنها تسل السخيمة كما جاء في الحديث وإن كان لا يصح.
رابعاً: عقبات في طريق الدعوة
هناك عقبات كثيرة تعترض الداعية كما يعترض الرجل الداعية عقبات أخرى كثيرة أيضاً.. فمن هذه العقبات:
العقبة الأولى: الشعور بالتقصير، (وهي عقبة من النفس)، وكثير من الأخوات الداعيات تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة، المشكلة لو أن الفتاة تشعر بكمالها أو أهليتها التامة، ومعنى ذلك أنها لن تسعى إلى تكميل نفسها أو تلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين لأنها ترى في نفسها الكفاية، أما شعورها بالنقص والتقصير، فهو مدعاة إلى أن تستفيد مما عند الآخرين وأن تقبل النصيحة، وينبغي أن تعلم الأخت الداعية إنه ما من إنسان صادق إلا ويشعر بهذا الشعور، ويقول لي الكثيرون من الأخوة الشباب لو تعرف حقيقة ما نحن عليه لعذرتنا وغيرت رأيك، ونحن لا نقول هذا على سبيل التواضع أو هضم النفس ولا نعتقد أن النقص الذي عندنا هو كنقص الذي عندك أو عند الآخرين، كلا بل نحن مقصرون إلى درجة لا تحتمل!
والغريب أن هذا الكلام يقوله كل إنسان عن نفسه ولو نطق أفضل الناس في هذا العصر لقال هذا الكلام بعينه، ولكنه يدور في قلبه وفي نفسه ويؤثر أن لا يقوله، لئلا يصدم الآخرين أو يثبط عزائمهم أو يفكك هممهم، وهذه طبيعة الإنسان أنه كلما زاد صلاحه كلما زاد شعوره بالتقصير، كلما عرف علماً جديداً ازداد معرفة بأنه جاهل كما قال الشاعر:
وكلما ازددت علما *** ازددت علما بجهلي
فكلما زاد فضل الإنسان زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده زاد شعوره بالكمال، وباختصار فإنه ما دامت الروح على الجسد فلن يكمل الإنسان، وكلما شعر بالتقصير وهضم النفس كان أقرب إلى الله تعالى وأبعد عن الكبر والغرور، وقد يبتلى الله تعالى العبد أو الأمة بنوع تقصير خفي لا يعلمه الناس، يحميه الله تعالى به من داء العجب فيجعله دائم الذل لله ودائم الانطراح والانكسار بين يديه عز وجل، فلا يمنعنك الشعور بالتقصير من الدعوة إلى الله، فإنها من أعظم العبادات التي يكمل بها الإنسان نفسه، وهي من أفضل القربات, ونفعها يتعدى إلى الأخريات، وهي أفضل من نوافل الصوم وأفضل من نوافل الصلاة: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33].
ومن عقبات النفس أيضاً: التخوف والتهيب والإحجام من الدعوة والكلام أمام الأخريات وهذا لا يمكن أن يزول إلا بالتجربة والممارسة، ففي البداية يمكن أن تتعلم الفتاة ولو وسط مجموعة قليلة أن تلقي كلمة ولو كانت مكتوبة في ورقة، ثم مع مجموعة أكثر ثم تشارك في المسجد والدروس التي تقام في المدرسة ثم تبدأ بعد ذلك بإعداد العناصر ثم تلقي ما سوى ذلك من نفسها وبطريقة الارتجال.
ولا بد من التدرب وإلا سيظل الرجل وستظل المرأة تقول لا أستطيع، فلو بقي إنسان يتلقى طرق السباحة مثلاً عشر سنوات نظرياً ما استطاع أن يسبح، لكن لو نزل خمس دقائق في الماء وحاول أن يعوم، وخشي من الغرق ولكنه تغلب وهناك من يرشده ويؤيده ويساعده ويسدده فإنه يمكن أن يتعلم في خمس دقائق أو أقل من ذلك.
