المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال و جواب ( العقيدة )



الصفحات : [1] 2

ahmedaboali
03-15-2009, 03:39 AM
السؤال:


أسمع من يقول بأن الشفاعة ملك لله وحده لا تطلب إلا منه ، وآخرين يقولون إن الله أعطى الشفاعة لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأوليائه الصالحين فيصح أن نطلبها منهم ، فما هو الصواب من ذلك مع ذكر ما تستند إليه من الأدلة الشرعية ؟.

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فالشفاعة هي التوسط للغير في جلب المنفعة أو دفع المضرة.

وهي قسمان :

القسم الأول : الشفاعة التي تكون في الآخرة ـ يوم القيامة ـ .

القسم الثاني : الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا .

فأما الشفاعة التي تكون في الآخرة فهي نوعان :

النوع الأول: الشفاعة الخاصة، وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق وهي أقسام :

أولها: الشفاعة العظمى ـ وهي من المقام المحمود الذي وعده الله إياه ، في قوله تعالى: " وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(79) " سورة الإسراء . وحقيقة هذه الشفاعة هي أن يشفع لجميع الخلق حين يؤخر الله الحساب فيطول بهم الانتظار في أرض المحشر يوم القيامة فيبلغ بهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد، يتمنون التحول من هذا المكان ، فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم : لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: "أنا لها، أنا لها". فيشفع لهم في فصل القضاء ، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

والأحاديث الدالة على هذه الشفاعة كثيرة في الصحيحين وغيرهما و منها ما رواه البخاري في صحيحه ( 1748 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثاً، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود".

ثانيها : الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمhttp://www.al-jar7.com/images/smilies/frown.gif آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك " رواه مسلم (333 ) .

وفي رواية له( 332 )" أنا أول شفيع في الجنة ".

ثالثها : شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:

فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه" رواه البخاري ( 1408 ) ومسلم(360 )

رابعها : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أناس من أمته الجنة بغير حساب :

وهذا النوع ذكره بعض العلماء واستدل له بحديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة وفيه : "ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ " رواه البخاري ( 4343 ) ومسلم ( 287 ) .

النوع الثاني: الشفاعة العامة، وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين والصالحين وهي أقسام:

أولاها: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار في أن يخرجوا منها . والأدلة على هذا القسم كثيرة جدا منها :

.... تابع بقية الاجابة ....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:41 AM
ما جاء في صحيح مسلم( 269 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: " فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا... فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط" .

ثانيها: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها، وهذه قد يستدل لـها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه) أخرجه مسلم ( 1577 ) فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.

ثالثها: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة ،ومثال ذلك ما رواه مسلم رحمه الله (1528) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعــا لأبي سلمة فقال: " اللّهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه"".

شروط هذه الشفاعة :

دلت الأدلة على أن الشفاعة في الآخرة لا تقع إلا بشروط هي :

1) رضا الله عن المشفوع له، لقول تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء/ 28 . وهذا يستلزم أن يكون المشفوع له من أهل التوحيد لأن الله لا يرضى عن المشركين. وفي صحيح البخاري ( 97 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِه "ِ



2) إذن الله للشافع أن يشفع لقوله تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) البقرة/255 .

3) رضا الله عن الشافع، لقوله تعالى: (إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم/26.

كما بَيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن اللعانين لا يكونون شفعاء يوم القيامة كما روى مسلم في صحيحه ( 4703 ) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّعَّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَة "ِ.

القسم الثاني: الشفاعة المتعلقة بالدنيا ، وهي على نوعين:

الأول:ما يكون في مقدور العبد واستطاعته القيام به ؛ فهذه جائزة بشرطين :

1) أن تكون في شيء مباح، فلا تصح الشفاعة في شيء يترتب عليه ضياع حقوق الخلق أو ظلمهم ، كما لا تصح الشفاعة في تحصيل أمر محرم. كمن يشفع لأناس قد وجب عليهم الحد أن لا يقام عليهم، قال تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائده/2 .

.... تابع بقية الاجابة ....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:42 AM
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها " أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " رواه البخاري ( 3261 ) ومسلم ( 3196).

وفي صحيح البخاري (5568) ومسلم (4761 ) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ" اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَب "َّ.

2) أن لا يعتمد بقلبه في تحقيق المطلوب ودفع المكروه إلا على الله وحده ،وأن يعلم أن هذا الشافع لا يعدو كونه سببا أَذِنَ الله به، وأن النفع والضر بيد الله وحده ، وهذا المعنى واضح جدا في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

فإذا تخلف أحد هذين الشرطين صارت الشفاعة ممنوعة منهيا عنها .

الثاني : ما لا يكون في مقدور العبد ، وطاقته ووسعه كطلب الشفاعة من الأموات وأصحاب القبور ، أو من الحي الغائب معتقدا أن بمقدوره أن يسمع وأن يحقق له طلبه فهذه هي الشفاعة الشركية التي تواردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بنفيها وإبطالها لما فـي ذلك مـن وصفهم بصفات الخالق عز وجل ، لأن من صفاته عز وجل أنه هو الحي الذي لا يموت .

وشبهة هؤلاء أنهم يقولون: إن الأولياء وإن السادة يشفعون لأقاربهم، ولمن دعاهم، ولمن والاهم، ولمن أحبهم، ولأجل ذلك يطلبون منهم الشفاعة، وهذا بعينه هو ما حكاه الله عن المشركين الأولين حين قالوا: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) يونس/18 ، يعنون معبوداتهم من الملائكة، ومن الصالحين، وغيرهم ، وأنها تشفع لهم عند الله . وكذلك المشركون المعاصرون الآن ؛ يقولون: إن الأولياء يشفعون لنا، وإننا لا نجرؤ أن نطلب من الله بل نطلب منهم وهم يطلبون من الله، ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين أعطاهم الله الشفاعة، ونحن ندعوهم ونقول: اشفعوا لنا كما أعطاكم الله الشفاعة. ويضربون مثلاً بملوك الدنيا فيقولون: إن ملوك الدنيا لا يوصل إليهم إلا بالشفاعة إذا أردت حاجة فإنك تتوسل بأوليائهم ومقربيهم من وزير وبواب وخادم وولد ونحوهم يشفعون لك حتى يقضي ذلك الملك حاجتك، فهكذا نحن مع الله تعالى نتوسل ونستشفع بأوليائه و بالسادة المقربين عنده، فوقعوا بهذا في شرك السابقين ، وقاسوا الخالق بالمخلوق.

والله تعالى ذكر عن الرجل المؤمن في سورة يس قوله: (أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً)(يس:23)، وذكر الله تعالى أن الكفار اعترفوا على أنفسهم بقولهم: (قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر/43-48 .

والنبي صلى الله عليه وسلم وإن أعطي الشفاعة يوم القيامة ، إلا أنه لن يتمكن منها إلا بعد إذن الله تعالى ، ورضاه عن المشفوع له.

ولهذا لم يدع صلى عليه وسلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا ، ولا نقل ذلك عنه أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا ، لبلَّغه لأمته ، ودعاهم إليه ، ولسارع إلى تطبيقه أصحابه الحريصون على الخير ، فعُلم أن طلب الشفاعة منه الآن منكر عظيم ؛ لما فيه من دعاء غير الله ، والإتيان بسبب يمنع الشفاعة ، فإن الشفاعة لا تكون إلا لمن أخلص التوحيد لله .

وأهل الموقف إنما يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم في فصل القضاء ، لحضوره معهم ، واستطاعته أن يتوجه إلى ربه بالسؤال ، فهو من باب طلب الدعاء من الحي الحاضر فيما يقدر عليه.

ولهذا لم يرد أن أحدا من أهل الموقف سيطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يشفع له في مغفرة ذنبه .

وهؤلاء الذين يطلبون منه الشفاعة الآن ، بناء على جواز طلبها في الآخرة ، لو ساغ لهم ما يدّعون ، للزمهم الاقتصار على قولهم : يا رسول الله اشفع لنا في فصل القضاء !! ولكن اقع هؤلاء غير ذلك ، فهم لا يقتصرون على طلب الشفاعة ، وإنما يسألون النبي صلى الله عليه وسلم -وغيره - تفريج الكربات ، وإنزال الرحمات ، ويفزعون إليه في الملمات ، ويطلبونه في البر والبحر ، والشدة والرخاء ، معرضين عن قول الله ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله ) النمل/62 .

ومن خلال ما سبق يتضح لكل منصف أن الشفاعة المثبتة هي الشفاعة المتعلقة بإذن الله ورضاه ،لأن الشفاعة كلها ملك له . و يدخل في ذلك ما أذن الله به من طلب الشفاعة في أمور الدنيا من المخلوق الحي القادر على ذلك ، و ينتبه هنا إلى أن هذا النوع إنما جاز لأن الله أذن به ، وذلك لأنه ليس فيه تعلقٌ قلبيٌ بالمخلوق وإنما غاية الأمر أنه سبب كسائر الأسباب التي أذن الشرع باستخدامها . وأن الشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، لأن غير الله لا يملك الشفاعة و لا يستطيعها حتى يأذن الله له بها ، ويرضى . فمن طلبها من غيره فقد تعدى على مقام الله ، وظلم نفسه ، وعرضها للحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ، نسأل الله العافية والسلامة ، ونسأله أن يُشفِّع فينا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم .. آمين .

للاستزادة ينظر كتاب ( الشفاعة عند أهل السنة والجماعة للشيخ / ناصر الجديع .) ، والقول المفيد للشيخ محمد ابن عثيمين ( 1 / 423 ) ، أعلام السنة المنشورة ( 144 ).

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-15-2009, 03:43 AM
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي ، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ ، فَيَقُولُ النَّاسُ : أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلام . . . ثم ذكر الحديث إلى قوله : فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى ) رواه البخاري 4712.

فهذه هي الشفاعة العظمى في أرض الموقف وهي شفاعة لفصل القضاء ، والشفاعة يوم القيامة على قسمين:

1- شفاعة مقبولة أو مثبتة وهي ما أثبتته النصوص الشرعية وسيأتي تفصيلها .

2- شفاعة مردودة أو منفية وهي الشفاعة المنفية في نصوص الكتاب والسنة وسيأتي ذكرها.

فالشفاعة المقبولة أنواع :

1- الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي يرغب فيه الأولون والآخرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع لهم عند ربهم كي يخلصهم من هول المحشر وسبق بيانها.

2- الشفاعة في أهل الكبائر من الموحدين الذين دخلوا النار أن يخرجوا منها. عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ) صحيح سنن الترمذي 1983.

3- شفاعة الرسول في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة وفي آخرين أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها .

4- الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب .

5- شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب ، فيخفف عنه عذاب النار . وهي خاصة منه صلى الله عليه وسلم وخاصة في عمه أبي طالب .

..... تابع باقي الاجابة .....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:43 AM
6- شفاعة النبي للإذن للمؤمنين بدخول الجنة .

والشفاعة لأرباب الذنوب والمعاصي ليست خاصة بالنبي بل يشاركه فيها الأنبياء والشهداء والعلماء والصلحاء والملائكة ، وقد يشفع للمرء عمله الصالح لكن للنبي صلى الله عليه وسلم من أمر الشفاعة النصيب الأوفر .

وإليك هذا الحديث من أحاديث الشفاعة والدال على عموم الشفاعة في الأنبياء وغيرهم ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال َ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ . . . فذكر الحديث ، حتى ذكر مرور المؤمنين على الصرط وشفاعتهم في إخوانهم الذين دخلوا النار : ( يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَءُوا ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ) فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ وَإِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ فَيُقَالُ لَهُمْ لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) رواه البخاري 7440.

والشفاعة يوم القيامة لا تكون إلا إذا توفرت ثلاثة شروط ، دل عليها قوله تعالى : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ) . وقوله : ( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ) . وقوله : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) . وقوله : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) . وهي :

1- إذن الله سبحانه وتعالى للشافع أن يشفع .

2- ورضاه سبحانه عن الشافع .

3- ورضاه عن المشفوع فيه .

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الناس لا تقبل شفاعتهم يوم القيامة ، منهم الذين يكثرون اللعن . روى مسلم (2598) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّعَّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

أما الشفاعة المردودة المنفية :

فهي ما انتفى فيه شرط الشفاعة المقبولة من الإذن أو الرضى ، كالشفاعة التي يعتقدها أهل الشرك في معبوداتهم وآلهتهم فإنهم ما عبدوهم إلا لاعتقادهم أنها تشفع لهم عند الله وأنها واسطة بينهم وبينه سبحانه قال تعالى : ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) فبين الله أن هذه الشفاعة غير حاصلة ولا واقعة وهي غير مجدية ولا نافعة يقول تعالى : ( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) ويقول : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) ويقول : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) ويقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

ولذا فإن الله تعالى لا يقبل شفاعة خليله إبراهيم في أبيه آزر المشرك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيم ُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لا تَعْصِنِي ، فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لا أَعْصِيكَ ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ) رواه البخاري 3350 .


الإسلام سؤال وجواب

ahmedaboali
03-15-2009, 03:44 AM
السؤال: 3


كنت في نقاش مع أحد الأصحاب الذين يتبعون مذهب الصوفية ، وسألني عن رأيي في الصلاة على القبور وعن بعض العلماء المتدينين وشفاعتهم يوم القيامة .
قلت لذلك الشخص إن الصلاة على القبور شرك وأنه لا يشفع أحد يوم القيامة إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأردت أن أعرف رأي أهل العلم بهذا الشأن وأين أجد الدليل على ذلك .
أرجو أن تتمكن من الإجابة على سؤالي .

الجواب:

الحمد لله
أولاً : مسألة الصلاة على القبور ..

الصلاة على القبور على قسمين :

القسم الأول : الصلاة لصاحب القبر ، وهذا شرك أكبر مخرج عن الملة لأن الصلاة عبادة والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) النساء/36 ، وقال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً ) النساء/116 .

القسم الثاني : الصلاة لله في المقبرة ، وهذا القسم تحته مسائل :

1- صلاة الجنازة على القبر ، وهذه جائزة .

صورة المسألة : أن يموت شخص ولم تتمكن من الصلاة عليه في المسجد فيجوز لك أن تصلي عليه بعد دفنه .

دليل المسألة هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم : فعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ ( أي يُنظِّف ) الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا " رواه البخاري واللفظ له (458) ومسلم (956) .

2- صلاة الجنازة في المقبرة ، وهذه جائزة .

صورة المسألة : أن يموت شخص ولم تتمكن من الصلاة عليه في المسجد ، وحضرت إلى المقبرة فصليت عليه قبل أن يُدفن .

قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله : " تجوز الصلاة على الجنازة داخل المقبرة كما تجوز الصلاة عليها بعد الدفن ؛ لما ثبت أن جارية كانت تقم المسجد ، فماتت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقالوا : ماتت ، فقال : " أفلا كنتم آذنتموني ؟ فدلوني على قبرها " فدلوه فصلى عليها ثم قال : " إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم " رواه مسلم 956 انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 8/392

3- الصلاة في المقبرة – ما عدا صلاة الجنازة – وهذه الصلاة باطلة ولا تصح ، سواءً كانت فريضة أو نافلة .

الدليل : أولاً : قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام " رواه الترمذي (317) وابن ماجه (745) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (606) .

ثانياً : قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " رواه البخاري (435) ومسلم (529) .

ثالثاً : (تعليل) وهو أن الصلاة في المقبرة قد تتخذ ذريعة إلى عبادة القبور ، أو إلى التشبه لمن يعبد القبور ، ولهذا لما كان الكفار يسجدون للشمس عند طلوعها وغروبها ، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوعها وغروبها لئلا يُتخذ ذريعة إلى أن تُعبد الشمس من دون الله ، أو إلى أن يتشبه بالكفار .

..... تابع باقي الاجابة .....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:44 AM
4- الصلاة إلى المقبرة ، وهذه محرمة - على الصحيح - .

صورة المسألة : أن تصلي وفي قبلتك مقبرة أو قبر ، ولكنك لا تصلي في أرض المقبرة ، بل في أرض أخرى قريبة من المقبرة ، وليس بينك وبين المقبرة سور أو حاجز .

الدليل على التحريم :

1- عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا " رواه مسلم (972) . فهذا يدل على تحريم الصلاة إلى المقبرة أو إلى القبور أو إلى القبر الواحد .

2- ولأن العلة من منع الصلاة في المقبرة موجودة في الصلاة إلى القبر فما دام الإنسان يتجه إلى القبر أو إلى المقبرة اتجاهاً يُقال إنه يُصلي إليها فإنه يدخل في النهي ، وإذا كان داخلاً في النهي فلا يصح لقوله : " لا تصلوا " فالنهي هنا عن الصلاة ، فإذا صلى إلى القبر فقد اجتمع في فعله هذا طاعة ومعصية ، وهذا لا يمكن أن يتقرب إلى الله تعالى به .

تنبيه : إذا كان بينك وبين المقابر جدار فاصل فلا بأس من الصلاة حينئذٍ ولا نهي ، كذلك إذا كان بينك وبينها شارع أو مسافة لا تصير بها مصلياً إلى المقابر فلا بأس . والله أعلم

انظر المغني (1/403) والشرح الممتع لابن عثيمين (2/232) رحم الله الجميع .

ثانياً : مسألة الشفاعة ...

قد أخطأت في قولك إنه لا يشفع أحد يوم القيامة إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يشفع النبي صلى عليه وسلم ويشفع غيره من المؤمنين ، انظر السؤال (11931) .

ولكن نضيف هنا مسألة لم تُذكر هناك ، وهي أن الشفاعة لها شروط :

الأول : الإذن من الله للشافع أن يشفع .

الثاني : رضى الله عن المشفوع له .

والدليل على الشرطين قوله تعالى : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) النجم/26 وقوله ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) الأنبياء/28 .

وأما الشفاعة الموهومة التي يظنها عبَّاد الأصنام من معبوديهم فهي شفاعة باطلة ؛ لأن الله لا يأذن لأحد بالشفاعة إلا من ارتضاه من الشفعاء والمشفوع لهم . انظر " القول المفيد شرح كتاب التوحيد " للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ص (336-337) ط1 .

إلا أن الإقرار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة المؤمنين ليس مسوغاً لطلبها منهم ، كما يفعل البعض من طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته .



الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-15-2009, 03:45 AM
السؤال: 4


هل سيُلحق بالناس الذين يدخلون الجنة من يحبونهم ممن دخل النار؟ هل من الممكن إخراج المحبوبين من النار، حيث أن جميع مطالب أهل الجنة تلبى (إذا اعتبرنا أنهم يعلمون مصيرهم)؟
هل يمكن أن نُجمع بمن نحب في هذه الدنيا ممن هم من غير المحارم بالنسبة لنا؟ وهذا يشمل أولئك الذين أحببناهم ولم نتمكن من التزوج بهم؟.

الجواب:

الحمد لله
أولاً : قولك " هل هذا يشمل الذين أحببناهم ولم نتمكن من الزواج بهم ؟ "

الجواب : لا يجوز للمسلم إقامة علاقات مع النساء الأجنبيات عنه وكذلك لا يجوز للمسلمة أن تقيم علاقة مع الرجل ولا أن تعلق قلبها به إلا لزوجها يُراجع سؤال رقم (9465)و(5445)و(1200)

ثانياً : قولك : " هل سيُلحق بالناس الذين يدخلون الجنة من يحبونهم ممن يدخل النار ؟ "

الجواب :

نعم يُلحق بأهل الجنة من يحبونهم من أهل النار إن كانوا من أهل التوحيد ، وذلك بأن يشفعوا لهم أن يُخرجوا من النار ويُدخلوا الجنة والدليل على ذلك ما أخرجه البخاري في كتاب التوحيد رقم (7440) : " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا ثُمَّ قَالَ... يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَءُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنْ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ... " الحديث ، أما من كان من أهل الشرك فلا تنفعه الشفاعة ، قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " سورة النساء

..... تابع باقي الاجابة .....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:45 AM
واعلم بأن الشفاعة قسمان :

"القسم الأول : الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي أنواع ، وأعظمها :

الشفاعة العظمى ، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله إياه ، في قوله تعالى: " وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(79) " سورة الإسراء .

وهذه الشفاعة هي أن يشفع لأهل الموقف يوم القيامة أن يخفف عنهم ما أصابهم من الكرب .

القسم الثاني : الشفاعة العامة للرسول صلى الله عليه وسلم ولجميع المؤمنين ، وهي أنواع :

النوع الأول : الشفاعة فيمن استحق النار أن لايدخلها ، وهذه قد يستدل عليها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم (2/655)

النوع الثاني : الشفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها ..فعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ " رواه مسلم (269) .

النوع الثالث : الشفاعة في رفع درجات المؤمنين ، وهذه تؤخذ من دعاء المؤمنين بعضهم من بعض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمه : " اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ، وافسح له في قبره ونور له فيه واخلفه في عقبه " . والدعاء شفاعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لايشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه "

المرجع القول المفيد ج1 ص332.


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-15-2009, 03:46 AM
السؤال: 5


رجل ممن يعملون عندي والدي أقنعه أنه مصاب بالعين ، وأحضر له حجراً وقال : ضعها في جيبك حتى تقيك من العين ، ثم بعد فترة أحضر له ورقة مكتوباً فيها ا ب ع د وأسفل الورقة الله الحامي وبعض الكتابات الغير مفهومة والطلاسم والخرابيش فنحن نريد أن نتخلص من هذه الورقة لأنها غير مشروعة ولكن لم نعرف الطريقة الصحيحة للتخلص منها دون أي مضرة لنا ، وأرجو من فضيلتك بعض الكلمات المفيدة والناصحة لنا.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

العين حق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، والوقاية منها تكون بالرقية الشرعية ، والأوراد النبوية ، لا بالتمائم ، ولا بالتعاويذ التي يكتبها الدجاجلة والمشعوذون ، ولمعرفة حقيقة العين وطرق الوقاية منها

ثانيا :

حمل الأحجار أو التعاويذ بقصد الحماية من العين أو السحر ، يدخل في تعليق التمائم المنهي عنه ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا . قَالَ : إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا فَبَايَعَهُ ، وَقَالَ : ( مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (16781) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 492 ) .

وروى أحمد (17440) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ) والحديث حسنه الأرنؤوط في تحقيقه على المسند.

والودعة : واحدة الودع ، وهي أحجار تؤخذ من البحر يعلقونها لدفع العين.

قال الخطابي رحمه الله: " التميمة يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع الآفات ".

وقال البغوي رحمه الله : " التمائم: جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين بزعمهم فأبطلها الشرع ". "التعريفات الاعتقادية" ص 121 .

والصحيح من قولي العلماء تحريم التميمة ولو كانت من القرآن ، وأما ما اشتمل على الحروف والكلمات المجهولة فلا خلاف في تحريمه ، ولا يؤمن أن تكون سحرا ، أو استعانة بالجن .

ثالثا :

طريقة التخلص من التمائم ومن السحر عند العثور عليه : يكون بحل العقد – إن وجدت - وفصل الأجزاء بعضها عن بعض ثم إتلافها بالحرق ونحوه ؛ لما ثبت من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : ( كان رجل من اليهود يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يأمنه ، فعقد له عُقَدا فوضعه في بئر رجل من الأنصار ، فاشتكى لذلك أياما. وفي حديث عائشة : ( ستة أشهر ) فأتاه ملكان يعودانه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ؟ قال : فلان الذي كان يدخل عليه عقد له عُقَدا ، فألقاه في بئر فلان الأنصاري ، فلو أرسل إليه رجلا وأخذ منه العقد لوجد الماء قد اصفر . فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان ، قال : فبعث عليا رضي الله عنه فوجد الماء قد اصفر فأخذ العقد فجاء بها ، فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية ، فجعل يقرأ ويحل ، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ، فبرأ ) أورده الألباني في السلسة الصحيحة (6/615) وعزاه للحاكم (4/460) والنسائي (2/172) وأحمد (4/367) والطبراني.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ينظر فيما فعله الساحر ، إذا عرف أنه مثلا جعل شيئا من الشَّعر في مكان ، أو جعله في أمشاط ، أو في غير ذلك ، إذا عرف أنه وضعه في المكان الفلاني أزيل هذا الشيء وأحرق وأتلف فيبطل مفعوله ويزول ما أراده الساحر " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (8/144) .

فالتخلص من الورقة التي مع أبيك ، يكون بتمزيقها ، وحرقها ، مع تذكيره بالتوبة إلى الله تعالى من تعليق التمائم والتعلّق بها .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 03:46 AM
السؤال: 6


إذا زنى رجل بامرأة ، تقوم القبائل بتعويض أهل البنت بمال يقدره العرف القبلي ، علما أن هذا المال يشاركه في دفعه قبيلته ، ما حكم المشاركة في دفع هذا المبلغ إن كنت من قبيلة الفاعل ، وما حكم أخذ هذا المال إن كنت من قبيلة البنت. علما أنّ هذا البلد يحكمه نصراني ولا يحكم فيه بما أنزل الله ، ولذلك تلجأ القبائل للحكم القبلي مع ما فيه من حكم بغير ما أنزل الله .

الجواب:

الحمد لله

أولا :

هذا التعويض المالي له صورتان :

الأولى : أن يكون خاصا بحالة الإكراه على الزنا ، فيُلزم الزاني بدفع المهر للمزني بها المكرهة على ذلك ، أو بدفع المهر مع أرش البكارة – إن كانت بكرا - ، عند من يقول بذلك ، وأرش البكارة هو الفرق بين مهر البكر والثيب .

على أن يكون هذا المال واجبا على الزاني ، مع إقامة الحد عليه ، ويعطى للمزني بها ، التي ثبت إكراهها على الزنا .

وإذا كان الأمر كذلك ، فهذا لا إشكال فيه ، بل هو من تحكيم الشرع ، ولو وافق العادة والعرف .

ولو فرض أنهم عجزوا عن إقامة الحد ، واستطاعوا إلزام الزاني بدفع المهر للمكرهة ، لكان هذا سائغا ، فإن مالا يدرك كله لا يُترك جُلّه ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ).

وأما إلزام القبيلة بدفع المهر أو المشاركة فيه ، فلا وجه له ، بل هو واجب في مال الزاني كما سبق ، ومساعدته في دفعه يعني تسهيل القضية وترويج الزنا . ويأتي بيان الخلاف في وجوب المهر والأرش .

الصورة الثانية : أن يكون ذلك نظاما متبعا في جميع حالات الزنى ، لا فرق بين من أكرهت عليه ، ومن طاوعت فيه ، وتلزم القبيلة بمشاركة الزاني في دفع هذا التعويض ، ويعد ذلك حكما عاما ترجع إليه القبائل فيما بينها ، فهذا تنظيم وتقنين لمهور البغايا ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) رواه مسلم (1568)

وقال : ( لا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ ) رواه النسائي (4293)

ومن البين أن هذا الحكم القبلي ، أو ما يسمى بالسلوم ، هو من أحكام الجاهلية ، التي لا يجوز الحكم بها ، ولا التحاكم إليها ، ولا الإعانة عليها ؛ لقوله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/49 ، 50 ، وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة/44 ، وقوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) النساء/60 ، وقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه من أحكام الجاهلية .

وقد حكم الله تعالى وشرَع أن يجلد الزاني إذا كان بكرا ، ويرجم إن كان ثيبا ، رجلا كان أو امرأة ، فكل حكم يخالف هذا فهو من أحكام الجاهلية ، التي يجب البراءة منها ، والسعي في إبطالها .

وقد نص أهل العلم على أن التحاكم إلى سلوم البادية ، وأعراف القبائل المخالفة للشريعة المحمدية ، أن ذلك من الكفر .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " (السادس) [أي من أنواع الكفر الأكبر في مسألة تحكيم القوانين] : ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها " سلومهم " يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع ، بناء على أحكام الجاهلية ، و إعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله فلا حول ولا قوة إلا بالله " انتهى من رسالة "تحكيم القوانين".

.... تابع لاقي الاجابة ....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:46 AM
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في رسالة له بعنوان : " حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية

من عبد العزيز بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين ، وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين .

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . . . أما بعد .

فالداعي لهذا هو الإجابة عن أمور سأل عنها بعض الإخوة الناصحين في المملكة ؛ حيث ذكر أنه يوجد في قبيلته ، وفي قبائل أخرى عادات قبلية سيئة ما أنزل الله بها من سلطان منها : -

ترك التحاكم إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، إلى عادات قبلية وأعراف جاهلية .

ومنها كتمان الشهادة ، وعدم أدائها حمية وتعصبا ، أو الشهادة زورا وبهتانا ، حمية وعصبية أيضا . إلى غير ذلك من الأسباب التي قد تدعو بعض الناس إلى مخالفة الشرع المطهر .

ولوجوب النصيحة لله ولعباده أقول وبالله التوفيق :

يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء ، لا إلى القوانين الوضعية والأعراف والعادات القبلية . قال الله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا وقال تعالى : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .

فيجب على كل مسلم أن لا يقدم حكم غير الله على حكم الله ورسوله كائنا من كان ، فكما أن العبادة لله وحده ، فكذلك الحكم له وحده ، كما قال سبحانه : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) .

فالتحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم المنكرات ، وأقبح السيئات ، وفي كفر صاحبه تفصيل ، قال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ؛ فلا إيمان لمن لم يحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أصول الدين وفروعه ، وفي كل الحقوق ، فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله ، فقد تحاكم إلى الطاغوت.

وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ، ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها في الدين ، وما أنزل الله بها من سلطان . . بل يجب عليهم أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية ، ولا مانع من الإصلاح بين المتنازعين بما لا يخالف الشرع المطهر ، بشرط الرضا وعدم الإجبار . . لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما ) ، كما يجب على القبائل جميعا ألا يرضوا إلا بحكم الله ورسوله .... " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (5/142).

..... تابع باقي الاجابة ....

ahmedaboali
03-15-2009, 03:48 AM
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" ما نصه : " س : ما الحكم إذا تخاصم اثنان مثلا وتحاكما إلى الأحكام العرفية ، فمثلا يضع كل منهما معدالا ، كما يسمونه ، ويرضون من مشايخ القبائل من يحكم بينهما ، ويجلسان بين يديه ، ويبث كل منهما دعواه ضد الآخر ، فإذا كانت القضية بسيطة حكم فيها بذبيحة على المخطئ يذبحها لخصمه ، وإذا كانت القضية كبيرة حكم فيها (بجنبية) أي : كانوا في القدم يضربونه على رأسه بآلة حادة حتى يسيل دمه ، ولكن اليوم تقدر (الجنبية بدراهم) ويسمون هذا : صلحا ، وهذا الشيء منتشر بين القبائل ويسمونه : مذهبا ، بمعنى : إذا لم ترض بفعلهم هذا فيقولون عنك : (قاطع المذهب) ، فما الحكم في هذا يا فضيلة الشيخ ؟

ج : يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية ، لا إلى الأحكام العرفية ، ولا إلى القوانين الوضعية ، وما ذكرته ليس صلحا في الحقيقة ، وإنما هو تحاكم إلى مبادئ وقواعد عرفية ; ولذا يسمونها : مذهبا ، ويقولون لمن لم يرض بالحكم بمقتضاها : إنه قاطع المذهب، وتسميته صلحا لا يخرجه عن حقيقته من أنه تحاكم إلى الطاغوت ، ثم الحكم الذي عينوه من الذبح أو الضرب بآلة حادة على الرأس حتى يسيل منه الدم ليس حكما شرعيا .

وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بهذه الطريقة ، ويجب على المسلمين ألا يتحاكموا إليهم ، إذا لم يعدلوا عنها إلى الحكم بالشرع ، واليوم -ولله الحمد- قد نصب ولي الأمر قضاة يحكمون بين الناس ، ويفصلون في خصوماتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويحلون مشكلاتهم بما لا يتنافى مع شرع الله تعالى، فلا عذر لأحد في التحاكم إلى الطاغوت بعد إقامة من يتحاكم إليه من علماء الإسلام ويحكم بحكم الله سبحانه .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، انتهى .

وإذا كان الأمر كذلك : فلا يجوز لك أن تشارك في هذا الحكم ، ولا في دفع المال ، أو أخذه ، بل يجب أن تبرأ من ذلك ، كما يجب أن تنصح لهؤلاء ، وتبين لهم خطر ما هم عليه من تحكيم غير الشرع ، وأنه لا عذر لهم في ذلك ، ولو كان حاكمهم نصرانيا لا يطبق أحكام الله ، وعليهم أن يتناصحوا فيما بينهم ويسعوا إلى تطبيق أحكام الشريعة قدر استطاعتهم ، وما عجزوا عن تطبيقه فلا يجوز لهم إحداث حكمٍ فيه ، مهما رأوا فيه من المصلحة ، وإلا كانوا مشرّعين آثمين مبتغين في الإسلام سنة الجاهلية .

ثانيا :

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المرأة إذا أكرهت على الزنا ، فإن الزاني يلزم بمهر مثلها .

فإن كانت بكرا ، فهل لها مع المهر أرش البكارة ؟

ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ، وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، لكن المذهب المعتمد عند الحنابلة هو عدم وجوب أرش البكارة ، وإنما تأخذ المكرهة على الزنا مهر المثل فقط .

ونبه المالكية على أن هذا المهر لا تتحمله العاقلة ، لأن الزنى من باب العمد ، لا الخطأ .

وخالف الحنفية فلم يوجبوا مهرا للمكرهة على الزنا ، بكرا كانت أو ثيبا .

وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، اختارها شيخ الإسلام ، وقال عن المهر : إنه خبيث .

ثالثا :

لو أكرهها على الزنا ، فأفضاها ، فإنه يلزمه المهر ، مع الضمان ، واختلف في تقديره ، فالحنفية والحنابلة على أنه ثلث الدية ، والمالكية على أن فيه حكومة عدل ، والشافعية على أن فيه الدية كاملة ، ووافقهم الحنفية فيما إذا أفضاها فلم تمسك البول .

وينظر : "المبسوط (9/53) ، المنتقى للباجي (7/77) ، التاج والإكليل (8/342) ، مغني المحتاج (4/75) ، المغني (7/209) ، (8/373) ، الإنصاف (8/306- 308) ، الموسوعة الفقهية (5/297) ، (21/95) ".

والإفضاء : إزالة الحاجز بين مخرج البول ومحل الجماع .

والحاصل : أن دفع المهر للمكرهة على الزنا ، أو دفع المهر وأرش البكارة ، للبكر المكرهة على الزنا ، إنما يكون في مال الزاني ، ولا تتحمله العاقلة ، ويذهب للمرأة المزني بها ، وليس إلى عاقلتها ، وأما المطاوعة على الزنى فلا شيء لها .

وهذا كله بعد ثبوت الزنا وإقامة الحد . وبهذا يظهر الفرق بين ما ورد في الشرع ، وبين ما يحكّم من العادات والأعراف القبلية .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 03:48 AM
السؤال: 7


هل من الكفر اقتراف الذنب جهاراً ، وتحدثنا عن فعل المعصية كمشاهدة الأفلام أو استماع الأغاني ؟ وهل هذا الحكم ينطبق على صغائر الذنوب وكبائرها ؟ .
أرجو أن تهتم بهذا السؤال لأن عدداً من الإخوة والأخوات الحديثي الإسلام يواجهون هذه المشكلة ..

الجواب:

الحمد لله

مما لا شك فيه أن المجاهرة بالمعاصي والكبائر ذنبٌ فوق الذنب ، وقد تؤدي بصاحبها إلى الكفر في حال المجاهرة بها استهانة بتحريمها وافتخاراً بفعلها ، ولا فرق بين الصغائر والكبائر في هذا الحكم .

عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه " .

رواه البخاري ( 5721 ) ومسلم ( 2990 ) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هناك قسم ثالث فاسق مارد ماجن ، يتحدث بالزنى افتخاراً والعياذ بالله ، يقول : إنه سافر إلى البلد الفلاني ، وإلى البلد الفلاني ، وفجر وفعل وزنى بعدة نساء ، وما أشبه ذلك ، يفتخر بهذا.

هذا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ؛ لأن الذي يفتخر بالزنى مقتضى حاله أنه استحل الزنى والعياذ بالله ، ومن استحل الزنى فهو كافر . " شرح رياض الصالحين " ( 1 / 116 ) .

ولا شك أن المعاصي درجات والإثم يتفاوت فيها بحسب حال العاصي أثناء المعصية وحاله بعدها ، فليس المتخفي بمعصيته المستتر بها كالمجاهر ، وليس النادم بعدها كالمفتخر بها .

قال ابن القيم :

وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتة بحسب مفاسدها ، فالمتخذ خدناً من النساء والمتخذة خدناً من الرجال أقل شرّاً من المسافح والمسافحة مع كل أحدٍ ، والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن ، والكاتم له أقل إثماً من المخبِر المحدِّث للناس به ، فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... " .

" إغاثة اللهفان " ( 2 / 147 ) .

الخدن والخدنة : العشيق والعشيقة .

والأصل : أن يُعقب المسلمُ ذنبه بتوبة واستغفار وندم وعزم على عدم العوْد لها ، لا أن يُعقبها بافتخار ومجاهرة وحديث بها .

روى أحمد (8792) والترمذي (3334) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ، فَذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ [ كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ] ) . حسنه الألباني في صحيح الترمذي (2654) .

بقي هناك مسألة ذكرتها في سؤالك وهي حصول المجاهرة من حديثي الإسلام ، وهؤلاء لا زالوا يجهلون شرائع الإسلام ، فهم يُعذرون إن كانوا يجهلون الأحكام الشرعية ، ولكنهم يٌعلّمون .

فاحرص على إرشادهم ، وعرض هذا الجواب عليهم .

وفقنا الله لما يحب ويرضى

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 03:48 AM
السؤال: 8


ما حكم التبرك بالصالحين ؟.

الجواب:

الحمد لله
التبرك بالصالحين ينقسم إلى قسمين :

أولاً : أن يتبرك بدعائهم بأن يسألهم أن يدعوا له وهذا جائز .. بشرط أن يعرف صلاحهم وتقواهم وان لا يفتتنوا هم بذلك .

ثانياً : التبرك بآثارهم .. كثيابهم وأغراضهم ... الخ وهذا لا يجوز ومن البدعة وما يجب النهي عنه .



الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

ahmedaboali
03-15-2009, 03:49 AM
السؤال: 9


امرأة فجعت وأصابها حالة خوف أدى إلى بروز وجحوظ في عينيها نصحت أن تغتسل بماء قد غسل به ميت ، فهل يجوز هذا ؟.

الجواب:

الحمد لله

حيث إن استعمال هذا الماء ليس سبباً للشفاء ، لا شرعاً ، ولا حساًّ ، فيكون استعماله من الشرك الأصغر .

لأن من الشرك الأصغر أن يجعل ما ليس بسبب سببا .

والذي ينبغي لهذه المرأة أن ترقي نفسها بالرقية الشرعية ، بالفاتحة والمعوذتين ، ولا بأس أن ترجع إلى الأطباء لعلاج علتها .

ونسأل الله لها الشفاء .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 03:49 AM
السؤال: 10


إذا تعالجت عند رجل عنده أطباء مسلمون من الجن ، فهل يفسد صومي ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

لا يجوز الاستعانة بالجن في العلاج أو غيره ، ولا يجوز الذهاب لمن يزعم ذلك .

ولا ينبغي لمسلم أن يغتر بنجاح علاج أحد ورؤية أثر ذلك في الواقع ، فها هو الدجال يقول للسماء أمطري فتمطر ، وللأرض أخرجي كنوزك فتخرج ، فهل يغتر المسلم به ويصدقه في دعواه ؟! فقد يكون فتنة واستدراجاً من الله تعالى لهم ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) .

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟

فأجاب :

" لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا ؛ لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم ؛ لأن في الجن من هو كافر ، ومن هو مسلم ، ومن هو مبتدع ، ولا تعرَف أحوالُهم ، فلا ينبغي الاعتماد عليهم ، ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس ، وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) الجن/6 ؛ ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك " انتهى .

" مجلة الدعوة " ( العدد 1602 ، ربيع الأول 1418 هـ ، ص 34 ) .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" لا يستعان بالجان ، لا المسلم منهم ولا الذي يقول إنه مسلم ؛ لأنه قد يقول مسلم وهو كذاب من أجل أن يتدخل مع الإنس ، فيُسد هذا الباب من أصله ، ولا يجوز الاستعانة بالجن ولو قالوا إنهم مسلمون ؛ لأن هذا يفتح الباب .

والاستعانة بالغائب لا تجوز سواء كان جنيّاً أو غير جني ، وسواء كان مسلماً أو غير مسلم ، إنما يستعان بالحاضر الذي يقدر على الإعانة ، كما قال تعالى عن موسى : ( ... فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ... ) القصص/15 ، هذا حاضر ويقدر على الإغاثة فلا مانع من هذا في الأمور العادية " انتهى .

" السحر والشعوذة " ( ص 86 ، 87 ) .

ثانياً :

وأما الصوم فصحيح إن شاء الله ولا يفسد بذلك ، وإن كان ثواب الصيام يقل وقد ينعدم بالكلية بارتكاب المعاصي .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 04:29 PM
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

اخوة الاسلام اليوم بفضل الرحمن نلتقي من جديد

و اسال الله ان ينفعنا بها في الدنيا و تكون ذخيرة

و خيرات في الاخرة و الله ولي ذلك و قادر عليه

نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

نحن في حاجة إلى الدعوة ومع ذلك فإن أحدنا انشغل بعلاج الممسوسين بالجن .
هل يحوز تعطيل الدعوة لهذا العمل ، وكيف يكون علاج الممسوس، وهل يجوز أخذ مال على القراءة ؟ .

الجواب:

الحمد لله

سئل الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله – هذا السؤال فقال :

الدعوة إلى الله عزَّ وجل فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين ، فإن تعينت على الشخص بحيث لا يقوم غيره مقامه فإنها مُقدمة على القراءة على من به مسٌّ من الجن ؛ وذلك لأن مصلحة الدعوة مصلحة متيقنة ، ومصلحة القراءة على من به مسٌ من الجن مصلحة غير متيقنة ، وكم من إنسان قُرئ عليه ولم يستفد شيئاً .

فيُنظر : إذا كانت الدعوة متعينة على هذا الرجل لا يقوم غيره مقامه فيها فإنه يجب عليه أن يدعو ولو ترك القراءة على من به مس من الجن .

أما إذا كانت فرض كفاية فيُنظر إلى الأصلح ، وإذا أمكن أن يجمع بينهما – وهو الظاهر – بتخصيص يوم لهذا ويوم لهذا مع استمرار الدعوة فهو أولى؛ ليحصل له نفع إخوانه المصابين بهذه المصيبة ، ومع ذلك يستمر في الدعوة إلى الله عز وجل .



وأما العلاج الصحيح للممسوس بالجن فإنه يختلف من حال إلى حال لكن أحسن ما يكون أن يقرأ عليه القرآن ، مثل قوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يُرسل عليكما شواظٌ من نار ونحاسٌ فلا تنتصران . فبأي آلاء ربكما تُكذبان } .

لأن هذا تحدٍ لهم أنهم لا يستطيعون الفرار من الله عزَّ وجل ، وكذلك اقرأ عليهم المعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي . وكذلك تكلم عليهم بالموعظة كما كان يفعل شيخ الإسلام ، يقول : هذا حرام عليكم أن تؤذوا المسلمين أو تضربوهم أو ما أشبه ذلك .



أما أخذ المال : فإذا لم يأخذ مالاً فهو أفضل ، وإن أخذ بدون شرط فلا بأس ، وإن كان هؤلاء الذين قُرأ عليهم قد تركوا ما يجب عليهم للقارئ ، وأبى أن يقرأ إلا بعوض فلا بأس كما فعل أهل السرية الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا ، فَقَالَ الَّذِي رَقَى لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا .

فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه البخاري (2276) ومسلم (2201) .

ahmedaboali
03-15-2009, 04:30 PM
السؤال:


اختفى دفتر فواتير مهم خاص بالمؤسسة وعدم ظهوره سوف يكلفني الكثير أرسلت أحد أقاربي إلى رجل دين وسأله عن كيفية الحصول على هذا الدفتر ، المهم : أمر بإحضار طفل عمره 11-12 سنة وأعطاه بيضة كتب عليها كتابة بالأزرق وغطى الطفل بشماغ وأخذ يقرأ ما تيسر من القرآن ثم سأل الطفل هل يرى الشخص الذي أخذ الدفتر فذكر الطفل شكل واسم شخص نعرفه تماماً ولا يعرفه هذا الطفل فما الحكم في هذا ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

دلت الأدلة الصحيحة على تحريم إتيان العرافين والكهنة ، وسؤالهم وتصديقهم ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم (2230) .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أحمد (9779) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (936) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

قال البغوي رحمه الله : " العراف : الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك " نقله في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/178) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والعراف : قيل هو الكاهن ، وهو الذي يخبر عن المستقبل .

وقيل : هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يستدل على معرفة الغيب بمقدمات يستعملها ، وهذا المعنى أعم ، ويدل عليه الاشتقاق ؛ إذ هو مشتق من المعرفة ، فيشمل كل من تعاطى هذه الأمور وادعى بها المعرفة ". انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/48) .

فالتوصل إلى معرفة السارق بالطريقة التي ذكرت ، نوع من العرافة والكهانة المحرمة ، التي تعتمد على استخدام الجن والوثوق بهم ، ولا ينبغي الانخداع بقراءة العراف لشيء من القرآن ، فهذا من الحيلة والتمويه التي يلجأ إليها هؤلاء المبطلون .


http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-15-2009, 04:31 PM
ثانيا :

ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من يدعي معرفة المسروقات أو أن الجن تخبره بذلك ، قال ابن نجيم رحمه الله في بيان المكفّرات : " وبإتيان الكاهن وتصديقه ، وبقوله : أنا أعلم المسروقات ، وبقوله : أنا أخبر عن إخبار الجن إياي " انتهى من البحر الرائق (5/130) . وإنما يكفر بقوله : أنا أخبر عن إخبار الجن إياي ؛ لأن الجن كالإنس لا يعلمون الغيب ، كما قال تعالى عنهم : ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) سبأ/14 ، قاله في حاشية البحر الرائق .

وأما إتيان العراف وسؤاله ، فيه تفصيل :

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام :

القسم الأول : أن يسأله سؤالا مجردا ؛ فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتي عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) ؛ فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه ؛ إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم .

القسم الثاني : أن يسأله فيصدقه ، ويعتبر قوله ؛ فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن ، حيث قال تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) النمل/65 .

القسم الثالث : أن يسأله ليختبره : هل هو صادق أو كاذب ، لا لأجل أن يأخذ بقوله ؛ فهذا لا بأس به ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد ؛ فقال : ( ماذا خبأت لك ؟ قال : الدخ . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخسأ ؛ فلن تعدو قدرك ) .

فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له ؛ لأجل أن يختبره ؛ فأخبره به .

القسم الرابع : أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه ، فيمتحنه في أمور ، وهذا قد يكون واجبا أو مطلوبا " انتهى من "القول المفيد" (2/49) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أحيانا نفقد بعض المال أو الذهب من المنزل ونعتقد أنه سُرق ، ونذهب لأحد الأشخاص ويعرف بالمخبر ، ونشرح له ذلك ، ويوعدنا خيرا ، وأحيانا نسترجع المفقود ، وأحيانا لا ، فما حكم ذهابنا لهؤلاء الأشخاص ؟

فأجابت : " لا يجوز ذهابكم إليه لأنه كاهن ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم "انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/410) .

وسئلوا أيضاً (1/411) : قلتم في سؤال سابق لي وجوابه إن الذهاب إلى المخبر لا يجوز لأنه كاهن . أود أن أشير هنا أن الأشخاص الذين نذهب لهم معروفون بتمسكهم بتعاليم الدين الحنيف ، ولا يقرأون غير القرآن والأحاديث الشريفة في مثل تلك المسائل التي ذكرتها في سؤالي ، فما حكم ذهابنا إليهم ؟

فأجابوا : " مجرد قراءة القرآن والأحاديث لا يُعرف به مكان المفقود ، ولا يسترجع به ، ومن ذهب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد قراءة القرآن والأحاديث فهو ملتجئ إلى كاهن دجال ، ولو ادعى أنه صالح متمسك بالدين ، وقد يتظاهر بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس ، وهم في الباطن من الكهنة والعرافين " انتهى .

ثالثا :

على من أتى هذا العراف وسأله ، أن يتوب إلى الله تعالى ، بالندم على فعله ، والعزم على ألا يعود إليه ، وأن لا يتهم أحدا بالسرقة اعتمادا على قول العراف ومساعديه من الجن ، فإن الجن يكذبون ، وقد يتهمون البريء للإيقاع والإفساد بين المسلمين . والتوبة هنا تلزم من أتى العراف وسأله ، كما تلزم من دله وأرشده ، فإن الجميع واقعون في المعصية

وينبغي للمسلم أن يفزع إلى الله تعالى ، ويلجأ إليه عند حلول الحوادث والمصائب ، فإن الأمر كله بيده سبحانه ، كما قال : ( أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62 .

ولا يليق بمسلم أبداً أن يعرض دينه للضياع من أجل أن يجد شيئا فُقِدَ منه ، فإن أغلى ما يجب على المسلم الحفاظ عليه هو دينه ، وليبذل في سبيل الحفاظ على دينه ما أمكنه بذله من نفس ومال .... وكل شيء ، ولا يجوز أبداً بحال من الأحوال أن يكون الأمر بالعكس .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 04:32 PM
السؤال:


هناك قول مشهور بين الناس عن بعض القبائل التي لديها فراسة وقدرة على تقصي الآثار ، ومعرفة أصحابها ، وقيل لأن أحد أجدادهم قد تزوج من الجن ، وهذا هو سبب اكتسابهم هذه القدرة ، فما مدى صحة ذلك ؟

الجواب:

هذا غير صحيح ، ولا أعرف أن الإنسان يتولد بين إنسي وجني ، حيث أن الجن ليس لهم أجسام ، وإنما هم أرواح هوائية ، وإن كانوا يقدرون على التشكل بأشكال متنوعة ، فأما هؤلاء الذين يعرفون الآثار والأشياء فهم من أهل الفراسة ، وقوة الذكاء والمعرفة ، والفطنة والتجربة ، وقد جعل الله تعالى فروقاً بين الآثار وموطئ الأقدام ، كما جعل فروقاً ظاهرة بين الناس في الطول والقصر ، والسواد والبياض والصغر والكبر ، فأنت ترى مائة ألف من البشر لا تجد فيهم اثنين متشابهين في كل الصفات ، فهذا هو السبب الذي يميز هؤلاء بين الناس ، ويعرفون الآثار والأشباه ، والله أعلم .

من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين ص 15

ahmedaboali
03-15-2009, 04:33 PM
السؤال:

هل قدَّر الله سبحانه لكل شخص من تكون زوجته ؟ وهل للمعصية والطاعة دور في تغيير القدر ؟ .
أنا أحب فتاة ذات دين وخلق ، ولكن هي لا تحبني ، فهل يجوز لي أن أدعو الله بأن يحببها فيَّ ويجعلها زوجتي في المستقبل ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .

والإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان أحدٍ إلا به ، ولا يصح الإيمان بالقدر إلا أن يؤمن المسلم بمراتب القدر الأربع وهي :

1. الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .

2. الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ ، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .

3. الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة ؛ فلا يكون في هذا الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .

4. الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق صفاتهم وأفعالهم .

وهذا التفصيل يبين لك أن الله تعالى قدَّر في الأزل من يكون أهلك ، ومن تكون زوجتك ، ومن يكون أبناؤك ، وكل ما كان ويكون في الكون فهو بتقدير الله تعالى ، قال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .

ثانياً :

لا يعني هذا أن الإنسان يكون في الدنيا بلا إرادة ، كما لا يعني هذا أن لا يسعى الإنسان في أسباب سعادته وعافيته ، فكل شيء جعل الله له سبباً ، فمن أراد الولد فلا بدَّ له من الزواج ، ومن أراد السعادة في الآخرة فلا بدَّ أن يسعى لها سعيها ، وأن يأخذ في طريق الهداية ، ومن أراد المال والغنى فلا بدَّ أن يسعى للكد والتعب .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ .. ) متفق عليه .

ولم يُطلع الله تعالى أحداً على تفصيل ما سيحصل له من خير أو شر ، لذا فإن كل أحدٍ يسعى لجلب الخير لنفسه ودفع الأذى عن نفسه ، ولا يكون عاقلاً من يسير في طريق سريع عكس الاتجاه ثم يقول " لن يحصل معي إلا ما كُتب لي أو عليَّ " ولا يجلس أحدٌ في بيته ثم يقول " لن يأتيني إلا ما قدِّر لي من رزق " و لا يأكل أحد طعاماً فاسداً ثم يقول " لن يصيبني إلا ما كتب الله لي أو عليَّ " وهذه الأمور لو فعلها أحدٌ وقالها لعدَّ من المجانين ، وهو كذلك .

وفي خصوص الزواج فإن المسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثَّه على التزوج بذات الدِّين ، وهذا يقتضي منه البحث والتحري عن صاحبة الدِّين ، ولا يقول عاقل إنني لن أسعى في هذا ؛ لأنه لو عرض عليه امرأة مجنونة أو دميمة أو كبيرة في السن أو ذات أخلاق سيئة فإنه لن يقبل بها زوجة ! ولن يدَّعي أنه سيتزوج بأول من يراها أو أول من تُعرض عليه ، وهذا يؤكد ما قلناه من أنه سيعرض عن بعض النساء ، ويتأمل في أخريات ويتردد في بعضهن وهكذا ، ولو اختار ، بعد النظر والتأمل والاستشارة والاستخارة ، امرأة تناسبه فليعلم أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فليجعل رجاءه في ربه عز وجل أن يهيئ له من أمره رشدا ، وأن يقدر له أرشد الأمور بالنسبة إليه ، وأحبها إلى رب العزة تبارك وتعالى .

ثم عليه ، إذا وقع الأمر ، وقدر له ربه عطاءً أو منعا ، على ما وافق هواه أو خالفه ، أن يحسن الظن بربه عز وجل ، ويعلم أن الله لا تعالى لا يقضي لعبده المؤمن الصبار الشكور إلا قضاء الخير . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم ( 2999) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-15-2009, 04:33 PM
ثالثاً :

أما بالنسبة لأثر الطاعة والمعصية على تغيير القدَر ، فلتعلم أن أما ما كان في اللوح المحفوظ فإنه لن يتغير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفعت الأَقْلاَم وَجَفَّت الصُّحُف ) - رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - ، وأما ما في أيدي الملائكة من صحف فإن الله تعالى قد يأمر ملائكته بتغييرها لطاعة يفعلها المسلم أو معصية يرتكبها ، ولا يكون في النهاية إلا ما كُتب أزلاً ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد/39 .

وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على القيام ببعض الطاعات التي لها أثر في زيادة عمر الإنسان ، كصلة الرحِم ، وأخبر أن الدعاء يرد القضاء ، وهذا معناه : أن الله تعالى علَم أولاً أن عبده فلان سيأتي بهذه الطاعات فقدَّر له عمراً مديداً أو بركة في الرزق ، والعكس كذلك فقد يرتكب الإنسان معصية يُحرم بسببها الرزق ، ويكون الله تعالى قد علَم ذلك أزلاً فقدَّره وكتبه بحسب علمه ، ولم يجبر الله تعالى أحداً على طاعة ولا معصية .

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث واحد :

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلا الْبِرُّ وَلا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ) . رواه ابن ماجه ( 4022 ) .

قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ( رقم 33 ) :

سألت شيخنا أبا الفضل العراقي – رحمه الله – عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث حسن . انتهى

وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه البخاري ( 5640 ) ومسلم ( 2557 ) .

وروى الطبري بإسناده ، عن أبي عثمان النهدي : أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي : اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة

وكان أبو وائل شقيق بن سلمة التابعي مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . [ تفسير الطبري 7/398]

رابعاً :

حبُّك للفتاة ذات الخلق والدِّين يوجب عليك الحذر من أن تقع في مخالفات شرعية كمراسلتها أو محادثتها أو الخلوة بها ، ولا ننصحك أن تدعو الله تعالى أن يحببها بك ، بل ننصحك بالدعاء أن يرزقك الله تعالى زوجة صالحة ، وإذا رأيتَ من تنطبق عليها مواصفات المرأة الصالحة فتقدَّم لها واخطبها ، ولا داعي لتعيين امرأة بعينها فقد تبادلك المحبة ثم تقعان في مخالفات شرعية ، وقد لا يتيسر لكما أمر الزواج ، فدعاء الله تعالى بأن ييسر لك زوجة صالحة خير لك فيما نرى .

على أننا نصدقك ـ أخانا الكريم ـ القول ، ونرى أن التعلق بهذه الفتاة هو مشكلة فراغ بالنسبة ؛ ونعني بالفراغ هنا أنك لم تشغل نفسك بمهمات الأمور ، فملأ الشيطان قلبك شغلا بما فيه المضرة عليك في نفسك ودينك ، أو بما يفوت عليك مصالحك .

روى ابن الجوزي عن ابن عائشة قال : قلت لطبيب كان موصوفا بالحذق : ما العشق ؟

قال شغل قلب فارغ !! [ ذم الهوى 290] .

وإلا ، فقل لي بربك يا أخي ، هل أنت جاد في البحث عن زوجة مناسبة ، في هذه الفترة ؟!

وإذا كنت جادا في ذلك البحث ، فهل أنت جاد في إمضاء الزواج الآن ؟!

وإذا كنت جادا في إمضاء الزواج الآن ، فهل ظروفك ملائمة لذلك الجِد (!!) منك ؟!!

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ : خَطَبْتُ امْرَأَةً ، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا ، فَقِيلَ لَهُ : أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!!

فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ) رواه ابن ماجة (1864) وصححه الألباني .

فانظر ـ يا أخي ـ كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الإذن بالنظر على إرادة النكاح .

قال العلماء : وهذا مستثنى من النهي عن النظر إلى المرأة الأجنبية ، ولذلك إنما يسوغ حيث تدعو إليه الحاجة ، ويرجو أن يتم زواجه الذي يريد .

قال ابن القطان رحمه الله : " لو كان خاطب المرأة عالما أنها لا تتزوجه ، وأن وليها لا يجيبه ، لم يجز له النظر ، وإن كان قد خطب [ يعني : وإن كان يطلب خِطبتها ] ؛ لأنه إنما أبيح له النظر ليكون سببا للنكاح ، فإذا كان على يقين من امتناعه ، بقي النظر على أصله من المنع ) [ النظر في أحكام النظر 391] .

ومعلوم أن إرادة النكاح ممن لا يقدر على مؤنته ، أو لا تساعده عليه ظروفه في وقته الراهن ، نوع من العبث وإضاعة الزمان ، وشغل القلب بما لا ينفع ، بل بما يضر .

وحين تكون جادا ، فاستعن بالله تعالى ، واسأله التوفيق في أمرك ، فإن بقيت على حالها ، واستخرت ربك في شأنها ، فامض في خطبتك ، وإلا ، فالنساء سواها كثير ؛ فاظفر منهن بذات الدين ؛ تربت يداك !!

نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه رضاه ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يرزقك زوجة صالحة وذرية طيبة .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-15-2009, 04:34 PM
السؤال:

مات أخي الصغير بتعليق نفسه. كان عمره 25 عاما فقط. كانت المشكلة عبارة عن شجار بسيط بين أمي وبينه. كلنا في غاية الدهشة وفي حالة حزن شديدة. هناك أسئلة كثيرة أحب أن أسألها عن هذا الوضع. أولا، لماذا اختار الله هذا النوع من الوفاة لأخي؟ ثانيا، عمر والدي 75 عاما وهو ورع/متدين جدا وأمي شديدة الكرم والطيبة/واللطف. لماذا أراهما الله مثل هذا اليوم في حياتهما. ثالثا، كيف يمكننا أن نساعده (أخي) الذي لم يعد بيننا؟ كيف يمكننا رؤيته في الجنة؟ هل بإمكاننا أن نبلغه سلامنا ؟ هل سيصله سلامنا ؟
أيضا، عندما تم فحصه لتحديد سبب الوفاة، وجدنا أن وفاته لم تكن بسبب الاختناق ولكن بسبب كسر عموده الفقري. ما حدث في الواقع هو أنه كان يوجد في غرفتي أرجوحة قماشية لطفلي. أخذ أخي كرسيا صغيرا كان قريبا منه وربطه في عنقه قائلا سأقتل نفسي. كانت أمي تصلي في نفس الغرفة. نشعر بأنه لم يكن انتحارا. ربما كان غضبه هو الذي دفعه لفعل ذلك.
يخبرنا أصدقاؤه بأنه ليس من نوعية الناس الذين يفكرون بالانتحار. في الحقيقة ، كان ينصحهم ضد الانتحار كلما ذكروه.
كانت جنازته جيدة أيضا، ولم يبدو من وجهه أنه يعاني أوشيئا من هذا القبيل. كان يبدو وكأنه نائم وما علينا إلا أن نوقظه من النوم. هل هذا يدل على شئ.
أرجو الرد على هذا إذ أننا في غاية الإنزعاج بسبب هذا الموت المفاجئ.

الجواب:

الحمد لله

لا بد بين يدي هذه الأسئلة من معرفة ثلاثة أمور هي :

أولا : أن كل شيء بقدر الله ، وكل ما يجري في هذا الوجود من خير وشر فهو بتقدير الله وتدبيره ومشيئته فإنه تعالى لا ربّ غيره ، ولا مدبّر معه .

ثانيا : يجب الإيمان بحكمته سبحانه وتعالى في أقداره ، فله الحكمة البالغة في كل ما يجري في هذا الوجود سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه ، بل كثير من حِكم الله لا تبلغها عقول العباد ، فيجب التسليم لله تعالى وذلك بالإيمان بكمال حكمته ، ولا يجوز الاعتراض عليه في شرعه ولا في قدره .

ثالثا : أن الانتحار جريمة كبرى وسوء خاتمة ، فالذي يقتل نفسه فرارا من مصيبة أو ضائقة أو فقر أو نتيجة انفعال وغضب ، إنه بهذا يعرّض نفسه لعقوبة الله ، فقد قال سبحانه وتعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما . ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ) ، وثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال : " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يُلجم بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بسُم فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم ... الحديث ) .

فما ذكر في هذه الحالة يجب أن يفوض الحكم فيه إلى الله سبحانه ، فالظاهر أن ما فعل هو انتحار لأنه علّق نفسه ، أي ربط عنقه في حبل فشنق نفسه ، فهو إما أن يكون انتحر أو أراد الانتحار فالله أعلم .

واما صلاح الوالدين واستقامتهما فهذا لا يمنع أن يبتليهما الله ببعض المصائب ليظهر بذلك صبرهما ، وليكون في ذلك تمحيص لذنوبهما فالمؤمن أمره كلّه خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن . فالابتلاء بالمصائب لا يدل على هوان العبد عند ربّه إذا كان مستقيما على طاعة الله ، فالإيمان بالله وطاعته وتقواه هي سبب الكرامة ، والكفر والفسوق والعصيان هي سبب الهوان ومن ابتلي بمصيبة فصبر كان ذلك رفعا لدرجاته ، والمصائب أنواع ، تكون مرضا ، وتكون فقد مال ، وتكون بفقد حبيب كابن ، أو أخ ، أو والد ، أو زوج أو زوجة ، فالله تعالى يبتلي عباده بالنعم والمصائب وهي الخير والشر كما قال تعالى : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) . وإن كان الانتحار صدر عن جهل وكان الشخص مستقيما على طاعة الله محافظا على الصلوات فإنه يرجى له العفو من الله سبحانه وتعالى فإنه تعالى أرحم الراحمين ، وإن كان يعلم تحريم الانتحار ولكنه لجأ إلى ذلك ليتخلص من المشكلة التي ضاق بها فإنه على خطر من التعرض للوعيد والعقاب الذي ورد في الحديث ، ولكنه مع ذلك إن كان مؤمنا بالله ورسوله وموحدا لله غير مشرك ، فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذبه ، ثم إذا عذبه فإنه لا بد أن يخرجه من النار ، قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرّة من إيمان " .

وأما حاله عند تغسيله وتجهيزه وما ظهر به من المظهر الحسن فقد يستأنس به لحسن حاله ، وحسن عاقبته

وأنه معذور عند ربه ومغفور له ، ولكن لا يجزم بشيء من ذلك لأن هذه الأمور غاية ما تفيد أنها تبشر بخير . وإن كان المنتحر مسلما موحدا مصليا فيمكن الإحسان إليه بالدعاء له بالمغفرة بأن يغفر الله له ذنوبه ، ومن ذلك ما فعله بنفسه من التسبب في قتل نفسه . وأما ما ورد في السؤال من انتقاد الكيفية التي اختارها الله له ليموت بها فهذا نوع اعتراض على قدر الله ، فالله هو المقدّر ، وهو خالق كل شيء ، وكل شيء بقدره سبحانه ، وهو الحكيم العليم ، ولكن ما كان مخالفا لشرع الله فلا يحتج بالقدر عليه ، وما يجري في الوجود من هذه الأمور لا يجوز الاعتراض على الله في تقديرها فيجب الإيمان بالقدر ، والإيمان بحكمة الرب سبحانه وتعالى .


الشيخ : عبد الرحمن البراك.

ahmedaboali
03-15-2009, 04:34 PM
السؤال:

ما صحة هذا العبارة التي يدعو بها بعض الناس : ( اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف بي ) ؟.

الجواب:


الحمد لله

هذا الدعاء يجري كثيراً على الألسنة ، وهو دعاء لا ينبغي ، لأنه شُرع لنا أن نسأل الله رد القضاء إذا كان فيه سوء .

ولهذا بوب الإمام البخاري رحمه الله باباً في صحيحه قال فيه : ( باب من تعوذ بالله من درك الشقاء ، وسوء القضاء ، وقوله تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق ، من شر ما خلق ) الفلق/1-2

ثم ساق قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعوذوا بالله من جهد البلاء ، ودرك الشقاء وسوء القضاء ) البخاري 7/215 كتاب القدر .

من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 147.

ahmedaboali
03-15-2009, 04:35 PM
السؤال:

بعض الصوفية يقول بترك الأخذ بالأسباب ، بحجة التوكل على الله والتسليم لقضائه وقدره ، فهل هذا الكلام صحيح ، وما هو المذهب الصحيح ؟.

الجواب:


الحمد لله

هذا الأمر مما عمت به البلوى ، واشتدت به المحنة ، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الأمة .

فأمة الإسلام مرت بأزمات كثيرة ، وفترات عسيرة ، وكانت تخرج منها بالتفكير المستنير ، والنظرة الثاقبة ، والتصور الصحيح ، فتبحث في الأسباب والمسببات ، وتنظر في العواقب والمقدمات ، ثم بعد ذلك تأخذ بالأسباب ، وتلج البيوت من الأبواب ، فتجتاز - بأمر الله - تلك الأزمات ، وتخرج من تلك النكبات ، فتعود لها عزتها ، ويرجع لها سالف مجدها ، هكذا كانت أمة الإسلام في عصورها الزاهية .

أما في هذه العصور المتأخرة التي غشت فيها غواشي الجهل ، وعصفت فيها أعاصير الإلحاد والتغريب ، وشاعت فيها البدع والضلالات ، فقد اختلط هذا الأمر على كثير من المسلمين ، فجعلوا من الإيمان بالقضاء والقدر تكأة للإخلاد في الأرض ، ومسوغاً لترك الحزم والجد والتفكير في معالي الأمور ، وسبل العزة والفلاح ، فآثروا ركوب السهل الوطيء الوبيء على ركوب الصعب الأشق المريء .

فكان المخرج لهم أن يتكل المرء على القدر ، وأن الله هو الفعال لما يريد ، وأن ما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن ، فلتمض إرادته ، ولتكن مشيئئته ، وليجر قضاءه وقدره ، فلا حول لنا ولا طول ، ولا يد لنا في ذلك كله .

هكذا بكل يسر وسهولة ، استسلام للأقدار دون منازعة لها في فعل الأسباب المشروعة والمباحة .

فلا أمر بالمعروف ، ولا نهي عن المنكر ، ولا جهاد لأعداء الله ، ولا حرص على نشر العلم ورفع الجهل ، ولا محاربة للأفكار الهدامة والمبادئ المضللة ، كل ذلك بحجة أن الله شاء ذلك !

والحقيقة أن هذه مصيبة كبرى ، وضلالة عظمى ، أدت بالأمة إلى هوة سحيقة من التخلف والانحطاط ، وسببت لها تسلط الأعداء ، وجرت عليها ويلات إثر ويلات .

وإلا فالأخذ بالأسباب لا ينافي الإيمان بالقدر ، بل إنه من تمامه ، فالله عز وجل أراد بنا أشياء ، وأراد منا أشياء ، فما أراده بنا طواه عنا ، وما أراده منا أمرنا بالقيام به ، فقد أراد منا حمل الدعوة إلى الكفار وإن كان يعلم أنهم لن يؤمنوا ، وأراد منا قتالهم وإن كان يعلم أننا سُنهزم أمامهم ، وأراد منا أن نكون أمة واحدة وإن كان يعلم أننا سنتفرق ونختلف ، وأراد منا أن نكون أشداء على الكفار رحماء بيننا وإن كان يعلم أن بأسنا سيكون بيننا شديداً وهكذا ...

فالخلط بين ما أريد بنا وما أريد منا هو الذي يُلبس الأمر ، ويوقع في المحذور .

صحيح أن الله عز وجل هو الفعال لما يريد ، الخالق لكل شيء ، الذي بيده ملكوت كل شيء ، الذي له مقاليد السموات والأرض ، ولكنه تبارك وتعلى جعل لهذا الكون نواميس يسير عليها ، وقوانين ينتظم بها ، وإن كان هو عز وجل قادراًَ على خرق هذه النواميس وتلك القوانين ، وإن كان أيضاً لا يخرقها لكل أحد .

فالإيمان بأن الله قادر على نصر المؤمنين على الكافرين - لا يعني أنه سينصر المؤمنين وهم قاعدون عن الأخذ بالأسباب ، لأن النصر بدون الأخذ بالأسباب مستحيل ، وقدرة الله لا تتعلق بالمستحيل ولأنه منافٍ لحكمة الله ، وقدرته عز وجل متعلقة بحكمته .

فكون الله قادراً على الشيء لا يعني أن الفرد أو الجماعة أو الأمة قادرة عليه ، فقدرة الله صفة خاصة به ، وقدرة العبد صفة خاصة به ـ فالخلط بين قدرة الله والإيمان بها وقدرة العبد وقيامه بما أمره الله به هو الذي يحمل على القعود ، وهو الذي يخدر الأمم والشعوب .

وهذا ما لاحظه وألمح إليه أحد المستشرقين الألمان فقال وهو يؤرخ لحال المسلمين في عصورهم المتأخرة : ( طبيعة المسلم التسليم لإرادة الله ، والرضا بقضائه وقدره ، والخضوع بكل ما يملك للواحد القهار )

وكان لهذه الطاعة أُثران مختلفان ؛ ففي العصر الإسلامي الأول لعبت دوراً كبيراً في الحروب ، وحققت نصراً متواصلاً ، لأنها دفعت في الجندي روح الفداء .

وفي العصور المتأخرة كانت سبباً في الجمود الذي خيم على العالم الإسلامي ، فقذف به إلى الإنحدار ، وعزله وطواه عن تيار الأحداث العالمية . العلمانية للشيخ سفر الحوالي نقلاً عن باول شمتز في كتابه الإسلام قوة الغد العالمية ص 87


من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 144.

ahmedaboali
03-15-2009, 04:36 PM
السؤال:

نقرأ في كثير من آيات القرآن أن الله تعالى يخبر بأنه جعل على قلوب الكافرين أكنة وعلى أبصارهم غشاوة وختم عليها وأنه يصمهم ويعميهم عن الحق ، وقد علمنا – أيضاً – أن الله تعالى لا يجبر أحداً على الكفر ، فما هو توجيه هذه الآيات ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي – رحمة الله تعالى عليه - :

فالجواب : أن الله جل وعلا بين في آيات كثيرة من كتابه العظيم أن تلك الموانع التي يجعلها على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، كالختم والطبع والغشاوة والأكنة ، إنما جعلها عليهم جزاءاً وفاقاً لما بادروا إليه من الكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ، فأزاغ الله قلوبهم بالطبع والأكنة ونحو ذلك ، جزاء على كفرهم ، فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ) النساء/155 ، أي بسبب كفرهم ، وهو نص قرآني صريح في أن كفرهم السابق سبب الطبع على قلوبهم ، وقوله : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) الصف/5 .

وهو دليل واضحٌ أيضاً على سبب إزاغة الله قلوبهم هو زيغهم السابق ، وقوله : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم ) المنافقون/3 ، وقوله تعالى : ( في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً …) البقرة/10 ، وقوله : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) الأنعام/110 ، وقوله تعالى : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) المطففين/14 ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الطبع على القلوب ومنعها من فهم ما ينفع عقاب من الله على الكفر السابق على ذلك ، وهذا الذي ذكرنا هو وجه رد شبهة الجبرية الذين يتمسكون بها في هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن الكريم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-15-2009, 04:37 PM
السؤال:


أنا شابة كنت أعيش حياة سعيدة مع أنها ليست إسلامية جادة ( أصلي وأصوم وألبس حجاباً لا بأس به )، ومنذ أن تزوجت أصبحت متدينة أكثر والحمد لله وهنا بدأت مشاكلي . كثرة المشاكل تتعبني جداً فأرجو أن تجيب على سؤالي وتنصحني وأرجو كذلك أن تدلني على كتاب يساعدني في البحث عن أجوبة وحتى لو كان بالعربية .
دائماً أفكر وأقول بأنني لم أكن بذلك السوء قبل الزواج بالمقارنة بآخرين كانوا غير متدينين أبداً، ولم أقترف الكثير من الذنوب، فلماذا يحصل لي كل هذا وما هو الحل .

الجواب:

الحمد لله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القائل : ( إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ ... ) رواه أحمد(3490) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 714 . و بناءً على هذا الحديث فعليكِ أن تحمدي الله حمداً كثيراً على هذه النعمة التي منّ بها عليكِ من الاستقامة على دينه ، واعلمي أن البلاء هو حال هذه الدار التي هي دار بلاء وامتحان ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء/35 ، وحال المسلم مع كل بلاء هي حال الموقن بأن الله لن يقدِّر عليه إلا ما فيه الخير في دينه وفي دنياه ، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (2999)

وكل ما ذكرتيه أيتها الأخت السائلة هو داخل في هذا الابتلاء بما لا يريده الإنسان والواجب عليك فيه الصبر وأن تعلمي أن كل هذا من عند الله لخيرٍ يريده بك .

وليست الاستقامة على أمر الله هي السبب فيما أصابك من بلاء ؛ لأن من المتقرر شرعا أن الاستقامة هي سبب السعادة وأن ضدها هو سبب التعاسة قال تعالى ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) النحل/97 ، وقال سبحانه ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ) طه 123 ،124 فالإيمان سبب السعادة الحقة في الدارين والإعراض عن ذكر الله سبب التعاسة والضيق ، وحقيقة السعادة في القلب فلا ينافيها ما يحصل للمؤمن من ابتلاءات ، بل إن الابتلاء الدنيوي قد حصل للأنبياء أيضاً كما في الحديث " إِنَّ مِنْ أَشَدّ النَّاس بَلاء الأَنْبِيَاء , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " أحمد 26539 ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1165, وفي رواية" يُبْتَلَى الرَّجُل عَلَى حَسَب دِينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه حَتَّى يَمْشِي عَلَى الأَرْض وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة " أَخْرَجَهُ ابن ماجه4013 و صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 3249. وكما تقدم في الحديث الأول فإن السعة والضيق في أمور الدنيا لا تتوقف على دين الشخص .

و الذي نوصيك به أيتها الأخت : مجاهدة النفس على الصبر ، وإبعاد الخواطر الفاسدة والظن السيئ بالله تعالى ، وعدم الضعف في الاستقامة بسبب هذه الظنون ، ومن أهم الوسائل المعينة على هذا الدعاء بل قد يكون البلاء سبباً لكثرة دعاء الإنسان لربه فيفتح له بذلك خيرات كثيرة ، واختاري من الأدعية ما يناسب تفريج البلاء من القرآن والسنة كدعاء أيوب ( رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) الأنبياء/83

، وكوني موقنة بالإجابة ولا تعجلي فإن الله تعالى أرحم بعبده من الوالدة بولدها ، واحرصي على تحصين نفسك بالأذكار الشرعية .

ومن الأمور المُعينة على الصبر القراءة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وما مر عليه من البلاء والشدة وكذلك التأمل في أجور الصابرين في الدنيا والآخرة ومن الكتب المفيدة في هذا كتاب عدة الصابرين لابن القيم رحمه الله .

نسأل الله تعالى لك الصبر وثبوت الأجر ، والشفاء لك ولولدك ، وأن يعود حالك مع زوجك وأهلك إلى خير حال ، وأن يثبتنا وإياك على طريق الحق .



الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-15-2009, 04:37 PM
السؤال:

لدي شبه حول الإسلام فهل يمكن أن توضحها لي ؟ هل جميع تصرفات البشر كالولادة والموت والتصرفات اليومية وجميع ما نفكر في فعله قد قدّره الله ؟ هل حياتنا برمجها الله حتى قبل ولادتنا ، أم لنا حرية التصرف ونستطيع أن نقرر ونتصرف كما نشاء بدون تحكم الله ؟ باختصار ، هل نحن نتصرف كما نشاء أم كما خلقنا الله لنتصرف ؟.

الجواب:

الحمد لله

اعلم أن أحوال العباد منها ما هو جبري ليس للناس فيه أدنى إرادة مثل اختيار يوم المولد ولون البشرة والشعر والعينين والوفاة فهذا كله مما لا سلطة للناس فيه وإنما هم مجبرون عليه ونظراً لأنهم لا اختيار لهم فيه فإنه لا يترتب عليه جنة ولا نار ، ولا عذاب ولا نعيم .

وبعض الأفعال هم مخيرون فيه كاختيار الإيمان والكفر والقيام في شؤون الدنيا من اختيار المطعم والمشرب والمسكن .

وليس شيء من ذك كله يكون خارجاً عن إرادة الله تعالى ومشيئته وقدره .

ولكن كيف يكون ذلك ؟

الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان التي لا يصح إيمان المسلم إلا إذا سلّم بأن كل الأمر من الله ، قال تعالى : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) القمر/49 ، بل إن من أسماء الله تعالى القادر ، والقدير ، والمقتدر .

وأصل المسألة : أن الله تعالى يتصف بالعلم ، والقدرة ، والمشيئة .

وعليه : إذا أراد أصحاب الأفعال أن يقوموا بها سواء أكانت من المعاصي أو الطاعات فإن الله يعلمها ولا بد ، بل لقد علمها في الأزل قبل خلق الخلائق .

ثم بعد أن علمها كتبها عنده ، ثم لما أراد أصحابها أن يفعلوا ذلك شاء لهم ذلك ، ولو لم يشأ لم يفعلوا ، ثم كان قادراً فخلق هذا الفعل لأنه خالق لمن فعله من البشر .

فلذلك أفعال العباد كلها مكتوبة عند الله لأن علم الله سابق له ، وليس ذلك يعني أن الله أجبر الناس على أفعالهم ، فهم مخيرون في أفعالهم ، كما قال تعالى : ( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ) الإنسان/3 .

ولكن أفعالهم لن تكون جبراً من الله تعالى ، وليس الله يجبر العباد على شيء .

يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي في مثل هذا :

فإن قيل : كيف يريد الله أمراً ولا يرضاه ولا يحبه ؟ وكيف يشاؤه ويكوّنه ؟ وكيف يجمع إرادته له وبغضه وكراهته ؟

قيل : هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقاً ، وتباينت طرقهم وأقوالهم .

فاعلم أن المراد نوعان : مراد لنفسه ، ومراد لغيره .

فالمراد لنفسه : مطلوب محبوب لذاته ، وما فيه من الخير فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد .

والمراد لغيره : قد لا يكون مقصوداً للمريد ، ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته ، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده ، فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته ، مراد له من حيث قضائه وإيصاله إلى مراده فيجتمع فيه الأمران : بغضه وإرادته ، ولا يتنافيان لاختلاف متعلقهما ، وهذا كالدواء الكريه إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه ، وقطع العضو المتآكل إذا علم أن في قطعه بقاء جسده ، وكقطع المسافة الشاقة إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه ، بل العاقل يكتفي في إيثار هذا المكروه وإرادته بالظن الغالب وإن خفيت عنه عاقبته ، فكيف ممن لا يخفى عليه خافية فهو سبحانه يكره الشيء ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره ، وكونه سبباً إلى أمر هو أحب إليه من فوقه .

ومن ذلك : أنه خلق إبليس الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات ... ومع هذا فهو وسيلة إلى محاب كثيرة للرب تعالى تترتب على خلقه ، ووجودها أحب إليه من عدمها . ( شرح العقيدة الطحاوية/252-253 ) .

ahmedaboali
03-16-2009, 04:34 PM
السؤال: 281


أرجو توضيحاً في فضل الصحابة ، وما هي مميزاتهم عن غيرهم ؟.

الجواب:

الحمد لله

اعتقاد عدالةِ الصحابة وفضلهم هو مذهبُ أهلِ السنة والجماعة ، وذلك لما أثنى اللهُ تعالى عليهم في كتابه ، ونطقت به السنَّةُ النبويةُ في مدحهم ، وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات مما يدل دلالة واضحة على أن الله تعالى حباهم من الفضائل ، وخصهم من كريم الخصال ، ما نالوا به ذلك الشرف العالي ، وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده ، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ، ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/ 124 .

