المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيمون دي بوفوار نجمة الوجودية الذابلة



soltan
03-26-2009, 01:13 PM
اخيرا ذبلت ثم ماتت سيمون دي بوفوار او الزهرة الذهبية التي كان يعتقد سارتر انها لن تذبل ابدا . وها هي تلحق برفيق العمر والفكر الذي تركها وحيدة منذ ست سنوات قضتها في شبه عزلة اكتفت خلالها بنشر كتابها الاخير "حفل وداع" الذي تناولت عبر سطوره في صراحة اغضبت البعض جوانب من شخصية جان بول ساتر وحياتها معه.

واذا كانت سيمون دي بوفوار قد ساهمت بنصيب وافر من الكتابات في ميادين مختلفة مما يجعل منها احد اعلام الفكر الفرنسي المعاصر خاصة وانها كانت نجمة الفسلفة الوجودية ، يوم كانت هذه الفسلفة هي موضة المجتمع الاوروبي ، فان اسمها سوف يظل مرتبطا عندهم بشيئين : اولهما الفيلسوف الوجودي سارتر وثانيهما مساهمتها الفكرية في قضية تحرير المرأة وبينهما يرتبط اسمها عندنا بموقفها المناوئ للقضية العربية وتعضيدها للصهيونية .

وقصتها مع سارتر بدأت منذ التقت به حوالي 1929 واستمرت حتى وفاته 1980 ومنذ اللحظة الاولى وجدت فيه كل ما تتمنى وشعرت انها تستطيع ان تقاسمه في كل شيء وفي مذكراتها كتبت عن تلك الايام الاولى "... وفي اثناء الامتحانات الشفوية التي استمرت خمسة عشر يوما لم نفترق ابدا الا لنذهب لنوم ، وكنا نذهب الى السوربون للامتحان ، ولسماع دروس بعض زملائنا وكنا نخرج مع بول نيزان وزوجته وكنا نشرب في مطعم بلزار مع ارون الذي كان يمضي فترة الخدمة العسكرية في الارصاد الجوية وكذلك مع بوليزر وكثيرا ما كنا نتنزه سيرا على الاقدام وكان سارتر يشتري لي من شاطئ السين مؤلفات فانتوماس وباردالان التي كان يفضلها اكثر من مراسلات ريفيير وفورينيه . وكان سارتر ياخذني في المساء لارى افلام رعاة البقر التي كانت تبهرني لانني كنت من قبل اتعلق بالافلام التراجيدية والسينما التجريبية وكنا نثرثر على اصفة المقاهي ساعات طويلة ".
تلك كانت البداية وساعتها شعرت سيمون دي بوفوار كما تقول بانه " لا بد لي من ان احتفظ باثمن ما املك وهو تذوقي للحرية وفضولي وحبي للحياة وعزمي على الكتابة " . ووجدت من سارتر التشجيع الكامل والمؤازرة لمشروعها الوجودي ومع بداية الاربعينيات بدأت تقدم نفسها لجمهور القراء.
اديبة وجودية :
وفي اطار الفلسفة الوجودية نجدها تحتل موقعا خاصا يتفق ومحاولة اوجودية الفرنسية اتخاذ الادب وسيلة لنشر المذهب بين الجمهور مثلما فعل سارتر وجبرييل مارسل واذا كانوا قد استطاعوا ان يحققوا نجاحا في هذا المضمار فان الفضل يرجع الى تلك العلاقة القوية التي ربطت الفسلفة بالادب ونعني بها الاهتمام بالانسان . الا اننا نلاحظ ان سيمون دي بوفوار استطاعت التفوق على كل اعلام الفسلفة الوجودية من هذه الناحية حيث انها كرست اغلب اعمالها في مجال الرواية والاعترافات ولم تتعرض للدراسة الا بقدر ضئيل . ففي اعمالها الادبية منذ روايتها الاولى "المدعوة " 1943 وحتى "الصور الجميلة " 1966 مرورا باعمالها الاخرى واشهرها "الماندران " او الصفوة 1954 والتي نالت عليها جائزة جونكور وحققت لها شهرة وساعة نجدها تجسد حياتها التي امتزجت بالفلسفة الوجودية في مؤلفاتها مثلما فعلت بعد ذلك في الاعترافات حين اخذت تعالج القضايا التي طرحتها الوجودية .
وفي الفلسفة الوجودية نجد ان العلاقة بالاخرين تعتبر من اهم الموضوعات التي ناقشها اعلامها . سارتر "الوجود للغير " والفكرة باختصار تعني ان وجودي يفرض وجود الاخر وانه لا وجود للذات المفردة المنعزلة ونحن نجد انفسنا دائما امام مواقف مختلفة وتلك المواقف تفرض علينا ان نختار من بين عدة احتمالات وهنا تكون حريتها وهي تفرض علينا ايضا تحديد نوع علاقتنا بالعالم ، تلك العلاقة التي تؤكد على وجود الاخر .
هذه القضية نلمسها منذ اول اعمالها "المدعوة " الا انها لم تعرضها بصورة انسانية فبقيت مجرد فكرة عقلية باردة ولعل ذلك كان السبب في ان سيمون دي بوفوار كانت تجد تلك الرواية فيما بعد ابغض مؤلفاتها اليها . لقد كانت سيمون دي بوفوار تعرف انه " لو كان الانسان وحيدا في العالم لشلته الرؤية الباهر لبطلان كل اهدافه وماربه ولما استطاع ان يتحمل عبء الحياة وهي الفكرة التي جسدتها في الماندران او الصفوة وفيها حاولت ان تعبر كما تقول " عن جزء من فرنسا في غمار الحرب وفي الازمة عن وجه فرنسا من خلال المثقفين " او حاولت ان " تعطي وجها لفرنسا في فترة من فترات الهزيمة وعموما فقد استطاعت من خلال تلك الرواية ان تقدم عرضا مفصلا للثقافة الوجودية اوضحت من خلالها