العقبة الثانية: هي عقبات من البيئة، فساد البيئة التي تعمل فيها المرأة سواء كانت هذه البيئة مدرسة أو مؤسسة أو مستشفى أو معهداً أو غير ذلك، فإن البيئة إذا كانت بيئة فاسدة تؤثر في نفسية المرأة وتضغط عليه ضغطاً شديداً، وأضرب لكم مثلاً رسالة جاءتني من إحدى الأخوات، تتكلم عن هذا الصرح العلماني المعروف: معهد الإدارة العامة، تقول: " العاملات فيه من الفليبينيات غير المسلمات غالباً، أقسم بالله لك أن بعض الطالبات يجدن متعة في الحديث معهن بكل صراحة، حتى أنها تعمل لها ما يسمى بـ (الحلاوة) ويقمن بقص الشعر وكتابة الأشعار الغزلية وترجمتها، المسجد مترين في مترين، ممر تقطعه ستارة بسيطة جلست مرة أنصح بعض طالبات التمريض فكادوا يكونون علي لبداً ".
هو مثال صغير محدود فالمستشفيات مثلاً، فيها مضايقات من بعض الأطباء والممرضين والمراجعين، والجامعات وما فيها من الاختلاط، والحفلات المختلطة، ورجال يدرسون البنات مباشرة وبدون حجاب وليس عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة، وقد تكون الدائرة التلفزيونية موجودة وتترك ليتكلم رجل مع النساء مباشرة، وأخذ توقيعاتهن بالموافقة على أن يدخل عليهن وجهاً لوجه، دكتور يشرف على رسالة طالبة وقد يلتقي بها على انفراد وفي غرفته الخاصة إلى آخر تلك المهازل التي ليس لها آخر.
وقبل أيام ثارت قضية قريبة منا هنا، في الكويت وقد تكلمت عنا الصحف بشكل مزعج للغاية، الدكاترة في كلية الطب يمنعون الطالبات المنتقبات من دخول الفصول ويا سبحان الله.. لماذا تمنعوهن من دخول الفصول؟
يقول: لأن الطالبة إذا كانت منتقبة، أي وضعت النقاب على وجهها فإن المريض قد يخاف ولا يكون مرتاحاً نفسياً فلا يساعد هذا على العلاج..! انظر كيف هي الحجج الواهية!
ألهذا الحد بلغت عنايتهم بالمرضى!
آخر يقول: أنا أقرأ التأثر على وجوه الطالبة ومن خلال رؤيتي لوجه الطالب أعرف هل فهم أو لا.. فكيف أقرأ هذا في وجه الطالبة وهي منتقبة؟
انظر كيف هي الحيل.. أوهى من بيت العنكبوت وأتفه من عقولهم، هذا الكلام السخيف الذي لا ينطلي على أحد يكتب في الصحف ويقال، وتصير قضية كبرى، وأنا أقول أيتها الأخوات: (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، أي إذا كان هذا في جامعة الكويت وهي منا قاب قوسين أو أدنى فما الذي يؤمنك أن الدور عليك، فواجب على أصحاب الغيرة أن يتحركوا الآن في هذه القضية وفي غيرها، ويكون لهم مساهمة، وأقل ما نستطيع أن نفعله هو مخاطبة المسؤولين وولاة الأمر ومكاتبتهم.
أمر آخر تلك الصحف الكويتية التي تنشر مثل هذه المهاترات وقد سلطت سهامها وأسلطت سيوفها على رقاب الخيرين فما تركت لفظاً من ألفاظ السباب والشتام في قاموس اللغة بل وما ليس بقاموس اللغة، إلا وألصقته بهؤلاء الأخيار وتكلمت فيهم، وشتمتهم وسبتهم وعيرتهم، وقالت الكلام البذيء المفزع المقذع الذي لا يجوز أن يقال في مثل هذا المقام، ووالله قصاصات، لو جلست إلى الفجر أقرأها ما انتهت.. كلها هجاء للأخيار.. صحيح أن الأخيار فيهم أخطاء.. نحن لا نقول أنهم ملائكة، لكن إلى هذا الحد؟!.. ويهجوهم أناس لهم تاريخ معين وإلى يومك هذا!