قال ابن القيم رحمه الله : " فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم " طريق الهجرتين ، ص (171) .

وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/53 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله : " الذين يعرفون النعمة ، ويقرون بها ، ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح ، فيضع فضله ومنته عليهم ، دون من ليس بشاكر . فإن الله تعالى حكيم ، لا يضع فضله ، عند من ليس له أهل . "

وكما جاءت الآيات والأحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم ، جاءت أيضا بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المنازل الرفيعة ، ومن ذلك قوله تعالى :

( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الفتح/29

ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة ، ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب ، وصدق الإيمان ، وتلك – والله - شهادة عظيمة من رب العباد ، لا يمكن أن ينالها بَشَر بعد انقطاع الوحي .

اسمع قوله سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح/18

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :

" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .

وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810) .

وقد وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم ، وأحَلَّ عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة ، فهل يعقل أن يكون ذلك لمن لا يستحق الفضل !؟

يقول سبحانه وتعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/100

وقد شهد لهم بالفضل سيد البشر وإمام الرسل والأنبياء ، فقد كان شاهدا عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم ، ويقف على صدق عزائمهم ، فأرسل صلى الله عليه وسلم كلمات باقيات في شرف أصحابه وحبه لهم .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540)

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-16-2009, 04:34 PM
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :

" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .

ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه :

" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى

رواه أحمد في "المسند" (1/379) وقال المحققون : إسناده حسن .

وسبق التوسع أيضا في تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (13713) (45563)


ثانيا :

لا بدَّ أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهبُ أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشرٌ يجوزُ عليهم ما يجوز على غيرهم .

وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرفِ الصحبة وفضلِها مُغْتَفَرٌ ومَعْفُوٌّ عن صاحبه ، والحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات ، ومقامُ أَحَدِ الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ، ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ ، لكن هم كما قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ) الاحقاف/16 الآية ، وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها " [ مجموع الفتاوي 4/434 ] .

وقد قرر ذلك الكتاب والسنة في أكثر من موقف :

فقد تجاوزَ الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم أُحُدٍ من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) آل عمران/155

ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهَمَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ : اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم ) رواه البخاري ومسلم (2494)

وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب ، ثم عفا الله تعالى عنهم ، وغفرها لهم ، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف ، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، أخبار لا ينسخها شيء .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-16-2009, 04:35 PM
السؤال: 282


متى يقبل الله عمل العبد ؟ وما هي الشروط في العمل كي يكون صالحاً مقبولاً عند الله ؟.

الجواب:

الحمد لله

وبعد : فإن العمل لا يكون عبادة إلا إذا كمل فيه شيئان وهما : كمال الحب مع كمال الذل قال الله تعالى : ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) البقرة/165 ، وقال سبحانه : ( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ) المؤمنون/57 ، وقد جمع الله بين ذلك في قوله : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الأنبياء/ من الآية90 .

فإذا علم هذا فليعلم أن العبادة لا تقبل إلا من المسلم الموحد كما قال تعالى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) الفرقان/23 .

وفي صحيح مسلم ( 214 ) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ قَالَ لَا يَنْفَعُهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" يعني أنه لم يكن يؤمن بالبعث ، ويعمل وهو يرجو لقاء الله .

ثم إن المسلم لا تقبل منه العبادة إلا إذا تحقق فيها شرطان أساسيان :

الأول : إخلاص النية لله تعالى : وهو أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى دون غيره .

الثاني : موافقة الشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يعبد إلا به ، وذلك يكون بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، وترك مخالفته ، وعدم إحداث عبادة جديدة أو هيئة جديدة في العبادة لم تثبت عنه عليه الصلاة والسلام .

والدليل على هذين الشرطين قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا ً) الكهف/من الآية110

قال ابن كثير رحمه الله : " ( فمن كان يرجوا لقاء ربه ) أي ثوابه وجزاءه الصالح ( فليعمل عملا صالحا ) أي ما كان موافقا لشرع الله ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له وهذان ركنا العمل المتقبل لابد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-16-2009, 04:35 PM
السؤال: 283


نرجو أن تشرح لنا أركان الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

الإسلام يقوم على خمس أركان بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله و إقام الصلاة , وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان ) متفق عليه أخرجه البخاري برقم 8 .

والإسلام عقيدة وشريعة بيّن الله ورسوله فيه الحلال والحرام والأخلاق والآداب والعبادات والمعاملات والحقوق والواجبات ومشاهد القيامة ، فلما أكمل الله هذا الدين على يد رسوله ارتضاه ليكون منهج حياة للبشرية كلها إلى أن تقوم الساعة : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 .

وهذه أركان الإسلام وقواعده التي يقوم عليها

( الركن الأول الشهادتان ) :

أن يعتقد الإنسان أن الله وحده هو الرب المالك المتصرف الخالق الرزاق ، ويثبت له جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى التي أثبتها لنفسه ، أو أثبتها له رسوله ويعتقد أن الله وحده هو المستحق للعبادة دون سواه كما قال سبحانه : ( بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ، ذلكم الله ربكم لا إله إلا الله هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ) الأنعام/101-102.

كما يعتقد الإنسان أن الله أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن وأمره بإبلاغ هذا الدين إلى الناس كافة ويعتقد أن محبة الله ورسوله وطاعتهما واجبة على كل أحد ولا تتحقق محبة الله إلا بمتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) آل عمران /31.

( الركن الثاني الصلاة ) :

أن يعتقد الإنسان أن الله أوجب على كل مسلم بالغ عاقل خمس صلوات في اليوم والليلة يؤديها على طهارة فيقف بين يدي ربه كل يوم طاهراً خاشعاً متذللاً يشكر الله على نعمه ويسأله من فضله ويستغفره من ذنوبه ويسأله الجنة ويستعيذ به من النار

والصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس صلوات هي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء وهناك صلوات مسنونة كقيام الليل ، وصلاة التراويح . وركعتي الضحى وغيرها من السنن .

والصلاة فرضاً كانت أو نفلاً تمثل صدق التوجه إلى الله وحده في جميع الأمور وقد أمر الله المؤمنين كافة بالمحافظة عليها جماعة بقوله تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) البقرة/238

والصلوات الخمس واجبة على كل مسلم ومسلمة في اليوم والليلة : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) النساء/ 103 .

ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فمن تركها عامداً فقد كفر كما قال سبحانه : ( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ) الروم /31 .

والإسلام يقوم على التعاون والأخوة والمحبة وقد شرع الله الاجتماع لهذه الصلوات وغيرها لتتحقق هذه الفضائل قال عليه الصلاة والسلام : ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) . رواه مسلم برقم 650 .

والصلاة عون للعبد على الشدائد والكربات قال تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) البقرة/45 .

والصلوات الخمس تمحو الخطايا كما قال عليه الصلاة والسلام : ( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء . قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) رواه مسلم برقم 677 .

والصلاة في المسجد سبب لدخول الجنة قال عليه الصلاة والسلام من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح ) . رواه مسلم برقم 669 .

والصلاة تجمع بين العبد وخالقه وكانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم فكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة يناجي ربه ويدعوه ويستغفره ، ويسأله من فضله .

والصلاة بخشوع وتذلل . تقرب المسلم من ربه وتنهى عن الفحشاء والمنكر كما قال سبحانه : ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ) العنكبوت /45 .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-16-2009, 04:36 PM
( الركن الثالث الزكاة ) :

خلق الله الناس مختلفين في الألوان و الأخلاق والعلوم والأعمال والأرزاق فجعل منهم الغني والفقير ليمتحن الغني بالشكر ويمتحن الفقير بالصبر

ولما كان المؤمنون أخوة و الأخوة تقوم على العطف والإحسان والرأفة والمحبة والرحمة لذا أوجب الله على المسلمين زكاة تؤخذ من أغنيائهم و ترد على فقرائهم قال تعالى : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم ) التوبة/103 .

فالزكاة تطهر المال وتنميه وتزكي النفوس من الشح والبخل وتقوي المحبة بين الأغنياء والفقراء فيزول الحقد ويسود الأمن وتسعد الأمة .

وقد أوجب الله إخراج الزكاة على كل من ملك نصاباً حال عليه الحول من الذهب والفضة أو المعادن وعروض التجارة ربع العشر أما الزروع والثمار ففيها العشر إذا سقيت بلا مؤونة ونصف العشر فيما سقى بمؤونة عند الحصاد وفي بهيمة الأنعام مقادير مفصلة في كتب الفقه , فمن أخرجها كفر الله عنه سيئاته وبارك في ماله وادخر له الأجر العظيم قال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه إن الله بما تعملون بصير ) البقرة /110.

ومنع الزكاة يجلب المصائب والشرور للأمة وقد توعد الله من منعها بالعذاب الأليم يوم القيامة فقال عز وجل : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم - يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) التوبة /34-35.

وإخفاء الزكاة أفضل من إظهارها أمام الناس كما قال تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ) البقرة / 271

وإذا أخرج المسلم الزكاة فلا يجوز صرفها إلا فيما ذكر الله بقوله : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين و في سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) التوبة /60.

( الركن الرابع صيام رمضان ) :

الصيام هو الإمساك عن المفطرات من الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية الصوم .

والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد . وقد فرض الله الصوم على هذه الأمة شهراً في السنة لتتقي الله وتجتنب ما حرم الله ولتتعود على الصبر , وكبح جماح النفس وتتنافس في الجود والكرم والتعاون والتعاطف , والتراحم قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة /183

شهر رمضان شهر عظيم أنزل الله فيه القرآن وتضاعف فيه الحسنات والصدقات والعبادات وفيه ليلة القدر , خير من ألف شهر تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب جهنم . وتصفد الشياطين

وقد أوجب الله صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل من ذكر وأنثى كما قال سبحانه : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه , ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) البقرة/185

والصوم ثوابه عظيم عند الله قال عليه الصلاة والسلام : ( كل عمل ابن آدم يضاعف , الحسنة بعشر أمثالها , إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به , يدع شهوته , وطعامه من أجلي ) رواه مسلم , الصيام .

( الركن الخامس الحج ) :

جعل الله للمسلمين قبلة يتجهون إليها عند صلاتهم ودعائهم حيث ما كانوا وهي البيت العتيق في مكة المكرمة : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) البقرة /144.

ولما كانت ديار المسلمين متباعدة والإسلام يدعوا إلى الاجتماع والتعارف , كما يدعو إلى التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والدعوة إلى الله وتعظيم شعائر الله لذا أوجب الله على كل مسلم بالغ عاقل قادر أن يزور بيته العتيق , ويطوف به , ويؤدي مناسك الحج كما بينها الله ورسوله . فقال تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) آل عمران /97.

والحج موسم تتجلى فيه وحدة المسلمين , وقوتهم , وعزتهم فالرب واحد والكتاب واحد والرسول واحد والأمة واحدة والعبادة واحدة والملابس واحدة .

وللحج آداب وشروط يجب أن يعمل بها المسلم كحفظ اللسان والسمع والبصر عما حرم الله وإخلاص النية وطيب النفقة , والتحلي بمكارم الأخلاق والابتعاد عن كل ما يفسد الحج من الرفث والفسوق والجدل كما قال سبحانه : ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) آل عمران /197.

والحج إذا قام به المسلم على الوجه الشرعي الصحيح , وكان خالصاً لله كان كفارة لذنوبه قال عليه الصلاة والسلام : ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري برقم 15210 .



من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري

ahmedaboali
03-16-2009, 04:36 PM
السؤال: 284


هل العقيدة الإسلامية منهج نظري أم منهج عملي جاد ؟ ما هي الكتب التي يرجع إليها لتعلم العقيدة ؟ كيف يمكن تطبيق العقيدة في ظل هذا الواقع ؟ ما هي طرق تعلم العقيدة ؟ هل عمل شيء من الإسلام وعدم عمل شيء آخر ( يصلي ولا يزكي أو لا يغض البصر وما ينتج عنه ) يعتبر هذا خللا في العقيدة ؟ هل المسلمون اليوم بحاجة إلى من يعلمهم العقيدة ؟
الرجاء بث بعض التعليمات لمن أراد أن يتعلم العقيدة الصحيحة على منهج الصحابة رضوان الله عليهم.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

العقيدة الإسلامية ليست منهجا نظريا فلسفيا ، بل هي منهج عملي جاد ، فالعمل ركن ركين في هذه العقيدة ، ولهذا اتفق أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل ، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان .

فمن آمن بالله تعالى ربا وإلها ، عبده وأطاعه بالصلاة والزكاة ونحوها .

ومن آمن باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء ، دعاه ذلك إلى فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه .

ومن آمن بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاده ذلك إلى طاعته وتطبيق سنته ، ونشر ملته .

وهكذا تترجم المبادئ التي يعتقدها الإنسان إلى أعمال وأقوال ، وسعي ، واجتهاد . وكلما زاد الإيمان في القلب زادت آثاره على الجوارح .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599).

وقال الحسن البصري رحمه الله : " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علما وعملا قلبيا لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق ، كما قال أئمة أهل الحديث : قول وعمل ، قول باطن وظاهر ، وعمل باطن وظاهر ، والظاهر تابع للباطن لازم له ، متى صلح الباطن صلح الظاهر ، وإذا فسد فسد ، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ). اهـ مجموع الفتاوى (7/187)

ثانياً :

وأما الكتب التي يرجع إليها في العقيدة فكثيرة ، وأعظمها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففيهما العصمة والنجاة لمن تمسك بهما . وقد اهتم العلماء ببيان العقيدة الصحيحة ونشرها ، وألفوا لذلك ما لا يحصى من الكتب ، ومن أشهر هذه المؤلفات : السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والتوحيد لابن خزيمة ، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي ، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ، والعقيدة الواسطية لابن تيمية ، والعقيدة الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي ، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني ، ومعارج القبول لحافظ حكمي ، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ، وهذا الأخير كتاب سهل مبسط نافع .

ثالثاً :

وأما تطبيق العقيدة في هذا الواقع ، فيكون بتعلمها ، ونشرها ، والدعوة إليها ، والرد على مخالفيها بالحكمة والموعظة الحسنة ، فبهذا تنتشر العقيدة ، وتظهر آثارها ، وينعم الناس في ظلالها.


رابعاً :

وأما طرق تعلم العقيدة ، فبالتلقي المباشر عن أهلها العالمين بها ، العاملين بمقتضاها ، وهذا هو الطريق الأسلم والأنفع ، لمن تيسر له ذلك . وأما من كان بعيدا عن أهل العلم فعليه الرجوع إلى شروحهم ومؤلفاتهم وأشرطتهم ، مع السؤال عما أشكل وغمض فهمه عليه .

خامساً :

إذا عمل الإنسان بعض شرائع الإسلام وترك البعض الآخر ، بأن ترك بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات ، كان ذلك نقصا في إيمانه ، وضعفا في يقينه ومحبته لربه ودينه ، وهذا خلل في العقيدة ولا شك .

ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وقد يكون هذا النقص والخلل مزيلاً للإيمان بالكلية ، فيصير صاحبه مرتداً عن الإسلام ، كما لو ترك الصلاة

وأما المعاصي التي لا تصل إلى حد الكفر ، كمنع الزكاة الواجبة ، أو إطلاق البصر المحرم ونحو ذلك فهذه ينقص بها الإيمان .

سادساً :

المسلمون بحاجة إلى من يوضح لهم العقيدة الصحيحة الصافية ، المبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وذلك لوجود الجهل ، وانتشار البدع والخرافات ، والمذاهب الفكرية المنحرفة .

فالواجب على كل مسلم أن ينصح لنفسه أولا بتعلم العقيدة الصحيحة ، وتلقيها من مصادرها المأمونة ، ثم نشرها وتعليمها للناس ، عن طريق الدروس والمحاضرات ، والكتب والنشرات والمجلات ، قياما بواجب البلاغ والبيان ، كما قال سبحانه : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) آل عمران/187 ، وقال : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104

وقال : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-16-2009, 04:36 PM
السؤال: 285


ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) ، وورد في حديث آخر : ( لا يذهب الليل والنهار حتى تُعْبد اللات والعزى ) ، وفي رواية : ( حتى تضطرب أليات نساء دوس عند ذي الخلصة )
والإشكال : أنه في الحديث الأول يفهم أن الشرك لا يقع في الجزيرة العربية والحديث الثاني يدل على أنه سيقع ؟.

الجواب:

الحمد لله

من الأمور المقررة عند أهل العلم أن الشرك واقع في هذه الأمة كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة ، والواقع يؤيد ذلك .

وقد ارتد أكثر العرب بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكثير منهم رجع إلى عبادة الأوثان .

وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبدون الأوثان ، ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك .

وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ... ) فللعلماء عليه أجوبة :

1- أن الشيطان قد أيس أن يجمع كل المصلين على الكفر .

واختار هذا القول العلامة ابن رجب الحنبلي . الدرر السنة (12/117)

2- أن هذا إخبار عما وقع في نفس الشيطان من اليأس لما رأى الفتوح ، ودخول الناس في دين الله أفواجاً ، فالحديث أخبر عن ظن الشيطان وتوقعه ، ثم كان الواقع بخلاف ذلك لحكمة يريدها الله عز وجل . واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . القول المفيد (1/211)

3- أن الشيطان أيس من المؤمنين كاملي الإيمان ، فلم يطمع فيهم الشيطان أن يعبدوه ، واختاره الألوسي . وانظر دعاوى المناوئين . (224)

4- أن ( أل ) في كلمة ( المصلون ) للعهد ، والمراد بهم الصحابة .

والأقوال كلها قريبة ، وأقربها الثاني ، والله أعلم .

انظر " أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين " (2/232-238) .

ahmedaboali
03-16-2009, 04:37 PM
السؤال: 286


ما حكم تدريس القوانين الوضعية ؟ وما حكم أخذ الراتب على ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

" تدريس القوانين الوضعية أو دراستها لتبيين زيفها ، وتمييز حقها من باطلها ، ولتوضيح سمو الشريعة الإسلامية وكمالها وشمولها لكل ما يصلح به حال العباد في عباداتهم ومعاملاتهم جائز ، وقد يجب إذا دعت إليه الحاجة ، إحقاقا للحق ، وإبطالا للباطل ، وتنبيها للأمة ، وتوعية لها حتى تعتصم بدينها ، ولا تنخدع بشبه المنحرفين ، ومن يروج لتحكيم القوانين ، ومثل هذا العمل يجوز أخذ الأجر عليه .

أما تدريس القوانين الوضعية رغبة فيها ، وترويجا لها ، ومضاهاة لها بالتشريع الإسلامي ، أو مناوأة له فهذا محادة لله ولرسوله ، وكفر صراح ، وحيدة عن سواء السبيل ، فأخذ الأجر عليه سحت وشر على شر ، نسأل الله العافية ونعوذ به من الخذلان .

وبالله التوفيق .

من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23/497).

ahmedaboali
03-16-2009, 04:37 PM
السؤال: 287


لماذا يصر المسلون على إنكار أن المسيح قد جاء مخلصا لفدائنا ؟.

الجواب:

الحمد لله

تعد عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة . يقول الكاردينال الإنجليزي منينغ في كتابه : " كهنوت الأبدية " : ( لا تخفى أهمية هذا البحث الموجب للحيرة ، فإنه إذا لم تكن وفاة المسيح صلباً حقيقية ، فحينئذ يكون بناء عقيدة الكنيسة قد هدم من الأساس ، لأنه إذا لم يمت المسيح على الصليب ، لا توجد الذبيحة ، ولا النجاة ، ولا التثليث . . فبولس والحواريون وجميع الكنائس كلهم يدعون هذا ، أي أنه إذا لم يمت المسيح لا تكون قيامة أيضاً ) .

وهذا ما يقرره بولس :{ وإن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل كرازتنا ، وباطل أيضاً إيمانكم } [ كورنثوس 1/14-15] .

وعلى نحو ما تخبطوا في قولهم بالتثليث ، وما مفهومه ، وكيف يوفقون بينه وبين التوحيد الذي يقرره العهد القديم ، [ راجع السؤال رقم 12628 ] ، وعلى نحو تخبطهم أيضا في كل ما يتعلق بالصلب من تفصيلات ، وهو أصل قولهم بالفداء الذي يعتبرونه علة لهذا الصلب ، [ راجع أيضا سؤال رقم 12615 ] ، نقول : على نحو هذا الخبط الملازم لكل من حاد عن نور الوحي المنزل من عند الله ، كان تخبطهم في عقيدة الفداء .

فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .

إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل ، وأنه خلال سني دعوته نهى تلاميذه عن دعوة غيرهم ، وعليه فالخلاص أيضاً يجب أن يكون خاصاً بهم ، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب{ (متى 15/22 - 26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟

وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع خطايانا ؟

إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18 .

وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .

فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .

وحين تكون هناك خطيئة ، سواء كانت مما اكتسبه العبد ، أو ورثه عن آدم ، أو من دونه من الآباء (؟!!) ، فلم لا يكون محو هذه الخطيئة بالتوبة ؟!

إن فرح أهل السماء بالتائب كفرح الراعي بخروفه الضائع إذا وجده ، والمرأة بدرهمها الضائع إذا عثرت عليه ، والأب بابنه الشارد إذا رجع :

{ هكذا يكون الفرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ، أكثر من الفرح بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة } [ لوقا 15/1-31 } .

ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر [ إشعيا 55/7 ]

إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛ فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ، أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 - 11 ] .

إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :

{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة إلى التوبة } [ متى 9/13 ]

و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .

هذا مع إيماننا بأن الله تعالى لو أمر بعض عباده بقتل أنفسهم توبة من خطاياهم ، لم يكن كثيرا عليهم ، ولم يكن منافيا لبره سبحانه ورحمته ، وقد أمر بذلك بني إسرائيل لما طلبوا أن يروا الله جهرة ، لكن حينئذ لا يقتل أحد عن أحد ، بل يقتل المرء عن إثم نفسه ، لا عن آثام غيره ، وقد كان ذلك من الإصر والأغلال التي وضعها الله عن هذه الأمة المرحومة .

ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص التي تحمل كل إنسان مسئولية عمله ؛ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) فصلت /46 وقال : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر/38 .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-16-2009, 04:38 PM
وهكذا في كتابكم المقدس :

{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]

{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله } [ متى 16/27 ]

وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : { ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ] .

ومثله قوله : { يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون في ملكوته جميع المعاثر ، وفاعلي الإثم ، ويطرحونهم في أتون النار } [ متى 13/41-42 ] .

فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة .

والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص بالمسيح أو غيره :

{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [ يوحنا 5/28-29] .

{ متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسي مجده . . . ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته } [ متى 25/31 - 42 ] .

ويقول المسيح لهم : { أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم }( متى 23/33 ) .

ويلاحظ أدولف هرنك أن رسائل التلاميذ خلت من معتقد الخلاص بالفداء ، بل إنها جعلت الخلاص بالأعمال كما جاء في رسالة يعقوب { ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد : إنّ له إيماناً ، ولكن ليس له أعمال ، هل يقدر الإيمان أن يخلصه ؟ الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته . . الإيمان بدون أعمال ميت } [ يعقوب 2/14 – 20 وانظر :1/22 , 1/27 ] .

ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ، فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35 ] . ومثل هذا كثير في أقوال المسيح والحواريين .

وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13 .

والعجب أن بولس نفسه الذي أعلن نقض الناموس وعدم فائدة الأعمال ، وأن الخلاص إنما يكون بالإيمان ، هو ذاته أكد على أهمية العمل الصالح في مناسبات أخرى منها قوله : { إن الذي يزرعه الإنسان ، إياه يحصد أيضاً . . . فلا تفشل في عمل الخير لأننا سنحصده في وقته{ ( غلاطية 6/7) .

ويقول : {كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه} (كورنثوس (1) 3/8) .

[ انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا المسيح على الصليب ]

وهكذا ، فليس أمامك حيال هذا التناقض إلا أن تلغي فهمك وعقلك ، وتعلل نفسك بالأماني الكاذبة ، على نحو ما فعلت في عقيدة التثليث والتوحيد ، وهو ما ينصحك به "ج . ر . ستوت" في كتابه "المسيحية الأصلية" : ( لا أجسر أن أ تناول الموضوع ، قبل أن أعترف بصراحة بأن الكثير منه سوف يبقى سرا خفيا . . . ، ويا للعجب كيف أن عقولنا الضعيفة لا تدركه تماما ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه ينقشع الحجاب ، وتُحل كل الألغاز ، وترى المسيح كما هو !!

. . فكيف يمكن أن يكون الله حل في المسيح ، بينما يجعل المسيح خطية لأجلنا ، هذا ما لا أستطيع أن أجيب عنه ، ولكن الرسول عينه يضع هاتين الحقيقتين جنبا إلى جنب ، وأنا أقبل الفكرة تماما ، كما قبلت أن يسوع الناصري هو إنسان وإله في شخص واحد . . . وإن كنا لا نستطيع أن نحل هذا التناقض ، أو نفك رموز هذا السر ، فينبغي أن نقبل الحق كما أعلنه المسيح وتلاميذه ، بأنه احتمل خطايانا )

[ المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، نقلا عن د . سعود الخلف : اليهودية والنصرانية ص 238 ] .

ونعم ، سوف نرى نحن وأنتم المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وفي هذا اليوم الذي ينقشع فيه الحجاب يتبرأ ممن اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك لغز ولا أسرار :

( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) ) سورة المائدة .

فهل من وقفة قبل فوات الأوان ، وعودة إلى كلمة سواء ، لا لغز فيها ولا حجاب :

( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .

والله اعلم .

ahmedaboali
03-16-2009, 04:39 PM
السؤال: 288


لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين ، كلما سنحت لهم الفرصة ، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة ، أو التشكيك في مسلماتها ، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية ، فما واجبنا نحو هؤلاء ، وكيف نصون الأمة عن شرهم ؟.


الجواب:

الحمد لله

لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين ، ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة ، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين ، وأطلعوا رؤوس فتنتهم .

ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما قال الله تعالى في أمثالهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 .

ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم ، والحث على الغلظة عليهم .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية ، وفيهم من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً :

( لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات ، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين ، والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين ، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين ؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح .

وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك ، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ، وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب ، ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب ؛ فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم ، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين ، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله ، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله ، فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد قال الله تعالى لنبيه

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) التوبة/73 ، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين . والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم ، كما قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) آل عمران/110 .

قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [ البخاري 4557 بنحوه ] .

فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد ، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة ، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره ) .

[ مجموع الفتاوى 35/159-160] .

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :

( الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه ، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم عليه بالأدلة النظرية العقلية ، إضافة إلى الأدلة الشرعية ، حتى يتبين بطلان ما هم عليه .

والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا ، بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام ، والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة ، يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة ، ولهذا قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) التوبة/73 .

ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار ، لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان ، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام ) .

[ فتاوى علماء البلد الحرام ص 1733 ].

ahmedaboali
03-16-2009, 04:39 PM
السؤال: 289


هل رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الله تعالى مباشرة في اليوم الذي رأى فيه الجنة والنار .. الخ؟
وإذا كان الجواب بنعم ، فأنا أرجو أن ترسل إلي بدليل ذلك من الكتاب السنة.

الجواب:

الحمد لله

ذهب أغلب الصحابة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الله عز وجل بعينه ليلة المعراج

فقد ثبت عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ... ) رواه البخاري( التوحيد/6832)

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ نُورٌ أَنَّى أراه رواه مسلم ( الإيمان/261)

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى قَالَ رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ رواه مسلم (الإيمان/258) ،

قال ابن القيم : وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج ، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك ، وشيخنا يقول ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال إنه رآه عز وجل ولم يقل بعيني رأسه ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله في الحديث الآخر حجابه النور فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه رأيت نورا .

اجتماع الجيوش الإسلامية ج: 1 ص: 12

وقال شيخ الإسلام رحمه الله : فصل وأما الرؤية فالذى ثبت فى الصحيح عن ابن عباس انه قال راى محمد ربه بفؤاده مرتين ، وعائشة أنكرت الرؤية . فمن الناس من جمع بينهما فقال عائشة أنكرت رؤية العين وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد ، والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هى مطلقة أو مقيدة بالفؤاد ، تارة يقول راى محمد ربه ، وتارة يقول رآه محمد ، ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه . وكذلك الامام أحمد تارة يطلق الرؤية وتارة يقول رآه بفؤاده ولم يقل أحد أنه سمع أحمد يقول رآه بعينه ، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين ، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين وليس فى الادلة ما يقتضى أنه رآه بعينه ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة ولا فى الكتاب والسنة ما يدل على ذلك بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل كما فى صحيح مسلم عن أبى ذر قال سألت رسول الله هل رأيت ربك فقال نور أنى أراه . وقد قال تعالى : ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا ) ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى ، وكذلك قوله : أفتمارونه على ما يرى لقد رأى من آيات ربه الكبرى . ولو كان رآه بعينه لكان ذِكْرُ ذلك أولى .

قال : وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الامة انه لا يرى الله أحد فى الدنيا بعينه الا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا محمد خاصة واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس والقمر . أهـ والله أعلم

مجموع الفتاوى ج: 6 ص: 509-510

ahmedaboali
03-16-2009, 04:40 PM
السؤال: 290


ما هي الأعمال التي إذا عملها المسلم يكون مرتداً عن الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :

اعلم أيها المسلم أن الله *****سبحانه***** أوجب على جميع العباد الدخول في الإسـلام والتمسك به والحـذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك ، وأخبر عزّ وجلّ أن من اتبعه فقد اهتدى ، ومن أعرض عنه فقد ضل ، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر ، وذكر العلماء *****رحمهم الله***** في باب حكم المرتد ، أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ، ويكون بها خارجاً عن الإسلام ، ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم *****رحمهم الله جميعاً***** ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز ، لتَحْذَرَها وتُحَذِّر منها غيرك ، رجاء السلامة والعافية منها ، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها :

الأول :

الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يٌشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء / 116 ، وقال تعالى http://www.al-jar7.com/images/smilies/frown.gif إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة / 72 ، ومن ذلك دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر .

الثاني :

من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم الشفاعة ، ويتوكل عليهم ، فقد كفر إجماعاً .

الثالث :

من لم يُكَفِّر المشركين ، أو شَكَّ في كفرهم ، أو صحّح مذهبهم كفر .

الرابع :

من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر .

الخامس :

من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ، لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 .

السادس :

من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه ، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة / 65 و 66 .

السابع :

السحر ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة / 102 .

الثامن :

مظاهـرة المشـركين ومعاونتهـم على المسـلمين، والدليـل قولـه تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة / 51 .

التاسع :

من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر ؛ لقوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران / 85

العاشر :

الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به ؛ والدليل قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن ذٌكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) السجدة / 22 .

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه ، نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله .

ويدخل في القسم الرابع : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس ، أفضل من شريعة الإسلام ، أو أنها مساوية لها ، أو أنه يجوز التحاكم إليها ، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل ، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين ، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين ، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى .

ويدخل في القسم الرابع : أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله بقطع يد السارق ، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر.

ويدخل في ذلك *****أيضاً *****: كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات ، أو الحدود ، أو غيرهما ، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة ، لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرم الله إجماعاً وكل من استباح ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كالزنى والخمر والربا ، والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين .

ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه ، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:30 AM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 411


هل تقبل توبة الساحر عند الله - لأنني سمعت عن ساحرة استفتت الصحابة عن التوبة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يفتها أحد - ؟ وماذا قالوا لها ؟ وهل ينفعها إيمانها عند الله ؟ ولماذا يفتي العلماء بقبول توبة الساحر في هذه الحال ؟.

الجواب:

الحمد لله

تعلم السحر والعمل به كفر ، قال تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) البقرة/102 ، والساحر قد يأتي بما يوجب ردَّته فيكفر فيقتل ردةً ، وقد يسحر من غير أن يأتي بمكفِّر ، وهذا قد وقع فيه خلاف بين العلماء ، والصحيح من أقوالهم : أنه يقتل أيضاً إذا ثبت أنه ساحر ، وهو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم وأمروا به ، وإذا قُتل لم يغسَّل ولم يكفَّن ولم يُدفن في مقابر المسلمين .

ولا ينبغي التوقف في قتل الساحر سواء قلنا بكفره أم لم نقل ، لأن هذا هو الثابت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي قتله منع من الإفساد وردع لغيره من إخوانه السحرة .

فإذا تاب الساحر بينه وبين الله توبة صادقة : فإن الله تعالى يقبل منه ، وهذا فيما بينه وبين ربه قبل أن يصل أمره للقضاء ، فإذا وصل أمره للقضاء الشرعي فينبغي على القاضي قتله من غير استتابة ؛ تخليصاً للمجتمع من شره ، ولا يجوز لآحاد الناس أن يقيم الحد بنفسه ، بل الأمر مرجعه لولي الأمر .

وهذه طائفة من فتاوى العلماء في ذلك :

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" إذا تاب الساحر توبة صادقة فيما بينه وبين الله : نفعه ذلك عند الله ، فالله يقبل التوبة من المشركين وغيرهم ، كما قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى/25 ، وقال جل وعلا : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .

لكن في الدنيا لا تقبل ، الصحيح : أنه يقتل ، فإذا ثبت عند حاكم المحكمة أنه ساحر يقتل ، ولو قال : إنه تائب ، فالتوبة فيما بينه وبين الله صحيحة , إن كان صادقا تنفعه عند الله ، أما في الحكم الشرعي فيقتل ، كما أمر عمر بقتل السحرة ؛ لأن شرهم عظيم ، قد يقولون : تبنا ، وهم يكذبون ، يضرون الناس ، فلا يسلم من شرهم بتوبتهم التي أظهروها ولكن يقتلون ، وتوبتهم إن كانوا صادقين تنفعهم عند الله " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 111 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-17-2009, 04:30 AM
2. وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً – (8/69) :

" والصحيح عند أهل العلم : أن الساحر يقتل بغير استتابة ؛ لعظم شره وفساده ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستتاب ، وأنهم كالكفرة الآخرين يستتابون ، ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم : أنه لا يستتاب ؛ لأن شره عظيم ، ولأنه يخفي شره ، ويخفي كفره ، فقد يدعي أنه تائب وهو يكذب ، فيضر الناس ضرراً عظيماً ، فلهذا ذهب المحققون من أهل العلم إلى أن من عرف وثبت سحره يقتل ولو زعم أنه تائب ونادم ، فلا يصدق في قوله .

ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن يقتلوا كل من وجدوا من السحرة ، حتى يتقي شرهم ، قال أبو عثمان النهدي : ( فقتلنا ثلاث سواحر ) ، هكذا جاء في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة – [رواه أبو داود بإسناد صحيح وأصله في "البخاري"] - ، وهكذا صح عن حفصة أنها قتلت جارية لها ، لما علمت أنها تسحر قتلتها ، وهكذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه الصحابي الجليل لما رأى ساحراً يلعب برأسه - يقطع رأسه ويعيده ، يخيِّل على الناس بذلك - أتاه من جهة لا يعلمها فقتله ، وقال : ( أعد رأسك إن كنت صادقاً ) .

والمقصود : أن السحرة شرهم عظيم ، ولهذا يجب أن يقتلوا ، فولي الأمر إذا عرف أنهم سحرة ، وثبت لديه ذلك بالبينة الشرعية : وجب عليه قتلهم ؛ صيانة للمجتمع من شرهم وفسادهم " انتهى .

3. وقال الشيخ – أيضاً – (8/111) :

" إذا قُتل لا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، يدفن في مقابر الكفرة ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يكفن ، ونسأل الله العافية " انتهى .

4. وقال – أيضاً - :

" وحكم الساحر الذي يعلم منه أنه يخيل على الناس ، أو يترتب على عمله مضرة على الناس ، من سحر العيون ، والتزوير عليها ، أو تحبيب الرجل إلى امرأته والمرأة إلى زوجها ، أو ضد ذلك مما يضر الناس ، متى ثبت ذلك بالبينة لدى المحاكم الشرعية وجب قتل هذا الساحر ، ولا يقبل منه توبة ولو تاب . . .

وقد سبق ما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه أمر عماله - أعني : أمراءه - بقتل السحرة ، لمنع فسادهم في الأرض ، وإيذائهم للمسلمين وإدخالهم الضرر على الناس ، فمتى عرفوا وجب على ولاة أمر المسلمين قتلهم ، ولو قالوا : تبنا ؛ لأنهم لا يؤمَنون ، لكن إن كانوا صادقين في التوبة نفعهم ذلك عند الله عز وجل ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 . . .

أما من جاء إلى ولاة الأمور من غير أن يقبض عليه يخبر عن توبته ، وأنه كان فعل كذا فيما مضى من الزمان وتاب إلى الله سبحانه وظهر منه الخير فهذا تقبل توبته ؛ لأنه جاء مختاراً طالباً للخير معلناً توبته من غير أن يقبض عليه أحد أو يدعي عليه أحد ، والمقصود : أنه إذا جاء على صورة ليس فيها حيلة ولا مكر فإن مثل هذا تقبل توبته ؛ لأنه جاء تائباً نادماً ، كغيره من الكفرة ممن يكون له سلف سيئ ثم يمن الله عليه بالتوبة من غير إكراه ولا دعوى عليه من أحد " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 81 ، 82 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-17-2009, 04:31 AM
5. وقال علماء اللجنة الدائمة :

" إذا أتى الساحر في سحره بمكفِّر : قتل لردته حدّاً ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفسا معصومة : قتل قصاصاً ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ولم يقتل نفساً : ففي قتله بسحره خلاف ، والصحيح : أنه يقتل حدّاً لردته ، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله ؛ لكفره بسحره مطلقا لدلالة آية : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) على كفر الساحر مطلقاً ؛ ولما ثبت في " صحيح البخاري " عن بجالة بن عبدة أنه قال : ( كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، فقتلنا ثلاث سواحر ) ، ولما صح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ( أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ، فقتلت ) رواه مالك في " الموطأ " ؛ ولما ثبت عن جندب أنه قال : ( حد الساحر ضربة بالسيف ) رواه الترمذي وقال : الصحيح أنه موقوف .

وعلى هذا فحكم الساحر المسئول عنه في الاستفتاء أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء ، والذي يتولى إثبات السحر وتلك العقوبة هو الحاكم المتولي شئون المسلمين ؛ درءا للمفسدة وسدا لباب الفوضى " انتهى .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 551 – 553 ) .

6. وقال الشيخ ابن عثيمين :

" وهذا القتل هل هو حدٌّ أم قتله لكفره ؟

يحتمل هذا وهذا ، بناء على التفصيل السابق في كفر الساحر ، ولكن بناء على ما سبق من التفصيل نقول : من خرج به السحر إلى الكفر فقتله قتل ردة ، ومن لم يخرج به السحر إلى الكفر من باب دفع الصائل يجب تنفيذه حيث رآه الإمام .

والحاصل : أنه يجب أن تقتل السحرة ، سواء قلنا بكفرهم أم لم نقل ؛ لأنهم يمرضون ، ويقتلون ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك بالعكس ؛ فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ، ويتوصلون إلى أغراضهم ؛ فإن بعضهم قد يسحر أحدا ليعطفه إليه وينال مأربه منه ، كما لو سحر امرأة ليبغي بها ، ولأنهم كانوا يسعون في الأرض فساداً ؛ فكان واجباً على وليِّ الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم ؛ فإن الحدَّ لا يستتاب صاحبه ، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 9 / 508 ، 509 ) وهو شرح لكتاب " التوحيد " .

7. وقال الشيخ ابن عثيمين – أيضاً - :

" والقول بقتلهم ( يعني : السحرة ) موافق للقواعد الشرعية ؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً ، وفسادهم من أعظم الفساد ، فقتلهم واجب على الإمام ، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم ؛ لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم ، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 9 / 509 ) وهو شرح لكتاب " التوحيد " .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:31 AM
السؤال: 412


هل يستطيع الجن أن يؤثر على الجنين في بطن أمه من حيث إجهاضه أو تشويهه ؟ .

الجواب:

الحمد لله

يجب أن تعلمي أن الله تعالى هو الذي يخلق الجنين في بطن أمه ، قال تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) الزمر/6 ، وهو الذي يصوره كيف يشاء ، قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/6 ، وهو الذي يقدر زمن بقائه فيه وخروجه منه ، قال تعالى : ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) الرعد/8 .

قال الشيخ الشنقيطي – بعد ذِكر الأقوال في تفسير الآية - :

" مرجع هذه الأقوال كلها إلى شيء واحد ، وهو أنه تعالى عالم بما تنقصه الأرحام وما تزيده ؛ لأن معنى " تغيض " : تنقص ، و " تزداد " أي : تأخذه زائداً ، فيشمل النقص المذكور : نقص العدد ، ونقص العضو من الجنين ، ونقص جسمه إذا حاضت عليه فتقلص ، ونقص مدة الحمل بأن تسقطه قبل أمد حمله المعتاد ، كما أن الازياد يشمل زيادة العضو ، وزيادة العدد ، وزيادة جسم الجنين إن لم تحض وهي حامل ، وزيادة أمد الحمل عن القدر المعتاد ، والله جل وعلا يعلم ذلك كله ، والآية تشمله كله " انتهى .

" أضواء البيان " ( 3 / 73 ) .

وبه تعلمي أن وجود ما يسمى " التابع " أو " التبيعة " في بطن الأم وأنه يسبب إجهاض أو تشويه الجنين أمرٌ لا صحة له ، وهو من خرافات العامة وأساطيرهم .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

كنت قد تزوجت في الثامن من ذي الحجة 1403هـ والتي تزوجتها ابنة خالتي ، وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك 1405هـ رزقني الله بمولود سميته : " موسى " وفي شهر شعبان 1406هـ أسقطت زوجتي جنينا بعد شهره الثالث .

وفي ربيع الأول 1407هـ توفَّى الله ولدي " موسى " ، وكما قلت لكم : إن زوجتي ابنة خالتي ، وبعد وفاة ابني موسى جاءتني خالتي - والتي هي أم زوجتي - وقالت لي : إنها ذهبت إلى رجل عالم بالكتاب ، وقالت : إن هذا الرجل قال لها : إن مع زوجتي تابعة - أو تبيعة - من الجن تقتل أولادها حسداً وحقداً من عندها ، وأن هذا الرجل يمكنه أن يقطع دابر تلك التبيعة أو التابعة من الجن .

فرفضت ذلك ، وفي ثالث يوم من شهر شعبان الماضي 1407هـ رزقني الله بطفلة سميتها " مستورة " ولكن توفاها الله ثاني يوم ولادتها ، فجاءتني خالتي وقالت لي : أما قلت لك : تذهب إلى ذلك الرجل وتنتهي من ذلك الموضوع ، وأصرت أن نذهب إليه وكذلك أصر معها والدي على أن نذهب إلى ذلك الرجل الذي يقوم بإنهاء تلك التابعة أو التبيعة ، فطلبت منهم مهلة عسى الله سبحانه وتعالى أن يلهمني ، والحمد لله الذي هداني إلى أن أقوم بكتابة هذه الرسالة إليكم راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم في إفتائنا في هذا الموضوع ، علما بأن هذا الموضوع يسبب لي أرقاً دائماً .

فأجابوا :

" لقد أحسنتَ بامتناعك من الذهاب مع خالتك - أم زوجتك - إلى الرجل الذي يدعي علم الكتاب ؛ لأنه كاهن ، وأحسنت أيضا بسؤالك أهل العلم للتحقق من الصواب ، وعليك أن ترقي نفسك وزوجتك ومن ترزق من الأولاد بالرقية الشرعية ، فتقرأ على كل منهم فاتحة الكتاب والمعوذات الثلاث : " قل هو الله أحد " ، وسورة " الفلق " ، وسورة " الناس " تكرر المعوذات ( ثلاث مرات ) وتنفث عقب كل مرة في كفيك وتمسح بهما الوجه وما أقبل من البدن ، وتدعو بهذا الدعاء : " أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة " ، وننصحك بشراء كتاب " الأذكار النووية " للإمام النووي ، وكتاب " الكلم الطيب " لابن تيمية ، وكتاب " الوابل الصيب " لابن القيم ، فإن فيها كثيراً من الأذكار النافعة والرقى الشرعية " انتهى .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 619 ، 620 ) .

وسئلوا أيضاً :

بعض الناس الذين لم يأت لهم أولاد يرشدهم بعض الناس إلى شراء تيس مثلا ، ويقول : لون التيس كذا ، كأن يقول : أسود – مثلاً - ، ويقول : اربطه في البيت عندك لمدة كذا ، ويقولون : السبب في عدم وجود أولاد هي جنية يسمونها بـ : التابعة ، فيزعمون أنه عند حالة وجود التيس في البيت يمنعها من دخول البيت وعند ذلك يحصل الحمل ، فما حكم هذا ؟

فأجابوا :

" لا يجوز ذلك وهو نوع من الكهانة ، ولا أساس لصحة ما ذكر ، بل هو كذب وافتراء " انتهى .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 584 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:32 AM
السؤال: 413


هل الحديث بخصوص تعرض النبي صلى الله عليه وسلم للسحر صحيح ؟ فقد سمعت الكثير حول الموضوع .

الجواب:

الحمد لله

حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث ، وتلقاه أهل السنَّة بالقبول والرضا ، ولم يُنكره إلا المبتدعة ، وفيما يلي نص الحديث ، وتخريجه ، ومعناه ، ورد العلماء على من أنكره .

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا , وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ : فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ : نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ ) رواه البخاري (3268) ومسلم (2189) .

مطبوب : مسحور .

(مُشط) : آلة تسريح الشعر .

(مشاقة) أو (مشاطة) : ما يسقط من الشعر .

(وجف طلع نخلة ذَكَر) : هو الغشاء الذي يكون على الطلع ، ويطلق على الذكر والأنثى , فلهذا قيده بالذَّكَر .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها , قالوا : وكل ما أدَّى إلى ذلك فهو باطل , وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثَمَّ ( هناك ) , وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء , قال المازري : وهذا كله مردود ؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ , والمعجزات شاهدات بتصديقه , فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل ، وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض , فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين .

قال : وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن , وهذا كثيراً ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .

قلت – أي : ابن حجر - : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة عند البخاري ، ولفظه : ( حتى كان يرى ( أي : يظن ) أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ) وفي رواية الحميدي : ( أنه يأتي أهله ولا يأتيهم ) .

قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده ... .

وقال المهلب : صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده , ففي الصحيح أن شيطاناً أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه , فكذلك السحر ، ما ناله من ضرره لا يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ , بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام , أو عجز عن بعض الفعل , أو حدوث تخيل لا يستمر , بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين " انتهى .

"فتح الباري" (10/226، 227) باختصار .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به :

قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ، وظنُّوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سُحِر رسول الله حتى إن كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر ) قال القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا يُنكر ، ولا يَقدح في نبوته .

وأما كونه يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله : فليس في هذا ما يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه ؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها ، ولا فُضِّل من أجلها ، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان " انتهى .

"زاد المعاد" (4/124) .

وبعد ، فقد تبيَّن صحة الحديث ، وعدم تنقصه من منصب النبوة ، والله سبحانه وتعالى يعصم نبيَّه صلى الله عليه وسلم قبل السحر وأثناءه وبعده ، ولا يعدو سحره عن كونه متعلقاً بظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي أهله وهو لم يفعل ، وهو في أمرٍ دنيوي بحت ، ولا علاقة لسحره بتبليغ الرسالة البتة ، وفيما سبق من كلام أهل العلم كفاية ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى "فتح الباري" و "زاد المعاد" .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:33 AM
السؤال: 414


بعد الكثير من التفكير بدأت أفكر بشخصية الشيطان ، إذا كان يعلم بأن مصيره جهنم فلماذا يجتهد في فعل الشر ؟ الشيطان يوسوس للإنس ليفعوا الشر ولكن من يوسوس للشيطان ليفعل الشر ؟ ولماذا ؟ ألا يعلم بأنه سيكون وقوداً للنار ؟ هل هو يكره الإنس ؟ أليس له الخيار في المعصية والإحسان ؟.

الجواب:

الحمد لله

إبليس وغيره من الجن والإنس لهم مشيئة واختيار ، في فعل الطاعة أو المعصية ، كما قال سبحانه : ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر ) الكهف / 29 ، وقال : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) الإنسان/3 .

وقد أمر الله تعالى إبليس بالسجود لآدم ، فأبى واستكبر وكان من الكافرين . فطرده الله من رحمته ، وجعل عليه لعنته إلى يوم الدين.

قال الله عز وجل :

( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة / 34

وقال : ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ . قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) الحجر / 30-35 .

وهنا طلب إبليس النظرة والتأخير إلى يوم البعث ، فأعطاه الله ذلك .

قال سبحانه :

( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ . إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) الحجر /36-38 . فلما أيقن إبليس أنه من الهالكين ، مع استكباره وكفره بربه ، عزم على إغواء من استطاع من عباد الله ، ليكونوا شركاءه في الجحيم .

( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) الحجر / 39 ، 40

فهو حريص على إلإغواء والإفساد ، ليكثر أتباعه وعبّاده من الهالكين الذين يصلون مصيره .

فإبليس يعلم أن مصيره إلى النار ، ويطمع أن يأخذ الجميع معه إلى جهنم حسدا وبغيا ، وكفرا وعنادا.

وهو يكره الإنس الذين هم ذرية آدم عليه السلام ، ويعاديهم لأنه لُعِن وطُرد من رحمة الله بسبب رفضه السجود لأبيهم آدم ، ولهذا حَذَّر الله تعالى عباده منه فقال :

( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) فاطر / 6 .

وإبليس لا يحتاج إلى من يوسوس له ، فهو رأس الشر كله .

والمؤمن ينجو من كيده وشره ، بطاعته لربه ، واستقامته على دينه ، فإن الشيطان ليس له سلطان على الذين آمنوا ، كما قال سبحانه : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل / 98-100 والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:33 AM
السؤال: 415


كيف يمكن معرفة السحرة والدجالين , والذين يعالجون بالقرآن هل يجوز أن يستعينوا بالجن المسلم, وإذا من الممكن إرسال لي بعض الأدعية المؤكدة عن الرسول الكريم لمن أصابته فاقة أو تعسرت علية معيشته , وهل يمكن أن تخبروني عن سحر الفقر وكيف يمكن اجتنابه والتخلص منه ؟.

الجواب:

الحمد لله

الساحر والدجال يعرف بعدّة أمور ، من أهمها : دعوى معرفة الغيب ، ولو لم يصرح بذلك ، ولكنك تجده يخبر بأمور من الغيب قد تكون جميعها كذب ودجل وقد يصدق في بعضها ويكذب في أكثرها ، ولكن يروج ذلك الكذب بسبب القليل من الصدق . وكذلك عدم الاستقامة ، فلا تجدهما حريصين على الطاعة ، فهم ينكشفون خاصة في الكذب ، والأمور التي تتعلق بالنساء ، إذ كثيرا ما يفتضحون بارتكابهم المحرمات مع النساء كالخلوة ، ولمس المرأة بحجة العلاج .

الشيخ سعد الحميد .

ومن علامات العرافين والسحرة والكهان أنهم يسألون عن اسم أم الشخص المتقدم إليهم ، ويكثر لديهم استعمال البخور والمواد الغريبة ، وقد يكتبون القرآن بالنجاسات ودم الحائض ، ويطلبون من الشخص الذبح لغير الله ، ويستعملون الخواتم الكبار ، وقد لا يغتسلون من جنابة ويتمتمون بالكلمات الغريبة الخفية ، ويستعملون الرموز والطلاسم ، وقد يتظاهرون بقراءة القرآن في أول الأمر مخادعة للشخص الذي يأتيهم ، نسأل الله أن يقينا كيدهم فهو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:34 AM
السؤال: 416


ما هي العين ؟ قرأت هذا المصطلح كثيراً في هذا الموقع ، أرجو التوضيح .

الجواب:

الحمد لله

هذه بعض المسائل والفتاوى المتعلقة بالعين ، ونسأل الله تعالى أن ينفع بها .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

ما حقيقة العين - النضل - قال تعالى : { ومن شر حاسد إذا حسد } ؟ وهل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح والذي ما معناه قوله : " ثلث ما في القبور من العين " ؟ ، وإذا شك الإنسان في حسد أحدهم فماذا يجب على المسلم فعله وقوله ؟ وهل في أخذ غُسالة العائن للمعين ما يشفي ، وهل يشربه أو يغتسل به ؟

فأجابوا :

العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه ، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء ، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين ، وقد أمر الله نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد ، فقال تعالى : { ومن شر حاسد إذا حسد } ، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا ، فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن ، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح ( أي : تام السلاح ) لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها .

(من " زاد المعاد " بتصرف) .

وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين ، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ، وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1251 ) .

وأخرج الإمام أحمد والترمذي ( 2059 ) وصححه ، عن أسماء بنت عميس أنها قالت : يا رسول الله ، إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفنسترقي لهم ؟ ، قال : نعم ، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وأخرج الإمام أحمد ( 15550 ) ومالك ( 1811 ) والنسائي وابن حبان وصححه الألباني في المشكاة ( 4562 ) عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه ، قال : هل تتهمون فيه من أحد ؟ ، قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه ، وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت ، ثم قال له : اغتسل له ، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .

( جلد مخبأة ) أي جلد عذارء

( لبط ) أي صُرع وسقط .

( داخلة إزاره ) أي الجزء الملامس للبدن من الإزار

فالجمهور من العلماء على إثبات الإصابة بالعين ؛ للأحاديث المذكورة وغيرها ، ولما هو مشاهد وواقع .

وأما الحديث الذي ذكرته " ثلث ما في القبور من العين " : فلا نعلم صحته ، ولكن ذكر صاحب " نيل الأوطار " أن البزار أخرج بسند حسن عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس – يعني : بالعين – " .

ويجب على المسلم أن يحصن نفسه من الشياطين من مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله واعتماده وتوكله عليه ولجئه وضراعته إليه ، والتعوذات النبوية وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي ، ومن التعوذات : " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " و " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " ، وقوله تعالى { حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم } ونحو ذلك من الأدعية الشرعية ، وهذا هو معنى كلام ابن القيم المذكور في أول الجواب .

وإذا علم أن إنسانا أصابه بعينه أو شك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه فيحضر له إناء به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله .

" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 1 / 186 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-17-2009, 04:35 AM
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين :

هل العين تصيب الإنسان ؟ وكيف تعالج ؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل ؟ .

فأجاب بقوله :

رأينا في العين أنها حق ثابت شرعاً وحسّاً ، قال الله – تعالى - : { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم } القلم / 51 ، قال ابن عباس وغيره في تفسيرها : أي يعينوك بأبصارهم ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " رواه مسلم ، ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل ... – وساق الحديث - .

والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره .

وفي حالة وقوعها تستعمل العلاجات الشرعية وهي :

1- القراءة : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلا من عين أو حمة " الترمذي 2057 و أبو داود 3884 ، وقد كان جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد ، الله يشفيك ، باسم الله أرقيك " .

2- الاستغسال : كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب .

أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه فليس له أصل ، وكذلك الأخذ من أثره ، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه ، والله أعلم .

والتحرز من العين مقدماً لا بأس به ، ولا ينافي التوكل بل هو التوكل ؛ لأن التوكل الاعتماد على الله –سبحانه – مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: " أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " الترمذي ( 2060 ) وأبو داود ( 4737 ) ويقول : " هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " ، رواه البخاري ( 3371 ) .

" فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / 117 ، 118 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:35 AM
السؤال: 417


أواجه مشاكل مع الجن. كنت ألاحظ الجن يظهر في أحوال مختلفة طوال أيام حياتي. ولم يحدث أن تضايقت منهم إلا في الآونة الأخيرة. لقد رأيت جنيا في أول أيام انتقالنا إلى شقتنا. وكان يحدث ذلك بين لحظة وأخرى حيث كنت أنتبه إلى أمور من هذا الجني أو حتى الجن (بالجمع) مثل أن الأبواب تفتح من تلقاء نفسها، وكنت أراهم، وأسمعهم ... الخ. لكن يبدو أن الأمور بدأت تتغير بشكل كبير. حيث بدأت بعض الأعمال تتكرر بشكل يومي، وهذه الأمور تجعلني غير مرتاحة في بيتي لدرجة أني أصبحت لا أرغب في العيش في بيتي هذا بعد الآن. الجني (أو الجن) يفتح الأبواب، يصرخ باسمي فأستيقظ من نومي مرتاعة، يطرق على بعض الأغراض، يظهر على صورة قط، يعبث بجهازي الكمبيوتر والهاتف، أنا أرى ظله .. إلى غير ذلك. الأمر غريب جدا. أنا لست متأكدة حقا كيف أتصرف في مواجهة هذه المشاكل. أنا آمل أن انتقالي من هذا البيت سينهي المشكلة. لكن في الوقت الراهن، فقد حاولت قراءة سور البقرة والإخلاص والفلق والناس، وأيضا فأنا أشغل أشرطة قراءة القرآن في بيتي. إن تلك الأعمال تتوقف بمجرد أن أقوم بما ذكرت آنفا، وإذا توقفت عن القراءة فإن الجن يظهر من جديد ويعلمني بحضوره بطريقة ما (في أغلب الأوقات). أحيانا، يقفل جهاز تشغيل أشرطة الكاسيت ويعاد تشغيل جهاز الكمبيوتر في أثناء القراءة ... وقد وقع ذلك في مرارا. كما أن الجن يظهرون كثيرا لي في أحلامي. أنا لا أعرف كيف أتخلص من هذا الوضع، لكني سأقدر لك كثيرا جوابك أو نصحك لي في هذا الخصوص، وأرجو أن يكون ذلك سريعا.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

قول السائلة أنها رأت جنيّاً قولٌ خطأ ؛ لأن الجن يرى ولا يُرى من قبَل الناس .

قال الشافعي :

من زعم من أهل العدالة أنه يَرى الجن أبطلت شهادته لأن الله عز وجل يقول : { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } إلا أن يكون نبيّاً . " أحكام القرآن " ( 2 / 195 ، 196 ) .

وقال ابن حزم :

وأن الجن حق ، وهم خلق من خلق الله عز وجل ، فيهم الكافر والمؤمن ، يروننا ولا نراهم ، يأكلون وينسلون ويموتون . قال الله تعالى : { يا معشر الجن والإنس } وقال تعالى : { والجان خلقناه من قبل من نار السموم } وقال تعالى حاكيا عنهم أنهم قالوا { وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } وقال تعالى : { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } وقال تعالى : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني } وقال تعالى : { كل من عليها فان } وقال تعالى : { كل نفس ذائقة الموت } … " المحلى " ( 1 / 34 / 35 ) .

ولهذا قد يكون ما رأته السائلة من الخيالات والتهيؤات ، أو أنه جنٌّ قد تشكَّل على غير هيئته التي خلقه الله عليها .

ثانياً :

وأما بالنسبة لأذية الجني للإنسي فهي ثابتة وواقعة ، وتكون الوقاية منه بالقرآن والأذكار الشرعيّة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

لا شك أن الجن لهم تأثير على الإنس بالأذية التي قد تصل إلى القتل ، وربما يؤذونه يرمي الحجارة ، وربما يروعون الإنسان ، إلى غير ذلك من الأشياء التي ثبتت بها السنَّة ودلَّ عليها الواقع ، فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذِن لبعض أصحابه أن يذهب إلى أهله في إحدى الغزوات - وأظنها غزوة الخندق - وكان شابّاً حديث عهدٍ بعُرس ، فلمَّا وصل إلى بيته وإذا امرأته على الباب ، فأنكر عليها ذلك ، فقالت له : ادخل فدخل فإذا حيَّة ملتوية على الفراش ، وكان معه رمح فوخزها بالرمح حتى ماتت ، وفي الحال - أي : الزمن الذي ماتت فيه الحيَّة - مات الرجل ، فلا يدرى أيهما أسبق موتاً الحية أم الرجل ، فلمَّا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجِنّان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطُّفيتين .

وهذا دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس ، وأنهم قد يؤذونهم ، كما أن الواقع شاهدٌ بذلك ، فإنه قد تواترت الأخبار واستفاضت بأن الإنسان قد يأتي إلى الخربة فيرمي بالحجارة وهو لا يرى أحداً من الإنس في هذه الخِربة ، وقد يسمع أصواتاً وقد يسمع حفيفاً كحفيف الأشجار وما أشبه ذلك مما يستوحش به ويتأذى به ، وكذلك أيضاً قد يدخل الجني إلى جسد الآدمي إما بعشق أو بقصد الإيذاء أو لسبب آخر من الأسباب ، ويشير إلى هذا قوله تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } .

وفي هذا النوع قد يتحدث الجني من باطن الإنسي نفسه ويخاطب من يقرأ عليه آيات من القرآن الكريم ، وربما يأخذ القارئ عليه عهداً أن لا يعود ، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي استفاضت بها الأخبار وانتشرت بين الناس .

وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنَّة مما يتحصن به منهم مثل آية الكرسي ، فإن آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ، والله الحافظ .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / 287 ، 288 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-17-2009, 04:36 AM
وقد جاء في السنَّة أذكار يعتصم بها الإنسان من الشياطين ومنها :

الاستعاذة بالله من الجن .

قال تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } ، وفي موضع آخر : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } .

عن سليمان بن صرد : أن رجلين استبَّا عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمرَّ وجه أحدهما فقال صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . رواه البخاري ( 3108 ) ومسلم ( 2610 ) .

2. قراءة المعوذتين .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما .

رواه الترمذي ( 2058 ) وقال : حسن غريب ، والنسائي ( 5494 ) وابن ماجه ( 3511 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الجامع " ( 4902 ) .

3. قراءة آية الكرسي .

عن أبي هريرة قال : وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت ، فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قلت : ما هي ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ هذه الآية : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . . . حتى ختم الآية فإنه لن يزال عليك حافظ من الله تعالى ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك الليلة ؟ قلت : يا رسول الله علَّمَني شيئاً زعم أن الله تعالى ينفعني به ، قال : وما هو؟ قال : أمرني أن أقرأ آية الكرسي إذا أويت إلى فراشي ، زعم أنه لا يقربني حتى أصبح ، ولا يزال عليَّ من الله تعالى حافظ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، ذاك الشيطان . رواه البخاري ( 3101 ) .

4. قراءة سورة البقرة .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، وإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة . رواه مسلم ( 780 ) .

5. خاتمة سورة البقرة .

عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه . رواه البخاري ( 4723 ) ومسلم ( 807 ) .

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقر بها شيطان . رواه الترمذي ( 2882 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1799 ) .

6. " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " مائة مرة .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتب له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حِرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك . رواه البخاري ( 31119 ) ومسلم ( 2691 ) .

7. كثرة ذكر الله عز وجل .

عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ... ، وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأَحْرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى . . . . الحديث .

رواه الترمذي ( 2863 ) وقال : حسن صحيح .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1724 ) .

الشُّرف : المكان المرتفع .

ورِق : فضة .

أحرز : حمى ومنع .

8. الآذان :

عن سهيل بن أبي صالح أنه قال : أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام لنا أو صاحب لنا ، فناداه مناد من حائط باسمه ، وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا ، فذكرت ذلك لأبي ، فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة ، فإني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ولَّى وله حُصاص " . رواه مسلم ( 389 ) .

حُصاص : ضُراط ، أو العَدو الشديد .

9. قراءة القرآن تعصم من الشياطين .

قال تعالى : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:36 AM
السؤال: 418


لدي زميلة توفيت جدتها مسحورة بعد 3 سنوات من السحر ، وقد حاولوا علاجها ولكن لم يفد ذلك ، وتسألني زميلتي هل موتها عادي أم أن هناك فضلاً أو أي شيء يميز الإنسان الذي يموت وهو مسحور؟.

الجواب:

الحمد لله

لم نقف على دليلٍ أو نقلٍ ـ بعد البحث ـ يدل على فضل من مات بالسحر ، إلا أن المسحور إن صبر على بلواه كان له أجر الصابرين ، وما أعظمه من أجر . قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 ، وقال : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/155- 157

وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي (2399) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وروى البخاري (5653) ومسلم (2576) عن عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي . قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) فَقَالَتْ : أَصْبِرُ . فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .

وليعلم أن السحر له حقيقة ، وقد يؤدي إلى مرض المسحور ، وربما أدى إلى قتله .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وأما السحر في الشرع ؛ فإنه ينقسم إلى قسمين :

الأول : عُقَدٌ وَرُقىً ؛ أي : قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور ، لكن قد قال الله تعالى : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/102 .

الثاني : أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله ؛ فتجده ينصرف ويميل ، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف .

فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى ، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء ، والصرف بالعكس من ذلك .

فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئا فشيئا حتى يهلك .

وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه .

وفي عقله ؛ فربما يصل إلى الجنون و العياذ بالله " انتهى من "شرح كتاب التوحيد" (2/5) .

هذا وقد ينال المسحور أجر الشهيد إذا أدى السحر إلى مرضه بداء البطن ، أو الطاعون ، أو ذات الجنب ، أو ماتت المرأة وهي في حال الولادة ، فقد روى أحمد (23804) وأبو داود (3111) والنسائي (1846) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ . وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ . وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ . وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ . وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ . وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ . وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.

قال في "عون المعبود" :

" ( المطعون ) هو الذي يموت بالطاعون ( والغرق شهيد ) إذا كان سفره طاعة ( وصاحب ذات الجنب ) وهي قرحة أو قروح تصيب الإنسان داخل جنبه ثم تفتح ويسكن الوجع وذلك وقت الهلاك ، ومن علاماتها الوجع تحت الأضلاع وضيق النفس مع ملازمة الحمى والسعال ( والمبطون ) من إسهال أو استسقاء أو وجع بطن ( وصاحب الحريق ) أي المحرق وهو الذي يموت بالحرق ( تحت الهدم ) أي حائط ونحوه .

( والمرأة تموت بجُمع ) قال الخطابي : معناه أن تموت وفي بطنها ولد " انتهى .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:36 AM
السؤال: 419


قرأت جوابك عن الجن في السؤال رقم (2340) .
أرجو أن توضح أكثر عن حياة الجن ومساكنهم وأطفالهم وحياتهم العائلية وصلاتهم ، هل هي كصلاتنا ؟ دفنهم بعد الموت ، هل الأشياء الحلال والمحرمة تنطبق عليهم ؟ هل يتحاربون مثل بني البشر ؟ هل لهم تصنيفات كالبشر ؛ أسود ، أوروبي ، من هذا البلد أو ذاك ؟ هل يتأثرون بالأشياء الطبيعية كالمطر والعواصف والزلازل ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

الجن خلق من خلق الله تعالى ، وهم عباد مكلفون بالأوامر والنواهي ، كالبشر ، فمنهم المؤمن والكافر والفاسق ، ومحسنهم يدخل الجنة ، ومسيئهم يستحق العذاب ، قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .

وقال تعالى عن الجن : ( وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً ) الجـن/11 .

وقال أيضاً : ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) الجن/14، 15 .

أما تكليفهم بالأوامر والنواهي ، فقد اتفق العلماء على أنهم مكلفون ، وذهب بعض العلماء إلى أن التكاليف التي أمروا بها كالتي أمر بها البشر سواء بسواء ، وذهب آخرون إلى أن تكاليفهم تناسب قدرتهم وطاقته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فهم مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم ، فإنهم ليسوا مماثلين الإنس في الحد والحقيقة ، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد ، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف ، بالأمر والنهي ، والتحليل والتحريم ، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعا بين المسلمين " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (4/233) .

وأما ما يتعلق بحياتهم ومساكنهم ، فهم كبقية المخلوقات لهم حياتهم الخاصة بهم ، ويتزوجون ويتناسلون ، قال تعالى عن إبليس : ( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُو ) الكهف/50 .

وأما مساكنهم فيكثر تجمعهم في الخراب ومواضع النجاسات كالحمامات والمزابل ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلاءَ فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ ) رواه أبو داود (6) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1070) .

(الْحُشُوشَ) هي أماكن قضاء الحاجة .

(مُحْتَضَرَةٌ) أي تحضرها الشياطين .

(الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) قيل : أي ذكران الشياطين وإناثهم . وقيل : المراد بالخبث الشر ، وبالخبائث النفوس الخبيثة ، فيشمل ذكران الشياطين وإناثهم .

والجن لا شك يموتون ، فهم داخلون تحت قوله تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) الرحمن/26 .

وينبغي أن يعلم أن عالم الجن من عالم الغيب ، لا نعلم عنه إلا ما أعلمنا الله تعالى عنه ، في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .

وعلى هذا فلا نستطيع أن نتكلم عنهم بشيء إلا بما ورد في النصوص الشرعية ، وما عدا ذلك يبقى خافياً علينا ، قال تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36 .

وللتوسع في هذا الموضوع يراجع كتاب "عالم الجن والشياطين" للدكتور عمر سليمان الأشقر.

ثانياً :

ينبغي أن يعلم أن الله تعالى أخبرنا عن الجن أو غيرهم من المخلوقات بما ينفعنا ، وما كتمه عنا فلا حاجة لنا في معرفته ، ولو كانت معرفته ضرورية لنا لأخبرنا الله تعالى به ، ولذلك ينبغي عدم التكلف في مثل هذه المسائل ، والبحث عن غوامضها التي لا تعلم إلا بالوحي .

وينبغي أن يكون سؤال المرء عن دينه هو وعبادته ، وعقيدته ، وماذا يفعل . . . إلى آخر ذلك من الأمور الهامة التي أمر بها أو نهي عنها ، حتى يحقق العبودية لله تعالى .

ولنا في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة ، فإنهم لم يكونوا يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن مثل هذه المسائل التي لا ينفع المكلف علمها ، ولا يضره الجهل بها .

وأسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح .

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-17-2009, 04:37 AM
السؤال: 420


ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟ .

الجواب:

الحمد لله

روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).

وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .

قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟

فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .

ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . " انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ]

وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .

والله أعلم

ahmedaboali
03-18-2009, 02:32 PM
السؤال: 541


هل رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الله تعالى مباشرة في اليوم الذي رأى فيه الجنة والنار .. الخ؟
وإذا كان الجواب بنعم ، فأنا أرجو أن ترسل إلي بدليل ذلك من الكتاب السنة.

الجواب:

الحمد لله

ذهب أغلب الصحابة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الله عز وجل بعينه ليلة المعراج

فقد ثبت عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ... ) رواه البخاري( التوحيد/6832)

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ نُورٌ أَنَّى أراه رواه مسلم ( الإيمان/261)

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى قَالَ رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ رواه مسلم (الإيمان/258) ،

قال ابن القيم : وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج ، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك ، وشيخنا يقول ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال إنه رآه عز وجل ولم يقل بعيني رأسه ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله في الحديث الآخر حجابه النور فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه رأيت نورا .

اجتماع الجيوش الإسلامية ج: 1 ص: 12

وقال شيخ الإسلام رحمه الله : فصل وأما الرؤية فالذى ثبت فى الصحيح عن ابن عباس انه قال راى محمد ربه بفؤاده مرتين ، وعائشة أنكرت الرؤية . فمن الناس من جمع بينهما فقال عائشة أنكرت رؤية العين وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد ، والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هى مطلقة أو مقيدة بالفؤاد ، تارة يقول راى محمد ربه ، وتارة يقول رآه محمد ، ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه . وكذلك الامام أحمد تارة يطلق الرؤية وتارة يقول رآه بفؤاده ولم يقل أحد أنه سمع أحمد يقول رآه بعينه ، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين ، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين وليس فى الادلة ما يقتضى أنه رآه بعينه ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة ولا فى الكتاب والسنة ما يدل على ذلك بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل كما فى صحيح مسلم عن أبى ذر قال سألت رسول الله هل رأيت ربك فقال نور أنى أراه . وقد قال تعالى : ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا ) ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى ، وكذلك قوله : أفتمارونه على ما يرى لقد رأى من آيات ربه الكبرى . ولو كان رآه بعينه لكان ذِكْرُ ذلك أولى .

قال : وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الامة انه لا يرى الله أحد فى الدنيا بعينه الا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا محمد خاصة واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس والقمر . أهـ والله أعلم


مجموع الفتاوى ج: 6 ص: 509-510.

ahmedaboali
03-18-2009, 02:32 PM
السؤال: 542


ما هي الأعمال التي إذا عملها المسلم يكون مرتداً عن الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :

اعلم أيها المسلم أن الله *****سبحانه***** أوجب على جميع العباد الدخول في الإسـلام والتمسك به والحـذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك ، وأخبر عزّ وجلّ أن من اتبعه فقد اهتدى ، ومن أعرض عنه فقد ضل ، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر ، وذكر العلماء *****رحمهم الله***** في باب حكم المرتد ، أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ، ويكون بها خارجاً عن الإسلام ، ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم *****رحمهم الله جميعاً***** ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز ، لتَحْذَرَها وتُحَذِّر منها غيرك ، رجاء السلامة والعافية منها ، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها :

الأول :

الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يٌشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء / 116 ، وقال تعالى http://www.al-jar7.com/images/smilies/frown.gif إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة / 72 ، ومن ذلك دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر .

الثاني :

من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم الشفاعة ، ويتوكل عليهم ، فقد كفر إجماعاً .

الثالث :

من لم يُكَفِّر المشركين ، أو شَكَّ في كفرهم ، أو صحّح مذهبهم كفر .

الرابع :

من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر .

الخامس :

من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ، لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 .

السادس :

من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه ، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة / 65 و 66 .

السابع :

السحر ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة / 102 .

الثامن :

مظاهـرة المشـركين ومعاونتهـم على المسـلمين، والدليـل قولـه تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة / 51 .

التاسع :

من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر ؛ لقوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران / 85

العاشر :

الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به ؛ والدليل قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن ذٌكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) السجدة / 22 .

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه ، نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله .

ويدخل في القسم الرابع : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس ، أفضل من شريعة الإسلام ، أو أنها مساوية لها ، أو أنه يجوز التحاكم إليها ، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل ، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين ، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين ، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى .

ويدخل في القسم الرابع : أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله بقطع يد السارق ، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر.

ويدخل في ذلك *****أيضاً *****: كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات ، أو الحدود ، أو غيرهما ، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة ، لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرم الله إجماعاً وكل من استباح ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كالزنى والخمر والربا ، والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين .

ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه ، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

ahmedaboali
03-18-2009, 02:33 PM
السؤال: 543


هل للدين الإسلامي مراتب ، وما هي مراتبه ؟.

الجواب:

الحمد لله

وبعد : فإن للدين الإسلامي ثلاث مراتب وهي : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان . وكل مرتبة لها معنى ، ولها أركان .

فالمرتبة الأولى : الإسلام وهو لغة : الانقياد والإذعان .

وأما في الشرع : فيختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :

الحالة الأولى : أن يطلق مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فهو حينئذ يراد به الدين كله أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله ، كقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19 ، وقوله تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، وقوله : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) آل عمران/85 . ولذا عرفه بعض أهل العلم بقوله : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله .

الحالة الثانية : أن يطلق مقترنا بالإيمان فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) الحجرات/14

وفي صحيح البخاري ( 27 ) ومسلم ( 150 ) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "

فقوله صلى الله عليه وسلم : "أو مسلما " ؛ لما قال له سعد رضي الله عنه مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا : يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة .

والمرتبة الثانية : الإيمان وهو في اللغة : التصديق المستلزم للقبول والإذعان .

وفي الشرع : يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان أيضا :

الحالة الأولى : أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله كقوله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) البقرة /257 ، وقوله تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) المائدة/23

وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " أخرجه مسلم ( 114 ) . ولهذا أجمع السلف على أنه : " تصديق بالقلب ـ ويدخل فيه أعمال القلب ـ ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية "

ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطنا وظاهرا في قوله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) الأنفال/2-4

وقد فسر الله تعالى الإيمان بذلك كله في قوله تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة/177 ، وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كله في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري ( 53 ) ومسلم ( 17 ) فقال : " آمركم بالإيمان بالله وحده قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان ، وأن تؤدوا من المغنم الخمس " .

وقد جعل صلى الله عليه وسلم صيام رمضان إيمانا واحتسابا من الإيمان وكذا قيام ليلة القدر وكذا أداء الأمانة وكذا الجهاد والحج واتباع الجنائز وغير ذلك وفي صحيح البخاري ( 9) ومسلم ( 35 ) : " الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " والآيات والأحاديث في هذا الباب يطول ذكرها .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-18-2009, 02:34 PM
والحالة الثانية : أن يطلق الإيمان مقرونا بالإسلام وحينئذ يفسر بالاعتقادات الباطنة كما في حديث جبريل وما في معناه وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الجنازة : "اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان " أخرجه الترمذي ( 1024 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي ( 1 / 299 ) وذلك أن الأعمال بالجوارح وإنما يتمكن منها في الحياة فأما عند الموت فلا يبقى غير قول القلب وعمله .

والحاصل أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ بل كل منهما على انفراده يشمل الدين كله وإن فرق بين الاسمين كان الفرق بينهما بما ذكر ( وهو أي الإسلام يختص بالأمور الظاهرة على الجوارح والإيمان بالأمور القلبية الباطنة ) وهو الذي دل عليه حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه ( 8 ) عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا . قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ . قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ ؟ قَالَ : "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ" قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا ؟ قَالَ : " أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ " قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ " ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-18-2009, 02:35 PM
والمرتبة الثالثة : الإحسان وهو في اللغة : إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه .

وفي الشرع يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :

الحالة الأولى : أن يطلق على سبيل الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام والإيمان ، فيراد به الدين كله كما سبق في الإسلام والإيمان .

الحالة الثانية : أن يقترن بهما أو أحدهما فيكون معناه : تحسين الظاهر والباطن وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً لا يستطيعه أحد من المخلوقين غيره صلى الله عليه وسلم لما أعطاه الله من جوامع الكلم فقال صلى الله عليه وسلم : " الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهي أعلى مراتب الدين وأعظمها خطرا وأهلها هم السابقون بالخيرات المقربون في أعلى الدرجات .

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن مرتبة الإحسان على درجتين وأن للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين :

المقام الأول وهو أعلاهما : أن تعبد الله كأنك تراه وهذا يسميه بعض العلماء (مقام المشاهدة ) وهو أن يعمل العبد كأنه يشاهد الله عز وجل بقلبه فيتنور القلب بالإيمان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل على استحضار قربه منه وإقباله عليه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم .

المقام الثاني : مقام الإخلاص [والمراقبة ] وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله ، وإرادته بالعمل . وهذا المقام إذا حققه العبد سهل عليه الوصول إلى المقام الأول . ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال : " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وفي بعض ألفاظ الحديث : " فإنك إلا تكن تراه فإنه يراك" فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا يخفى عليه شيء من أمره فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني وهو دوام استشعار قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه . نسأل الله من فضله العظيم .

يراجع معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ( 2 / 20 – 33 ، 326 – 328 ) ( المجموع الثمين 1 / 49 ، 53 ) ( جامع العلوم والحكم 1/ 106 ).

ahmedaboali
03-18-2009, 02:35 PM
السؤال: 544


أقرأ في بعض الآيات ما يدل على أن عباد الرحمن هم المؤمنون فقط مثل قوله تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) الفرقان/63 ، وفي بعضها الآخر ما يدل على أن جميع الناس عباد الله كقوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 فكيف نجمع بين الآيتين ؟.

الجواب:

الحمد لله

اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :عبودية خاصة ، وعبودية عامة .

فالعبودية الخاصة هي :

عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19 ، وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى ، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه ، والناس يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل ، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1 ، وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) الإسراء/1 ، وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .

فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق ، وذلك لا يتأتى إلا بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .

وأما العبودية العامة :

فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه ، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 ، وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال . فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة .

نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .

ahmedaboali
03-18-2009, 02:35 PM
السؤال: 545


امرأة تقوم بقراءة الفنجان وقد وضعت عنوانها في إحدى المجلات الساقطة . أرجو توجيه نصيحة إليها .

الجواب:

الحمد لله

السؤال فيه جانبان :

الأول : حكم هذا العمل

لا شك أن الكهانة والسحر والتنجيم من أعظم المنكرات ، ومن الإفساد في الأرض وأذية المسلمين بغير حق .

واختلف العلماء رحمهم الله تعالى : هل يكفر الكاهن ويخرج من الملة ، أم أنه كفر دون كفر ،

واستدل من قالوا بأنه يكفر بما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 9171 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (5942) .

ولأن هذا ادعاء لعلم الغيب ، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد كفر ، أن الله تعالى يقول : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن/25-26 . ويقول : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) النمل/65 .

الأمر الثاني : النصيحة لهذه المرأة التي تقوم بهذا العمل أن تتركه وتبتعد عنه وتتوب إلى الله تعالى ، إذ هذا الفعل من الكبائر الموبقات ، وأن تتقي الله في أذية المسلمين بهذا العمل الشنيع ، والله تعالى يقول : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) الأحزاب : 58 .

فعليها أن تتوب من هذا العمل إلى الله تعالى قبل أن ينزل بها ملك الموت بغتة ولات ساعة مندم ، وعليها أن تلجأ إلى ربها في جميع أمورها الذي بيده النفع والضر ، وألا يستجريها الشيطان في حبائله حتى يوقعها في الجحيم والعياذ بالله .

