Warning: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /home/forumbs/public_html/includes/class_core.php on line 1960
الدخول بالمخطوبة بين العرف والشرع - رؤية خاصة [الأرشيف] - منتديات بانى ستار

المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدخول بالمخطوبة بين العرف والشرع - رؤية خاصة



walid_8281500
03-22-2009, 04:24 AM
ما زال موضوع الخطوبة يشكل نقطة جدل واسعة بين أوساط الاجتماعيين والمثقفين في مجتمعاتنا المحلية، فبالإضافة إلى كون الخطوبة بتعريفها المتعارف عليه حاليا يعد جديدا على مفاهيم الشارع الإسلامي المقدس، وليس لها أي محل في قاموس الزواج الإسلامي الصحيح، إلا أن المجتمعات قد طورتها أكثر وأكثر لتناسب حياتها وعاداتها ومحاولة الحد من مشاكلها التي بدأت تتفاقم حتى أصبحت لا تخفى على أحد من العقلاء . وأبدا لا يمكن مقارنة الخطوبة وسلبياتها بغيرها من الأمور الدخيلة الأخرى في نفس المجال, كلبس دبلة الزواج مثلا والتي لا تؤثر كثيرا في موضوعات الزواج سوى زيادة نفقتها المادية على كاهل الزوج.

وبالرجوع إلى تعريف الخطبة الشرعية نجد انه يتمحور حول رغبة الرجل في الزواج بامرأة معينة والتقدم بذلك رسميا لوليها وأهلها، وما يترتب على هذه الخطبة من إباحة رؤية الرجل لهذه المرأة للتعرف عليها وهي ما تسمى بالرؤية الشرعية والتي حث عليها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما لها من اثر كبير من قبول كل طرف للآخر قبل الدخول في عقد الزواج، وكذلك عدم جواز خطبة رجل آخر لهذه المرأة وهو يعلم بذلك قبل أن يتم البت في طلب زواج الرجل الأول.ولا تزال المرأة المخطوبة بالخطبة الشرعية أجنبية على الرجل الخاطب ما دام لم يتم عقد الزواج بينها فيما عدا ما يختص بالرؤية الشرعية.الى أن يتم العقد الشرعي بينهما ويعلن في نفس الليلة زفافها لبعضهما البعض حيث يقول لهم الجميع مبروك وبالرفاه والبنين.

وانتشرت في الدول الأجنبية الغير مسلمة فكرة أن يلتقي الرجل بالمرأة فتعجبه فيبدي الرغبة في الارتباط بها، وبعد تعارف قصير أو طويل بينهما يخطبان بعضها البعض ويقيمان حفلة صغيرة يعلنان لأهلهما وأصدقائهما أنها مخطوبان حيث يلبس كل منها للآخر دبلة الخطوبة ، ليعيشا بعد ذلك مرحلة الخطوبة التي يحاولان التعرف فيها جديا على بعضهما البعض ويمارسا فيها كل أنواع الحب والغزل والشهوة والجنس دون رادع شرعي بينها. وان قدر لهما الاتفاق تزوجا بعد ذلك حيث يكون زواجا رسميا دينيا وفي كنيسة, وإلا وإن اختلفا فسخا خطوبتهما بكل سهولة وفسخ الدبلة عادة يدل على فسخ الخطوبة بينهما.

استوردت مجتمعاتنا فكرة الخطوبة الأجنبية لكنها لم تستطع تطبيقها بحذافيرها لتناقضها مع مقتضيات شرعية واضحة أهمها أن الرجل أجنبي على المرأة ما لم يتم عقد شرعي بينهما للزواج، وفكا لهذا الأشكال قامت المجتمعات وفي إعلان الخطوبة أو قبله القيام بعقد الزواج تجنبا للمأزق الشرعي, لكنها لم تعلن زفاف الزوجين مؤجلة هذا الأمر لاكتمال مرحلة الخطوبة التي استوردوها, ومنتظرين تفاهم الخطيبين ليتم ترتيب الزفاف بينهما في وقت لاحق.