فأقول: ما هو دورنا..؟ أقل ما نستطيع أن نفعله هو أن نوقف دخول هذه الجرائد إلى بلادنا، لأنها تشترى في أسواقنا هنا أكثر مما تشترى في أي مكان آخر، والواجب أن توقف أو تطالب بالكف عن أعراض الأخيار وأن تتكلم بعقل واعتدال ومنطق.. نحن لا نقول لا تنتقدوا الأخيار.. لا.. انتقد من شئت لكن بالحجة.. بالبرهان بالموضوعية.. بالتعقل.. بالمنطق.. بالكلام.. بالدليل
أما كونك تأتي بألفاظ الشتم والسب والتجريح بدون حجة، وإنما هو مجرد بذاءة وقلة أدب، فقلة الأدب لا يجوز أن نشتريها بأموالنا وأقول: أين الرجال، أقل دور يمكن أن يقام به هو منع دخول هذه الجرائد والمجلات إلى بلادنا، وإذا لم نفلح فأقل ما نستطيع أن نقول نحن لكل أفراد المجتمع بوجوب مقاطعة هذه الصحف والمجلات ومحاربتها، وشن حملة لا تتوقف عليها حتى تتوقف هي عن النيل من ديننا ومن كرامتنا ومقدساتنا ومن أخلاقنا ومن الرجال الصالحين.
ومن الحلول في ذلك مواصلة العلماء وطلاب العلم والدعاة الغيورين، بكل ما يحدث داخل تلك المجتمعات، إنها ليست أسراراً ولا خفايا، كيف وهي تنشر في بعض الصحف العالمية، أعني بعض ما يجري في مجتمعات النساء هنا، فإذا تحدثت طالبة مثلاً أو راسلت أحد الدعاة، حقق معها بحجة أنها نشرت أسرار الجامعة أو نشرت أسرار المستشفى.. كيف يحدث هذا، إننا يجب أن نطمئن جميعاً إلى الجو الذي تدرس فيه بناتنا وتتعلم فيه أخواتنا ومن حقنا جميعا أن نعرف.
من الحلول.. النزول للميدان مهما كانت التضحيات، فالهروب من هذه التضحيات هو عبارة عن هدية ثمينة كما أسلفت، نقدمها بالمجان للعلمانيين والمفسدين في الأرض، وأرى اجتهاداً ضرورة خوض هذه الميادين وتحمل الفتاة ما تلقاه في ذات الله عز وجل، إلا إن خشيت على نفسها الفتنة ورأت أنها تسير إليها فعلاً لضعف إيمانها، أو قوة الدوافع الغريزية لديها أو ما شابه ذلك فحينئذ فالسلامة لا يعدلها شيء.
ويجب أن تظل الدعوة هاجساً قوياً للأخت مع كل الأطراف، فلا تعين الشيطان على أخواتها الأخريات، فحتى تلك التي يبدو فيها شيء من الجفوة في حقها أو الصدود عنها أو سوء الأدب معها، يجب أن تتحمل منها وتتلطف معها وتضع في الاعتبار أنه من الممكن أن تهتدي، والله تعالى على شيء قدير { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } [القصص: 56]
من الحلول أيضاً: يجب على الدعاة والتجار والمخلصين أن يسعوا جاهدين إلى إقامة مؤسسات إسلامية أهلية نظيفة مستقلة، فلم يعد مستحيلاً إقامة مستشفى نسائي خاص، ولم يعد مستحيلاً إقامة أسواق نسائية خاصة بل هي موجودة بالفعل، ولم يعد مستحيلاً كذلك إقامة مدارس نسائية خاصة بل وليس من المستحيل إقامة جامعات أو جامعة على الأقل خاصة للنساء في هذا البلد وفي كل بلد، وأعتقد أن الظروف الاقتصادية والظروف العلمية والظروف الإسلامية مواتية لمثل هذه الأعمال، فقد طال تململ الناس من تلك الأوضاع الفاسدة في عدد من المؤسسات الصحية والتعليمية والإدارية دون أن يطرأ عليها أي تغيير..
