hakimm
02-27-2009, 08:10 AM
على الرغم من عدم توقف العمليات الإجرامية الصهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني فإنه لمن المفترض أن هناك هدنة قائمة بين الطرفين المتحاربين تلتزم بها الفصائل الفلسطينية جميعها، إلا في حال اضطرارها للرّد العسكري على الغدر الصهيوني! وتبدو هذه الهدنة هشة، قابلة للانهيار في أية لحظة، وأن عوامل استمرارها خارجية في معظمها، فعلى الصعيد الداخلي توقع البعض من العدو الصهيوني أن يظهر جدّياً ما يدلً على عزمه الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (القدس والضفة والقطاع) بينما هو يؤكد كل يوم أن انسحابه من القطاع لا يعدو كونه تكتيكياً، وأنه ليس أكثر من إعادة انتشار لقواته، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن يعلن الأخ خالد مشعل أن حركة حماس لن توافق على تجديد هذه الهدنة، خاصة وأن المقاومين لم يكونوا مقتنعين أصلاً بجدية العدو، سواء من حيث الالتزام بالهدنة أم من حيث الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المذكورة، وهم وافقوا فقط بسبب الضغوط الخارجية، وخاصة العربية الرسمية!
والحال أن الهدنة الحالية ليست الأولى، فحين اشتدت الضغوط الدولية والعربية الرسمية والصهيونية على حكومة الرئيس محمود عباس عام 2003، بسبب تصاعد الهجمات ضدّ الاحتلال، ومن ثم تصاعدت ضغوط السلطة على فصائل المقاومة لوقف عملياتها وإعطاء الحكومة فرصة، وعندما باتت الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة خطر حقيقي، بادر الشيخ الشهيد أحمد ياسين بالإعلان عن هدنة من طرف واحد كان من نتائجها حفظ الوحدة الوطنية، بنزع فتيل الصراع الداخلي، وبوضع العدو الصهيوني في امتحان سرعان ما فشل فيه، حيث لم يلتزم بتلك الهدنة وواصل عمليات الاغتيال والعدوان، ففشلت الهدنة، وعادت المقاومة إلى ما كانت عليه وقد تجاوزت الأخطار الداخلية التي هدّدت الوحدة الوطنية.
يقول الدكتور يوسف موسى رزقة، في دراسة هامة عن الرؤية السياسية والاستراتيجية للشيخ الشهيد أحمد ياسين، أن مفهوم الشيخ ياسين للهدنة ولشروطها ينطلق من أن "الهدنة" تعني ايقاف القتال بين طرفين متحاربين دون الاعتراف بالعدو الصهيوني، ودون التنازل عن الأرض والمقدسات المسلوبة في عام 1948. يقول الشيخ ياسين: لقد طرحنا هذه الهدنة عام 1997 لكن العدو لم يستجب، لأنه وجد من يقدم له الاعتراف به من دون ثمن، وبالتالي لم تعد تهمّه "هدنة" تقلل من وجوده ومن حقه في البقاء.
إن أحد مداخل الهدنة عند الشيخ ياسين هو المدخل الموضوعي، فبعد فشل تجربة عام 2003 قال الشيخ ياسين:" إن الهدنة من طرف واحد، كما تطرح علينا اليوم، هي هزيمة للشعب الفلسطيني، وهي مرفوضة تماماً إلا إذا كانت انسحاباً كاملاً للعدو من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وكانت محدّدة بالشروط التي ذكرتها، ولفترة محدّدة وليست أبدية، ولا تطرح الهدنة مع العدو في أي وقت وتحت أي ظرف، فهي قد تكون مفيدة أحياناً وقد تكون ضارة أحياناً أخرى، وعلى القيادة تحديد التوقيت المناسب، والهدنة ليست مؤبّدة لأن في ذلك تعطيل لأحكام شرعية تخص الأرض التي يحتلها العدو بقوة السلاح"!