وفي عملها هذا فتنة لضعاف الدين من المسلمين ، والله تعالى يقول : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) البروج /10 .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" علم النجوم وما يسمى بالمطالع وقراءة الكفّ وقراءة الفنجان ومعرفة الخط ، وما أشبه ذلك مما يدّعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرّمها الله ورسوله ، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك ، لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به .

ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره ، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظاً على دينه وعقيدته ، وحذراً من غضب الله عليه ، وابتعاداً عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة " اهـ .

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( 2 / 120 – 122 ) .

وينبغي الإشارة هنا إلى أن ما تأخذه هذه المرأة من كسب بهذا العمل المحرّم الشنيع هو كسب محرم ، لما جاء في صحيح البخاري ( 2237 ) ومسلم ( 1567 ) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن .

والمراد بحلوان الكاهن : هو ما يعطاه على كهانته .

قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث ( 10 / 490 ) : " قال البغوي من أصحابنا والقاضي عياض : أجمع المسلمون على تحريم حلوان الكاهن ، لأنه عوض عن محرّم ولأنه أكل المال بالباطل " .

ahmedaboali
03-18-2009, 02:36 PM
السؤال: 546


إذا كان مصير الفرد كتب مسبقا عند الله. وكان في قسمة شخص ما أنه سيقتل شخصا معينا. كيف يمكنه أن يمنع هذا من الوقوع؟ ولماذا يكون عرضة للمعاقبة على هذا الذنب وهو لا يملك ما يمنع به ذلك من الوقوع ؟.

الجواب:


الحمد لله

قدَر الله قدرته ، ومن أركان الإيمان ؛ الإيمان بالقضاء والقدر فإن الله خلق الخلق وهو يعلم ما هم عاملون لعلمه الواسع ، واطلاعه جل وعلا . وأعطى العبد اختيارا ، ورسم له طريق الخير ، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ، قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) .

وقال تعالى : ( ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها ) .

فلا يحل له إيذاء أحد بغير حق من القتل أو غيره ، ومن فعل ذلك استحق العقوبة في الدنيا ، والعذاب في الآخرة لمخالفته ما شرعه الله .


الشيخ وليد الفريان

ahmedaboali
03-18-2009, 02:36 PM
السؤال: 547


ما هي أهم الحقوق التي يحترمها الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

الحقوق الإسلامية كثيرة ومن أهم هذه الحقوق :

حق الله

نِعم الله على العباد لا تعد ولا تحصى وكل نعمة تستوجب شكراً وحقوق الله على العباد كثيرة ومن أهمها :

1. التوحيد ومعناه أن يوحدوا الله في ذاته , وأسمائه, وصفاته وأفعاله فيعتقدوا أن الله وحده هو الرب المالك المتصرف الخالق الرازق الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير : ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ) الملك/1 .

2. العبادة وهي أن يعبدوا الله وحده لأنه ربهم , وخالقهم ورازقهم وذلك بصرف جميع أنواع العبادة لله وحده كالدعاء , والذكر والاستعانة , والاستغاثة والتذلل , والخضوع والرجاء , والخوف والنذر والذبح ونحو ذلك قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) النساء/36 .

3. الشكر فالله هو المنعم المتفضل على جميع الخلق فعليهم شكر هذه النعم بألسنتهم , وقلوبهم , وجوارحهم وذلك بحمد الله والثناء عليه واستعمال هذه النعم في طاعة الله وفيما أحل الله : ( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) البقرة/152 .

حق الرسول

بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة كبرى للبشرية كافة فقد أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويبين لهم ما يسعدهم في الدنيا والآخرة .

ومن حق الرسول علينا أن نحبه , ونطيعه , ونصلي عليه , ومحبته عليه السلام تكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .

حق الوالدين

يهتم الإسلام بالأسرة ويؤكد على المحبة والاحترام داخلها والوالدان قاعدتها و أساسها لذا كان بر الوالدين من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى .

بر الوالدين يكون بطاعتهما واحترامهما والتواضع لهما والإحسان إليهما والإنفاق عليهما والدعاء لهما وصلة أرحامهما وإكرام صديقهما : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) الإسراء/23 .

والأم في هذه الحقوق حقها أعظم , لأنها هي التي حملته , وولدته وأرضعته : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال : أمك , قال: ثم من ؟ قال : أمك , قال : ثم من ؟ قال: أمك . قال : ثم من ؟ قال : أبوك ) متفق عليه واللفظ للبخاري/الأدب/78 .

حق المسلم على المسلم

المؤمنون أخوة وهم أمة متماسكة , كالبنيان يشد بعضه بعضاً يتراحمون فيما بينهم ويتعاطفون ويتحابون ولحفظ هذا البنيان , وتلك الأخوة شرع الله حقوقاً للمسلم على أخيه المسلم ومنها محبته ونصيحته وتفريج كربته وستر زلته ونصرته في الحق واحترام جواره وإكرام ضيفه .

ومنها رد السلام وعيادة المريض وإجابة الدعوة وتشميته إذا عطس واتباع جنازته قال عليه الصلاة والسلام : ( حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة , وعيادة المريض , واتباع الجنائز ) رواه مسلم/2625 .

حق الجار

الإسلام يهتم بشأن الجار مسلماً كان أو غيره , لما في ذلك من المصالح التي تجعل الأمة كالجسد الواحد قال عليه الصلاة والسلام : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) متفق عليه .

ومن الحقوق التي قررها الإسلام للجار على جاره أن يبدأه السلام ويعوده إذا مرض ويعزيه في المصيبة ويهنئه في الفرح ويصفح عن زلاته ويستر عوراته ويصبر على أذاه ويهدي له ويقرضه إذا احتاج ويغض بصره عن محارمه ويرشده إلى ما ينفعه في دينه ودنياه قال عليه الصلاة والسلام : ( خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه , وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) رواه البخاري في الأدب المفرد/115 .

وفي حق الجار يقول تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ) النساء/36 .

وقد حذر الإسلام من إيذاء الجار , والإساءة إليه , وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك سبب للحرمان من الجنة بقوله : ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه .

وأوجب الإسلام تحقيقاً للمصلحة حقوقاً للوالي على الرعية وحقوقاً للرعية على الوالي وحقوقاً للزوج على زوجته وحقوقاً للزوجة على زوجها , وغير ذلك من الحقوق العادلة التي أوجبها الإسلام .


من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري

ahmedaboali
03-18-2009, 02:37 PM
السؤال: 548


قرأت هذا الحديث وأريد أن أعرف هل هو صحيح أو غير صحيح ؟
( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي . فقال الله : يا آدم ، وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه ؟ قال : يا رب ، لأنك لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي ، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك . فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي ، ادعني بحقه ، فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك ).

الجواب:

الحمد لله

هذا الحديث موضوع ، رواه الحاكم من طريق عبد الله بن مسلم الفهري ، حدثنا إسماعيل بن مسلمة ، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة . . . ثم ذكر الحديث باللفظ الذي ذكره السائل .

وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد اهـ .

هكذا قال الحاكم ! وقد تعقبه جمع من العلماء ، وأنكروا عليه تصحيحه لهذا الحديث ، وحكموا على هذا الحديث بأنه باطل موضوع ، وبينوا أن الحاكم نفسه قد تناقض في هذا الحديث .

وهذه بعض أقوالهم في ذلك :

قال الذهبي متعقبا على كلام الحاكم السابق : بل موضوع ، وعبد الرحمن واهٍ ، وعبد الله بن مسلم الفهري لا أدري من هو اهـ .

وقال الذهبي أيضاً في "ميزان الاعتدال" : خبر باطل اهـ .

وأقره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" .

وقال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه، وهو ضعيف اهـ . وأقره ابن كثير في البداية والنهاية (2/323) .

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (25) : موضوع اهـ .

والحاكم نفسه –عفا الله عنه- قد اتهم عبد الرحمن بن زيد بوضع الحديث ، فكيف يكون حديثه صحيحاً ؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" (ص 69) :

ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم" : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه ، قلت : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً اهـ .

انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني (1/38-47) .

ahmedaboali
03-18-2009, 02:37 PM
السؤال: 549


هل كشف الإلهام حقيقي في ضوء الإسلام ؟ الصوفيون يدعون كل مرة أن عندهم العلم بالغيب وهم يطلقون على ذلك "كشف الإلهام" ، والبعض يبررون ذلك قائلين أنه عندما كان عمر رضي الله عنه يخطب ذات مرة قال أن هناك جيش في ساحة المعركة ، أرجو توضيح ذلك .

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

الكشف الذي يحصل للمرء أنواع ، فمنه النفساني وهو مشترك بين المسلم والكافر ، ومنه الرحماني وهو الذي يكون عن طريق الوحي والشرع ، ومنه الشيطاني وهو ما يحصل عن طريق الجن .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

نحن لا ننكر أن النفس يحصل لها نوع من الكشف إما يقظةً وإما مناماً بسبب قلة علاقتها مع البدن إما برياضة أو بغيرها ، وهذا هو الكشف النفساني وهو القسم الأول من أنواع الكشف .

لكن قد ثبت أيضاً بالدلائل العقليَّة مع الشرعيَّة وجود الجن وأنها تخبر الناس بأخبار غائبة عنهم كما للكهان المصروعين وغيرهم …

ولكن المقصود هنا أنه يعلم وجود أمور منفصلة مغايرة لهذه القوى كالجن المخبرين لكثير من الكهان بكثير من الأخبار وهذا أمر يعلمه بالضرورة كل من باشره أو من أخبره من يحصل له العلم بخبره ونحن قد علمنا ذلك بالاضطرار غير مرة فهذا نوع من المكاشفات والإخبار بالغيب غير النفساني وهو القسم الثاني من أنواع الكشف .

وأما القسم الثالث : وهو ما تخبر به الملائكة فهذا أشرف الأقسام كما دلت عليه الدلائل الكثيرة السمعية والعقلية ، فالإخبار بالمغيبات يكون عن أسباب نفسانية ويكون عن أسباب خبيثة شيطانية وغير شيطانية ويكون عن أسباب ملكية .

" الصفدية " ( ص 187 - 189 ) .

وقال ابن القيم :

الكشف الجزئي مشترك بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار كالكشف عما في دار إنسان أو عما في يده أو تحت ثيابه أو ما حملت به امرأته بعد انعقاده ذكراً أو أنثى وما غاب عن العيان من أحوال البعد الشاسع ونحو ذلك فإن ذلك يكون من الشيطان تارة ، ومن النفس تارة ، ولذلك يقع من الكفار كالنصارى وعابدي النيران والصلبان فقد كاشف ابن صياد النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بما أضمره له وخبَّأه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما أنت من إخوان الكهان " ، فأخبر أن ذلك الكشف من جنس كشف الكهان ، وأن ذلك قدره ، وكذلك مسيلمة الكذاب مع فرط كفره كان يكاشف أصحابه بما فعله أحدهم في بيته وما قاله لأهله يخبره به شيطانه ليغوي الناس ، وكذلك الأسود العنسي ، والحارث المتنبي الدمشقي الذي خرج في دولة عبد الملك بن مروان وأمثال هؤلاء ممن لا يحصيهم إلا الله ، وقد رأينا نحن وغيرنا منهم جماعة وشاهد الناس من كشف الرهبان عباد الصليب ما هو معروف .

والكشف الرحماني من هذا النوع هو مثل كشف أبي بكر لما قال لعائشة رضي الله عنهما إن امرأته حامل بأنثى ، وكشف عمر رضي الله عنه لما قال يا سارية الجبل – أي إلزم الجبل - وأضعاف هذا من كشف أولياء الرحمن .

" مدارج السالكين " ( 3 / 227 ، 228 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-18-2009, 02:38 PM
ثانياً :

وما حدث مع عمر بن الخطاب رضي الله صحيح ثابت عنه ، فقد قال نافع أن عمر بعث سريَّة فاستعمل عليهم رجلاً يقال له " سارية " ، فبينما عمر يخطب يوم الجمعة ، فقال : " يا ساريةُ الجبلَ ، يا ساريةُ الجبلَ " ، فوجدوا " سارية " قد أغار إلى الجبل في تلك الساعة يوم الجمعة وبينهما مسيرة شهر " .

رواه أحمد في " فضائل الصحابة " ( 1 / 269 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1110 ) .

وهذا كرامة لعمر رضي الله عنه وذلك إما بإلهامه وتبليغ صوته – وهو ما يراه ابن القيم – أو بالكشف النفساني وتبليغ صوته – وهو ما سيأتي في كلام الشيخ الألباني - ، وفي كلا الحالين هو كرامة له ولا شك .

ثالثاً :

وأمّا ما يحصل مع الصوفية فليس من الكشف الرحماني بل إما أن يكون من النفساني وهو ما يشركهم به الكفار ، وإما أن يكون الشيطاني وهو الأغلب .

والكشف الرحماني إنما يحدث لأولياء الله تعالى الذين يقيمون الشرع ويعظمونه ، وقد عُرف من حال الصوفية أنهم ليسوا كذلك ، وما حصل من عمر إن صحَّ تسميته " كشفاً " فهو من الكشف الرحماني .

قال الشيخ الألباني – عن حادثة عمر بن الخطاب - :

ومما لا شك فيه أن النداء المذكور إنما كان إلهاماً من الله تعالى لعُمر ، وليس ذلك بغريب عنه فإنه " محدَّث " كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن ليس فيه أن عمر كُشف له حال الجيش ، وأنه رآهم رأي العين ، فاستلال بعض المتصوفة بذلك على ما يزعمونه من الكشف للأولياء وعلى إمكان اطلاعهم على ما في القلوب : من أبطل الباطل ، كيف لا وذلك من صفات رب العالمين المنفرد بعلم الغيب والاطلاع على ما في الصدور .

وليت شعري كيف يزعم هؤلاء ذلك الزعم الباطل والله عز وجل يقول في كتابه { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً . إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } الجـن / 26 ، 27 ؟ فهل يعتقدون أن أولئك الأولياء رسل الله حتى يصحَّ أن يقال إنهم يطلعون على الغيب باطلاع الله إياهم ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم ….

فالقصة صحيحة ثابتة ، وهي كرامة أكرم الله بها عمر ، حيث أنقذ به جيش المسلمين من الأسر أو الفتك به ، ولكن ليس فيها ما زعمه المتصوفة من الاطلاع على الغيب ، وإنما هو من باب الإلهام ( في عرف الشرع ) أو ( التخاطر ) في عرف العصر الحاضر الذي ليس معصوماً ، فقد يصيب كما في هذه الحادثة ، وقد يخطئ كما هو الغالب على البشر ، ولذلك كان لا بدَّ لكل وليٍّ من التقيد بالشرع في كل ما يصدر منه من قول أو فعل خشية الوقوع في المخالفة ، فيخرج بذلك عن الولاية التي وصفها الله تعالى بوصف جامع شامل { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } يونس / 63 ، ولقد أحسن من قال :

إذا رأيت شخصاً قد يطير وفوق ماء البحر قد يسير

ولم يقف على حدود الشرعِ فإنه مُستَدرج وبدعــي .

" السلسلة الصحيحة " ( 3 / 102 – 104 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-18-2009, 02:38 PM
السؤال: 550


ما معنى كلمة عقيدة ؟.

الجواب:

الحمد لله

العقائد هي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب، وتكون يقيناً عند أصحابها، لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك.

وكلمة عقيدة في اللغة مأخوذة من مادة (عقد) ومدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق، ففي القرآن : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذاكم بما عقدتم الأيمن ) وتعقيد الأيمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه . ويُقال (عقد الحبل) أي : شدّ بعضه ببعض ، والاعتقاد : من العقد وهو الربط والشد ، يقال: اعتقدت كذا ، يعني : جزمت به في قلبي ، فهو حكم الذهن الجازم .

والعقيدة في الشّرع هي : أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه ويؤمن بها إيمانا جازما دون شكّ ولا ريب ولا تردّد ، لأن الله أخبره بها بطريق كتابه ، أو بطريق وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .

وأصول العقائد التي أمرنا الله باعتقادها هي المذكورة في قوله تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) ، وحددها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور بقوله : ( الإيمان : أن تؤمن بالله، وملائكته ، وكتابه ، ولقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث الآخر ) .

إذن العقيدة في الإسلام : هي المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله ورسوله ، والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم تصديقاً لله ورسوله .


المصدر : شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين والعقيدة في الله لعمر الأشقر

ahmedaboali
03-19-2009, 01:39 PM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 681


قرأت في السؤال رقم 12811 أن الكفر الأكبر المخرج من الملة أنواع فآمل منكم توضيحها وضرب الأمثلة عليها.

الجواب:

الحمد لله

وبعد : فالكلام على حقيقة الكفر وأنواعه يطول لكن سنجمل الكلام عليه من خلال النقاط التالية :

أولاً : أهمية معرفته ومعرفة أنواعه :

دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الإيمان لا يصح ولا يقبل إلا بأمرين ـ هما معنى شهادة أن لا إله إلا الله " ـ وهما الاستسلام لله بالتوحيد ، والبراءة من الكفر والشرك بجميع أنواعه.

ولا يمكن للشخص أن يتبرأ من شيء ويحذره إلا بعد أن يعرفه ويتبينه ، فعلم بهذا ضرورة تعلم التوحيد للعمل به وتحقيقه ، ومعرفة الكفر والشرك للحذر منه ومجانبته .

ثانيا ً: تعريف الكفر

الكفر في اللغة : ستر الشيء وتغطيته

وأما في الاصطلاح الشرعي فهو " عدم الإيمان بالله ورسله ، سواءً كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب ، بل شك وريب ، أو إعراض عن الإيمان حسدا ًأو كبراً أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة فالكفر صفةٌ لكل من جحد شيئاٌ مما افترض الله تعالى الإيمان به ، بعد أن بلغه ذلك سواء جحد بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه ، أوبهما معاٌ ، أو عمل عملاٌ جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان " انظر [مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 12/335] و[ الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم : 1 / 45 ] .

وقال ابن حزم في كتابه الفصل : " بل الجحد لشيء مما صح البرهان أنه لا إيمان إلا بتصديقه كفرٌ ، والنطق بشيء من كل ما قام البرهان أن النطق به كفرٌ كفر ، والعمل بشيء مما قام البرهان بأنه كفرٌ كفر "

ثالثا : أنواع الكفر الأكبر المخرج من الملة :

قسم العلماء الكفر إلى عدة أقسام تندرج تحتها كثير من صور الشرك وأنواعه وهي :

1) كفر الجحود والتكذيب : وهذا الكفر تارة يكون تكذيباً بالقلب ـ وهذا الكفر قليل في الكفار كما يقول ابن القيم رحمه الله ـ وتارة يكون تكذيبا باللسان أو الجوارح وذلك بكتمان الحق وعدم الانقياد له ظاهرا مع العلم به ومعرفته باطنا ً، ككفر اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى عنهم : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) البقرة/89 وقال أيضا : ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) ( البقرة :146 ) وذلك أن التكذيب لا يتحقق إلا ممن علمَ الحقَّ فرده ولهذا نفى الله أن يكون تكذيب الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة والباطن وإنما باللسان فقط ؛ فقال تعالى : ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام/33 وقال عن فرعون وقومه : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) النمل/14

ويلحق بهذا الكفر كفر الاستحلال فمن استحل ما عَلِم من الشرع حرمته فقد كذَّب

الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، وكذلك من حَرَّم ما عَلِم من الشرع حِله .

2) كفر الإعراض والاستكبار : ككفر إبليس إذ يقول الله تعالى فيه : ( إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) البقرة/34

وكما قال تعالى : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) النور/47 فنفى الإيمان عمن تولى عن العمل ، وإن كان أتى بالقول . فتبين أن كفر الإعراض هو : ترك الحق لا يتعلمه ولا يعمل به سواء كان قولا أو عملا أو اعتقادا . يقول تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/3 فمن أعرض عما جاء به الرسول بالقول كمن قال لا أتبعه ، أو بالفعل كمن أعرض وهرب من سماع الحق الذي جاء به أو وضع أصبعيه في أذنيه حتى لا يسمع ، أو سمعه لكنه أعرض بقلبه عن الإيمان به ، وبجوارحه عن العمل فقد كفرَ كُفْر إعراض.

3) كفر النفاق :وهو ما كان بعدم تصديق القلب وعمله ، مع الانقياد ظاهرا رئاء الناس ككفر ابن سلول وسائر المنافقين الذين قال الله تعالى عنهم : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ .يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ .. الخ الآيات ) البقرة/8–20

4) كفر الشك والريبة : وهو التردد في اتباع الحق أو التردد في كونه حقاً ، لأن المطلوب هو اليقين بأن ما جاء به الرسول حق لا مرية فيه ، فمن جوَّز أن يكون ما جاء به ليس حقا ًفقد كفر؛ كفر الشك أو الظن كما قال تعالى : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً . قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً . لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) الكهف/35-38

فنخلص من هذا أن الكفر ـ وهو ضد الإيمان ـ قد يكون تكذيبا بالقلب ، فهو مناقض لقول القلب ِأي تصديقه ، وقد يكون الكفر عملاً قلبياً كبغض الله تعالى أو آياته ، أو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يناقض الحب الإيماني الذي هو آكد أعمال القلوب وأهمها . كما أن الكفر يكون قولاً ظاهرا كسب الله تعالى ، وتارة يكون عملا ظاهراً كالسجود للصنم ، والذبح لغير الله ، فكما أن الإيمان يكون بالقلب واللسان والجوارح فكذلك الكفر يكون بالقلب واللسان والجوارح . نسأل الله أن يعيذنا من الكفر وشعبه ،و أن يزينا بزينة الإيمان ويجعلنا هداة مهتدين ... آمين . والله تعالى أعلم .

ينظر ( أعلام السنة المنشورة 177 ) و ( نواقض الإيمان القولية والعملية للشيخ عبد العزيز آل عبد اللطيف36 – 46 ) و ( ضوابط التكفير للشيخ عبد الله القرني 183 – 196 ).


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 01:40 PM
السؤال: 682


ما معنى كلمة الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

إذا رجعت إلى معاجم اللغة و علمت أن معنى كلمة الإسلام هو : الانقياد والخضوع والإذعان والاستسلام و الامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض , وإخلاص العبادة له سبحانه وتصديق خبره والإيمان به , وأصبح اسم الإسلام عَلَماً على الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم

لماذا سمي الدين بالإسلام ؟ إن جميع ما في الأرض من مختلف الديانات , قد سميت بأسمائها , إما نسبة إلى اسم رجل خاص و أو أمة معينة و فالنصرانية أخذت اسمها من ( النصارى ) , وتسمت البوذية على اسم بانيها : ( بوذا ) , واشتهرت الزرادشتية بهذا الاسم لأن مؤسسها وحامل لوائها كان ( زرادشت ) , وكذلك اليهودية ظهرت بين ظهراني قبيلة تعرف ( بيهوذا ) , فسميت باليهودية , وهلم جرا . إلا الإسلام , فإنه لا ينتسب إلى رجل خاص , ولا إلى أمة بعينها , وإنما يدل اسمه على صفة خاصة يتضمنها معنى كلمة الإسلام , ومما يظهر من هذا الاسم أنه ما عني بإيجاد هذا الدين وتأسيسه رجل من البشر , وليس خاصاً بأمةً معينة دون سائر الأمم , وإنما غايته أن يحلي أهل الأرض جميعاً بصفة الإسلام , فكل من اتصف بهذه الصفة , من غابر الناس وحاضرهم فهو مسلم , ويكون مسلماً كل من سيتحلى بها في المستقبل .


من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم

ahmedaboali
03-19-2009, 01:40 PM
السؤال: 683


قرأت الحديث التالي والذي أخرجه البخاري ولم أفهم معناه ، وهذا الحديث فيما معناه: (سيأتي زمان يكون خير مال المسلم غنيمات يأوي بها إلى الجبال فاراً بدينه من الفتن).أرجو أن توضحوا لي معنى هذا الحديث.

الجواب:

الحمد لله

شرح الحديث :

هذا الحديث رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها ( 7088 ) كتاب الفتن ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن ) . وروى مسلم في صحيحه نحوه ( 1888 ) عن أبي سعيد الخدري أيضاً رضي الله عنه الله عنه أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ. قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ) .

قوله : (شَعَفَ الْجِبَالِ ) أي : رؤوس الجبال . وَأَمَّا ( الشِّعْب ) : فَهُوَ مَا انْفَرج بَيْن جَبَلَيْنِ . قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( 13/34) : وَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا ; بَلْ الْمُرَاد الانْفِرَاد وَالاعْتِزَال , وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالا لأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا اهـ.

والحديث يدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الاختلاط بهم ، في حال خوف المسلم على دينه لكثرة الفتن ، بحيث إنه لو خالط الناس لا يأمن على دينه من أن يرتد عنه ، أو يزيع عن الحق ، أو يقع في الشرك ، أو يترك مباني الإسلام وأركانه ، ونحو ذلك .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/42) : وَالْخَبَر دَالّ عَلَى فَضِيلَة الْعُزْلَة لِمَنْ خَافَ عَلَى دِينه اهـ .

وقال السندي في حاشيته على النسائي (8/124) : فِيهِ أَنَّهُ يَجُوز الْعُزْلَة بَلْ هِيَ أَفْضلُ أَيَّام الْفِتَن اهـ .

وفي الحديث الثاني المذكور آنفاً جعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم المؤمنَ المعتزلَ يتلو المجاهد في سبيل الله في الفضيلة ، قال الحافظ في الفتح ( 6/6 ) : وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤْمِن الْمُعْتَزِل يَتْلُوهُ فِي الْفَضِيلَة لأَنَّ الَّذِي يُخَالِط النَّاس لا يَسْلَم مِنْ ارْتِكَاب الآثَام ، وَقَدْ تكون هذه الآثام أكثر من الحسنات التي يحصلها بسبب اختلاطه بالناس . ولكن تفضيل الاعتزال خاص بحالة وقوع الفتن اهـ بمعناه .

وأما العزلة في غير وقت الفتن وخوف المسلم على دينه فاختلف العلماء في حكمها ، وذهب الجمهور إلى أن الاختلاط بالناس أفضل من العزلة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :

1- أن ذلك هو حال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم ، والأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليهم ، وجماهير الصحابة رضي الله عنهم . شرح مسلم للنووي ( 13/34) .

2- ما رواه الترمذي ( 5207 ) وابن ماجه ( 4032 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2035 ) .

قال السندي في حاشيته على ابن ماجه ( 2 / 493 ) : الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنْ الْمُعْتَزِل اهـ

وقال الصنعاني في سبل السلام ( 4/416 ) : فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة اهـ

3- ما رواه الترمذي (1574) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا . فَقَالَ : لَوْ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ ، وَلَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ( لا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا . أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ الْجَنَّةَ ؟ اغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ . مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1348).

4- ما يحصله المسلم في المخالطة من المصالح الشرعية من مَنَافِع الاخْتِلاط بالناس كَالْقِيَامِ بِشَعَائِر الإِسْلام وَتَكْثِير سَوَاد الْمُسْلِمِينَ وَإِيصَال أَنْوَاع الْخَيْر إِلَيْهِمْ مِنْ إِعَانَة وَإِغَاثَة ونَحْو ذَلِكَ . وشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَالْجَنَائِز وَعِيَادَة الْمَرْضَى وَحِلَق الذِّكْر . . . وَغَيْر ذَلِكَ . فتح الباري ( 13/43 ) شرح مسلم للنووي (13/34). والله الموفق ، والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 01:41 PM
السؤال: 684


ما هي الشروط التي يجب توفرها في العمل ليكون صالحا ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي :

وقوله في هذه الآية الكريمة : ( الذين يعملون الصالحات ) الكهف/2 ، بيَّنت المراد به آياتٌ أخر فدلت على أن العمل لا يكون صالحاً إلا بثلاثة أمور :

الأول : أن يكون مطابقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكلُّ عملٍ مخالفٍ لما جاء به صلوات الله وسلامه عليه فليس بصالح ، بل هو باطل ، قال الله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه … ) الحشر/7 ، وقال : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) النساء/10 ، وقال : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) الشورى/21 ، إلى غير ذلك من الآيات .

الثاني : أن يكون العاملُ مخلِصاً في عمله لله فيما بينه وبين الله ، قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) البينة/5 ، وقال : ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين . وأمرت لأن أكون أول المسلمين . قل إني أخاف إن عصيتُ ربي عذابَ يومٍ عظيمٍ . قل الله أعبد مخلصاً له ديني . فاعبدوا ما شئتم من دونه ) الزمر/11 - 15 ، إلى غير ذلك من الآيات .

الثالث : أن يكون العملُ مبنيّاً على أساس الإيمان والعقيدة الصحيحة ؛ لأن العمل كالسقف ، والعقيدة كالأساس ، قال تعالى : ( من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ ) النحل/97 ، فجعل الإيمان قيداً في ذلك .

ويبين مفهوم هذا القيد آيات كثيرة ؛ كقوله في أعمال غير المؤمنين : ( وقدمنا إلى ما عملوا مِن عملٍ فجعلناه هباءاً منثوراً ) الفرقان/23 ، وقوله : ( أعمالهم كسرابٍ … ) النور/39 ، وقوله : ( أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح … ) إبراهيم/18 ، إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه .


" أضواء البيان " ( 4 / 9 - 10 )

ahmedaboali
03-19-2009, 01:41 PM
السؤال: 685


ما هو الدليل الذي يجعلك تقول بأن الإمام علي (عليه السلام) لم يكن ليصبح القائد بعد النبي محمد (عليه السلام) ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً : من أصول أهل السنة والجماعة ، سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سلامة القلب من البغض والغل والحقد والكراهة ، وسلامة ألسنتهم من كل قولٍ لا يليق بهم ؛ لقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم } سورة الحشر/10 .

وطاعةً للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفسي بيده ؛ لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مدُّ أحدهم ولا نصيفه " رواه البخاري ( 3673 ) ومسلم ( 2541 ) .

ومن أصول أهل السنة قبول ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحديبية ـ وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، لقول الله تعالى : { لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} سورة الحديد/10 .

ويقدمون المهاجرين على الأنصار ؛ لقول الله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة التوبة/100 . فقدم المهاجرين على الأنصار .

ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر ـ وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر ـ : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " رواه البخاري ( 3007 ) ومسلم ( 2494 ) من حديث علي بن أبي طالب.

ويؤمنون بأنه لا يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مئة ؛ لقول الله تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } الفتح/18 . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها " رواه مسلم ( 2496 ) فكان من جملة المبايعين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين .

ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ " رواه أبو داود ( 4649 ) والترمذي ( 3747 ) وصححه الألباني .

ويُقرون بما تواتر به النقل عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ثم عمر . فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لأَبِي ( علي ابن أبي طالب ) أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " رواه البخاري ( 3671 ) ، ويُثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي ، رضي الله عنهم .

أنظر الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مع شرحها .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-19-2009, 01:42 PM
ثانياً : ومن مذهب اهل السنة أن أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه . وإليك الأدلة على إمامة أبي بكر رضي الله عنه :

1ـ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ " رواه البخاري (3659 ) .

2ـ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " رواه الترمذي (3805) وصححه الألباني .

3ـ عنَ ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ " رواه البخاري (3676) قال ابن حجر في شرح هذا الحديث :

" قَوْله : ( بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْر ) أَيْ فِي الْمَنَام. قَوْله : ( أَنْزِع مِنْهَا ) أَيْ أَمْلأ الْمَاء بِالدَّلْوِ . قَوْله : ( فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ ) الذنوب : الدَّلْو الْكَبِيرَة إِذَا كَانَ فِيهَا الْمَاء , وَالَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ إِشَارَة إِلَى مَا فُتِحَ فِي زَمَانه مِنْ الْفُتُوح الْكِبَار وَهِيَ ثَلاثَة , وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّض فِي ذِكْر عُمَر إِلَى عَدَد مَا نَزَعَهُ مِنْ الدِّلاء وَإِنَّمَا وَصَفَ نَزْعه بِالْعَظَمَةِ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة مَا وَقَعَ فِي خِلافَته مِنْ الْفُتُوحَات وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيّ تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث فِي " الأُمّ " فَقَالَ بَعْد أَنْ سَاقَهُ : وَمَعْنَى قَوْله : " وَفِي نَزْعه ضَعْف " قِصَر مُدَّته وَعَجَلَة مَوْته وَشُغْله بِالْحَرْبِ لأَهْلِ الرِّدَّةِ عَنْ الافْتِتَاح وَالازْدِيَاد الَّذِي بَلَغَهُ عُمَر فِي طُول مُدَّته , اِنْتَهَى .

قَوْله : ( وَاَللَّه يَغْفِر لَهُ ) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا دُعَاء مِنْ الْمُتَكَلِّم , أَيْ أَنَّهُ لا مَفْهُوم لَهُ . وَقَالَ غَيْره : فِيهِ إِشَارَة إِلَى قُرْب وَفَاة أَبِي بَكْر , وَهُوَ نَظِير قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلام ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) فَإِنَّهَا إِشَارَة إِلَى قُرْب وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ قِلَّة الْفُتُوح فِي زَمَانه لا صُنْع لَهُ فِيهِ , لأَنَّ سَبَبه قِصَر مُدَّته , فَمَعْنَى الْمَغْفِرَة لَهُ رَفْع الْمَلامَة عَنْهُ .

قَوْله : ( فَاسْتَحَالَتْ فِي يَده غَرْبًا ) أَيْ دَلْوًا عَظِيمَة . قَوْله : ( فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا ) وَالْمُرَاد بِهِ كُلّ شَيْء بَلَغَ النِّهَايَة , قَوْله ( فَرِيَّهُ ) وَمَعْنَاهُ يَعْمَل عَمَله الْبَالِغ . "

4ـ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ " رواه مسلم (2387) .

5- أنه صلى الله عليه وسلم في مرض موته عين أبا بكر الصديق إماماً للمسلمين في الصلاة ولم يرض بغيره بدلاً منه فكان استخلافه في الإمامة الصغرى تنبيهاً على استخلافه في الإمامة الكبرى .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 01:43 PM
السؤال: 686


هل يمكن تقسيم الدين إلى ثوابت ومتغيرات ؟

الجواب:

الحمد لله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد ...

فقد صرنا نسمع أخيراً من يقول : إن الدين ينقسم إلى ثوابت ومتغيرات ، وهذه عبارة لا وجود لها فيما نعلم في كلام أهل العلم ، لأن دين الله كله ثوابت فما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما أكمل الله به الدين واستقرت الأحكام فلا تبدل ولا تغير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وليس لأحد صلاحية بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبدل أو يغير ، قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) المائدة/3 ، فالدين برخصه وعزائمه قد استقر وثبت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يغير منه شيء ولا يزاد فيه ولا ينقص منه : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) فصلت/42 ، وهذه الكلمة : الثوابت والمتغيرات ، التي تجري على ألسنة بعض طلبة العلم ربما يستغلها أصحاب الأهواء في محاولة بعض الأحكام التي لا تتوافق مع رغباتهم وأهوائهم التي قال الله تعالى فيها : ( ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن ) المؤمنون/71 ، وإن كان لهذه الكلمة التي قد يقولها بعض الطلبة من محمل صحيح فهم يريدون اجتهادات العلماء فيما لم يرد فيه نص ، فإن اجتهاد المجتهد قد يتغير من حين لآخر حسبما يظهر له من الأدلة في كل وقت وفي حق كل نازلة وقد قال عمر رضي الله عنه لما اختلف اجتهاده في قضية ميراث : ( ذاك فيما قضينا ، وهذا فيما نقضي ) واجتهاد المجتهد ، إنما هو رأيه ولا يقال إنه هو حكم الله ، بل قد يوافق حكم الله وقد يخالفه وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتهادات المجتهدين لا تنقسم إلى ثوابت ومتغيرات لأنها كلها قابلة للتغيير متى ثبت أنها مخالفة للدليل ، أما أحكام الله ودينه فإنها لا تقبل التغيير ولا التبديل فيجب على طلبة العلم أن يتحفظوا في كلامهم ولا يدعوا فيه مجالاً لأهل الأهواء والنزعات الباطلة لأنهم يتكلمون بلسان العلماء ويحتج بقولهم في أمور الدين ، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .


الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء ، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء

ahmedaboali
03-19-2009, 01:43 PM
السؤال: 687


لماذا سمي الدين الإسلامي بالإسلام ؟.

الجواب:


لأن من دخل فيه أسلم وجهه لله واستسلم وانقاد لكل ما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحكام ، قال تعالى : ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ) البقرة/130-131 ، وقال : ( من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ) .

من فتاوىاللجنة الدائمة .


مجلة الدعوة العدد/1789 ص/42 .

ahmedaboali
03-19-2009, 01:44 PM
السؤال: 688


لماذا اختار محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الأركان الخمسة ؟.

الجواب:

الحمد لله

لقد لفت هذا السؤال انتباهنا ، إذ إنه يدل على اهتمامك بدين الإسلام ونبي الإسلام ، فنحيي فيك أيها السائل الصغير هذا الاهتمام ، والحرص على السؤال ، والسعي في الحصول عليه من مصادره الموثوقة ، ولعل هذا السؤال أن يكون فاتحة خيرٍ لك للوصول إلى طريق الحق ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

وإليك الجواب :

( محمد ) صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي أرسله الله إلى الناس جميعاً ليخرجهم من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الهدى والإسلام ، فأمره أن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن يأمرهم بمكارم الأخلاق ، من الكرم والشجاعة وإكرام الضيف ، والإحسان إلى الجار وطاعة الوالدين ، واحترام الكبير والشفقة على الصغير ، وإرشاد الضال ورحمة المساكين وإعانة المحتاجين وإغاثة الملهوفين ، والتفريج عن المكروبين ، ... إلى غير ذلك من المحاسن والفضائل . وأن ينهاهم عن الشرك والكفر وسفاسف الأخلاق ، ورديئها ، من الزنا والكذب والخيانة والغش وعقوق الوالدين والظلم ، وغير ذلك . راجع سؤال ( 219 ) .

وأما أركان الإسلام ، فاعلم - هداك الله - بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بأن يُبلغ ما يوحى إليه من الله من غير زيادةٍ ولانقص قال الله تعالى : { إن هو إلا وحيٌ يُوحى } ، فالرسول صلى الله عليه وسلم ، لا يمكن أن يكذب على الله سبحانه وتعالى قال عز وجل : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ(44)لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46)فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47) } سورة الحاقة .

ولو تأملنا في أركان الإسلام الخمسة لوجدناها قد تنوعت فالركن الأول - وهو الشهادتان - جمع بين عمل القلب واللسان ، والركن الثاني الصلاة وهو فعل عملٍ بدني وصلة بين العبد والرب في أوقات موزَّعة على الليل والنهار ، والركن الثالث الصوم وهو التعبد لله بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الشمس إلى غروبها ، فيصوم المسلم تعبداً لله ثم إحساساً بحال إخوانه الفقراء ، والركن الرابع الزكاة ، وهو عمل مالي يبذل المسلم القادر جزءً من ماله لإخوانه من الفقراء والمساكين ، والركن الخامس الحج وهو عملٌ جمع بين بذل المال والعمل البدني ، وإذا تأملت هذه الأركان الخمسة وجدت فيها حكماً عظيمة ، فالإسلام قائمٌ على الاستسلام لله بالتوحيد و الخلوص من الشرك وألا يُعبد الله إلا بما شرع ، فمن الناس من يسهل عليه أن يعمل عملاً بدنياً لكنه يشق عليه أن يبذل مالاً فكان في الزكاة تمحيص لهؤلاء ، واختبار لهم ، ومن الناس من يسهل عليه أن يبذل مالاً كثيراً لكنه يصعب عليه أن يقوم ببذل مجهود بدني فكان في الصلاة اختبار لهم ، ومن الناس من يسهل عليه فعل الصلاة وإخراج الزكاة ، لكنه يشق عليه ترك ما يُحبه من الطعام والشراب ولذة الجماع ، فكان في الصوم امتحان لهؤلاء ، وأما الحج فقد جمع بين المال ، وعمل البدن ، ... إلى غير ذلك من الحكم والغايات المحمودة من هذه العبادات العظيمة .

وهذه الأركان إنما هي وحي من عند الله بلَّغَنَا إياها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وتلقاها المسلمون بالقبول والتسليم . فنسأل الله الهداية للجميع .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 01:44 PM
السؤال: 689


هل يحاسب الإنسان على كل ما عمل في الدنيا ؟.

الجواب:

الحمد لله

كل إنسان بما كسب رهين فمن آمن وعمل صالحاً دخل الجنة ومن كفر بالله ورسوله دخل النار قال تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً ، و الذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً ظليلاً ) النساء/56-57 .

والأعمال الصالحة , إنما تنفع صاحبها , والله غني عنا والأعمال السيئة إنما تضر صاحبها , ولا تضر الله شيئاً , كما قال سبحانه : ( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ) فصلت/46 .

وقال سبحانه : ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين ) العنكبوت/6 .

والله سبحانه كريم يضاعف الحسنات ، كما قال تعالى : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزي إلاّ مثلها وهم لا يظلمون ) الأنعام/160 .

والأعمال الصالحة كالصلاة والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي من المنكر والجهاد , وتلاوة القرآن وغيرها من شعائر الإسلام كلها جزاؤها الجنة كما قال تعالى : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) النساء/124 .

والأعمال السيئة والمعاصي كالظلم والشرك والقتل والفساد والكبر وغيرها من المعاصي كلها جزاؤها النار إلاّ من تاب قال تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين ) النساء/14 .

والأقوال والأعمال , خيراً كانت أو شراً , كلها مقيدة عند رب العالمين , قال تعالى : ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) الجاثية /29 .

ولا يقبل الله من الأعمال إلاّ ما كان خالصاً لله موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) الكهف/110 .

ويوم القيامة يرى كل إنسان ما عمل من طاعة أو معصية من خير أو شر كما قال سبحانه : ( يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) الزلزلة/6 - 8 .

وفي يوم القيامة كل إنسان سيعطى كتابه ويقال له : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ) الإسراء/14 .

فمن آمن وعمل صالحاً أخذ كتابه بيمينه مسروراً ودخل الجنة ومن عصى الله ورسوله أخذ كتابه بشماله , أو من وراء ظهره , ودخل النار كما قال سبحانه : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه ، فسوف يحاسب حساباً يسيراً ، و ينقلب إلى أهله مسروراً ، و أما من أوتي كتابه وراء ظهره ، فسوف يدعو ثبوراً ، ويصلي سعيراً ) الانشقاق/7 - 12 .

وشتان بين الإيمان والكفر وبين الطاعات والمعاصي وبين أهل الجنة وأهل النار : ( أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ، أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون ، وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ) السجدة/18 - 20 .

وقد بين الله أن أهل الإيمان هم الفائزون وأهل الكفر هم الخاسرون كما قال سبحانه : ( والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) سورة العصر .

اللهم ارزقنا الجنة وأجرنا من النار وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ..


من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري

ahmedaboali
03-19-2009, 01:45 PM
السؤال: 690


يقول والدي أنني ارتكبت إثماً يؤثّر على كل الأسرة وفيما بعد عاشوا أوقات عصيبة كفقد أموال عن طريق السرقة ودفع غرامات فهل يمكن أن يكون هذا بسبب ذنوبي ، هذا لا يبدوا مستقيماً فهل يعاقب الله كل الأطفال إذا ارتكبت أمهم ذنباً .

الجواب:


لا يُؤَاخَذُ الإنسان بذنب غيره ، فكل إنسانٍ يُحَاسَب على أعمَالِه ، قال تعالى : ( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى ) فاطر/18 ، لكنَّ كَون الأم أو الأب يَقْتَرِفُ ذنباً فإنّه من الوسائِل التي تجعَل أهلَ البيْتِ يقْتَدُونَ بهِ .

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 2/610 .

لكن قد يتعدىَّ شؤم المعصية من العاصي إلى بعض أهله ، فيكون عقوبة له وابتلاء لأهله ، والله عزّ وجل يبتَلِي الإنسان بالمصائِب لِكَي يكَفِّر الله بها ذنوبه ، وقد يبتلي الله بالنعم ، قال تعالى : ( ونَبْلوكُم بالشَّرِ والخيْرِ فتْنَة ) الأنبياء/35 .

وعلى كل حال يجب على المسلم أن يَتَجَنَّبَ المعاصي حتى لا ينزل عليه سخَطِ الله وغَضَبِه ،

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:10 PM
السؤال: 821


لماذا يظن المسلمون أن دينهم هو الحق ؟ هل لديهم أسباب مقنعة ؟.

الجواب:

الحمد لله

السائلة المكرّمة

تحية طيبة وبعد

فإن سؤالك يبدو للوهلة الأولى منطقيا من شخص لم يدخل في دين الإسلام لكن الذي مارس هذا الدين واعتقد بما فيه وعمل به يعرف فعلا مقدار النّعمة التي يعيش فيها وهو يتفيؤ ظلال هذا الدّين ، وذلك لأسباب كثيرة منها :

1- أن المسلم يعبد إلها واحدا لا شريك له ، له الأسماء الحسنى والصفات العلى فتتوحّد وجهة المسلم وقصده ويثق بربّه وخالقه ويتوكّل عليه ويطلب منه العون والنّصر والتأييد وهو يؤمن بأنّ ربه على كلّ شيء قدير لا يحتاج إلى زوجة ولا ولد خلق السموات والأرض وهو المحيي المميت الخالق الرازق فيطلب العبد منه الرزق السميع المجيب فيدعوه العبد ويرجو الإجابة التواب الغفور الرحيم فيتوب إليه العبد إذا أذنب وقصّر في عبادة ربّه ، العليم الخبير الشهيد الذي يعلم النيات والسرائر وما في الصّدور فيستحيي العبد أن يقترف الذّنب بظلم نفسه أو ظلم الخلق لأنّ ربّه مطّلع عليه وشاهد ، وهو يعلم أنّ ربّه حكيم يعلم الغيب فيثق في اختيار الربّ له وقدره فيه وأنّ ربّه لم يظلمه وأنّ كلّ قضاء قضاه له فهو خير وإن غابت الحكمة عن العبد .

2- آثار العبادات الإسلامية على نفس المسلم فالصلاة صلة بينه وبين ربّه إذا دخل فيها بخشوع أحسّ بالسكينة والطمأنينة والرّاحة لأنّه يأوي إلى ركن شديد وهو الله عزّ وجلّ ولذلك كان نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يقول : أرحنا بالصلاة وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وكلّ من وقعت له مصيبة فجرّب الصلاة أحسّ بمدد من الصّبر وعزاء عمّا أصابه ذلك لأنّه يتلو كلام ربّه في صلاته وأثر تلاوة كلام الربّ لا يُقارن بأثر قراءة كلام مخلوق وإذا كان كلام بعض الأطبّاء النفسانيين فيه راحة وتخفيف فما بالك بكلام من خلق الطبيب النّفساني .

وإذا جئنا إلى الزكاة وهي أحد أركان الإسلام فإنها تطهير للنّفس من الشحّ والبخل وتعويد على الكرم ومساعدة للفقراء والمحتاجين وأجر ينفع يوم القيامة كبقيّة العبادات ، ليست باهظة ومرهقة كضرائب البشر وإنما في كلّ 1000 يدفع 25 فقط يؤديها المسلم الصادق عن طواعية نفس لا يتهرّب منها حتى ولو لم يلاحقه أحد .

وأمّا الصيام فامتناع عن الطعام والنكاح عبادة لله وشعورا بحاجة الجائعين والمحرومين وتذكيرا بنعمة الخالق على المخلوق وأجر بلا حساب .

والحجّ إلى بيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم عليه السلام والتزام بأمر الله ودعاء مستجاب وتعرّف على المسلمين من أقطار الأرض

3- أنّ الإسلام قد أمر بكلّ خير ونهى عن كلّ شرّ وأمر بسائر الآداب ومحاسن الأخلاق مثل الصّدق والحلم والأناة والرّفق والتواضع والحياء والوفاء بالوعد والوقار والرحمة والعدل والشّجاعة والصّبر والألفة والقناعة والعفّة والإحسان والسّماحة والأمانة والشكر على المعروف وكظم الغيظ ، ويأمر ببرّ الوالدين وصلة الرّحم وإغاثة الملهوف والإحسان إلى الجار وحفظ مال اليتيم ورعايته ورحمة الصغير واحترام الكبير والرّفق بالخدم والحيوانات وإماطة الأذى عن الطريق والكلمة الطيبة والعفو والصّفح عند المقدرة ونصيحة المسلم لأخيه المسلم وقضاء حوائج المسلمين وإنظار المعسر والإيثار والمواساة والتعزية والتبسّم في وجوه الناس وإغاثة الملهوف وعيادة المريض ونصرة المظلوم والهديّة بين الأصحاب وإكرام الضّيف ومعاشرة الزوجة بالمعروف والإنفاق عليها وعلى الأولاد وإفشاء التحية وهي السّلام والاستئذان قبل الدخول إلى البيوت حتى لا يرى الإنسان عورات أصحاب البيت .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-19-2009, 03:11 PM
وإذا كان بعض غير المسلمين يفعلون بعض هذه الأمور فإنما يفعلونها من باب الآداب العامة لكنهم لا يرجون جزاء ولا ثوابا من الله ولا فوزا ولا فلاحا يوم القيامة .

وإذا جئنا إلى ما نهى الإسلام عنه لوجدناه في مصلحة الفرد والمجتمع وكلّ النواهي لحماية العلاقة بين الربّ والعبد وبين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وبني جنسه . ولنأخذ هذه الأمثلة الكثيرة لتوضيح المقصود :

فقد جاء الإسلام بالنهي عن الشرك بالله وعبادة غير الله وأنّ عبادة غير الله تعاسة وشقاء والنهي عن إتيان الكهان والعرافين وعن تصديقهم والنهي عن السحر الذي يعمل للتفريق بين شخصين أو الجمع بينهما وعن الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس والنهي عن سب الدهر لأن الله هو الذي يصرفه والنهي عن الطيرة وهي التشاؤم .

والنهي عن إبطال الأعمال كما إذا قصد الرياء والسمعة والمن .

وعن الانحناء أو السجود لغير الله وعن الجلوس مع المنافقين أو الفساق استئناسا بهم أو إيناسا لهم .

وعن التلاعن بلعنة الله أو بغضبه أو بالنار.

والنهي عن البول في الماء الراكد وعن قضاء الحاجة على قارعة الطريق وفي ظل الناس وفي موارد الماء وعن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط . والنهي أن يمسك الرجل ذكره بيمينه وهو يبول وعن السلام على من يقضي حاجته ونهي المستيقظ من نومه عن إدخال يده في الإناء حتى يغسلها .

والنهي عن التنفل عند طلوع الشمس وعند زوالها وعند غروبها وهي تطلع وتغرب بين قرني شيطان .

والنهي عن الصلاة وهو بحضرة طعام يشتهيه وعن الصلاة وهو يدافع البول والغائط والريح لأن كل ذلك يشغل المصلي ويصرفه عن الخشوع المطلوب .

والنهي أن يرفع المصلي صوته في الصلاة فيؤذي المؤمنين وعن مواصلة قيام الليل إذا أصابه النعاس بل ينام ثم يقوم وعن قيام الليل كله وبخاصة إذا كان ذلك تباعا .

وأيضا النهي أن يخرج المصلي من صلاته إذا شك في الحدث حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا .

والنهي عن الشراء والبيع ونشد الضالة في المساجد لأنها أماكن العبادة وذكر الله فلا يليق فعل الأمور الدنيوية فيها .

والنهي عن الإسراع بالمشي إذا أقيمت الصلاة بل يمشي وعليه السكينة والوقار والنهي عن التباهي في المساجد وعن تزيينها بتحمير أو تصفير أو زخرفة وكل ما يشغل المصلين

والنهي أن يصل يوما بيوم في الصوم دون إفطار بينهما والنهي أن تصوم المرأة صيام نافلة وبعلها شاهد إلا بإذنه

والنهي عن البناء على القبور أوتعليتها ورفعها والجلوس عليها والمشي بينها بالنعال وإنارتها والكتابة عليها و نبشها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

والنهي عن النياحة وعن شق الثوب ونشر الشعر لموت ميت والنهي عن نعي أهل الجاهلية أما مجرد الإخبار بموت الميت فلا حرج فيه .

والنهي عن أكل الربا والنهي عن كلّ أنواع البيوع التي تشتمل على الجهالة والتغرير والخداع ، والنهي عن بيع الدم والخمر والخنزير والأصنام وكل شيْء حرمه الله فثمنه حرام بيعا وشراء وكذلك النهي عن النجش وهو أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها كما يحصل في كثير من المزادات والنهي عن كتم عيوب السلعة وإخفائها عند بيعها ، والنهي عن بيع ما لا يملك وعن بيع الشيء قبل أن يحوزه والنهي أن يبيع الرجل على بيع أخيه وأن يشتري على شراء أخيه وأن يسوم على سوم أخيه ، والنهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وتنجو من العاهة والنهي عن التطفيف في المكيال والميزان ، والنهي عن الاحتكار ونهي الشريك في الأرض أو النخل وما شابهها عن بيع نصيبه حتى يعرضه على شريكه والنهي عن أكل أموال اليتامى ظلما واجتناب أكل القمار والنهي عن الميسر والغصب والنهي عن أخذ الرشوة وإعطائها والنهي عن نهب أموال الناس والنهي عن أكل أموالهم بالباطل وكذلك أخذها بقصد إتلافها والنهي عن بخس الناس أشياءهم والنهي عن كتمان اللقطة وتغييبها وعن أخذ اللقطة إلا لمن يعرفها والنهي عن الغش بأنواعه والنهي عن الاستدانة بدين لايريد وفاءه والنهي أن يأخذ المسلم من مال أخيه المسلم شيئا إلا بطيب نفس منه وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام والنهي عن قبول الهدية بسبب الشفاعة

والنهي عن التبتل وهو ترك النكاح والنهي عن الاختصاء والنهي عن الجمع بين الأختين والنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى خشية القطيعة والنهي عن الشغار وهو أن يقول مثلا زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي فتكون هذه مقابل الأخرى وهذا ظلم وحرام والنهي عن نكاح المتعة وهو نكاح إلى متفق عليه بين الطرفين ينتهي العقد بانتهاء الأجل ، والنهي عن وطء المرأة في المحيض وإنما يأتيها بعد أن تتطهر والنهي عن إتيان المرأة في دبرها والنهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له والنهي أن تنكح الثيب حتى تستأمر والبكر حتى تستأذن والنهي عن التهنئة بقولهم بالرفاء والبنين لأنها من تهنئة الجاهلية وأهل الجاهلية كانوا يكرهون الإناث ، والنهي أن تكتم المطلقة ما خلق الله في رحمها ، والنهي أن يحدث الزوج والزوجة بما يكون بينهما من أمور الاستمتاع والنهي عن إفساد المرأة على زوجها والنهي عن اللعب بالطلاق والنهي أن تسأل المرأة طلاق أختها سواء كانت زوجة أو مخطوبة مثل أن تسأل المرأة الرجل أن يطلق زوجته لتتزوجه ، ونهي المرأة أن تنفق من مال زوجها إلا بإذنه ونهي المرأة أن تهجر فراش زوجها فإن فعلت دون عذر شرعي لعنتها الملائكة والنهي أن ينكح الرجل امرأة أبيه والنهي أن يطأ الرجل امرأة فيها حمل من غيره والنهي أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة إلا بإذنها والنهي أن يطرق الرجل أهله ويفاجأهم ليلا إذا قدم من سفر فإذا أخبرهم بوقت قدومه فلا حرج ، ونهي الزوج أن يأخذ من مهر زوجته بغير طيب نفس منها ، والنهي عن الإضرار بالزوجة لتفتدي منه بالمال .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-19-2009, 03:12 PM
ونهي النساء عن التبرج والنهي عن المبالغة في ختان المرأة والنهي أن تدخل المرأة أحدا بيت زوجها إلا بإذنه ويكفي إذنه العام إذا لم يخالف الشرع والنهي عن التفريق بين الوالدة وولدها و النهي عن الدياثة والنهي عن إطلاق النظر إلى المرأة الأجنبية وعن اتباع النظرة النظرة .

والنهي عن الميتة سواء ماتت بالغرق أو الخنق أو الصعق أو السقوط من مكان مرتفع وعن الدم ولحم الخنزير وما ذبح على غير اسم الله وما ذبح للأصنام .

والنهي عن أكل لحم الجلالة وهي الدابة التي تتغذى على القاذورات والنجاسات وكذا شرب لبنها وعن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وأكل لحم الحمار الأهلي والنهي عن صبر البهائم وهو أن تمسك ثم ترمى بشيئ إلى أن تموت أو أن تحبس بلا علف ، والنهي عن الذبح بالسن والظفر وأن يذبح بهيمة بحضرة أخرى وأن يحد الشفرة أمامها .

في اللباس والزينة

النهي عن الإسراف في اللباس وعن الذهب للرجال والنهي عن التعري وعن المشي عريانا وعن كشف الفخذ .

والنهي عن إسبال الثياب وعن جرها خيلاء وعن لبس ثوب الشهرة

والنهي عن شهادة الزور والنهي عن قذف المحصنة والنهي عن قذف البريء وعن البهتان .

والنهي عن الهمز واللمز والتنابز بالألقاب والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين وعن التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب وعن السباب والشتم والفحش والخنا والبذاءة وكذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم .

والنهي عن الكذب ومن أشده الكذب في المنام مثل اختلاق الرؤى والمنامات لتحصيل فضيلة أو كسب مادي أو تخويفا لمن بينه وبينهم عداوة

والنهي أن يزكي المرء نفسه والنهي عن النجوى فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ، وعن لعن المؤمن ولعن من لايستحق اللعن .

والنهي عن سب الأموات والنهي عن الدعاء بالموت أو تمنيه لضر نزل به وعن الدعاء على النفس والأولاد والخدم والأموال .

والنهي عن الأكل مما بين أيدي الآخرين وعن الأكل من وسط الطعام وإنما يأكل من حافته وجوانبه فإن البركة تنزل وسط الطعام وعن الشرب من ثلمة الإناء المكسور حتى لايؤذي نفسه وعن الشرب من فم الإناء والنهي عن التنفس فيه وأن يأكل الشخص وهو منبطح على بطنه ، والنهي عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر

والنهي عن ترك النار في البيت موقدة حين النوم والنهي أن يبيت الرجل وفي يده غمر مثل الزهومة والزفر والنهي عن النوم على البطن ، والنهي أن يحدث الإنسان بالرؤيا القبيحة أو أن يفسرها لأنها من تلاعب الشيطان

والنهي عن قتل النفس بغير حق ، والنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر والنهي عن الانتحار والنهي عن الزنا و النهي عن اللواط وشرب الخمر وعصره وحمله وبيعه والنهي عن إرضاء الناس بسخط الله ، والنهي عن نهر الوالدين وقول أف لهما ، والنهي عن انتساب الولد لغير أبيه والنهي عن التعذيب بالنار والنهي عن تحريق الأحياء والأموات بالنار والنهي عن المثلة وهي تشويه جثث القتلى ، والنهي عن الإعانة على الباطل والتعاون على الإثم والعدوان والنهي عن إطاعة أحد في معصية الله والنهي عن الحلف كاذبا وعن اليمين الغموس والنهي أن يستمع لحديث قوم بغير إذنهم والنهي عن النظر إلى العورات والنهي أن يدّعي ما ليس له والنهي أن يتشبع بما لم يعط وأن يسعى إلى أن يحمد بما لم يفعل والنهي عن الاطلاع في بيت قوم بغير إذنهم والنهي عن الإسراف والتبذير والنهي عن اليمين الآثمة والتجسس وسوء الظن بالصالحين والصالحات والنهي عن التحاسد والتباغض والتدابر والنهي عن التمادي في الباطل والنهي عن الكبر والفخر والخيلاء والإعجاب بالنفس والفرح والمرح أشرا وبطرا والنهي أن يعود المسلم في صدقتة ولو بشرائها ، والنهي عن استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره و النهي عن عدم العدل في العطية بين الأولاد ، والنهي أن يوصي بماله كله ويترك ورثته فقراء فإن فعل فلا تنفذ وصيته إلا في الثلث والنهي عن سوء الجوار والنهي عن المضارة في الوصية والنهي عن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي والنهي عن الخذف وهو رمي الحصاة بين أصبعين لأنها مظنة الأذى مثل فقء العين وكسر السن ، والنهي عن الوصية لوارث لأن الله قد أعطى الورثة حقوقهم ، والنهي عن إيذاء الجار ، والنهي عن إشارة المسلم لأخيه بالسلاح والنهي عن تعاطي السيف مسلولا خشية الإيذاء والنهي أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما ، والنهي عن ردّ الهدية إذا لم يكن فيها محذور شرعي ، والنهي عن الإسراف والتبذير ، والنهي عن إعطاء المال للسفهاء ، ونهي الناس أن يتمنى ما فضل الله بعضهم على بعض من الرجال والنساء والنهي عن إبطال الصدقات بالمن والأذى ، والنهي عن كتمان الشهادة ، والنهي عن قهر اليتيم ونهر السائل ، والنهي عن التداوي بالدواء الخبيث فإن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها والنهي عن قتل النساء والصبيان في الحرب ، والنهي أن يفخر أحد على أحد ، والنهي عن إخلاف الوعد ، والنهي عن خيانة الأمانة والنهي عن سؤال الناس دون حاجة والنهي أن يروع المسلم أخاه المسلم أو يأخذ متاعه لاعبا أو جادا والنهي أن يرجع الشخص في هبته وعطيته إلا الوالد فيما أعطى ولده والنهي عن ممارسة الطب بغير خبرة والنهي عن قتل النمل والنحل والهدهد والنهي أن ينظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة والنهي عن الجلوس بين اثنين إلا بإذنهما والنهي عن جعل السلام للمعرفة وإنما يسلم على من عرف ومن لم يعرف والنهي عن جعل اليمين حائلة بين الحالف وعمل البر بل يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه والنهي عن القضاء بين الخصمين وهو غضبان أو يقضي لأحدهما دون أن يسمع كلام الآخر والنهي أن يمر الرجل في السوق ومعه ما يؤذي المسلمين كالأدوات الحادة المكشوفة ، والنهي أن يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه ، والنهي أن يقوم الرجل من عند أخيه حتى يستأذن .

إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي التي جاءت لسعادة الإنسان وسعادة البشرية ، فهل رأيت أو عرفت أيتها السائلة دينا مثل هذا الدّين ؟

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-19-2009, 03:12 PM
أعيدي قراءة الجواب ثمّ سائلي نفسك : أليس من الخسارة أن لا تكوني أحد أتباعه ؟

قال الله تعالى في القرآن العظيم : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ(85) سورة آل عمران

وختاما أتمنى لكِ ولكلّ من قرأ هذا الجواب التوفيق لسلوك سبيل الصواب واتّباع الحقّ ، والله يحفظنا وإياكم من كلّ سوء .



الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:12 PM
السؤال: 822

هل للمسلمين أعياد لا توجد عند النصارى وما هي ؟
ما هو شعار الإسلام ؟ مثلا عندنا الصليب فهل للإسلام شعار معين ؟.

الجواب:

الحمد لله

المسلمون لديهم يومان فقط يحتفلون بهما وهما عيد الفطر الذي يأتي بعد رمضان وعيد الأضحى الذي في الحج. والمسلمون يحتفلون بعيد الأضحى بذبح شاة اتباعاً لما فعله النبي إبراهيم عليه السلام لما أمره الله عز وجل بذبح ابنه البكر إسماعيل. ولما أخبر ابنه بهذا الأمر أطاعه وأخبره أنه سوف يكون صابراً. ولما أراد إبراهيم أن يشرع بذبح إسماعيل فدى الله تعالى إسماعيل من السماء بشاة عظيمة يذبحها بدلاً منه ومن هنا صارت سنة ذبح الشاة كذكرى لهذين النبيين عليهما السلام. وهو اتباع لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. والمسلمون فقط يحتفلون بهذه الأيام بينما لا يحتفلون بأعياد النصارى.

أما بالنسبة للرمز أو الشعار فالمسلمون يعبدون الله ويرفضون أي أوثان ونحن نعتقد أن النصارى يتخذون الصليب كرمز لربهم أو ابن ربهم كما يزعمون وهم يبحثون عن البركة والحماية من هذا الصليب. والمسلمون يطلبون البركة والحماية من الله وحده ولذا ليس للمسلمين رمز كصليب النصارى. بعض المسلمين اخترعوا الهلال كرمز مقابل الصليب ولكن هذا ليس صحيحاً وهو بدعة في الإسلام.


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:13 PM
السؤال: 823

سمعت محاضرة لبعض المشايخ يقولون أنهم سلفيون ويقولون بما يلي: أمي كافرة وستدخل النار أعلم ذلك. يقولون أنهم متأكدون من دخول شخص النار. فهل هذا مباح؟ هل نقول أن شخصاً ما سيدخل جهنم بسبب دينه؟.

الجواب:

الحمد لله

القاعدة في مذهب أهل السنة والجماعة ؛ أن الشهادة لمعيّن بالجنة والنار من أمور العقيدة التي تؤخذ بالتلقي من الكتاب والسنة ، ولا مجال للعقل بالاجتهاد فيها .

فمن شهد له الشرع - الكتاب والسنة - بجنة أو نار ؛ شهدنا له ، ومع ذلك فنحن نرجو للمحسن الجنة ، ونخاف على المسيء النار ، والله أعلم بالخواتيم .

والشهادة بالجنة والنار تنقسم إلى قسمين :-

1. الشهادة العامة : المتعلقة بوصف ، كأن تقول : من أشرك بالله تعالى شركاً أكبر فقد كفر وخرج من الدين وهو في النار .

وكذلك نقول : من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . ومثل هذه النصوص وغيرها كثيرة في القرآن الكريم ، والسنة النبوية .

وإذا سأل شخص : هل الذي يدعو غير الله ويستغيث به في الجنة أم في النار ؟ . فنقول هو كافر وفي النار إذا قامت عليه الحجة والدليل وأصرّ ومات على ذلك .

وإذا قيل : من حج فلم يرفث ولم يفسق ؛ ومات بعد حجه - مثلاً فأين مصيره ؟ قلنا هو في الجنة ، أو من كان آخر كلامه من الدنيا : لا إله إلا الله " فهو في الجنّة ونحو ذلك .

كلٌّ هذا للوصف لا للشخص المعيّن .

2. الشهادة الخاصة أو المعيّنة : لشخص بذاته واسمه أنه في الجنة أو في النار ، فهذه لا تجوز إلا في حق من أخبر الله تعالى عنه ، أو رسوله أنه في الجنّة أو في النار .

فمن شهد لهم الله أو رسوله بالجنة بأعيانهم فهم من أهلها قطعا كالعشرة المبشرين بالجنة ، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة ، أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه .

وممن شهد له الشّرع بالنار على التعيين فهو من أهلها كأبي لهب ، وامرأته ، وأبي طالب ، وعمرو بن لحي ، وغيرهم .

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة بمنّه وكرمه وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:13 PM
السؤال: 824

هل يجوز لإنسان أن يشتم الحياة إذا غضب أو ضاق منها نرجو منكم التوجيه في ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا يحل للإنسان إذا ضاق من الحياة أن يشتم الحياة لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال تعالى : ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي أقلب الليل والنهار ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) أي هو المصرف للدهر وعلى الإنسان إذا ابتلي ببلية أن يصبر ويحتسب فإن الله أمر بالصبر .

وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( تلك من أنباء الغيب نُوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ) هود /49 ، وليعلم الإنسان أنه ما من مصيبة إلا في الدنيا أعظم منها فإذا علم ذلك هانت عليه مصيبته .



من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1757 ص 45.

ahmedaboali
03-19-2009, 03:14 PM
السؤال: 825


هل يجوز للمسلمة أن تجالس وتسامر مسلمة لا تصلي إطلاقاً في مناسبات إسلامية أو حفل زواج تمت دعوتها إليه ؟
هل يجوز أن نأكل ونشرب من نفس الكأس أو الطبق الذي استعملته ؟.

الجواب:

الحمد لله

من كان تاركا للصلاة بالكلية فهو كافر وليس بمسلم

وعليه فهذه المرأة المذكورة في السؤال ليست بمسلمة , وعليه فالواجب هجرها وعدم مجالستها , إلا إذا كان ذلك لأجل حثها على التوبة والإنابة إلى الله بأداء الصلوات والمحافظة عليها .

وفي فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء : ( من ترك الصلاة متعمدا جاحدا لوجوبها فهو كافر باتفاق العلماء , وإن تركها تهاونا وكسلا فهو كافر على الصحيح من أقوال أهل العلم , وبناء على ذلك لا تجوز مجالسة هؤلاء بل يجب هجرهم ومقاطعتهم وذلك بعد البيان لهم أن تركها كفر إذا كان مثلهم يجهل ذلك , وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " . وهذا يعم الجاحد لوجوبها والتارك لها كسلا , وبالله التوفيق , وصلى الله على نبينا محمد وآله ) ا.هـ

من " فتاوى إسلامية " للمسند (1/373) .

وأما الأكل والشرب من نفس الإناء الذي استعملته فحكمه حكم أواني الكفار , وأواني الكفار يجوز للمسلم استعمالها إذا علم أنهم لا يضعون فيها شيئا من المحرمات كالخمر والخنزير , فقد ثبت في الصحيحين البخاري برقم ( 344 ) ، ومسلم برقم ( 682 ) من حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه استعملوا ماء من مزادة امرأة مشركة .

وأما إذا تقين أو غلب على ظنه استخدامهم لها في شيء من المحرمات فالواجب عليه أن يغسلها قبل استعمالها , لما ثبت في الصحيحين البخاري ( 5496 ) ، ومسلم ( 1930 ) من حديث أبي ثعلبة الخشني قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله , إنا بأرض قوم من أهل الكتاب , نأكل في آنيتهم ؟ .... إلى أن قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب , تأكلون في آنيتهم , فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها , وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها " . واللفظ لمسلم .

للمزيد يراجع فتح الباري لابن حجر : (1/453) , والشرح الممتع لابن عثيمين (1/67_69) .

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-19-2009, 03:15 PM
السؤال: 826


جارتي أمريكية مسيحية ....، هي وعائلتها قدموا لي هدايا بمناسبة الكريسمس ، وأنا لا أستطيع رده هذه الهدايا ، حتى لا تغضب مني !!
فهل لي أن أقبل هذه الهدايا ، كما قبل الرسول عليه الصلاة والسلام هدايا الكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الأصل هو جواز قبول الهدية من الكافر ، تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام ، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا بعض الكفار ، كهدية المقوقس وغيره .

وبوب البخاري في صحيحه : باب قبول الهدية من المشركين ، قال رحمه الله : " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ ، وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ ، وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ " وذكر قصة اليهودية وإهداءها الشاة المسمومة للنبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا :

يجوز للمسلم أن يهدي للكافر والمشرك ، بقصد تأليفه ، وترغيبه في الإسلام ، لاسيما إذا كان قريبا أو جارا ، وقد أهدى عمر رضي الله عنه لأخيه المشرك في مكة حلة (ثوبا) . رواه البخاري (2619).

لكن لا يجوز أن يهدي للكافر في يوم عيد من أعياده ، لأن ذلك يعد إقرارا ومشاركة في الاحتفال بالعيد الباطل .

وإذا كانت الهدية مما يستعان به على الاحتفال كالطعام والشموع ونحو ذلك ، كان الأمر أعظم تحريما ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كفر .

قال الزيلعي في "تبيين الحقائق" (حنفي) (6/228) : " ( والإعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز ) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام بل كفر , وقال أبو حفص الكبير رحمه الله لو أن رجلا عبد الله خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز , وأهدى لبعض المشركين بيضة ، يريد به تعظيم ذلك اليوم ، فقد كفر , وحبط عمله . وقال صاحب الجامع الأصغر : إذا أهدى يوم النيروز إلى مسلم آخر , ولم يرد به التعظيم لذلك اليوم , ولكن ما اعتاده بعض الناس لا يكفر , ولكن ينبغي له أن لا يفعل ذلك في ذلك اليوم خاصة , ويفعله قبله أو بعده ، كي لا يكون تشبها بأولئك القوم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } . وقال في الجامع الأصغر رجل اشترى يوم النيروز شيئا ، لم يكن يشتريه قبل ذلك ، إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظمه المشركون كفر , وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر " انتهى .

وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/319) : " وكره ابن القاسم أن يهدي للنصراني في عيده مكافأة له ، ونحوه إعطاء اليهودي ورق النخيل لعيده " انتهى .

وقال في "الإقناع" من كتب الحنابلة : " ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه ، ومهاداتهم لعيدهم " انتهى .

بل ولا يجوز للمسلم أن يهدي للمسلم هدية لأجل هذا العيد ، كما سبق في كلام الحنفية ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالِفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد : لم تقبل هديته ، خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم ، مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد ، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم ، وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد ، لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/227).

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-19-2009, 03:15 PM
ثالثا :

أما قبول الهدية من الكافر في يوم عيده ، فلا حرج فيه ، ولا يعد ذلك مشاركة ولا إقرارا للاحتفال ، بل تؤخذ على سبيل البر ، وقصد التأليف والدعوة إلى الإسلام ، وقد أباح الله تعالى البر والقسط مع الكافر الذي لم يقاتل المسلمين ، فقال : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8.

لكن البر والقسط لا يعني المودة والمحبة ؛ إذ لا تجوز محبة الكافر ولا مودته ، ولا اتخاذه صديقا أو صاحبا ، لقوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقّ ) الممتحنة/1 ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118

وقال عز وجل : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هود/113

وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم مصادقة الكافر أو مودته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فقد قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتي بهدية النيروز فقبلها .

وروى ابن أبي شيبة .. أن امرأة سألت عائشة قالت إن لنا أظآرا [جمع ظئر ، وهي المرضع] من المجوس ، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا فقالت : أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا ، ولكن كلوا من أشجارهم .

و.. عن أبي برزة أنه كان له سكان مجوس فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان ، فكان يقول لأهله : ما كان من فاكهة فكلوه ، وما كان من غير ذلك فردوه .

فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم ، بل حكمها في العيد وغيره سواء ؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم ... ".

ثم نبه رحمه الله على أن ذبيحة الكتابي وإن كانت حلالا إلا أن ما ذبحه لأجل عيده : لا يجوز أكله . قال رحمه الله : " وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم ، بابتياعٍ أو هديةٍ أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد . فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة ، وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى ، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة ، فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله وإن لم يسم عليه غير الله تعالى ، ونقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر ..." انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/251).

والحاصل أنه يجوز لك قبول الهدية من جارتك النصرانية ، في يوم عيدهم ، بشروط :

الأول : ألا تكون هذه الهدية من ذبيحةٍ ذبحت لأجل العيد .

الثاني : ألا تكون مما يستعان به على التشبه بهم في يوم عيدهم ، كالشمع ، والبيض ، والجريد ، ونحو ذلك .

الثالث : أن يصحب ذلك شرح وتوضيح لعقيدة الولاء والبراء لأبنائك ، حتى لا ينغرس في قلوبهم حب هذا العيد ، أو التعلق بالمُهدي .

الرابع : أن يكون قبول الهدية بقصد تأليفها ودعوتها للإسلام ، لا مجاملة أو محبة ومودة .

وفي حال كون الهدية مما لا يجوز قبولها ، فإنه ينبغي أن يصحب رفضها توضيح وبيان لسبب الرفض ، كأن يقال : إنما رفضنا هديتك لأنها ذبيحة ذبحت لأجل العيد ، وهذا لا يحل لنا أكله ، أو أن هذه الأمور إنما يقبلها من يشارك في الاحتفال ، ونحن لا نحتفل بهذا العيد ؛ لأنه غير مشروع في ديننا ، ويتضمن اعتقادا لا يصح عندنا ، ونحو ذلك ، مما هو مدخل لدعوتهم إلى الإسلام ، وبيان خطر الكفر الذي هم عليه .

والمسلم يجب أن يكون معتزا بدينه ، مطبقا لأحكامه ، لا يتنازل عنها حياء أو مجاملة لأحد ، فإن الله أحق أن يُستحيى منه .


والله أعلم .

ahmedaboali
03-19-2009, 03:16 PM
السؤال: 827


نريد أن نعرف بوضوح كيف ينظر المسلمون إلى غير المسلمين ، وكيف يتعاملون معهم وفق شريعة الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

1- الإسلام دين رحمة و عدل

2- المسلمون مأمورون بدعوة غير المسلمين بالحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتي هي أحسن قال الله تعالى ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم )

3- لا يقبل الله غير الإسلام دينا قال تعالى ( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)

4- يجب على المسلمين أن يُمَكِِِِِّنوا أي كافر من سماع كلام الله قال تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه )

5- يفرق المسلمون بين أنواع الكفار في المعاملة , فيسالمون من سالمهم و يحاربون من حاربهم و يجاهدون من وقف عائقا دون نشر رسالة الإسلام و تحكيمه في الأرض.

6- موقف المسلمين من غير المسلمين في مسألة الحب والبغض القلبي مبني على موقف هؤلاء من الله عز وجل فإن عبدوا الله لا يشركون به شيئا أحبوهم و إن أشركوا بالله و كفروا به و عبدوا معه غيره أو عادوا دينه و كرهوا الحق كرهوهم بالقلب و جوبا.

7- إن البغض القلبي لا يعني الظلم بأي حال من الأحوال لأن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما يجب عليه من الموقف تجاه أهل الكتاب ( وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) مع كونه مسلماً وهم على ملة اليهودية و النصرانية.

8- يعتقد المسلمون بأنه لا يجوز لمسلم بحال من الأحوال أن يظلم غير المسلم المسالم فلا يعتدي عليه ولا يخيفه ولا يرهبه ولا يسرق ماله ولا يختلسه ولا يبخسه حقه ولا يجحد أمانته ولا يمنعه أجرته ويؤدي إليه ثمن البضاعة إذا اشتراها منه وربح المشاركة إذا شاركه.

9- يعتقد المسلمون أنه يجب على المسلم احترام العهد إذا عقده مع طرف غير مسلم فإذا وافق على شروطهم في إذن الدخول إلى بلدهم (الفيزا) و تعهد بالإلتزام بذلك فلا يجوز له أن يفسد فيها ولا أن يخون ولا أن يسرق ولا أن يقتل ولا أن يرتكب عملاً تخريباً وهكذا.

10- يعتقد المسلمون أن غير المسلمين الذين يحاربونهم ويخرجونهم من ديارهم ويعينون على إخراجهم بأن دماء هؤلاء وأموالهم حلال للمسلمين.

11- يعتقد المسلمون بأنه يجوز للمسلم أن يحسن إلى غير المسلم المسالم سواء بالمساعدة المالية أو الإطعام عند الجوع أو القرض عند الحاجة أو الشفاعة في الأمور المباحة أو اللين في الكلام و رد التحية وهكذا قال الله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )

12- لا يمانع المسلمون من التعاون مع غير المسلمين في إحقاق الحق و إبطال الباطل ونصرة المظلوم ورد الأخطار عن البشرية كالتعاون في محاربة التلوث وسلامة البيئة ومحاصرة الأمراض الوبائية ونحو ذلك.

13- يعتقد المسلمون بأن هناك فرقا بين المسلم وغير المسلم في أحكام معينة مثل الدية والميراث والزواج والولاية في النكاح ودخول مكة وغيرها كما هو مبين في كتب الفقه الإسلامي وهذا مبني على أوامر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولا يمكن المساواة بين من آمن بالله وحده لا شريك له وبين من كفر بالله وحده وبين من كفر بالله وأشرك به وأعرض عن دينه الحق.

14- المسلمون مأمورن بالدعوة إلى الله في جميع البلاد الإسلامية وغيرها وعليهم أن يقوموا بتبليغ دين الله الحق إلى العالمين و بناء المساجد في أنحاء العالم وإرسال الدعاة إلى الأمم غير المسلمة ومخاطبة عظمائها للدخول في دين الله .

15- ويعتقد المسلمون أن غيرهم من أهل الملل والأديان الأخرى ليسوا على دين صحيح ، ولذلك فإن المسلمين لا يسمحون لغيرهم ببث دعاة أو مبشرين أو بناء كنائس في بلدان المسلمين قال الله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) فمن ظن أن الإسلام يتساوى مع غيره من الأديان فهو مخطئ خطأً عظيماً وعلماء المسلمين يفتحون الباب للمحاورة مع غير المسلمين ويتيحون الفرصة للنقاش والسماع من غير المسلمين وعرض الحق عليهم .

وأخيراً فقد قال الله تعالى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعض أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) وقال الله تعالى : ( ولو آمن أهل الكتاب لكن خيراً لهم ).


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:16 PM
السؤال: 828


هل يجوز حضور الاحتفال بأعياد النصارى وتهنئتهم بها ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال ابن القيم رحمه الله : ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله . وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم . . . وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) . وقال عمر أيضاً : (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم) . وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) اهـ أحكام أهل الذمة 1 /723-724 .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-19-2009, 03:17 PM
السؤال: 829


ما حكم الشرع في المشاركة في بعض الاحتفالات والمناسبات السنوية مثل اليوم العالمي للأسرة ، واليوم الدولي للمعاقين والسنة الدولية للمسنين ، وكذا بعض الاحتفالات الدينية كالإسراء والمعرج والمولد النبوي والهجرة وذلك بإعداد بعض النشرات أو إقامة المحاضرات والندوات الإسلامية لتذكير الناس ووعظهم ؟

الجواب:


الحمد لله

الذي يظهر لي أن هذه الأيام التي تتكرر في كل سنة والاجتماعات هي من الأعياد المحدثة ، والشرائع المبتدعة التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطاناً ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .

وقال أيضاً : ( إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا ) متفق عليه .

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كلام طويل في ( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ) في ذم المواسم والأعياد المحدثة التي لا أصل لها في الشرع الحنيف ، وأن ما تشتمل عليه من الفساد في الدين ليس كل أحدٍ بل ولا أكثر الناس يُدرك فساد هذا النوع من البدع ، ولا سيما إن كانت من جنس العبادات المشروعة ، بل أولو الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد .

وأن الواجب على الخلق : اتباع الكتاب والسنة ، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة .

وأن من أحدث عملاً في يوم كإحداث صوم أو صلاة أو صنع أطعمة أو زينة وتوسيع في النفقة ونحو ذلك ، فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب ، وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ، إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه ، أو قلب متبوعه ، لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع .

وأن العيد يكون اسماً لنفس المكان ولنفس الزمان ، ولنفس الاجتماع ، وهذه الثلاثة قد أحدث منها أشياء .

أما الزمان فثلاثة أنواع ، ويدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال .

إحداهما : يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً ، ولم يكن له ذكر عند السلف ، لا جرى فيه ما يوجب تعظيمه .

النوع الثاني : ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه .

وإن من فعل ذلك فقد شابه النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعياداً أو اليهود ، وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتُبع ، وإلا لم يُحدث في الدين ما ليس منه .

وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً .. فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع فيه لو كان خيراً ...

النوع الثالث : ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين وغيرها ، ثم يحدث فيه أهل الأهواء ما يعتقدون أنه فضيلة وهو منكر ينهى عنه ، مثل إحداث الروافض التعطش والحزن في يوم عاشوراء وغير ذلك ، من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع أو الشهور أو الأعوام غير الاجتماعات المشروعة ، فإن ذلك يضاهي الاجتماع للصلوات الخمس وللجمعة وللعيدين وللحج ، وذلك هو المبتدع المحدث .

وأصل هذا : أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات ، حتى تصير سنناً ومواسم ، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد ، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد ، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه ، وفيه من الفساد ما تقدم التنبيه على بعضه بخلاف ما يفعله الرجل وحده أو الجماعة المخصوصة أحياناً . انتهى ملخصاً .

وبناء على ما سبق : لا يجوز للمسلم المشاركة في هذه الأيام التي يحتفل بها في كل عام ، وتتكرر في كل سنة ، لمشابهتها لأعياد المسلمين كما مر معنا ، أما إن كانت غير متكررة ، وقَدر فيها المسلم على بيان الحق الذي يحمله وتبليغه للناس فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ،

والله أعلم .


المرجع : مسائل ورسائل /محمد الحمود النجدي ص31 .

ahmedaboali
03-19-2009, 03:18 PM
السؤال: 830


ما هو حكم تناول الطعام ( رز أو لحم أو دجاج أو كيك ) الذي يهدى إلينا من صديق نصراني والذي صنعه من أجل عيد ميلاده الشخصي أو عيد الميلاد ( كريسماس ) أو عيد رأس السنة الميلادية؟ وما رأي فضيلتكم في تهنئته بكلام مثل إن شاء الله تستمر في النجاح في هذه السنة لتفادي قول كل عام وأنت بخير أو عام سعيد .

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يأكل ما يصنعه اليهود والنصارى في أعيادهم ، أو ما يهدونه إليه من أجل عيدهم ، لأن ذلك من التعاون والمشاركة معهم في هذا المنكر

كما لا يجوز له أن يهنئهم بعيدهم ، بأي صيغة من صيغ التهنئة ؛ لما في ذلك من الإقرار بعيدهم وعدم الإنكار عليهم ، ومعاونتهم في إظهار شعائرهم وترويج بدعهم ومشاركتهم السرور في أعيادهم ، وهي أعياد مبتدعة ، تتصل بعقائد فاسدة لا يقرها الإسلام
والله أعلم .

ahmedaboali
03-20-2009, 03:12 PM
السؤال: 941


هل يجوز لنا قراءة علامات النجوم.

الجواب:

الحمد لله

قال البخاري في صحيحه : قال قتادة : " خلق الله هذه النجوم لثلاث : زينةً للسماء ، ورجوماً للشياطين ، وعلاماتٍ يُهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وكُلف ما لا علم له به " . انتهى صحيح البخاري – باب في النجوم . (2/420)

وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين :

أولاً : علم التأثير .

ثانياً : علم التسيير .

فأما علم التأثير فهو على ثلاثة أقسام :

1- أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور فهذا شرك أكبر ؛ لأن من ادعى أن مع الله خالقاً فهو مشركٌ شركاً أكبر ، وقد جعل المخلوق المُسَخََََّر خالقاً مُسَخِراً .

2- أن يجعلها سبباً يدَّعي به علم الغيب فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا . كأن يقول : هذا الإنسان ستكون حياته شقاء ؛ لأنه ولد في النجم الفلاني ، وهذا حياته ستكون سعيدة ؛ لأنه ولد في النجم الفلاني . فهذا الشخص اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب وادعاء علم الغيب كفرٌ مُخرجٌ عن الملة لأن الله يقول : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } النمل 65 ، وهذا من أقوى أنواع الحصر لأنه حصرٌ بالنفي والاستثناء ، فإذا ادعى علم الغيب فقد كذب القرآن .

3 - أن يعتقدها سبباً لحدوث الخير والشر فهذا شرك أصغر ، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم . ( ولا ينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه ) والقاعدة أن من اعتقد شيئا سببا لشيء ، ولم يجعله الله كذلك فقد تعدى على الله لأن مسبب الأسباب هو الله وحده . كمن يستشفي بربط خيط ما ، ويقول أنا أعتقد أن الشفاء بيد الله وهذا الخيط هو مجرد سبب فنقول له : نجوت من الشرك الأكبر ، ووقعت في الشرك الأصغر لأن الله لم يجعل الخيط سببا ظاهرا للشفاء ، وأنت بفعلك هذا قد اعتديت على مقام الربوبية بجعل شيء سببا لشيء والله لم يجعله كذلك . وهكذا من جعل النجوم سبب لنزول المطر وليست كذلك والدليل ما أخرجه البخاري ( 801 ) ومسلم ( 104 ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَب " فحكم على من نسب المطر إلى النجوم نسبة سبب .

الثاني : علم التسيير . وهو على قسمين :

1- أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية فهذا مطلوب ، وإذا كان يُعين على مصالح دينية واجبة كان تعلُمُهَا واجباً كأن يستدل بالنجوم على جهة القبلة .

2- أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية ، فهذا لا بأس به وهو نوعان :

الأول : أن يستدل بها على الجهات ، كمعرفة أن القطب يقع شمالاً ، والجدي – وهو قريب منه – يدور حوله شمالاً ... فهذا جائز ، قال تعالى : { وعلامات وبالنجم هم يهتدون } ( النحل 16) .

الثاني : أن يستدل بها على الفصول ، وهو ما يُعرف بتعلم منازل القمر فهذا كرهه بعض السلف ، وأباحه آخرون ، والصحيح أنه جائز وليس فيه كراهه ؛ لأنه لا شرك فيه إلا إن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد ، وأنها هي الجالبة لذلك فهذا نوعٌ من الشرك ، أما مجرد معرفة الوقت بها هل هو الربيع أو الخريف أو الشتاء فهذا لا بأس به .

انظر القول المفيد للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله (2/102) .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-20-2009, 03:13 PM
السؤال: 942


بعض الناس يتفاءل أو يتشاءم عند شعوره بصوت في إحدى أذنيه ، أو إذا رفّ له جفن أو نحو ذلك . فهل لهذا أصل ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا أصل لهذا ، والواجب على المسلم أن يتوكل على الله سبحانه وتعالى والتشاؤم من الطيرة ، وقد أبطلها النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنها شرك ، وإذا أحس الإنسان بشيء منها فليدفعه وليمض في شأنه ولا يتردد ، قال صلى الله عليه وسلم : " الطيرة ما أمضاك أو ردك " وعلى المسلم أن يدعوا بهذا الدعاء : " اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بك " وأما الفأل فإنه طيب ، وكان الفأل يعجب النبي صلى الله عليه وسلم ، والفأل حسن ظن بالله عز وجل .


الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
من مجلة الدعوة العدد 1809 ص 58.

ahmedaboali
03-20-2009, 03:14 PM
السؤال: 943


أرجو تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) المائدة/35 ، وذلك ردّاً على الصوفية في التوسل ، حيث إن بعضهم فسرها بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء ، أما بالنسبة لحديث آدم لما اقترف الخطيئة فيقولون : إن البيهقي صحح الحديث ، وإن الذهبي أثنى على هذا الكتاب .

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

حديث اقتراف آدم للخطيئة وتوسله بالنبي صلى الله عليه وسلم حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آدم عليه السلام .

ونقلنا عن أهل العلم تبيينهم لكذبه ، ومن هؤلاء العلماء الإمام الذهبي رحمه الله .

والبيهقي رحمه الله لم يرو الحديث في سننه ، بل رواه في "دلائل النبوة" (5/489) وضعَّفه ، فقد قال بعد سياقه للحديث : " تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف " .

ومما يرجح نكارة المتن وبطلانه : أن الدعاء الذي قبِل الله به توبة آدم هو ما قاله الله في سورة الأعراف : ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/23 ، فهذا هو الدعاء الذي دعا به آدم وحواء ، وفيه دعاء الله تعالى وحده ، والتوسل بأسمائه وصفاته ، والتوسل بذكر حالهم ، وهي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ثم قالها فتاب الله تعالى عليه ، كما قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/37 .

ثانياً :

أما تفسير لفظ " الوسيلة " في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة/35 : فهي الطريق الموصلة إلى الله تعالى ، ولا طريق موصلة إليه عز وجل إلا الطريق التي يحبها الله ويرضى عنها ، وتكون بطاعته وترك معصيته .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يقول تعال آمراً عباده المؤمنين بتقواه ، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف من المحارم وترك المنهيات ، وقد قال بعدها : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) قال سفيان الثوري عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس : أي : القربة ، وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد ، وقال قتادة : أي : تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه ، وقرأ ابن زيد : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) ، وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .

والوسائل والوسيلة : هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (2/53، 54) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

" اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى ؛ لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى ، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .

وأصل الوسيلة : الطريق التي تقرب إلى الشيء ، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء ؛ لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جدّاً كقوله تعالى : ( وَمَآ ءَاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ ) ، وكقوله : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى ) ، وقوله : ( قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة . . .

وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس فالمعنى : ( وَٱبْتَغُواْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ ) : واطلبوا حاجتكم من الله ؛ لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها ، ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى : ( إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ ) ، وقوله : ( وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ ) ، وفي الحديث : ( إذا سألتَ فاسأل الله ) .

ثم قال الشنقيطي رحمه الله : التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة ، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتفسير ابن عباس داخل في هذا ؛ لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته .

وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهَّال المدعين للتصوُّف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه : أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين ، وتلاعب بكتاب الله تعالى ، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار ، كما صرح به تعالى في قوله عنهم : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ ) وقوله : ( وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـوَتِ وَلاَ في ٱلأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رِضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل ، ( لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِىِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ ) .

وهذا الذي فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضاً في قوله تعالى : ( أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) ، وليس المراد بالوسيلة أيضاً المنزلة التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها ، نرجو الله أن يعطيه إياها ؛ لأنها لا تنبغي إلا لعبد ، وهو يرجو أن يكون هو " انتهى باختصار .

"أضواء البيان" (2/86– 88) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-20-2009, 03:15 PM
السؤال: 944


منذ سبع سنوات ذهبت عند عراف ثم عند كاهن وكنت حينها مصاباً بالوساس .
وكنت أعلم أن الذهاب إلى الكاهن أو العراف شرك ، ولكني لم أكن أعرف معنى الشرك وأنه خروج من الملة . وبعد هذه السنين تبت إلى الله تعالى من كل الذنوب والمعاصي ، وبدأت أقرأ في كتب التوحيد حتى أصحح عقيدتي ، فوجدت أني وقعت في الشرك الأكبر . فهل لي من توبة ؟ وهل أعيد الشهادة ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، ونسأله سبحانه أن يرزقك الثبات والاستقامة على الحق .

ثانياً :

قد تظاهرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الذهاب إلى الكهان والعرافين ،

ولكن ليس كل من ذهب إلى كاهن أو عراف يكون مشركاً شركاً أكبر خارجاً عن الملة ، بل الذهاب إلى الكاهن أو العراف فيه تفصيل ، فقد يكون شركاً أكبر ، وقد يكون معصية ، وقد يكون جائزاً .


قال الشيخ ابن عثيمين :

" والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه ، فهذا محرم ، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، كما ثبت في صحيح مسلم (2230) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .

القسم الثاني : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به ، فهذا كفر بالله عز وجل ، لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب ، وتصديق البشري دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى : ( قًُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) النمل/65 . ولهذا جاء في الحديث الصحيح : ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) .

القسم الثالث : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس ، وأنها كهانة وتمويه وتضليل ، وهذا لا بأس به ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ابن صياد ، فأضمر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في نفسه ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا خَبَّأ له ؟ فقال : الدخ . يريد الدخان " انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (2/184) .

وعليه ؛ فمن أتى إلى عراف أو كاهن وكان مصدقاً له فيما يقول ومعتقدا أنه يعلم الغيب فقد كفر كفرا أكبر يخرج به من الإسلام ، وأما إذا لم يكن معتقدا لصدقه فلا يكفر .

وعلى كل الأحوال فباب التوبة مفتوح ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) رواه الترمذي ( 3537) .

أي : ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم ، وكل ذنب يتوب منه الإنسان فإن الله يتوب عليه ، قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .

فأي ذنب وقع فيه الإنسان ثم تاب منه قبلت توبته ، حتى الشرك .

والأصل أن الكافر – ومثله المرتد عن الإسلام- يطلب منه أن ينطق بالشهادتين حتى يدخل في الإسلام ، فإن كان ذهابك إلى الكاهن من القسم الثاني السابق ذكره ، فلا بد من الإتيان بالشهادتين ، وحيث إنك قد تبت واستقمت فلا شك أنك قد كررت الشهادتين مرات ومرات ، فلا يلزمك الآن شيء ، وعليك العزم على عدم العودة لمثل هذا مرة أخرى .

واجتهد في طلب العلم حتى تعبد الله على بصيرة .

نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى

ahmedaboali
03-20-2009, 03:16 PM
السؤال: 945


الحديث الشريف : ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ...الخ ) . فما القول في أن قبر الرسول عليه الصلاة والسلام موجود داخل مسجده بالمدينة ؟.

الجواب:

الحمد لله

قد تكلم العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسألة ، وردوا على من استدل بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده على جواز اتخاذ القبور مساجد ، أو إدخال القبور في المساجد ، وسنذكر هاهنا فتاوى لبعض علمائنا المحققين ، وفيها تفصيل ما في السؤال من إشكال .

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" هنا شبهة يشبه بها عُبَّاد القبور ، وهي : وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده ، والجواب عن ذلك : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يدفنوه في مسجده ، وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي الله عنها ، فلما وَسَّعَ الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في المسجد ، وقد أساء في ذلك ، وأنكر عليه بعض أهل العلم ، ولكنه اعتقد أن ذلك لا بأس به من أجل التوسعة .

فلا يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ، أو الدفن في المساجد ؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة ؛ ولأن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (5/388، 389) .

2. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الصلاة في مسجد فيه قبر ؟

فأجاب :

" الصلاة في مسجد فيه قبر على نوعين :

الأول : أن يكون القبر سابقاً على المسجد ، بحيث يبنى المسجد على القبر ، فالواجب هجر هذا المسجد وعدم الصلاة فيه ، وعلى من بناه أن يهدمه ، فإن لم يفعل وجب على ولي أمر المسلمين أن يهدمه .

والنوع الثاني : أن يكون المسجد سابقاً على القبر ، بحيث يدفن الميت فيه بعد بناء المسجد ، فالواجب نبش القبر ، وإخراج الميت منه ، ودفنه مع الناس .

وأما المسجد فتجوز الصلاة فيه بشرط أن لا يكون القبر أمام المصلي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور .

أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي شمله المسجد النبوي فمن المعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بُنِيَ قبل موته فلم يُبْنَ على القبر ، ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن فيه ، وإنما دفن في بيته المنفصل عن المسجد ، وفي عهد الوليد بن عبد الملك كتب إلى أميره على المدينة وهو عمر بن عبد العزيز في سنة 88 من الهجرة أن يهدم المسجد النبوي ويضيف إليه حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمع عمر وجوه الناس والفقهاء وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك ، وقالوا : تَرْكُها على حالها أدعى للعبرة ، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة ، كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً فكتب عمر بذلك إلى الوليد فأرسل الوليد إليه يأمره بالتنفيذ فلم يكن لعمر بُدٌّ من ذلك ، فأنت ترى أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يوضع في المسجد ، ولم يُبْنَ عليه المسجد ، فلا حجة فيه لمحتج على الدفن في المساجد أو بنائها على القبور ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، قال ذلك وهو في سياق الموت تحذيراً لأمته مما صنع هؤلاء ، ولما ذكرت له أم سلمة رضي الله عنها كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح ، أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً ، أولئك شرار الخلق عند الله " ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مِن شرار الناس مَن تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون من القبور مساجد " أخرجه الإمام أحمد بسند جيد .

والمؤمن لا يرضى أن يسلك مسلك اليهود والنصارى ، ولا أن يكون من شرار الخلق . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 292) .

والله أعلم

ahmedaboali
03-20-2009, 03:31 PM
السؤال: 946


أنا معي صاحب يسب الدين ، ويسمعني كلاماً سيئاً في رمضان ، كيف أتعامل معه ؟ إنه دائماً معي ويكرر لي السب والشتم .

الجواب:

الحمد لله

سب الله تعالى أو الدين كفر أكبر مخرج من الملة ، قال الله تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65، 66 .

والواجب عليك تذكير هذا الساب ونصحه وتخويفه من أنه قد حبطت أعماله ، وأنه – إن لم يتب - سيلقى الله تعالى بالكفر الأكبر .

وأعلمه أن عقوبته التي يستحقها في الدنيا : القتل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) رواه البخاري (3017) .

وذكِّره بوجوب الرجوع إلى الإسلام ، وأنه إذا رجع وتاب تاب الله عليه .

فإن استجاب فقد أحسن ، وإن لم يستجب فلا يحل لك البقاء معه وهو يسب الدين .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم البقاء بين قوم يسبون الله عز وجل .

فأجاب :

" لا يجوز البقاء مع قوم يسبون الله عز وجل ، لقوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء/140 . والله الموفق " انتهى .

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/السؤال رقم 238) .

واعلم أن صحبة السوء لا تأتي إلا بالشر ، فاحرص على نفسك منها ، وقد شبَّه النبي صلى الله عليه وسلم صاحب السوء بنافخ الكير ، فهو إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة .

عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) . رواه البخاري ( 5543 ) ومسلم ( 2628 ) .

يُحذيك : يُعطيك .

قال النووي رحمه الله :

" فيه تمثيله صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك , والجليس السوء بنافخ الكير , وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب , والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع , ومن يغتاب الناس , أو يكثر فُجْرُه وبَطَالَتُه . ونحو ذلك من الأنواع المذمومة " انتهى . " شرح مسلم " ( 16 / 178 ) .

والخلاصة : أنه يجب عليك مناصحة هذا الساكن معك ، فقد وقع في الكفر الأكبر عندما سب الدين ، ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب عندما سبَّك ، فإن استجاب لنصحك وأصلح نفسه فابق معه وأعنه على نفسه ، وإن لم يستجب فلا خير لك في مصاحبته .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-20-2009, 03:32 PM
السؤال: 947


البعض يعتقد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهيد وأنه في حياة البرزخ حيث يستطيع أن يسمعنا إذا سألناه وطلبنا شفاعته (بسبب فضله وقربه من الله ) حين ندعوا الله .

الجواب:

الحمد لله

النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يحصل له بها التنعم بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه ، وليست الحياة في القبر كالحياة في الدنيا ولا الحياة في الآخرة ، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرة وبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء وغيرهم قال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، وقال سبحانه : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ .وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) الرحمن/26،27 وقال : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله توفاه إليه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ولو كان حيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات .

ولأن فاطمة رضي الله عنها قد طلبت من أبي بكر رضي الله عنه إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها بموته ، ولم يخالفها في ذلك الاعتقاد أحد من الصحابة بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن الأنبياء لا يورثون . ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه وتم ذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما فعلوا ذلك فهو إجماع منهم على موته .ولأن الفتن والمشكلات لما كثرت في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما ، وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن والمشكلات وطريقة حلها ولو كان حيا كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء . أما روحه صلى الله عليه وسلم فهي في أعلى عليين لكونه أفضل الخلق ، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام .

وحياة البرزخ حياة خاصة فالأنبياء أحياء والشهداء أحياء في البرزخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون ) أخرجه المنذري والبيهقي ، وصححه وله شواهد في الصحيحين .

وقال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) البقرة/154 ، فهذه حياة خاصة لها طبيعة خاصة يعلمها الله وليست كحياة الدنيا التي تفارق فيها الروح الجسد .

والأصل في الأموات أنهم لا يسمعون كلام الأحياء من بني آدم ، لقوله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر/22 ، فأكد الله عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى . ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر ، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط لما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وهذا ليس بصريح أنه يسمع سلام المسلِّم ، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلّغته الملائكة ذلك . ولو فرضنا سماعه سلام المسلِّم ، فهو استثناء من الأصل كما استثني من ذلك سماع الميت لقرع نعال مشيعي جنازته ، واستثني من ذلك سماع قتلى الكفار الذين قبروا في قليب بدر لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم حين قال لهم : " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " انظر فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 / 313 ،318 ، 321 )

وأما بالنسبة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم والطلب منه مباشرة فهذا عين الشرك الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينهى عنه ، ويحارب أهله

نسأل الله أن يرد المسلمين لدينهم ردا جميلا . والله أعلم ، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-20-2009, 03:32 PM
السؤال: 947


البعض يعتقد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهيد وأنه في حياة البرزخ حيث يستطيع أن يسمعنا إذا سألناه وطلبنا شفاعته (بسبب فضله وقربه من الله ) حين ندعوا الله .

الجواب:

الحمد لله

النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يحصل له بها التنعم بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه ، وليست الحياة في القبر كالحياة في الدنيا ولا الحياة في الآخرة ، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرة وبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء وغيرهم قال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، وقال سبحانه : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ .وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) الرحمن/26،27 وقال : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله توفاه إليه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ولو كان حيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات .

ولأن فاطمة رضي الله عنها قد طلبت من أبي بكر رضي الله عنه إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها بموته ، ولم يخالفها في ذلك الاعتقاد أحد من الصحابة بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن الأنبياء لا يورثون . ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه وتم ذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما فعلوا ذلك فهو إجماع منهم على موته .ولأن الفتن والمشكلات لما كثرت في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما ، وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن والمشكلات وطريقة حلها ولو كان حيا كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء . أما روحه صلى الله عليه وسلم فهي في أعلى عليين لكونه أفضل الخلق ، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام .

وحياة البرزخ حياة خاصة فالأنبياء أحياء والشهداء أحياء في البرزخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون ) أخرجه المنذري والبيهقي ، وصححه وله شواهد في الصحيحين .

وقال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) البقرة/154 ، فهذه حياة خاصة لها طبيعة خاصة يعلمها الله وليست كحياة الدنيا التي تفارق فيها الروح الجسد .

والأصل في الأموات أنهم لا يسمعون كلام الأحياء من بني آدم ، لقوله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر/22 ، فأكد الله عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى . ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر ، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط لما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وهذا ليس بصريح أنه يسمع سلام المسلِّم ، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلّغته الملائكة ذلك . ولو فرضنا سماعه سلام المسلِّم ، فهو استثناء من الأصل كما استثني من ذلك سماع الميت لقرع نعال مشيعي جنازته ، واستثني من ذلك سماع قتلى الكفار الذين قبروا في قليب بدر لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم حين قال لهم : " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " انظر فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 / 313 ،318 ، 321 )

وأما بالنسبة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم والطلب منه مباشرة فهذا عين الشرك الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينهى عنه ، ويحارب أهله

نسأل الله أن يرد المسلمين لدينهم ردا جميلا . والله أعلم ، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-20-2009, 03:33 PM
السؤال: 948


هل يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من الدوائر شخصا يعتنق الشيوعية أو يسخر بالدين أويعتنق القومية ويعتبرها دينا ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو الدوائر الأخرى من علم أنه شيوعي أو يسخر بالدين الإسلامي أو اعتنق القومية أو اعتبرها دينا لأنه بانتخابه إياه رضيه ممثلا له وأعانه على تولي مركز يتمكن من الإفساد فيه ، ويعين فيه من يشايعه في مبدئه وعقيدته وقد يستغل ذلك المركز في إيذاء من يخالفه وحرمانه من حقوقه أو بعضها في تلك الدائرة أو غيرها بحكم مركزه وتبادل المنافع بينه وبين زملائه في الدوائر الأخرى ، ولما فيه من تشجيعه على استمراره على المبدأ الباطل وتنفيذه ما يريد .


من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 404)

ahmedaboali
03-20-2009, 03:35 PM
السؤال: 949


رجل سب الدين هو في حالة غضب شديد ، فما حكمه ؟ وما هي شروط التوبة من هذا الفعل ؟ وهل ينفسح نكاح زوجته ؟.

الجواب:

الحمد لله


" الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه ، وقد حكى الله عن قوم استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب ، فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله ، وأنهم كفروا به فقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65، 66 .

فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة

ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .

فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته . وشروط التوبة الخمسة هي:

الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته ، بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه ، فقد أخلص لله تعالى فيها.

الشرط الثاني : أن يندم على ما فعل من الذنب ، بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه .

الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه ؛ فإن كان ذنبه تَرْكَ واجبٍ قام بفعله وتَدَارَكَه إن أمكن ، وإن كان ذنبُه بإتيانِ محرمٍ أقلع عنه ، وابتعد عنه ، ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ، فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.

الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل ، بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.

الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول ، فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل ، وفوات وقت القبول عام وخاص :

أما العام ؛ فإنه طلوع الشمس من مغربها ، فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل ، لقول الله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) الأنعام/158 .

وأما الخاص ؛ فهو حضور الأجل ، فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/18 .

أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين - فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها .

ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها ، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب ، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول ، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض ، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه ، فإن هذا الكلام لا حكم له ، ولا يحكم عليك بالردة ، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به ، يقول : الله تعالى في الأيمان : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ) المائدة/89 .

فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ، ولا يعلم ماذا خرج منه ، فإنه لا حكم لكلامه، ولا يحكم بردته حينئذ ، وإذا لم يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه ، بل هي باقية في عصمته .

ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ، حين سأله رجل ، فقال له : يا رسول الله ، أوصني قال : (لا تغضب) فردد مراراً ، قال : ( لا تغضب ) . فلْيُحْكِم الضبط على نفسه ، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان جالساً فليضطجع ، وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ ، فإن هذه الأمور تذهب غضبه . وما أكثرَ الذين ندموا ندماً عظيماً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ، ولكن بعد فوات الأوان" اهـ .


"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/152) .

ahmedaboali
03-20-2009, 03:36 PM
السؤال: 950


عيني اليمنى لها أكثر من أسبوع ترف ، ويقول لي البعض إنها فأل شر ، فبماذا تفتونني ؟؟.

الجواب:

الحمد لله

لا علاقة لما ذكرته من رفة العين بفأل الشر ، بل هذا من التشاؤم الذي يجب على المسلم الحذر منه ؛ فإنه من أفعال الجاهلية ، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التطيّر ، وأخبر أنه من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد الواجب ، لكون الطيرة من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته ، والمراد بالتطير أو الطيرة هو : ( التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم )

وقد جاء نهيه صلى الله عليه وسلم عنها في غير ما حديث ، فمن ذلك :

- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ) رواه البخاري ( 5757 ) ومسلم ( 102 )

- وما رواه أبو داود ( 3910 ) والترمذي ( 1614 ) وصححه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، وما منّا إلا ....، ولكن الله يذهبه بالتوكل ) وقوله : ( وما منا إلا ... ) إلخ ، من كلام ابن مسعود ، وليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومعناه : ما منا من أحد إلا وقد يقع في قلبه شيء من الطيرة والتشاؤم إلا أن الله تعالى يذهب ذلك من القلب بالتوكل عليه وتفويض الأمر إليه .

- وما جاء أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل قالوا : وما الفأل ؟ قال : الكلمة الطيبة ) رواه البخاري ( 5756 ) ومسلم ( 2220 )

فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التشاؤم والتحذير منه ، لما فيه من تعلّق القلب بغير الله تعالى ، ولأن كل مَنْ اعتقد أن بعض الأشياء قد تتسبب في نفعه أو ضره ، والله لم يجعلها سببا لذلك ؛ فقد وقع في الشرك الأصغر ، وفتح للشيطان باباً لتخويفه و إيذائه في نفسه وبدنه وماله ، ولذا نفاها الشارع وأبطلها وأخبر أنه لا تأثير لها في جلب نفع أو دفع ضر .

فإذا علمت ذلك ـ وفقك الله ـ فإنْ وقع لك شيء من ذلك فعليك أن تتقي الله ، وأن تتوكل عليه و تستعين به ، ولا تلتفت إلى هذه الخواطر السيئة والأوهام الباطلة ، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علاج التشاؤم ، وذلك فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده ( 2 / 220 ) وصححه الألباني في الصحيحة ( 1065 ) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ( من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ، قالوا : وما كفارة ذلك ؟ قال : أن تقول : اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك ) .

فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائماً ، بل عليه أن يكون دائماً متفائلاً حَسَنَ الظن بربه فإذا سمع شيئاً، أو رأى أمراً؛ ترقب منه الخير؛ وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، فيكون مؤملاً للخير من ربه في جميع أحواله، وهذه حال المؤمن ، فإن أمره كله له خير كما قال صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له ". صحيح مسلم ( 2999) ، وبهذا يكون المؤمن دائما في حال من الرضى والطمأنينة والتوكل على الله ، وبُعْدٍ عن الهموم والأحزان التي يوسوس له بها الشيطان الذي يحب أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر على أن يضرهم بشيء ، نسأل الله لنا ولك السلامة من كل مكروه والله تعالى أعلم .

للاستزادة ( فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2 / 210 ).

ahmedaboali
03-23-2009, 04:28 AM
السؤال: 1071


هل كل ذبح لا يراد به وجه الله يعتبر شركاً ؟ مع التفصيل في ذلك .

الجواب:

الحمد لله

الذبح تارة يكون نسكا ، إجلالا لله وتعظيما له ، وتارة يكون لأجل إكرام ضيف أو أكل لحم أو نحو ذلك ، ففي الحالة الأولى ، لا يجوز أن يصرف هذا الإجلال والتعظيم إلا لله عز وجل ، ومن صرفه لغير الله ، فقد أشرك شركا أكبر ، وصارت ذبيحته بمنزلة الميتة ، أما الحالة الثانية فهي جائزة ، وقد تكون مطلوبة ، إلا أنه في جميع الأحوال لا يجوز ذكر اسم غير الله على الذبيحة وإلا صارت ميتة محرمة ، فذكر اسم الله عز وجل شيء ، والمقصود بالذبيحة شيء آخر .

فإن قيل : كيف نفرق بين ما يكون إكراما وبين ما يكون تقربا لغير الله ؟

فالجواب : أنه في حال التقرب لغير الله لا يقصد بالذبيحة اللحم ، وإنما يقصد بها تعظيم المذبوح له ، ويصرف اللحم لأناس آخرين ، كمن يذبح أمام رئيس لمقدمه من سفر أو نحو ذلك ، ثم يعطي الذبيحة أناسا آخرين ليأكلوا منها ، وهذا كان يفعله بعض الناس في السابق ، فهذا ما ذبح للرئيس إلا تعظيما له وإجلالا ، فيكون داخلا في الشرك الأكبر .

قال الشيخ ابن عثيمين :" الذبح إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص ويقع على وجوه :

الأول : أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه ، فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى ، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له } والنسك هو الذبح .

الثاني : أن يقع إكراما لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوبا أو استحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : " أولم ولو بشاة " .

الثالث : أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الاتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى : { أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون } يس/71 ، 72 وقد يكون مطلوبا أو منهيا عنه حسب ما يكون وسيلة له ." شرح الأصول الثلاثة ضمن مجموع الفتاوى 6 / 62

وقال في مواهب الجليل :" وأما الذبح للأصنام ، فلا خلاف في تحريمه ، لأنه مما أهل به لغير الله انتهى . " 3 / 213

وذكر في ردّ المحتار [ 6 / 309 ] :

أن الذبح لقدوم الأمير محرّم ، بينما الذبح للإكرام للضيف جائز ، ثم قال : والفارق أنه إن قدمها ليأكل منها كان الذبح لله والمنفعة للضيف أو للوليمة أو للربح ، وإن لم يقدمها ليأكل منها بل يدفعها لغيره كان لتعظيم غير الله فتحرم " اهـ .

وقال في المجموع :" لا يجوز أن يقول الذابح : باسم محمد ، ولا باسم الله واسم محمد ، بل من حق الله تعالى أن يجعل الذبح باسمه واليمين باسمه ، والسجود له لا يشاركه في ذلك مخلوق . وذكر الغزالي في الوسيط أنه لا يجوز أن يقول : باسم الله ومحمد رسول الله ، لأنه تشريك " 8/384

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: عن حكم الذبح لغير الله، وهل يجوز الأكل من تلك الذبيحة ؟

فأجاب قائلا : الذبح لغير الله شرك أكبر لأن الذبح عبادة كما أمر الله به في قوله : { فصل لربك وانحر } . وقوله سبحانه : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } فمن ذبح لغير الله فهو مشرك شركا مخرجا عن الملة – والعياذ بالله – سواء ذبح ذلك لملك من الملائكة ، أو لرسول من الرسل ، أو لنبي من الأنبياء ، أو لخليفة من الخلفاء ، أو لولي من الأولياء ، أو لعالم من العلماء ، فكل ذلك شرك بالله – عز وجل – ومخرج عن الملة والواجب على المرء أن يتقي الله في نفسه ، وأن لا يوقع نفسه في ذلك الشرك الذي قال الله فيه { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار }

وأما الأكل من لحوم هذه الذبائح فإنه محرم لأنها أهل لغير الله بها وكل شيء أهل لغير الله به أو ذبح على النصب فإنه محرم كما ذكر الله ذلك في سورة المائدة في قوله - تعالى – { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب } فهذه الذبائح التي ذبحت لغير الله من قسم المحرمات لا يحل أكلها .

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن حكم الذبح لغير الله ؟

فأجاب بقوله : تقدم لنا في غير هذا الموضع أن توحيد العبادة هو إفراد الله – سبحانه وتعالى – بالعبادة بأن لا يتعبد أحد لغير الله – تعالى – بشيء من أنواع العبادة ، ومن المعلوم أن الذبح قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه لأن الله – تعالى – أمر به في قوله { فصل لربك وانحر } وكل قربة فهي عبادة ، فإذا ذبح الإنسان شيئا لغير الله تعظيما له ، وتذللا ، وتقربا إليه كما يتقرب بذلك ويعظم ربه - عز وجل - كان مشركا بالله - عز وجل - وإذا كان مشركا فإن الله - تعالى قد بين أنه حرم على المشرك الجنة ومأواه النار .

وبناء على ذلك نقول : إن ما يفعله بعض الناس من الذبح للقبور - قبور الذين يزعمون بأنهم أولياء - شرك مخرج عن الملة ، ونصيحتنا لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله - عز وجل - مما صنعوا ، وإذا تابوا إلى الله وجعلوا الذبح لله وحده كما يجعلون الصلاة والصيام لله وحده ، فإنه يغفر لهم ما سبق كما قال الله - تعالى – { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } " مجموع الفتاوى 2 / 148

للمزيد ( انظر القول المفيد على كتاب التوحيد 1 / 215 ، تيسير العزيز الحميد 1 / 155 ، الدرر السنية من الأجوبة النجدية 1 / 428 ].

ahmedaboali
03-23-2009, 04:28 AM
السؤال: 1072


أسمع كثيراً من الناس يقول : مدد يا رسول الله . مدد يا سيدنا الحسين . مدد يا سيد يا بدوي . . . ولا أعلم معنى هذه الكلمة .

الجواب:

الحمد لله

ينبغي أن يُعلم أن الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه وحده سبحانه ، ويفردوه بالعبادة . قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .

وأرسل الله تعالى الرسل ليدعو أقوامهم إلى توحيد الله تعالى ، وينهوهم عن الشرك ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُون ِ) الأنبياء /25.

والشرك هو صرف العبادة لغير الله تعالى ، والدعاء من جملة العبادات التي يجب إخلاصها لله تعالى ولا يجوز صرفها لغيره ، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي (2969) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وطلب المدد من غير الله -كما جاء في السؤال- من صور دعاء غير الله ، ولذلك كان من الشرك .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة" (2/193) :

"قول جماعة المنشدين : مدد يا سيدنا الحسين ، مدد يا سيدة زينب ، مدد يا بدوي يا شيخ العرب مدد يا رسول الله ، مدد يا أولياء الله .. إلى أمثال ذلك شرك أكبر يخرج قائله من ملة الإسلام والعياذ بالله ؛ لأنه نداء للأموات ليعطوهم خيراً ، وليغيثوهم ويدفعوا أو يكشفوا عنهم ، وذلك أن المراد بالمدد هنا العطاء والغوث والنصرة ، فكان معنى قول القائل : ( مدد يا سيد يا بدوي ، مدد يا سيدة زينب ..الخ ) امددنا بعطائك وخيرك واكشف عنا الشدة وادفع عنا البلاء ، وهذا شرك أكبر ، قال الله تعالى بعد أن بيّن لعباده تدبيره للكون وتسخيره إياه : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) فاطر/13–14 . فسمى دعاءهم شركاً .

وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف /6 . فأخبر سبحانه بأن المدعوين سواه من الأنبياء والصالحين غافلون عن دعاء من دعاهم ولا يستجيبون دعاءهم أبداً وأنهم سيكونون أعداء لهم ويكفرون بعبادتهم إياهم وقال : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون . ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون . وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون . إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) الأعراف /191-194 . وقال : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون /117 . فأخبر سبحانه بأن من دعا غير الله من الأموات ونحوهم لا فلاح له لكفره بسبب دعائه غير الله" اهـ .

ahmedaboali
03-23-2009, 04:28 AM
السؤال: 1073


أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر ) فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.

الجواب:

الحمد لله

إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله التوفيق ومنه السداد :

اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .

وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .

والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .

وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)

أقسام الشرك :

وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :

أولاً : الشرك الأكبر :

وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .

وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .

وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة المختلفة ، أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي ، لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم مشركون في الباطن دون الظاهر .

كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :

كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا الكون مع الله تعالى.

أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .

أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .

أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب ، وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك . وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:29 AM
وتارة يكون في الأقوال :

كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ، أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .

وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .

وتارة يكون في الأفعال :

كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي تضاهي حكم الله ويشرعها للناس ، ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .

ثانياً : الشرك الأصغر :

وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .

وهذا يكون في الغالب من جهتين :

الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .

الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.

وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :

1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من الشرك الأصغر : كما في المسند ( 27742 ) عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ :الرِّيَاء . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )

2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "

أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:29 AM
فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .

والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه من العين .

والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل إلى امرأته .

3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ، فهم أعلم الناس بدين الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع . ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .. ) هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر ، لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .

4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ "

فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً لنزوله ـ والواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ، ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .

والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.

وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .

كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :

كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .

وتارة يكون بالأقوال :

كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله ، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .

وتارة يكون بالأفعال :

كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة ، كتقبيل أبواب المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .

هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:30 AM
خاتمة :

وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته وحده لا شريك له .

ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ، وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48

وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .

فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35 ، قال بعض السلف : " ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "

فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه ، داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول ‏:‏ ‏"‏ اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم‏" ‏‏.‏ صححه الألباني في صحيح الجامع ( 3731 ) .

ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ، وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .

وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :

فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .

وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم ويبقى على إسلامه ، غير أن فاعله على خطر عظيم ، لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .

نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته – سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم ، وإليه المرجع والمآب .

ahmedaboali
03-23-2009, 04:30 AM
السؤال: 1074


ما رأيكم فيمن يفرق بين السلفية وأهل السنة، ويجعل السلفية طائفة أخص من أهل السنة ، ويجعل أصولها ما عليه شيوخ هذه الطائفة من الآراء والأقوال؟.

الجواب:

الحمد لله

هذا القول مجانب للصواب ، فإن أهل السنة هم الذين يتبعون الصحابة وما كان عليه السلف، وليس هؤلاء فرقة وهؤلاء فرقة ، أو أن السلفية أخص !

والاصطلاح المصطلح عليه أن السلف هم الصحابة ومن سار على طريقهم وأهل السنة هم الذين اتبعوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم الذين ورد فيهم الحديث : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ( حديث الفرقة الناجية ) .

ونصب الخلاف والنزاع على مجرد الألقاب لا يجوز، والله تعالى أمر باتفاق المؤمنين ونهى عن التفرق وتوعد عليه .

وينبغي للإنسان أن يكون قصده الحق ، وإذا قال قولاً قال بالعدل والإنصاف ، ولا يكون مبغضاً لإنسان فيدعوه بغضه إلى رد الحق الذي يقوله ، أو تلمس الزلات له ، ولا يأتي بأشياء قد تكون مفهومة عن بعد أو فيها تكلف لأجل ذلك، فهذا ليس من شأن أهل السنة ، والمسلم يجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، ويجب أن يكون ناصحاً له ، ويؤدي النصيحة وينطوي قلبه عليها .


الشيخ عبد الله الغنيمان.

ahmedaboali
03-23-2009, 04:30 AM
السؤال: 1075


ورد ذكر الصابئة في عدة آيات من القرآن ، فمن هم ؟ وما الدين الذي يدينون به ؟.

الجواب:

الحمد لله

ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .

والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .

قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ

وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....

وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم يعبدون الملائكة ... )

قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا ؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .

وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ، وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:31 AM
وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ، وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .

ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )

ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .

وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس ، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل ، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مجوسا.

وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى ،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98

وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458] ، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] . وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند تفسيره لآية البقرة .

ahmedaboali
03-23-2009, 04:31 AM
السؤال: 1076


ما هي الماسونية . وما حكمها في الإسلام ؟ وما حكم الانضمام لها ؟.

الجواب:

الحمد لله

"الماسونية هي جمعية سرية سياسية تهدف إلى القضاء على الأديان والأخلاق الفاضلة وإحلال القوانين الوضعية والنظم غير الدينية محلها ، وتسعى جهدها في إحداث انقلابات مستمرة وإحلال سلطة مكان أخرى بدعوة حرية الفكر والرأي والعقيدة . وهذا ما صرحوا ويصرحون به .

فمن ذلك ما أعلنه أحدهم في مؤتمر الطلاب الذي انعقد في 1865م في مدينة لييج التي تعتبر أحد المراكز الماسونية من قوله :

يجب أن يتغلب الإنسان على الإله ، وأن يعلن الحرب عليه . وأن يخرق السماوات ويمزقها كالأوراق . وجاء في المحفل الماسوني الأكبر سنة 1922م صفحة 98 ما نصه : سوف نقوي حرية الضمير في الأفراد بكل ما أوتينا من طاقة ، وسوف نعلنها حرباً شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين . ويقول الماسونيون : إن الماسونية تتخذ من النفس الإنسانية معبوداً لها .

ويقولون : إنا لا نكتفي بالانتصار على المتدينين ومعابدهم ، إنما غايتنا الأساسية إبادتهم من الوجود . مضابط المؤتمر الماسوني العالمي سنة 1903م صفحة 102 .

ويقولون : ستحل الماسونية محل الأديان وأن محافلها ستحل محل المعابد ... إلى غير ذلك مما فيه التصريح بشدّة عداوتهم للأديان ، وحربهم لها حرباً شعواء لا هوادة فيها .

والجمعيات الماسونية من أقدم الجمعيات السرية التي لا تزال قائمة ولا يزال منشؤها غامضاً وغايتها غامضة على كثير من الناس بل لا تزال غامضة على كثير من أعضائها . لإحكام رؤسائها ما بيتوا من مكر سيء وخداع دفين ولشدة حرصهم على كتمان ما أبرموه من تخطيط وما قصدوا إليه من نتائج وغايات . ولذا يدبر أكثر أمورها شفوياً .

وإن أريد كتابة فكرة أو إذاعتها عرضت قبل ذلك على الرقابة الماسونية لتقرها أو تمنعها . وقد وضعت أسس الماسونية على نظريات فأخذت من مصادر عدة ، أكثرها التقاليد اليهودية .

ويؤيد ذلك أن النظم والتعاليم اليهودية هي التي اتخذت أساساً لإنشاء المحفل الأكبر سنة 1717م ولوضع رسومه ورموزه وأن الماسونيين لا يزالون يقدسون حيرام اليهودي ، ويقدسون الهيكل والمعبد الذي شيده حتى اتخذوا منه نماذج للمحافل الماسونية في العالم ، وأن كبار الأساتذة من اليهود لا يزالون العمود الفقري للماسونية ، وهم الذين يمثلون الجمعيات اليهودية في المحافل الماسونية وإليهم يرجع انتشار الماسونية والتعاون بين الماسونية في العالم ، وهم القوة الكامنة وراء الماسونية وإلى خواصهم تسند قيادة خلاياها السرية يدبرون أمرها ويرسمون الخطط لها ويوجهونها سراً كما يشاءون ، ويؤيد ذلك ما جاء في مجلة أكاسيا الماسونية سنة 1908 م عدد 66 من أنه لا يوجد محفل ماسوني خال من اليهود وأن جميع اليهود لا تحتضن المذاهب بل هناك المبادئ فقط وكذلك الحال عند الماسونية ولهذه العلة تعتبر المعابد اليهودية خليفتنا ولذا نجد بين الماسونيين عدداً كبيراً من اليهود اهـ .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:32 AM
ويؤيد أيضاً ما ذكر في سجلات الماسونية من قولهم : لقد تيقن اليهود أن خير وسيلة لهدم الأديان هي الماسونية ، وأن تاريخ الماسونية يشابه تاريخ اليهود في الاعتقاد .. وأن شعارهم هو نجمة داود المسدسة، ويعتبر اليهود والماسونيون أنفسهم معا الأبناء الروحيين لبناة هيكل سليمان ، وأن الماسونية التي تزيف الأديان الأخرى تفتح الباب على مصراعيه لإعلاء اليهودية وأنصارها ، وقد استفاد اليهود من بساطة الشعوب وحسن نيتها ، فدخلوا في الماسونية ، واحتلوا المراكز الممتازة وبذلك نفثوا الروح اليهودية في المحافل الماسونية وسخروها لأغراضهم اهـ .

ومما يدل على شدة حرصهم على سريتها وبذلهم الجهد في كتمان ما يخططون لهدم الأديان وتبييتهم المكر السيء لإحداث الانقلابات السياسية ما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون من قولهم : وسوف نركز هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا ، وستتألف هذه القيادة من علمائنا وسيكون لهذه الخلايا ممثلوها الخصوصيون ، كي تحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا حقيقة ، وسيكون لهذه القيادة وحدها الحق في تعيين من يتكلم ، وفي رسم نظام اليوم ، وفي هذه الخلايا سنضع الحبائل والمصايد لكل الاشتراكيين وطبقات المجتمع الثورية ، وإن معظم الخطط السياسية السرية معروفة لنا وسنهديها إلى تنفيذها عندما تتشكل ، ولكن الوكلاء في البوليس الدولي السري تقريباً سيكونون أعضاء في هذه الخلايا ..وحينما تبدأ المؤامرات خلال العالم فإن بدأها يعني أن واحداً من أشد وكلائنا إخلاصاً يقوم على رأس هذه المؤتمرات وليس إلا طبيعيا أننا كنا الشعب الوحيد الذي يوجه المشروعات الماسونية ونحن الشعب الوحيد الذي يعرف أن يوجهها ونعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأمميين ـ أي غير اليهود ـ جاهلون بمعظم هذه الأشياء الخاصة بالماسونية ولا يستطيعون حتى رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون .

إلى غير ذلك مما يدل على قوة الصلة بين اليهودية والماسونية ، ومزيد التعاون بين الطائفتين في المؤامرات الثورية وإحداث الحركات الهادمة ، وعلى أن الماسونية في ظاهرها دعوة إلى الحرية في العقيدة والتسامح في الرأي والإصلاح العام للمجتعمات ، ولكنها في حقيقتها ودخيلة أمرها دعوة إلى الإباحية والانحلال وعوامل هرج ومرج وتفكك في المجتمعات ، وانفصام لعرى الأمم ومعاول هدم وتقويض لصرح الشرائع ومكارم الأخلاق وإفساد وتخريب العمران .

على هذا فمن كان من المسلمين عضواً في جمعة الماسونية وهو على بيّنة من أمرها ، ومعرفة بحقيقتها ودفين أسرارها أو أقام مراسمها وعني بشعائرها كذلك فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن مات على ذلك فجزاؤه جزاء الكافرين ، ومن انتسب إلى الماسونية وكان عضوا في جماعتها وهو لا يدري عن حقيقتها ولا يعلم ما قامت عليه من كيد للإسلام والمسلمين وتبييت الشر لكل من يسعى لجمع الشمل وإصلاح الأمم وشاركهم في الدعوة العامة والكلمات المعسولة التي لا تتنافى حسب ظاهرها مع الإسلام فليس بكافر ، بل هو معذور في الجملة لخفاء واقعهم عليه ، ولأنه لم يشارك في أصول عقائدهم ولا في مقاصدهم ورسم الطريق لما يصل بهم إلى غاياتهم الممقوتة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "

لكن يجب عليه أن يتبرأ منهم إذا تبين له أمرهم ويكشف للناس عن حقيقتهم ويبذل جهده في نشر أسرارهم وما بيتوا للمسلمين من كيد وبلاء ليكون ذلك فضيحة لهم ولتحبط به أعمالهم . ينبغي للمسلم أن يحتاط لنفسه في اختيار من يتعاون معه في شئون دينه ودنياه وأن يكون بعيد النظر في اصطفاء الأخلاء والأصدقاء حتى يسلم من مغبّة الدعايات الخلابة وسوء عاقبة الكلمات المعسولة ولا يقع في حبائل أهل الشرك ولا في شباكهم التي نصبوها للأغرار وأرباب الهوى وضعاف العقول "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/312-315) بتصرف يسير .

ahmedaboali
03-23-2009, 04:32 AM
السؤال: 1077


قرأت في الصحيفة أن 15% من القرآن يتحدث عن المسيح ؛ وكذلك فقد قرأت في النسخة الإنجليزية (لمعاني) القرآن أن محمدا كان يؤمن بالمسيح وإبراهيم وبجميع الأنبياء وبكتبهم التي سبقت القرآن . إذا كان الأمر كذلك, فلماذا يقبل القرآن ببعض التعاليم الواردة في الكتاب المقدس , مثل معجزات المسيح , وعدم وقوعه في المعصية, وأنه نبي, ... إلى غير ذلك , ويتناقض مع العديد من التعاليم الواردة فيه مثل إلهية المسيح كما ورد في "إيسا" 9:6 و"جان" 1:1, و3:16, وتألم المسيح وموته تكفيرا عن خطايا البشر كما ورد في العهدين القديم والجديد ؟
إذا كان القرآن خاليا من الخطأ, فلماذا توجد كل هذه الطوائف في الإسلام مثل "شوهيت(؟)" و"الشيعة" على التوالي؟
لماذا يسمح القرآن بتعدد الزوجات, بينما يمنع الكتاب المقدس من ذلك كما ورد في "جن." 2:24 و"مات." 19:5 ؟
إن روحي تبحث عن الحقيقة.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

إن الله تبارك وتعالى قد أكثر من ذكر المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام في كتابه لأسباب عديدة منها :

1. أنه نبيٌّ من أنبيائه ، بل ومن أولي العزم من رسله إلى خلقه وعباده ، والإيمان به واجب كباقي الأنبياء كما أمر الله سبحانه بقوله { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } البقرة/36 .

2. إن أولى الناس بالعناية الدعوية هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ؛ وذلك أنهم أقرب الأمم ممن جاءتهم الرسل من آخر الأمم التي بعث فيها آخر الرسل ، وقد علم كلٌّ من اليهود والنصارى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وأوصافه مكتوبة عندهم في التوراة والإنجيل ، والواجب أن لا ينكروها وأن يسارعوا إلى الإيمان به ؛ لأنهم يؤمنون من قبل بالرسل خلافاً لغيرهم من عبدة الأوثان ، فلما لم يكن منهم ما أُمروا به من الإيمان بآخر الرسل عليه الصلاة والسلام : كان لابد من الرد عليهم وتبين ما آلو إليه من تحريف التوحيد والأحكام فكثر ذكرهم في الآيات لذلك .

3. وهو أصل الأصول ، وعليه قوام الدين والدنيا ، وبه تكون النجاة من النار ، والدخول إلى الجنان ، وهو تقرير التوحيد لله الواحد الأحد ، وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا في عيسى عليه السلام فقالت اليهود : هو دجَّال أفاك كذاب مفتر على الله وجب قتله ! والنصارى كان خلافهم أشد فمنهم من قال : إنه الله ! ومنهم من قال : إنه ابن الله متحد مع الله في الأقانيم ، في الظاهر ابن الله وفي الحقيقة الله ! ومنهم من قال : هو ثالث الأقانيم التي هي مرجع أصل التوحيد ومدار التثليث ! وآخرون قالوا : بل هو رسول من عند الله وبشر كسائر الخلق لكن الله خصه بمعجزات ليقيم الحجة على العباد ، والآخِرون هم المصيبون فكان لابد من تفصيل الحال وبيان حقيقة الأمر وإظهار عيسى بما يليق به ولا يُنقصه كسائر الأنبياء والمرسلين أنه بشر مخلوق من طين اختاره الله عن سائر البشر ليكون من غير أب إظهاراً لقدرة الله على إيجاد الخلق مع زوال الأسباب ، وإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم كما قال الحق سبحانه : ( إن مَثَل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) آل عمران/59 فهذا الفيصل في خلق نبي الله عيسى مع إعجازه أمام أعين البشر وآدم عليه السلام أكثر إعجازاً منه .

فإن كان عيسى عليه السلام وُلد من غير أب : فإن آدم خلقه الله من غير أب وأم وهذا أدعى لإظهار قدرة الله سبحانه وتعالى في الخلق والإبداع وأعظم إعجازا من خلق عيسى عليه السلام فلكل ذلك وغيره كان لابد من التفصيل في أمر عيسى عليه السلام ووضع الأمور في نصابها وبيانها على حقيقتها .

والخلاصة : أن المعجزات التي وهبها الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام إنما هي كسائر معجزات الأنبياء للتدليل على صدقه وأنه رسول الله حقّاً فخلط المحرِّفون هذه المعجزات على بسطاء الناس ، وجعلوا من معجزاته وسلية للقول بأنه ابن الله أو أنه الله ، وهذا كله تحريف لتعاليم المسيح ورسالة المسيح عليه السلام .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:32 AM
ومن ثم لو أن كل من اتبع نبيّاً جعل من معجزاته التي وهبه الله إياها أنَّه إلهٌ لكان كل الأنبياء آلهة فما من نبي إلا وتميز عن غيره بمعجزاته فالجبال سبَّحت مع داود عليه السلام وما سبحت مع عيسى ، والبحر شُق لموسى وكلَّم ربَّه وكلمه ربُّه فكان كليم الله وما كان هذا لعيسى عليهما السلام ، ونوح أغرق الله الأرض بدعائه وما كان هذا لعيسى ومحمد صلى الله خصه الله بكلامه وحفظ له معجزته من الزوال والتحريف وبعث للناس كافة وكان له من المعجزات ما لم يكن لعيسى فهل يجوز أن يكونوا آلهة ؟ ! .

ثانياً :

أما القول أنه إذا لم يكن القرآن محرَّفاً فلمَ توجد هذه الفرق الكثيرة من شيعة وغيرها من الفرق ؟

والجواب على هذا السؤال : أنه لا دخل للقرآن بصواب النَّاس وخطئهم ؛ لأن القرآن الكريم هو سبيل الهداية للنَّاس وهذه الفرق قد حذَّر الله تبارك وتعالى منها ، ونهى أن نتشبه بالأمم التي فرَّقت دينها كما قال الله تبارك وتعالى :{ ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون } الروم/31-32 ، وقال الله تعالى { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } آل عمران/105 ، وأمرهم الله سبحانه بالاعتصام بكتابه واتباع سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم فقال : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون } آل عمران/103 ، وقال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع بصير } الحجرات/11 أي : لا تقولوا قولاً ولا تفعلوا فعلاً خلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

فالمراد : بيان أن الله تبارك وتعالى نهى الناس عن الفرقة وأمرهم بالاجتماع فاتَّبعوا أهواءهم وتترسوا خلف شهواتهم وشبهاتهم ونبذوا كتاب الله خلف ظهورهم وإن حملوا آية من كتاب الله لم يرجعوا في فهمها إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يكون الرأي عندهم هو الحكم وعقلوهم الفاسدة هي المرجع وكل ذلك ليس من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثالثاً :

أما السؤال عن تعدد الزوجات في الإسلام ومنعها في العهد الجديد : فاعلم أن الله تبارك وتعالى جعل لكل رسول شرعةً ومنهاجاً فما مِن نبيٍّ أرسله الله إلا وأمره بالتوحيد ، وأما الشرائع فكانت مختلفة ناسخة لبعضها البعض ، فما كان جائزاً في زمن آدم عليه السلام من الأحكام والشرائع نُسخ بعضُه في زمن نوح عليه السلام .

وما كان في زمن موسى نسخ بعضه في زمن عيسى عليه السلام وهذا كما قال الحق سبحانه وتعالى : { لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً } ، فإذا فهمت هذا فاعلم أن تعدد الزوجات لم يكن في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وحسب بل كان التعدد في شرائع الأنبياء السابقين ومثاله أن يعقوب عليه السلام قد تزوج من امرأتين وجمع بين أختين على ما ذكر في العهد القديم من سفر التكوين في الباب التاسع والعشرين ( 15 – 35 ) .

وأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كان قد تزوج من امرأتين وهما هاجر وسارة وذكر العهد القديم أن نبي الله داود تزوج من سبعين امرأة أو تسع وتسعين على حد قول العهد القديم ، وسليمان قد تزوج من مائة امرأة، وغير ذلك مما يبين لك أن كلَّ نبيٍّ من الأنبياء يطبق ما شرع الله له من الأحكام ، وأن تعدد الزوجات ليس خاصّاً بهذه الأمة ، وأما منع النصارى من هذا التعدد فيمكن أن يكون لسببين :

الأول : أنه من شرع الله ، وهذا واجب التطبيق قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنَّهم ابتدعوه من عند أنفسهم تشديداً عليها كما فعلوا في الرهبانية التي ابتدعوها ولم تكن قد كتبت عليهم لكن أرادوا منها أن يرضوا الله عز وجل بها .

والله اسأل لك الهداية والتوفيق لبلوغ دين الحق وهو الإسلام وعلى سنة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بفهم أصحابه الغر الميامين الكرام .

والله الهادي

ahmedaboali
03-23-2009, 04:33 AM
السؤال: 178


هل تنصحوننا بقراءة كتاب إحياء علوم الدين للشيخ أبي حامد الغزالي ؟.

الجواب:

الحمد لله

فقد سئل شيخ الإسلام عن هذا الكتاب فأجاب بقوله :

" أما كتاب ( قوت القلوب ) ، وكتاب(الإحياء) تبـعٌ له فيما يذكره من أعمال القلوب مثل الصبر والشكر والحب والتوكل والتوحيد ونحو ذلك ، وأبو طالب أعلم بالحديث والأثر وكلام أهل علوم القلوب من الصوفية وغيرهم من أبى حامد الغزلي ، وكلامه أَسَدُّ ، وأجود تحقيقاً وأبعد عن البدعة ، مع أنَّ في قوت القلوب أحاديث ضعيفة وموضوعة وأشياء كثيرة مردودة ، وأما ما في الإحياء من الكلام في المهلكات مثل الكلام على الكبر والعجب والرياء والحسد ونحو ذلك فغالبه منقول من كلام الحارث المحاسبي في الرعاية ، ومنه ما هو مقبول ، ومنه ما هو مردود ، ومنه ما هو متنازع فيه ، والإحياء فيه فوائد كثيرة لكن فيه مواد مذمومة ، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد ، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين ، وقد أنكر أئمة الدين على أبى حامد هذا في كتبه ، وقالوا مَرَّضَهُ " الشفاء " يعنى شفاء ابن سينا في الفلسفة .

وفيه أحاديث وآثار ضعيفة ، بل موضوعة كثيرة .

وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وتُّرهاتهم .

وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة ، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة ، ما هو أكثر مما يرد منه ، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه ." انتهى مجموع الفتاوى ج10 ص551

ولهذا فالنصيحة بعدم قراءته ، وخصوصاً أن هناك ما يغني عنه في بابه مثل ( "كتاب حادي الأرواح ، وكتاب الفوائد ، وكتاب زاد المعاد ، لابن القيم" ، "وكتاب العبودية ، وكتاب الإيمان ، لشيخ الإسلام ابن تيمية" ، "وكتاب لطائف المعارف ، ورسالة الخشوع في الصلاة ، لابن رجب" ) بالإضافة إلى أن هناك تلخيص لكتاب إحياء علوم الدين ، يمكن الاستفادة منه مثل مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة . وأما طالب العلم المتمكن فلا بأس أن يقرأ فيه إذا كان يميز بين الصحيح والضعيف ، والحق والضلال . ومن أراد الزيادة عن الغزالي وكتابه فليُراجع السؤال رقم ( 13473 ) .

والله أعلم .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-23-2009, 04:33 AM
السؤال: 1079


أعرف رجلا شيعيا يحبني كثيرا ويريد أن يتزوجني زواج دائم وليس زواج متعة ، أعرف أن معتقد الشيعة مختلف عن معتقد السنة فناقشت هذا معه ووافق على أن يبحث عن الفروق بين المعتقدين ، وأتمنى أن هذه الطريقة سوف تمكنه من أن يكتشف بنفسه الطريق الصحيح .
المشكلة أنني لم أستطع العثور على موقع على الإنترنت يزودني بمعلومات عن هذا الموضوع ويوضح الفروق ولا يتهم الشيعة مباشرة بأنهم مخطئين .
أتمنى أن أتحدث مع شخص عن هذا الموضوع لأن عندي أسئلة كثيرة وأحتاج مساعدة وأتمنى أن أتحدث مع شخص ما أو أن أحصل على مصدر يسهل عليه البحث ولا يجعله متهما أو أن يحط من قيمة مذهبه.
أعتقد أن الحديث معه بأسلوب جيد وبلطف تجعله أكثر قابلية للقبول والسماع من محاولة إقناعه بأنه على خطأ.

الجواب:

الحمد لله

نحن معشر أهل السنة نحب الخير للجميع ، ونسأل الله تعالى أن يهدي كل ضال ، ويثيب كل مطيع ، ونرجو الله أن يهدي أولئك الرافضة ..

إن الفروق بين مذهب أهل السنة والرافضة جذرية وكبيرة جداً منها أن الرافضة يقولون بتحريف القرآن الكريم ، ويطعنون ويضللون جمهور الصحابة رضي الله عنهم ، ويغلون في أئمتهم ويعبدونهم ، ويفضلونهم على الأنبياء والملائكة ، ويحجّون إلى المشاهد والقبور ، ويمارسون عندها أنواعاً من الشرك بالله تعالى ، كما يعتقدون بالنفاق ويسمونها ( التقية ) ، كما يقولون بالبداء والرجعة والعصمة المطلقة للأئمة ، وعقيدة الطينة .. وننصحك بقراءة رسالة الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب أو كتاب مختصر التحفة الأثني عشرية للدهلوي ، أو فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة لناصر القفاري ، وننصحك بعدم التفكير بالزواج منه .. ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه ، نسأل الله لك التوفيق والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة .

ونذكّرك بالامتناع عن إقامة العلاقة مع الرجال الأجانب كما تجدين توضيحه في سؤال رقم 1114و9465و2005، نسأل الله أن يوفقك لكل خير .


الشيخ محمد آل عبد اللطيف

ahmedaboali
03-23-2009, 04:34 AM
السؤال: 1080


هل الديوبانديين من أهل السنة ؟
هل هم في حقل الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

الديوبندية طائفة من طوائف المسلمين ، تنسب إلى جامعة ديوبند – دار العلوم – في الهند . وهي مدرسة فكرية عميقة الجذور طبعت كل خريج منها بطابعها العلمي الخاص ، حتى أصبح ينسب إليها .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

أسس جامعة ديوبند مجموعة من علماء الهند بعد أن قضى الإنجليز على الثورة الإسلامية في الهند عام 1857م ، فكان تأسيسها ردَّ فعلٍ قوي لوقف الزحف الغربي ومدنيته المادية على شبه القارة الهندية لإنقاذ المسلمين من مخاطر هذه الظروف ، خاصة وأن دلهي العاصمة قد خرِّبت بعد الثورة وسيطر عليها الإنجليز سيطرة كاملة ، وخاف العلماء أن يُبتلع دينهم ، فأخذ الشيخ إمداد الله المهاجر المكي وتلميذه الشيخ محمد قاسم الناناتووي وأصحابهما برسم الخطط للمحافظة على الإسلام وتعاليمه ، فرأوا أن الحل بإقامة المدارس الدينية ، والمراكز الإسلامية ، وهكذا أُسست المدرسة الإسلامية العربية بديوبند كمركز للدين والشريعة في الهند في عصر حكومة الإنجليز .

أبرز شخصيات هذه المدرسة الفكرية :

1- محمد قاسم .

2- رشيد أحمد الكنكوهي .

3- حسين أحمد المدني .

4- محمد أنور شاه الكشميري .

5- أبو الحسن الندوي .

6- المحدث حبيب الرحمن الأعظمي .

الأفكار والمعتقدات :

- هم في الأصول ( العقيدة ) على مذهب أبي منصور الماتريدي في الاعتقاد .

- وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة في الفقه والفروع .

- وسلكوا الطرق الصوفية من النقشبندية والجشتية والقادرية والسهروردية في السلوك والاتباع .

ويمكن تلخيص أفكارهم ومبادئ الدراسة الديوبندية بما يلي :

- المحافظة على التعاليم الإسلامية ، والإبقاء على شوكة الإسلام وشعائره .

- نشر الإسلام ومقاومة المذاهب الهدَّامة والتبشرية .

- نشر الثقافة الإسلامية ومحاربة الثقافة الإنجليزية الغازية .

- الاهتمام بنشر اللغة العربية لأنها وسيلة الاستفادة من منابع الشريعة الإسلامية .

- الجمع بين العقل والقلب ، وبين العلم والروحانية .

أنظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب .(1/308) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 04:34 AM
وحيث أن الديوبندية تتبنى مذهب الماتريدية في العقيدة فلا بد من التعريف بالماتوريدية :

وهي فرقة كلامية ، تُنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها ، من المعتزلة والجهيمة وغيرهم لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية .

ومن حيث مصدر التلقي فقد قسم الماتريدية أصول الدين حسب مصدر التلقي على قسمين :

الإلهيات ( العقليات ) : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له ، وتشمل أبواب التوحيد والصفات .

الشرعيات ( السمعيات ) : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً ، ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات ،وعذاب القبر ، وأمور الآخرة ، علماً بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .

و لا يخفى ما في هذا من مخالفةٍ لمنهج أهل السنة والجماعة حيث أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي عندهم ، فضلاً عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات ، والتي قامت على فكرة باطلة وضعها الفلاسفة تفترض أن نصوص الدين متعارضة مع العقل ، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل ، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه ، فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التفويض والتأويل ، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل السليم الصريح والنقل الصحيح . انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (1/99) .

موقف أهل السنة من الماتريدية :

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن هذه الأمة سوف تفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وبيَّن عليه الصلاة والسلام أن الفرقة الناجية هي الجماعة ،وهي التي تكون على مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحابته الكرام .

ولا ريب أن أهل السنة والجماعة المتمسكون بالكتاب والسنة علماً وعملاً هم الفرقة الناجية وذلك لتحقق الوصف فيهم ،وهو الالتزام بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم علماً وعملا .

فلا يكفي ليكون الفرد أو الجماعة من الفرقة الناجية مجرد الانتساب للسنة مع المخالفة لمنهج السلف من الصحابة والتابعين ، بل لا بد من الالتزام بمنهجهم في العلم والعمل والتصور والسلوك .

والماتريدية من الطوائف التي في أقوالها حق وباطل ومخالفة للسنة ، ومعلوم أن هذه الطوائف تتفاوت في مدى القرب والبعد من الحق ، فإن كل من كان أقرب إلى السنة كان أقرب إلى الحق والصواب ، فمنهم " من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة ، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة ، ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه ، فيكون محموداً فيما رده من الباطل وما قاله من الحق ، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق ، وقال بعض الباطل فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها ، ورد بالباطل باطلاً بباطل أخف منه ، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة ... " انتهى من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الفتاوى (1/348) .

بقيت مسألة مهمة هنا وهي : ما هو واجبنا تجاه الماتريدية ، ومن نحى نحوهم في العقيدة كالديوبندية وغيرهم ؟

والجواب يختلف باختلاف الأشخاص :

فمن كان منهم معانداً داعياً إلى بدعته فيجب التحذير منه وبيان ضلاله وانحرافه ، وأما من لم يكن داعياً إلى بدعته واتضح من قوله وعمله طلب الحق والسعي إليه فإنه يُناصح ويبين له خطأ هذا المعتقد وإرشاده بالتي هي أحسن ، لعل الله أن يرده إلى الحق ، وهذه النصيحة داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " رواه مسلم (55)



الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-23-2009, 12:46 PM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1191


من هم أهل السنة والجماعة ؟.

الجواب:

الحمد لله

أهل السنة والجماعة هم الذين تمسكوا بالسنة , واجتمعوا عليها , ولم يلتفتوا إلى سواهما , لا في الأمور العلمية العقدية , ولا في الأمور العملية الحكمية , ولهذا سموا أهل السنة , لأنهم متمسكون بها , وسموا أهل الجماعة لأنهم مجتمعون عليها .

وإذ تأملت أحوال أهل البدعة وجدتهم مختلفين فيما هم عليه من المنهاج العقدي أو العملي , مما يدل على أنهم بعيدون عن السنة بقدر ما أحدثوا من البدعة .


مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 37 .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:47 PM
السؤال: 1192


ما حكم الالتزام بالمذهب ولو تبيّن أنه مرجوح ؟.

الجواب:

الحمد لله

الذي يلتزم بمذهب معين ثم تبين له أنّه مرجوح بمقتضى الأدلة فهذا خطر عظيم على الفاعل ولا يجوز وهذا يدخل في قوله تعالى ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة/31 وهذا فيه إعراض عن هديه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

ahmedaboali
03-23-2009, 12:47 PM
السؤال: 1193


سمعت وقرأت عن ما يسمى بالأبدال والأقطاب وغيرهم ، هل هم فعلا موجودون بيننا ؟
وهل حديث ( لا تسبوا أهل الشام ؛ فإن فيهم الأبدال ) صحيح أم لا ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الولاية عند أهل السنة هي التي عرَّفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، حيث قال تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ، لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/62-64

فأعلنت الآية أن ولي الله هو المؤمن التقي ، الذي يحب الله وينصره ، ويسير في مرضاته ، ويحفظ حدوده ، ويقيم شريعته ودينه ، وهو عبد من عباد الله ، لا يخرج عن قهره وسلطانه ، بل لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يعلم ما قدر الله له ، فهذا هو ولي الله عند أهل السنة .

وطريق الولاية للعبد هو أن يقوم بأداء الفرائض ، ثم يتدرج في أداء النوافل حتى يحبه الله تعالى ، فإذا أحبه كان وليا حقا له جل وعلا ، وقد جاء في الحديث الصحيح :

( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ . قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ . ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ ، قَالَ : ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القبُولُ فِي الأَرضِ ) رواه مسلم (2637)


ثانيا :

أما الولاية في عرف التصوف البدعي فلها معنى آخر يختلف عما عند أهل السنة ، فولي الله عندهم من اختاره الله ، ولو لم يكن فيه من مواصفات الصلاح والتقوى ما يؤهله لحب الله له ، إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب ، وبغير حكمة ، لذلك كانوا يعتقدون في بعض الظلمة والفسقة والمجانين وأهل الفجور أنهم من الأولياء بمجرد أن يظهر على أيديهم من خوارق العادات ، مثل : ضرب الجسم بالسكاكين ، واللعب بالحيات والنار وأمثال ذلك ، حتى عَدُّوا في أوليائهم من يشرب الخمر ويزني ، ويقولون : الولي الصادق لا تضره معصية أبدا .

ولم يكتفوا بهذا في تعريف الولاية ، بل يقررون أن الولي يتصرف في الأكوان ، ويقول للشيء كن فيكون ، وكل ولي عندهم قد وكَّله الله بتصريف جانب من جوانب الخلق ، فأربعة أولياء يمسكون العالم من جوانبه الأربعة ، ويسمون الأوتاد ، وسبعة أولياء آخرون كل منهم في قارة من قارات الأرض السبع ، ويسمون الأبدال ( لكونهم إذا مات واحد منهم كان الآخر بدله ) ، وعدد آخر من الأولياء في كل إقليم ، في مصر ثلاثون أو أربعون ، وفي الشام كذلك ، والعراق وهكذا ، وكل واحد منهم قد أوكل إليه التصريف في شيء ما ، وفوقهم جميعا ولي واحد يسمى القطب الأكبر أو الغوث ، وهو الذي يدبر شأن الملك كله ، وهكذا أسسوا لهم دولة في الباطن تحكم وتنفذ وتتحكم في شؤون الناس على منوال الدولة السياسية ، وهذه الدولة يترأسها القطب أو الغوث ، يليه الإمامان ( وهما الوزيران ) ، ثم الأوتاد الأربعة ، ثم الأبدال السبعة .

هذه هي الولاية الصوفية ، وهي لا تمت من قريب أو بعيد للولاية الإسلامية القرآنية ، فالولي في الإسلام عبد هداه الله ووفقه وسار في مرضاة ربه حسب شريعته ، وهو يخشى على نفسه من النفاق وسوء العاقبة ، ولا يعلم هل يقبل الله عمله أو لا ، وأما الولي الصوفي فقد أعطوه من خصائص الربوبية ما يتصرف به في جانب من جوانب الكون ، ولا يلتزم بما شاء من شريعة الله ، ويدخل الملائكة تحت مشيئته .

وأصل فكرة الولاية الصوفية مأخوذة من الفلسفة الإغريقية القديمة التي تقوم على فكرة تعدد الآلهة ، وكان أول من وضع فكرة الولاية الصوفية في أواخر القرن الثالث الهجري هو محمد بن علي بن الحسن الترمذي ، الذي يسمونه ( الحكيم ) - وهو غير الإمام صاحب السنن المشهورة بسنن الترمذي - ثم بعد ذلك اشتهرت أقوالهم ، وأصبحت كتب أئمتهم مليئة بهذه الأفكار والمصطلحات ، ولو ذهبنا ننقل أقوالهم وأباطيلهم لطال بنا المقام ، وحتى لا يظن أحد أننا نتجنى عليهم ، فهذه أسماء بعض مراجعهم ، وستجد أن ما ذكرناه أقل بكثير من شناعة أفكارهم ، انظر "الفتوحات المكية" لابن عربي (2/537،455) ، كتاب "اليواقيت والجواهر" لعبد الوهاب الشعراني (2/79) ، "المعجم الصوفي" لسعاد الحكيم (189-191، 909-913) ، وانظر من مراجع أهل السنة "الفكر الصوفي" للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق (343-383)

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 12:48 PM
ثالثا :

الحديث الذي ذكره السائل الكريم حديث ضعيف ، لا يصح بوجه من الوجوه ، ولم يرد من طريق صحيحة ذكر شيء من مراتب الولاية عند الصوفية .

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في "المنار المنيف" (136) :

" أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقرب ما فيها ( لا تسبوا أهل الشام ؛ فإن فيهم البدلاء ، كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر ) ذكره أحمد ، ولا يصح أيضا ، فإنه منقطع " انتهى .

( وانظر تفصيل الأحاديث المروية في ذلك وبيان نكارتها في "المقالات القصار" لأبي محمد الألفي (69-81) )

وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :

عن الحديث المروى فى الأبدال ، هل هو صحيح أم مقطوع ، وهل الأبدال مخصوصون بالشام أم حيث تكون شعائر الاسلام قائمة بالكتاب والسنة يكون بها الأبدال ، بالشام وغيره من الأقاليم ، وهل صحيح أن الولى يكون قاعدا فى جماعة ويغيب جسده ، وما قول السادة العلماء فى هذه الاسماء التى تسمى بها أقوام من المنسوبين إلى الدين والفضيلة ، ويقولون هذا غوث الأغواث ، وهذا قطب الأقطاب ، وهذا قطب العالم ، وهذا القطب الكبير ، وهذا خاتم الأولياء ؟

فأجاب رحمه الله :

" أما الاسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة ، مثل الغوث الذي بمكة ، والأوتاد الأربعة ، والأقطاب السبعة ، والأبدال الأربعين ، والنجباء الثلاثمائة ، فهذه أسماء ليست موجودة فى كتاب الله تعالى ، ولا هي أيضا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف يحمل عليه ، إلا لفظ الأبدال ، فقد روي فيهم حديث شامى منقطع الإسناد عن على بن أبى طالب رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :

( إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال الأربعين رجلا ، كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ) ، ولا توجد هذه الأسماء فى كلام السلف كما هي على هذا الترتيب ، ولا هي مأثورة على هذا الترتيب والمعانى عن المشائخ المقبولين عند الأمة قبولا عاما ، وإنما توجد على هذه الصورة عن بعض المتوسطين من المشائخ ، وقد قالها إما آثرا لها عن غيره ، أو ذاكرا ، فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غياث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره ، ولا بملك مقرب ، ولا نبى مرسل ، ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم ونزول الرحمة إلى الثلاثمائة ، والثلاثمائة إلى السبعين ، والسبعون إلى الأربعين ، والأربعون إلى السبعة ، والسبعة إلى الأربعة ، والأربعة إلى الغوث ، فهو كاذب ضال مشرك ، فقد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله :

( وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه ) وقال سبحانه وتعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ) فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحُجَّاب وهو القائل تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) ، وقد علم المسلمون كلهم أنه لم يكن عامة المسلمين ولا مشايخهم المعروفون يرفعون إلى الله حوائجهم ، لا ظاهرا ولا باطنا ، بهذه الوسائط والحجاب ، فتعالى الله عن تشبيهه بالمخلوقين من الملوك وسائر ما يقوله الظالمون علوا كبيرا ، وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لا بد فى كل زمان من إمام معصوم يكون حجة الله على المكلفين ، لا يتم الإيمان إلا به ، بل هذا الترتيب والأعداد تشبه من بعض الوجوه ترتيب الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم فى السابق والتالي والناطق والأساس والجسد وغير ذلك من الترتيب الذى ما نزل الله به من سلطان .

وأما الأوتاد فقد يوجد فى كلام البعض أنه يقول : فلان من الأوتاد ، يعني بذلك أن الله تعالى يثبت به الإيمان والدين فى قلوب من يهديهم الله به ، كما يثبت الأرض بأوتادها ، وهذا المعنى ثابت لكل من كان بهذه الصفة من العلماء ، فكل من حصل به تثبيت العلم والإيمان في جمهور الناس كان بمنزلة الأوتاد العظيمة والجبال الكبيرة ، ومن كان بدونه كان بحسبه ، وليس ذلك محصورا فى أربعة ولا أقل ولا أكثر ، بل جعل هؤلاء أربعة مضاهاة بقول المنجمين فى أوتاد الأرض .

واما القطب فيوجد أيضا فى كلامهم : ( فلان من الأقطاب ) ، أو ( فلان قطب ) فكل من دار عليه أمر من أمور الدين أو الدنيا باطنا أو ظاهرا فهو قطب ذلك الأمر ومداره ، ولا اختصاص لهذا المعنى بسبعة ولا أقل ولا أكثر ، لكن الممدوح من ذلك من كان مدارا لصلاح الدنيا والدين ، دون مجرد صلاح الدنيا ، فهذا هو القطب فى عرفهم .

وكذلك لفظ البدل ، جاء فى كلام كثير منهم .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-23-2009, 12:48 PM
فأما الحديث المرفوع فالأشبه أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الإيمان كان بالحجاز وباليمن قبل فتوح الشام ، وكانت الشام والعراق دار كفر ، ثم لما كان فى خلافة علي رضي الله عنه ، قد ثبت عنه عليه السلام أنه قال : ( تمرق مارقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) ، فكان علي وأصحابه أولى بالحق ممن قاتلهم من أهل الشام ، ومعلوم أن الذين كانوا مع علي رضي الله عنه من الصحابة ، مثل : عمار بن ياسر ، وسهل بن حنيف ونحوهما ، كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية ، فكيف يعتقد مع هذا أن الأبدال جميعهم ، الذين هم أفضل الخلق ، كانوا في أهل الشام ، هذا باطل قطعا ، وإن كان قد ورد فى الشام وأهله فضائل معروفة ، فقد جعل الله لكل شىء قدرا ، والكلام يجب أن يكون بالعلم والقسط .