ونحن لم يجعلنا الله – تعالى – بمنه وكرمه في دار هوان ولا مضيعة وها هي أمم الكفر الآن قد سعت في هذا المضمار، وقد رأيت بعيني جامعات تضم ألوف الطالبات في قلب أمريكا، ليس فيها طالب واحد على الإطلاق مع أن دينهم ليس هو الذي أملى عليهم ذلك، فهم غير متدينين حقيقة ولكنهم رأوا في ذلك مصلحة ما، أفليس هذا جديراً بنا؟
كما قرأت في عدد من الأخبار أن هناك فنادق في ألمانيا وغيرها مخصصة للنساء فقط!
ونجد في بعض البلاد العربية والإسلامية بدايات لذلك، فمثلاً سمعت أن في سوريا مستشفيات مخصصة للنساء، وهنا لا بد أن نشير إلى بعض البوادر وهي أن هناك بعض الجمعيات الخيرية وبعض الجهود الفردية كانت وراء إقامة مستشفيات ومستوصفات مخصصة للنساء، تحمي المرأة المسلمة من المشاكل والصعوبات والقضايا الصحية التي تواجهها المرأة عندما تذهب للتطبيب في المستشفيات العامة..
وهناك جهود غير عادية لمحاولة إثارة قضية التمريض في أوساط البنات، ودعوتهن إليها بكل وسيلة، وتمنيات كبيرة من قبل المسؤولين في الاكتفاء بالممرضات السعوديات كما يقولون.. وأقول إن هذا لن يكون أبداً إلا إذا أوجدنا البيئة الصالحة التي تستطيع الفتاة أن تجد فيها الحفاظ على دينها، وأخلاقها، وهي تقوم بتمريض النساء من بنات جنسها بعيداً عن ارتكاب الحرام، وبعيداً عن الاختلاط بالرجال، فإذا كنتم تريدون فعلاً من بناتنا وبنات المسلمين أن يدخلن معاهد التمريض والمعاهد الصحية، فيجب عليكم أولاً أن توجدوا البيئة الصالحة التي تطمئن الفتاة ويطمئن أهلها إلى أنها سوف تكون هناك في هذا المكان المأمون المضمون البعيد عما حرم الله، فحينئذ نعم..
أما أن يزج الرجل بابنته في مثل هذه البيئات التي لا يأمن الإنسان عليها، والتي يرى فيها من المنكرات الشيء العظيم، أعتقد أن هذا الشيء غير ممكن بحال من الأحوال، حتى غير المتدين لا يتقبل هذا لأن الفتاة التي صارت في مثل هذه الأوضاع، قد يعزف الرجل عن الزواج بها.
فحتى من الناحية المصلحية والناحية الدنيوية يكونون بعيدين عن مثل هذه الأمور..
العقبة الثالثة: من العقبات التي تواجهها المجتمعات الدعوية النسائية.. عدم التجاوب من الأخريات من النساء ورد بعضهن للدعوة، وبدءاً أقول هذه الأمة أمة مجربة، فلست أنت أول من دعا وإنما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، فكان التجاوب كثيراً وكبيراً، و الكفار الآن يدخلون في دين الله أفواجاً، فمن باب أولى المسلمون يستجيبون لله والرسول إذا دعوا إلى ما يحييهم، وإذا أمروا ونهوا، فأما أسباب عدم التجاوب فإنها ترجع إلى بعض الأمور الآتية:
أولاً: ما يتعلق بالمدعوة نفسها فقد يكون السبب منها فعلاً، وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، أو طال مكثها في الشر وأصبح أمر خروجها منه ليس بالأمر السهل، وأصبحت جذورها ضاربة في تربة الشر والفساد، أو صعوبة طابعها وعدم ليونتها أو لشيء فيها من العناد وصعوبة المراس، أو لفساد البيئة التي ترجع إليها كوجود قرينات سوء يدعونها إلى الشر والفساد، وهذا كله يمكن أن يعالج بالصبر وطول النفس والأناة وتكثيف الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة إسلامية جديدة تكون بديلاً عن البيئة الفاسدة التي هي فيها، وقد يكون عدم قبولها للدعوة هو كبر سنها كما أسلفت فيعالج بالوسائل المناسبة.