إن الرؤية السياسية والاستراتيجية للشيخ الشهيد تحدّد الهدنة بالمصلحة الوطنية والعربية والإسلامية، وتحدّد ماهيتها وفق الشروط التي أخذ بها قادة إسلاميون معتبرون، كصلاح الدين الأيوبي، وكم هو مؤثر وبليغ وعميق قوله:" إنني أنا الشيخ العجوز لا أرفع قلماً ولا سلاحاً بيديّ الميتتين. لست خطيباً جهورياً أرجّ المكان بصوتي. أنا لا أتحرّك صوب حاجة خاصة أو عامة إلا عندما يحرّكني الآخرون. أنا ذو الشيبة البيضاء والعمر الأخير. أنا من هدّته الأمراض وعصفت به ابتلاءات الزمان. كل ما عندي أنني أردت أن يكتب أمثالي ممن يحملون في ظواهر ما يبدو على أجسادهم كل ما جعله العرب في أنفسهم من ضعف وعجز! أحقاً هكذا أنتم أيها العرب، صامتون عاجزون أو أموات هالكون؟! ألم تعد تنتفض قلوبكم لمرأى المأساة الوجيعة التي تحلّ بنا؟! فلا قوم يتظاهرون غضباً لله ولأعراض الأمة، ولا قوم يحملون على أعداء الله الذين شنوا حرباً دولية علينا، وحولونا من مناضلين شرفاء مظلومين إلى قتلة مجرمين إرهابيين، وتعاهدوا على تدميرنا والقضاء علينا! لا تنتظروا منا أن نستسلم أو أن نرفع الراية البيضاء، لأننا تعلّمنا أننا سنموت أيضاً إن فعلنا ذلك، فاتركونا نموت بشرف المجاهد، وإن شئتم كونوا معنا بما تستطيعون، فثأرنا يتقلّده كل واحد منكم في عنقه، ولكم أن تشاهدوا موتنا وتترحموا علينا، نرجوكم أن لا تكونوا علينا! بالله عليكم لا تكونوا علينا يا قادة أمتنا، ويا شعوب أمتنا"!
ذلك بعض ما قاله الشيخ المقعد الشهيد، مخاطباً الذين قست قلوبهم فهي كالحجارة بل أشدّ قسوة!
أما على الجانب الآخر، فقد قال الرئيس الأميركي جورج بوش مؤخراً (12/12/2005) في خطاب ألقاه في فيلادلفيا ما يلي:" إذا كنتم من مؤيدي "إسرائيل" فإنني أدعوكم بإلحاح إلى مساعدة الدول الأخرى لتصبح ديمقراطية. إن بقاء "إسرائيل" على الأمد الطويل مرتبط بانتشار الديمقراطية في الشرق الأوسط"!
إن الديمقراطية التي يعنيها الرئيس بوش في خطابه، والتي يتوقف عليها بقاء "إسرائيل" على المدى الطويل، هي الهدنة الأبدية التي توقف المقاومة، وهي الانصياع لهيمنة حكومته ولهيمنة قاعدته الإسرائيلية، وهي انخراط العرب والمسلمين طوعاً أو كرهاً في مشروعه الشرق أوسطي الكبير! وهو دعا في خطابه شعبه "لمساعدة الدول الأخرى كي تصبح ديمقراطية"! أي تأييد إرسال الجنود لتحقيق هذا الغرض، كما تفعل قواته في العراق، وكما تفعل قاعدته الإسرائيلية في فلسطين، ففي العراق وفلسطين تقتضي اللعبة الأميركية الصهيونية "الديمقراطية" استئصال المقاومة، وإنهاض بدائل محلية تدير شؤون البلاد نيابة عن الأميركيين والإسرائيليين، ولمصلحتهم، وبإشرافهم المباشر، وهذا يتطلب "هدنة" مفتوحة، أبديّة استسلامية، رفضها الشيخ الشهيد، ولن تقبل بها الأمة العربية والإسلامية.