والذين تكلموا باسم ( البدل ) فسروه بمعان ، منها : أنهم أبدال الأنبياء ، ومنها : أنه كلما مات منهم رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ، ومنها : أنهم أبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم وعقائدهم بحسنات ، وهذه الصفات كلها لا تختص بأربعين ، ولا بأقل ولا بأكثر ، ولا تحصر بأهل بقعة من الأرض " انتهى باختصار من مجموع فتاوى ابن تيمية (11/433-444)

رابعا :

جاء في كلام بعض السلف ، وبعض أهل العلم المتأخرين إطلاق لفظ : ( فلان من الأبدال ) ، ومن ذلك ما جاء في "التاريخ الكبير" للبخاري (7/127) في ترجمة فروة بن مجالد : " وكانوا لا يشكّون في أنه من الأبدال " انتهى ، وقال الإمام أحمد كما في "العلل" للدارقطني (6/29) : " إن كان من الأبدال في العراق أحد ، فأبو إسحاق إبراهيم بن هانئ " انتهى .

ولا يعنون به ما يريده المتصوفة في اصطلاحهم الباطني البدعي ، وإنما يريدون المعنى اللغوي ، فمن قيل فيه ذلك من أهل العلم فهو من ورثة الأنبياء بما معه من العلم الشرعي ، فكأنه بدل عنهم في تبليغ الوحي وتعليمه الناس .

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (4/97) :

" وأما أهل العلم فكانوا يقولون هم الأبدال ؛ لأنهم أبدال الأنبياء ، وقائمون مقامهم حقيقة ، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة ، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه ، هذا في العلم والمقال ، وهذا في العبادة والحال ، وهذا في الأمرين جميعا ، وكانوا يقولون هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، الظاهرون على الحق ، لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله وكفى بالله شهيدا " انتهى .


والله أعلم .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:48 PM
السؤال: 1194


لي ابن أخت ويبلغ من العمر 8 سنوات وفاجأني مرة إذ سألني قائلاًًًَ من هم الشيعة ؟ لم أدر ما أقول له إلا أني قلت له ستعرف بعد أن تكبر! ولكنه لم يرض بهذه الإجابة , وبعد أن قال له ابن أخي الصغير-عمره 10 سنوات- أنا سنة ، بادله قائلا : وأنا شيعة . فما هي الإجابة التي تتماشى مع سنه ويقتنع بها ؟ .

الجواب:

الحمد لله

إذا سأل الطفل عن الشيعة قيل له هؤلاء أناس غير جيدين ، يعملون المعاصي والمخالفات ، ويسبون أصحاب نبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وزوجاته ، الذين هم أفضل الناس بعد الأنبياء ونحن لا نحبهم لأجل ذلك ، ولو فرض أنه رآهم في التلفاز يتمسحون بالقبور أو يحتفلون بعاشوراء ، قيل له : هذا الذي يعملونه لا يجوز ، ونحن لا نعبد إلا الله تعالى ، ولا نسجد لقبر ولا لغيره من المخلوقات ، ولا نضرب أنفسنا ولا أبناءنا ، وهكذا يفهم الطفل أن هؤلاء القوم غير مرضيين ، بل مخطئون منحرفون ، وعلى قدر انتباه الطفل وإدراكه تكون المعلومة الموجهة له .

ولتصحيح ما جرى ، يقال له : نحن سنّة ، أي نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نبتدع في ديننا ، ولا نفعل كما يفعل هؤلاء ، ولو أمكن أن يشاهد الطفل شيئا من مخالفات الشيعة ، ليقترن التحذير منهم بالصورة الموضحة، كان حسنا، وبإمكانك الوقوف على شيء من ذلك من خلال المواقع الموثوقة التي تحذّر من الشيعة وتبيّن ضلالهم .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:49 PM
السؤال: 1195


عندي صديق من أهل السنة والجماعة ، لديه صديق شيعي ، أريد أن أستفسر عن حكم مصاحبة أهل المذاهب المخالفة ، مع العلم أنه نصحه - كما قال لي - باعتناق مذهب الفرقة الناجية ، ولكن دون فائدة ، فما حكم مصاحبتهم ؟.

الجواب:

الحمد لله

يجب عليك أن تنصح صاحبك بالابتعاد عن مصاحبة أهل البدع ، وخاصة البدع المغلظة كالشيعة الروافض لما في مصاحبتهم من خطر على دين المسلم ودنياه ، أما الخطر على دينه فهو بما يلقيه هذا الرافضي من شبهات تشكك المسلم في دينه ، وأما الخطر الدنيوي فهو ما يكنه الرافضي من عداء وبغض لأهل السنة والسعي في إيذائه بكل ما يستطيع .

وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تحث على حسن اختيار الصاحب ، وذلك لما له من تأثير على خلق ودين صاحبه ، ومن هذه الأحاديث :

1. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه عنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ ) .

رواه الترمذي ( 2395 ) وأبو داود ( 4832 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

2. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) .

رواه الترمذي ( 2378 ) وأبو داود ( 4833 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال الخطابي رحمه الله :

" لا تخالل إلا من رضيت دينه وأمانته ؛ فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه ، فلا تغرر بدينك ولا تخاطر بنفسك فتخالل من ليس مرضيّاً في دينه ومذهبه " انتهى .

" العزلة " ( ص 141 ) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" وهذا معناه – والله أعلم – أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه ، والدين العادة ، فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة ... .

والمعنى في ذلك : ألا يخالط الإنسان من يحمله على غير ما يحمد من الأفعال والمذاهب ، وأما من يؤمن منه ذلك فلا حرج في صحبته " انتهى .

" بهجة المجالس " ( 2 / 751 ) .

وأما كلام السلف في التحذير من صحبة أهل البدع فكثير ، ومنه :

1. ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة : قال :

لا ينبغي لأحد من أهل السنة والجماعة أن يخالط أحداً من أهل الأهواء حتى يصاحبه ويكون خاصته ؛ مخافة أن يستزله أو يستزل غيره بصحبه هذا .

" مجموع الفتاوى " ( 16 / 475 ) .

2. قال أبو داود السجستاني رحمه الله :

قلت لأبي عبد الله - أحمد بن حنبل - : أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه ؟ قال : لا ، أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة ، فإن ترك كلامه فكلِّمه ، وإلا فألحقه به .

" طبقات الحنابلة " ( 1 / 160 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:49 PM
السؤال: 1196


ما حكم من لم يصل التراويح طيلة شهر رمضان من دون عذر شرعي . وهل عليه إثم في ذلك ؟
أنا أعمل في شركة أرامكو وبعض الأيام يتطلب العمل أن أبقى إلى ما بعد المغرب فأضطر إلى أن أفطر في العمل ، وأنا تقريباً السني الوحيد ، والباقي شيعة وإسماعيلية ، فهل يجوز أن أُفطر معهم ؟ .

الجواب:

الحمد لله

إذا ترك المسلم صلاة التراويح فلا إثم عليه في ذلك ، سواء تركها بعذر أم بغير عذر ، لأنها غير واجبة ، وإنما هي سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليها ورغب المسلمين فيها بقوله : ( من قام رمضان إيمانا واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري (37) ومسلم (760) .

وينبغي للمسلم ألا يتركها ، فإن لم يستطع أن يصليها مع الإمام في المسجد فإنه يصليها في البيت ، فإن لم يستطع أن يصلي إحدى عشرة ركعة ، صلى ما تيسر له ولو ركعتين ، ثم يصلي الوتر .

والله أعلم .

أما الإفطار مع الشيعة والإسماعيلية ، فإن رأيت أن إفطارك معهم فيه مصلحة تأليف قلوبهم لدعوتهم إلى السنة وترك البدع التي هم عليها ، فإن ذلك عمل مشروع .

أما إن رأيت أنه لا مصلحة في إفطارك معهم فالأفضل ألا تفطر معهم ، وأن تجتنبهم ، إنكارا لما هم عليه من البدع . وخشية أن يلقوا إليك بشبهاتهم ولا يكون عندك من العلم ما تعلم به بطلانها فتعرض نفسك للفتنة .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:50 PM
السؤال: 1197


ما الفرق بين أهل السنة والجماعة والمذاهب الأخرى ( مثل الشافعية والمالكية .. إلخ ) ؟ وهل يجوز لفتاة من أهل السنة والجماعة أن تتزوج من رجل لا ينتمي لمذهب ؟.

الجواب:

الحمد لله

أهل السنة والجماعة لا يقابلهم المالكية والشافعية والحنابلة وأمثالهم ، بل يقابلهم أهل البدع والضلال في الاعتقاد والمنهج كالأشعرية والمعتزلة والمرجئة والصوفية وأشباههم .

أما الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فهي مدارس فقهية ، وأئمتها من أهل السنة والجماعة بل هم من رؤوس أهل السنة والجماعة ، لكن مما يؤسف له أن أتباع أكثر تلك المذاهب والمدارس قد اتبعوا في اعتقادهم أهل البدع والضلال ، فأصبح الكثير من الشافعية والمالكية من الأشعرية ، وأصبح الكثير من الحنفية من الماتريدية ، وقد سلِم الحنابلة – إلا قليلا جدّاً منهم – من الانتساب في العقائد لغير أهل السنة والجماعة .

والأصل في المسلم أن يكون ملتزماً بالكتاب والسنة وعلى فهم وهدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان , " وأما اتباع مذهب من هذه المذاهب الأربعة أو غيرها فليس بواجب ولا مندوب , وليس على المسلم أن يلتزم واحداً منها بعينه , بل من التزم واحداً منها بعينه في كل مسألة فهو متعصب مخطئ مقلد تقليداً أعمى " انتهى .

"هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟" للمعصومي (ص 38) .

واتباع المذاهب الفقهية الأربعة لا حرج فيه إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به استنباط الأحكام من الكتاب والسنة , لكن متى ظهر له أن الصواب خلاف مذهبه فالواجب عليه اتباع الصواب وترك مذهبه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه وهذا هو التقليد الذي حرمه الله ورسوله وهو : أن يتبع غير الرسول فيما خالف فيه الرسول ، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد ; فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان ; في سره وعلانيته وفي جميع أحواله . . . . وقد أوجب الله طاعة الرسول على جميع الناس في قريب من أربعين موضعا من القرآن .

وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور . . . والتقليد المحرم بالنص والإجماع : أن يعارض قول الله ورسوله بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (19/260-266) .

وأتباع السلف هم الذين استقاموا على الكتاب والسنَّة في اعتقادهم وفِقْهِهِم وسلوكهم ولم يخالفوا ما ثبت في الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" المقصود بالمذهب السّلفي هو ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المعتبرين من الاعتقاد الصّحيح ، والمنهج السّليم ، والإيمان الصّادق ، والتمسُّك بالإسلام عقيدة وشريعة وأدبًا وسلوكًا ؛ خلاف ما عليه المبتدعة والمنحرفون والمخرِّفون ‏.‏

ومن أبرز من دعا إلى مذهب السّلف الأئمة الأربعة ، وشيخ الإسلام ابن تيميَّة ، وتلاميذه ، والشيخ محمد بن عبد الوهَّاب ، وتلاميذه ، وغيرهم من كلّ مصلح ومجدِّد ، حيث لا يخلو زمان من قائم لله بحجَّةٍ ‏.‏

ولا بأس من تسميتهم بأهل السنة والجماعة ؛ فرقًا بينهم وبين أصحاب المذاهب المنحرفة‏ ، وليس هذا تزكية للنفس ، وإنما هو من التمييز بين أهل الحق وأهل الباطل " انتهى ‏.‏

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / السؤال رقم ( 206 ) ) .

وعليه فإذا جاء للمسلمة من يُرضى دينُه وخلقُه : فإنَّ عليها أن تقبل به ولو لم ينتسب إلى أحد هذه المذاهب ، أما إذا كان المتقدم لها من الفرق الضالة المنحرفة فإنها لا تقبل به .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-23-2009, 12:50 PM
السؤال: 1198


أريد أن أعرف معلومات عن " الفقه الأحمدي " ؛ لأن أحد أصدقائي أخذ يحب فتاة أحمدية ، مع أني أخبرته أن فعله خطأ لكنه أصبح يحبها حبّاً شديداً الآن . أنا أريد الجواب لأقدمه إليه .

الجواب:

الحمد لله

سبق في جواب سؤال سابق بيان كفر هذه الطائفة المسماة " الأحمدية " أو " القاديانية " أتباع الميرزا غلام أحمد ، وفي الجواب تجد ذِكر عقائدهم الكفرية وأقوال العلماء فيهم .

وعليه : لا يجوز لمسلم أن يتزوج منهم ، ولا أن يزوِّجهم ؛ لأنهم كفار مرتدون ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .

قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 99) :

" أي ( وَلا تَنْكِحُوا ) النساء ( الْمُشْرِكَاتِ ) ما دمن على شركهن ( حَتَّى يُؤْمِنَّ ) لأن المؤمنة - ولو بلغت من الدمامة ما بلغت - خير من المشركة , ولو بلغت من الحسن ما بلغت , وهذه عامة في جميع النساء المشركات ، وخصصتها آية المائدة في إباحة نساء أهل الكتاب ، كما قال تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) . . . ثم ذكر تعالى الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة , لمن خالفهما في الدين فقال : ( أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي : في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم , فمخالطهم على خطر منهم , والخطر ليس من الأخطار الدنيوية , إنما هو الشقاء الأبدي " انتهى .

وإذا كان صديقك هذا على علاقة محرمة فعليك أن تبين له حرمة هذه العلاقة ، وأنه لا يجوز لمسلم أن يختلي بأجنبية ولا أن يصافحها ولا أن يراسلها ، وأنه لا يستطيع أن ينهي هذه العلاقة بالزواج بسبب حرمة التزوج من المرتدات ، وليبحث عن صاحبة الدين التي تحفظ له دينه ، وتعينه على طاعة ربه ، ويأمنها على ولده وذريته .

و الله اعلم

ahmedaboali
03-23-2009, 12:51 PM
السؤال: 1199


ما هي أبرز خصائص الفرقة الناجية ؟ وهل النقص من هذه الخصائص يخرج الإنسان من الفرقة الناجية ؟.

الجواب:

الحمد لله

أبرز الخصائص للفرقة الناجية هي التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة هذه الأمور الأربعة تجد الفرقة الناجية بارزة فيها :

ففي العقيدة تجدها متمسكة بما دل علبه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , من التوحيد الخالص في ألوهية الله , وربوبيته , وأسمائه وصفاته .

وفي العبادات تجد هذه الفرقة متميزة في تمسكها التام وتطبيقها لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم , في العبادات في أجناسها , وصفاتها وأقدارها وأزمنتها وأمكنتها وأسبابها , فلا تجد عندهم ابتداعاً في دين الله , بل هم متأدبون غاية الأدب مع الله ورسوله لا يتقدمون بين يدي الله ورسوله في إدخال شيء من العبادات لم يأذن به الله .

وفي الأخلاق تجدهم كذلك متميزين عن غيرهم بحسن الأخلاق كمحبة الخير للمسلمين , وانشراح الصدر , وطلاقة الوجه , وحسن المنطق والكرم, والشجاعة إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسنها .

وفي المعاملات تجدهم يعاملون الناس بالصدق , والبيان اللذين أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم, في قوله : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ).

والنقص من هذه الخصائص لا يخرج الإنسان عن كونه من الفرقة الناجية لكن لكل درجات مما عملوا , والنقص في جانب التوحيد ربما يخرجه عن الفرقة الناجية مثل الإخلال بالإخلاص, وكذلك في البدع ربما يأتي ببدع تخرجه عن كونه من الفرقة الناجية .

أما في مسألة الأخلاق والمعاملات فلا يخرج الإخلال بهما من هذه الفرقة وإن كان ذلك ينقص مرتبته .

وقد نحتاج إلى تفصيل في مسألة الأخلاق فإن من أهم ما يكون من الأخلاق اجتماع الكلمة, والاتفاق على الحق الذي أوصانا به الله تعالى في قوله : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى/13.

وأخبر أن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً أن محمداً صلى الله عليه وسلم , برئ منهم فقال الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) الأنعام/159. فاتفاق الكلمة وائتلاف القلوب من أبرز خصائص الفرقة الناجية - أهل السنة والجماعة - فهم إذا حصل بينهم خلاف ناشئ عن الاجتهاد في الأمور الاجتهادية لا يحمل بعضهم على بعض حقداً , ولا عداوة , ولا بغضاء بل يعتقدون أنهم إخوة حتى وإن حصل بينهم هذا الخلاف , حتى إن الواحد منهم ليصلي خلف من يرى أنه ليس على وضوء ويرى الإمام أنه على وضوء , مثل أن الواحد منهم يصلي خلف شخص أكل لحم إبل , وهذا الإمام يرى أنه لا ينقض الوضوء , والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فيرى أن الصلاة خلف ذلك الإمام صحيحة , وإن كان هو لو صلاها بنفسه لرأى أن صلاته غير صحيحة , كل هذا لأنهم يرون أن الخلاف الناشئ عن اجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس في الحقيقة بخلاف , لأن كل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب عليه اتباعه من الدليل الذي لا يجوز له العدول عنه , فهم يرون أن أخاهم إذا خالفهم في عمل ما اتباعاً للدليل هو في الحقيقة قد وافقهم, لأنهم هم يدعون إلى اتباع الدليل أينما كان, فإذا خالفهم موافقة لدليل عنده فهو في الحقيقة قد وافقهم ، لأنه تمشي على ما يدعون إليه ويهدون إليه من تحكيم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يخفى على كثير من أهل العلم ما حصل من الخلاف بين الصحابة في مثل هذه الأمور, حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعنف أحداً منهم , فإنه عليه الصلاة والسلام لما رجع من غزوة الأحزاب وجاءه جبريل وأشار إليه أن يخرج إلى بني قريظة الذين نقضوا العهد فندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال : لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ) . فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة وأرهقتهم صلاة العصر فمنهم من أخر صلاة العصر حتى وصل إلى بني قريظة بعد خروج الوقت لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ). ومنهم من صلى الصلاة في وقتها , وقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد منا المبادرة إلى الخروج ولم يرد منا أن نؤخر الصلاة عن وقتها - وهؤلاء هم المصيبون - ولكن مع ذلك لم يعنّف النبي صلى الله عليه وسلم أحداً من الطائفتين , ولم يحمل كل واحد على الآخر عداوة أو بغضاء بسبب اختلافهم في فهم هذا النص ، لذا أرى أنه من الواجب على المسلمين الذين ينتسبون إلى السنة أن يكونوا أمة واحدة , وأن لا يحصل بينهم تحزب هذا إلى طائفة والآخر إلى طائفة أخرى والثالث إلى طائفة ثالثة وهكذا بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن , ويتعادون ويتباغضون من أجل اختلاف يسوغ فيه الاجتهاد , ولا حاجة إلى أن أخص كل طائفة بعينها , ولكن العاقل يفهم ويتبين له الأمر.

فأرى أنه يجب على أهل السنة والجماعة أن يتحدوا حتى وإن اختلفوا فيما يختلفون فيه فيما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم فإن هذا أمر فيه سعة ولله الحمد , والمهم ائتلاف القلوب واتحاد الكلمة ولا ريب أن أعداء المسلمين يحبون من المسلمين أن يتفرقوا سواء كانوا أعداءً يصرحون بالعداوة , أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين أو للإسلام وهم ليسوا كذلك, فالواجب أن نتميز بهذه الميزة التي هي ميزة للطائفة الناجية وهي الاتفاق على كلمة واحدة.


مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 38-41.

ahmedaboali
03-23-2009, 12:51 PM
السؤال: 1200


هل يجوز لي أن أسدل يديّ أثناء الصلاة ، كما يفعل الشيعة عندما أشعر بالتعب ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

مما لا شك فيه أن السنة هي وضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في الصلاة .

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة .

قال أبو حازم : لا أعلمه إلا يُنمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم – أي : يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - . رواه البخاري (707) .

وعن وائل بن حُجْر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبَّر حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى . رواه مسلم (401) .



ثانياً :

من شعر بالتعب فإن له أن يسدل يديه بقدر ما يرتاح به ، ثم يعود إلى قبضهما ، وقد قال الله تعالى : ( لاَ يكلِّف الله نَفْساً إلا وُسْعَهَا ) ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي من الليل فإذا تعب جلس فإذا قرب من الركوع قام ليركع .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً حتى إذا كبر قرأ جالسا ، فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع . رواه البخاري (1097) ومسلم (731) .

وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم صلى أياماً وهو جالس بسبب مرضه ، فإذا جاز أن يترك القيام وهو ركن من أركان الصلاة بسبب المرض ، فيجوز ترك السنة من أجل التعب من باب أولى ، على أن يرجع للقبض بعد ذهاب ما به من تعب .

قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (1/100) :

" ولو افتتح الصلاة قائما ثم عرض له عذر جلس ، فإن ذهب عنه لم يجزه إلا أن يقوم " انتهى .

وقال النووي في "شرح مسلم" (6/11) :

" قولها : ( قرأ جالسا حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع ) فيه : جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام وبعضها من قعود , وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وعامة العلماء , وسواء قام ثم قعد , أو قعد ثم قام ، ومنعه بعض السلف , وهو غلط " انتهى .

وخلاصة الجواب :

أنه لا حرج من سدل اليدين في الصلاة بسبب التعب ، على أن يعود للقبض متى زال التعب ، ولا يعد ذلك مشابهة للرافضة لأنه سيكون مؤقتا ، وللعذر ، وإنما يكون مشابهة لهم إذا اتخذه المصلي شعارا له بحيث لا يصلي صلاة إلا ويسدل يديه ، ولا يقبضهما أبدا .

والله أعلم

ahmedaboali
03-24-2009, 03:36 AM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1271


هل فرقة "الدعوة و التبليغ" من الفرق الضالة و ماذا عن "الصوفية" ؟ .

الجواب:

الحمد لله

من المهم أن نعلم أولا أن مصطلح التصوف والصوفية من المصطلحات الحادثة ، والتي لم يعلق عليها مدح شرعي ، فتمدح ـ أو يمدح صاحبها ـ بإطلاق ، مثل أسماء الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، ولم يعلق عليها أيضا ذم شرعي ، فتذم ـ أو يذم صاحبها ـ أيضا بإطلاق ، مثل ألفاظ الكفر والفسوق والعصيان .

وما كان كذلك فإنه ينبغي الاستفصال عن حقيقة حاله ، وما يراد به قبل إطلاق القول فيه . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( لفظ الفقر والتصوف قد أدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله ، فتلك يؤمر بها ، وإن سميت فقرا أو تصوفا ؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر ، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب ، كالتوبة والصبر ... وقد أدخل فيها أمور يكرهها الله ورسوله ؛ كما يدخل فيها بعضهم نوعا من الحلول والاتحاد ، وآخرون نوعا من الرهبانية المبتدعة في الإسلام ، وآخرون نوعا من المخالفة للشريعة ، إلى أمور ابتدعوها ، إلى أشياء أخر ، فهذه الأمور ينهى عنها بأي اسم سميت ، ... وقد يدخل فيها التقييد بلبسة معينة ، وعادة معينة ، في الأقوال والأفعال ، بحيث من خرج عن ذلك عد خارجا عن ذلك ، وليست من الأمور التي تعينت بالكتاب والسنة ، بل إما أن تكون مباحة ، وإما أن تكون ملازمتها مكروهة ، فهذا بدعة ينهى عنه ، وليس هذا من لوازم طريق الله وأوليائه ، فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق الفقر ، كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام المخالف للكتاب والسنة ، والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة ، فقد وقع كثير من هذا في طريق هؤلاء .

والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، وأطاعوا الله ورسوله ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله ورسوله ، ويقبل من كل طائفة ما جاء به الرسول ، .....،ومتى تحرى الإنسان الحق والعدل ، بعلم ومعرفة ، كان من أولياء الله المفلحين ، وحزبه الغالبين . ) انتهى . ( الفتاوى 11/280ـ29 ) .

غير أن ما قاله شيخ الإسلام من التفصيل في حال المنتسبين إلى التصوف يوشك أن يكون نظريا في واقعنا المعاصر ، حيث صارت المحاذير التي أشار إليها شيخ الإسلام ملازمة لمسلك المنتسبين إلى التصوف في زماننا ، فضلا عما التزموه من الأعياد والموالد المبتدعة ، وغلوهم في مشايخهم الأحياء ، وتعلقهم بالمشاهد والقبور ، يصلون عندها ، ويطوفون حولها ، وينذرون لها ، إلى آخر ما هو معلوم من مسالكهم . ولهذا كله كان إطلاق القول بالتحذير من مسالكهم متوجها الآن ، وهو الذي اعتمدته اللجنة الدائمة في جوابها عن سؤال حول حكم الطرق الصوفية الموجودة الآن ، فقالت :

( الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية ، مع بدع أخرى ، كقول بعضهم : مدد يا سيد ، وندائهم الأقطاب ، وذكرهم الجماعي ، فيما لم يسم الله به نفسه ، مثل : هو هو ، وآه آه ، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم الشركية ، وغيرها من المنكرات . ) اهـ

وأما جماعة التبليغ فهي من الجماعات العاملة في حقل الدعوة إلى الله ، لها الكثير من الحسنات ، والجهد المشكور ؛ وكم تاب على أيديهم من عاص ، وتنسك من فاسق ، إلا أنها لا تخلو من بعض البدع في العلم والعمل ، نبه عليها أهل العلم ، لكنها لا توصف على كل حال بأنها من الفرق الضالة . وقد سبق قول شيخ الإسلام : والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:37 AM
السؤال: 1272


كنت في حوار مع أحد الأشخاص حول الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، وقال لي : إنه يمكن لأي منَّا أن يكره أيّاً من الصحابة دون أن يتناقض ذلك مع الإسلام ، وقال : ربما أن ذلك ( أي : كره الصحابة ) يخرج صاحبه من دائرة الإيمان ، ولكنه يظل في دائرة الإسلام . وعليه : نرجو من فضيلتكم توضيح وبيان هذا الأمر .

الجواب:

الحمد لله

لاشك أن من الخذلان الكبير وعدم التوفيق من الله تعالى للعبد أن يجعل من نهجه وسعيه الوقوع في صحابة خير الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنهم أو الخوض فيما وقع بينهم بدلاً من أن يشغل عمره بما ينفعه في أمر دينه ودنياه

وليس هناك أي وجه لأحدٍ أن يسب أو يبغض صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، ففضائلهم كثيرة متعددة ، فهم الذين نصروا الدين ونشروه ، وهم الذين قاتلوا المشركين ، وهم الذين نقلوا القرآن والسنَّة والأحكام ، وقد بذلوا أنفسهم ودماءهم وأموالهم في سبيل الله ، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا يسبهم ولا يبغضهم إلا منافق لا يحب الدين ولا يؤمن به .

عن البراء رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الأنصار : لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله " .

رواه البخاري ( 3572 ) ومسلم ( 75 ) .

فإذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار ويثبت له النفاق : فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ، ويُكفِّرُ من يواليهم ويترضى عليهم ، كما تفعل الرافضة ؟ لاشك أنهم أولى بالكفر والنفاق ، وانتفاء الإيمان .

قال الطحاوي – في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة - :

ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان .

قال الشيخ صالح الفوزان :

ومذهب أهل السنة والجماعة : موالاة أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام .

وأما النواصب : فيوالون الصحابة ، ويبغضون بيت النبي عليه الصلاة والسلام ، ولذلك سموا بالنواصب ؛ لنصبهم العداوة لأهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام .

والروافض : على العكس ، والوا أهل البيت بزعمهم ، وأبغضوا الصحابة ، ويلعنونهم ويكفرونهم ويذمونهم ...

ومن يبغض الصحابة فإنه يبغض الدين ؛ لأنهم هم حملة الإسلام وأتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فمن أبغضهم فقد أبغض الإسلام ؛ فهذا دليل على أنه ليس في قلوب هؤلاء إيمان ، وفيه دليل على أنهم لا يحبون الإسلام ...

هذا أصل عظيم يجب على المسلمين معرفته ، وهو محبة الصحابة وتقديرهم ؛ لأن ذلك من الإيمان ، وبغضهم أو بغض أحد منهم من الكفر والنفاق ؛ ولأن حبهم من حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبغضهم من بغض النبي صلى الله عليه وسلم .

" شرح العقيدة الطحاوية " .

وقد فصَّل بعض أهل العلم في " بغض الصحابة " فقالوا : إن كان قد وقع في بغض بعضهم لأمرٍ دنيوي فلا يقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمرٍ ديني باعتبار كونهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفرهم .

وهو تفصيل حسن لا يخالف ما قدمناه ، بل يبينه ويؤكده .

قال أبو زرعة الرازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاعلم أنه زنديق .

وقال الإمام أحمد : إذا رأيت الرجل يذكر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء : فاتهمه على الإسلام .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 03:37 AM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم .

وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.

وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي { كنتم خير أمة أخرجت للناس } وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاُ ، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام .

ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال ، فإنه يتبين أنه زنديق ، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم ، وقد ظهرت لله فيهم مثلات ، وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات ، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك ، وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الأصحاب ، وما جاء فيه من الإثم والعقاب .

وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره ومنهم من لا يحكم بكفره ، ومنهم من تردد فيه .

" الصارم المسلول على شاتم الرسول " ( ص 590 - 591 ) .

وقال تقي الدين السبكي :

وينبني على هذا البحث سب بعض الصحابة فإن سب الجميع لا شك أنه كفر وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي ; لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ففيه تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفر الساب ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الطحاوي " وبغضهم كفر " فإن بغض الصحابة بجملتهم لا شك أنه كفر , وأما إذا سب صحابيا لا من حيث كونه صحابيا بل لأمر خاص به وكان ذلك الصحابي مثلا ممن أسلم من قبل الفتح ونحن نتحقق فضيلته كالروافض الذين يسبون الشيخين ، فقد ذكر القاضي حسين في كفر من سب الشيخين وجهين .

ووجه التردد ما قدمناه فإن سب الشخص المعين قد يكون لأمر خاص به , وقد يبغض الشخص الشخص لأمر دنيوي وما أشبه ذلك فهذا لا يقتضي تكفيرا , ولا شك أنه لو أبغض واحدا منهما لأجل صحبته فهو كفر بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته كان كافرا قطعا .

" فتاوى السبكي " ( 2 / 575 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:37 AM
السؤال: 1273


هل يمكن أن تعطيني نبذة عن مذهب الدروز وأفكارهم وحكمهم في الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

أصل الدروز فرقة سرية من فرق الباطنية يتظاهرون بالإسلام ، ويلبسون أحياناً لباس التدين والزهد والورع ويظهرون الغيرة الدينية الكاذبة ويتلونون ألواناً عدة من الرفض والتصوف وحب آل البيت ، ويزعمون أنهم حملة لواء الإصلاح بين الناس وجمع شملهم ليلبسوا على الناس ويخدعوهم عن دينهم حتى إذا سنحت لهم الفرصة وقويت شوكتهم ووجدوا من الحكام من يواليهم وينصرهم ظهروا على حقيقتهم وأعلنوا عقائدهم وكشفوا عن مقاصدهم وكانوا دعاة شر وفساد ومعاول هدم للديانات والعقائد والأخلاق .

يتبين ذلك لمن تتبع تاريخهم وعرف سيرتهم من يوم وضع عبد الله بن سبأ اليهودي أصولهم وبذر بذورهم فورثها لاحقهم عن سابقهم وتواصوا بها وأحكموا تطبيقها واستمر ذلك إلى وقتنا الحاضر .

والدروز وإن كانوا فرعاً من فروع الباطنية لهم مظاهرهم الخاصة من جهة نسبهم ونسبتهم والزمن الذي ظهروا فيه . والظروف التي ساعدتهم على الظهور . ونذكر فيما يلي مجمل ذلك وحكم العلماء فيهم :

1. ينسب الدروز إلى درزي وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الدرزي وقد يروى اسمه بلفظ عبد الله الدرزي ودرزي بن محمد ويقال : إن محمد بن إسماعيل الدرزي هو تشتكين أو هشتكين الدرزي ، وقيل ينسبون إلى طيروز إحدى بلاد فارس ، ويرى الزبيدي أن الصواب ضبط الدرزي بفتح الدال نسبة إلى أولاد درزة وهم السفلة .

2. ظهر محمد بن إسماعيل الدرزي أيام الحاكم بأمره أبي على المنصور بن العزيز أحمد ملوك العبيديين الذين حكموا مصر قريباً من مائتي سنة وزعموا أنهم من آل البيت زوراً وبهتاناً وأنهم من نسل فاطمة رضي الله عنها .

وقد كان محمد بن إسماعيل الدرزي أولاً من الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي تزعم أنها من أتباع محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ثم خرج عليهم واتصل بالحاكم العبيدي ووافقه على دعواه الإلهية ودعا الناس إلى عبادته وتوحيده . وادعى أن الإله حل في علي بن أبي طالب ، وأن روح علي انتقلت إلى أولاده واحداً بعد واحد حتى انتقلت إلى الحاكم وقد فوض إليه الحاكم الأمور بمصر ليطيعه الناس في الدعوة ولما انكشف أمره ثار عليه المسلمون بمصر وقتلوا ممن معه جماعة ولما أرادوا قتله هرب واختفى عند الحاكم فأعطاه مالاً وأمره أن يخرج إلى الشام لينشر الدعوة هناك فخرج إليها ونزل بوادي تيم الله بن ثعلبة غربي دمشق فدعاهم إلى تأليه الحاكم ونشر فيهم مبادئ الدروز ووزع فيهم المال فاستجابوا له .

وقد قام بالدعوة أيضاً إلى تأليه الحاكم رجل آخر فارسي اسمه حمزة بن علي بن أحمد الحاكمي الدرزي من كبار الباطنية فقد اتصل برجال الدعوة السرية من شيعة الحاكم ودعا إلى تأليهه خفية حتى أصبح ركناً من أركانها ثم أعلن ذلك وادعى أنه رسول الحاكم فوافقه على ذلك . ولما توفي الحاكم وتولى ابنه على الملقب الظاهر لإعزاز دين الله . وتبرأ من الدعوة إلى تأليه أبيه طوردت الدعوة في مصر ففر حمزة إلى الشام وتبعه بعض من استجاب له واستقر أكثرهم في المقاطعة التي سميت فيما بعد ( جبل الدروز ) في سورية .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 03:38 AM
مبادؤهم :

( أ ) يقولون بالحلول ، فهم يعتقدون أن الله حل في علي رضي الله عنه ثم حل في أولاده بعده واحداً بعد واحد حتى حل في الحكام العبيدي أبي على المنصور ابن العزيز ويؤمنون برجعة الحاكم وأنه يغيب ويظهر.

( ب ) التقية ، (أي النفاق والتستر ) فهم لا يبينون حقيقة مذهبهم إلا لمن كان منهم بل لا يفشون سرهم إلا أمنوه ووثقوا به من جماعتهم .

( ج ) عصمة أئمتهم ، فهم يرون أن أئمتهم معصومون من الخطأ والذنوب بل ألهوهم وعبدوهم من دون الله كما فعلوا ذلك بالحاكم .

( د ) دعواهم إلى الباطن ، فهم يزعمون أن لنصوص الشريعة معاني باطنية هي المقصود منها دون ظواهرها وبنوا على هذا إلحادهم في نصوص الشريعة وتحريفهم لأخبارها و أوامرها و نواهيها .

أما إلحادهم في الأخبار فإنهم أنكروا ما لله من صفات الكمال وأنكروا اليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء من جنة ونار واستعاضوا عن ذلك بما يسمى التقمص أو تناسخ الأرواح وهو انتقال روح الإنسان أو الحيوان عند موته إلى بدن إنسان أو حيوان آخر عند بدء خلقه لتعيش فيه منعمة أو معذبة وقالوا دهر دائم وعالم قائم وأرحام تدفع وأرض تبلع ، وأنكروا الملائكة ورسالة الرسل واتبعوا المتفلسفة المشائين أتباع أرسطو في مبادئه ونظرياته .

وأما إلحادهم في نصوص التكليف من الأوامر والنواهي فإنهم حرفوها عن موضعها فقالوا الصلاة معرفة أسرارهم لا الصلوات الخمس التي تؤدى كل يوم وليلة ، والصيام كتمان أسرارهم لا الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، والحج زيارة الشيوخ المقدسين لديهم ، واستحلوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، واستحلوا نكاح البنات والأمهات إلى غير ذلك من التلاعب بالنصوص وجحد ما جاء فيها مما علم بالضرورة أنه شريعة لله فرضها على عباده ، ولذا قال فيهم أبو حامد الغزالي وغيره : ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض .

( هـ) النفاق علي الدعوة والمخادعة فيها : فهم يظهرون التشيع وحب آل البيت لمن يدعونه وإذا استجاب لهم دعوه إلى الرفض وأظهروا له معايب الصحابة وقدحوا فيهم ، فإذا قبل منهم كشفوا له معايب علي وطعنوا فيه ، فإذا قبل منه ذلك انتقلوا به إلى الطعن في الأنبياء ، وقالوا إن لهم بواطن وأسراراً تخالف ما دعوا إليه أممهم ، وقالوا إنهم كانوا أذكياء وضعوا لأممهم نواميس شرعية ليتحققوا بذلك مصالح وأغراضاً دنيوية .. إلخ .

وسئل شيخ الإسلام عما يُحكم به في الدروز والنصيرية فأجاب :

فَأَجَابَ : هَؤُلاءِ " الدُّرْزِيَّةُ " و " النصيرية " كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لا يَحِلُّ أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ وَلا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ ; بَلْ وَلا يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ ; فَإِنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ عَنْ دِينِ الإِسْلامِ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ ; وَلا يَهُودَ وَلا نَصَارَى لا يُقِرُّونَ بِوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلا وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَلا وُجُوبِ الْحَجِّ ; وَلا تَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهِمَا . وَإِنْ أَظْهَرُوا الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ هَذِهِ الْعَقَائِدِ فَهُمْ كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . فَأَمَّا " النصيرية " فَهُمْ أَتْبَاعُ أَبِي شُعَيْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ نَصِيرٍ وَكَانَ مِنْ الْغُلاةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ :

إنَّ عَلِيًّا إلَهٌ وَهُمْ يَنْشُدُونَ

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا حيدرة الأَنْزَعُ الْبَطِين

وَلا حِجَابَ عَلَيْهِ إلا مُحَمَّدٌ الصَّادِقُ الأَمِينُ

وَلا طَرِيقَ إلَيْهِ إلا سَلْمَانُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ

و(حيدرة) لقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

وَأَمَّا " الدُّرْزِيَّةُ " فَأَتْبَاعُ هشتكين الدُّرْزِيُّ ; وَكَانَ مِنْ مَوَالِي الْحَاكِمِ أَرْسَلَهُ إلَى أَهْلِ وَادِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى إلَهِيَّةِ الْحَاكِمِ وَيُسَمُّونَهُ " الْبَارِي الْعَلَّامُ " وَيَحْلِفُونَ بِهِ وَهُمْ مِنْ الإسماعيلية الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ نَسَخَ شَرِيعَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمْ أَعْظَمُ كُفْرًا مِنْ الْغَالِيَةِ يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَإِنْكَارِ الْمَعَادِ وَإِنْكَارِ وَاجِبَاتِ الإِسْلامِ وَمُحَرَّمَاتِهِ وَهُمْ مِنْ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَايَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا " فَلاسِفَةً " عَلَى مَذْهَبِ أَرِسْطُو وَأَمْثَالِهِ أَوْ " مَجُوسًا " . وَقَوْلُهُمْ مُرَكَّبٌ مِنْ قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمَجُوسِ وَيُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ نِفَاقًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ أيضاً رَدًّا عَلَى نُبَذٍ لِطَوَائِفَ مِنْ " الدُّرُوزِ " :

كُفْرُ هَؤُلاءِ مِمَّا لا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ ; بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ ; لا هُمْ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ ; بَلْ هُمْ الْكَفَرَةُ الضَّالُّونَ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُ طَعَامِهِمْ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ . فَإِنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ مُرْتَدُّونَ لا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ ; بَلْ يُقْتَلُونَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا ; وَيُلْعَنُونَ كَمَا وُصِفُوا ; وَلا يَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُمْ لِلْحِرَاسَةِ وَالْبِوَابَةِ وَالْحِفَاظِ . وَيَجِبُ قَتْلُ عُلَمَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ لِئَلا يُضِلُّوا غَيْرَهُمْ ; وَيَحْرُمُ النَّوْمُ مَعَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ ; وَرُفْقَتِهِمْ ; وَالْمَشْيُ مَعَهُمْ وَتَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ إذَا عُلِمَ مَوْتُهَا . وَيَحْرُمُ عَلَى وُلاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ إضَاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ شَيْءٍ يَرَاهُ الْمُقِيمُ لا الْمُقَامُ عَلَيْهِ . وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التكلان اهـ .


من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
"مجلة البحوث الإسلامية" (36/85-89)

ahmedaboali
03-24-2009, 03:39 AM
السؤال: 1274


هل يجوز أن أدرس الفقه أو علوم الحديث على شخص أشعري ؟ .

الجواب:

الحمد لله

الأشاعرة فهي فرقة تنتسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري - رحمه الله - ، وقد مر الأشعري بثلاث مراحل - كما ذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج4/72 – وهي باختصار : مرحلة الاعتزال ، ثم متابعة ابن كلاب ، ثم موافقة أهل السنة ، وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل ، وقد صرح الأشعري بهذا الموقف الأخير في كتبه الثلاثة : رسالة إلى أهل الثغر ، ومقالات الإسلاميين ، والإبانة ، فمن تابع الأشعري على هذه المرحلة ، فهو موافق لأهل السنة والجماعة في أكثر المقالات ، ومن لزم طريقته في المرحلة الثانية ، فقد خالف الأشعري نفسه ، وخالف أهل السنة في العديد من مقالاتهم .

قال الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى ج3/338 :

" والمتأخرون الذين ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري ، أخذوا بالمرحلة الثانية من مراحل عقيدته ، والتزموا طريق التأويل في عامة الصفات ، ولم يثبتوا إلا الصفات السبع المذكورة في هذا البيت :

حي عليم قدير والكلام له إرادة وكذا السمع والبصر

على خلاف بينهم وبين أهل السنة في كيفية إثباتها . " انتهى .

وقد أفتت اللجنة الدائمة فتوى رقم 6606 ج3/220 :

" إن الأشاعرة ليسوا كفارا ، وإنما أخطأوا في تأويلهم بعض الصفات " انتهى .

وعلى هذا فالأولى ألا يدرس المسلم علوم الشريعة إلا على العلماء المعروفين بعلمهم ، وسلامة اعتقادهم ، والبعد عن المبتدعة والمخالفين لأهل السنة ومنهم الأشاعرة ، والأمر في هذا سهل ولله الحمد ، فقد أصبحت سبل التعلم متاحة في كل الأوقات لجميع الناس ، فها هو علم علماء أهل السنة موجودة بعدة وسائل كالشريط الإسلامي ، وهذه الكتب والكتيبات النافعة ، وهذه المنتديات الإسلامية على الإنترنت ، وهذه المواقع الإسلامية المفيدة ، فطرق الخير وأبواب العلم سهلة ميسرة ولله الحمد والمنة

فاللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمنا وزدنا علماً


والله اعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:39 AM
السؤال: 1275


هناك قصيدة قالها الشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ الطريقة القادرية ، فما رأيكم في هذه القصيدة ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

الشيخ عبد القادر الجيلاني من علماء أهل السنة ، وكان رحمه الله متبعا لا مبتدعا ، وكان على طريقة السلف الصالح يحث في مؤلفاته على اتباع السلف ، ويأمر أتباعه بذلك . وكان يأمر بترك الابتداع في الدين ، ويصرح بمخالفته للمتكلمين من الأشاعرة ونحوهم .

وقد وقع في مؤلفاته بعض الغلطات والهفوات والبدع التي تنغمر في بحار فضائله . وللتعرف عليها مع بيان وجه الخطأ فيها يمكن مراجعة كتاب ( الشيخ عبدالقادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية ) للشيخ الدكتور : سعيد بن مسفر القحطاني :440-476.

ثانياً :

كَذَبَ أتباع الشيخ عبد القادر الجيلاني عليه كثيراً ، ونسبوا إليه ما لم يقله ولا يرضاه مما هو مخالف لسيرته ودعوته إلى اتباع السلف واجتناب البدع .

وقد ذكر شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (27/127) بعض هذه الأكاذيب ثم قال :

"وَلا رَيْبَ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ لَمْ يَقُلْ هَذَا ، وَلا أَمَرَ بِهِ ، وَمَنْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْهُ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ اهـ .

ومن هذه الأكاذيب ما نسبوه إليه في هذه القصيدة ، والتي نعلم علم اليقين براءة الشيخ عبد القادر مما فيها .

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن تلك القصيدة ، فأجابت :

"إن هذه القصيدة تدل على أن قائلها جاهل يدعي لنفسه دعاوى كلها كفر وضلال . فيدعي أن كل علوم العلماء مستقاة من علمه وفروع له وأن سلوك العباد إنما هو بما فرضه وسنه لهم ، وأنه يقدر على إغلاق الجحيم بعظمته لولا سابق عهد من الرسول ، وأنه يغيث من وفى له من المريدين ، وينجيه من البلايا ، ويحييه في الدنيا والآخرة ، ويؤمنه من المخاوف ، ويحضر معه الميزان يوم القيامة .

فهذه الدعاوى الكاذبة لا تصدر إلا من جاهل لا يعرف قدر نفسه ، فإن كمال العلم لله وحده وإن شئون الآخرة ومقاليد الأمور إلى الله وحده لا إلى مَلَك مقرب ولا نبي مرسل ولا لصالح ما من الصالحين ، وقد أمر الله رسولَه وهو خير خلقه أن يتلو على الأمة قوله تعالى : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف /188. وقوله تعالى : ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) الجن /21-22 . وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ألصق الناس به وأقربهم إليه رحماً وأولاهم بمعروفه أن ينقذوا أنفسهم من عذاب الله بالإيمان به سبحانه والعمل بشريعته وأخبرهم أنه لا يغني عنهم من الله شيئاً ، وأخبر أن آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى يقول كل منهم يوم القيامة نفسي نفسي ، فكيف يملك شيخ الطريقة القادرية أو غيره من المخلوقين أن ينجي مريديه وأن يحمي من وفى له بعهده ويغيثه ويحضر معه عند وزن أعماله يوم القيامة ؟ وكيف يملك أن يغلق أبواب الجحيم بعظمته ؟ إن هذا لهو البهتان المبين ، والكفر الصراح بشريعة رب العالمين .

لقد زاد صاحب هذه القصيدة في غلوه وتجاوز حد الحس والعقل والشرع ، فادعى أنه كان بنور محمد قبل أن يكون الخلق ، وأنه كان في قاب قوسين اجتماع الأحبة أي مع جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وأنه كان مع نوح عليه السلام في السفينة وشاهد الطوفان على كف قدرته ، وأنه كان مع إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ، وأن هذه النار بردت بدعوته ، وأنه كان مع إسماعيل ، وأنه ما نزل الكبش إلا بفتواه أو فتوته، وأنه كان مع يعقوب عليه السلام حينما أصيب بصره وأن عينيه ما برئتا إلا بتفلته ، وأنه هو الذي أقعد إدريس عليه السلام في جنة الفردوس ، وأنه كان مع موسى عليه السلام حين مناجاته لربه ، وأن عصا موسى مستمدة من عصاه ، وأنه كان مع عيسى في المهد، وأنه هو الذي أعطى داود حسن الصوت في القراءة ، بل ادعى أفحش من ذلك : ادعى أنه هو الله في الأبيات الثلاثة من قصيدته وأصرحها قوله :

أنا الواحد الفرد الكبير بذاته * * * أنا الواصف الموصوف شيخ الطريقة

تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، فأي كفر بعد هذا الكفر والعياذ بالله ؟

فيا أيها الأخ المستفتي يكفيك من شر سماعه ، ويغنيك عن معرفة تفاصيل تاريخ وسيرة القادرية ما في قصيدة شيخ هذه الطائفة من البهتان والكفر والطغيان ، واجتهد في معرفة الحق من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبيان السلف الصالح من الصحابة وتابعيهم للكتاب والسنة النبوية الصحيحة . مع اعتقادنا أن الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي تنسب إليه هذه الطريقة بريء من هذه القصيدة براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، وأتباعه يكذبون عليه كثيراً وينسبون إليه ما هو بريء منه .

وبالله التوفيق " اهـ .

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:40 AM
السؤال: 1276


من هم الإباضية ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً : التعريف :

الإباضية إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي ، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا من الخوارج ، وينفون عن أنفسهم هذه النسبة ، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً ، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور .

ثانياً : لمن تنسب الإباضية :

* مؤسسها الأول عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم ، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة ، وعبد الله عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان .

ثالثاً : أهم العقائد :

* يظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات الإلهية ، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل الصفات ، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من منطلق عقدي ، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه ، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل السنة والجماعة المتبعين للدليل ، من حيث إثبات الأسماء الحسنى والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه ، بلا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل .

* ينكرون رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة .

* يحرفون بعض أمور الآخرة وينفون حقيقتها كالميزان والصراط .

* صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته .

* القرآن لديهم مخلوق ، وقد وافقوا الخوارج في ذلك ، يقول الأشعري في مقالات الإسلاميين ( والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن ) مقالات الإسلاميين 1/203.

* مرتكب الكبيرة عندهم كافر كفر نعمة أو كفر نفاق .

* الناس في نظرهم ثلاثة أصناف :

- مؤمنون أوفياء بإيمانهم .

- مشركون واضحون في شركهم .

- قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد ، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان ، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك .

* يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام .

* مرتكب الكبيرة كافر ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها ، فإن الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا تابوا منها قبل الموت .

* الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة ، بينما يطلق عليه أهل السنة والجماعة كلمة العصيان أو الفسوق ، ومن مات على ذلك – في اعتقاد أهل السنة – فهو في مشيئة الله ، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهُر من عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة ، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار ، وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم .

* ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين ، لأن العصاة – عندهم – مخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار .

* يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .


موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة ( 1 / 63 )

ahmedaboali
03-24-2009, 03:40 AM
السؤال: 1277


أعلم بأنك شرحت طريقة معرفة الجماعة الحقيقية التي تتبع الحديث والسنة ولن يضل من اتبعهم ، كنت مع جماعة أهل الحديث - ( السعوديون السلفيون ) - حتى وصلني الكثير من المعلومات من بعض الناس ، يتهمون بها السلفيون وبالتأكيد فكلامهم مدعم بالحديث الذي لا أستطيع أن أرده أو أرفضه . نقلت هذه الاتهامات للسلفيين فذكروا لي أحاديث مقنعة كذلك ولا أستطيع رد هذه كذلك . لا أستطيع ترك السلفيين لأنهم الجماعة الوحيدة الموجودة في مدينتي الصغيرة بجانب عبَّاد القبور ، وإذا اتبعتهم فهل هذا يجعلني من أصحاب التقليد الأعمى للسلفيين ؟ فكما يقول المخالفون للسلفيين إننا يجب أن نتبع إماماً واحداً . باختصار ما هو أفضل حل ؟ لماذا أكثر الجماعات والمذاهب يذكرون أحاديث ويقولون بأن سندها صحيح ثم يعارضون بها أحاديث أخرى ؟ كيف إذا تكون أحاديث صحيحة ؟ ماذا أفعل ؟.

الجواب:

الحمد لله

قد بيَّنا في كثيرٍ من أجوبتنا الميزان الذي يستطيع المسلم الحكمَ به على الجماعات والفِرَق والأحزاب المخالفة للشرع ، ومما نوضحه أكثر وأكثر هنا :

أن الاختلاف الذي تراه بين المسلمين الآن لم يجعل الله تعالى فيه الناس حيارى لا يعرفون الحق منه من الباطل ، بل جعل الله تعالى للحق أمارات ، ووضع للصادقين علامات ، ونصب للمناهج أدلة وبيِّنات واضحات لا يزيغ عنها إلا هالك .

وعندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة أخبر أنها كلها في النار إلا واحدة ، وهي " من كان على مثل ما عليه هو وأصحابه " ، فهذا هو الميزان ، فلابد من موافقة الصحابة رضي الله عنهم ، فلا يكفي أن يأتي الشخص بحديث ويقول عنه أنه صحيح ثم يستدل به على تصحيح مذهبه أو رأيه حسب ما فهمه هو من ذلك الحديث ، وإنما الذي ينبغي هو البحث هل فهم الصحابة رضي الله عنهم هذا الحديث على هذا الوجه أم لا ؟

فهذا هو الضابط الذي يفرق أهل الحق حقيقة وغيرهم ، ألا وهو الرجوع في فهم الدين إلى السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فإنهم أفضل هذه الأمة وخيرها وأعلمها كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

والذي ينظر في الفرق التي حادت عن الصواب يرى أنهم قد يلبسون على الناس بالاستدلال بآية أو بحديث في غير موضعه حتى يوهموا الناس أنهم يتبعون الكتاب والسنة ، ولكنهم لا يستطيعون أن يثبتوا أن هذا هو ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من هذه النصوص .

فالذين يحرفون صفات الرب تبارك وتعالى ، والذين يعبدون القبور ويطوفون حولها ، والذين يرقصون في الذِّكر ، والذين ينفون القدَر ، والذين يقولون بخلْق القرآن ، وغير ذلك من العقائد والمناهج المنحرفة ليس أحدٌ منهم يزعم أنه على اعتقاد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن زعم أن معه آية أو حديثاً لكنه لا يستطيع أن يثبت أن فهمهما هو فهم من شاهد التنزيل وسمع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم .

وهذا ميزان دقيق عظيم يستطيع الإنسان أن يعلم من خلاله صحة وفساد ما يسمعه ويقرؤه من عقائد ومناهج يزعم أصحابها أنهم على هدى وحق .

واتباعك لما يقوله لك العلماء السلفيون ويذكرونه لك من التوحيد والفقه والحديث إنما هو اتباع للإسلام الحق الذي رضيه الله تعالى للناس أجمعين ، وقد يدخل عليك الشيطان ويوسوس لك أن هذا تقليد وهو غير جائز ، ولا شك أن هذا بداية طريق الانحراف عن الجادة والصواب ، فالعامي من المسلمين أوجب الله تعالى عليه سؤال أهل العلم والأخذ بكلامهم وفتاواهم ، وأنت تعلم أن أقرب هؤلاء إلى الصواب والحق هو من يسير على طريق أصحاب النبي صل الله عليه وسلم في فهم نصوص الكتاب والسنة ، وهم أتباع السلف الصالح .

والمسلم الذي عنده قدر من العلم الشرعي يستطيع أن يكتشف بنفسه صحة أو فساد ما يسمعه ويقرؤه من خلال دراسته والمقارنة بينه وبين ما ثبت عن السلف الصالح .

ولا مانع أن يكون الحق في بعض القضايا مع المخالف لكن لا يمكن أن يكون المنهج والطريق صحيحاً غير طريق سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان .

فكل ما ينقله العلماء السلفيون إنما هو قول الصحابة وسعيد بن المسيب والزهري ومجاهد وعطاء ومالك وحماد بن زيد وحماد بن سلمة والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود وغيرهم من منارات الهدى وعلامات الحق .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 03:40 AM
وستجد أهل البدع يذكرون ما لهم دون ما عليهم ، وستجدهم يعارضون السنة بكتبهم ، ويرفضون السنة لمخالفتها كتبهم ، ويحرفون ما يأتي في كتاب الله صريحاً ، ويضعفون ما يأتي في السنَّة واضحاً بيِّناً مخالفاً لآرائهم وأهوائهم ، وهكذا ، ولهذا سموا " أهل الأهواء " .

وأما أهل السنَّة فيذكرون ما لهم وما عليهم ، وينظرون إلى السنة بكل تجرد ، مقدمين السنة – إن صحت -على كل ما سواها ، وليس عندهم هوى يتبعونه حتى يرفضوا من أجله حديثاً أو يحرفوا آية .

وليس بين نصوص الوحي أي تعارض في الحقيقة إنما التعارض في الظاهر فقط ، ولكل علم أهله المتخصصون به ، فالحديث له أهله الذين يبينون صحيحه من سقيمه ، ويوضحون المقصود منه ، ويزيلون الإشكال ، ويوفقون بين ما ظاهره التعارض .

والخلاصة :

خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأعلم الناس بهذا الهدي هم أهل الحديث وفقهاؤه ، وهم السلف الصالح ، من تبع قولهم نجا ومن خالفه هلك .

وعليك بلزوم هذا الطريق وسؤال الله تعالى الهداية والتوفيق والثبات .

وأما قول السائل عن أهل الحديث أنهم ( السعوديون السلفيون ) هذا الحصر غير صحيح .

فلا يختص أهل الحديث ببلد معين أو أشخاص معينين بل أهل الحديث كل من ابتع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفهمها الفهم الصحيح الموافق لفهم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان .

والله الهادي .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:41 AM
السؤال: 1278


نسمع بالطريقة الظاهرية ، لم تدعو ؟ وهل هي موافقة للسنة ؟.

الجواب:

الحمد لله

الطريقة الظاهرية معروفة ، وهي التي يسير عليها داود بن علي الظاهري ، وأبو محمد ابن حزم ، ومن يقول بقولهما .

ومعناها : الأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس ، فلا قياس عندهم ولا تعليل ، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي ، ولا ينظرون إلى العلل والمعاني ، فسموا ظاهرية لهذا المعنى ؛ لأنهم أخذوا بالظاهر ولم ينظروا في العلل والحكم والأقيسة الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة ، ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرد الذين يحكمون الآراء والأقيسة ، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، لكن عليهم نقص ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر ، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبه عليها الشارع وقصدها ، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دل عليها الكتاب والسنة .

والله ولي التوفيق .


مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 218

ahmedaboali
03-24-2009, 03:41 AM
السؤال: 1279


قال حمزة يوسف عندما تحدث عن المخاوف التي يخافها الناس من الصوفية : " السبب الرابع: هو الخوف عموماً من الضلال باتباع عقائد خفية دون التأكد من صحتها كما يحدث لكثير من الجهال ، لذلك ربما يسمع الجهال من الناس بعض العبارات التي تقال على ألسنة الصوفية ولا يفهمونها بالكلية ، وفي طبقات الإمام الذهبي أن أبا اليزيد البسطامي يعتبر فقيهاً وأن الإمام الذهبي يُعتبر تلميذ ابن تيمية ويَعتبر أبا اليزيد البسطامي مصدراً للحديث ، ولكنَّ أبا اليزيد هذا هو الذي قال " سبحاني " وهذه الكلمة معروفة بالكلمة الفنية للصوفيين " شطحة " بحيث لو قالها شخص وهو مغيب النفس لا يؤاخذ بها ، وهناك دليل في البخاري عن عبدٍ في وسط الصحراء وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل لما وجد راحلته المفقودة صاح بفرحة " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " ، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا العبد أخطأ في مقولته بعد أن وجد راحلته ، هذا بالنسبة للشخص الذي وجد راحلته فكيف بالشخص الذي يجد ربَّه ؟ .
هل يعني الحديث في البخاري أن الكلمات التي يقولها الشخص وهو في حالة " سكر روحي " معفو عنها ؟.

الجواب:

الحمد لله

أبو يزيد البسطامي هو: طيفور بن عيسى ، توفي سنة 261 هـ ‍.

ولا يُعلم عنه أنه كان من المشتغلين بالحديث ، ولم يذكر ذلك عنه الذهبي في ترجمته، بل ذَكَرَ عنه ما قد يُؤخذ منه سخريته من أهل الحديث ودعواه أنه يتلقى علمه عن الله تعالى مباشرة!! وهو قوله : ما المحدِّثون ؟ إن خاطبهم رجل عن رجل فقد خاطبنا القلب عن الرب!!

وقد نُقلت عنه شطحات كثيرة قوله : "ما في الجُبَّة إلا الله"، و "ما النَّار ؟ لأستندنَّ إليها غداً وأقول : اجعلني فداءً لأهلها وإلا بلعتُها" ، و "ما الجنَّة ؟ لعبة صبيان، ومراد أهل الدنيا" .

ومن أجل هذه العبارات التي ظاهرها الكفر والإلحاد حكم عليه بعض العلماء بفساد الاعتقاد، وأنه مبتدع واعتذر عنه آخرون .

قال ابن كثير رحمه الله : وقد حُكي عنه شطحاتٌ ناقصاتٌ ، وقد تأوَّلها كثيرٌ من الفقهاء والصوفية ، وحملوها على محاملَ بعيدةٍ ، وقد قال بعضُهم إنَّه قال ذلك في حال الاصطلام – أي : الفناء – والغيبة ، ومن العلماء مَن بدّعه وخطّأه وجعل ذلك من أكبر البدع ، وأنَّها تدلُّ على اعتقادٍ فاسدٍ كامِنٍ في القلب ظهر في أوقاته .

" البداية والنهاية " ( 11 / 38 ) .

وبالرجوع إلى سير أعلام النبلاء للذهبي تبين أن الذهبي لم يصف أبا يزيد بأنه فقيه ، ولا اعتبره مصدراً للحديث ، بل نقل عنه كلمات جيدة ، ونقل عنه أيضاً هذه الشطحات ، فقال :

وجاء عنه – أي : عن أبي يزيد - أشياء مشكلة لا مساغ لها ، الشأن في ثبوتها عنه ، أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر والغيبة والمحو ، فيطوى ولا يحتج بها ، إذ ظاهرها إلحاد مثل "سبحاني" ، و "ما في الجبة إلا الله" ، "ما النار ؟ لأستندن إليها غداً وأقول : اجعلني فداء لأهلها وإلا بلعتُها" ، و "ما الجنة ؟ لعبة صبيان ، ومراد أهل الدنيا" . . . إلخ

" سير أعلام النبلاء " ( 13 / 88 ) .

ولعل الذي حمل بعض العلماء على الاعتذار عنه أنه نُقلت عنه كلمات جيدة في الحث على اتباع الشرع والوقوف عند حدوده ، مع ما حُكي عنه أنه كان إذا أفاق أنكر هذه الشطحات .

انظر : منهاج السنة (5/357) ، ومدارج السالكين (2/119) .

ومما ينبغي أن يُعلم أن مثل هذه الكلمات غاية أمر صاحبها أن يكون معذوراً فيها غير مؤاخذ عليها ، ولا يصح أن تجعل هذه الكلمات دليلاً على الولاية والعلم والتحقيق

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 03:41 AM
قال شيخ الإسلام :

والذين يذكرون عن أبى يزيد وغيره كلمات من الاتحاد الخاص ونفي الفرق ويعذرونه في ذلك يقولون إنه غاب عقله حتى قال : "أنا الحق" و "سبحاني" ، و "ما في الجبة إلا الله" . ويقولون إن الحب إذا قوي على صاحبه وكان قلبه ضعيفا يغيب بمحبوبه عن حبه ، وبموجوده عن وجوده ، وبمذكوره عن ذكره ، حتى يفنى من لم يكن ، و يبقى من لم يزل . . . فمثل هذا الحال التي يزول فيها تمييزه بين الرب والعبد وبين المأمور والمحظور ليست علما ولا حقا ، بل غايته أنه نَقَصَ عقلُه الذي يفرق به بين هذا وهذا ، وغايته أن يعذر لا أن يكون قوله تحقيقا اهـ

مجموع الفتاوى 8/313.

ثم محل العذر إذا كان الإنسان وصل إلى حال غياب العقل من غير اختياره ، أما إذا فعل ما يذهب عقله ، فإنه يلام بلا شك على ذلك الفعل . كما لو شرب الخمر أو جعل يرقص في حِلَق الذكر حتى غاب عن الوعي .

قال شيخ الإسلام :

لكن بعض ذوى الأحوال قد يحصل له فى حال الفناء القاصر سكر وغيبة . . . فقد يقول فى تلك الحال : "سبحانى" أو "ما فى الجبة إلا الله" أو نحو ذلك من الكلمات التى تؤثر عن أبى يزيد البسطامى . . . وكلمات السكران تطوى ولا تروى ولا تؤدى إذا لم يكن سكره بسبب محظور من عبادة أو وجه منهى عنه فأما إذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا ، لا فرق في ذاك بين السكر الجسمانى والروحانى اهـ

مجموع الفتاوى (2/461) .

وأما مدح هذه الكلمات ، وكذلك مدح كلام الرجل الذي أخطأ من شدة الفرح وقال : "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" فمن الخطأ الفاحش إذ كيف يمدح هذا الكلام بعد ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالخطأ فقال : (أخطأ من شدة الفرح) ؟!

وهذه الكلمات تدل على نقص عقل صاحبها أو غيابه بالكلية وقت تلفظه بها ، فكيف يكون نقص العقل وغيابه مدحاً وكمالاً وولايةً ؟!

وهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أكمل البشر بعد الأنبياء خوفا من الله ، ورجاء له ، وتحقيقا للعبودية والولاية لم تنقل عنهم مثل هذه الكلمات لكمال عقولهم واتباعهم للشرع رضي الله عنهم أجمعين .

ahmedaboali
03-24-2009, 03:42 AM
السؤال: 1280


في الطرق الصوفية يوجد طريقة تسمى : سياريا (syari'a) ، طريقة ، حقيقة ، معرفة ، هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم أصحابه هذه الطرق وبنفس ما تعنيه هذه الطرق لدى الصوفية ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا بد أن نعلم أن النسبة إلى الصوفية هي إلى لبس الصوف لا إلى شيء آخر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف هذا هو الصحيح ، وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء ، وقيل إلى صوفة بن أد بن طانجة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك ، وقيل إلى أهل الصُّفة ، وقيل إلى الصفا ، وقيل إلى الصفوة ، وقيل إلى الصف المقدم بين يدي الله ؛ وهذه الأقوال : ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صفي أو صفائي أو صفوي أو صفي ولم يقل صوفي .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 195 ) .
ولم يظهر التصوف إلا بعد القرون الثلاثة التي أثنى علها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم …." - رواه البخاري ( 2652 ) ، ومسلم ( 2533 ) من حديث ابن مسعود - .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وأما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 5 ) .
وهذه الطريقة ومثيلاتها من الطرق المبتدعة المخالفة للكتاب والسنَّة ولما كان عليه خير القرون ، فقد اخترع كل شيخٍ لهذه الطرق ورداً وحزباً وطريقة في العبادة يُميِّز بها نفسه عن غيره ، مخالفاً للشرع ، ومفرقاً للصف .
وقد امتن الله على الأمَّة بأن أكمل لها دينها وأتمَّ عليه نعمته ، فكل من جاء بعبادة وطريقة لم يأتِ بها الشرع فهو مكذب بما قاله الله تعالى متهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة .
وقد يكون مع ابتداعهم هذا كذبٌ أيضاً بأن زعم زاعمهم أنهم تلقوا طريقتهم هذه من النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم على طريق وهدي الخلفاء الراشدين .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل : الطريقة الشاذلية ، والطريقة الخلوتية ، وغيرهما من الطرق ، وإذا وجدت هذه الطرق فما هو الدليل على ذلك ؟ وما معنى قول الحق تبارك وتعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الأنعام / 153 ، وما معنى قوله أيضاً : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } النحل / 9 ، ما هي السبل المتفرقة ، وما هو سبيل الله ، ثم ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه عنه ابن مسعود أنه خط خطّاً ثم قال : " هذا سبيل الرشد " ثم خطَّ عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ؟ فأجابوا :
لا يوجد في الإسلام شيء من الطرق المذكورة ، ولا من أشباههما ، والموجود في الإسلام هو ما دلت عليه الآيتان والحديث الذي ذكرتَ وما دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فِرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فِرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فِرقة ، كلها في النار إلا واحدة " ، قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " ، وقوله عليه الصلاة والسلام : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ، والحق هو اتباع القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الصحيحة الصريحة ، وهذا هو سبيل الله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو قصد السبيل ، وهو الخط المستقيم المذكور في حديث ابن مسعود ، وهو الذي درج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعن أتباعهم من سلف الأمَّة ومن سار على نهجهم ، وما سوى ذلك من الطرق والفِرق هي السبل المذكورة في قوله سبحانه وتعالى : { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } الأنعام / 153 " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 283 ، 284 ) .
والله أعلم.

ahmedaboali
03-24-2009, 04:11 AM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1331


أنا متحير في الطريقة التي يصلي بها السنة والشيعة ، والدي شيعي وعلمني أن أصلي ويداي في جانبي ولكنني لست أدري ما الفرق .
لماذا يوجد هذا الاختلاف بينهما ؟
سأكون ممتناً إذا قلت لي أي طريقة كان يستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم .

الجواب:

الحمد لله

1. الفرق بين الشيعة – الرافضة - وأهل السنة كبير جداً ؛ وذلك لاختلاف المراجع والأصول التي يرجع إليها كل منهما ، فالشيعة يعتمدون على كتب وعلماء ليسوا عند أهل السنة بشيء .

فمثلاً أهل السنة يعتمدون كتاب صحيح البخاري بعد القرآن ، والشيعة لا يعتمدونه مرجعاً ولا يعتبرون صاحبه شيئاً ، حتى إنهم ليختلفون معنا في الصحابة ، فالشيعة يكفرون الصحابة إلا قليلاً منهم ، بل إن بعضهم يزعم أن القرآن الذي في أيدي أهل السنة ناقص ومحرف ، ومَن لم يقل بنقص القرآن وتحريفه قال بتحريف معناه ، وأبطل ما ورد عن أئمتنا في تفسيره.

قال الشعبي : أحذركم الأهواء المضلة وشرها الرافضة ، وقد حرقهم علي بن أبي طالب بالنار ونفاهم في البلدان وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود :

قالت اليهود : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من آل داود ، وقالت الرافضة : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من ولد علي بن أبي طالب .

وقالت اليهود : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وينزل سبب من السماء ، وقالت الرافضة : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد من السماء .

واليهود : يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الرافضة والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم " . أبو داود 418 ، وابن ماجة 689 ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 444 .

واليهود : تزول عن القبلة شيئاً ، وكذلك الرافضة .

واليهود : تنود في الصلاة ، وكذلك الرافضة …

واليهود : يستحلون دم كل مسلم ، وكذلك الرافضة .

واليهود : لا يرون على النساء عدة ، وكذلك الرافضة .

واليهود : لا يرون الطلاق الثلاث شيئاً ، وكذلك الرافضة .

واليهود : حرفوا التوراة ، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن .

واليهود : يبغضون جبريل ويقولون هو عدونا من الملائكة ، وكذلك صنف من الرافضة يقولون غلط بالوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم .

" السنة " للخلال ( 3 / 497 – 498 ) .

وهذا بعض من ضلالات الشيعة وخزعبلاتهم ، لذا فلا تعجب من سدلهم أيديهم في الصلاة الذي هو مخالفة صريحة لصحيح السنة وصريحها .

وأما الأدلة على وجوب القبض ـ أي وضع اليد اليمنى على اليسرى ـ فهي كثيرة ، ومنها :

عن سهل بن سعد قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة .

قال أبو حازم : لا أعلمه إلا يُنمي ذلك إلى النبي الله صلى الله عليه وسلم – أي : يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - . رواه البخاري ( 707 ) .

و( كان صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى ) . رواه مسلم 401

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى . رواه أحمد برقم 12671

عن وائل بن حجر : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه . رواه مسلم ( 401 ) .

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة " . رواه ابن حبان ( 3 / 13 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صفة الصلاة " ( ص 87 ) .

وقال ابن حجر :

قال ابن عبد البر : لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيرُه عن مالك غيرَه ، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه ، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة ، ومنهم من كره الإمساك ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة . " فتح الباري " ( 2 / 224 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 04:12 AM
السؤال: 1332


هل يمكن أن تلقي بعض الضوء على ( من هو الإمام الغزالي ) ؟.

الجواب:

الحمد لله

الغزالي : هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي المعروف بالغزالي ، ولد بطوس سنة ( 450هـ ) وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس .

والحديث عن الغزالي يطول نظراً لأنه مرَّ بعدة مراحل ، فقد خاض في الفلسفة ثم رجع عنها وردَّ عليها ، وخاض بعد ذلك فيما يسمى بعلم الكلام وأتقن أصوله ومقدماته ثم رجع عنه بعد أن ظهر له فساده ومناقضاته ومجادلات أهله ، وقد كان متكلماً في الفترة التي ردَّ فيها على الفلاسفة ولُقب حينها بلقب " حجة الإسلام " بعد أن أفحمهم وفند آراءهم ، ثم إنه تراجع عن علم الكلام وأعرض عنه وسلك مسلك الباطنية وأخذ بعلومهم ثم رجع عنه وأظهر بطلان عقائد الباطنية وتلاعبهم بالنصوص والأحكام ، ثم سلك مسلك التصوف . فهذه أربعة أطوار مرَّ بها الغزالي وما أحسن ما قاله الشيخ أبو عمر ابن الصلاح - رحمه الله - عنه حيث قال : " أبو حامد كثر القول فيه ومنه ، فأما هذه الكتب – يعني كتبه المخالفة للحق – فلا يُلتفت إليها ، وأما الرجل فيُسكت عنه ، ويُفَوَّضُ أمره إلى الله " أنظر كتاب ( أبو حامد الغزالي والتصوف ) لعبد الرحمن دمشقية .

و لا يُنكر المُنْصِف ما بلغه أبو حامد الغزالي من الذكاء المتوقد والعبقرية النادرة حتى قال عنه الذهبي: " الغزالي الشيخ الإمام البحر حجة الإسلام أعجوبة الزمان زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي صاحب التصانيف والذكاء المفرط تَفَقَّه ببلده أولاً ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة فلازم إمام الحرمين فبرع في الفقه في مدة قريبة ومهر في الكلام والجدل حتى صار عين المناظرين ... " سير أعلام النبلاء ج9 ص 323 .

وتجد أبا حامد الغزالي مع أن له من العلم بالفقه والتصوف والكلام والأصول وغير ذلك مع الزهد والعبادة وحسن القصد وتبحره في العلوم الإسلامية ... يميل إلى الفلسفة لكنه أظهرها في قالب التصوف والعبارات الإسلامية ولهذا فقد رد عليه علماء المسلمين حتى أخص أصحابه أبو بكر بن العربي فإنه قال شيخنا أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر وقد حكى عنه من القول بمذاهب الباطنية ما يوجد تصديق ذلك في كتبه . أنظر مجموع الفتاوى ج4 ص66

ومع تقدم الغزالي في العلوم إلا أنه كان مُزْجَى البضاعة في الحديث وعلومه ، لا يميز بين صحيح الحديث وسقيمه قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – : " فإن فرض أن أحداً نقل مذهب السلف كما يذكره (الخارج عن مذهب السلف ) ؛ فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي وأبي حامد الغزالي وابن الخطيب وأمثالهم ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يُعَدَّونَ به من عوام أهل الصناعة فضلا عن خواصها ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف البخاري ومسلماً وأحاديثهما إلا بالسماع كما يذكر ذلك العامة ، ولا يميزون بين الحديث الصحيح المتواتر عند أهل العلم بالحديث ، وبين الحديث المفترى المكذوب ، وكتبهم أصدق شاهد بذلك ، ففيها عجائب . وتجد عامة هؤلاء الخارجين عن منهاج السلف من المتكلمة والمتصوفة يعترف بذلك ، إما عند الموت ، وإما قبل الموت ، والحكايات في هذا كثيرة معروفة ... هذا أبو حامد الغزالي مع فرط ذكائه وتألهه ومعرفته بالكلام والفلسفة وسلوكه طريق الزهد والرياضة والتصوف ينتهي في هذه المسائل إلى الوقف والحيرة ويحيل في آخر أمره على طريقة أهل الكشف ... " مجموع الفتاوى ج4 ص71

وقال أيضاً : " ولهذا كان أبو حامد مع ما يوجد في كلامه من الرد على الفلاسفة ، وتكفيره لهم ، وتعظيم النبوة ، وغير ذلك ، ومع ما يوجد فيه من أشياء صحيحةٍ حسنةٍ بل عظيمة القدر نافعة ، يوجد في بعض كلامه مادة فلسفية وأمور أضيفت إليه توافق أصول الفلاسفة الفاسدة المخالفة للنبوة ، بل المخالفة لصريح العقل ، حتى تكلم فيه جماعات من علماء خراسان والعراق والمغرب ، كرفيقه أبي إسحاق المرغيناني وأبي الوفاء بن عقيل والقشيري والطرطوشي وابن رشد والمازري وجماعات من الأولين ، حتى ذكر ذلك الشيخ أبو عمرو بن الصلاح فيما جمعه من طبقات أصحاب الشافعي ، وقرره الشيخ أبو زكريا النووي ، قال في هذا الكتاب : فصلٌ في بيان أشياء مهمة أُنكرت على الإمام الغزالي في مصنفاته ولم يرتضيها أهلُ مذهبه وغيرُهم من الشذوذ في تصرفاته منها : قوله في مقدمة المنطق في أول المستصفي : هذه مقدمة العلوم كلها ، ومن لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً .

قال الشيخ أبو عمرو : وسمعت الشيخ العماد بن يونس يحكي عن يوسف الدمشقي مدرس النظامية ببغداد وكان من النظار المعروفين أنه كان ينكر هذا الكلام ويقول : فأبو بكر وعمر وفلان وفلان يعني أن أولئك السادة عظمت حظوظهم من الثلج واليقين ولم يحيطوا بهذه المقدمة وأسبابها " العقيدة الأصفهانية . ج 1 ص169

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:12 AM
ونقل الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء عن محمد بن الوليد الطرطوشي في رسالة له إلى ابن مظفر قال : فأما ما ذكرت من أبي حامد فقد رأيته وكلمته فرأيته جليلا من أهل العلم ، واجتمع فيه العقل والفهم ، ومارس العلوم طول عمره ، وكان على ذلك معظم زمانه ، ثم بدا له عن طريق العلماء ، ودخل في غُمار العُبَّاد ، ثم تصوَّف ، وهجر العلومَ وأهلها ، ودخل في علوم الخواطر وأرباب القلوب ووساوس الشيطان ، ثم شابها بآراء الفلاسفة ورموز الحلاج ، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين ، ولقد كاد أن ينسلخَ من الدين ، فلما عمل الإحياء عمد يتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية ، وكان غير أنيس بها ، ولا خبير بمعرفتها ، فسقط على أمِّ رأسه ، وشحن كتابه بالموضوعات .

قلت ( القائل هو الذهبي ) أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة ، وفيه خيرٌ كثير ، لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية نسأل الله علماً نافعاً ، تدري ما العلم النافع ؟

هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً ولم يأت نهي عنه . قال عليه السلام : " من رغب عن سنتي فليس مني " . فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله ، وبإدمان النظر في الصحيحين ، وسنن النسائي ، ورياض النواوي وأذكاره ، تفلح وتنجح .

وإياك وآراء عباد الفلاسفة ووظائف أهل الرياضات وجوع الرهبان وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات ، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة . فواغوثاه بالله اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم ...

ثم إن المازري أثنى على أبي حامد في الفقه ، وقال هو بالفقه أعرف منه بأصوله ، وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين فإنه صنف فيه وليس بالمُتَبَحِر فيها ، ولقد فطنت لعدم استبحاره فيها ، وذلك أنه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فن الأصول فأكسبته الفلسفة جرأة على المعاني ، وتسهلاً للهجوم على الحقائق ؛ لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها ، لا يردعها شرع .

وعرَّفني صاحب له أنه كان له عكوف على رسائل إخوان الصفا وهي إحدى وخمسون رسالة ، ألفها من قد خاض في علم الشرع والنقل وفي الحكمة ، فمزج بين العلمين ، وقد كان رجلٌ يعرف بابن سينا ملأ الدنيا تصانيف ، أدته قوته في الفلسفة إلى أن حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة وتلطف جهده حتى تم له ما لم يتم لغيره ، وقد رأيت جملا من دواوينه ، ووجدت أبا حامد يعول عليه في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة . وأما مذاهب الصوفية فلا أدري على من عَوَّل فيها ، لكني رأيت فيما علق بعض أصحابه أنه ذكر كتب ابن سينا وما فيها ، وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي ، وعندي أنه عليه عول في مذهب التصوف ، وأُخبرت أن أبا حيان ألف ديوانا عظيماً في هذا الفن وفي الإحياء من الواهيات كثير... ثم قال: ويستحسن أشياء مبناها على مالا حقيقة له ، كقص الأظفار أن يبدأ بالسبابة لأن لها الفضل على باقي الأصابع ؛ لأنها المسبحة ، ثم قص ما يليها من الوسطى ؛ لأنها ناحية اليمين ، ويختم بإبهام اليمنى وروى في ذلك أثراً .

قلت ( القائل هو الذهبي ) : هو أثر موضوع ... قال أبو الفرج ابن الجوزي صنف أبو حامد الإحياء وملأه بالأحاديث الباطلة ولم يعلم بطلانها ، وتكلم على الكشف وخرج عن قانون الفقه ، وقال عن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم أنوار هي حُجُبُ الله عز وجل ، ولم يُرِد هذه المعروفات ، وهذا من جنس كلام الباطنية . " السير ج19 ص340

ثم إن الغزالي – رحمه الله – رجع في آخر حياته إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، وأكب على الكتاب والسنة ، وذم الكلام وأهله ، وأوصى الأمة بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ... وإن كان بعد ذلك رجع إلى طريقة أهل الحديث وصنف إلجام العوام عن علم الكلام " مجموع الفتاوى ج4 ص72 .