ثانياً: ومن الأسباب التي تعوق قبول الدعوة، ما يتعلق بالداعية نفسها وذلك كعدم استخدامها الأسلوب المناسب، أو عدم قدرتها على الوصول إلى قلوب الأخريات أو قسوتها أو شدة تركيزها على أخطاء الآخرين، وهذه مشكلة، كون الدعوة دائماً تركز على الأخطاء، أو شعور الأخريات بأن الداعية تمارس نوعاً من الأستاذية أو التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها، لأنهن يعتبرن عملها هذا مساً للكرامة أو جرحاً للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة فترفض الدعوة ولا تقبل عليها.
والعلاج: هو أن تحرص الفتاة الداعية على استخدام أسلوب الالتماس والعرض والتلميح دون المواجهة والضرب في الوجه ما أمكن ذلك، وأن لا تشعر الأخريات بأنها مستعلية عليهن أو أنها فوقهن، أو أنها تشعر بالأستاذية أو التسلط عليهن.
ومن العلاج: العناية بشخصية المرأة عقيدة وثقافة وسلوكاً ومظهراً ومخبراً دون إهمال الأمور المهمة والأساسية بسبب الاشتغال بالقضايا المظهرية فحسب، إن 90 % من الأسئلة التي تصلني لا تكاد تتجاوز شعر الرأس إلا إلى أكمام اليدين أو حذاء القدمين!
حسناً.. أين عقيدة المرأة.. أين أخلاقها.. أين خوفها من ربها.. أين معرفتها بأحكام دينها.. أين معرفتها بعبادتها.. أين معرفتها بالصلاة بالصيام بالزكاة بالحج.. أين معرفتها بحقوق الآخرين عليها.. أين أين؟؟
كل هذه الأمور لا تكاد تجد عنها أسئلة، إنما تجد الأسئلة محصورة في موضوعات محددة جداً، وقد قلت هذا من خلال استقراء لعدد كبير من الأسئلة التي تصلني، نحن لا نهون من أمر شيء فالدين كله مهم.
ولما قيل للإمام مالك في مسألة.. هذا أمر صغير قال: ليس في الدين شيء صغير، الله تعالى يقول: { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [المزمل: 5].
فالدين كله كذلك لكن رحم الله امرئ وضع الشيء في موضعه وهذه من الحكمة، فمثلاً لماذا نهون من أمور العقيدة وأمور القلب، القلب الذي يقول فيه المصطفى عليه الصلاة والسلام:
« في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله »، لماذا لا نعتني بالقلب؟ فصلاحه صلاح للظاهر.
من العلاج أيضاً: عدم تتبع الزلات والعثرات فما من إنسان إلا وعليه مآخذ وله زلات، وليس من الأسلوب التربوي أبداً التركيز على ملاحظة الزلات، فلقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يثني أحياناً ويمدح الإنسان الذي يستحق المدح بخصال الخير الموجودة فيه، وكتب المناقب في البخاري ومسلم وكل كتب السنة مليئة بمثل ذلك، فيثني على الإنسان بالخير الموجود فيه حتى ينمو هذا الخير ويكبر، وحتى يقتدي به الآخرون في ذلك.. لأن المدح.. مدح الإنسان بالخير الموجود فيه وليس بشرط أن تمدح الشخص ذاته، بل تمدح الفئات أو الأمة أو الطائفة بالخير الموجود فيهم، يدعوهم ذلك إلى المزيد من الخير وإلى محاولة التغلب على خصال النقص الموجودة لديهم، ولا يمنع هذا أن يلاحظ أن على الفتاة أحياناً شيئاً من النقص فتنصح به في رسالة أو حديث أخوي مباشر أو مكالمة هاتفية، لكن لا يكون هذا الأصل بل طارئ لمناسبة وجود خطأ معين.
ومن العلاج: عدم محاصرة المرأة المخطئة أو المقصرة أو المسارعة إلى اتهامها، فنحن لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا أن نشق عن صدورهم، وليس لنا إلا الظاهر، لسنا بمغفلين بكل تأكيد ولكن لا نطلق لخيالنا العنان في تصور فساد مستور أمره إلى الله تعالى، إن شاء عذب وإن شاء غفر والله تعالى يقول: { رحمتي سبقت غضبي }.