مفهومها لمعاني وقضايا كمعنى الادب وقضية الالتزام من خلال ما اكتسبته اثناء الحرب فقد كشفت لها الحرب كما صرحت " كيف انني مضطرة الى الاعتماد على الاخرين وانني مضطرة للتضامن معهم " وفي " كل البشر الى فناء " 1987 نجدها تعالج المفهوم الوجودي للموت فالموت عندها هو الذي يعطي الحياة قيمتها ومعناها والانسان لم يوجد لكي يموت مثلما اعتقد هيدجر من قبل وانما المسالة على خلاف ذلك فكما اوضحت في بيروس وسيناس " فاننا نعرف ان طل انسان فان لكن في نفس الوقت لا نعرف ان على الانسانية ان تموت فانها لن تموت ابدا عند مرحلة بعينها ولن تكف عن ان تكون تجاوزا مستمرا لذاتها وعلى هذا فالموت قد يكون فرديا ولكن الوجود الانساني مستمر وقائم.
السيرة الذاتية الاقرب للقلب :
وبجانب الرواية كتبت سيمون مسرحية واحدة هي الافواه اللا مجدية 1945 ويبدو انها شعرت بابتعاد هذا الميدان ع رغباتها فلم تعاود المحاولة ، بينما نجدها تكرس اغلب ما كتبته لادب الاعتراف الذي وجدته اقرب الانواع الى قلبها ، وقد بدات في نشر مذكراتها عام 1958 بعنوان " مذكرات فتاة متزنة " وسرعان ما تبعتها في "قوة الاشياء " 1963 و " الشيخوخة " 1970 و " كشف حساب " 1972 بالاضافة الى كتابها الذي ضمنته خواطر وتأملات حول موت والدتها " موت هادئ جدا " 1964 حتى كتابها الاخير " حفل وداع " 1981.
وفي كتابها النظريات نجد انها لا تطاول قامة سارتر فقد تركت " اخلاقيات للالتباس 1947 و " بيورس وسيناس " 1944 وهي ابحاث تبقى فيمتها بالدرجة الاولى حين نحاول فهم اتجاهات الكتابة وتطورها الفكري اكثر من القول بتاثيرها في الفكر الوجودي , وايضا نجد لها بعض الكتابات التي يغلب عليها طابع الالتزام مثل مؤلفها "امريكا يوم بيوم " وهو في الال مجموعة مقالات نشرت خلال 1947 – 1948 بمجلة الازمنة الحديثة وتعرضت قيها بصورة قاسية للديمقراطية الامريكية التي كانت شبح المكارثية قد اخذ يلقى بظله عليها كما لها دراسة عن الصين نشرتها عام 1957 بعنوان " المسبرة الطويلة " .
الا انه ينبغي ان نلاحظ اختلافها عن سارتر في هذا المضمار فقد ظل هو حتى اخر ايامه لا يتجنب الدخول في معارك سياسية ولا يتردد في اتخاذ اي موقف ياره صائبا من وجهة نظره اما هي فقد رفضت كما يقول سارتر الدخول الى مطبخ السياسة وحتى الحرب العالمية الثانية كانت تعتقد ان الكتابة لا بد ان تكون بعيدة عن السياسة ولكن الحرب علمتها ضرورة الاعتماد على الاخرين وبالتالي الاضطرار الى التضامن معهم وكان هذا هو مدخلها الى عالم السياسة ولكن اهتماها ظل يفترب من الشواطئ دون الخوض في مياهها .
وبالنسبة لنا فقد كان لها موقف شهير اثناء حرب الجزائر فقد نددت بالاستعمار الفرنسي وشاركت في مسيرات ضد الحرب ومن اشهر كتاباتها في تلك الفترة مقدمتها لكتاب جميلة بوباشا الذي كتبته المحامية الفرنسية جيزيل حليمي ، ويكفي ان المجلد الثاني من " قوة الاشياء " يعطينا صورة واضحة عن اشنغالها طوال فترة الحرب الجزائرية بتلك القضية .
وعلى النقيض من هذا الموقف نجد موقفها المعادي للعرب وقضية فلسطين وتأييدها المطلق لاسرائيل والصهيونية وهو موقف لم يلق عنايتنا حتى الان ولا نعنى بذلك انه كان يجب ان تقف معنا فأي دارس للقضية لا شك سوف يقتنع بان الجانب الفلسطيني الذي طرد من ارضه صاحب حق واي دارس ايضا سوف يكتشف النزعات العنصرية الصهيونية وخاصة حين يكون هذا الدارس في مستوى سارتر او دي بوفوار وهذا ما يجعلنا نسأل لماذا كان موقفها هذا المعادي لنا ؟
في عام 1968 دعونها وسارتر لزيارة القاهرة بعد ان اعلن رغبته في التعرف على القضية الفلسطينية وزارا مصر ثم اسرائيل واصدرا عددا من " الازمنة الحديثة " لعرض وجهتي النظر ثم فضل هو ان يقف موقفا وسطا اما سيمون دي بوفوار فقد اعلنت وظلت حتى نهاية حياتها وقوفها وتاييدها لاسرائيل وبالطبع لا نريد هنا ان نجعل من هذا التاييد مناسبة للتباكي فدعوتنا لهما لم تكن بالتاكيد رشوة لتاييدنا وهناك من المفكرين الاوروبيين من وقف معنا ، دون ان ندعوه لزيارة دولة عربية او حتى نهتم باعماله ونحتفل مثلما فعلنا مع سارتر ودي بوفوار وهنا نجد انفسنا نندفع لنسأل مع اعترافنا بوجود تأثير صهيوني على موقفها هل كان التقصير منا ؟
او هل ظن بعضنا ان اقامة الموالد ومد الموائد كفيلان باقناع الغير ؟ ام تصورنا ان الدعوة للوجودية في اوساط مثقفينا وترديد شعاراتها كالببغاوات هو الطريق لاستمالة روادها ؟ اسئلة عديدة تحتاج الى اجابة على الاقل لكي لا نكرر الخطأ مرة اخرى .
حرية المرأة هي حرية المجتمع :