" وإن نظرة إلى كتابه المسمى إلجام العوام عن علم الكلام ، ليثبت لنا حقيقة هذا التغيُّر من وجوهٍ عديدة :

الوجه الأول : أنه انتصر في هذا الكتاب لعقيدة السلف ، منبهاً على أن الحق هو مذهب السلف ، وأن من خالفهم في ذلك فهو مبتدع .

الوجه الثاني : أنه نهى عن التأويل أشد النهي ، داعياً إلى إثبات صفات الله ، وعدم تأويلها بما يودي بها إلى التعطيل .

الوجه الثالث : أنه شدد النكير على المتكلمين ، ووصف كل أصولهم ومقاييسهم بـ" البدعة المذمومة " ، وبأنها كانت سبب تضرر أكثر الخلق به ، ومنبت الشر بين المسلمين قائلاً :

والدليل على تضرر الخلق به : المشاهدة والعيان والتجربة ، وما ثار من الشر منذ نبغ المتكلمون ، وفشت صناعة الكلام مع نهي العصر الأول من الصحابة رضي الله عنهم عن مثل ذلك . ويدل عليه أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة بأجمعهم ما سلكوا في المحاجة مسلك المتكلمين في تقسيماتهم وتدقيقاتهم – لا لعجز منهم عن ذلك – فلو علموا أن ذلك نافع لأطنبوا فيه ، ولخاضوا في تحرير الأدلة خوضاً يزيد على خوضهم في مسائل الفرائض .

وقال أيضاً : إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فما زادوا على أدلة القرآن شيئاً ، وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية وترتيب المقدمات . كل ذلك لعلمهم بأن ذلك مثار الفتن ومنبع التشويش ، ومن لا يقنعه أدلة القرآن ، لا يقنعه إلا السيف والسنان فما بعد بيان الله بيان " أنظر كتاب ( أبو حامد الغزالي والتصوف )

هذه مجموعة من النقولات عن بعض العلماء الموثوق بعلمهم عن الغزالي رحمه الله ولعل فيها الكفاية لمن أراد الهداية . والله الهادي إلى سواء السبيل .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:13 AM
السؤال: 1333


في الساحة من يقول إن الفرق التي ورد الأمر باعتزالها في حديث حذيفة هي الجماعات الإسلامية كالسلفيين والإخوان والتبليغيين فما قول سماحتكم في ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

النبي صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة لما قال : يا رسول الله كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم ) ، قال حذيفة : فهل بعد هذا الشر من خير ؟ قال: ( نعم وفيه دخن ) قلت : وما دخنه ؟ قال : ( قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر ) ، قال حذيفة : يا رسول الله فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : ( نعم ، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ قال : ( هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ) يعني : من العرب . قلت : يا رسول الله فما تأمرنا عند ذلك ؟ قال : ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : ( فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ) رواه البخاري ومسلم .

هذا الحديث العظيم يبين لنا ، أن الواجب على المسلم : لزوم جماعة المسلمين والتعاون معهم في أي مكان سواء كانت جماعة وجدت في الجزيرة العربية ، أو في مصر أو في الشام أو في العراق أو في أمريكا أو في أوروبا أو في أي مكان .

فمتى وجد المسلم جماعة تدعو إلى الحق ساعدهم وصار معهم ، وأعانهم وشجعهم ، وثبتهم على الحق والبصيرة ، فإذا لم يجد جماعة بالكلية فإنه يلزم الحق : وهو الجماعة ، ولو كان واحداً كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لعمرو بن ميمون : ( الجماعة ما وافق الحق ، وإن كنت وحدك ) .

فعلى المسلم أن يطلب الحق ، فإذا وجد مركزاً إسلامياً يدعو إلى الحق ، أو جماعة في أي مكان يدعون إلى الحق - أي : إلى كتاب الله وسنة رسوله ، وإلى العقيدة الطيبة - في أوروبا أو في أفريقيا أو في أي مكان ، فليكن معهم يطلب الحق ويلتمس الحق ويصبر عليه ويكون مع أهله .

هذا هو الواجب على المسلم ، فإذا لم يجد من يدعو إلى الحق لا دولة ولا جماعة لزم الحق وحده واستقام عليه ، فهو الجماعة حينئذ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لعمرو بن ميمون .

وفي زمننا هذا - والحمد لله - توجد الجماعات الكثيرة الداعية إلى الحق ، كما في الجزيرة العربية ...، وفي اليمن والخليج ، وفي مصر والشام وفي أفريقيا وأوروبا وأمريكا وفي الهند وباكستان وغير ذلك من أنحاء العالم ، توجد جماعات كثيرة ومراكز إسلامية وجمعيات إسلامية تدعو إلى الحق وتبشر به ، وتحذر من خلافه . فعلى المسلم الطالب للحق في أي مكان أن يبحث عن هذه الجماعات ، فإذا وجد جماعة أو مركزاً أو جمعية تدعو إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبعها ولزمها ، كأنصار السنة في مصر والسودان ، وجمعية أهل الحديث في باكستان والهند ، وغيرهم ممن يدعو إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويخلص العبادة لله وحده ، ولا يدعو معه سواه من أصحاب القبور ولا غيرهم .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 179.

ahmedaboali
03-24-2009, 04:13 AM
السؤال: 1334


ما رأيك في الذي يقول : بأن هذه الجماعات الإسلامية من الفرق التي تدعو إلى جهنم والتي أمر النبي باعتزالها فهل كلامه صحيح ؟.

الجواب:

الحمد لله

الذي يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليس من الفرق الضالة ، بل هو من الفرق الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) ، قيل : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : ( من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) . وفي لفظ : ( هي الجماعة ) .

والمعنى أن الفرقة الناجية : هي الجماعة المستقيمة على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ؛ من توحيد الله ، وطاعة أوامره وترك نواهيه ، والاستقامة على ذلك قولاً وعملاً وعقيدة ، هم أهل الحق وهم دعاة الهدى ولو تفرقوا في البلاد ، يكون منهم في الجزيرة العربية ، ويكون منهم في الشام ، ويكون منهم في أمريكا ويكون منهم في مصر ، ويكون منهم في دول أفريقيا ، ويكون منهم في آسيا ، فهم جماعات كثيرة يعرفون بعقيدتهم وأعمالهم ، فإذا كانوا على طريقة التوحيد والإيمان بالله ورسوله ، والاستقامة على دين الله الذي جاء به الكتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهم أهل السنة والجماعة وإن كانوا في جهات كثيرة ، ولكن في آخر الزمان يقلون جداً .

فالحاصل أن الضابط هو استقامتهم على الحق ، فإذا وجد إنسان أو جماعة تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتدعو إلى توحيد الله واتباع شريعته فهؤلاء هم الجماعة ، وهم من الفرقة الناجية وأما من دعا إلى غير كتاب الله ، أو إلى غير سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا ليس من الجماعة ، بل من الفرق الضالة الهالكة ، وإنما الفرقة الناجية : دعاة الكتاب والسنة ، وإن كان منهم جماعة هنا وجماعة هناك مادام الهدف والعقيدة واحدة ، فلا يضر كون هذه تسمى : أنصار السنة وهذه تسمى : الإخوان المسلمين ، وهذه تسمى كذا ، المهم عقيدتهم وعملهم ، فإذا استقاموا على الحق وعلى توحيد الله والإخلاص له واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً وعقيدة فالأسماء لا تضرهم ، لكن عليهم أن يتقوا الله ، وأن يصدقوا في ذلك ، وإذا تسمى بعضهم بـ: أنصار السنة ، وتسمى بعضهم بـ: السلفيين ، أو بالإخوان المسلمين ، أو تسمى بعضهم بجماعة كذا ، لا يضر إذا جاء الصدق ، واستقاموا على الحق باتباع كتاب الله والسنة وتحكيمهما ، والاستقامة عليهما عقيدة وقولاً وعملاً ، وإذا أخطأت الجماعة في شيء فالواجب على أهل العلم تنبيهها وإرشادها إلى الحق إذا اتضح دليله .

والمقصود : أنه لابد أن نتعاون على البر والتقوى ، وأن نعالج مشاكلنا بالعلم والحكمة والأسلوب الحسن ، فمن أخطأ في شيء من هذه الجماعات أو غيرهم مما يتعلق بالعقيدة ، أو بما أوجب الله ، أو ما حرم الله نبهوا بالأدلة الشرعية بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن ، حتى ينصاعوا إلى الحق ، وحتى يقبلوه ، وحتى لا ينفروا منه ، هذا هو الواجب على أهل الإسلام أن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن يتناصحوا فيما بينهم ، وألا يتخاذلوا فيطمع فيهم العدو .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص/181

ahmedaboali
03-24-2009, 04:14 AM
السؤال: 1336

ما رأيكم في هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالدراويش ويطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين وغيرها ، وهم في ذلك قبل أن يقول : يا الله ، يقول : يا رفاعي . فما رأي الشرع في ذلك ؟ هل يوجد دليل على عملهم ؟ وجزاكم الله خيراً .

الجواب:


الحمد لله

هؤلاء كذابون ومحتالون ، ليس لعملهم أصل بل هم كذبة يستعملون أشياء تلبس على الناس حتى يظن الناس أنهم يطعنون أنفسهم وليس الأمر كذلك . وإنما هو تلبيس وتزوير على العيون وسحر للناس كما قال الله عن سحرة فرعون أنهم استرهبوا الناس وسحروا أعينهم فالمقصود أن هذا الصنف من الناس - من الفجرة والمحتالين - الذين لا أصل لما يفعلون ولا يجوز أن يصدقوا بل هم كاذبون محتالون ملبسون على الناس وإذا كانوا يدعون الرفاعي - أو غير الرفاعي ، فهذا شرك أكبر كالذي يقول : يا رفاعي أو يا رسول الله انصرنا أو اشفع لنا أو يا علي - يا سيدي - أو يا حسين أو يا فلان أو يا سيدي البدوي ، أو كذا فكل هذا من الشرك الأكبر .. كل هذا من العبادة لغير الله وكل هذا من جنس عمل عباد القبور ، وعباد اللات والعزى وأشباههم . فهو شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك - وهؤلاء الذين يطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين كله تلبيس وخداع ليس له أصل بل هم بهذا كذبة فجرة ، يجب على ولاة الأمور إذا كان هناك ولي أمر مسلم في بلدهم أن يأخذ على أيديهم وأن يعزرهم ويؤدبهم حتى يتوبوا من أعمالهم الخبيثة .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/285.

ahmedaboali
03-24-2009, 04:14 AM
السؤال: 1337

أجدني أتطلع لمعرفة سبب اختلاف المسلمين السنة (عن غيرهم). وكيف كان لهذه الفرقة أن تختلف عن الوضع السائد الذي عليه غيرهم من المسلمين ؟.

الجواب:


الحمد لله

قال صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة . قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي " . فمن كان على مثل ما كان عليه النبي وأصحابه فهو المتبع للحق ، الناجي من كل باطل . وأصل هذا الحق ومادته القرآن الكريم ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال عليه الصلاة والسلام : " تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي " . وما وقع من المخالفة لهما فإنه من انحراف عن الحق . وأهل السنة والجماعة هم القائمون بالحق ، المعظمون لله ورسوله ، الآخذون بما في القرآن والسنة ، المتبعون للسلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، لا يخرجون عن هديهم ، ولا يخالفون نهجهم لأنهم أعلم الناس بالكتاب والسنة ، فبلغتهم جاء ، وبأسلوبهم العربي ، قال تعالى : ( قرآنا عربيا غير ذي عوج ) . فالحق في اتباعهم ، والهداية في طريقهم حيث ساروا على وفق ما جاء في القرآن والسنة ، ومن خالف شيئا من ذلك رد عليه .


الشيخ وليد الفريان .

ahmedaboali
03-24-2009, 04:15 AM
السؤال: 1338

ما حكم الوالد الذي يهمل في أسرته ولا ينفق على أسرته ويتلقى إعانات البطالة وهو يوفر هذه الأموال أما ما تحصل عليه أمي من رعاية الأطفال فينفق على الأساسيات مثل الطعام. فهل غضب أبي علي بسبب المال ولا يتكلم معي إثم علي وهل علي إثم إذا تكلمت مع أمي بدون أبي . أبي يقوم بالدعوة مع جماعات التبليغ ولكنه ليس لديه مسؤولية نحو الأسرة فهل كان الصحابة يفعلون ذلك يتركون أبناءهم ويخرجون للدعوة؟.

الجواب:


الحمد لله

لا شك أن سبب هذه المشكلة وما شاكلها ، الجهل بكثير من أحكام الشرع ، وعدم فقه المرء ما يلزمه تجاه من يعول ، وما أوجبه الله تعالى عليه من الحقوق والواجبات نحو أسرته .

وإن من أعظم حقوق الزوجة والأولاد النفقة عليهم ، بل إن من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل : الطعام والشراب والملبس والمسكن ، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة والأولاد لإقامة المهجة ، وقوام البدن .

وقد أخبر الله عز وجل أن الرجال هم المنفقون على النساء ، ولذلك كانت لهم القوامة والفضل عليهن بسبب الإنفاق عليهن بالمهر والنفقة ، فقال تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ، وقد دل على وجوب هذه النفقة : الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع أهل العلم والمعقول .

أما أدلة الكتاب : فمنها قوله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ) ، ومنها قوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها ) ، ومنها قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) .

وأما أدلة السنة ، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله ، ومن تحت ولايته ، كما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 8/183 .

وعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : "( ألا إن لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً ، فأما حقكم على نسائكم ، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) " رواه الترمذي 1163 وابن ماجه 1851 .

وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه ، ولا تضرب " رواه أبو داود 2/244 وابن ماجه 1850 وأحمد 4/446 .

قال الإمام البغوي : قال الخطابي : في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها ، وهو على قدر وسع الزوج ، وإذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقاً لها فهو لازم حضر أو غاب ، فإن لم يجد في وقته كان دينا عليه كسائر الحقوق الواجبة ، سواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته ، أو لم يفرض . أ.هـ

وعن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " رواه أحمد 2/160 وأبو داود 1692 .

وأصله في مسلم 245 بلفظ : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " .

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان .

وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيبيعه ويستغني به ، ويتصدق منه خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله ، يؤتيه أو يمنعه ، وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " رواه مسلم 3/96 . وفي رواية عند أحمد 2/524 : فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : امرأتك ممن تعول " .

وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أعطى الله أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته " رواه مسلم 1454 .

وأما إجماع أهل العلم :

فقال الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/564 : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن ذكره ابن المنذر وغيره .

وما سبق من النصوص الشرعية تدل على وجوب نفقة الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ورعايتهم ، وقد ثبت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى ، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت صدقة له " رواه البخاري 1/136 .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/498 : النفقة على الأهل واجبة بالإجماع ، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه ، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر ، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ، ترغيباً لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع أ.هـ

وفي حديث سعد بن مالك رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر ، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 3/164 ومسلم 1628 .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ـ أي في عتقها ـ ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم 2/692 .

وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان خرج يسعى على أولاده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان " رواه الطبراني ، صحيح الجامع 2/8 .

وقد فقه السلف رحمه الله تعالى هذا الواجب حق الفهم ، وكان نبراساً في حياتهم العملية مع أهليهم ، وما أعظم ما قال الإمام الرباني عبد الله بن المبارك رحمه الله حيث قال : لا يقع موقع الكسب على شيء ، ولا الجهاد في سبيل الله . السير : 8/399 .

فلا يجوز لمسلم أن يضيّع أهله ولو زعم أنّه يُسافر في برّ وطاعة لأنّ تضييع الأهل وعدم الإنفاق عليهم حرام وقد تقدّمت نصيحة عبد الله بن عمرو لمن أراد أن يُقيم في بيت المقدس بأنّه يجب عليه أن يتدبّر أمر نفقة أهله أولا ، فعليك أيها السائل أن تنصح والدك بمقتضى هذا الجواب وتبيّن له الأمر بلطف ، وإذا قمت بسدّ الثغرة ومعالجة الإهمال الذي وقع فيه والدك وتعويض النّقص من مالك بحسب استطاعتك فلك أجر عظيم إن شاء الله ، نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:15 AM
السؤال: 1339


بعض الناس مسلمون ولكنهم ينخرطون في الأحزاب السياسية ، ومن بين الأحزاب السياسية إما تابعة لروسيا أو تابعة لأمريكا ، وهذه الأحزاب متفرعة وكثيرة ؛ أمثال : حزب التقدم والاشتراكية ، حزب الاستقلال ، حزب الأحرار - حزب الأمة - حزب الشبيبة الاستقلالية ، حزب الديمقراطية ... ، إلى غيرها من الأحزاب التي تتقارب فيما بينها ، ما هو موقف الإسلام من هذه الأحزاب ، ومِن المسلم الذي ينخرط في هذه الأحزاب ، هل إسلامه صحيح.

الجواب:

الحمد لله

من كان لديه بصيرة في الإسلام وقوة إيمان وحصانة إسلامية وبعد نظر في العواقب وفصاحة لسان ، ويقوى مع ذلك على أن يؤثر في مجرى الحزب فيوجهه توجيهاً إسلامياً ، فله أن يخالط هذه الأحزاب ، أو يخالط أرجاهم لقبول الحق ؛ عسى أن ينفع الله به ، ويهدي على يديه من يشاء فيترك تيار السياسات المنحرفة إلى سياسة شرعية عادلة ينتظم بها شمل الأمة ، فتسلك قصد السبيل ، والصراط المستقيم ، لكن لا يلتزم مبادئهم المنحرفة .

ومن ليس عنده ذلك الإيمان ولا تلك الحصانة ويخشى عليه أن يتأثر ولا يؤثر ، فليعتزل تلك الأحزاب ؛ اتقاء للفتنة ومحافظة على دينه أن يصيبه منه ما أصابهم ، ويبتلى بما ابتلوا به الانحراف والفساد .


من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 385.

ahmedaboali
03-24-2009, 04:15 AM
السؤال: 1340


هل يمكن أن توضح من هو ابن عربي . لقد ارتبكت كثيراً من المصادر المتعددة فالشيخ محي الدين ابن عربي ( رحمه الله ورضي عنه ) لم يكن مهرطقاً ( زنديقاً ) فقد كان رجل يسبق زمانه وهؤلاء الذين لم يفهموا ما أوتي من الحكمة وسموه بالزندقة لكنه منها بعيد فإن لم تكن أستاذ في التصوف لكنت طلبت منك أن تكف عن تسمية خادم لله ; زنديق لقد وصل إلى درجة عالية من الفهم وتعاليمه كانت تنضح بالإسلام لكن ليس أحد يستطيع أن ينال نور حكمته حتى في أيامنا هذه هناك من يصفه بالخطأ وذلك لنقص فهمهم . للأسف فإن الناس حين لا يفهمون يحاولون أن يدمروا غيرهم . إن كان عندك وقت وقرأت كتبه فسوف تنال معرفة عظيمة ليس حسناً أن تحكم على شخص يسبق فهمه أعوامك ويضيء الطريق أمامك. لا تتبع الوهابيين أو السلفيين أو السعوديين فإنهم يكرسون الشك في كل من يفهم الحقيقة لكي يرجوا لضلالهم الشرير أن ابن عربي لم يضلل أحداً ولكنه سبق زمانه ولم يكن لابن تيميه نفس الفهم والعبقرية لكن ابن عربي كان عملاقاً ولم يكن نقص في جهل ابن تيميه الذي كان نملة يشكل رأي شخص يسبقه بأعوام ولا تظن أن ابن تيميه اقتبس هذا الكلام منه لكن ابن عربي كان عالماً بحق لقد كان ابن تيميه نفسه منحرفاً وضالاً كبيراً وكانت فتواه مصدر لجهل عظيم ؟.

الجواب:

الحمد لله

من هو ابن عربي ؟

هو الصوفي الجلد ، بل هو من غلاة الصوفية : محمد بن علي بن محمد الطائي الأندلسي ويعرفنا العلماء بحاله إجابة عن سؤال طرح عليهم ، وهذا نصه :

ما يقول السادة أئمة الدين وهداة المسلمين في كتاب أُظهر للناس ، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس ، بإذن النبي صلى الله عليه وسلم ، في منامٍ زعم أنه رآه ، وأكثر كتابه ضدّ لما أنزل الله من كتبه المنزّلة ، وعكس وضدّ لما قاله أنبياؤه .

فمما قال فيه : إن آدم إنّما سمّي إنساناً ، لأنه من الحق بمنزلة إنسان العين من العين ، الذي يكون به النظر .

وقال في موضع آخر : إن الحقّ المنزّه ، هو الخلق المشبّه .

وقال في قوم نوح : إنهم لو تركوا عبادتهم لودٍّ وسواعٍ ويغوث ويعوق ، لجهلوا من الحق أكثر مما تركوا .

ثم قال : إن للحقّ في كلّ معبود وجهاً يعرفه من يعرفه ، ويجهله من يجهله ، فالعالم يعلم من عبد ، وفي أي صورة ظهر حين عُبد ، وإن التفريق والكثرة ، كالأعضاء في الصورة المحسوسة .

ثم قال في قوم هود : إنهم حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ، فزال به حر جهنم في حقهم ، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ، فما أعطاهم هذا الذوقي اللذيذ من جهة المنّة وإنما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا على صراط مستقيم .

ثم أنكر فيه حكم الوعيد في حقّ من حقّت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد .

فهل يكفر من يصدّقه في ذلك ، أو يرضى به منه ، أم لا ؟ وهل يأثم سامعه إذا كان بالغاً عاقلاً ، ولم ينكره بلسانه أو بقلبه ، أم لا ؟

أفتونا بالوضوح والبيان ، كما أخذ الله على العلماء الميثاق بذلك ، فقد أضر الإهمال بالجهال .

" عقيدة ابن عربي وحياته " لتقي الدين الفاسي ( ص 15 ، 16 ) .

ونذكر أجوبة بعض العلماء :

قال القاضي بدر الدين بن جماعة :

هذه الفصول المذكورة ، وما أشبهها من هذا الباب : بدعة وضلالة ، ومنكر وجهالة ، لا يصغي إليها ولا يعرّج عليها ذو دِين .

ثم قال :

وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يأذن في المنام بما يخالف ويعاند الإسلام ، بل ذلك من وسواس الشيطان ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته .

وقوله في آدم : أنه إنسان العين ، تشبيه لله تعالى بخلقه ، وكذلك قوله : الحق المنزه ، هو الخلق المشبّه إن أراد بالحق رب العالمين ، فقد صرّح بالتشبيه وتغالى فيه .

وأما إنكاره ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد : فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد .

وكذلك قوله في قوم نوح وهود : قول لغوٍ باطل مردود وإعدام ذلك ، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب ، من أوضح طرق الصواب ، فإنها ألفاظ مزوّقة ، وعبارات عن معان غير محققة ، وإحداث في الدين ما ليس منه ، فحُكمه : رده ، والإعراض عنه .

" المرجع السابق " ( ص 29 ، 30 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:16 AM
وقال خطيب القلعة الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري الشافعي :

الحمد لله ، قوله : فإن آدم عليه السلام ، إنما سمّي إنساناً : تشبيه وكذب باطل ، وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر ، لا يقر قائله عليه ، وقوله : إن الحق المنزّه : هو الخلق المشبّه ، كلام باطل متناقض وهو كفر ، وقوله في قوم هود : إنهم حصلوا في عين القرب ، افتراء على الله وردّ لقوله فيهم ، وقوله : زال البعد ، وصيرورية جهنم في حقهم نعيماً : كذب وتكذيب للشرائع ، بل الحقّ ما أخبر الله به من بقائهم في العذاب .

وأمّا من يصدقه فيما قاله ، لعلمه بما قال : فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالماً ، فإن كان ممن لا علم له : فإن قال ذلك جهلاً : عُرِّف بحقيقة ذلك ، ويجب تعليمه وردعه مهما أمكن .

وإنكاره الوعيد في حق سائر العبيد : كذب وردّ لإجماع المسلمين ، وإنجاز من الله عز وجل للعقوبة ، فقد دلّت الشريعة دلالة ناطقة ، أن لا بدّ من عذاب طائفة من عصاة المؤمنين ، ومنكر ذلك يكفر ، عصمنا الله من سوء الاعتقاد ، وإنكار المعاد . " المرجع السابق " ( ص 31، 32 ) .

قال ابن تيمية :

وقد علم المسلمون واليهود والنصارى بالاضطرار من دين المسلمين ، أن من قال عن أحد من البشر : إنه جزء من الله ، فإنه كافر في جميع الملل ، إذ النصارى لم تقل هذا ، وإن كان قولهم من أعظم الكفر ، لم يقل أحد : إن عين المخلوقات هي أجزاء الخالق ، ولا إن الخالق هو المخلوق ، ولا إن الحق المنزه هو الخلق المشبّه .

وكذلك قوله : إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام ، لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها ، هو من الكفر المعلوم بالاضطرار بين جميع الملل ، فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام ، وكفّروا من يفعل ذلك ، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً ، حتى يتبرأ من عبادة الأصنام ، وكل معبود سوى الله ، كما قال الله تعالى : { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحده } [ الممتحنة / 4 ] ، - واستدل على ذلك بآيات أخر - ، ثم قال :

فمن قال إن عبّاد الأصنام ، لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها : أكفر من اليهود والنصارى ، ومن لم يكفّرهم : فهو أكفر من اليهود والنصارى ، فإن اليهود والنصارى يكفّرون عبّاد الأصنام ، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلاً من الحق بقدر ما ترك منها ؟! مع قوله : فإن العالم يعلم من عبد ، وفي أي صورة ظهر حين عبد ، فإن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة ، وكالقوة المعنوية في الصورة الروحانية ، فما عبد غير الله في كل معبود ، بل هو أعظم كفراً من عبّاد الأصنام ، فإن أولئك اتخذوهم شفعاء ووسائط ، كما قالوا:{ ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى } [ الزمر / 40 ] ، وقال تعالى : { أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون } [ الزمر /43 ] وكانوا مقرين بأن الله خالق السماوات والأرض ، وخالق الأصنام ، كما قال تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله } [ الزمر / 38 ] .

" المرجع السابق " ( ص 21 - 23 ) .



وقال شيخ الإسلام أيضاً :

وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام ، لمّا قدم القاهرة ، وسألوه عن ابن عربي ، قال :

هو شيخ سوء مقبوح ، يقول بقدم العالم ، ولا يحرم فرجاً أ.هـ

فقوله بقدم العالم ؛ لأن هذا قوله ، وهو كفر معروف فكفّره الفقيه أبو محمد بذلك ، ولم يكن ـ بعد ـ ظهر من قوله : أن العالم هو الله ، وأن العالم صورة الله وهوية الله ، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم الذي يثبتون واجباً لوجوده ويقولون أنه صدر عنه الوجود الممكن. وقال عنه من عاينه من الشيوخ : أنه كان كذاباً مفترياً ، وفي كتبه مثل "الفتوحات المكية " وأمثالها من الأكاذيب مالا يخفى على لبيب .

ثم قال:

ولم أصف عُشر ما يذكرونه من الكفر ، ولكن هؤلاء التبس أمرهم على يعرف حالهم ، كما التبس أمر القرامطة الباطنية ، لما ادعوا أنهم فاطميون ، وانتسبوا إلى التشيع ، فصار المتشيعون مائلين إليهم ، غير عالمين بباطن كفرهم. ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين : إما زنديقاً منافقاّ ، أو جاهلاً ضالاً هؤلاء الاتحادية ، فرؤوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم ، ولا تقبل توبة أحد منهم إذا أخذ قبل التوبة ، فإنه من أعظم الزنادقة ، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ، وهم الذين يبهمون قولهم ومخالفتهم لدين الإسلام ، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم ، أو ذب عنهم ، أو أثنى عليهم ، أو عظّم كتبهم ، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم ، أو كره الكلام فيهم ، وأخذ يعتذر عنهم أو لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو ، ومن قال : إنه صنف هذا الكتاب ! وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق ، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ، ولم يعاون على القيام عليهم ، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان ، على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء ، وهم يسعون في الأرض فساداً ، ويصدون عن سبيل الله ، فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم ويترك دينهم ، كقطاع الطريق ، و كالتتار الذي يأخذون منهم الأموال ، ويبقون لهم دينهم ، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم ، فضلالهم وإضلالهم أطمّ وأعظم من أن يوصف .

ثم قال :

ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم : عُرِّف حالهم ، فإن لم يباينهم وتظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم .

وأما من قال : لكلامهم تأويل يوافق الشريعة ، فإنه من رؤوسهم وأئمتهم ، فإنه إن كان ذكياً: فإنه يعرف كتاب لهم فيما قال ، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً : فهو أكفر من النصارى.

باختصار " المرجع السابق " ( ص 25 - 28 ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:16 AM
قال ابن حجر :

أنه ذكر لمولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني ، شيئاً من كلام ابن عربي المشكل ، وسأله عن ابن عربي ، فقال له شيخنا البلقيني : هو كافر .

" المرجع السابق " ( ص 39 ) .



قال ابن خلدون :

ومن هؤلاء المتصوفة : ابن عربي ، وابن سبعين ، وابن برّجان ، وأتباعهم ، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم ، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها ، مشحونة من صريح الكفر ، ومستهجن البدع ، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها ، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملّة أو عدّها في الشريعة .

" المرجع السابق " ( ص 41 ) .



وقال السبكي :

ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين ، كابن العربي وأتباعه ، فهم ضلاّل جهال ، خارجون عن طريقة الإسلام ، فضلاً عن العلماء .

" المرجع السابق " ( ص 55 ) .



قال أبو زرعة ابن الحافظ العراقي :

لا شك في اشتمال" الفصوص" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه ، وكذلك " فتوحاته المكية " ، فإن صحّ صدور ذلك عنه ، واستمر عليه إلى وفاته : فهو كافر مخلد في النار بلا شك .

" المرجع السابق " ( ص / 60 ) .



وبعد ،

فهل يستطيع عاقل أن يسمي هؤلاء الجهابذة من العلماء بأنهم لم يفهموا ابن عربي فإذا لم يفهمه هؤلاء فمن يفهمه إذاً .

= حادثة فيهما عبرة

قال الفاسي :

وسمعت صاحبنا الحافظ الحجة ، القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الشافعي يقول: جرى بيني وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي ، حتى نلت منه لسوء مقالته ، فلم يسْلَ ذلك بالرجل المنازع لي في أمره ، وهددني بالشكوى إلى السلطان بمصر ، بأمر غير الذي تنازعنا فيه ، ليتعب خاطري ، فقلت له : ما للسلطان في هذا مدخل ! ألا تعال نتباهل ، فقل أن تباهل اثنان ، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب ، قال : فقال لي : بسم الله ، قال : فقلت له : قل : اللهم إن كان ابن عربي على ضلال فالعني بلعنتك ، فقال ذلك ، وقلت أنا : اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعني بلعنتك ، وافترقنا ، قال : ثم اجتمعنا في بعض متنزهات مصر في ليلة مقمرة ، فقال لنا : مرّ على رجلي شيء ناعم ، فانظروا فنظرنا فقلنا : ما رأينا شيئاً ، قال : ثم التمس بصره ، فلم يرَ شيئاً .( أي أصابه الله بالعمى )

هذا معنى ما حكاه لي الحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلاني .

" المرجع السابق " ( ص 75 ، 76 ) .



فهذه بعض ضلالات الرجل وخزعبلاته لمن أراد الحق أو أراد أن يتبع سبيل الرشاد ، فهو مهرطق زنديق لم يسبق زمانه إلا بالضلال والكفر ، وليس له نور وحكمة بل هو في ظلمة الجهل .

وقد سقنا إليك من كلام العلماء غير ابن تيمية ما يبين كفر ابن عربي حتى لا تظن أن شيخ الإسلام انفرد بتكفيره

أما سوء أدبك مع شيخ الإسلام ابن تيمية وزعمك أنه جاء بعده بسنين فنقول : وأنت جئت بعد ابن تيمية بأضعاف ما كان بينه وابن عربي فأنت أولى بالسكوت منه .

ولا يجوز سوء الأدب مع شيخ كابن تيمية طبَّق علمه الدنيا وما فيها ، فكيف لرجل مثلك أن يصفه بأنه نملة .

من أنت حتى تصف شيخ الشيوخ وشيخ الإسلام بأنه نملة أما تخاف أن تقف بين يدي الله ويسألك لم أسأت الأدب مع العلماء .

ونحن نسألك بالله الذي لا إله إلا هو هل الذي يقول إن المخلوق جزء من الخالق هو إنسان مسلم ؟

بناء على جوابك تعرف حقيقة إسلامك ، والله الهادي إلى سواء السبيل ..



الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:17 AM
السؤال: 1341

: يتساءل كثير من شباب الإسلام عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية ، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها ؟.

الجواب:


الحمد لله

الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم ، ولكن يلتزم بالحق ، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق ، أو إلى الإخوان المسلمسن ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس ، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز ، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار ، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به ، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به ، وإن كان مع غيرهم أخذ به ، يدور مع الحق ، يعين الجماعات الأخرى في الحق ، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلاً ولو كان غلطاً فهذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ولكن مع الجماعة في كل حق ، وليس معهم فيما أخطأوا فيه .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . ص / 237

ahmedaboali
03-24-2009, 04:17 AM
السؤال: 1342


أنا شخص غير قادياني واعلم انهم يؤمنون بوجود نبي بعد محمد عليه السلام ، فهل هم خارج الإسلام ؟ أنا اعتقد انهم خارج الإسلام وأتصرف معهم على هذا الأساس .

الجواب:

الحمد لله

التعريف :
القاديانية حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية ، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص ، حتى لا يواجهوا الاستعمار باسم الإسلام ، ولكن لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· كان مرزا غلام أحمد القادياني 1839 - 1908 م أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية . وقد ولد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م ، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن ، وهكذا نشأ غلام أحمد وفيا للاستعمار مطيعا له في كل حال ، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلوا به عن جهاد الاستعمار الإنجليزي ، وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم ، فأظهروا الولاء لها ، وكان غلام أحمد معروف عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات .
- وممن تصدى له ولدعوته الخبيثة ، الشيخ أبوالوفا ثناء الأمرتسري أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند ، حيث ناظره وأفحم حجته ، وكشف خبث طويته وكفر وانحراف نحلته . ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبوالوفا على من يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك المرزا غلام احمد القادياني في عام 1908م مخلفا أكثر من خمسين كتابا ونشرة ومقالا ، ومن أهم كتبه : إزالة الأوهام ، إعجاز أحمدي ، براهين أحمدية ، أنوار الإسلام ، إعجاز المسيح ، التبليغ ، تجليات إلهية .
· نور الدين : الخليفة الأول للقاديانية ، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه فتبعه المريدون . من مؤلفاته : فصل الخطاب .
· محمد علي وخوجة كمال الدين : أميرا القاديانية اللاهورية ، وهما مُنظِّرا القاديانية وقد قدَّم الأول ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية ومن مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام ، والدين الإسلامي . أما خوجة كمال الدين فله كتاب : المثل الأعلى في الأنبياء وغيره من الكتب ، وجماعة لاهور هذه الأحمدية تنظر إلى غلام أحمد ميرزا على أنه مجدد فحسب ، لكنهما يعتبران حركة واحدة تستوعب الأولى ما ضاقت به الثانية والعكس .
· محمد علي : أمير القاديانية اللاهورية ، وهو مُنظِّر القاديانية وجاسوس الاستعمار والقائم على المجلة الناطقة باسم القاديانية ، قدم ترجمة محرفة للقرآن إلى الإنجليزية . من مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام . على ما تقدم .
· محمد صادق : مفتي القاديانية ، من مؤلفاته : خاتم النبيين .
· بشير أحمد بن الغلام : من مؤلفاته سيرة المهدي ، كلمة الفصل .
· محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني : من مؤلفاته أنوار الخلافة ، تحفة الملوك ، حقيقة النبوة .
· كان لتعيين ظفر الله خان القادياني كأول وزير للخارجية الباكستانية أثر كبير في دعم هذه الفرقة الضالة حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم بنجاب لتكون مركزا عالميا لهذه الطائفة وسموها ربوة استعارة من نص الآية القرآنية : " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " سورة المؤمنون الآية 50
الأفكار والمعتقدات :
· بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار ثم ادعى أنه مجدد ومُلهَم من عند الله ثم تدرج خطوة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ثم ادعى النبوة وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
· يعتقد القاديانيون أن الله يصوم ويصلي وينام ويصحو ويكتب ويخطئ ويجامع - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - .
· يعتقد القادياني أن إلهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية .
· يعتقد القاديانية أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعا .
· يعتقدون أن جبريل كان ينزل على غلام أحمد وأنه كان يوحى إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن .
· يقولون لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام ) ، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعاليمه ، ولا نبي إلا تحت سيادة غلام أحمد .
· يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم .
· يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة وأن رفاق الغلام كالصحابة .
· يعتقدون أن قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة بل وأفضل منهما وأرضها حرم وهي قبلتهم وإليها حجهم .
· نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأنها حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن .
· كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل في القاديانية ، كما أن من زوج أو تزوج من غير القاديانيين فهو كافر .
· يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· كانت حركة سير سيد أحمد خان التغريبية قد مهدت لظهور القاديانية بما بثته من الأفكار المنحرفة .
· استغل الإنجليز هذا الظرف فصنعوا الحركة القاديانية واختاروا لها رجلا من أسرة عريقة في العمالة .
· في عام 1953م قامت ثورة شعبية في باكستان طالبت بإقالة ظفر الله خان وزير الخارجية حينئذ واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة ، وقد استشهد فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين ونجحوا في إقالة الوزير القادياني .
· وفي شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم ، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام ، وطالب المسلمين بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .
· قام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة زعيم الطائفة مرزا ناصر أحمد والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها ناصر أحمد عن الإجابة وانكشف النقاب عن كفر هذا الطائفة ، فأصدر المجلس قرارا باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة .
· من موجبات كفر الميرزا غلام أحمد الآتي :
- ادعاؤه النبوة .
- نسخه فريضة الجهاد خدمة للاستعمار .
- إلغاؤه الحج إلى مكة وتحويله إياه إلى قاديان .
- تشبيهه الله تعالى بالبشر .
- إيمانه بعقيدة التناسخ والحلول .
- نسبته الولد إلى الله تعالى وادعاؤه أنه ابن الإله .
- إنكاره ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وفتح بابها لكل من هب ودب .
· للقاديانية علاقات وطيدة مع إسرائيل وقد فتحت لهم إسرائيل المراكز والمدارس ومكنتهم من إصدار مجلة تنطق باسمهم وطبع الكتب والنشرات لتوزيعها في العالم .
· تأثرهم بالمسيحية واليهودية والحركات الباطنية واضح في عقائدهم وسلوكهم رغم ادعائهم الإسلام ظاهريا .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:18 AM
الانتشار ومواقع النفوذ :
· معظم القاديانيين يعيشون الآن في الهند وباكستان وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي ويسعون بمساعدة الاستعمار للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه .
· وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا ، وبعض الدول الغربية ، ولهم في أفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية ، ونشاطهم الواسع يؤكد دعم الجهات الاستعمارية لهم .
· هذا وتحتضن الحكومة الإنجليزية هذا المذهب وتسهل لأتباعه التوظف بالدوائر الحكومية العالمية في إدارات الشركات والمفوضيات وتتخذ منهم ضباطا من رتب عالية في مخابراتها السرية .
· نشط القاديانيون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل وخصوصا الثقافية منها حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء . ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها القاديانية .
ويتضح مما سبق :
أن القاديانية دعوة ضالة ، ليست من الإسلام في شيء ، وعقيدتها تخالف الإسلام في كل شيء ، وينبغي تحذير المسلمين من نشاطهم ، بعد أن أفتى علماء الإسلام بكفرهم .
للتوسع مراجعة : القاديانية لإحسان إلهي ظهير
المرجع : الموسوعة الميسرة في الأديان المذاهب والأحزاب المعاصرة للدكتور مانع بن حماد الجهني 1 / 419 - 423
وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما يلي :
بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب أفريقيا بشأن الحكم في كل من القاديانية والفئة المتفرعة عنها التي تدعى اللاهورية ، من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه ، وبشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية ، وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر في الهند في القرن الماضي وإليه تنسب نحلة القاديانية واللاهورية ، وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين وبعد التأكد من أن ميرزا غلام أحمد قد ادعى النبوة بأنه نبي مرسل يوحى إليه ، وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه ، وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوة ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته ، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم من الدين بالضرورة كالجهاد .
قرر ما يلي :
أولاً : أن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتاً قطعياً يقينياً من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده ، وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام ، وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم الردة ، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : ليس لمحكمة غير إسلامية ، أو قاض غير مسلم ، أن يصدر الحكم بالإسلام أو الردة ، ولا سيما فيما يخالف ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية من خلال مجامعها وعلمائها ، وذلك لأن الحكم بالإسلام أو الردة ، لا يقبل إلا إذا صدر عن مسلم عالم بكل ما يتحقق به الدخول في الإسلام ، أو الخروج منه بالردة ومدرك لحقيقة الإسلام أو الكفر ، ومحيط بما ثبت في الكتاب والسنة والإجماع ، فحكم مثل هذه المحكمة باطل . والله أعلم .
مجمع الفقه الإسلامي ص13


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:18 AM
السؤال: 1343


كم عدد طوائف الإسلام ؟ وكيف يؤثر الإسلام على الأديان ؟.

الجواب:

الحمد لله

الدّين الذي لا يقبل الله غيره هو الإسلام وهو طريق واحد ومنهج واحد وهو الذي كان عليه نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وليس يوجد في دين الله فِرَق ولا طرائق مختلفة ولكن انحرف عدد من الناس عن دين الإسلام وكوّنوا فِرَقا كثيرة لا علاقة لها بالإسلام كفرق الباطنية والقاديانية والبهائية وغيرها مما حذّرنا الله منه بقوله جلّ وعلا : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكمْ تَتَّقُونَ (153) سورة الأنعام

أمّا بالنسبة للشقّ الثاني من السؤال فينبغي أن تعلم أيها السائل الكريم أنّ الإسلام وحي نزل من السماء خالصا من الله تعالى رضيه لعباده دينا وشاء أن يختم به الأديان ويكون مهيمنا على ما سبقه ولذلك فلا يُمكن القول بأن ّ الإسلام تأثّر بالأديان الأخرى .

نرجو أن تقرأ المزيد عن هذا الدّين ونسأل الله أن يهديك إلى طريق الحقّ والصواب .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:18 AM
السؤال: 1344

أنا طالب بجامعة في أمريكا وقابلت العديد من المسلمين ذوي المعتقدات العجيبة فالبعض يعتقد أن الله ليس له يد وإنما تعني القوة والبعض يقول أن الله في كل مكان والبعض الآخر (الرافضة) يقولون أن أبا بكر وعمر كافران. وسؤالي هو كيف أتعامل مع هؤلاء الناس ؟ مع أني وضحت لهم الاعتقاد الصحيح مع الدليل ولكنهم لا يستجيبون . هل يجب علي أن لا أصلي خلفهم أو معهم لأن خشوعي يذهب بسبب تفكيري في انحرافهم؟ هل أستمر في السلام عليهم والحديث معهم في أمور بعيدة عن الدين؟

الجواب:

الحمد لله

ننصحك أن تأخذ الإسلام والعقيدة من الكتاب والسنة ، ومن كتب سلف الأمة وعليك بكتب العقيدة التي كتبها السلف من المتقدمين ، ككتاب السنة للإمام أحمد وابنه عبد الله ، وكتاب السنة لأبي عاصم وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة وغيرها من الكتب التي كتبها علماء لم ينحازوا إلى طائفة ولا إلى فرقة يتعصبون لها ، إنما يعتمدون على الأدلة الواضحة وعلى السنة النبوية . ولا شك أن هذه العقائد التي أشرت إليها في سؤالك بدعية فأصحابها ينكرون صفات الله كصفة اليد فيفسرونها بالقوة أو القدرة مع أن الله أثبت لنفسه يدا كما يشاء سبحانه ، وكذلك يزعمون أن الله في كل مكان ، وينكرون آيات الاستواء والعلو وما شابهها ، وكذلك الرافضة الذين يكفّرون الصحابة فإن مثل هؤلاء مبتدعة وبدعهم لا دليل عليها .

ننصحك أن تبتعد عن مثل هؤلاء إن لم يقتنعوا ، وعليك أن تحرص على إقناعهم وأن تعرض عليهم كتب العقيدة السلفيّة ، وكذلك تدلهم على كتب المناقشة التي تناقش شبهات أولئك المبتدعة مثل كتاب عثمان بن سعيد الدارمي فإن له كتابين في الرد على الجهمية وغيرها ، فإذا لم يقتنعوا فابتعد عنهم ، ولا تصلِّ خلفهم ، والتمس منْ هم على العقيدة السلفية .


الشيخ عبد الله بن جبرين

ahmedaboali
03-24-2009, 04:19 AM
السؤال: 1345

المسلمون السنة يقرأون القرآن ونحن (الشيعة الإسماعيلية) نقرأ القرآن أيضاً وهم يصلون العيد ونحن نصلي صلاة العيد أيضاً. فلماذا نقول أنهما طائفتان مختلفتان السنة والشيعة ؟.

الجواب:

الحمد لله

فإن كل المنتسبين إلى الإسلام ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يقرأون القرآن

ويقرون بوجوب الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ولكنهم طوائف مختلفة ، ولكل طائفة طريقة تختص بها في اعتقاداتهم ، وعباداتهم وخير هذه الطوائف طائفة أهل السنة والجماعة ، وهي المتمسكة بالكتاب والسنة ظاهرا وباطنا والمتبعون لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وللسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، قال تعالى :

( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ... الآية ) . وشر الطوائف هم المنافقون الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر

ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وهم الذين قال الله فيهم : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين إلى قوله تعالى .. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ) . وما بين الطائفتين هم درجات متفاوتة في القرب والبعد من الخير والشر . والإسماعيلية طائفة من غلاة الرافضة ، وهم يتظاهرون بموالاة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ويبطنون الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ولهذا قال بعض العلماء في الفاطميين إخوان الإسماعيلية : أنهم يظهرون الرفض ، ويبطنون الكفر المحض ، ويقال لهم الباطنيون لأنهم يزعمون أن للنصوص وللشرائع معانٍ باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها . كقولهم الصلوات الخمس : معرفة أسرارهم ، وصوم رمضان : كتمان أسرارهم ، والحج : السفر إلى شيوخهم . ولكن مذهب الباطنية _ ومنهم الإسماعيلية _ مبني على السرية ، فحقائق معتقادتهم أسرار يختص بمعرفتها السادة عندهم ، وهؤلاء السادة يموهون على عامتهم ، ويستعبدونهم ، ويستغلونهم ، ويفرضون عليهم خُلفا ً مالية يدفعونها إليهم في أوقات معلومة ، ويلزمونهم بطاعتهم طاعة مطلقة ، ويخوفونهم إن خالفوا أمرهم ان يصابوا ببلاء ، ويأمرونهم بمخالفة أهل السنة في صومهم وفطرهم وحجهم ، وقد يتسامحون بشيء من ذلك مجاملة وخداعا . وأنت أيها السائل من عوام الإسماعيلية لاتعرف الأسرار التي عند السادة ، وهم لايرونك أهلا لأن يطلعونك عليها لأنهم يعرفون أنك وأمثالك لو اطلعتم على تلك الأسرار لنفرتم عنهم ، وتبرأتم منهم وكفرتم بمعتقداتهم ، وهم يريدون أن تبقوا اتباعا مستعبدين لهم ، وتبقى لهم السيادة عليكم . فاتق الله أيها السائل وأنقذ نفسك من العبودية لغير الله والتبعية لغير رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه لا أحد يجب اتباعه وطاعته إلا الرسول عليه الصلاة والسلام ، منّ الله عليك بالهداية إلى السنة ، وجنبك طريق البدعة ، وبصرك بالحق إنه على كل شيء قدير .


فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك

ahmedaboali
03-24-2009, 04:20 AM
السؤال: 1346

هل يحرم ترديد لفظ الجلالة (الله) أو أحد أسمائه سبحانه كنوع من الذكر؟ نحن نعلم أن " أستغفر الله - سبحان الله - الحمد لله …" جائزة .

الجواب:

الحمد لله

لا شك في بدعية ذكر الله تعالى باسمه المفرد - الله - وأشد منه ذكره باسمه المضمر - هو - ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

وأما الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً : فليس بكلام تام ، ولا جملة مفيدة ، ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي ولم يذكر ذلك أحدٌ مِن سلف الأمة ، ولا شَرعَ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ، ولا حالاً نافعاً ، وإنما يعطيه تصوراً مطلقاً لا يُحكم عليه بنفي ولا إثبات فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة ، والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره .

وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنونٍ مِن الإلحاد ، وأنواع مِن الاتحاد كما قد بسط في غير هذا الموضع .

وما يُذكر عن بعض الشيوخ مِن أنه قال : أخاف أن أموت بين النفي والإثبات ! : حالٌ لا يُقتدى فيها بصاحبها فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به ، إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه إذ الأعمال بالنيات ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتلقين الميت لا إله إلا اله الله ، وقال : " مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ، ولو كان ما ذكره محذوراً لم يلقَّن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتاً غير محمودٍ بل كان يلقَّن ما اختاره من ذكر الاسم المفرد .

والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنَّة ، وأدخل في البدعة ، وأقرب إلى إضلال الشيطان ، فإن من قال " يا هو يا هو " أو " هو هو " ونحو ذلك : لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوِّره قلبُه ، والقلب قد يهتدي وقد يضل ….

ثم كثيراً ما يَذكر بعض الشيوخ أنه يحتج على قول القائل " الله " بقوله { قل الله ثم ذرهم } ويظن أن الله أمر نبيَّه بأن يقول الاسم المفرد ، وهذا غلط باتفاق أهل العلم فإن قوله { قل الله } معناه : الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى وهو جواب لقوله { قل مَن أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً وعُلِّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله } أي : الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ، ردَّ بذلك قول من قال " ما أنزل الله على بشر من شيء " فقال : من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ؟ ثم قال : قل الله أنزله ثم ذر هؤلاء المكذبين في خوضهم يلعبون .

ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاما لا يحكون به ما كان قولاً فالقول لا يحكى به إلا كلام تام أو جملة اسمية أو فعلية ولهذا يكسرون " أن " إذا جاءت بعد القول فالقول لا يحكى به اسم والله تعالى لا يأمر أحداً بذكر اسم مفرد ولا شرع للمسلمين اسماً مفرداً مجرداً ، والاسم المجرد لا يفيد الإيمان باتفاق أهل الإسلام ولا يؤمر به في شيء من العبادات ولا في شيء من المخاطبات . " مجموع الفتاوى " ( 10 / 226 - 229 ) .

وقال - رحمه الله - أيضاً :

فأما الاسم المفرد مظهرا مثل " الله ، الله " أو مضمراً مثل " هو ، هو " : فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنَّة ولا هو مأثور أيضاً عن أحد مِن سلف الأمة ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين .

وربما اتبعوا فيه حالَ شيخ مغلوب فيه مثلما يروى عن الشبلي أنه كان يقول " الله ، الله " فقيل له : لم لا تقول لا إله إلا الله ؟ فقال : أخاف أن أموت بين النفي والإثبات ! .

وهذه مِن زلات الشبلي التي تُغفر له لصدق إيمانه وقوة وجْده وغلبة الحال عليه ؛ فإنه كان ربما يجنُّ ، ويُذهب به إلى المارستان ، ويَحلق لحيته ، وله أشياء من هذا النمط التي لا يجوز الاقتداء به فيها وإن كان معذوراً أو مأجوراً فإن العبد لو أراد أن يقول لا إله إلا الله ومات قبل كمالها لم يضره ذلك شيئاً إذ الأعمال بالنيات بل يكتب له ما نواه .

وربما غلا بعضهم في ذلك حتى يجعلوا ذكر الاسم المفرد للخاصة ، وذكر الكلمة التامة للعامة ، وربما قال بعضهم " لا إله إلا الله " للمؤمنين ، و " الله " للعارفين ، و " هو " للمحققين ، وربما اقتصر أحدهم في خلوته أو في جماعته على " الله الله الله " ، أو على " هو " ، أو " يا هو " ، أو " لا هو إلا هو " ! .

وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك واستدل عليه تارة بوجد ، وتارة برأي ، وتارة بنقل مكذوب كما يروي بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لقَّن عليَّ بن أبى طالب أن يقول " الله الله الله " فقالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، ثم أمَر عليّاً فقالها ثلاثا ، وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث .

وإنما كان تلقين النبي صلى الله عليه وسلم للذكر المأثور عنه ، ورأس الذكر لا إله إلا الله ، وهي الكلمة التي عرضها على عمِّه أبي طالب حين الموت ، وقال : " يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله " وقال : " إني لأعلم كلمة لا يقولها عبدٌ عند الموت إلا وجد روحه لها روحاً " ، وقال : " مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ، وقال : " مَن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " ، وقال " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمَّداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " ، والأحاديث كثيرة في هذا المعنى . " مجموع الفتاوى " ( 10 / 556 - 558 ) .

ومن جعل مرجعه الكتاب والسنة في عبادته لم يعجز في معرفة الصواب والخطأ ، نسأل الله أن يردنا إلى دينه ردّاً جميلاً . والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:21 AM
السؤال: 1347


لقد عانى الدين الإسلامي من الانشقاق وانقسامات في الاعتقاد ، فهل تذكر لنا السبب وراء ذلك ؟ وعلى الرغم من الاختلاف بين المسلمين، فقد تمكنوا -مع اختلاف طوائفهم- من المحافظة على شعور بالوحدة فيما بينهم . فكيف حدث ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

اعلم هدانا الله وإياك للحق ، ورزقنا اتباعه : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أوضح الحجة ، وجلى الطريق لأمته ، فلم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وترك لنا من الله فيها علما ، ونزل في آخر حجة حجها النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .

وسار الصحابة رضي الله عنهم على هذا النهج سيرا دقيقا جدا ، فحفظ الله عز وجل بذلك أتباع الإسلام من التفرق المذموم .

وتبعهم على ذلك التابعون رحمهم الله ، ولكن حصول بعض العوامل الداخلية والخارجية أدى إلى ظهور شيء من الاختلاف المذموم بعد القرون الثلاثة المفضلة ، فمن الأسباب الخارجية : مخالطة الأمم الأخرى من غير المسلمين : كالفرس ، والروم ، والهند ، واليونان ، والاحتكاك كذلك بالملل : كاليهودية ، والنصرانية ، والصابئة ، والمجوسية ، وأديان الهند وغيرها .

ومن الأسباب الداخلية : اتباع الأهواء ، والتعلق بالشبهات والشهوات ، والإعراض عن تعلم دين الله عز وجل وشرعه ، والجهل ، والغلو ، والتشبه بغير المسلمين ... إلخ .

وجود جميع هذه الأسباب وغيرها أدت إلى شق صفوف صغيرة عن الجادة الصحيحة التي كان عليها جمهور المسلمين ، وظهرت فرق وبدع وأقوال تخالف النهج الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم ومن بعدهم ممن سلك سبيلهم .

ولكن يلحظ أن هذه الطوائف والفرق : كانت في الحقيقة صوتا نشازا عند جمهور المسلمين ، فأهلها منبوذون محاربون من أهل العلم والخلفاء ومن عامة المسلمين ، مما سبب تحجيما لتلك الأهواء عن الانتشار بين الناس ، وضعفا لها في أغلب أطوار التاريخ الإسلامي .

فبقي أكثر المسلمين وجمهورهم على الجادة السنية - في الجملة - فإن ظهرت صور للبدع بينهم سارع علماء الحق لمحاربتها وبيان زيفها ، وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بحصول هذا الاختلاف ، وحذرنا منه وأمرنا بلزوم جماعة المسلمين فقال : " افترقت اليهود والنصارى ثنتين وسبيعين فرقة كلها في النار ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على ما مثل أنا عليه اليوم وأصحابي " ، وقال : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة " .

وأما بقاء المسلمين على شعورهم بالوحدة فلذلك أسباب كثيرة - مر بعضها - ، لكن أظهر الأسباب وأوضحها هو أن هذا الدين من عند الله عز وجل ، فهو محفوظ بحفظ الله له ، ولو تعرض دين لمثل ما تعرض له الإسلام من الحروب والمؤامرات والمكائد لزال منذ زمن بعيد ( كما نرى في غيره من الأديان ) ، وكل عاقل يفهم أن عقيدة تبقى أكثر من ( 1400 ) سنة على حالها الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم - في الجملة - شبرا بشبر وذراعا بذراع ، ثم هي لا تزال تتجدد في نفوس أهلها ( حماسا وتمسكا بها ) كتجدد زهر الربيع لهو أول دليل على أنه دين الله حقا ، والله الهادي على سواء السبيل .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:22 AM
السؤال: 1348

ما هو رأي الإسلام في الطائفة التي ظهرت وتدعى بـ (الأحباش)؟ ما هو موقفنا تجاههم؟ وما هي أخطاؤهم في العقيدة ؟.

الجواب:

الحمد لله

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه أما بعد ك

فقد ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أسئلة واستفسارات حول ( جماعة الأحباش ) والشخص الذي تنتمي إليه ، المدعو / عبد الله الحبشي ، القاطنة في لبنان ، ولها جمعيات نشطة في بعض دول أوروبا وأمريكا وأستراليا ، فاستعرضت اللجنة لذلك ما نشرته هذه الجماعة من كتب ومقالات ، توضح فيها اعتقادها وأفكارها ودعوتها ، وبعد الاطلاع والتأمل فإن اللجنة تبين لعموم المسلمين ما يلي :

أولاً : ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " وله ألفاظ أخر ، وقال عليه الصلاة والسلام : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة " رواه أحمد وأبوداود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .

وإن من أهم الخصال التي امتازت بها تلك القرون المفضلة ، وحازت بها الخيرية على جميع الناس : تحكيم الكتاب والسنة في جميع الأمور، وتقديمها على قول كل أحد كائناً من كان ، وفهم جميع الأمور ، وتقديمها على قول كل أحد كائناً من كان ، وفهم نصوص الوحيين الشريفين حسب القواعد الشرعية واللغة العربية ، وأخذ الشريعة كلها بعمومها وكلياتها ، وآحادها وجزئياتها ، ورد النصوص المتشابهات إلى النصوص المحكمات ، ولهذا استقاموا على الشريعة وعملوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، ولم يزيدوا فيها ولم ينقصوا ، وكيف يحدث منهم زيادة أو نقص في الدين وهم مستمسكون بالنص المعصوم من الخطأ والزلل ؟

ثانياً : ثم خلفت من بعدهم خلوف كثرت فيهم البدع والمحدثات ، وأعجب كل ذي رأي برأيه ، وهجرت النصوص الشرعية ، وأولت وحرفت لتوافق الأهواء والمشارب ، فشاقّوا بذلك الرسول الأمين ، واتبعوا غير سبيل المؤمنين ، والله سبحانه يقول : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) ، ومن فضل الله عز وجل على هذه الأمة أنه يقيض لها في كل عصر من العلماء الراسخين في العلم من يقوم في وجه كل بدعة تشوه جمال الدين ، وتعكر صفوه ، وتزاحم السنة أو تقضي عليها ، وهذا تحقيق لوعد الله بحفظ دينه وشرعه في قوله سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله عز وجل ، لا يضرها من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " ، وله ألفاظ أخرى .

ثالثاً : ظهرت في الربع الأخير من القرن الرابع عشر الهجري جماعة يتزعمها عبد الله الحبشي الذي نزح من الحبشة إلى الشام بضلالته ، وتنقل بين دياره حتى استقر به المقام في لبنان ، وأخذ يدعو الناس على طريقته ، ويكثِّر أتباعه وينشر أفكاره التي هي أخلاط من اعتقادات الجهمية والمعتزلة والقبورية والصوفية ، ويتعصب لها ويناظر من أجلها ، ويطبع الكتب والصحف الداعية إليها .

والناظر فيما كتبته ونشرته هذه الطائفة يتبين لهم بجلاء أنهم خارجون في اعتقادهم عن جماعة المسلمين ( أهل السنة والجماعة ) فمن اعتقاداتهم الباطلة على سبيل المثال لا الحصر :

1- أنهم في مسألة الإيمان على مذهب أهل الإرجاء المذموم .

ومعلوم أن عقيدة المسلمين التي كانت التي كان عليها الصحابة والتابعون ومن سار على هديهم إلى يومنا هذا أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، فلا بد أن يكون مع التصديق موافقة وانقياد وخضوع للشرع المطهر ، وإلا فلا صحة لذلك الإيمان المُدَّعى .

وقد تكاثرت النقول عن السلف الصالح في تقرير هذه العقيدة ، ومن ذلك قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ومن أدركناهم يقولون : الإيمان قول وعمل ونية ، ولا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر " .

2- ويجوزون الاستغاثة والاستعاذة والاستعانة بالأموات ودعائهم من دون الله تعالى ، وهذا شرك أكبر بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين ، وهذا الشرك هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم ، كما قال الله سبحانه عنهم : ( ويعبدوم من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) ، وقال جل وعلا : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفّار ) ، وقال سبحانه : ( قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجّيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون ) ، وقال جل وعلا : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) ، وقال سبحانه : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدعاء هو العبادة " أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على أن المشركين الأولين يعلمون أن الله هو الخالق الرازق النافع الضار ، وإنما عبدوا آلهتهم ليشفعوا لهم عند الله ، ويقربوهم لديه زلفى ؛ فكفَّرهم سبحانه بذلك ، وحكم بكفرهم وشركهم ، وأمر نبيه بقتالهم حتى تكون العبادة لله وحده ، كما قال سبحانه : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ، وقد صنف العلماء في ذلك كتباً كثيرة ، وأوضحوا فيها حقيقة الإسلام الذي بعث الله به رسله ن أنزل به كتبه ، وبينوا فيها دين أهل الجاهلية وعقائدهم وأعمالهم المخالفة لشرع الله ، ومن أحسن من كتب في ذلك ك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، في كتبه الكثيرة ، ومن أخصرها كتابه : ( قاعدة جلية في التوسل والوسيلة ) .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:22 AM
3- أن القرآن عندهم ليس كلام الله حقيقة .

ومعلوم بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين ، أن الله تعالى يتكلم متى شاء ، على الوجه اللائق بجلاله سبحانه ، وأن القرآن الكريم كلام الله تعالى حقيقة ، حروفه ومعانيه ، كما قال الله تعالى : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) ، وقال سبحانه : ( وكلم الله موسى تكليماً ) ، وقال جل وعلا : ( وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ) ، وقال سبحانه : ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلم الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) ، وقال جل وعلا : ( يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة . وتواتر عن السلف الصالح إثبات هذه العقيدة ، كما نطقت بذلك نصوص القرآن والسنة ولله الحمد والمنة .

4- يرون وجوب تأويل النصوص الواردة في القرآن والسنة ، في صفات الله جل وعلا ، وهذا خلاف ما أجمع عليه المسلمون ، من لدن الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ، إلى يومنا هذا ، فإنهم يعتقدون بوجوب الإيمان بما دلت عليه نصوص أسماء الله وصفاته من المعاني من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ، ول يلحدون في أسمائه وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ؛ لأنه لا سمي له ، ولا كفؤ له ، ولا ند ، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : " آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله " ، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : " نؤمن بها ونصدق ، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه " .

5- ومن عقائدهم الباطلة : نفي علو الله سبحانه على خلقه .

وعقيدة المسلمين التي دلت عليها آيات القرآن القطعية ، والأحاديث النبوية ، والفطرة السوية ، والعقول الصريحة : أن الله جل جلاله ، عالٍ على خلقه ، مستوٍ على عرشه ، لا يخفى عليه شيء من أمور عباده . قال الله تعالى : ( ثم استوى على العرش ) ، في سبعة مواضع في كتابه ، وقال جل شأنه : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، وقال جل وعلا : ( وهو العلي العظيم ) ، وقال جل وعز : ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، وقال جل جلاله : ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون * يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) ، وغيرها من الآيات الكريمات . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح الشيء الكثير ، ومنها : قصة المعراج المتواترة ، وتجاوز النبي صلى الله عليه وسلم السماوات سماءً سماءً ، حتى انتهى إلى ربه تعالى ، فقربه أو ناداه ، وفرض عليه الصلوات خمسين صلاة ، فلم يزل يتردد بين موسى عليه السلام وبين ربه تبارك وتعالى ، ينزل من عند بره إلى عند موسى ، فيسأله كم فرض عليه ، فيخبره فيقول : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فيصعد إلى ربه فيسأله التخفيف .

ومنها ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي " ، وثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء " ، وفي صحيح ابن خزيمة وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العرش فوق الماء ، والله فوق العرش ، والله يعلم ما أنتم عليه " ، وفي صحيح مسلم وغيره في قصة الجارية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " أين الله ؟ " قالت : في السماء ، قال : " من أنا ؟ " قالت : أنت رسول الله ، قال : " أعتقها فإنها مؤمنة " .

وعلى هذه العقيدة النقية درج المسلمون : الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان إلى يومنا هذا والحمد لله . ولعظم هذه المسألة وكثرة دلائلها التي تزيد على ألف دليل أفردها أهل العلم بالتصنيف ، كالحافظ أبي عبد الله الذهبي في كتابه : ( العلو للعلي الغفار ) ، والحافظ ابن القيم في كتابه : ( اجتماع الجيوش الإسلامية ) .

6- إنهم يتكلمون في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يليق .

ومن ذلك تصريحهم بتفسيق معاوية رضي الله عنه ، وهم بذلك يشابهون الرافضة - قبحهم الله - والواجب على المسلمين الإمساك عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وحفظ ألسنتهم مع اعتقاد فضلهم ، ومزية صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " رواه البخاري ومسلم . ويقول جل وعلا : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) ، وهذا الاعتقاد السليم نحو أصحاب النبي صلى اله عليه وسلم هو اعتقاد أهل السنة والجماعة على مر القرون ، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة : ( ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ن ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ) .

رابعاً : ومما يؤخذ على هذه الجماعة ظاهرة الشذوذ في فتاويها ، ومصادمتها للنصوص الشرعية من قرآن وسنة ، ومن أمثلة ذلك :

إباحتهم للقمار مع الكفار لسلب أموالهم ، وتجويزهم سرقة زروعهم ، وحيواناتهم ، بشرط أن لا تؤدي السرقة إلى فتنة ، وتجويزهم تعاطي الربا مع الكفار ، وجواز تعامل المحتاج بأوراق اليانصيب المحرمة ، ومن مخالفاتهم الصريحة أيضاً : تجويزهم النظر إلى المرأة الأجنبية في المرآة ، أو على الشاشة ولو بشهوة ، وأن استدامة النظر إلى المرأة الأجنبية ليس حراماً ، وأن نظر الرجل إلى شيء من بدن المرأة التي لا تحل له ليس بحرام ، وأن خروج المرأة متزينة متعطرة مع عدم قصدها استمالة الرجال إليها ليس بحرام ، وإباحة الإختلاط بين الرجال والنساء ، إلى غيرها من تلك الفتاوى الشاذة الخرقاء ، التي فيها مناقضة للشريعة ، وعدُّ ما هو من كبائر الذنوب من الأمور الجائزات المباحات . نسأل الله العافية من أسباب سخطه وعقوبته .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:24 AM
خامساً : ومن أساليبهم الوقحة للتنفير من علماء الأمة الراسخين -والإقبال على كتبهم ، والاعتماد على نقولهم - سبهم وتقليلهم والحط من أقدارهم ، بل وتكفيرهم ، وعلى رؤوس هؤلاء العلماء : الإمام المجدد شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله تعالى ، حتى إن المدعو : عبد الله الحبشي ألف كتاباً خاصاً في هذا الإمام المصلح ، نسبه فيه إلى الضلال والغواية ، وقوّله ما لم يقله ، وافترى عليه ، فالله حسيبه ، وعند الله تجتمع الخصوم .

ومن ذلك أيضاً طعنهم في الإمام المجدد ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، ودعوته الإصلاحية التي قام بها في قلب جزيرة العرب ، فدعا الناس إلى توحيد الله تعالى ونبذ الإشراك به سبحانه ، وإلى تعظيم نصوص القرآن والسنة والعمل بها ، وإقامة السنن وإماتة البدع ، فأحيا الله به ما اندرس من معالم الدين ، وأمات به ما شاء من البدع والمحدثات ،وانتشرت آثار هذه الدعوة - بفضل الله ومنته - في جميع أقطار العالم الإسلامي ، وهدى الله بها كثيراً من الناس ، فما كان من هذه الجماعة الضالة إلا أن صوبوا سهامهم نحو هذه الدعوة السنية ومن قام بها ، فلفقوا الأكاذيب وروجوا الشبهات ، وجحدوا ما فيها من الدعوة الصريحة إلى الكتاب والسنة ، وفعلوا ذلك كله تنفيراً للناس من الحق ، وقصداّ للصد عن سواء السبيل ، عياذاً بالله من ذلك .

ولا شك أن بغض هذه الجماعة لهؤلاء الصفوة المباركة من علماء الأمة دليل على ما تنطوي عليه قلوبهم من الغل والحقد على كل داع إلى توحيد الله تعالى ، والمتمسك بما كان عليه أهل القرون المفضلة من الاعتقاد والعمل ، وأنهم بمعزل عن حقيقة الإسلام وجوهره .

سادساً : وبناء على ما سبق ذكره ، وغيره مما لم يذكر ؛ فإن اللجنة تقرر ما يلي :

1- أن جماعة الأحباش فرقة ضالة ، خارجة عن جماعة المسلمين ( أهل السنة والجماعة ) ، وأن الواجب عليهم الرجوع إلى الحق الذي كان عليه الصحابة والتابعون في جميع أبواب الدين والعمل والاعتقاد ، وذلك خير لهم وأبقى .

2- لا يجوز الاعتماد على فتوى هذه الجماعة ؛ لأنهم يستبيحون التدين بأقوال شاذة ، بل ومخالفة لنصوص القرآن والسنة ، ويعتمدون الأقوال البعيدة الفاسدة لبعض النصوص الشرعية ، وكل ذلك يطرح الثقة بفتاويهم والاعتماد عليها من عموم المسلمين .

3- عدم الثقة بكلامهم على الأحاديث النبوية ، سواء من جهة الأسانيد أو من جهة المعاني.

4- يجب على المسلمين في كل مكان الحذر والتحذير من هذه الجماعة الضالة ، ومن الوقوع في حبائلها تحت أي اسم أو شعار ، واحتساب النصح لأتباعه والمخدوعين بها ، وبيان فساد أفكارهم وعقائدهم .

واللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس تسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يهدي ضال المسلمين ، وأن يصلح أحوالهم ، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم ، وأن يكفي السلمين شرورهم ، والله على كل شيء قدير ، وبالإجابة جدير . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان .



من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 323 .

ahmedaboali
03-24-2009, 04:24 AM
السؤال: 1349

يتعلق سؤالي بالأحاديث وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وبالمذهب، يتبع أهل بلادي مذهب الإمام الشافعي . وفي بعض الحالات فإن المذهب يُقدم على الحديث والسنة، فهل أتبع المذهب أم السنة في هذه الحالة ؟
على سبيل المثال ، ينتقض وضوء الرجل، في المذهب الشافعي، إذا لمس الرجل امرأة عامدا أو عن طريق الخطأ ، وسواء أكانت من المحارم أم ليست من المحارم . وقد وجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرك رجل عائشة رضي الله عنها أثناء تأديته لصلوات الفجر.
مثلا : يُعلم المسلمون في بلادي أنه أثناء الحج فإن نية الوضوء تحول من المذهب الشافعي إلى المذهب الحنبلي، وهم يتوضئون كما يفعل أتباع المذهب الحنبلي. والسبب وراء ذلك هو ذاته الوارد في المثال أعلاه. فهل يصح هذا، أي التحول من مذهب لآخر أثناء تأدية الحج؟
مثلا، في المذهب الشافعي، يُعد دعاء القنوت أثناء صلاة الفجر سنة مؤكدة.فهل فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أثناء صلاة الفجر؟ وما هو الحكم في من لا يقنت؟.

الجواب:


الواجب اتباع ما دلَّ عليه الدليل من الكتاب والسنة وإن خالف المذهب المتبوع ، لكن لابد أن يكون فهم الكتاب والسنة كما فهمه السلف لا بأفهامنا المجردة ، والمقصود بالسلف الصحابة والتابعين .

والمثال الذي ذكرته القول الصحيح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء أكان بشهوة أم بدونها ، لحديث أنه صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ) إلا أن يخرج منه شيء بسبب الشهوة فيتوضأ لا للمس ولكن للخارج منه .

وأما الآية وهي قوله تعالى : ( أو لامستم النساء ) فالمراد به الجماع على الصحيح .

2- لا تحتاج إلى التحول من مذهب على مذهب وفريضة الحج تُؤدى كما أدها النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( خذوا عني مناسككم ) .

3- القنوت في الفجر الصحيح أنه سنة عند النوازل فقط يعني إذا نزلت بالمسلمين أو بعضهم مصيبة فإنه يستحب أن يُقنَت ويُدعى الله تعالى ليصرفها عنهم ، أما في الحالات المعتادة فالصحيح أنه لا يستحب هذا ما دل عليه الدليل . ومن ترك القنوت فصلاته صحيحة حتى عند الشافعية رحمهم الله . والله تعالى أعلم .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:24 AM
السؤال: 1350

هل عبد الله الهرري الحبشي خدم الإسلام أم هدمه ؟.

الجواب:


الرجل المذكور رجل سوء ، من رؤوس البدعة والضلال في هذا العصر ، وقد جنّد نفسه وأتباعه لهدم عقيدة المسلمين التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون ، وجمعوا لأنفسهم مذهباً فاسداً في الفقهيات ، ملؤوه بكل شاذ ورديء من القول لا سند له من كتاب أو سنة ، ولهم أوابد وطوام كثيرة في الاعتقاديات والعمليات ، والطعن في أئمة هذا الدين . فالواجب على المسلمين في كل مكان الحذر والتحذير من هذه الفرقة الضالة ، ومن أفكارها المنحرفة ، وآرائها الشاذة . نسأل الله الكريم أن يكف عن المسلمين شرهم وشر غيرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .



من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 308 .

ahmedaboali
03-24-2009, 04:25 AM
السؤال: 1351

سأكون ممتنة لكم إذا وضحتم لي الخلافات الرئيسية للطوائف الإسلامية ، مع أني أعرف أن الإسلام دين واحد ؟ .

الجواب:

جواب سؤالكِ أيتها الأخت السائلة طويل يصلح أن يكون في كتاب وليس في مثل هذا الموقع ولكن يُمكن أن نقول هنا في هذه العجالة : إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا سلفا بتفرّق هذه الأمّة كما افترقت الأمم قبلها وذلك فيما جاء في الحديث الصحيح حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفَرَّقَتْ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً رواه أبو داود في سننه : كتاب السنّة : باب شرح السنّة .
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ سنن ابن ماجة رقم 3982

والمقصود بالجماعة هي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العقيدة والعمل .

فمن الفرق التي تنتسب إلى الإسلام من ضلّ في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته فقالوا إنّ الوجود كله هو الله أو أنّ الله حلّ في خلقه - تعالى الله عن قولهم - بل هو سبحانه وتعالى فوق سماواته مستو على عرشه منفصل عن خلقه ، ومن الفرق من ضلّ في باب الإيمان فأخرجوا العمل من الإيمان وقالوا إنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص والصحيح أنّ الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ، ومنهم من ضلّ بإخراج مرتكب الكبيرة من الإسلام والحكم عليه بالخلود في النّار مع أنّ الصحيح أنّ مرتكب الكبيرة - غير الشرك والكفر الأكبر - لا يخرج من الإسلام ، ومن الفرق من ضلّ في باب القضاء والقدر فقالوا إنّ الإنسان مجبور على أفعاله مع أنّ الصحيح أنّ الإنسان له إرادة ومشيئة بناء عليها يحاسب ويتحمّل تبعة فعله ، ومن الفرق من ضلّ في باب القرآن فقالوا هو مخلوق مع أنّ الصحيح أنّه كلام الله منزّل غير مخلوق ، ومن الفرق من ضلّ في باب الصحابة فكفّروهم وسبّوهم مع أنّهم أصحاب النبي الكريم الذين نزل الوحي بينهم وهم أعلم الأمّة وأعبد الأمّة وجاهدوا في الله حقّ جهاده ونصر الله بهم الدّين رضي الله عنهم . وهكذا سائر الفِرَق التي انحرفت عن الإسلام وابتدعت في دين الله كل فرقة بما لديهم فرحون قد سلكوا سبُل الشيطان مخالفين قول الله تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153) سورة الأنعام .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل السنّة الناجين من النار وأن يدخلنا الجنّة مع الأبرار وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:25 AM
السؤال: 1352

هل يمكن أن تشرح آية 69 من سورة 4 ؟ البعض قال بأن هذه الآية هي التي سوغت للناس الصوفية.

الجواب:

الحمد لله

الآية التي تسأل عنها هي قول الله تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) سورة النساء 69 . قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره : ( أي من عمل بما أمره الله و رسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عز و جل يسكنه دار كرامته ، ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة ، وهم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم . ثم أثنى عليهم تعالى فقال : ( وحسن أولئك رفيقا ) .

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من نبي يمرض إلا خيّر بين الدنيا و الآخرة ) وكان في شكواه الذي قبض فيه ، فأخذته بحة شديدة ، فسمعته يقول : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) فعلمت أنه خيّر ) . تفسير ابن كثير

ثم ذكر رحمه الله تعالى بعض ما روي في سبب نزول الآية ، ثم قال : ( وأعظم من هذا كله بشارة : ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ؟ أي لم يصل إلى مرتبتهم في العمل الصالح ، فقال صلى الله عليه و سلم : ( المرء مع من أحب ) قال أنس بن مالك رضي الله عنه : فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث ، إني أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأرجو أن يبعثني الله معهم و إن لم أعمل بعملهم ) . انتهى

فليس في الآية كما ترى أي مسوغ للصوفية أو لمذهبهم .

وإن كان الصوفية صادقين فليطيعوا الله ورسوله ويلتزموا بشرعه - كما نصّت عليه الآية - ليكونوا من الفائزين ، أما أن يدّعوا معرفة الأولياء بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله ويجعلوا الطّواف بالقبور والطلب من الموتى عبادة وقُربة وهو في الحقيقة استغاثة بغير الله وكفر وشرك ، ويقولون إنّ الله يوحي إلينا بأمور يُلقيها في قلوبنا زائدة على ما في القرآن والسنّة ، وأنّ الخواص ليسوا ملزمين بشريعة الإسلام المفروضة على العوام ، ويبتدعون أذكارا يواظبون عليها ليست في الكتاب ولا في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثمّ بعد هذا كله يريدون أن يكونوا من الفائزين ومع النبيين والصّديقين فهيهات هيهات بل هم مع الشياطين والمشركين ، نسأل الله السلامة والعافية ، رزقنا الله وإياك حب نبيه صلى الله عليه وسلم وحب صحابته الكرام وجمعنا بهم في مقعد صدق عنده إنه مليك مقتدر .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:25 AM
السؤال: 1353


كثيراً ما يسألني بعض الأخوة الوافدون عن مذهبي هل أنا حنبلي أم شافعي .. الخ ، وأنا في الحقيقة أجهل ذلك الأمر تماماً ، فقط يكفيني أنني مسلم ، إذا أشكل عليّ شيء من أمر ديني أسأل العلماء .. فما هو توجيه فضيلتكم ؟ .

الجواب:

يكفيك أنك مسلم متبع للشريعة فأما المذهب الحنبلي أو الشافعي فلا يلزم التقيد به ، لكن أولئك العلماء كان لهم مكانة مرفوعة مشهورة بين الأمة ، ودونت أقوالهم فاتبعها أصحابهم وأتباعهم ، فأصبحت مذاهب معترفاً بها ، مع أنهم متفقون في باب المعتقد والتوحيد وكذا متقاربون في الفروع لكن بعضهم قد يخفى عليه الدليل أو وجه الدليل فيجتهد ويفتي بحسب اجتهاده ، ولا يُلزم غيره بما قال به ، لكن أولئك الأتباع تعصب أكثرهم ، وتقيد بأقوال أولئك الأئمة ولو كانت مخالفة للدليل ، وتكلفوا في رد النصوص حتى توافق ما ذهبوا إليه ، فعلى هذا ننصح العامة بأن ينتموا إلى الإسلام ، وأن يرجعوا فيما أشكل عليهم إلى العلماء المعتبرين ، وإلى مؤلفات أهل العلم الذين عرف عنهم النصح للإسلام والمسلمين والله أعلم .

من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين ص 30

ahmedaboali
03-24-2009, 04:26 AM
السؤال: 1354

هناك جماعة تطلق على نفسها ( القرآنيين ) وتدعي أنها لن تتبع إلا القرآن ، فما رأيك بقولهم ؟ .