إلا أن المجتمعات ومع إقامة العقد الشرعي لم تبح للخطيبين أن يمارسا الزوجية أو حتى أجزاء منها في مرحلة الخطوبة, معللين أن اتفاق العقد أصلا أن يكون الدخول لاحقا ولذلك مارس الخطيبين تعارفهما فقط باللقاءات لبضع ساعات أو التكلم بالهاتف أو الخروج والتنزه والاستئناس بالحديث مع بعضها البعض.

ومن خلال بحثي البسيط في موضوع أن يكون اتفاق العقد في الخطوبة لا يشمله الدخول، تبين لي أن الأمر له مصدر تشريعي واضح، ألخصه في التالي:

* تنقسم وبشكل عام شروط عقد الزواج الشرعي إلى قسمين :

الأول : شروط اعتبارية حقيقة : وهي الشروط المتفق عليها شفهيا أو حتى كتابيا في عقد النكاح مثل شرط الزوجة السكن في مدينة معينة، أو شرط الزوج أن تكون المرأة غير عاملة.وهي شروط حقيقة واجب على المشروط عليه تنفيذها ما دام قبل بها لتمام عقد الزواج.

الثاني : شروط ارتكازرية ضمنية : وهي شروط عقلائية يرتكز عليها عقد الزواج، كمثال شروط الزواج العرفية . وكمثال لذلك كأن يكون العرف في بلد ما أن يدفع الرجل هدية لزوجته في يوم زفافها, فهذا شرط للزواج لا يلزم الاتفاق عليه سابقا لكن الرجل ملزوم بإيفائه لأنه يعلم أن العرف يلزم الزوج بذلك.

وبذلك فإن عقد الخطوبة الشرعي في منعه عرفا للزوج من الممارسة الزوجية مع خطيبته يرتكز على الشرط الارتكازي الضمني والمتعارف عليه في المجتمع ، في أنه من يخطب امرأة ويعقد عليها بالخطوبة لا يجوز له الدخول بها تبعا للعرف المتعارف عليه.

- وانقل لكم فتاوى للفقيه السيد علي السيستاني دام ضله في هذا الخصوص :

السؤال : الخطوبة عندنا هي بعقد فهو شرعا زواج وعرفا خطوبة فهل تقع علي أحكام الزواج أم لا مثل وجوب الاستئذان عند الخروج من المنزل ؟ وهل يؤثر حكم العرف هنا فيجوز لي رفضه عندما يريد الجماع أم ذلك واجب ولا يؤثر حكم العرف هنا؟
الجواب : إذا تم العقد فأنت زوجته ولكن لا يجب عليك التمكين بالوطء ونحوه وكذا بالنسبة إلى الحرية في الخروج من البيت من دون إذنه إذا كان هناك شرط ارتكازي بأنها تكون بعد الزفاف ولو كان منشأ هذا الشرط التعارف الخارجي.

السؤال : هل يجوز للمخطوبة أن تمنع خطيبها من تمكينه من نفسها في فترة الخطوبة، علما أنهما قد أتما عقد القرآن الشرعي؟
الجواب : يجوز بناءً على الشرط الارتكازي المأخوذ في العقد على أن يكون التمكين والتبعية بعد الزفاف كما النفقة لا تجب على الزوج في تلك الفترة لذلك.

نلاحظ في إجابات السيد علي السيستاني حفظه الله مراعاته للشروط العرفية والمتعارف عليها في البلد والتي سماها بالشروط الارتكازية والتي من خلالها أفتى حتى للمخطوبة بعقد شرعي بعدم تمكين نفسها من خطيبها مادام العرف لا يقبل بذلك في مرحلة الخطوبة.


- ولكم أيضا هذه الإجابة للمرجع السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله :

السؤال: هل يحق للخطيب أن يضاجع امرأته بعد الخطوبة وعقد (الملجه) وقبل ليلة الزفاف لأن هناك عادة أصبحت قبل الزواج منتشرة وهي خلال الخطوبة يقومون بالجماع والمضاجعة وفي معظم الأحيان تنفسخ الخطوبة ما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
الجواب: نعم، يجوز بعد وقوع عقد الزواج الصحيح ولا ننصح بذلك وللزوجة الامتناع عن ذلك قبل استلام المهر.