ناهضت الاستعمار الفرنسي للجزائر وأيدت الاستيطان الصهيوني لفلسطينhttp://www.mudarris.com/show/poet/Images/092676.jpg



وبعيدا عن الادب والسياسة يبقى لسيمون دي بوفوار مؤلفا الهام " الجنس الثاني " الذي نشرته عام 1949 والذي نعتقد انه سوف يرتبط به اسمها خاصة في اوساط حركة تحرير المرأة الغربية لفترة طويلة قادمة.


وفي هذا الكتاب نجدها تتعرض لدراسة واقع المرأة وماهيتها من خلال منظور وجودي ولهذا تبدأ دراستها بمحاولة البحث عن طبيعة المرأة من خلال تعرضها للجوانب البيلوجية والسيكولوجية والتاريخية ثم من خلال الدور الذي عاشته في تاريخ حضارات مختلفة لتصل في النهاية الى ما يسمى بالطبيعة الانثوية ما هو الا نتاج طبيعي لتاريخ البشرية الذي يتمركز حول الرجل . وما قولنا بالجنس الثاني الا تعبير عن هذا الواقع ، فالانوثة " ليست ماهية بل موقف خلفته حضارات ".

safa2
10-05-2009, 05:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

مشكـــــــــــــــــــــور علي مجهودك

تسلم ايدك