الجواب:

الحمد لله

لقد أثار بعض الناس أن السنة ليست مصدراً للتشريع ، وسموا أنفسهم بالقرآنيين ، وقالوا : إن أمامنا القرآن ، نحل حلاله ، ونحرم حرامه ، والسنة كما يزعمون قد دس فيها أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهؤلاء امتداد لقوم آخرين نبأنا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ) الفتح الكبير 3/438 ورواه الترمذي باختلاف في اللفظ ، وقال : حسن صحيح ( سنن الترمذي بشرح ابن العربي ط الصاوي 10/132) وهؤلاء ليسوا بقرآنيين ، لأن القرآن أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يقرب من مائة آية ، واعتبر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله عز وجل ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً ) سورة النساء/80 ، بل إن القرآن الكريم الذي تدعون التمسك به نفى الإيمان عمن رفض طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقبل حكمه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) سورة النساء /65 .

وقولهم : إن السنة قد دست فيها أحاديث موضوعة مردود بأن علماء هذه الأمة قد عنوا أشد العناية بتنقية السنة من كل دخيل ، واعتبروا الشك في صدق راو من الرواة أو احتمال سهوه رداً للحديث . وقد شهد أعداء هذه الأمة بأنه ليست هناك أمة عنيت بالسند وبتنقيح الأخبار ولا سيما المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كهذه الأمة .

ويكفي لوجوب العمل بالحديث معرفة صحّته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكتفي بإبلاغ دعوته بإرسال واحد من الصحابة مما يدل على أن خبر الواحد الثقة يجب العمل به .

ثم نسأل هؤلاء أين هي الآيات التي تدل على كيفية الصلاة ، وعلى أن الصلوات المفروضة خمس ، وعلى أنصبة الزكاة ، وعلى تفاصيل أعمال الحج ، وغير ذلك من الأحكام التي لا يمكن معرفتها إلا بالسنة . الموسوعة الفقهية 1/44

ولمزيد من معرفة الأدلة الشرعية على حجية السنة النبوية يُنظر السؤال رقم 604.


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:26 AM
السؤال: 1355

أي الأئمة الأربعة على الطريق الصحيح وعلى جماعة المسلمين ؟.

الجواب:

الحمد لله

إن الله تعالى تعبدنا بكتابه العزيز وبسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، والحق أن نفهم النصوص الشرعية بفهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم من العلماء المجتهدين المعتبرين ومن هؤلاء الأئمة المشهود لهم بالصدق والعدالة والإمامة في الدين والعلم والفضل والخير والصلاح ؛ الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الفقهية ( الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد ) رحم الله الجميع ، وكل هؤلاء متبعون للنصوص الشرعية ، وكان حرصهم وتعليمهم ونشرهم إنما هو للعلم الشرعي الصحيح ، وكلهم على الطريق الصحيح ، وكلهم متبعون للنبي صلى الله عليه وسلم حريصون على ذلك ، أما الخطأ فهو واقع حتى من الصحابة ؛ لكن المسائل المتبعة في الشرع هي التي قام عليها الدليل وقد يخفى الدليل على بعض العلماء وقد يظهر لغيره أدلة أخرى وهذا لا يقدح في علمهم وعدالتهم ، فكلهم يطلب الحق وينشره ، وإذا أراد السائل أن يتبع إماما منهم يكون على مذهبه فيوافقه فيما قام عليه الدليل الصحيح الصريح فإن هذا هو المطلوب ، ولكن لا يتعصب لأحد ، ولا يجوز أن يعتقد وجوب اتباع أحد غير النبي في كل ما يقول .

والمؤهل للنظر في كلام العلماء ما وافقه الدليل ، والعامي الذي لا يعرف النظر في الأدلة والموازنة يقلد من يثق بدينه وعلمه من العلماء ويعمل بفتواه .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:26 AM
السؤال: 1356

في إندونيسيا هناك جماعة لهم قوانين غريبة (قوانين متشددة جداً).
قوانينهم تسمح لهم بأن يستعملوا أشياء الناس بدون إذن لأنهم يقولون بأنها ملك لله. لا يتكلمون أو يلمسون أو ينظرون إلى أحد إلا إذا كان من جماعتهم.
ومن قوانينهم أنهم لا يؤمنون بالعلوم الطبيعية التي يدرّسها لهم المدرسون ، مثال : الجاذبية الأرضية لا تهم والمهم أن لا نجيب على شيء (أو نبحث عن الإجابة ) لأن الله يعلمها.
سؤالي هو : هل هذه الجماعة على الطريق المستقيم ؟ هذه الجماعة تشوش علينا كثيراً فالرجاء أجب على هذا السؤال والسلام

الجواب:


الحمد لله

بحسب ما ورد في السؤال فإنّ هذه جماعة شاذّة وضالة في أفكارها ومعتقداتها ومعاملاتها والعجيب أنّك تقول بأن لهم قوانين متشددّة جدّا ثمّ يتساهلون هذا التساهل الشنيع ويتعدّون الحدود باستعمال ممتلكات الناس دون إذنهم وهذا ظلم وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(42) سورة الشورى
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ " رواه مسلم 4650 وقال عليه الصلاة والسلام : " أَلا وَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ . " رواه الإمام أحمد 20170
فخالق الأموال وربّها هو الذي حرّم الاعتداء على أموال النّاس التي يرزقهم إياها في الدنيا ويأذن لهم بتملكها فكيف يُقدم هؤلاء على مخالفة أحكام الله عزّ وجلّ بهذا التبرير الفاسد الذي يقولونه ، ثمّ يتّضح غلوّ هؤلاء بجلاء في عدم لمسهم من ليس من طائفتهم ومنع التحدّث مع من هو من غير ملّتهم وإنني أتعجّب كيف يعيش هؤلاء بين النّاس إذا كانوا لا يُجيزون النّظر إلى غيرهم ؟!!
ثمّ هم يعطّلون النّظر في السماوات والأرض ومعرفة ما خلق الله فيهما بمنعهم البحث في العلوم ومعرفة إجابات الأسئلة حول الظّواهر الطّبيعية وقد قال الله عزّ وجلّ : ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20) سورة العنكبوت ، وقال تعالى : ( قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) سورة يونس 101 وقال تعالى : أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ(19)وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ(20) سورة الغاشية ، إلى غير ذلك من النصوص الدّالة على التفكّر في الكون ومعرفة ما خلق الله .
إنّ أفكار مثل هؤلاء لا تروج إلا في مجتمعات الجهل وبين الأغبياء والسذّج الذين لا يعرفون قواعد دين الإسلام والواجب نصح هذه الطائفة الضّالة ودعوتهم إلى الحقّ وتحذير النّاس من باطلهم ، وقانا الله وإياكم الزّيغ والبدع والضلال ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:27 AM
السؤال: 1357


أتكلم راجياً التصحيح ، طبقاً للكتاب المقدس ( الإنجيل ) ليس هناك بلد يسمى إسرائيل ، فقط فلسطين ، وكلا الشعبين العربي واليهودي من نسل سيدنا إبراهيم ، وفي الحقيقة هم أخوة ، فلماذا لا يعيشون في انسجام في بلد يدعى فلسطين ؟

الجواب:

الحمد لله

يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال الفقرات التالية :
- لا شك أن نبي الله إبراهيم كان موحدا حنيفا و لم يك من المشركين الكافرين , واليهود و إن كانوا من نسل إبراهيم عليه السلام إلا أنهم خالفوا ملة إبراهيم فأشركوا بالله وزعموا أن عزيرا ابن الله وقالوا إن الله بخيل ويده مغلولة وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء وقالوا إن الله لما خلق السماوات والأرض في ستة أيام تعب فاستراح يوم السبت - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - وشبّهوا في صفات الله وقتلوا الأنبياء .. إلخ انحرافاتهم .
- فإذا تقررت هذه المفارقة و المخالفة فلا أخوة بين مؤمن موحد و بين كافر مشرك كما قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(4) .. لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(6) ، سورة الممتحنة ، وإذا تقررت هذه المفاصلة والعداوة فإن العداء والبراء وما يلزمه من جهاد لأعداء الله أمر لا انفكاك عنه ، فما دام أن سنة الله تعالى و حكمته قضت أن ثمة مؤمن و كافر . فلا بد من وجود هذه العداوة و ظهورها و لن تجد لسنة الله تبديلا .
- ثم إنه لا يمكن أيضا الانسجام مع يهود غاصبين معتدين - آذوا وظلموا وعُرفوا بالغدر والخيانة والإفساد في الأرض قديما وحديثا - وبين أصحاب الأرض المسلمين الموحدين الذين قتل اليهود رجالهم وسجنوا أبناءهم وهدموا بيوتهم وغصبوا أرضهم وحاربوهم في أرزاقهم ، وأجروا التجارب الكيميائية والإشعاعية على سجنائهم واستأصلوا منهم أعضاء بشرية لمصلحة بعض المرضى اليهود .. إلى آخر أنواع الظلم والاضطهاد .
- وبالإضافة إلى ذلك فاليهود أهل غدر وخيانة ، ولا يمكن الوثوق بهم إطلاقا ، وسلوكهم الحالي من الشواهد والأدلة على ذلك ، فهل هناك اتفاقية أو معاهدة عقدوها فوفّوا بها ، وهذا ليس باكتشاف أو مفاجأة للمسلم الذي يعرف ماذا قال الله في كتابه عن اليهود ، قال ربنا عزّ وجلّ : ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(100) سورة البقرة .
- ثم لو رضي المسلمون أن يعيشوا مع اليهود سلميا فلمن سيكون الحكم ؟ إن من القواعد الإسلامية أنّ الإسلام يعلو ولا يُعلى ، ومن شرط إقامة أهل الكتاب مع المسلمين في بلد المسلمين أن يلتزم اليهود أو النصارى بشروط أهل الذمّة مقابل الأمان والحماية التي يمنحها لهم المسلمون ، ومن أهم شروط أهل الذمة أن لا يُفشي الكتابيون شركهم وكفرهم في بلد المسلمين لا بالقول ولا بالفعل .
- وحيث أن المسلمين واليهود كيانان متنافران ومتعاديان دينيا وعقديا فإنه لا يُمكن اجتماعهما معا إلا أن يرضخ أحدهما للآخر بالقوة بل إن اليهود الآن لا يسمحون للمسلمين بالبقاء ولو لم يقم المسلمون بأي عمل استفزازي ولذلك ينزعون ملكية أراضي المسلمين بالقوة ويبنون مستوطناتهم عليها ويريدون طرد المسلمين بأي طريقة وقد شرّدوا الملايين منهم إلى الدول المجاورة التي أقيم بها ما يُعرف بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين .
- وأخيرا فإن كون المسلمين الآن في مرحلة استضعاف وذلّ - بسبب تخلفهم عن دينهم - وكونهم لا يستطيعون قتال اليهود واسترجاع الأراضي المغتصبة وفرض أحكام الشريعة الإسلامية على أرض فلسطين فإن ذلك لا يعني أن الأمر سيستمر هكذا إلى نهاية الدنيا بل لا بدّ أن يتغيّر الحال ومن أدلة ذلك الخبر المستقبلي الذي أخبرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي من ربّه فلا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، قال عليه الصلاة والسلام :
" تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ . " رواه مسلم 2921 والحديث في البخاري 2926
وفي رواية لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ . " رواه مسلم 2922
ونحن إذ نشكرك أيها السائل على رغبتك في معرفة الحقيقة وأدبك في السؤال فإننا ندعوك للإيمان بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فإنها - واللهِ - تنجيك وتنفعك وتحفظك في الدنيا ، وفي القبر بعد الموت ، وفي الآخرة يوم يقوم الحساب ، والله يوفقنا وإياك لكل خير .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:27 AM
السؤال: 1358

ما هي شروط الجماعة التي يجب أن يتبّعها المسلم شرعا ؟

الجواب:

الحمد لله

الواجب على المسلم اتباع الحقّ والسير في ركاب الطائفة المنصورة أهل السنّة والجماعة أتباع السَلف الصالح يحبهم في الله أينما كانوا في بلده أو في غير بلده ويتعاون معهم على البرّ والتقوى وينصر معهم دين الله تعالى .
أما أوصاف هذه الطائفة المنصورة
فقد ورد في شأنها عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :
عن معاوية رضي الله عنه قال : ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك )
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ) .
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله ) .
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ، ظاهرين على من ناوأهم ، حتى يقاتل آخـرهم المسيح الدجال ).
ويؤخذ من هذه الأحاديث عدة أمور :
الأول :
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي ) . فيه دليل على أنّها فئـة من الأمّة وليست كل الأمّة ، وفيه إيماءة إلى أن هناك فئات أخرى ، وطوائف أخرى .
الثاني :
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يضرهم من خالفهم ) . يدلّ على أن هناك فرقاً أخرى تخالف الطائفة المنصورة فيما هم عليه من أمر الدين ، وهذا كذلك يوافق مدلول حديث الافتراق حيث إن الفرق الثنتين والسبعين تخالف الفرقة الناجية فيما هم عليه من الحق .
الثالث :
كلا الحديثين يحمل البشرى لأهل الحق ، فحديث الطائفة المنصورة يبشّرهم بالظفر والنصر والظهور في الدنيا .
الرابع :
والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم (( حتى يأتي أمر الله )) أي الريح التي تأتي فتأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة .
ولا ينافي هذا حديث : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة . لأن معنى هذا أنهم لا يزالون على الحق حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة وعند تظاهر أشراطها .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 04:28 AM
صفات الطائفة المنصورة

يؤخذ من مجموع الأحاديث المتقدمة والروايات الأخرى الصفات التالية للطائفة المنصورة :
1- أنها على حق:
فجاء الحديث بأنهم (على حق ) .
وأنهم ( على أمر الله ) .
وأنهم ( على هذا الأمر ) .
وأنهم ( على الدين ) .
وهذه الألفاظ تجتمع في الدلالة على استـقامتهم على الدين الصحيح الذي بعث به محمد
صلى الله عليه وسلم.


2 - أنها قائمة بأمر الله:
وقيامهم بأمر الله يعني:
أ ــ أنهم تميزوا عن سائر الناس بحمل راية الدعوة إلى الله.
ب ــ وأنهم قائمون بمهمة ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) .

3 - أنها ظاهرة إلى قيام الساعة:

وقد وصفت الأحاديث هذه الطائـفة بكونهم http://www.al-jar7.com/images/smilies/frown.gif لا يزالون ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) .
وبكونهم (ظاهرين على الحق ) أو ( على الحق ظاهرين ) .
أو ( ظاهرين إلى يوم القيامة ) .
أو ( ظاهرين على من ناوأهم ) .
وهذا الظهور يشمل
ـ : الوضوح والبيان وعدم الاستتار فهم معرفون بارزون مستعلون.
ـ : ثباتهم على ما هم عليه من الحق والدين والاستـقامة والقيام بأمر الله وجهاد أعدائه .
ـ : الظهور بمعنى الغلبة
4 - أنها صابرة مصابرة:
عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالhttp://www.al-jar7.com/images/smilies/frown.gif إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيه مثل قبض على الجمر . )

من هم أهل الطائفة المنصورة ؟

قال البخاري : ( هم أهل العلم ) .
وذكر كثير من العلماء أن المقصود بالطائفة المنصورة هم : ( أهل الحديث )
وقال النووي : ( ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين : منهم شجعان مقاتلون ، ومنهم فـقـهـاء ، ومنهم محدّثون ، ومنهم زهّاد ، وآمرون بالمعروف وناهـون عن المنكر ومنهم أنواع أخرى من الخير . )
وقال أيضا : ( يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ، ما بين
شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدّث ومفسّر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ) .
وقال ابن حجر رحمه الله - مفصّلاً القول في المسألة ( ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض ، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون بعض ، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً ، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله )
وكلام العلماء يدور على أن هذه الطائفة ليست محصورة في فئة معينة من الناس كما أنـها ليست محددة ببلد معين ، وإن كان آخرها يكون بالشام وتقاتل الدجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا شك أن المشتغلين بعلم الشريعة - عـقيدة وفقها وحديثا وتفسيرا وتعلما وتعليما ودعوة وتطبيقا - هم أولى القوم بصفة الطائـفة المنصورة وهم الأولى بالدعوة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والرد على أهل البدع إذ أن ذلك كله لابد أن يـقترن بالعلم الصحيح المأخوذ من الوحي .
نسأل الله أن يجعلنا منهم ، وصلى الله على نبينا محمد .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:28 AM
السؤال: 1359

ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟

الجواب:

الحمد لله

لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .

ahmedaboali
03-24-2009, 04:28 AM
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .



الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 04:29 AM
السؤال: 1360


هل يجوز للمسلمة أن تجالس وتسامر مسلمة لا تصلي إطلاقاً في مناسبات إسلامية أو حفل زواج تمت دعوتها إليه ؟
هل يجوز أن نأكل ونشرب من نفس الكأس أو الطبق الذي استعملته ؟.

الجواب:

الحمد لله

من كان تاركا للصلاة بالكلية فهو كافر وليس بمسلم كما بسط ذلك في إجابة سؤال سابق.

وعليه فهذه المرأة المذكورة في السؤال ليست بمسلمة , وعليه فالواجب هجرها وعدم مجالستها , إلا إذا كان ذلك لأجل حثها على التوبة والإنابة إلى الله بأداء الصلوات والمحافظة عليها .

وفي فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء : ( من ترك الصلاة متعمدا جاحدا لوجوبها فهو كافر باتفاق العلماء , وإن تركها تهاونا وكسلا فهو كافر على الصحيح من أقوال أهل العلم , وبناء على ذلك لا تجوز مجالسة هؤلاء بل يجب هجرهم ومقاطعتهم وذلك بعد البيان لهم أن تركها كفر إذا كان مثلهم يجهل ذلك , وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " . وهذا يعم الجاحد لوجوبها والتارك لها كسلا , وبالله التوفيق , وصلى الله على نبينا محمد وآله ) ا.هـ

من " فتاوى إسلامية " للمسند (1/373) .

وأما الأكل والشرب من نفس الإناء الذي استعملته فحكمه حكم أواني الكفار , وأواني الكفار يجوز للمسلم استعمالها إذا علم أنهم لا يضعون فيها شيئا من المحرمات كالخمر والخنزير , فقد ثبت في الصحيحين البخاري برقم ( 344 ) ، ومسلم برقم ( 682 ) من حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه استعملوا ماء من مزادة امرأة مشركة .

وأما إذا تقين أو غلب على ظنه استخدامهم لها في شيء من المحرمات فالواجب عليه أن يغسلها قبل استعمالها , لما ثبت في الصحيحين البخاري ( 5496 ) ، ومسلم ( 1930 ) من حديث أبي ثعلبة الخشني قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله , إنا بأرض قوم من أهل الكتاب , نأكل في آنيتهم ؟ .... إلى أن قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب , تأكلون في آنيتهم , فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها , وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها " . واللفظ لمسلم .

للمزيد يراجع فتح الباري لابن حجر : (1/453) , والشرح الممتع لابن عثيمين (1/67_69) .

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:02 PM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1451


جارتي أمريكية مسيحية ....، هي وعائلتها قدموا لي هدايا بمناسبة الكريسمس ، وأنا لا أستطيع رده هذه الهدايا ، حتى لا تغضب مني !!
فهل لي أن أقبل هذه الهدايا ، كما قبل الرسول عليه الصلاة والسلام هدايا الكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الأصل هو جواز قبول الهدية من الكافر ، تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام ، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا بعض الكفار ، كهدية المقوقس وغيره .

وبوب البخاري في صحيحه : باب قبول الهدية من المشركين ، قال رحمه الله : " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ ، وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ ، وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ " وذكر قصة اليهودية وإهداءها الشاة المسمومة للنبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا :

يجوز للمسلم أن يهدي للكافر والمشرك ، بقصد تأليفه ، وترغيبه في الإسلام ، لاسيما إذا كان قريبا أو جارا ، وقد أهدى عمر رضي الله عنه لأخيه المشرك في مكة حلة (ثوبا) . رواه البخاري (2619).

لكن لا يجوز أن يهدي للكافر في يوم عيد من أعياده ، لأن ذلك يعد إقرارا ومشاركة في الاحتفال بالعيد الباطل .

وإذا كانت الهدية مما يستعان به على الاحتفال كالطعام والشموع ونحو ذلك ، كان الأمر أعظم تحريما ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كفر .

قال الزيلعي في "تبيين الحقائق" (حنفي) (6/228) : " ( والإعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز ) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام بل كفر , وقال أبو حفص الكبير رحمه الله لو أن رجلا عبد الله خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز , وأهدى لبعض المشركين بيضة ، يريد به تعظيم ذلك اليوم ، فقد كفر , وحبط عمله . وقال صاحب الجامع الأصغر : إذا أهدى يوم النيروز إلى مسلم آخر , ولم يرد به التعظيم لذلك اليوم , ولكن ما اعتاده بعض الناس لا يكفر , ولكن ينبغي له أن لا يفعل ذلك في ذلك اليوم خاصة , ويفعله قبله أو بعده ، كي لا يكون تشبها بأولئك القوم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } . وقال في الجامع الأصغر رجل اشترى يوم النيروز شيئا ، لم يكن يشتريه قبل ذلك ، إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظمه المشركون كفر , وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر " انتهى .

وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/319) : " وكره ابن القاسم أن يهدي للنصراني في عيده مكافأة له ، ونحوه إعطاء اليهودي ورق النخيل لعيده " انتهى .

وقال في "الإقناع" من كتب الحنابلة : " ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه ، ومهاداتهم لعيدهم " انتهى .

بل ولا يجوز للمسلم أن يهدي للمسلم هدية لأجل هذا العيد ، كما سبق في كلام الحنفية ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالِفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد : لم تقبل هديته ، خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم ، مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد ، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم ، وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد ، لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/227).

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 08:03 PM
ثالثا :

أما قبول الهدية من الكافر في يوم عيده ، فلا حرج فيه ، ولا يعد ذلك مشاركة ولا إقرارا للاحتفال ، بل تؤخذ على سبيل البر ، وقصد التأليف والدعوة إلى الإسلام ، وقد أباح الله تعالى البر والقسط مع الكافر الذي لم يقاتل المسلمين ، فقال : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8.

لكن البر والقسط لا يعني المودة والمحبة ؛ إذ لا تجوز محبة الكافر ولا مودته ، ولا اتخاذه صديقا أو صاحبا ، لقوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقّ ) الممتحنة/1 ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118

وقال عز وجل : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هود/113

وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم مصادقة الكافر أو مودته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فقد قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتي بهدية النيروز فقبلها .

وروى ابن أبي شيبة .. أن امرأة سألت عائشة قالت إن لنا أظآرا [جمع ظئر ، وهي المرضع] من المجوس ، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا فقالت : أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا ، ولكن كلوا من أشجارهم .

و.. عن أبي برزة أنه كان له سكان مجوس فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان ، فكان يقول لأهله : ما كان من فاكهة فكلوه ، وما كان من غير ذلك فردوه .

فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم ، بل حكمها في العيد وغيره سواء ؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم ... ".

ثم نبه رحمه الله على أن ذبيحة الكتابي وإن كانت حلالا إلا أن ما ذبحه لأجل عيده : لا يجوز أكله . قال رحمه الله : " وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم ، بابتياعٍ أو هديةٍ أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد . فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة ، وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى ، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة ، فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله وإن لم يسم عليه غير الله تعالى ، ونقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر ..." انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/251).

والحاصل أنه يجوز لك قبول الهدية من جارتك النصرانية ، في يوم عيدهم ، بشروط :

الأول : ألا تكون هذه الهدية من ذبيحةٍ ذبحت لأجل العيد .

الثاني : ألا تكون مما يستعان به على التشبه بهم في يوم عيدهم ، كالشمع ، والبيض ، والجريد ، ونحو ذلك .

الثالث : أن يصحب ذلك شرح وتوضيح لعقيدة الولاء والبراء لأبنائك ، حتى لا ينغرس في قلوبهم حب هذا العيد ، أو التعلق بالمُهدي .

الرابع : أن يكون قبول الهدية بقصد تأليفها ودعوتها للإسلام ، لا مجاملة أو محبة ومودة .

وفي حال كون الهدية مما لا يجوز قبولها ، فإنه ينبغي أن يصحب رفضها توضيح وبيان لسبب الرفض ، كأن يقال : إنما رفضنا هديتك لأنها ذبيحة ذبحت لأجل العيد ، وهذا لا يحل لنا أكله ، أو أن هذه الأمور إنما يقبلها من يشارك في الاحتفال ، ونحن لا نحتفل بهذا العيد ؛ لأنه غير مشروع في ديننا ، ويتضمن اعتقادا لا يصح عندنا ، ونحو ذلك ، مما هو مدخل لدعوتهم إلى الإسلام ، وبيان خطر الكفر الذي هم عليه .

والمسلم يجب أن يكون معتزا بدينه ، مطبقا لأحكامه ، لا يتنازل عنها حياء أو مجاملة لأحد ، فإن الله أحق أن يُستحيى منه .



والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:03 PM
السؤال: 1452


نريد أن نعرف بوضوح كيف ينظر المسلمون إلى غير المسلمين ، وكيف يتعاملون معهم وفق شريعة الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

1- الإسلام دين رحمة و عدل

2- المسلمون مأمورون بدعوة غير المسلمين بالحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتي هي أحسن قال الله تعالى ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم )

3- لا يقبل الله غير الإسلام دينا قال تعالى ( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)

4- يجب على المسلمين أن يُمَكِِِِِّنوا أي كافر من سماع كلام الله قال تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه )

5- يفرق المسلمون بين أنواع الكفار في المعاملة , فيسالمون من سالمهم و يحاربون من حاربهم و يجاهدون من وقف عائقا دون نشر رسالة الإسلام و تحكيمه في الأرض.

6- موقف المسلمين من غير المسلمين في مسألة الحب والبغض القلبي مبني على موقف هؤلاء من الله عز وجل فإن عبدوا الله لا يشركون به شيئا أحبوهم و إن أشركوا بالله و كفروا به و عبدوا معه غيره أو عادوا دينه و كرهوا الحق كرهوهم بالقلب و جوبا.

7- إن البغض القلبي لا يعني الظلم بأي حال من الأحوال لأن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما يجب عليه من الموقف تجاه أهل الكتاب ( وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) مع كونه مسلماً وهم على ملة اليهودية و النصرانية.

8- يعتقد المسلمون بأنه لا يجوز لمسلم بحال من الأحوال أن يظلم غير المسلم المسالم فلا يعتدي عليه ولا يخيفه ولا يرهبه ولا يسرق ماله ولا يختلسه ولا يبخسه حقه ولا يجحد أمانته ولا يمنعه أجرته ويؤدي إليه ثمن البضاعة إذا اشتراها منه وربح المشاركة إذا شاركه.

9- يعتقد المسلمون أنه يجب على المسلم احترام العهد إذا عقده مع طرف غير مسلم فإذا وافق على شروطهم في إذن الدخول إلى بلدهم (الفيزا) و تعهد بالإلتزام بذلك فلا يجوز له أن يفسد فيها ولا أن يخون ولا أن يسرق ولا أن يقتل ولا أن يرتكب عملاً تخريباً وهكذا.

10- يعتقد المسلمون أن غير المسلمين الذين يحاربونهم ويخرجونهم من ديارهم ويعينون على إخراجهم بأن دماء هؤلاء وأموالهم حلال للمسلمين.

11- يعتقد المسلمون بأنه يجوز للمسلم أن يحسن إلى غير المسلم المسالم سواء بالمساعدة المالية أو الإطعام عند الجوع أو القرض عند الحاجة أو الشفاعة في الأمور المباحة أو اللين في الكلام و رد التحية وهكذا قال الله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )

12- لا يمانع المسلمون من التعاون مع غير المسلمين في إحقاق الحق و إبطال الباطل ونصرة المظلوم ورد الأخطار عن البشرية كالتعاون في محاربة التلوث وسلامة البيئة ومحاصرة الأمراض الوبائية ونحو ذلك.

13- يعتقد المسلمون بأن هناك فرقا بين المسلم وغير المسلم في أحكام معينة مثل الدية والميراث والزواج والولاية في النكاح ودخول مكة وغيرها كما هو مبين في كتب الفقه الإسلامي وهذا مبني على أوامر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولا يمكن المساواة بين من آمن بالله وحده لا شريك له وبين من كفر بالله وحده وبين من كفر بالله وأشرك به وأعرض عن دينه الحق.

14- المسلمون مأمورن بالدعوة إلى الله في جميع البلاد الإسلامية وغيرها وعليهم أن يقوموا بتبليغ دين الله الحق إلى العالمين و بناء المساجد في أنحاء العالم وإرسال الدعاة إلى الأمم غير المسلمة ومخاطبة عظمائها للدخول في دين الله .

15- ويعتقد المسلمون أن غيرهم من أهل الملل والأديان الأخرى ليسوا على دين صحيح ، ولذلك فإن المسلمين لا يسمحون لغيرهم ببث دعاة أو مبشرين أو بناء كنائس في بلدان المسلمين قال الله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) فمن ظن أن الإسلام يتساوى مع غيره من الأديان فهو مخطئ خطأً عظيماً وعلماء المسلمين يفتحون الباب للمحاورة مع غير المسلمين ويتيحون الفرصة للنقاش والسماع من غير المسلمين وعرض الحق عليهم .

وأخيراً فقد قال الله تعالى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعض أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) وقال الله تعالى : ( ولو آمن أهل الكتاب لكن خيراً لهم ).


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:04 PM
السؤال: 1453


هل يجوز حضور الاحتفال بأعياد النصارى وتهنئتهم بها ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال ابن القيم رحمه الله : ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله . وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم . . . وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) . وقال عمر أيضاً : (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم) . وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) اهـ أحكام أهل الذمة 1 /723-724 .

وأما تهنئتهم بأعيادهم فقد تقدم جواب عن ذلك فننصح السائل بمراجعته.


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:04 PM
السؤال: 1454


ما حكم الشرع في المشاركة في بعض الاحتفالات والمناسبات السنوية مثل اليوم العالمي للأسرة ، واليوم الدولي للمعاقين والسنة الدولية للمسنين ، وكذا بعض الاحتفالات الدينية كالإسراء والمعرج والمولد النبوي والهجرة وذلك بإعداد بعض النشرات أو إقامة المحاضرات والندوات الإسلامية لتذكير الناس ووعظهم ؟

الجواب:


الحمد لله

الذي يظهر لي أن هذه الأيام التي تتكرر في كل سنة والاجتماعات هي من الأعياد المحدثة ، والشرائع المبتدعة التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطاناً ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .

وقال أيضاً : ( إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا ) متفق عليه .

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كلام طويل في ( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ) في ذم المواسم والأعياد المحدثة التي لا أصل لها في الشرع الحنيف ، وأن ما تشتمل عليه من الفساد في الدين ليس كل أحدٍ بل ولا أكثر الناس يُدرك فساد هذا النوع من البدع ، ولا سيما إن كانت من جنس العبادات المشروعة ، بل أولو الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد .

وأن الواجب على الخلق : اتباع الكتاب والسنة ، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة .

وأن من أحدث عملاً في يوم كإحداث صوم أو صلاة أو صنع أطعمة أو زينة وتوسيع في النفقة ونحو ذلك ، فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب ، وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ، إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه ، أو قلب متبوعه ، لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع .

وأن العيد يكون اسماً لنفس المكان ولنفس الزمان ، ولنفس الاجتماع ، وهذه الثلاثة قد أحدث منها أشياء .

أما الزمان فثلاثة أنواع ، ويدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال .

إحداهما : يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً ، ولم يكن له ذكر عند السلف ، لا جرى فيه ما يوجب تعظيمه .

النوع الثاني : ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه .

وإن من فعل ذلك فقد شابه النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعياداً أو اليهود ، وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتُبع ، وإلا لم يُحدث في الدين ما ليس منه .

وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً .. فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع فيه لو كان خيراً ...

النوع الثالث : ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين وغيرها ، ثم يحدث فيه أهل الأهواء ما يعتقدون أنه فضيلة وهو منكر ينهى عنه ، مثل إحداث الروافض التعطش والحزن في يوم عاشوراء وغير ذلك ، من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع أو الشهور أو الأعوام غير الاجتماعات المشروعة ، فإن ذلك يضاهي الاجتماع للصلوات الخمس وللجمعة وللعيدين وللحج ، وذلك هو المبتدع المحدث .

وأصل هذا : أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات ، حتى تصير سنناً ومواسم ، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد ، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد ، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه ، وفيه من الفساد ما تقدم التنبيه على بعضه بخلاف ما يفعله الرجل وحده أو الجماعة المخصوصة أحياناً . انتهى ملخصاً .

وبناء على ما سبق : لا يجوز للمسلم المشاركة في هذه الأيام التي يحتفل بها في كل عام ، وتتكرر في كل سنة ، لمشابهتها لأعياد المسلمين كما مر معنا ، أما إن كانت غير متكررة ، وقَدر فيها المسلم على بيان الحق الذي يحمله وتبليغه للناس فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ، والله أعلم .


المرجع : مسائل ورسائل /محمد الحمود النجدي ص31 .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:05 PM
السؤال: 1455


ما هو حكم تناول الطعام ( رز أو لحم أو دجاج أو كيك ) الذي يهدى إلينا من صديق نصراني والذي صنعه من أجل عيد ميلاده الشخصي أو عيد الميلاد ( كريسماس ) أو عيد رأس السنة الميلادية؟ وما رأي فضيلتكم في تهنئته بكلام مثل إن شاء الله تستمر في النجاح في هذه السنة لتفادي قول كل عام وأنت بخير أو عام سعيد .

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يأكل ما يصنعه اليهود والنصارى في أعيادهم ، أو ما يهدونه إليه من أجل عيدهم ، لأن ذلك من التعاون والمشاركة معهم في هذا المنكر

كما لا يجوز له أن يهنئهم بعيدهم ، بأي صيغة من صيغ التهنئة ؛ لما في ذلك من الإقرار بعيدهم وعدم الإنكار عليهم ، ومعاونتهم في إظهار شعائرهم وترويج بدعهم ومشاركتهم السرور في أعيادهم ، وهي أعياد مبتدعة ، تتصل بعقائد فاسدة لا يقرها الإسلام ،

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:05 PM
السؤال: 1456


هل يجوز أن يقول المسلم أن بعض الكفار أحسن خلقاً من بعض المسلمين ؟ .

الجواب:

الحمد لله

إذا قال إن أخلاق الكفار أفضل من أخلاق المسلمين – بهذا الإطلاق - فهذا محرم لا شك في ذلك ، بل يستتاب صاحبه ، لأن رأس الأخلاق وأهمها الخلق مع الله تعالى ، والأدب معه وترك عبادة ما سواه ، وهذا متحقق في المسلمين دون الكافرين ، كما أن فيه تعميما على كل المسلمين ، ولا بد أن يكون منهم من هو قائم بأخلاق الإسلام ، وبشرع الله تعالى .

وإن فضل بعض أخلاق الكفار على أخلاق بعض المسلمين ، فهذا من الخطأ ، إذ يكفي الكفار سوء خلق ما فعلوه مع ربهم جل وعلا وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، فقد سبوا الله تعالى ، وادعوا له الولد ، وقدحوا في أنبيائه وكذبوهم ، فأي خلق يفيدهم مع الناس إذا كانت أخلاقهم مع ربهم جل وعلا من أسوأ الأخلاق .

ثم كيف نرى أخلاق عشرة أو مائة من الكفار ، ونحكم عليهم بأن أخلاقهم جيدة ، ونسينا أخلاق أكثرهم من اليهود والنصارى ، فكم غدروا بالمسلمين ، وكم أفسدوا ديارهم ، وكم فتنوهم عن دينهم ، وكم أضاعوا من ثرواتهم ، وكم مكروا وتربصوا وتجبروا وطغوا ....

إن خلق بعضهم الجيد لا يساوي شيئا أمام خلق أكثرهم القبيح ، فضلا على أن خلقهم هذا لا يقصدون منه نفس الخلق ، وإنما يقصدون منه نفع أنفسهم ، واستقامة أمورهم الدنيوية ، وتحصيل مصالحهم ، في أغلب أحوالهم .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن سائل يعقد مقارنة أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماما ، فما رأيكم سماحة الشيخ ؟

فأجاب : " هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة ، هؤلاء يدعون الإسلام ، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من الكفار ، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله ، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم ، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين ، فهذه لمصلحتهم ؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم ، حتى يأخذوا الأموال وحتى ترغبوا فيهم .

فالواجب عليكم ألا تستقدموا إلا الطيبين من المسلمين ؛ وإذا رأيتم مسلمين غير مستقيمين فانصحوهم ووجهوهم فإن استقاموا وإلا فردُّوهم إلى بلادهم واستقدموا غيرهم ، وطالبوا الوكيل الذي يختار لكم أن يختار الناس الطيبين المعروفين بالأمانة ، المعروفين بالصلاة، المعروفين بالاستقامة؛ لا يستقدم من هبّ ودبّ .

وهذا لا شك أنه من خداع الشيطان، أن يقول لكم : إن هؤلاء الكفار أحسن من المسلمين ، أو أكثر أمانة ، أو كذا أو كذا ؛ كله لما يعلمه عدو الله وجنوده من الشر العظيم في استقدام الكفرة واستخدامهم بدل المسلمين ؛ فلهذا يرُغِّب فيهم ويزين لكم استقدامهم حتى تدعوا المسلمين ، وحتى تستقدموا أعداء الله ، إيثارا للدنيا على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقد بلغني عن بعضهم أنه يقول : إن المسلمين يصلون ويعطلون الأعمال بالصلاة ، والكفار لا يصلون حتى يأتوا بأعمال أكثر ، وهذا أيضا من جنس ما قبله ، ومن البلاء العظيم ؛ أن يعيب المسلمين بالصلاة ويستقدم الكفار لأنهم لا يصلون ، فأين الإيمان ؟ وأين التقوى ؟ وأين خوف الله ؟ أن تعيب إخوانك المسلمين بالصلاة ! نسأل الله السلامة والعافية . " فتاوى نور على الدرب

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل ؟

فأجاب بقوله : هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم ، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام ، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب . أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرا ماديا فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم .

لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمرا شرعيا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر .

أما ما زعم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حق من حقه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – { إن الشرك لظلم عظيم } . فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم ، وكفرهم ، وظلمهم فلا خير فيهم . مجموع الفتاوى 3

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها ، وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل الخراج فقال : لا يستعان بهم في شيء " الفتاوى الكبرى 5/539

وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك : " وتفضيل الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين فهو ردة وإلا فلا " 2/348

ahmedaboali
03-24-2009, 08:06 PM
السؤال: 1457


ما حكم عيد الحب ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

عيد الحب عيد روماني جاهلي ، استمر الاحتفال به حتى بعد دخول الرومان في النصرانية ، وارتبط العيد بالقس المعروف باسم فالنتاين الذي حكم عليه بالإعدام في 14 فبراير عام 270 ميلادي ، ولا زال هذا العيد يحتفل به الكفار ، ويشيعون فيه الفاحشة والمنكر . وانظر تفصيل الكلام على هذا العيد في ملف بعنوان : ( الاحتفال بعيد الحب )

ثانيا :

لا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار ؛ لأن العيد من جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه ( عنها ) : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) وقال : ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد ، وبين مشاركتهم في سائر المناهج ؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة .

وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية ، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا ) وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصاً بأهل الذمة ) ونحوه من علاماتهم ؛ فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين ، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر ، وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله ، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/207).

وقال رحمه الله أيضاً : " لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم ، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك ، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة .

وبالجملة : ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم ، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام ، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم" انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/329).

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله " فإذا كان للنصارى عيد ، ولليهود عيد ، كانوا مختصين به ، فلا يشركهم فيه مسلم ، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم " انتهى من "تشبه الخسيس بأهل الخميس" منشورة في مجلة الحكمة (4/193)

والحديث الذي أشار إليه شيخ الإسلام رواه البخاري (952) ومسلم (892) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ أَبُو : بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا ).

وروى أبو داود (1134) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا : يَوْمَ الأَضْحَى ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .

وهذا يدل على أن العيد من الخصائص التي تتميز بها الأمم ، وأنه لا يجوز الاحتفال بأعياد الجاهليين والمشركين .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 08:06 PM
وقد أفتى أهل العلم بتحريم الاحتفال بعيد الحب :

1- سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه :

" انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب خاصة بين الطالبات وهو عيد من أعياد النصارى ، ويكون الزي كاملا باللون الأحمر ، الملبس والحذاء ، ويتبادلن الزهور الحمراء ، نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد ، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم ؟

فأجاب : الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه :

الأول : أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة .

الثاني : أنه يدعو إلى العشق والغرام .

الثالث : أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم .

فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل ، أو المشارب ، أو الملابس ، أو التهادي ، أو غير ذلك .

وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق . أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/199).

2- وسئلت الجنة الدائمة : يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير 14/2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب (( فالنتين داي )) . (( day valentine )) . ويتهادون الورود الحمراء ويلبسون اللون الأحمر ويهنئون بعضهم وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم :

أولاً : الاحتفال بهذا اليوم ؟

ثانياً : الشراء من المحلات في هذا اليوم ؟

ثالثاً : بيع أصحاب المحلات ( غير المحتفلة ) لمن يحتفل ببعض ما يهدى في هذا اليوم ؟

فأجابت : " دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة – وعلى ذلك أجمع سلف الأمة – أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما : عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) . وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته ، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .

ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد ، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً ، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .

3- وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله :

" انتشر بين فتياننا وفتياتنا الاحتفال بما يسمى عيد الحب (يوم فالنتاين) وهو اسم قسيس يعظمه النصارى يحتفلون به كل عام في 14 فبراير، ويتبادلون فيه الهدايا والورود الحمراء ، ويرتدون الملابس الحمراء ، فما حكم الاحتفال به أو تبادل الهدايا في ذلك اليوم وإظهار ذلك العيد ؟

فأجاب :

أولاً : لا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة؛ لأنه بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود على من أحدثه.

ثانياً : أن فيها مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث : (من تشبه بقوم فهو منهم).

ثالثا : ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها.

وقال حفظه الله :

وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم " انتهى .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:07 PM
السؤال: 1458


أريد أن أسلم وعائلتي تجتمع في عيد الكريسمس ، وأريد أن أحضر وأسلم عليهم ، ليس بنية الاحتفال ولا المشاركة ، لكن فقط لا نتهاز فرصة اجتماع أقاربي ، هل هذا مسموح ؟

الجواب:

الحمد لله

وجهت هذا السؤال لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فأجاب :

لا ، لا يجوز ، إذا من الله عليها بالإسلام أول ما تفعله التبرؤ من ( دينها الأول وأعياده ) . والله أعلم .


الشيخ محمد بن صالح العثيمين

ahmedaboali
03-24-2009, 08:07 PM
السؤال: 1459


هل تجوز مشاركة غير المسلمين في أعيادهم ، كعيد الميلاد ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من تشبه بقوم فهو منهم) والله سبحانه وتعالى يقول : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) المائدة/2 .

وننصحك بالرجوع إلى كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ، فإنه مفيد جداًّ في هذا الباب .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتوى رقم (2540).

ahmedaboali
03-24-2009, 08:08 PM
السؤال: 1460


شاهدت الكثير من المسلمين يشاركون في احتفالات الكريسمس وبعض الاحتفالات الأخرى .
فهل هناك أي دليل من القرآن والسنة يمكن أن أريه لهم يدل على أن هذه الممارسات غير شرعية ؟

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم للأمور التالية :

أولاً : لأنه من التشبه و " من تشبه بقوم فهو منهم . " رواه أبو داود ( وهذا تهديد خطير ) ، قال عبد الله بن العاص من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجاناتهم وتشبه بهم حتى يموت خسر في يوم القيامة .

ثانياً : أن المشاركة نوع من مودتهم و محبتهم قال تعالى : ( لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء … ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق … ) الآية .

ثالثاً : إن العيد قضية دينية عقدية وليست عادات دنيوية كما دل عليه حديث : " لكل قوم عيد و هذا عيدنا " و عيدهم يدل على عقيدة فاسدة شركية كفرية .

رابعاً : ( و الذين لا يشهدون الزور …) الآية فسرها العلماء بأعياد المشركين ، و لا يجوز إهداء أحدهم بطاقات الأعياد أو بيعها عليهم و جميع لوازم أعيادهم من الأنوار و الأشجار و المأكولات لا الديك الرومي ولا غيره و لا الحلويات التي على هيئة العكاز أو غيرها .

وقد سبقت إجابة عن سؤال مشابه فيها مزيد من التفصيل تحت رقم 947 .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:08 PM
السؤال: 1461


هل إذا أكل المسلم مع نصراني أو غيره من الكفرة أو شرب معه يعتبر ذلك حراماً ؟ وإذا كان ذلك حراماً فما نقول في قول الله تعالى : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) المائدة/5 ؟.

الجواب:

الحمد لله

ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .

وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية والله ولي التوفيق .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/324

ahmedaboali
03-24-2009, 08:08 PM
السؤال: 1462


ما حكم طلب المساعدة من الكفار وقبولها ؟.

الجواب:

الحمد لله

هذا فيه تفصيل ؛ فإن كان طلبها منهم وقبولها لا يخشى منه ضرر في الدين على من طلبها أو قبلها فلا حرج في ذلك ، وإن كان في ذلك خطر لم يجز له طلبها ولا قبولها ؛ عملاً بالأدلة الشرعية الدالة على وجوب الحذر مما حرم الله ، والبعد عن مساخط الله ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض الهدايا من المشركين ولم يقبلها من آخرين ، والحكمة في ذلك : هو ما ذكرنا : كما نص على ذلك أهل العلم .

والله ولي التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص/432

ahmedaboali
03-24-2009, 08:09 PM
السؤال: 1463


أنا امرأة لي مراسلات مع أوربيات وأمريكيات عن طريق الإنترنت نقوم بتبادل الهدايا وأمور الخياطة وذلك منذ سنتين . حاولت مناقشتهن في الإسلام لكن توقفت خوفا من عدم تمكني من الدعوة وبالتالي الوقوع في الخطأ . ماذا تنصحني هل أقطع علاقتي بهن نهائيا أم أستمر بقصد دعوتهن للإسلام رغم الصعوبات وكيف أبدأ ؟ وهل تعتبر هذه العلاقة صداقة وما حكمها شرعا ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

لا يجوز للمسلم أو المسلمة اتخاذ صديق أو صديقة من غير المسلمين ؛ لنهي الله تعالى عن مودة الكافرين وموالاتهم واتخاذهم بطانة ، كما في قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 .

ثانيا :

يجوز للمسلم مراسلة هؤلاء ، وتقديم الهدايا لهم ، بغرض دعوتهم للإسلام ، وترغيبهم فيه ، بشرط أن يكون متحصنا بالعلم والإيمان ، متمكنا من الدعوة ، مطلعا على شبهات القوم وأساليبهم . أما غير المتمكن فليس له أن يزج بنفسه في هذا المجال ؛ لما قد يعترضه من الفتن ، أو يأتيه من الشبهات التي لا يقدر على ردها ، فيكون هذا سبب انحرافه وهلاكه ، عياذا بالله من ذلك .

ثالثا :

إذا كانت مراسلة هؤلاء تقتصر على تبادل أمور الخياطة ، والاستفادة منهم في ذلك من غير أن يصل الأمر إلى محبتهم ومودتهم وتهنئتهم بأعيادهم – مثلاً – فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود بيعاً وشراء .

بل لا حرج من تقديم بعض الهدايا لهم بشرط أن يكونوا غير محاربين للإسلام والمسلمين ، فإن الله تعالى قال : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8 .

قال السعدي رحمه الله (ص 1016) :

" أي لا ينهاكم الله عن البر والصلة والمكافأة بالمعروف والقسط للمشركين من أقاربكم وغيرهم ، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم ، فليس عليكم جناح أن تصلوهم ، فإن صلتهم في هذه الحالة لا محذور فيها " انتهى .

رابعاً :

وسائل الدعوة كثيرة ومتنوعة ، منها :

1- الحوار المباشر ، وينبغي أن يرتكز على بيان محاسن الإسلام ، وحقيقة التوحيد ، وأهمية الإيمان ، وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم بيان بطلان ما سواه من الأديان الأخرى ، وما أصابها من التحريف والتغيير والتبديل .

2- إهداء الكتب والنشرات التي تتحدث عن الإسلام وترغب في الدخول فيه .

3- دلالة الآخرين على المواقع المختصة بتوضيح الإسلام ، والدعوة إليه ، والإجابة على شبهات المخالفين ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن .

ولا بد أن يكون الداعي إلى الإسلام متحصنا بالعلم الشرعي والإيمان القوي الذي يقف في وجه الشبهات والشهوات ، وإلا فليدع المجال لغيره ، وليتق الله في نفسه ولا يوردها المهالك ، وليحذر المسلم أن يتسرب إلى قلبه شيء من مودة الكافر ومحبته .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:10 PM
السؤال: 1464


ولدت في بريطانيا وعشت هناك كل عمري، تزوجت في باكستان .
والداي لا يزالان في بريطانيا ويتمنيان أن أعيش بقربهما ، أنا كذلك أفتقدهم جداً وأجده من الصعب أن أعيش في بلد نامي (لأنني تعودت على المعيشة في الغرب طوال حياتي، ومع هذا فأنا أعيش حياة زوجية سعيدة ) .
أزورهما كل سنة وأبقى هناك على الأقل شهرين (هما يفضلان ثلاثة أشهر) فهل هذا جائز ؟
هل يجوز لي ولعائلتي أن ننتقل للعيش في بريطانيا حيث أنني أستطيع تأدية فرائضي الدينية كما أفعلها هنا تماماً ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا تجوز الإقامة بين ظهراني المشركين ، وفي بلادهم إلا لعذر شرعي ، وأنت ما دمت تتمكنين من الإقامة في بلاد الإسلام ، وليس هناك ما يضطرك للإقامة في بريطانيا ، فاحمدي الله على نعمة الإسلام ، وابقي في البلد المسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام : " أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ، لا تتراءى نارهما " .

الشيخ : سعد الحميد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:10 PM
السؤال: 1465


هل هناك أي محظور إذا فتح الفرد متجره أيام العيد ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

لا حرج على المسلم في فتح متجره أيام أعياد المسلمين ( عيدي الفطر والأضحى ) ، بشرط أن لا يبيع ما يستعين به بعض الناس على معصية الله تعالى .

ثانيا :

أما فتح المتجر في الأيام التي يتخذها غير المسلمين أعيادا ، كيوم الكريسمس ، ونحوه من أعياد اليهود أو البوذيين أو الهندوس ، فلا حرج في ذلك أيضا ، بشرط ألا يبيع لهم ما يستعينون به على معاصيهم ، كالأعلام والرايات ، والصور ، وبطاقات التهنئة ، والفوانيس ، والزهور ، والبيض الملوّن ، وكل ما يستعملونه لإقامة العيد .

وكذلك لا يبيع للمسلمين ما يستعينون به على التشبه بالكفار في أعيادهم .

والأصل في ذلك أن المسلم منهي عن فعل المعصية ، وعن الإعانة عليها ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد ، من الطعام واللباس ونحو ذلك ؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/520) .

وقال : " فأما بيع المسلمين لهم [أي للكفار] في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والريحان ونحو ذلك ، أو إهداء ذلك لهم ، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم " .

ونقل عن ابن حبيب المالكي قوله : " ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئا من مصلحة عيدهم ، لا لحما ، ولا إداما ، ولا ثوبا ، ولا يُعارون دابة ، ولا يعاونون على شيء من عيدهم ؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم ، ومن عونهم على كفرهم ، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك . وهو قول مالك وغيره ، لم أعلمه اختلف فيه " . "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/526) ، "الفتاوى الكبرى" (2/489) ، "أحكام أهل الذمة" (3/1250) .

وقال شيخ الإسلام أيضاً : " فإن كان ما يبتاعونه [يشترونه] يفعلون به نفس المحرم ، مثل صليب أو شعانين أو معمودية أو تبخير أو ذبح لغير الله أو صورة ونحو ذلك ، فهذا لا ريب في تحريمه ، كبيعهم العصير ليتخذوه خمرا ، وبناء الكنيسة لهم .

وأما ما ينتفعون به في أعيادهم للأكل والشرب واللباس ، فأصول أحمد وغيره تقتضي كراهته ، لكن : كراهة تحريم كمذهب مالك أو كراهة تنزيه ؟ والأشبه أنه كراهة تحريم ، كسائر النظائر عنده ، فإنه لا يُجوّز بيع الخبز واللحم والرياحين للفساق الذين يشربون عليها الخمر ، ولأن هذه الإعانة تفضي إلى إظهار الدين [الباطل] وكثرة اجتماع الناس لعيدهم وظهوره ، وهذا أعظم من إعانة شخص معين " . "الاقتضاء" (2/2/552) .

وسئل ابن حجر المكي رحمه الله عن بيع المِسك لكافر يعلم منه أنه يشتريه ليطيّب به صنمه ، وبيع حيوان لكافر يعلم منه أنه يقتله بلا ذبحٍ ليأكله ؟

فأجاب بقوله : " يحرم البيع في الصورتين ، كما شمله قولهم ( يعني العلماء ) : كل ما يَعلم البائع أن المشتري يعصي به يحرم عليه بيعه له . وتطييب الصنم وقتل الحيوان المأكول بغير ذبح معصيتان عظيمتان ولو بالنسبة إليهم ، لأن الأصح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كالمسلمين ، فلا تجوز الإعانة عليهما ببيع ما يكون سببا لفعلهما . وكالعلم هنا غلبة الظن , والله أعلم " انتهى من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/270) .

والحاصل أنه يجوز للمسلم فتح متجره في أيام أعياد الكفار ، بشرطين :

الأول : ألا يبيع لهم ما يستعملونه في المعصية أو يستعينون به على إقامة عيدهم .

والثاني : ألا يبيع للمسلمين ما يستعينون به على التشبه بالكفار في هذه الأعياد .

ولا شك أن هناك سلعا معلومة ، تتخذ لهذه الأعياد ، كالبطاقات والصور والتماثيل والصلبان وبعض الأشجار ، فهذه لا يجوز بيعها ، ولا إدخالها في المحل أصلا .

وما عدا ذلك مما قد يُستعمل في العيد وغيره ، فيجتهد صاحب المتجر ، فلا يبيعه لمن علم من حاله أو غلب على ظنه أنه يستعمله في الحرام أو يستعين به على إقامة العيد ، كالملابس ، والطيب ، والأطعمة .

والله أعلم

ahmedaboali
03-24-2009, 08:10 PM
السؤال: 1466


أدرس في معهد لدورات الكمبيوتر وجميع المواد التي أدرسها في المعهد كلها من شركة مايكروسوفت الأمريكية , فبرامج الكمبيوتر كلها من ميكروسوفت الأمريكية اليهودية , ونحن نقوم بدفع مبلغ من المال شهريا للدراسة , والمشكلة أيضا أني اخترت أن أتخصص في إدخال قواعد البيانات وهو ما يسمى بالأوراكل , وهو منتج يهودي مائة بالمائة .
وفكرت أن أخرج من المعهد من أجل هذا السبب , وهو أني أدفع لهم مبلغا شهريا , وجزء منه تشترى به الكتب من أمريكا ذاتها .
وقد فكرت في ترك المعهد لأني برأيي الشخصي أقاطع منتجات بسيطة كالأشربة والأطعمة والعطور , وكانت لها نتيجة ولله الحمد , ولكن الغرض هو مقاطعه المنتجات الكبيرة , فأنا أعتقد لو تركت المعهد أكون أكثر تعاونا مع إخواني في المشرق والمغرب المظلومين .

الجواب:

الحمد لله

قد سبق الكلام على المقاطعة الاقتصادية وأهميتها وأنها نوع من جهاد أعداء الله ،

وهناك أسباب ترفع الحرج عن المسلم في تعامله بالبيع والشراء من غير المسلمين
وتقدم ذكر ذلك في سؤال سابق

ويضاف هنا : إذا كانت البضاعة الأمريكية أو اليهودية فيها نفع للمسلمين ، ولم يمكن تحصيلها من شركات أو دول إسلامية ، فلا حرج في شرائها ، لا سيما إذا كانت برامج وتقنيات يستفاد منها في أمور أخرى متنوعة ، وليست مجرد سلع استهلاكية .

فإذا كانت الدراسة في معهد الحاسب الآلي ترجين من ورائها تحصيل علم وخبرة ، فلا حرج عليك في المواصلة ، والاستفادة من البرامج المتوفرة في المعهد ، كما أنه لا حرج عليك في التخصص في إدخال قواعد البيانات المعتمد على ما يسمى بالأوراكل .

ولتكن نيتك هي نفع المسلمين ، والاستفادة من كل علم متقدم يسهم في ذلك.

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:11 PM
السؤال: 1467


متى تشرع مقاطعة المبتدع ؟ ومتى يشرع البغض في الله ؟ وهل تشرع المقاطعة في هذا العصر؟.

الجواب:

الحمد لله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فينبغي على المؤمن أن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى ، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق ، وأقل أحواله أن يكون سنة ، وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين ، وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر ، ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكفار والعصاة ، لكن يكون بغضه للكفار أشد ؛ مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية ؛ ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة ، ويبغض العاصي على قدر معصيته ، ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه ، وبذلك يُعلم أن الهجر فيه تفصيل .

والخلاصة : أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية ، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر ؛ هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم ، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك .

فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل ، وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك ، فإن اقتضت الهجر هجر ، وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاةً لهديه صلى الله عليه وسلم . والله ولي التوفيق .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (9 / 423 ).

ahmedaboali
03-24-2009, 08:11 PM
السؤال: 1468


أنا طالب بإحدى المدارس في الغرب ، والحمد لله أقضي جل وقتي مع المسلمين ، لكن أعاني من كسلي وكسل زملائي المسلمين هنا ، ولذلك بدأت بتفضيل العمل مع غير المسلمين هنا في مجال الدراسة فقط ، فهل هذا يعتبر موالاة للكفار ؟ وماهي شروط العمل معهم في هذه الحالـة ؟.

الجواب:

الحمد لله

إن من أهم ما يؤثر في أخلاق الإنسان وطبائعه ، بل ودينه أيضاً : بيئته المحيطة به ، من أشخاص يتعاملون معه ويتعامل معهم ، ومكان يعيش فيه ويتردد عليه ، وتتردد معالمه على حسه ، بحيث يتأثر شعور الإنسان ، وتتكون قِيَمُه التي يؤمن بها ، وتتلون أخلاقه التي يتخلق بها بهذه المؤثرات المختلفة من حوله ، وأخطر ما في ذلك أن هذه العملية تتم من حيث لا يدري ، ولا يلقي لها بالاً ، ولأجل ذلك قالوا : الطبع لص ، يعني أنه ينقل مما حوله خفية ، من حيث لا يشعر به الإنسان .

ولأجل ما ذكرنا حدد الشرع للإنسان بيئته التي ينبغي أن يحرص على الحياة فيها ، من حيث اختيار الصديق الصالح ، والبيئة المسلمة التي يعيش فيها ، وحذره من الإقامة بين أظهر المشركين ، أومصادقتهم . [ راجع أسئلة الولاء والبراء في قسم العقيدة ] ،

وهذا إنما يمكن للمرء أن يتحراها ويتحكم فيها في حال السعة ، وأما حين يكون الإنسان في حال الضرورة ، أو ما يشبهها ، وليس في يده أمر الاختيار ، فهنا يكون الكلام عن تحصيل أقصى ما يستطيع من المصالح ، ودفع أقصى ما يمكنه من المفاسد .

وفيما يتعلق بسؤالك ، قبل أن تفكر في العمل مع غير المسلمين ، لِمَ لا تحاول أن تدفع الكسل عنك وعن إخوانك المسلمين ؟!

لِمَ لا تحاول أن تقدم ـ مع إخوانك ـ صورة طيبة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من جد واجتهاد ؟!

إن أخشى ما أخشاه أن تؤكد بذلك السلوك صورة الكسل والتهاون والضعف التي تُنْقل عن المسلمين ، ولعمر الله إنها شكوى قديمة ، اشتكاها عمر رضي الله عنه من قبل : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة !!

أما إن دار الأمر بين أن تعمل وتجد مع الكفار ، أو تنام وادعاً بين المسلمين ، فلتعمل ولتجتهـد ، واحرص على دينك وأخلاقك التي تعلمتها من دينك ، وكن شحيحاً بدينك أشد من شحك بمالك ودمك ، وانتبه إلى :

1- لا تجعل أصدقاء عملك من النساء ، فأنت خبير بأحوالهن ، تعرف ما يترتب على صحبتهن والاختلاط بهن ، ثم فوق ذلك تعرف أن مثل هذه العلاقات مرفوضة في الشرع .

2- حاول أن تقلل من الأوقات التي تقضيها بينهم ، قدر المستطاع .

3- اقتصر في حدود هذه العلاقة على ما يتطلبه العمل والدراسة منك .

4- حاول أن تكون صورة صحيحة للمسلمين : في دينهم وأخلاقهم ، واربط كل خير عندك بما يأمرك به دينك .

5- اعلم أن استقامتك وحرصك على دينك من أسباب احترام الآخرين لك ، ومن يدري لعل منهم من يتأثر بك ، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها .

والله الموفق .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:12 PM
السؤال: 1469


هل العمل في شركة يملكها رجل كافر يعتبر من موالاة الكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

العمل عند الكفار ومشاركتهم في التجارة لا يعد من موالاتهم ، وعلى المسلم أن يحسن اختياره للأشخاص ، ولطبيعة العمل ونوعية التجارة ، ولا يجوز أن تكون أعماله أو تجاراته في المحرمات ، ولا يحل له أن يوادهم في قلبه ، ولا أن يثني عليهم ثناء مطلقاً ، ويجب عليه أن يتحلى بالصدق والإتقان في عمله ليكون أنموذجاً طيباً لأخلاق المسلمين .

قال الشيخ صالح الفوزان :

ومن الموالاة المحرمة‏ :‏ مناصرتهم على المسلمين ومظاهرتهم أو الدفاع عنهم بالقول بتبرير ما هم عليه والاعتزاز بما هم عليه ، كل هذا من أنواع الموالاة المحرمة والتي تصل إلى الردة عن الإسلام - والعياذ بالله - قال الله تعالى ‏:‏ ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .

‏أما ما يجوز لنا من التعامل مع الكفار فهو التعامل المباح ، نتعامل معهم بالتجارة ، ونستورد منهم البضائع ، ونتبادل معهم المنافع ، ونستفيد من خبراتهم ، نستقدم منهم من نستأجره على أداء عمل كهندسة أو غير ذلك من الخبرات المباحة ، هذا حدود ما يجوز لنا معهم ولابد من أخذ الحذر ، وأن لا يكون له سلطة في بلاد المسلمين إلا في حدود عمله ، ولا يكون له سلطة على المسلمين ، أو على أحد من المسلمين ، وإنما تكون السلطة للمسلمين عليهم ‏.

"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2/252) .

وعلى أصحاب الأعمال من المسلمين أن يتقوا الله في أعمالهم وموظفيهم ، وأن يقيموا الأعمال المباحة ، وأن يعطوا موظفيهم وعمالهم حقوقهم كاملة غير منقوصة ، وأن لا يتسببوا في انتقال العمال والموظفين المسلمين إلى غيرهم من الكفار .

فالكثير من المسلمين يرى أن ما يحصل عليه من راتب وامتيازات عند الكافر هي التي تدفعه إلى العمل عنده ؛ لأنه يرى أنه يأخذ ما يستحقه ، وفي هذا من المفاسد ما فيه من مدح هؤلاء الكفار والثناء عليهم في خلقهم ومعاملاتهم ، وقد يؤدي ذلك إلى الوقوع في موالاتهم ، وهو ما سبب فتنة لكثيرين في دينهم بعد ذلك .



والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:12 PM
السؤال: 1470

أنا أعمل محاسب. وفي العمل يوجد بطاقات عيد ميلاد المسيح عليها عبارات شركية مثل (عيسى هو الله - وهو يحبك)… الخ . إذا كان العميل يحضر لي هذه البطاقات فأبين له أنصحه) ، وأضع النقود في آلة التسجيل. فهل أنا كافر ؟ أنا أكره الشرك ، وأكره المسيحية ، وأكره المسيحيين ، فهل أنا كافر ؟

الجواب:


الحمد لله

ما دمت مؤمنا كارها للشرك كارها لدين النّصارى فلست بكافر بل أنت مسلم ما دمت على التوحيد ولم ترتكب ما يُخرج من الدّين ، ولكن لا بدّ أن تعلم أنّه لا يجوز لمسلم أن يعين الكفار بأي وسيلة على إقامة أعيادهم والاحتفال بها ومن ذلك بيع ما يستخدمونه في أعيادهم . قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " فأمّا بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والرّيحان ونحو ذلك أو إهداء ذلك لهم فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرّم . وهو مبني على أصل وهو : أنّه لا يجوز أن يبيع الكفّار عنبا أو عصيرا يتخذّونه خمرا . وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما . "
ثمّ نقل عن عبد الملك بن حبيب من علماء المالكية قوله : " ألا ترى أنّه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا من النصّارى شيئا من مصلحة عيدهم ؟ لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يُعارون دابّة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأنّ ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم .." الاقتضاء ص: 229 ، 231 ط. دار المعرفة بتحقيق الفقي .
نسأل الله أن يثبتك على الحقّ ويجنبّك الباطل ويرزقك من لدنه رزقا حسنا . وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:13 PM
السؤال: 1471


ما حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ؟ .

الجواب:

الحمد لله

تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } وقال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .

وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .

وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله .

ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .

والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-24-2009, 08:13 PM
السؤال: 1472


يوجد مصنع لصنع التحف الزجاجية كحوامل العطور والشمعدانات وتصديرها للخارج ، وعرض عليَّ بأن أكون مسؤولاً عن التصدير ، ولكن المصنع يطلب مني في أعياد النصارى ( الكريسماس ) عمل بعض التحف الزجاجية الخاصة بعيدهم كالصلبان والتماثيل . فهل هذا العمل يجوز حيث إنني أخشى من الله بعد أن منَّ عليَّ ببعض العلم وبحفظ كتابه ؟ .

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يشارك في أعياد الكفَّار ، سواء بحضور أو تمكين لهم بإقامته أو ببيع مواد وسلع تتعلق بتلك الأعياد .

كتب الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ إلى وزير التجارة قائلاً : من محمد إبراهيم إلى معالي وزير التجارة سلمه الله . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

ذُكر لنا أن بعض التجار في العام الماضي استوردوا هدايا خاصة بمناسبة العيد المسيحي لرأس السنة الميلادية ، من ضمن هذه الهدايا شجرة الميلاد المسيحي ، وأن بعض المواطنين كانوا يشترونها ويقدمونها للأجانب المسيحيين في بلادنا مشاركة منهم في هذا العيد .

وهذا أمر منكر ما كان ينبغي لهم فعله ، ولا نشك في أنكم تعرفون عدم جواز ذلك ، وما ذكره أهل العلم من الاتفاق على حظر مشاركة الكفار من مشركين وأهل كتاب في أعيادهم .

فنأمل منكم ملاحظة منع ما يرد بالبلاد من هذه الهدايا وما في حكمها مما هو خصائص عيدهم.

فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 3 / 105 ) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

بعض المسلمين يشاركون النصارى في أعيادهم ، فما توجيهكم ؟ .

فأجاب :

لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم ، بل يجب ترك ذلك ؛ لأن " مَن تشبَّه بقوم فهو منهم " ، والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم ، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء لأنها أعياد مخالفة للشرع ، فلا يجوز الاشتراك فيها ، ولا التعاون مع أهلها ، ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ؛ ولأن الله سبحانه يقول : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 405 ) .

وفي بيان لعلماء اللجنة الدائمة حول المشاركة باحتفالات الألفية قالوا :

سادساً : لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم ومن ذلك : إشهار أعيادهم وإعلانها ، ومنها الألفية المذكورة، ولا الدعوة إليها بأية وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام ، أو نصب الساعات واللوحات الرقمية ، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية ، أو طبع البطاقات أو الكراسات المدرسية ، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها ، أو الأنشطة الرياضية، أو نشر شعار خاص بها . اهـ .

وعليه : فلا يجوز لك – أخي – المشاركة في صنع شيء يتعلق بأعياد الكفار ، واترك هذه الوظيفة لله تعالى ، وسيبدلك الله خيراً منها إن شاء .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:14 PM
السؤال: 1473


لي صديق مسلم مشارك في النادي الدولي في المدرسة . وقد استفسر المعلم من جميع المشتركين في النادي إن كانوا يريدون جمع التبرعات للكنيسة . وتطوع المذكور لذلك . وسيقوم بجمع التبرعات في رمضان . فهل يقبل صيامه ؟.

الجواب:

الحمد لله

الكنيسة : هي البناء الذي يمارس فيه النصارى شعائرهم وطقوسهم ، بما تشتمل عليه من الكفر والتثليث وعبادة غير الله .

وعليه فبناء الكنائس ، أو جمع التبرعات لإنشائها أو إصلاحها أو دعمها ، منكر عظيم ، لما فيه من الإعانة على نشر الكفر وتقريره .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" من اعتقد أن الكنائس بيوت الله , أو أنه يعبد فيها ، أو أن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله , أو أنه يحب ذلك , أو يرضاه فهو كافر ; لأنه يتضمن اعتقاده صحة دينهم , وذلك كفر ، أو أعانهم على فتحها ; أي : الكنائس ، وإقامة دينهم ; واعتقد أن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر ، لتضمنه اعتقاد صحة دينهم " .

وقال : الشيخ في موضع آخر:

" من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله ; فهو مرتد , وإن جهل أن ذلك محرم عُرِّف ذلك , فإن أصر صار مرتدا ; لتضمنه تكذيب قوله تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) آل عمران/91 " انتهى من " مطالب أولي النهى" (6/281) بتصرف .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (14/482) :

" لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبني كنيسة أو محلا للعبادة ليس مؤسسا على الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ، والله عز وجل يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .

فعليك تذكيره بالله ونصحه أن يتوب إلى الله تعالى ، ويقلع عن العمل المذكور حذراً من وقوعه هو في الكفر والردة ، فيحبط عمله وهو لا يشعر .

وعلى هذا ، فإنه يُخشى على صاحبك ما هو أعظم من عدم قبول صيامه ، ألا وهو الكفر .

نسأل الله أن يهديه ، ويوفقه لكل خير .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:15 PM
السؤال: 1474


ورد في القرآن أنه لا يجوز لنا اتخاذ الكفار أولياء ، لكن ماذا يعني ذلك ؟ أقصد إلى أي حدٍّ ؟ هل يجوز لنا التعامل معهم ؟ أنا أدرس ، فهل يجوز لنا لعب كرة السلة معهم ؟ هل يجوز أن نتحدث معهم فيما يتعلق بالسلة وما إلى ذلك ؟ هل يجوز أن نصاحبهم طالما أنهم أبقوا أمور اعتقاداتهم لأنفسهم ؟ .
أسأل عن ذلك لأني أعرف شخصاً يصاحبهم بمثل هذه الطريقة وتواجده معهم لا يؤثر على اعتقاده ، لكني مع ذلك أقول له : " لماذا لا تبقى مع المسلمين بدلا من هؤلاء ؟ " وهو يرد قائلا : إن أغلب - أو العديد - من المسلمين يشربون الخمر ويتناولون المخدرات في أماكن تجمعهم ، كما أن لهم صديقات ، وهو يخاف من أن معاصي هؤلاء المسلمين قد تغويه ، لكنه متأكد تماما أن كفر الكفار لن يغريه لأنه شيء لا يُعتبر مغريا بالنسبة له ، فهل تواجده ولعبه وحديثه حول أمور الرياضة مع الكفار يعتبر " من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين " ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

حرم الله تعالى على المؤمنين اتخاذ الكافرين أولياء ، وتوعد على ذلك وعيداً شديداً .

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" ذكر في هذه الآية الكريمة أن من تولى اليهود والنصارى مِن المسلمين فإنه يكون منهم بتوليه إياهم ، وبيَّن في موضع آخر أن توَلِّيهم موجب لسخط الله ، والخلود في عذابه ، وأن متوليهم لو كان مؤمناً ما تولاهم ، وهو قوله تعالى : ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) المائدة/80 ، 81 .

ونهى في موضِع آخر عن تَوليهم مبيناً سبب التنفير منه ، وهو قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ) الممتحنة/13 .

وبيَّن في موضع آخر أن محل ذلك فيما إذا لم تكن الموالاة بسبب خوف ، وتقية ، وإن كانت بسبب ذلك فصاحبها معذور ، وهو قوله تعالى : ( لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) آل عمران/28 . فهذه الآية الكريمة فيها بيانٌ لكل الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقاً وإيضاحٌ ؛ أن محل ذلك في حالة الاختيار ، وأما عند الخوف والتقية فيرخص في موالاتهم ، بقدر المداراة التي يكتفي بها شرهم ، ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة ، ومن يأتي الأمور على اضطرار فليس كمثل آتيها اختياراً .

ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم " انتهى .

"أضواء البيان" ( 2 / 98 ، 99 ) .

ومن صور مولاة الكفار المحرمة : اتخاذهم أصدقاء وأصحاباً ، ومخالطتهم في الطعام واللعب معهم .

وفي جواب السؤال رقم ( 10342 ) نقلنا عن الشيخ ابن باز قوله :

" ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .

وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية " . انتهى .

وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :

عن حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟

فأجاب :

لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم ؛ لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم ، قال الله تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/4 . وقال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) المجادلة/22 .

وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) الممتحنة/1 .

أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم : فهذا لا بأس به ؛ لأنه من باب التأليف على الإسلام ، ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به ، وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم رحمه الله " . انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 3 / السؤال رقم 389 ) .

ثانياً :

وأما قول هذا القائل : إنه لا يخالط العصاة من المسلمين خوفا من أن تغويه معاصيهم ، وأما الكفار فإن كفرهم لن يغريه .

فجوابه أن يقال :

أما عدم مخالطته لأهل المعاصي من المسلمين فَلَنِعْمَ ما فَعَلَ ، إذا لم يكن قادراً على نصيحتهم ، ونهيهم عن المنكر ، وخاف على نفسه من الوقوع في معاصيهم واستحسانها .

وأما مخالطته للكفار ، فليست العلة في منع مخالطة الكفار هي الخوف من الوقوع في الكفر فقط ، بل مِنْ أظهرِ عِلَلِ هذا الحكم : عداوتُهم لله ورسوله والمؤمنين ، وقد أشار الله تعالى إلى هذه العلة بقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) الممتحنة/1 .

فكيف يليق بمسلم أن يصاحب عدو الله وعدوه ويصادقه ؟!

ثم مِنْ أين يأمَنُ هذا مِنِ استحسانِ طريقتهم ومذهبهم ؟ وقد وقع كثير من المسلمين في الكفر والإلحاد وارتدوا عن الإسلام بسبب مصاحبتهم للكفار ، وإقامتهم في بلدانهم . فبعضهم تَهَوَّدَ ، وبعضهم تَنَصَّر ، وبعضهم اعتنق مذاهب فلسفية ملحدة .

نسأل الله أن يثبتنا على دينه .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:15 PM
السؤال: 1475


لدي صديق نصراني أحبه جدا وهو من النصارى الذين مدحهم القرآن ، وهو الآن مريض جدا فهل يسمح لي الإسلام أن أدعو الله له بالشفاء ؟ .

الجواب:

الحمد لله

عقيدة الولاء والبراء من آكد أصول الدين ، وأوثق عرى الإيمان ، وكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك تحقيق الناس لهذا الأصل العظيم يزيد وينقص ، وأما هدم هذا الأصل في قلب العبد وترك ما يوجبه على المؤمن من الأعمال فهو هدم للإيمان كله الذي هو مبني على محبة أولياء الله تعالى ، ومعاداة أعدائه ، وقد دل على هذا الأصل عدة آيات من كتاب الله ، وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك :

قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً ) النساء/144 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بِحَرَّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال فارجع فلن أستعين بمشرك " رواه مسلم (1817)

بل اتهم الصحابة - رضي الله عنهم – مالك بن الدخشن بالنفاق ، بسبب كثرة صحبته لبعض المنافقين ، ولقائه بهم ، كما ثبت في الصحيحين ( البخاري برقم 415 ، ومسلم 33 )

كل ما سبق وغيره كثير ، يدل على تحريم موالاة الكافرين ، أو محبتهم وتوليهم ، وهذه الموالاة لها صور عدة ، فمنها : الرضا بكفرهم ، أو مخالطتهم مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على المؤمنين أو مودتهم ، أو تحكيم قوانينهم وغير ذلك ، وانظر السؤال رقم ( 2179 )

ومما سبق تعلم أن محبة الكافر أمرها خطير جدا ، لأنها تناقض باباً عظيما من أبواب التوحيد ، ألا وهو الولاء للمؤمنين ، والبراء من المشركين .

وقولك إن هذا الكافر من النصارى الذي مدحهم الله في كتابه ، جوابه أن الذين مدحهم الله في كتابه هم صنف معين لهم أوصاف محددة ، وقد بين الله تعالى هذه الأوصاف بعد آية مدحهم مباشرة ، قال تعالى : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ) ثم قال : ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) المائدة/86 فتمام الآيات يبين أن المراد بهؤلاء من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثر بسماع القرآن ودعوته .

قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية : " يقول تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبتهم وأبعدهم من ذلك : لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .

فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين ، وأكثرهم سعيا في إيصال الضرر إليهم ، وذلك لشدة بغضهم لهم بغيا وحسدا وعنادا وكفرا .

( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى )

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 08:15 PM
وذكر تعالى لذلك عدة أسباب : منها : أن منهم قسيسين ورهبانا ، أي علماء متزهدين وعبادا في الصوامع متعبدين . والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة ، فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود وشدة المشركين .

ومنها : أنهم لا يستكبرون أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد للحق ، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم ، فإن المتواضع أقرب إلى الخير من المستكبر .

ومنها : أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا للذي تيقنوه ، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا : ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به ، ويشهدون على الأمم السابقة بالتصديق والتكذيب .... وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسم - كالنجاشي وغيره ، ممن آمن منهم ، وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام ، ويتبين له بطلان ما كانوا عليه ، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام " [ تفسير السعدي 1 / 511 ]

أما الدعاء للكافرين فينقسم إلى قسمين :

الأول : أن تدعو له بالهداية إلى الإسلام ونحو ذلك ، فهذا جائز ، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ) رواه الترمذي (3681) ، وصححه الألباني ، وهذا دعاء لأحدهما بالهداية

الثاني : أن تدعو له بالمغفرة ونحو ذلك ، فهو حرام بالإجماع .

قال النووي : " وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع " [ المجموع 5 / 120 ]

وقال في تحفة المحتاج :" ويحرم الدعاء بأخروي لكافر وكذا من شك في إسلامه ولو من والديه " [ 3 / 141 ]

أما الدعاء له بالشفاء من مرض والعافية منه ، فهو جائز للمصلحة ، كرجاء إسلامه وتأليف قلبه ، ونحو ذلك ، ويدل لهذا حديث الصحابي الذي رقى سيد القوم من لدغة العقرب ، وقد سبق بيانه في السؤال رقم ( 6714 ) ، والدعاء بالشفاء من جنس الرقية .

بل يجوز لك أن تزوره في مرضه هذا ، والإنسان في مرضه يرقُّ قلبه ويضْعُف ، ويقرب قبوله للحق ، وقد كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلام يهودي يخدمه ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (1356)

قال ابن حجر : " وفي الحديث جواز استخدام المشرك وعيادته إذا مرض ، وفيه حسن العهد "

لكن الدعاء للكافر بالشفاء لا يعني موالاته أو محبته أو تقديمه أو مودته كما سبق ذلك ،

والله أعلم .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن حكم موالاة الكفار ؟

فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء ، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير .

ولا ينبغي أبدا أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ). ويقول سبحانه لنبيه ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه ، وألا تأخذه فيه لومة لائم ، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )

( انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 3 / 31 - 46 ، الولاء والبراء في الإسلام ص 352 ) .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:16 PM
السؤال: 1476


مسلمة تعيش في بلد غير مسلم ، ولا تستطيع أن تصلي كل صلاة في وقتها بسبب العمل ، فهل تصوم أم تفطر ؟ لأن الصلاة أهم من الصوم .

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

لا يجوز لمسلمٍ الإقامة في بلاد الكفر والسفر إليها من غير ضرورة تحوجه إلى ذلك ، ويتحتم هذا المنع في حال عدم قدرته على القيام بشعائر الدين فيه ، ومن أعظم شعائر الدين : الصلاة ، فإذا كان الإنسان من أهل تلك البلاد ، أو وفد إليها ثم عجز عن إظهار شعائر دينه فالواجب عليه أن يخرج من ديار الكفر إلى ديار المسلمين ، ليتمكن من إظهار شعائر دينه ، وليعلم أنه غير معذور ببقائه في تلك الديار إلا إن كان مستضعفاً لا يستطيع الهجرة بدينه من تلك البلاد إلى حيث يستطيع إظهار دينه .

قال ابن قدامة المقدسي :

... فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب :

أحدها : من تجب عليه , وهو من يقدر عليها , ولا يمكنه إظهار دينه , ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار , فهذا تجب عليه الهجرة ; لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/97 ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه , والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

الثاني : من لا هجرة عليه ، وهو من يعجز عنها , إما لمرض , أو إكراه على الإقامة , أو ضعف ; من النساء والولدان وشبههم , فهذا لا هجرة عليه ; لقول الله تعالى : ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) النساء/98-99 ، ولا توصف باستحباب ; لأنها غير مقدور عليها .