ويلاحظ هنا من جواب السيد الحكيم حفظه الله جوازه عموما للجماع بعد عقد الخطوبة بناءا على المبدأ الشرعي العام، لكنه لا ينصح بذلك احتراما للعرف السائد، وكذلك فهو يجيز للمرأة بعدم التمكين ما لم تستلم المهر الكامل والمتفق عليه حتى بعد إجراء العقد.

ولمن لم يقتنع بوجود هذا العرف فليسأل نفسه هل يرى عاديا أن تصرح المرأة أو خطيبها أو أهلهما للمجتمع مثلا بالدخول أو وجود حمل أثناء مرحلة الخطوبة ؟ ولماذا يعد هذا الأمر فضيحة يجب سترها ؟ ولماذا يسرع في الزفاف حال العلم بذلك ؟ أليس كل هذا دليل على أنه ما زال في العرف لا يمكن الدخول والحمل في مرحلة الخطوبة ؟

وقد وجدت أيضا أن بعض الفقهاء لا يعطون الرجل صاحب العقد على مخطوبته بعض حقوقه الزوجية المعروفه، مثل وصايته عليها في الاستئذان عند خروجها من البيت، إلا عند اشتراط هذا الأمر في العقد، وهذا دليل على أن العقد الشرعي في الخطوبة لا يعد عقدا متكاملا لارتباطه بشروط عرفية أهمها, عدم الدخول وعدم الإنفاق وعدم السكن الزوجي . ولذلك لا يترتب على كل منهما الحقوق والواجبات المتعارف عليها في عقد الزواج المتكامل.

- أنقل لكم إحدى فتاوى الفقهاء في هذا الشأن، وهي للمرجع السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله:

السؤال: هل يجوز خروج المخطوبة بدون إذن خطيبها بمعنى المرأة التي عقد عليها لكنها لم تزف لزوجها بعد؟
الجواب: نعم قبل الزفاف وقبل أن تكون في بيت زوجها وتحت تكفله لا يحتاج خروجها من بيتها إلى إذن الزوج، إلاّ مع اشتراط ذلك في عقد الزواج أو عقد مشروع آخر.

- وللاستزادة أنقل لكم إجابة المرجع السيد محمد صادق الروحاني دام ظله :

السؤال: عندما يعقد عقد النكاح على البنت المخطوبة ولفترت الخطوبة تكون البنت في بيت أبيها فترت الخطوبة هل تكون هي هنا في حكم الأب أم تكون في حكم الزوج وماذا عنها لو عصت الزوج ( وأي كلمة قالت أنا في بيت أبي ) وتخرج وتدخل بدون ولي ؟
الجواب: الفتاة بعد عقد النكاح تصبح زوجة من الناحية الشرعية ولكن في فترة الخطوبة تكون تحت مسؤولية أهلها من الناحية العرفية والاجتماعية ، ولا بد من مراعاة هذه الأمور العرفية التي تختلف باختلاف المجتمعات.

ونلاحظ ومن جديد أن السيد الروحاني دام ظله يعطي اعتبارا للعرف السائد في المجتمعات فلا يعطي الزوج صاحب عقد الخطوبة حق الوصاية في خروج المرأة, ما دامت في بيت أهلها وأبيها وما زالت عرفيا واجتماعيا تحت مسؤوليتهم وليست تحت مسؤوليته.

لكن مع مرور الزمن ومع التساهل الأكثر من المرأة والرجل والأهل في هذا الأمر، حتى تسمع عن البعض تنام معه خطيبته بأيام في غرفته وانتشر الدخول بيت المخطوبين، بدأت تظهر مشاكل على السطح من جراء هذا كله، أهمها:

1- مشاكل شرعية : بات منتشرا التأنيب الداخلي عند الخطيبين, لأنهما يحسان أنهما قاموا بعمل خالفا فيه عرف المجتمع وعاداته, ونكثوا فيه ثقة الأهل، ويا حسرة يبدأ مشوار الحياة بتأنيب الضمير بدلا من انتظار لحظة من أجمل لحظات الحياة ولن تتكرر أبدا.
2- مشاكل نفسية : بات يلاحظ عدم الارتياح النفسي بين الخطيبين وانحسار السعادة المنتظرة وأصبح الزفاف تمثيلية لا تضحك أحدا من الجمهور ، وإنما يضحك فيها الزوجين على نفسيهما لأنها لم يستطيعا احترام عاداتهما أو التحكم في غرائزهما.
3- مشاكل أخلاقية : انحسرت فكرة احترام الفرد لأخلاق وعرف المجتمع, وسادت فكرة إشباع الذات فقط مما قد يؤدي إلى انحرافات سلوكية لا يؤمن عاقبتها.
4- مشاكل قضائية : انتشرت قضايا قضائية جراء التساهل في هذا الأمر , أذكر لكم بعض ما وردني منها ، مثلا : فسخ العقد أو الانفصال بين الخطيبين بعد أن كان الدخول, مما قد يؤدي إلى دخول المرأة بكرا في هذه الخطوبة وخروجها منها ثيبا بدون زفاف ولا حقوق وقد ينكر الخطيب أصلا دخوله بالمرأة لترفع هذه القضايا للمحاكم ويكون القيل والقال، موت الخطيب في أثناء الخطوبة بعد دخوله بخطيبته, وقد ينكر أهل الزوج دخوله بها خصوصا لو كانت حامل ليتحاكما للقضاء وتعم الفضيحة.
5- مشاكل سلوكية : أصبح ساريا بين الشباب أنه ومن أراد الإشباع السريع التقدم بخطبة أي فتاة حيث لن تمانع في ثاني يوم من الخطوبة من الدخول بها، حيث أدى ذلك إلى عدم احترام العلاقة المقدسة بين الزوجين والنظر لها نظرة سطحية, وقد يكون الدخول سببا في عدم إقدام الرجل على الزواج بعد الخطوبة نظرا لتمتعه بكافة أنواع الاستمتاع فلم الزواج إذا ؟

* أخيرا أقدم لكم هذه التوصيات من أجل خطوبة موفقة, وسعادة زوجية قادمة سعيدة:

1. تعزيز فكرة أن الخطوبة هي مرحلة للتعارف والاتفاق بين الخطيبين، والدخول يشكل قتلا لهذه الفكرة حيث يجمد التفكير في الطرف الآخر ويشل مبدأ التشاور والتفاهم, لتوجه مجمل التفكير في ذلك الحين لمعالجة مأزق الدخول.
2. التنبيه على الشباب والبنات بأن الدخول في فترة الخطوبة يشكل خطرا يجب الابتعاد عنه, فهو إن لم يكن مخالفة شرعية واضحة, فهو حتما كسرا لعرف سائدة في البلد يحترمه الشارع الإسلامي.
3. الابتعاد عن كل ما يثير الخطيبين، مثلا الخلوة الطويلة جدا والحديث في الأمور الجنسية أو مشاهدة الأفلام المثيرة مع بعضهما البعض أو النوم والمبيت أو لبس المرأة الملابس المثيرة، فكلها أبواب يجب الاحتياط فيها لعدم إثارة الشهوات. وتوجيه وقت التلاقي للحوار والنقاش والتعرف على الأفكار.
4. تحذير الفتاة من عدم قبولها بالدخول مهما أصر الرجل, وتعريفها بالمخاطر التي قد تؤول عليها جراء هذا الفعل كما ذكرنا سابقا.
5. توجيه الشباب باحترام العلاقة الزوجية فهي علاقة مقدسة يجب أن تبنى جميع مراحلها على طاعة الله واحترام المجتمع والمحافظة على الطرف الآخر، وما الجنس إلى نتيجة حتمية سيصل لها عند الزواج.
6. التركيز على مبدأ أن قيام الخطوبة هو طريق للزواج, وإيصال هذه الفكرة لكل من الرجل والمرأة للعمل على ترتيب الزواج منذ انتهاء الخطوبة ما دام الاتفاق موجودا بين الطرفين.


* ملاحظة : جميع الفتاوى والإجابات من المواقع الرسمية للفقهاء الأجلاء حفظهم الله.


مع تمنياتي للجميع بخطوبة موفقة وحياة زوجية هانئة وحياة سعيدة