المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليست مجرد أغنية!



soltan
03-26-2009, 01:20 PM
وميض من ضوء أبيض يعمي الأبصار
أضاء سماء غزة الليلة ....
يجري الناس طالبين الملاذ
لا يعرفون إن كانوا موتى أم أحياء ...
جاؤوا بدباباتهم وطائراتهم
ونيران ثائرة مدمرة
ولا شيء يبقى
سوى صوت من بين ضباب الدخان:
لن نركع
هذه الليلة ... دون قتال ....
يمكنكم حرق مساجدنا ومنازلنا ومدارسنا
لكن أرواحنا لن تموت
لن نركع
دون قتال.. في غزة الليلة..
النساء والأطفال
يُقتلون ويُذبحون ليلة بعد ليلة
فيما يتجادل القادة المزعومون في بلاد بعيدة
بحثاً عن المخطئ والمصيب
لكن كلماتهم العاجزة كانت بلا جدوى
وسقطت القنابل مثل المطر الحمضي
ولكن بين الدموع والدماء والألم
مازال يمكنك سماع هذا الصوت من بين ضباب الدخان
لن نركع
هذه الليلة.. دون قتال

تعمدت عرض النص الكامل لهذه الأغنية لكي نحس بهذه الكلمات المعبرة والمشاعر المتأججة التي غنّى بها عازف الجيتار الأمريكي مايكل هارت أغنيته "لن نركع" والتي أشارت إليها الزميلة مرام مكاوي في مقالتها المعبرة عن المقاومة الإلكترونية الأسبوع الماضي، فهي ليست مجرد كلمات تواكب أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة الذي استمر دون توقف لمدة 22 يوماً. إنها بادرة نوعية تؤسس لدور الفن والفنانين في رفض الظلم والعدوان بغض النظر عن الدين والجنسية واللغة التي يعبر فيها الفن عن مبدأ الوقوف مع الإنسان والإنسانية. تحدث مايكل هارت في هذه الأغنية، التي ألفها ولحّنها بنفسه، بلسان سكان غزة وأهداها إلى سكان غزة باعتبارها "أغنية أمل للفلسطينيين في غزة". وفي وقت يتجادل فيه السياسيون حول تحديد المحقّ والمخطئ في هذه الحرب، لم يتردد الفنان في التعبير التلقائي ضد المجازر والقتل بنمط الأغنية (الحكاية) على غرار الأغاني الشعبية التي تروي سير الأبطال والعظماء في قالب روائي غنائي بإيقاعاته المميزة التي تعكس حزناً دفيناً ونبيلاً، وتضميناته الفريدة، وتكراره المعبر عن المعاناة الإنسانية ...
الأغنية، كلمات ولحناً وأداءً، هي نموذج للفن حين يكون ملتزماً بقضايا الإنسان دون النظر إلى جنسه أو معتقده، ونموذج للفنان حين لا يتردد في التعبير عن مشاعره بصدق وبحرية دون أن يخشى التجريم أو التهديد أو الوقوف بجانب الحق ورفض الإرهاب والظلم ورفض الصمت عنهما. فإذا ما أثلجت هذه الأغنية صدورنا أو أكسبتنا شيئاً من الرضا والنشوة كما هي دائماً ثيمات أغاني مايكل هارت التي تتناول مواضيع خطرة وحساسة مثل تحديات العيش وديمومة الحياة والحروب وكوابيسها ونزع الأسلحة والحلم بالسلام وكذلك العنف الأسري، فحري أن يدعونا هذا الشعور لأن ننتقل سريعاً إلى التفكير في بعض العوامل التي تجعل من ظاهرة التعاطف مع قضايانا ظاهرة عالمية وليس مجرد ظاهرة محلية أو أن تظل مجرد حالات استثنائية هنا أو هناك. وحري بنا أن نتأمل نمط التفكير الذي يكسبنا التأييد العالمي بشكل واسع.
أول هذه العوامل في نظري هو إدراك دور الفن في الوقوف مع القضايا الإنسانية في وجه الظلم والعدوان بعيداً عن التأجيج الجماهيري والشعارات السياسية. فالفن بطبعه أقرب للمشاعر الإنسانية الصادقة وهو المعبر عن مكنون الصدور بشكل جميل يلامس الحس الإنساني في جوانبه المرهفة. وإذا ما أدركنا أن الفن جزء لا ينفصل عن الحياة أدركنا كم يكون الفن جميلاً وكم يكون مؤثراً ليس في حالات الحزن فقط بل في حالات الفرح أيضاً.

وثاني هذه العوامل هو نشر حرية التعبير عن المشاعر الإنسانية والمواقف الصادقة حول قضايا الإنسان في المجتمع حتى لا تقف الحواجز والجدران حائلاً دونها مهما كانت شدة التعتيم ومهما بلغت قسوة السلطة. ولنا في أغاني الفنان مارسيل خليفة نموذج إنساني صامد عجزت العتمة عن التعتيم عليه. إن أبسط تقريب لهذه الحقيقة هو أن ندرك أنه عندما يمتدحنا أحد تحت تهديد السياط لن نعرف أبداً هل كان مدحه صدقاً أم رياءً، وعندما يساندنا أحد خوفاً من التجريم أو التخوين، لن ندرك منه أبداً نواقص فكرنا أو ثغرات منطقنا. لا بد أن نسمع الرأي تحت عباءة الحرية وإلا لن نسمع رأياً.
وثالث هذه العوامل هو تجديد الرؤية التي ننطلق منها لكسب التأييد العالمي لقضايانا، فالتخطيط الاستراتيجي والإعلام الذكي لا يكون بالشتم والأصوات المرتفعة ضد الآخر، بل بالتشريع لثقافة النقد الذاتي حتى نكسب المصداقية فيما نقول. إن عرض الحقائق الإيجابية والسلبية على حدٍ سواء مراعاة للحقيقة وللصدق والأمانة، والإشارة دون وجل إلى جوانب النواقص في إعلامنا (إن وجدت) يجعلان الآخرين يصغون لنا. فالإعلام الذكي لا يتورع عن نقد نفسه أولاً لا أن يكون دائماً بوقاً دعائياً ممجوجاً يخدر المتلقي أو ينفره من الاستماع.
لقد كسبت القضية الفلسطينية إثر تلك الأحداث الدامية الدعم الإعلامي الخارجي وفقدت إسرائيل صورتها الزائفة التي حاولت تلميعها وتصديرها، كما خسرت إسرائيل أخلاقياً بينما كسبت القضية الفلسطينية التأييد والتعاطف العالمي. ومن المؤسف أن ذلك إنما جاء على أشلاء ما يزيد عن 1300 من القتلى وأنين ما يزيد عن 5000 من الجرحى. ولكن علينا استثمار هذه البدايات في التحول لكيلا تعود الأمور إلى سابق عهدها.

safa2
08-24-2009, 07:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكـــــــــــــــــــــور علي مجهودك
تسلم ايدك