والثالث : من تستحب له , ولا تجب عليه ، وهو من يقدر عليها , لكنه يتمكن من إظهار دينه , وإقامته في دار الكفر , فتستحب له , ليتمكن من جهادهم , وتكثير المسلمين , ومعونتهم , ويتخلص من تكثير الكفار , ومخالطتهم , ورؤية المنكر بينهم ، ولا تجب عليه ; لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة .

" المغني " ( 9 / 237 ، 238 ) .

ولما كان أكثر الناس إنما تحمله على الإقامة في بلاد الكفر حرصه على الدنيا ، وشحّه بما فيها من كثرة في المال أو عز وجاه ، أو أهل وإخوان ، قال تعالى بعد ما أخبر عن حال الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قال : ( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ) النساء/100

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب وبيان ما فيها من المصالح ، فوعد الصادق في وعده ، أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته أنه يجد مراغما في الأرض وسعة .

فالمراغم مشتمل على مصالح الدين والسعة على مصالح الدنيا ، وذلك أن كثيرا من الناس يتوهم أن في الهجرة شتاتا بعد الألفة ، وفقرا بعد الغنى ، وذلا بعد العز ، وشدة بعد الرخاء ، والأمر ليس كذلك . فإن المؤمن ما دام بين أظهر المشركين فدينه في غاية النقص ، لا في العبادات القاصرة عليه ، كالصلاة ونحوها ، ولا في العبادات المتعدية ، كالجهاد بالقول والفعل وتوابع ذلك ، لعدم تمكنه من ذلك ، وهو بصدد أن يفتن عن دينه ، خصوصا إن كان مستضعفاً ، فإذا هاجر في سبيل الله تمكن من إقامة دين الله وجهاد أعداء الله ، ومراغمتهم ، فإن المراغمة : اسم جامع لكل ما يحصل به إغاظة لأعداء الله من قول وفعل وكذلك ما يحصل له سعة في رزقه ، وقد وقع كما أخبر الله تعالى ، واعتبر ذلك بالصحابة رضي الله عنهم فإنهم لما هاجروا في سبيل الله وتركوا ديارهم وأولادهم وأموالهم لله كمل بذلك إيمانهم وحصل لهم من الإيمان التام والجهاد العظيم والنصر لدين الله ما كانوا به أئمة لمن بعدهم وكذلك حصل لهم ما يترتب على ذلك من الفتوحات والغنائم ما كانوا به أغنى الناس وهكذا كل من فعل فعلهم يحصل له ما حصل لهم إلى يوم القيامة " اهـ.

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-24-2009, 08:16 PM
ثانياً :

لا يحل لمسلمٍ أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا من عذر ، ومن الأعذار الشرعية التي تبيح التأخير : النوم والنسيان ، ولم يكن القيام بأعمال الدنيا من الأعذار المبيحة لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها ، بل من صفات المؤمنين الصادقين أنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكر الله وإقام الصلاة .

قال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) النور/36–38 .

وحذر الله تعالى عباده من الانشغال بأموالهم وأولادهم عن طاعته وذكره ، وذكر لهم أن من فعل ذلك فهم الخاسرون حقاً ، لا كما يظن من يفرط في دينه من أجل عمله ودنياه وشحّه بالربح العاجل .

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) المنافقون/9

وهل للخاسرين على الحقيقة مصير ، إلا مصير أئمة الكفر ، الذين أضاعوا الدين شُحَّاً بدنياهم .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ : ( مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ ، وَلا بُرْهَانٌ ، وَلا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ) رواه أحمد (6540) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح

قال ابن القيم رحمه الله :

" وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم من رؤوس الكفرة ، وفيه نكتة بديعة ، وهو : أن تارك المحافظة على الصلاة ؛ إما أن يشغله ماله ، أو ملكه ، أو رياسته ، أو تجارته ، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون ، ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ، ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان ، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف " اهـ . الصلاة وحكم تاركها (1/63)

وأما داهية الدواهي فهي التفكير في الفطر وترك الصيام ، تبعاً لترك الصلاة .

وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، فانظري يا أمة الله كيف جرَّك الشيطان إلى هدم عمود الدين ، وركنه الثاني بعد الشهادتين ، وهو الصلاة ، ثم يجرك اللّعين بغروره إلى هدم ركن آخر ، فثالث ، فرابع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

أيها الأخت السائلة ، إن سؤالك ، بل إن مسئوليتك الواجبة عليه هي أن تبحثي عن الطريق لبناء ما هدمتيه من دينك بترك صلاتك ، لا أن تسألي عن هدم ما هو قائم عندك من الأركان ، فأي شرع ، بل أي عقل يقول ذلك . قال الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) النحل/91-92

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

وهذا يشمل جميع ما عاهد العبد عليه ربه من العبادات ، والنذور ، والأيمان التي عقدها ، إذا كان الوفاء بها برا ... " ثم قال بعد كلام له : ( ولا تكونوا : في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على صفة متعاطيها ، وذلك كالتي تغزل غزلاً قوياً ، فإذا استحكم وتم ما أريد منه ، نقضت غزلها من بعد قوة ، فجعلته أنكاثا ، فتعبت على الغزل ، ثم على النقض ، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء وسفاهة العقل ونقص الرأي ، فكذلك من نقض ما عاهد عليه فهو ظالم جاهل سفيه ناقص الدين والمروءة " اهـ.

ونعم ، الصلاة كما قلت أهم من الصوم ، وهي خير ما فرضه الله على عباده من الأعمال ، ولأجل ذلك نقول لك : صلِّي ، يا أمة الله ، واثبتي على صومك ، وليس غير .

قد يضيق بك عملك ، قد تخسرين عمله من أصله ، قد ...، وقد ...

لكن ليس إلا دينك ، دينك دينك ، لحمك ودمك .

والله يوفقنا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:17 PM
السؤال: 1477


توجد هنا كنائس كثيرة ، فهل يجوز الدخول فيها ومناقشة القساوسة الذين فيها ؟ هل يجوز دخولها للنظر فيها ومعرفة ما يفعل هؤلاء ؟.

الجواب:

يجوز دخول الكنائس لأهل العلم لدعوة أهلها إلى الإسلام ، أما دخولها لأجل الفرجة فقط فلا ينبغي ؛ لأنه لا فائدة من ورائه ، ولأنه يُخشى على المسلم أن يتأثر بهم ، لا سيما إذا كان جاهلاً بأمور دينه ، ولا يستطيع رد الشبهة التي يوجهونها إليه .



من فتاوى اللجنة الدائمة 13/257.

ahmedaboali
03-24-2009, 08:18 PM
السؤال: 1478


يحدث أن يمرض أحد النصارى معنا في العمل أو الدراسة فهل تجوز زيارته وما حكم عيادة المريض الكافر ؟.

الجواب:

الحمد لله

تجوز العيادة بقصد دعوته وعرض الإسلام عليه .

وهذا توسط في المسألة فلا يصح المنع مطلقاً لأنه لم يرد في ذلك دليل بل هو خلاف الأدلة الصحيحة .

والقول بالجواز مطلقاً فيه شيء من النظر فلم يبق إلا جواز عيادته إذا كان يعرض عليه الإسلام أو يرتجيه .

وقد جاء في صحيح البخاري من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال . كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمَرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له . أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم . فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول . الحمد لله الذي أنقذه من النار .

وهذا الحديث فيه فوائد .

الأولى : حُسنُ خُلقه صلى الله عليه وسلم .

الثانية : حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق .

الثالثة : أن اليهود إذا مات على يهوديته كافر مخلد في النار وهذا لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم قال النبي صلى الله عليه وسلم . والذي نفسي بيده لاَ يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة .

الرابعة : عيادة اليهودي إذا رجيت المصلحة . قال أبو داود رحمه الله سمعت الإمام أحمد سئل عن عيادة اليهودي والنصراني ؟ قال إن كان يريد أن يدعوه إلى الإسلام فنعم .

وقد جاء في الصحيحين وغيرهما من طريق ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءَه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى لله عليه وسلم لأبي طالب ياعم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما والله لأستغفرنّ لك مالم أُنه عنك فأنزل الله تعالى فيه { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى .. } .

والحديث فيه دليل على عيادة القريب المشرك إذا رُجي إسلامه قال الفضل بن زياد سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الرجل المسلم يعود أحداً من المشركين ، قال : إن كان يرى أنه إذا عاده يعرض عليه الإسلام يقبل منه فليعده كما عاد النبي صلى الله عليه وسلم الغلام اليهودي فعرض عليه الإسلام .

الشيخ سليمان العلوان

ahmedaboali
03-24-2009, 08:18 PM
السؤال: 1479


يبلغ ابني من العمر 15 عاما ، وقد ولد في أمريكا ونشأ فيها . ابني له صديقات ، وقد اكتشفت مؤخرا أنه يمارس الجنس مع إحداهن . وأنا أشعر بالذنب ، لكني لا أعرف كيف أتصرف . هل سيعاقبني الله جراء تصرفاته ؟.

الجواب:

الحمد لله

ليس أعظم من المصيبة في الدين ؛ فهي المصيبة حقا ، نسأل الله السلامة منها ، وليس أكرم على الإنسان ـ بعد نفسه ـ من ولده ؛ فبهم سرور القلب وقرة العين ، قال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) الفرقان/74 ، لكن القلب لا يُسَرُّ ، والعين لا تَقَرّ إلا بذرية صالحة ، طائعة لله ؛ قال الحسن البصري : ( هي والله أن يُري الله ُ العبدَ من زوجته ، من أخيه ، من حميمه طاعة الله ، لا والله ما شيء أحب من أن يرى ولدا ، أو والدا ، أو حميما ، أو أخا مطيعا لله عز وجل ) تحفة المودود لابن القيم ص 424

ولا شك أن أعظم ما يُسْأَل عنه الوالدان من حفظ أبنائهما ورعايتهم ، تربيتهم على طاعة الله تعالى ، وطردهم عن معصيته ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) التحريم/6 ، َقَالَ مُجَاهِد وغيره من السلف : أَوْصُوا أَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه وَأَدِّبُوهُمْ ، وقال قتادة : مُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللَّه وَانْهَوْهُمْ عَنْ مَعْصِيَته .

وفي الصحيحين من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما ،ُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) البخاري 2554 ومسلم 1829.

فقد دل هذا الحديث على أَنَّ الْمُكَلَّف يُؤَاخَذ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْر مَنْ هُوَ فِي حُكْمه ، وتحت رعايته .

وقد نص الحديث على دخول الوالدين في هذا الأصل العام : ( وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ )

فالوالدان مسئولان عن أبنائهما ، لأَنَّهُا أُمِرَا أَنْ يَحْرِصا عَلَى وِقَايَتهمْ مِنْ النَّار , وَامْتِثَال أَوَامِر اللَّه ، وَاجْتِنَاب مَنَاهِيه . فإذا قام الوالدان بما يجب عليهما من تربية أولادهما التربية الصحيحة ولم يقصرا في ذلك ، فإنه لا إثم عليهما في هذه الحال إذا انحرف أولادهما . قال الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/164

وإذا كان كل أحد يفهم من الشرع ، وببديهة عقله ، أنه إن فرط في واجب الأدب والتربية نحو أولاده ، فإنه مسئول عما وقعوا فيه من انحراف ، فإن مسئولية الأسرة التي تعيش في الغرب نحو أبنائها مسئولية من لون آخر ، هي أعظم من ذلك كله ؛ إنها مسئولية من ألقى ثمرة فؤاده في اليم ، مكتوفا !! بل هي والله أعظم ؛ إنها نار الله وعذابه ، نسأل الله السلامة .

وفي حالة ولدكما ، ومثلها كثير ، كان ينبغي سد أبواب الفتنة قبل أن تستفحل وتشتعل نارها ؛ فليس في الإسلام علاقة صداقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه ، لاسيما في هذه المرحلة الخطيرة من عمر ابنكما .

لكن السؤال الأهم ، الآن ، فعلا هو : كيف نتصرف ؟

إن عليكما ، أنت وأبوه ، أن تتحيلا بكل حيلة سريعة لإبعاد ولدكما عن هذه العلاقات الآثمة ، وقطع علاقاته بالنساء الأجنبيات ، حتى ولو تحققتما من أن هذه العلاقة لم تصل إلى أوحال الزنا ؛ فقد ذكرنا أن أصل هذه العلاقة مرفوض في الشرع .

وقد يكون من أهم الوسائل لإبعاده عن تلك العلاقات المحرّمة التعجيل في تحصينه بالزواج ، ولذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء ٌ) متفق عليه

الباءة أي : تكاليف الزواج .

ومعنى وجاء أي : وقاية من الوقوع في الإثم .

لكنكما تعلمان أن إبعاد الشاب عن تلك العلاقات المحرمة ليس بالأمر السهل ، بل تكاد هذه المهمة تكون مستحيلة في البلاد التي تعيشون فيها ؛ فإن المحضن الغربي الذي تنمو فيه قلوب هذه الذرية وعقولها ، ملوث بكل لون من فتن الشبهات والشهوات ، تلك الفتن التي أحالت ، الجيل الثاني والثالث من أبناء المسلمين هناك ، إلى أجيال تتفلت يوما بعد يوم من شعائر الإسلام وشرائعه ، وتتشرب بدلا منها قِيَم الغرب وأخلاقه ، حتى لا يكاد يبقى لها في نهاية الأمر إلا " بركة " النسب !!

فيعود السؤال إليكما مرة ثانية : هل عندكما من القوة في أمر الله ، والخوف من إضاعة الأمانة نحو نفسيكما أولا ، ثم نحو ذريتكما ثانيا ، والرغبة في إصلاح ما فات ، هل عندكما من ذلك كله ما يدفعكما للتضحية بمتاع الدنيا وزينتها في بلاد الغرب ، والعودة بأبنائكما إلى بلدكم ، أو إلى حيث تكونون أكثر أمنا على دينكم ، قبل أن يفوت الأوان ، ويأتي الموت على هذه الحال ؛ فيقول قائل : ( رَبِّ ارْجِعُونِي لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) المؤمنون/99-100 ، وقبل أن نرى تأويل ما فعلنا ؛ أي : عاقبته : ( يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) الأعراف/99 ؟

أم إن المسؤولية لا تستحق هذه التضحية ؟!

وقد تقولون : إن أكثر بلاد المسلمين اليوم يعج بالفتن والمنكرات ، فلن تتوفر لنا البيئة الصالحة لتنشئة الذرية على الشرع النقي ، فما الفائدة من هذه النقلة ؟ !

فيقال : نعم ، وأنتم محقون إلى حد كبير ، لكن إذا لم نستطع جلب الخير كله ، فلنكسب أقصى ما نستطيع منه ، وإذا لم يمكن دفع الشر كله ، فلندفع أقصى ما يمكننا منه ، وبعض الشر أهون من بعض !!

والأمر فقط يحتاج إلى صدق مع النفس ، وصدق الله العظيم : ( بَلْ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة/14-15

والله يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى .

ahmedaboali
03-24-2009, 08:19 PM
السؤال: 1480


هل من العادة إباحة التعامل مع اليهود ، أو شركات يملكها اليهود أو مساهمين يهود ، أو شركات لها فروع في إسرائيل ، إلخ. ؟
مؤخرا ً كثير من المسلمين يقولون إنه حرام التعامل مع اليهود على الإطلاق . لحسب معلوماتي المحدودة، حتى عندما قاتل المسلمون اليهود في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم ، لم يمنع التعامل معهم ، وعندما توفي كان درعه مرهوناً عند يهودي على دَيْن . الرجاء إعلامنا بالموقف الصحيح لهذه القضية .

الجواب:

الحمد لله

أولاً : الأصل هو جواز التعامل بالبيع والشراء مع اليهود وغيرهم ، لما ثبت من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع يهود المدينة بالبيع والشراء والقرض والرهن وغير ذلك من المعاملات المباحة في ديننا.

وهؤلاء اليهود الذين تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من أهل العهد ، ومن نقض العهد منهم فقد قُتِلَ أو أُخرِجَ ، أو تُرِكَ لمصلحة .

على أنه قد ثبت ما يدل على جواز البيع والشراء مع الكفار المحاربين .

قال الإمام البخاري رحمه الله :

بَاب الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ .

ثم روى (2216) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً ؟ قَالَ : لا ، بَلْ بَيْعٌ ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً .

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (11/41) :

وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذِّمَّة ، وغيرهم من الكفَّار إذا لم يتحقَّق تحريم ما معه، لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحاً وآلة حرب ، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم . . . اهـ .

وقَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : مُعَامَلَةُ الْكُفَّارِ جَائِزَةٌ , إِلا بَيْعَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ .

ونقل في " المجموع" (9/432) الإجماع على تحريم بيع السلاح لأهل الحرب .

والحكمة من ذلك واضحة ، وهي أن هذا السلاح يقاتلون به المسلمين .

ثانياً : لا شك في مشروعية جهاد أعداء الله المحاربين من اليهود وغيرهم ، بالنفس والمال ، ويدخل في ذلك كل وسيلة تضعف اقتصادهم وتلحق الضرر بهم ، فإن المال هو عصب الحروب في القديم والحديث .

وينبغي على المسلمين عموما التعاون على البر والتقوى ومساعدة المسلمين في كل مكان بما يكفل لهم ظهورهم وتمكينهم في البلاد وإظهارهم شعائر الدين ، وعملهم بتعاليم الإسلام وتطبيقهم للأحكام الشرعية وإقامة الحدود ، وبما يكون سببا في نصرهم على القوم الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم ، فيبذل جهده في جهاد أعداء الله بكل ما يستطيعه، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ ) . رواه أبو داود (2504) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

فعلى المسلمين أن يساعدوا المجاهدين بكل ما يستطيعونه ، وبذل كل الإمكانيات التي يكون فيها تقوية للإسلام والمسلمين ، وعليهم أيضاً جهاد الكفار بما يستطيعونه من القدرة ، وعمل كل ما فيه إضعاف للكفار أعداء الدين ، فلا يستعملونهم كعمال بالأجرة كُتَّاباً أو محاسبين أو مهندسين أو خُداما بأي نوع من الخدمة التي فيها إقرار لهم وتمكين لهم بحيث يجمعون أموال المسلمين ويحاربونهم بها .

والحاصل :

أن من قاطع بضائع الكفار المحاربين وقصد بذلك إظهار عدم موالاتهم ، وإضعاف اقتصادهم ، فهو مثاب مأجور إن شاء الله تعالى على هذا القصد الحسن .

ومن تعامل معهم متمسكاً بالأصل وهو جواز التعامل مع الكفار – لاسيما بشراء ما يحتاج إليه – فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ، ولا يكون ذلك قدحاً في أصل الولاء والبراء في الإسلام .

وقد سئلت اللجنة الدائمة : ما حكم ترك المسلمين التعاون بينهم بأن لا يرضى ولا يحب أن يشتري من المسلمين ، ويرغب في الشراء من الكفار ، هل هذا حلال أم حرام ؟

فأجابت :

الأصل جواز شراء المسلم ما يحتاجه مما أحل الله له من المسلم أو من الكافر ، وقد اشترى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليهود ، لكن إذا كان عدول المسلم عن الشراء من أخيه المسلم من غير سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إلى محبة الشراء من كافر والرغبة في ذلك وإيثاره على المسلم دون مبرر فهذا حرام لما فيه من موالاة الكفار ورضاء عنهم ومحبة لهم ، ولما فيه من النقص على تجار المسلمين وكساد سلعهم ، وعدم رواجها إذا اتخذ المسلم ذلك عادة له ، وأما إن كانت هناك دواع للعدول من نحو ما تقدم فعليه أن ينصح لأخيه المسلم بترك ما يصرفه عنه من العيوب ، فإن انتصح فالحمد لله ، وإلا عدل إلى غيره ، ولو إلى كافر يحسن تبادل المنافع ويصدق في معاملته " اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/18) .

والله أعلم

ahmedaboali
03-25-2009, 01:45 AM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1491


والداي وأخواي ليسوا مسلمين ويصرون على الاحتفال بيوم ميلادي فيرسلون لي رسائل ويتصلون بي ويغنون أغنية عيد الميلاد ، وقد قلت لهم إن هذا اليوم كأي يوم آخر.
أنا المسلمة الوحيدة في العائلة ومتزوجة بمسلم وأعيش في منطقة أخرى في كندا بعيدا عن عائلتي.
هذه السنة فصلت الهاتف ذلك اليوم لكي لا أستقبل مكالماتهم ، فماذا أفعل ؟.

الجواب:

الحمد لله

نهنئك أيتها الأخت الكريمة علىهذا الثبات على الدين ، والإبتعاد عن البدع والشرك ، نسأل الله أن يثبتك ويدخلك جنته إنه سميع مجيب .

واحرصي كل الحرص على عدم التهنئة بأعياد المشركين ، فإنها من التشبه بهم ، ومعناها إقرارهم على باطلهم ، وحبذا لو عرف أهلك لماذا لا تردين عليهم حتى لا يتكرر منهم الإتصال .. واسألي الله الثبات . وفقك الله لما يحبه ويرضاه ،

والله أعلم .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 01:46 AM
السؤال: 1492


هل يجوز للرجل المتمسك بالإسلام أن يتحدث إلى شخص مسلم بالاسم يشرب الكحول ولا يصلي ، وأن تنشأ بينهما مودة وصداقة ويتخذه مساعدا له ؟ ما هو الحكم في اتخاذ أمثال هؤلاء ( الذين لا يمارسون شعائر الدين وهم يخالفون أوامر الله ) أصدقاء ومساعدين ؟.

الجواب:

الحمد لله

المعاصي على نوعين :

النوع الأول : معاص مكفرة ، وهي التي تؤدي بالإنسان إلى الخروج من الملة والعياذ بالله ، وصاحب هذه المعاصي كافر خارج من الملة متى توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع ، كمن يشرك بالله ، أو يترك الصلاة تركاً كاملاً ، ونحو ذلك .

النوع الثاني : معاص غير مكفرة ، وهي التي لا تخرج الإنسان من الملة ، لكن يوصف فاعلها بأنه فاسق ، ومؤمن ناقص الإيمان ، كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك ، ما لم يستحلها ، فإن استحل الحرام خرج من الملة ، إذا انطبقت عليه شروط التكفير وانتفت موانعه ، فعقيدة أهل السنة والجماعة وإجماع السلف على عدم تكفير صاحب الكبيرة ما لم يستحلها ، وراجع لذلك إجابة السؤال رقم ( 9924 ) .

إذا علم هذا ، فمصاحبة الناس ينبني حكمها على ما سبق .

فلا يجوز اتخاذ الكافرين أولياء ، أو مخالطتهم مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على المؤمنين أو مودتهم ونحو ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، لكن يجب العدل معهم وعدم ظلمهم والاعتداء عليهم بغير وجه شرعي ، ويجوز التعامل معهم بالبيع والشراء والقرض ونحو ذلك ، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية سلاحاً، وصح أنه اشترى من اليهود طعاماً .

أما عصاة المؤمنين ، فتجب محبتهم بقدر ما معهم من إيمان ، ويجب بغضهم بقدر ما معهم من فسق ومعصية ، أما اتخاذهم أصدقاء ، فهذا مما يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَة ً) رواه مسلم برقم ( 2628 ) ، فصديق السوء يورد الإنسان المهالك ، ويضره أكثر مما ينفعه ، وفرق بين أن أوالي ذلك الشخص ، وأحبه لأن معه وصف الإيمان ، وبين أن أصاحبه فآخذ منه ويأخذ مني .

لكن إن كان القصد من الجلوس مع ذلك الشخص تأليف قلبه بغرض الدعوة إلى الله تعالى ، وإرشاده إلى طريق الهداية ، فهذا من الأعمال الفاضلة ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ) فصلت/33 ، لكن بشرط ألا يؤثر ذلك عليك ، فتضر نفسك من حيث تريد أن تنفعها .

وبناء على ما سبق ، فإن الشخص المسؤول عنه ، إن كان تاركا للصلاة بالكلّية ، فهو كافر ، لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وهو قول السلف ، أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر ، مخرجا من الملة ، وراجع لأدلة ذلك ، الأسئلة التالية ( 2182 ، 5208 ، 6035 ، 33007 ، 10094 ) ، وعليه فلا تجوز مودته ، ولا موالاته ، بل يدعى إلى التوبة إلى الله عز وجل ، والالتزام بالصلاة ، وقد قال تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) التوبة/11

واعلم أن مصاحبة الأخيار مما أوصى به ربنا جل وعلا ، ونبينا صلى الله عليه وسلم ، كما سبق في الحديث المتقدم ، وكما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) التوبة /119 ، وقال تعالى ( واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الكهف/28 ، والله أعلم

للمزيد راجع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( 3 / 31 ).

ahmedaboali
03-25-2009, 01:46 AM
السؤال: 1493


ابنتي تدرس في مدرسة حكومية وكي تشعر بالراحة كونها مسلمة بين غير المسلمين ، اقترحت على المدرسة أن أفعل شيئاً لفصلها في رمضان والعيد ، هل لديك أي اقتراح لما يمكن أن أفعله لروضة الأطفال ؟.

الجواب:

الحمد لله

أولاً :

لا شك أن الإقامة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه ، ولذلك ينبغي الحذر من ذلك والتحفظ منه ، ووضع الشروط التي تمنع من الوقوع في ذلك الخطر المتحتم ، فلابدّ لمن يقيم في بلاد الكفر أن يتوفر فيه شرطان هما :

1- أن يأمن على دينه بأن يكون عنده من العلم والإيمان ما يقوى على الثبات على دينه والبعد عن الانحراف والزيغ .

2- أن يتمكن من إظهار دينه المتمثّل في إقامة شعائر الإسلام دون وجود مانع ، وإلاّ لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، قال ابن قدامة رحمه الله في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : ( أحدها من تجب عليه ، وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار ، فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) النساء /97 ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورات الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) . انظر : المغني (8/457) ومجموع فتاوى ابن عثيمين (3/25–30) .

وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وهناك حالات يجوز فيها للمسلم أن يقيم في بلاد الكفار

ثانياً :

أن الذي يقيم هناك بين الكفار لحاجة كالدراسة مثلاً فإن الخطر أعظم ، لأن المتعلم سيشعر بحاجته إلى معلمه مما يؤدي إلى التودد إليه بل ومداهنته فيما هو عليه ، وكذلك فإن المتعلم يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة مدرسه ومعلمه فيحصل تعظيمه والاقتناع بآرائه ، ثم إن المتعلم لابد وأن يكون له في مقر دراسته أصدقاء يتخذهم ، ولهذا كله كان وجوب التحفظ أكثر والحذر أشد ، فيشترط فيه بالإضافة لما سبق شروط منها :

1- أن يكون المتعلم على مستوى كبير من النضوج العقلي ، حتى يميز بين الحق والباطل ، ولهذا كان بعث صغار السن فيه خطر عظيم على دينهم وأخلاقهم وتصوراتهم ومعتقداتهم .

2- أن يكون لديه علم بالشريعة يتمكن به من مقارعة الباطل بالحق ، لئلا يلتبس عليه وينخدع بهم .

3- أن يكون عنده دين وإيمان يحميانه من الكفر والفسوق ، فضعيفهما لا يسلم .

4- أن تكون عنده حاجة إلى العلم الذي أقام من أجله ، بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد مثله في مدارس المسلمين ، وإلا لم تجز الإقامة عندهم .

ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) رواه أبو داود ( 2645 ) والترمذي ( 1604 ) وصححه الألباني في الإرواء ( 1207 ) .

ولهذا كله وجب التحفظ والحذر في هذا الأمر ، خاصة في بعث الأحداث وصغار السن للانضمام في مدارسهم أو حتى ما يسمى بروضة الأطفال ، إذ فيه خطر على سلوكهم وتصوراتهم وأخلاقهم

ولا يخفى عليك أن الخطر الذي يلحق أولادك غير مقتصر بمشاركتهم لهم في أعيادهم ، بل إنه حاصل بمجرد المخالطة والتعايش معهم ، فعليك أيها الأب الكريم أن تكون فطناً في ذلك كله مدركاً لهذه الأخطار قائماً على وقاية أبنائك من أن يتلوثوا بأفكارهم ويتأثروا بهم ، والله تعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) التحريم /6 .

وأبناؤك أمانة في عنقك ، فإن استطعت ألا يدرسوا إلا بمدرسة إسلامية وألا يتعلموا إلا من معلمين مسلمين فافعل ، والسلامة لا يعدلها شيء ، فكن حذراً من كل ما يضر دينهم وسلوكهم ، وأسأل الله لك الإعانة وأن يسددك وييسر لك الخير أينما كنت .

وبالله التوفيق .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:46 AM
السؤال: 1494


هل يجوز للمسلم أن يحي غير المسلم أولاً ؟.

الجواب:

الحمد لله

سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم السلام على غير المسلمين ، فأجاب بقوله :

البدء بالسلام على غير المسلمين محرّم ولا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ) ، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم ، لعموم قوله تعالى : ( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها ) ، وكان اليهود يسلّمون على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليك يا محمد ، والسام بمعنى الموت . يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم "

فإذا سلّم غير المسلم على المسلم وقال : " السام عليكم " فإننا نقول : وعليكم " . وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وعليكم " دليل على أنهم إذا كانوا قد قالوا : السلام عليكم فإن عليهم السلام فكما قالوا نقول لهم ، ولهذا قال بعض أهل العلم : إن اليهودي أو النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح : " السلام عليكم " جاز أن نقول : عليكم السلام .

ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن السلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .

إذا فنقول في خلاصة الجواب : لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم ، والمسلم أعلى مرتبة عند الله ـ عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلّ نفسه في هذا . أما إذا سلّموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلّموا .

وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحيّة مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيهم فهو كابتداء السلام عليهم "

( مجموع الفتاوى 3/33)

وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها حينئذٍِ ، ولتكن بغير السلام ، كما لو قال له : أهلاً وسهلاً أو كيف حالك ونحو ذلك . لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه .

انظر : "الموسوعة الفقهية" (25/168) .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :

( و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ) اهـ .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:47 AM
السؤال: 1495


ما هي حدود التشبه بالغرب ؟؟ هل كل ما هو حديث وجديد ويأتينا من الغرب فهو تشبه بهم ؟؟ بمعنى آخر : كيف نطلق الحكم على شيء ما بأنه محرم لأنه تشبه بالكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (اللباس / 3512) قال الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح . برقم (3401)

قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيّ : أَيْ تَزَيَّى فِي ظَاهِره بِزِيِّهِمْ , وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيهمْ فِي مَلْبَسهمْ وَبَعْض أَفْعَالهمْ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسه بِالْكُفَّارِ مَثَلا مِنْ اللِّبَاس وَغَيْره , أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوْ الْفُجَّار أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّف وَالصُّلَحَاء الأَبْرَار ( فَهُوَ مِنْهُمْ ) : أَيْ فِي الإِثْم وَالْخَيْر .

قَالَ شَيْخ الإِسْلام اِبْن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم : وَقَدْ اِحْتَجَّ الإِمَام أَحْمَد وَغَيْره بِهَذَا الْحَدِيث , وَهَذَا الْحَدِيث أَقَلّ أَحْوَاله أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيم التَّشَبُّه بِهِمْ كَمَا فِي قَوْله { مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } وَهُوَ نَظِير قَوْل عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ : مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوت حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَقَدْ يُحْمَل هَذَا عَلَى التَّشَبُّه الْمُطْلَق فَإِنَّهُ يُوجِب الْكُفْر , وَيَقْتَضِي تَحْرِيم أَبْعَاض ذَلِكَ , وَقَدْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْر الْمُشْتَرَك الَّذِي يُشَابِههُمْ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَة أَوْ شِعَارًا لَهَا كَانَ حُكْمه كَذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّشَبُّه بِالأَعَاجِمِ , وَقَالَ : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى . وَبِهَذَا اِحْتَجَّ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة أَشْيَاء مِنْ زِيّ غَيْر الْمُسْلِمِينَ . أهـ . انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود .

والتشبه بالكفار على قسمين :

تشبه محرَّم ، وتشبه مباح .

القسم الأول : التشبه المحرّم : وهو فعل ما هو من خصائص دين الكفار مع علمه بذلك ، ولم يرد في شرعنا .. فهذا محرّم ، وقد يكون من الكبائر ، بل إن بعضه يصير كفراً بحسب الأدلة .

سواء فعله الشخص موافقة للكفار ، أو لشهوة ، أو شبهة تخيل إليه أنّ فعله نافع في الدنيا والآخرة .

فإن قيل هل من عمل هذا العمل وهو جاهل يأثم بذلك ، كمن يحتفل بعيد الميلاد ؟

الجواب : الجاهل لا يأثم لجهله ، لكنه يعلّم ، فإن أصر فإنه يأثم .

القسم الثاني : التشبه الجائز : وهو فعل عمل ليس مأخوذاً عن الكفار في الأصل ، لكن الكفار يفعلونه أيضاً . فهذا ليس فيه محذور المشابهة لكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة .

" التشبه بأهل الكتاب وغيرهم في الأمور الدنيوية لا يباح إلا بشروط

1- أن لا يكون هذا من تقاليدهم وشعارهم التي يميّزون بها .

2- أن لا يكون ذلك الأمر من شرعهم ويثبت ذلك أنه من شرعهم بنقل موثوق به ، مثل أن يخبرنا الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله أو بنقل متواتر مثل سجدة التحية الجائزة في الأمم السابقة .

3- أن لا يكون في شرعنا بيان خاص لذلك ، فأما إذا كان فيه بيان خاص بالموافقة أو المخالفة استغنى عن ذلك بما جاء في شرعنا .

4- أن لا تؤدي هذه الموافقة إلى مخالفة أمر من أمور الشريعة .

5- أن لا تكون الموافقة في أعيادهم .

6- أن تكون الموافقة بحسب الحاجة المطلوبة ولا تزيد عنها ."

انظر كتاب السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار لسهيل حسن ص 58- 59.



الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 01:47 AM
السؤال: 1496


إن الله تعالى يقول في كتابه عن النصارى : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ..) المائدة / 82
ومعلوم لدينا في الوقت الحاضر عداوتهم الشديدة للإسلام والمسلمين فما موقفنا منهم ؟ وهل تجوز اللعنة عليهم كما جازت على اليهود ؟ هذا السؤال يحيرني كثيراً .


الجواب:

الحمد لله

ليس في الثناء المذكور في هذه الآيات ما يوجب الحيرة في شأن النصارى والتوقف في لعنتهم فإن الموصوفين بتلك الصفات ليس المقصود بهم جميع النصارى ، بل طائفة منهم استجابت للحق ولم تستكبر عن اتباعه، وهذا هو الذي يقتضيه سياق الآيات المسؤول عنها ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) المائدة / 82 – 83 ، فالآيات تتحدث عن قوم من النصارى لما عرفوا الحق أسلموا وأعلنوا إيمانهم .

قال العلامة ابن القيم في هذه الآيات :

والمقصود أن هؤلاء أي الموصفين بهذه الصفات الذين عرفوا أنه رسول الله بالنعت الذي عندهم فلم يملكوا أعينهم من البكاء وقلوبهم من المبادرة إلى الإيمان .

أما لعنة من لم يؤمن بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النصارى فلا يحصى ما جاء من الأدلة القطعية الدالة على ذلك ، ومنها ما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في مرضه الذي لم يقم منه : ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) وكيف لا يلعن من وصف الله قوله في كتابه إذ يقول : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة / 72 ، وإذ يقول : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) المائدة / 73

إلى غير ذلك من النصوص المتضمنة لكفرياتهم وضلالاتهم .

ومن الآيات المصرحة بمصيرهم قوله تعالى في آخر تلك الآيات التي ذكرها السائل : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) المائدة / 86

فتوى الشيخ ابن إبراهيم بتصرف . مجلة البحوث الإسلامية (58/36-39) .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:47 AM
السؤال: 1497


هل التأريخ بالتاريخ الميلادي يعتبر من مولاة الكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

لا يعتبر مولاة ، لكن يعتبر تشبهاً بهم .

والصحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلادي موجوداً في عصرهم ، ولم يستعملوه ، بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجري .

وضعوا التاريخ الهجري ولم يستعملوا التاريخ الميلادي مع أنه كان موجوداً في عهدهم ، هذا دليل على أن المسلمين يجب أن يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار ، لاسيما وأن التاريخ الميلادي رمز على دينهم ، لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السنة ، وهذه بدعة ابتدعها النصارى ، فنحن لا نشاركهم ولا نشجهم على هذا الشيء . وإذا أرّخنا بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم .

وعندنا والحمد لله التاريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد بحضرة المهاجرين والأنصار ، هذا يغنينا . انتهى


فضيلة الشيخ صالح الفوزان في كتاب المنتقى 1/257

ahmedaboali
03-25-2009, 01:48 AM
السؤال: 1498


تاجر مسلم عرض عليه فرص تجارية ذهبية عبر بيع معدات أو أغذية أو القيام بعقود صيانة ونقليات وتركيبات لجيش كافر يحارب المسلمين ، فما حكم هذه الأعمال التجارية ؟.

الجواب:

الحمد لله

قرر علماء الإسلام أنه لا يجوز مظاهرة الكفار على المسلمين وأن ذلك كفر وردة لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) الآية المائدة / 51

وقد نص فقهاء الإسلام في كتبهم من أئمة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم من فقهاء الإسلام على تحريم بيعهم ما يستعينون به على المسلمين سلاحاً أو عتاداً أو دواباً فلا يجوز أن يعطوا طعاماً ولا أن يباع لهم طعام ولا شراب ولا ماء ولا خيام ولا شاحنات ولا نقل ولا أن تعقد معهم عقود صيانة أو نقليات ونحو ذلك كله حرام في حرام وآكله يأكل سحتاً ، والسحت النار أولى به .

فلا يجوز أن يباعوا تمرة و لا أن يعطوا ما يستعينون به على عدوانهم ومن فعل ذلك فالنار النار وكل كسب خبيث فالنار أولى به بل إنه من أخبث الخبث .

لا يجوز أن يعطوا شيئاً فيه أدنى إعانة على المسلمين

قال النووي في "المجموع" :

وَأَمَّا بَيْعُ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ فَحَرَامٌ بِالإِجْمَاعِ ..اهـ .

وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" :

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ السِّلاحِ فِي الْفِتْنَةِ . . . وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَتَضَمَّنُ الإِعَانَةَ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ , وَفِي مَعْنَى هَذَا كُلُّ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَبَيْعِ السِّلاحِ لِلْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ . . . أَوْ إجَارَةُ دَارِهِ لِمَنْ يُقِيمُ فِيهَا سُوقَ الْمَعْصِيَةِ , وَبَيْعِ الشَّمْعِ أَوْ إجَارَتِهِ لِمَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَيْهِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إعَانَةٌ عَلَى مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيُسْخِطُهُ اهـ

وفي الموسوعة الفقهية (25/153) :

يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ وَلِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ إثَارَةَ الْفِتْنَةِ بَيْنَهُمْ , وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْمِلَ إلَى عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ سِلَاحًا يُقَوِّيهِمْ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَلا كُرَاعًا , وَلا مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى السِّلاحِ وَالْكُرَاعِ (الكراع هي الخيل) ; لأَنَّ فِي بَيْعِ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَبَاعِثًا لَهُمْ عَلَى شَنِّ الْحُرُوبِ وَمُوَاصَلَةِ الْقِتَالِ , لاسْتِعَانَتِهِمْ بِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ .

وهذه المسألة ليست من المعاصي العادية أو الصغائر بل إنها مسألة متعلقة بأصل العقيدة والتوحيد وموالاة المسلم لدين الله وبراءته من أعداء الله هكذا نص الأئمة في كتبهم على هذا .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274) :

"وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة / 51 ".

ahmedaboali
03-25-2009, 01:48 AM
السؤال: 1499


هل يجوز أن نقيم حفلاً لتوديع موظف غير مسلم كان يعمل معنا ؟.

الجواب:

الحمد لله

إقامة حفل لتوديع الكفار فيه نوع إكرام وتعظيم لهم ، وهم ليسوا أهلاً للإكرام وقد كفروا بالله تعالى وسبوه وتجرأوا عليه .

روى الإِمَامُ أَحْمَد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قُلْت لِعُمَرِ : إنَّ لِي كَاتِبًا نَصْرَانِيًّا قَالَ : ما لَك قَاتَلَك اللَّهُ ! أَمَا سَمِعْت اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) المائدة /51 . أَلا اتَّخَذْت حَنِيفِيًّا (يعني : مسلماً) قَالَ : قُلْت : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِي كِتَابَتُهُ وَلَهُ دِينُهُ . قَالَ : لا أُكْرِمُهُمْ إذْ أَهَانَهُمْ اللَّهُ ، وَلا أُعِزُّهُمْ إذْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ ، وَلا أُدْنِيهِمْ إذْ أَقْصَاهُمْ اللَّهُ .

انظر "مجموع الفتاوى" (25/327) .

وقال عمر بن الخطاب أيضاً في خصوص النصارى : أهينوهم ولا تظلموهم ، فقد سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر .

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم إقامة حفل توديع للكافر عند انتهاء عمله ؟ وحكم تعزية الكافر ؟ وحكم حضور أعياد الكفار ؟

فأجاب بقوله : "هذا السؤال تضمن مسائل :

الأولى : إقامة حفل توديع لهؤلاء الكفار0 لا شك أنه من باب الإكرام أو إظهار الأسف على فراقهم ، وكل هذا حرام في حق المسلم قال النبي صلى لله عليه وسلم : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ) . والإنسان المؤمن حقاً لا يمكن أن يكرم أحداً من أعداء الله تعالى والكفار أعداء الله بنص القرآن قال الله تعالى : ( مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ) البقرة/98 .

المسألة الثانية : تعزية الكافر إذا مات له من يعزى به من قريب أو صديق . وفي هذا خلاف بين العلماء فمن العلماء من قال : إن تعزيتهم حرام ، ومنهم من قال : إنها جائزة . ومنهم من فصل في ذلك فقال : إن كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامهم ، وكف شرهم الذي لا يمكن إلا بتعزيتهم ، فهو جائز وإلا كان حراماً .

والراجح أنه إن كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً وإلا فينظر في المصلحة .

المسألة الثالثة : حضور أعيادهم ومشاركتهم أفراحهم ، فإن كانت أعياداً دينية كعيد الميلاد فحضورها حرام بلا ريب ، قال ابن القيم رحمه الله : لا يجوز الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله ، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم. والله الموفق" اهـ .

مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/303) .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:49 AM
السؤال: 1500


الآية في سورة المائدة التي تحرم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ، هل تعني عدم اتخاذهم أصدقاء أو حماية لنا؟ لأن البعض يقول : إن الآية تعني فقط مساعدين ولكن في الترجمة الإنجليزية تعني أصدقاء وإذا لم تكن تعني أصدقاء فكيف نحب الزوجة غير المسلمة ونعاملها حسب الشريعة الإسلامية ؟ .

الجواب:

الحمد لله

التعامل مع اليهود والنصارى وسائر الكفار له ضوابط وحدود حددتها الشريعة الإسلامية ، ومن تلك الضوابط ما يلي :

أولا : أنه يجوز الحديث مع الكافر والتحدث إليه في الأمور المباحة .

ثانيا : لا يجوز اتخاذ الكافرين أولياء ، واتخاذهم أولياء له العديد من الصور والأشكال ، فمنها مخالطتهم مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على المؤمنين أو مودتهم ونحو ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) المجادلة /22 .

ثالثا : يجوز التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والقرض ونحو ذلك ، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية سلاحاً، وصح أنه اشترى من اليهود طعاماً .

أما معاملة الزوجة الكتابية ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة /8 . فالعدل مع الزوجة الكتابية والإحسان إليها جائز ، ولا حرج في ذلك ، ولا يدخل ذلك في موالاتها .

قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/270) :

"لا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْمُشْرِكَةَ ; لقوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) , وَيَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ الْكِتَابِيَّةَ ; لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) . وَالْفَرْقُ أَنَّ الأَصْلَ أَنْ لا يَجُوزَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْكَافِرَةَ ; لأَنَّ ازْدِوَاجَ الْكَافِرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ مَعَهَا مَعَ قِيَامِ الْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ لا يَحْصُلُ السَّكَنُ وَالْمَوَدَّةُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ إلا أَنَّهُ جَوَّزَ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ ; لِرَجَاءِ إسْلامِهَا ; لأَنَّهَا آمَنَتْ بِكُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فِي الْجُمْلَةِ , وَإِنَّمَا لم تؤمن على سبيل التفصيل إيماناً صحيحاً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُخْبِرَتْ عَنْ الأَمْرِ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَتَى نُبِّهَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ تَنَبَّهَتْ , هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الَّتِي بُنِيَ أَمْرُهَا عَلَى الدَّلِيلِ دُونَ الْهَوَى وَالطَّبْعِ , وَالزَّوْجُ يَدْعُوهَا إلَى الإِسْلامِ وَيُنَبِّهُهَا عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فَكَانَ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِ إيَّاهَا رَجَاءُ إسْلامِهَا فَجَوَّزَ نِكَاحَهَا لِهَذِهِ الْعَاقِبَةِ الْحَمِيدَةِ بِخِلافِ الْمُشْرِكَةِ , فَإِنَّهَا فِي اخْتِيَارِهَا الشِّرْكَ بالله ، وعدم إيمانها بالأنبياء والرسل ما يدل على أنها أَنَّهَا لا تَنْظُرُ فِي الْحُجَّةِ والدليل وَلا تَلْتَفِتُ إلَيْهَا عِنْدَ الدَّعْوَةِ ، وإنما تبقى على تقليد الآباء ، واتباع الهوى ، فَيَبْقَى ازْدِوَاجِ الْكَافِرِ مَعَ قِيَامِ الْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ الْمَانِعَةِ عَنْ السَّكَنِ وَالْمَوَدَّةِ خَالِيًا عَنْ الْعَاقِبَةِ الْحَمِيدَةِ فَلَمْ يَجُزْ نْكَاحُهَا اهـ بتصرف .

وقال في "حاشية العدوي" (1/273) :

"قَوْلُهُ : (وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك) أَيْ : نَطْرَحُ مَوَدَّةَ الْعَابِدِ لِغَيْرِك ، وَلا نُحِبُّ دِينَهُ وَلا نَمِيلُ إلَيْهِ . وَلا يُعْتَرَضُ هَذَا بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ لأَنَّ فِي تَزَوُّجِهَا مَيْلًا لَهَا لأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُرَادُ هُوَ بُغْضُ الدِّينِ اهـ

ahmedaboali
03-25-2009, 01:49 AM
السؤال: 1501


رجل أسلم وأحب الإسلام وأهله ويبغض الشرك وأهله ، وبقي في بلده الذي يَكْرَهُ أهلها الإسلام ويحاربونه ويقاتلون المسلمين ، ولكنه يشق عليه ترك الوطن فلم يهاجر ، فما الحكم ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" هذا الرجل يحرم عليه بقاؤه في هذا البلد ويجب عليه أن يهاجر فإن لم يفعل فليرتقب قول الله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً . إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ) النساء/ 97

فالواجب على هذا إذا كان قادراً على الهجرة أن يهاجر إلى بلد الإسلام ، وحينئذ سوف ينسلخ من قلبه محبة البلد التي هاجر منها وسوف يرغب في بلاد الإسلام ، أما كونه لا يستطيع مفارقة بلد يحارب الإسلام وأهله لمجرد أنها وطنه الأول فهذا حرام ولا يجوز له البقاء فيها .



انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/32 .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:50 AM
السؤال: 1502


ورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال : " لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " أليس في العمل بهذا تنفير عن الدخول في الإسلام ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" يجب أن نعلم أن أسدَّ الدعاة في الدعوة إلى الله هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن أحسن المرشدين إلى الله هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا علمنا ذلك فإن أي فهم نفهمه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكان مجانباً للحكمة فالواجب علينا أن نتهم هذا الفهم ، وأن نعلم أن فهمنا لكلام النبي صلى الله عليه وسلم خطأ ، لكن ليس معنى ذلك أن نقيس أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما ندركه من عقولنا وأفهامنا ؛ لأن عقولنا وأفهامنا قاصرة ، لكن هناك قواعد عامة في الشريعة يرجع إليها في المسائل الخاصة الفردية .

فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " والمعنى : لا تتوسعوا لهم إذا قابلوكم حتى يكون لهم السعة ويكون الضيق عليكم بل استمروا في اتجاهكم وسيركم ، واجعلوا الضيق إن كان هناك ضيق على هؤلاء، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذا رأى الكافر ( كاليهود الذين في المدينة ) ذهب يزحمه إلى الجدار حتى يرصه على الجدار ولم يفعل ذلك الصحابه رضي الله عنهم بعد فتوح الأمصار .

فالمعنى أنكم كما لا تبدؤونهم بالسلام لا تفسحوا لهم فإذا لقوكم فلا تتفرقوا حتى يعبروا بل استمروا على ما أنتم عليه واجعلوا الضيق عليهم إن كان في الطريق ضيق ، وليس في الحديث تنفير عن الإسلام بل فيه إظهار لعزة المسلم ، وأنه لا يذل لأحد إلا لربه عز وجل .

انتهى - بتصرف يسير – من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/38 .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:50 AM
السؤال: 1503


ما حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ) الممتحنة / 4 ، وقال تعالى : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) المجادلة / 22 .

وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة / 1 .

أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به ، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به . وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم - رحمه الله -."


انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/31

ahmedaboali
03-25-2009, 01:50 AM
السؤال: 1504


إذا سلم الكافر على المسلم فهل يرد عليه ؟ وإذا مد يده للمصافحة فما الحكم ؟ وكذلك خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" إذا سلم الكافر على المسلم سلاماً بيناً واضحاً فقال : السلام عليكم ، فإنك تقول : عليك السلام ، لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء / 86 ، أما إذا لم يكن بيناً واضحاً فإنك تقول : وعليك .

وكذلك لو كان سلامه واضحاً يقول فيه : السام عليكم يعني الموت فإنه يقال : وعليك .

فالأقسام ثلاثة :

الأول : أن يقول بلفظ صريح : " السام عليكم ". فيجاب : " وعليكم ".

الثاني : أن نشك هل قال : " السام " أو قال : "السلام" ، فيجاب : "وعليكم" .

الثالث : أن يقول بلفظ صريح : "السلام عليكم" . فيجاب : "عليكم السلام" ؛ لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ :

" فلو تحقق السامع أن الذي قال له : سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول : وعليك السلام أو يقتصر على قوله : وعليك ؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له : وعليك السلام ، فإن هذا من باب العدل ، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان ، وقد قال تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) . فندب إلى الفضل ، وأوجب العدل ، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما ، فإنه صلى الله عليه وسلم ، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد : وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم ، ثم قال ابن القيم : والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه . قال الله تعالى : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) المجادلة / 8 .

فإذا زال هذا السبب ، وقال الكتابي : سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه . أ.هـ أحكام أهل الذمة 200 /1.

وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليكم ، فقولوا : وعليك " . والسام هو الموت .

وإذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه .

وأما خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي فمكروه ، لكن ضع الكأس على الطاولة ولا حرج .


انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/36 .

ahmedaboali
03-25-2009, 01:51 AM
السؤال: 1505


إذا وجد الإنسان شخصاً غير مسلم في الطريق وطلب إيصاله فما الحكم ؟ وهل يجوز الأكل مما مسته أيدي الكفار ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" إذا وجدت شخصاً غير مسلم في الطريق فلا حرج عليك أن توصله معك في سيارتك لأن الله يقول : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة / 8 .

أما الأكل مما مسته أيدي الكفار فجائز ، لأن نجاسة الكافر نجاسة معنوية لا حسية ."


انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/44 .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:16 AM
نبدا ببسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: 1601


كيف نستفيد مما عند الكفار دون الوقوع في المحظور ؟ وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : عبادات .

القسم الثاني : عادات .

القسم الثالث : صناعات وأعمال .

أما العبادات : فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم ، ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم فقد يكون ذلك مؤدياً إلى كفره وخروجه من الإسلام .

وأما العادات : كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى الله عليكم وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " .

وأما الصناعات والحِرَف : التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه ، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة التي لا يعد مَن قام بها متشبهاً بهم .

وأما قول السائل : " وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟ ".

فنقول : إن المصالح المرسلة لا ينبغي أن تجعل دليلاً مستقلاً ، بل نقول : هذه المصالح المرسلة إن تحققنا أنها مصلحة فقد شهد لها الشرع بالصحة والقبول وتكون من الشرع .

وإن شهد لها بالبطلان فإنها ليست مصالح مرسلة ولو زعم فاعلها أنها مصالح مرسلة .

وإن كان لا هذا ولا هذا فإنها ترجع إلى الأصل ، إن كانت من العبادات فالأصل في العبادات الحظر ، وإن كانت من غير العبادات فالأصل فيها الحل ، وبهذا يتبين أن المصالح المرسلة ليست دليلاً مستقلاً . "


انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/40 .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:17 AM
السؤال: 1602


إني فتاة في الخامسة عشرة من عمري وأهلي يكثرون من السفر للخارج ويجبرونني على السفر معهم وعلى خلع العباءة ولبس ملابس أخرى ، علما بأني أستر رجلي تماما وإني أشعر بضيق ، ولا أستطيع لبس العباءة لأنني أحرج ويستغرب الناس فما الحل ؟.

الجواب:

الحمد لله

كل هذا ليس بعذر ، فالحق من شأنه أن يستغربه الناس لا سيما منهم من نشأ على الباطل ، فعليك ألا تسافري - إن أمكن - إلى بلاد الكفر ، فالمسافر عندما يشاهد الأوروبيين وغيرهم من ملة الكفر على هذه الحالة السيئة يخف وقع أوامر الإسلام في قلبه ولا يبالي بها ، فقد يستغرب أول ما يرى ما هم فيه وينكر عليهم ويبغض هذا الشيء ، لكن بالتكرار يألفه ويعتاده ، وربما مالت نفسه إليه ، فلا يجوز السفر مهما كانت الحالة ، إلا في الحالات الضرورية . والله أعلم .


فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 22.

ahmedaboali
03-25-2009, 03:18 AM
السؤال: 1603


من لبس غير زي المسلمين هل عليه ضرر في دينه وصلاته أم لا ؟ وهل لبس النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبسه الأجناد في زماننا من قباء وغيره مما هو ضيق الكمين أم لا ؟

الجواب:

الحمد لله

يُنهى عن التشبه بالكفار في لباس وغيره ، للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك وتنقص به صلاته ، وثبت في صحيح البخاري وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس قباء في بعض الأوقات ، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة شامية ضيقة الكمين . والله أعلم .

من فتاوى الإمام النووي ص 61 .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:19 AM
السؤال: 1604


لدي بعض الجارات من غير المسلمات ومسلمات أيضا ، لكن لي عليهن بعض الملاحظات ، ما حكم تبادل الزيارات فيما بيننا ؟.

الجواب:

الحمد لله

تبادل الزيارات في مثل هذا إذا كان للتوجيه والنصح والتعاون على البر والتقوى طيب مأمور به ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله عز وجل وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتزاورين فيّ والمتجالسين فيّ والمتباذلين فيّ ) أخرجه الإمام مالك رحمه الله بإسناد صحيح ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) وذكر منهم : ( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) مثل بالرجلين ، والحكم يعم الرجلين والمرأتين ، فإذا كانت الزيارة لمسلمة أو نصرانية أو غيرهما لقصد الدعوة إلى الله وتعليم الخير والإرشاد إلى الخير لا لقصد الطمع في الدنيا والتساهل بأمر الله فهذا كله طيب ، فإذا زارت المسلمة أختها في الله ونصحتها عن التبرج والسفور وعن التساهل بما حرم الله من سائر المعاصي ، أو زارت جارة لها نصرانية أو غير نصرانية كبوذية أو نحو ذلك لتنصحها وتعلمها وترشدها فهذا شيء طيب ويدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة ) فإن قبلت فالحمد لله وإن لم تقبل تركت الزيارة التي لم يحصل منها فائدة .

أما الزيارة من أجل الدنيا أو اللعب أو الأحاديث الفارغة أو الأكل أو نحو ذلك - فهذه الزيارة لا تجوز للكافرات من النصارى أو غيرهن . لأن هذا قد يجر الزائرة إلى فساد دينها وأخلاقها ، لأن الكفار أعداء لنا وبغضاء لنا ، فلا ينبغي أن نتخذهم بطانة ولا أصحابا ، لكن إذا كانت الزيارة للدعوة إلى الله والترغيب في الخير والتحذير من الشر فهذا أمر مطلوب ، كما تقدم ، وقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة الممتحنة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الآية .


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/378

ahmedaboali
03-25-2009, 03:19 AM
السؤال: 1605


أنا طالب مسلم ، وأنا أعيش حالة ضياع بين مصاحبة المسلمين وغير المسلمين . ففي أيام الجمع عادة، فأنا أبقى مع المسلمين ، أما في باقي أيام الأسبوع، فأبقى مع غير المسلمين في الجامعة . ومشكلتي هي أني أميل إلى قضاء جزء كبير من وقتي مع غير المسلمين. ومع وجود الإغراءات من حولي ، فأنا لا أعرف كيف أفعل مع النساء . أنا لا أشرب الخمر، ولا أدخن، لكن عندما يتعلق الأمر بالنساء ، فإني أصبح ضعيفا . وبسبب مواقفي الإسلامية ، فإن الفتيات يجدنني لطيفا بالمقارنة مع أصدقائي الآخرين . وأنا أتمنى لو أني أعرف بعض الأخوات المسلمات ، اللآتي أحترمهن حقا ، لأتمكن من التحدث إليهن (من منظور إسلامي) ولا أضطر عندها لأن أقضي وقتي مع الفتيات غير المسلمات . كنت أحاول منذ وقت طويل ، لكن أحيانا يكون مجرد المحاولة لا يكفي . فبماذا تنصحني ؟.

الجواب:

الحمد لله

سؤالك يدل على وجود الخير في قلبك ومحبتك له وحرصك ورغبتك في الالتزام الكامل بما أمر الله عز وجل به .

وقد ذكرت في سؤالك عدة قضايا :

الأولى :

أنك تخالط المسلمين وغير المسلمين , فاعلم يا أخي أن علاقة المسلم مع المسلمين تختلف عن علاقته مع غيرهم , وذلك أن المسلم يجب عليه أن يوالي أخاه المسلم , بأن يكن له المحبة القلبية والتقدير والاحترام , كما قال الله عز وجل : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة / 71 ولإخوانك المسلمين عليك حقوق يجب أن تؤديها إليهم ,

أما غير المسلم فالواجب على المسلم أن يتبرأ منه , ولا يُكِن له أي مودة قلبية , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الممتحنة / 1 . وقال تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .

ولكن هذا لا يمنعه من التعامل معه بأسلوب حسن ترغيبا له في الإسلام , على أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية , كما قال تعالى : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة / 8 .

وعلى المسلم أن يحرص كل الحرص على دعوة غير المسلمين إلى الإسلام بكل الوسائل الشرعية الممكنة , والتي يرجى معها النفع والاستجابة , كما قال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل / 125 .

وقال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت /33 .

وروى مسلم في "صحيحه" (2674) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " .

الثانية :

أنك تميل إلى قضاء جزء كبير من وقتك مع غير المسلمين , وقد عبرت عن ذلك بأنه مشكلة , وهو كذلك بالفعل , لأن مخالطة المسلم لغير المسلمين وفي مجتمع غير إسلامي مع الميل إليهم , هذا مما يؤثر على الإنسان في عقيدته ودينه وخلقه ( لا سيما وقد ذكرت في سؤالك بأنك لا تشرب الخمر ولا تدخن _ وهذا من فضل الله عليك _ مما يفهم منه وقوع مثل هذه الأشياء من أولئك القوم ) ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من مخالطة ومعاشرة غير المسلمين , فقد أمر الله عز وجل بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام , كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً .إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) النساء /97_ 98 .

وروى أبو داود في "سننه" (2645) والترمذي في "جامعه" (1640) من حديث جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " . قالوا : يا رسول الله ، ولم ؟ قال : " لا ترايا ناراهما " . والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (1207) .

قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (عون _ 7/304) : ( والذي يظهر من معنى الحديث : أن النار هي شعار القوم عند النزول وعلامتهم , وهي تدعو إليهم , والطارق يأنس بها , فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم , فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة , فإنها إنما توقد في معصية الله , ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه , فكيف تتفق الناران , وهذا شأنهما ؟! وهذا من أفصح الكلام وأجزله , المشتمل على المعنى الكثير الجليل بأوجز عبارة ) ا.هـ .

وروى أبو داود (2787) من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " . ورواه الحاكم (2/141) بإسناد آخر عن سمرة ولفظه : " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا " . والحديث حسنه الألباني في "الصحيحة" (2330) بمجموع طريقيه .

وروى الإمام أحمد (4/365) والنسائي(4177) من حيث جرير قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع , فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك , واشترط علي , فأنت أعلم . قال : " أبايعك على أن تعبد الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتناصح المسلمين , وتفارق المشرك " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (636) .

فهذه النصوص تدل على أن الأصل في المسلم أن لا يقيم مع الكفار في بلادهم , وأن الواجب عليه الانتقال منها إلى بلاد الإسلام , ويستثنى من ذلك من كانت إقامته لضرورة , ولكن الضرورة تقدر بقدرها , فعلى المسلم أن يكون مع أولئك بقالبه لا بقلبه ، وعليه أن يجتنب مخالطتهم بدون حاجة .

فالواجب عليك يا أخي أن تبحث عن رفقة صالحة من المسلمين يعنونك على تعلم دينك والاستقامة عليه , وعليك أن تستغل أوقات فراغك بقراءة القرآن , وقراءة الكتب النافعة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وفي أحكام الدين وآدابه وأخلاقه , وبذكر الله عز وجل , قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (86) وهو يعدد فوائد الذكر : ( أنه أيسر العبادات , وهو من أجلها وأفضلها , فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها , ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة , بل لا يمكنه ذلك ) ا.هـ .

ويمكنك أيضا أن تشغل وقتك بالاستماع إلى الأشرطة النافعة , وبتصفح المواقع المفيدة على شبكة "الانترنت" .

وإن مما يعينك على الانصراف عن مخالطة غير المسلمين : تذكر أن هؤلاء الكفار _ وإن كانت معاملتهم حسنة ولهم حسنات _ إلا أنهم قد جمعوا جملة من المنكرات العظيمة واحد منها كفيل بأن يحبط كل عمل عملوه , ومن تلك المنكرات ما يعتقده النصارى _ مثلا _ من أن الله ثالث ثلاثة ، كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة / 73 .

وبقية الملل الكفرية كلها تجعل لله شريكا , أو لا تؤمن بوجود الإله أصلا .

http://www.9ll9.com/up/uploads/2105778686.gif (http://www.9ll9.com/up)

ahmedaboali
03-25-2009, 03:20 AM
والكفار عموما لا يؤمنون بالقرآن ولا برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بل يكذبون بالقرآن ويكذبون بنبينا صلى الله عليه وسلم , فكيف يميل إليهم المسلم مع كفرهم وضلالهم .

فهم وإن أعطوك شيئا من حقك بمعاملتك بالحسنى فقد سلبوا الله حقه وسلبوا القرآن حقه وسلبوا نبينا صلى الله عليه وسلم حقه , وحق الله وحق كتابه وحق نبيه أعظم من حقنا الشخصي , فتذكر هذا ، فإنه ممن يعينك على بغضهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده , كما سبق في الآية الكريمة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة / 4 .

ولكن نؤكد على أنه لا مانع من أن يحسن المسلم إليهم وفق الضوابط الشرعية , لا سيما إذا كانوا ممن يحسنون إلينا , فقد قال تعالى : ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ ) الرحمن / 60 .

الثالثة :

مخالطتك للفتيات غير المسلمات , ورغبتك في التعرف على فتيات مسلمات , اعلم يا أخي أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (440) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " .

قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/159) : ( والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم ) ا.هـ

وروى البخاري في "صحيحه" (837) من حديث أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه , ومكث يسيرا قبل أن يقوم . قال الزهري : فأرى _ والله أعلم _ أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .

فإذا كانت المساجد التي هي أشرف المواضع قد جاءت الشريعة بفصل الرجال عن النساء فيها فغيرها من باب أولى .

وأيضا التعليم الذي هو أسمى المقاصد , ومع هذا فقد راعت الشريعة فيه فصل النساء عن الرجال ، روى البخاري (101) ومسلم (2633) من حديث أبي سعيد الخدري قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه ، تعلمنا مما علمك الله ، قال : " اجتمعن يوم كذا وكذا " فاجتمعن ، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ... الحديث , واللفظ لمسلم .

وروى مسلم (885) من حديث جابر بن عبد الله قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن .

ومن الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الباب أن الله عز وجل أمر الرجال والنساء بغض البصر , فالمسلم لا يجوز له أن ينظر إلى امرأة أجنبية عنه , وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى أجنبي عنها , قال الله تعالى : )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) الآية النور / 30 _ 31 .

وروى مسلم في "صحيحه" (2159) من حديث جرير بن عبد الله قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة ؟ فأمرني صلى الله عليه وسلم أن أصرف بصري .

وروى أبو داود (2149) والترمذي (2777) من حديث بريدة بن الحصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة " . والحديث حسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص:77) .

وأيضا جاءت الشريعة بالنهي عن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية , وجاءت بالمنع من مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية ، وغير ذلك من الأحكام التي لا يتسع المقام لبسطها

وهذه الأحكام تنطبق على المرأة المسلمة وغير المسلمة ما لم تكن من محارم الرجل .

وعليه يا أخي فالواجب عليك أن تبتعد عن مخالطة النساء الأجنبيات وإن كن مسلمات , وأن لا تستجيب إلى ما يوقعه الشيطان في قلبك من نزغات , من إعجاب بعض الفتيات بك ونحو ذلك , واجعل تحقيق رضى الله هو غايتك , روى الترمذي (2414) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس " . والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (2311) .

أخي اعلم أنك قد تجد صعوبة في تطبيق ذلك في بادئ الأمر , ولكن عليك أن تجاهد نفسك , فقد قال تعالى : )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت / 69 .

وعليك أن تصبر وتصابر وتحتسب , كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران / 200 .

واعلم أنك إذا حرصت على تقوى الله فإنك في النهاية سوف تجد لك مخرجا من كل ضيق , كما قال تعالى : (ِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق / 2 .

وسوف يسهل عليك كل ما كنت تجده صعبا , فالله عز وجل وجل يجعل الحَزْن إذا شاء سهلا .

وأيضا سوف يعرف عنك الآخرون التزامك بما أمرك به دينك , مما يجعلهم يحترمون ذلك منك ويقدرونه لك .

وفي الختام أوصيك بالإكثار من دعاء الله عز وجل , لاسيما في أوقات الإجابة ومواضعها , كالسجود وقبل السلام من الصلاة وفي الثلث الأخير من الليل , وبين الأذان والإقامة , فأدعو الله بأن يثبتك على الإسلام , واستعن بالله على التمسك بأوامره والبعد عن معاصيه , واسأل الله أن يجعل لك من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرجا , والله معك .

والله تعالى أعلم .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:20 AM
السؤال: 1606


أنا مسلم ولي الكثير من الأصدقاء النصارى من الذكور والإناث ، هناك أحد الأصدقاء الذي أعتبره صديق بحق واكتشفت مؤخراً بأنه مخنث ، أنا لا أريد أن أعامله بشكل مختلف ولكن أريد أن أعرف هل يجوز أن يكون لي صديق مخنث ؟.

الجواب:

الحمد لله

الواجب على المسلم أن يحرص على اتخاذ الرفقة الطيبة التي تعينه على الخير ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) أخرجه البخاري (5534) ومسلم ( 2628 ) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

ولا يجوز له اتخاذ أصدقاء من النصارى ولا من غيرهم من الكفار ، قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) المائدة / 51 ، وقال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران / 118 .

قال السعدي رحمه الله :

هذا تحذير من الله لعباده عن ولاية الكفار واتخاذهم بطانة أو خصيصة وأصدقاء .

تفسير السعدي ص 198

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) أخرجه أبو داود ( 4832) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ( 4045 )

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) أخرجه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 1937 ) .

فاترك مصاحبة النصارى ، واستبدل بهم مسلمين ، واحرص على صحبة الصالحين .

واعلم أنه لا يجوز للرجل مصاحبة الإناث ولا المخنثين ، سواء كانوا مسلمين أم نصارى ؛ لما في ذلك من الفتنة ، ولما يكون معه من المحاذير الشرعية إما من الخلوة أو المصافحة أو ما هو أشد من ذلك .

أسأل الله أن يعصمنا جميعاً من الفتن .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:21 AM
السؤال: 1607


ما حكم ترك المسلمين التعاون فيما بينهم بأن لا يرضى ولا يحب أن يشتري من المسلمين ويرغب في الشراء من دكاكين الكفار ، هل هذا حلال أم حرام ؟ .

الجواب:


الحمد لله

الأصل جواز شراء المسلم ما يحتاجه مما أحل الله له من المسلم أو من الكافر ، وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود لكن إذا كان عدول المسلم عن الشراء من أخيه المسلم من غير سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إلى محبة الشراء من كافر والرغبة في ذلك وإيثاره على المسلم دون مبرر - فهذا حرام لما فيه من النقص على تجار المسلمين وكساد سلعهم ، وعدم رواجها إذا اتخذ المسلم ذلك عادة له ، وأما إن كانت دواع للعدول من نحو ما تقدم فعليه أن ينصح لأخيه المسلم بترك ما يصرفه عنه من العيوب ، فإن انتصح فالحمد لله ، وإلا عدل عنه إلى غيره ، ولو كان كافر يحسن تبادل المنافع ويصدق في معاملته .


من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/18.

ahmedaboali
03-25-2009, 03:21 AM
السؤال: 1608


نواجه نحن المسلمين في الخارج مشكلة الذّوبان اللغوي بحيث نتكلّم بلغة الكفّار في بلاد الغرب من حيث نشعر ولا نشعر ، مماشاةً لمن حولنا وتأثّرا بالوسط الذي نعيش فيه ، فما هو موقف الشريعة من هذا الأمر وكيف نتغلّب على المشكلة ؟

الجواب:


الحمد لله

اذكر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في شأن هذه المشكلة وتبيان خطرها وأثرها والموقف الشّرعي منها كلاما متينا نفيسا هذا نصّه :
" وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم .
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه .
وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. " اقتضاء الصراط المستقيم 2/207
وننصح بالإضافة لما تقدّم بما يلي :
- أن يجاهد المسلمون أنفسهم هم وأهلوهم وأولادهم على أن يتكلموا باللغة العربية في بيوتهم ومنتدياتهم واجتماعاتهم وأن يكون الوالدان قدوة للأولاد داخل البيت في هذا وان يتعمّدا أحيانا عدم إجابة الولد إذا لم يتكلّم باللغة العربية .
- الحرص على إدخال الأولاد المدارس والأكاديميات العربية ما أمكن ذلك .
- أن تعيش العوائل المسلمة في تجمعات سكانية ما أمكن حيث يكون المحيط والجيران والبيئة الصغيرة عربية اللغة .
- الاجتهاد في إقامة دورات لتعليم اللغة العربية واحتساب الأجر في ذلك والتقرّب إلى الله به وكذلك متابعة تعلّم اللغة العربية في الكتب والأشرطة والوسائل التعليمية الحديثة .
- السماع المستمر للقرآن الكريم المسجّل وأشرطة الدروس والمحاضرات الإسلامية باللغة العربية .
والله وليّ التوفيق وصلى الله على نبينا محمد .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 03:22 AM
السؤال: 1609


هل يجوز لمسلمة أن تتخذ كافرة صديقة لها إذا كانت محتشمة ومؤدبة جدّاً دون إهمال دينها ؟ .
وهل هناك عقوبة شديدة إذا فعلت هذا ؟ .

الجواب:

الحمد لله

لا شك أن مصاحبة المسلمة للكافرة مضرة لها في دينها ، والكافرة لا تتخلق بما تتخلق به المسلمة ولا تَدين لله تعالى بدين الإسلام ، وعليه فإنها لا تتورع عن فعل ما يضر هذه المسلمة التي قد تغتر باحتشام أو أدب هذه الكافرة خاصة ما يضر في الدين .

كما أن مصادقتها والأنُس معها قد تولد في القلب نوعاً من الرضا ببعض ما تؤديه من شعائر دينها وتُضعف البراءة والمعاداة في الله .

بل قد تقود بعض الجهلة إلى عدم الرضا بحكم الله تعالى على الكفار بالكفر والخلود في النار والعياذ بالله تعالى .

ومن هنا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم " لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامَك إلا تقي " رواه الترمذي ( 2395 ) وأبو داود ( 4832 ) ، وصححه ابن حبان ( 2 / 314 ) وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 7341 ) .

ولا نعني بهذا المقاطعة التامة بين المسلمة والكافرة بل لها أن تزورها وتعودها وتهديها هدايا – من غير مودة قلبية ولا مشاركة في أعيادهم - ، وعلى الأخت المسلمة أن تقصد في مثل هذه الزيارت والهدايا دعوة هذه الكافرة للإسلام ، وقد فعل ذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك حديثان :

1. عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ، فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } التوبة / 113 .

رواه البخاري ( 4398 ) ومسلم ( 24 ) .

2. عن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النَّبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النَّبي صلى الله عليه وسلم يعودُه فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلِم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلَّى الله عليه وسلم فأسلَم ، فخرج النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النَّار . رواه البخاري ( 1290 ) .

وقد أذن النَّبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر باستقبال أمها المشركة ، وأهدى عمر رضي الله عنه أخاه المشرك ثوباً .

فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قدمتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي راغبة أفأصِلُ أمِّي ؟ قال : نعم صِلِي أمَّكِ . رواه البخاري ( 2477 ) ومسلم ( 1003 ) .

ومعنى " راغبة " : أي : راغبة في بر ابنتها .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رأى عمر بن الخطاب حلة سيراء عند باب المسجد فقال : يا رسول الله لو اشتريتَها فلبستَها يوم الجمعة وللوفد ، قال : إنَّما يلبسها من لا خَلاق له في الآخرة ، ثم جاءت حُلَل فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر منها حلة ، وقال أكسوتنيها وقلت في حلة عطارد ما قلت ؟ فقال : إني لم أكسكها لتلبسها ، فكساها عمر أخا له بمكة مشركاً .

رواه البخاري ( 2470 ) ومسلم ( 2068 ) .

قال الشيخ صالح الفوزان :

زيارة الكفار من أجل دعوتهم إلى الإسلام لا بأس بها ، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب وهو يحتضر ودعاه إلى الإسلام ، وزار اليهودي ودعاه إلى الإسلام .

أما زيارة الكافر للانبساط له والأنس به فإنها لا تجوز لأن الواجب بغضهم وهجرهم ، ويجوز قبول هداياهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبِل هدايا بعض الكفار ، مثل هدية المقوقس ملك مصر ، ولا تجوز تهنئتهم بمناسبة أعيادهم لأن ذلك موالاة لهم وإقرار لباطلهم . " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 255 ) .

والله أعلم .

ahmedaboali
03-25-2009, 03:22 AM
السؤال: 1610


إذا زارك شخص كافر ليبقى في بيتك لعدة أيام فهل يجوز للمسلم المستضيف أن يسمح له بأن يؤدي صلاته وشعائر دينه التعبدية ؟
هل يعتبر المسلم المستضيف مذنباً ؟ لأن بعض الصلوات والشعائر التعبدية لدين آخر لا تتوافق مع الإسلام .

الجواب:

الحمد لله

عرضنا هذا السؤال على الشيخ محمد صالح العثيمين فأجاب بقوله : الحمد لله ، لا يجوز أن توافقه على ذلك لأن هذا كفر فإنه لا دين له كما قال الله عز وجل " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه " وقال تعالى " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره " ولأن هذا الزائر امتهن كرامتك لأنه يعلم أنك لا ترضى بهذا فلا تدعه يمتهن كرامتك . أهـ والله أعلم.


الشيخ محمد صالح العثيمين

ahmedaboali
03-25-2009, 03:22 AM
السؤال: 1611


هل يجوز أن أدخل إلى القناة الإسلامية للمحادثة في الإنترنت وأخاطب الناس على أني غير مسلم وأسألهم أسئلة عن الإسلام ؟ هل هذا جائز أم لا ؟.

الجواب:

الحمد لله

ما هي الفائدة من وراء هذا العمل ؟ إذا كان لإشغال المسلمين واستنفاذ جهودهم من غير حاجة فهذا إيذاء وقد قال الله تعالى " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا " الأحزاب/58 زد على ذلك ما قد يشتمل عليه من الكذب والإيهام . وإذا أردت الفائدة للقراء أو لغير المسلمين فاسلك في ذلك السّبل الشرعية - وما أكثرها - ، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 03:23 AM
السؤال: 1612


ما هو الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم ؟.

الجواب:

الحمد لله

المولاة معناها : المناصرة والمساعدة على أمورهم الكفرية ، ومن ذلك أن يقاتل المسلمون مع الكفار ، يعني مثلاً يقوم الكفار بغزو بلد من البلدان الإسلامية فيتولاهم هذا المسلم وينصرهم ويساعدهم على هذه البلدة في القتال سواءً بالسلاح أو بإمدادهم بأي شيء يساعدهم على قتال المسلمين ، هذا من موالاتهم ، وهو أيضاً من توليهم ، فإن المولاة والتولي يراد بها هنا المناصرة وأن يكون يداً معهم على المسلمين .

أما الاستعانة بهم فهذا يرجع إلى المصلحة ، إن كان في ذلك مصلحة فلا بأس ، بشرط أن نخاف من شرهم وغائلتهم وألا يخدعونا ، وإن لم يكن في ذلك مصلحة فلا يجوز الاستعانة بهم لأنهم لا خير فيهم .


لقاءات الباب المفتوح للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 20.

ahmedaboali
03-25-2009, 03:23 AM
السؤال: 1613


ما حكم التبرع بالدم في بلاد الكفر حيث سيعطى الدم لكافر على الأرجح ؟ توجد حالات يعاني فيها أطفال من أمراض في الدم ، ويكون أولئك الأطفال في حاجة ماسة للصفيحات (اللويحات) الدموية ؟ فهل حكم (التبرع في هذه الحالة) هو نفس الحكم الخاص بالسؤال السابق ؟ أخبرني أحد الأئمة بأن الدم يجب ألا يتبرع به ، (هل قوله صحيح) ؟.

الجواب:

الحمد لله

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن ذلك فقال :

" لا أعلم مانعاً من ذلك ، لأن الله تعالى يقول في كتابه العظيم : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) الممتحنة /8

فأخبر الله سبحانه أنه لا ينهانا عن الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرَّهم ونُحسن إليهم ، والمضطر في حاجة شديدة إلى الإسعاف ، وقد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها إلى بنتها وهي كافرة ، في المدينة في وقت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة ـ تسألها الصلة ، فاستفتت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فأفتاها أن تصِلها ، وقال : ( صلي أمك وهي كافرة )

فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب ، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم ، كما لو اضطر إلى الميتة ، وأنت مأجور في ذلك ، لانه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة ."

من كتاب فتاوى نور على الدرب ج 1 ص 376

وبناء عليه ، فإن الكافر المحارب الذي بينه وبين المسلمين حرب لا يجوز له التبرع بالدم ، لأن في هذا إعانة على عدوانه على المسلمين ، وهو أمر خطير جداً ، نسأل الله السلامة والعافية .

الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 03:23 AM
السؤال: 1614


أعمل في جيش دولة غير مسلمة وتقع بينهم وبين المسلمين حروب فما الحكم إذا أرسلوني مع فرقة من الجبيش لحرب ضد المسلمين ، شعوري كمسلم يدفعني لعدم الرغبة أبدا في القتال ضد مسلم في أي حرب.
فماذا علي أن أفعل؟؟؟
وما الحكم إذا ذهبت ...

الجواب:

الحمد لله

إذا أرسلت لحرب ضد المسلمين فلا يجوز لك المشاركة إطلاقاً ، ومساعدة الكفار ضد المسلمين كفر أكبر مخرج عن الإسلام قال الله تعالى عمن يظاهر المشركين : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ، أما مسألة كيفية التخلص وما هو العذر الذي ستبديه وطريقة الخروج من هذه الورطة إذا حصلت فنسأل الله أن يعينك عليها وعليك بإستشارة بعض أهل الخبرة من المسلمين

ونريد أن نؤكد عليك بضرورة البحث عن وظيفة أخرى وترك الخدمة في جيش الكفار لما يترتب على ذلك من إعانتهم وتقويتهم وتكثير عدد محاربيهم ومسانديهم اللهم إلا إذا كان عملك فيه منفعة للمسلمين كنقل أخبار وأسرار الكفار إلى المسلمين ليستفيد المسلمون منها أو أن يكون عملك دعوياً إسلامياً بحتاً كالخطابة والإمامة بالمسلمين الموجودين في الجيش الكافر مع نصحهم بترك أي عمل فيه تقوية للكفار ونسأل الله السلامة من الفتن وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة .


الشيخ محمد صالح المنجد

ahmedaboali
03-25-2009, 03:24 AM
السؤال: 1615


مَن ترك والديه كفاراً ولم يعلم هل أسلموا أو لا ، هل يجوز أن يدعو لهم ؟.

الجواب:

الحمد لله

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية السؤال السابق :

فأجاب :

متى كان من أمَّةٍ أصلها كفار : لم يجز أن يستغفر لأبويه ، إلا أن يكونا قد أسلما ، كما قال تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى مِن بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } .


" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 423 ).