أحياناً يتصور الإنسان فساداً ما ويغلب على ظنه أنه واقع، لكن لا داعي له طالما أنه أمر مستور لم يظهر لك، وليس عندك أدلة، فدع أمر الناس إلى الناس، وقد يتبين لك أن ما كنت تظنه خطأ وسوء الظن مشكلة تعذب قلب الإنسان نفسه، وقد تسبب أذى للآخرين.. وقد تحول بينه وبينهم في دعوتهم إلى الله تعالى، فمن ظهر منه شيء أخذناه به أما المستور فأمره إلى الله تعالى..
وبين اليقظة وسوء الظن خيط رفيع فبعض الناس عنده تغفيل والتغفيل مذموم، قد يرى الفساد ويتجاهله أو يتغافله وهذا لا يصح فينبغي أن يكون الإنسان يقظاً واعياً مدركاً وفي نفس الوقت يبعد سوء جانب.
خامساً / موضوعات وكتب:
أولاً: من الموضوعات التي من المناسب أن تطرح في مجالس النساء ودروسهن ما يلي:
الطهارة..
التوبة..
محبة الله تعالى .. محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم..
ثقافة الفتاة..
اللباس والزي الشرعي وشروطه..
نصائح للفتاة قبل الزواج..
الأخوة في الله ومعناها وفضلها وبيان متى تكون الأخوة دينية ومتى تكون الأخوة عواطف مذمومة..
آثار المعصية على الفرد وأثر المعصية على المجتمع..
التواضع وفضله موضوع الأمانة..
إصلاح القلوب.. أنواع القلوب أسباب صلاح القلب وأسباب فساده ..
أثر الإيمان باليوم الآخر على الفتاة ..
عذاب القبر ونعيمه.. أسباب النجاة من عذاب القبر..
أثر الإيمان بالقدر في حياة الإنسان وفي حياة المرأة ..
الأمانة..
دور الفتاة في إصلاح المجتمع.. دور الفتاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
صفات الآمر والناهي و صفات الداعية..
الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين..
واقع المرأة الغربية وأسبابه..
أسباب السعادة الزوجية ..
طرق تربية الأبناء ودور الأم في ذلك ..
سير ونماذج من حياة الصحابيات ..
أثر الأفلام والمسلسلات على الفتاة ..
وسائل أعداد الإسلام لإفساد المرأة ..
حقوق الآخرين: حقوق الوالدين.. حقوق الزوج - حقوق الأخوة - حقوق الأبناء - حقوق الأصدقاء.. حقوق الجيران..
أثر الجليس على الإنسان..
قراءة القرآن وفضله وآدابه..
موضوعات للمناسبات مثل:
الصيام - الحج الإجازات الصيفية - الأحداث المتجددة القريبة والبعيدة.. موضوع الأذكار والأدعية الشرعية.
ثانياً: عرض لبعض الكتب المفيدة المختارة :
تفسير ابن كثير - العقيدة الواسطية - كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب- زاد المعاد - فتاوى النساء لابن تيمية - التحفة العراقية لابن تيمية في أعمال القلوب - إغاثة اللهفان لابن القيم، رياض الصالحين للنووي - تهذيب سيرة ابن هشام - قبسات من الرسول - الشمائل المحمدية للترمذي ومختصره للشيخ الألباني - الفوائد لابن القيم - صيد الخاطر لابن الجوزي مع ثغرات فيه - تلبيس إبليس لابن الجوزي - حقوق النساء في الإسلام لرشيد رضا - معركة التقاليد لمحمد المقدم - المرأة المسلمة المعاصرة لأحمد البابطين - الموضة في التصور الإسلامي للزهراء فاطمة بنت عبد الله - كيف تخشعين في الصلاة لرقية المحارب - عمل المرأة في الميزان للدكتور البار - النساء الداعيات لتوفيق الواعي - رسائل إلى حواء لمحمد رشيد العويد - كلمات إلى حواء من الكتاب - دليل الطالبة المؤمنة لمحمد الخلف - سري وللنساء فقط للقطان - أفراح الروح لسيد قطب - مواقف نسائية مشرفة لنجيب العامر.