والحال أن الهدنة الحالية ليست الأولى، فحين اشتدت الضغوط الدولية والعربية الرسمية والصهيونية على حكومة الرئيس محمود عباس عام 2003، بسبب تصاعد الهجمات ضدّ الاحتلال، ومن ثم تصاعدت ضغوط السلطة على فصائل المقاومة لوقف عملياتها وإعطاء الحكومة فرصة، وعندما باتت الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة خطر حقيقي، بادر الشيخ الشهيد أحمد ياسين بالإعلان عن هدنة من طرف واحد كان من نتائجها حفظ الوحدة الوطنية، بنزع فتيل الصراع الداخلي، وبوضع العدو الصهيوني في امتحان سرعان ما فشل فيه، حيث لم يلتزم بتلك الهدنة وواصل عمليات الاغتيال والعدوان، ففشلت الهدنة، وعادت المقاومة إلى ما كانت عليه وقد تجاوزت الأخطار الداخلية التي هدّدت الوحدة الوطنية.
يقول الدكتور يوسف موسى رزقة، في دراسة هامة عن الرؤية السياسية والاستراتيجية للشيخ الشهيد أحمد ياسين، أن مفهوم الشيخ ياسين للهدنة ولشروطها ينطلق من أن "الهدنة" تعني ايقاف القتال بين طرفين متحاربين دون الاعتراف بالعدو الصهيوني، ودون التنازل عن الأرض والمقدسات المسلوبة في عام 1948. يقول الشيخ ياسين: لقد طرحنا هذه الهدنة عام 1997 لكن العدو لم يستجب، لأنه وجد من يقدم له الاعتراف به من دون ثمن، وبالتالي لم تعد تهمّه "هدنة" تقلل من وجوده ومن حقه في البقاء.
إن أحد مداخل الهدنة عند الشيخ ياسين هو المدخل الموضوعي، فبعد فشل تجربة عام 2003 قال الشيخ ياسين:" إن الهدنة من طرف واحد، كما تطرح علينا اليوم، هي هزيمة للشعب الفلسطيني، وهي مرفوضة تماماً إلا إذا كانت انسحاباً كاملاً للعدو من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وكانت محدّدة بالشروط التي ذكرتها، ولفترة محدّدة وليست أبدية، ولا تطرح الهدنة مع العدو في أي وقت وتحت أي ظرف، فهي قد تكون مفيدة أحياناً وقد تكون ضارة أحياناً أخرى، وعلى القيادة تحديد التوقيت المناسب، والهدنة ليست مؤبّدة لأن في ذلك تعطيل لأحكام شرعية تخص الأرض التي يحتلها العدو بقوة السلاح"!
إن الرؤية السياسية والاستراتيجية للشيخ الشهيد تحدّد الهدنة بالمصلحة الوطنية والعربية والإسلامية، وتحدّد ماهيتها وفق الشروط التي أخذ بها قادة إسلاميون معتبرون، كصلاح الدين الأيوبي، وكم هو مؤثر وبليغ وعميق قوله:" إنني أنا الشيخ العجوز لا أرفع قلماً ولا سلاحاً بيديّ الميتتين. لست خطيباً جهورياً أرجّ المكان بصوتي. أنا لا أتحرّك صوب حاجة خاصة أو عامة إلا عندما يحرّكني الآخرون. أنا ذو الشيبة البيضاء والعمر الأخير. أنا من هدّته الأمراض وعصفت به ابتلاءات الزمان. كل ما عندي أنني أردت أن يكتب أمثالي ممن يحملون في ظواهر ما يبدو على أجسادهم كل ما جعله العرب في أنفسهم من ضعف وعجز! أحقاً هكذا أنتم أيها العرب، صامتون عاجزون أو أموات هالكون؟! ألم تعد تنتفض قلوبكم لمرأى المأساة الوجيعة التي تحلّ بنا؟! فلا قوم يتظاهرون غضباً لله ولأعراض الأمة، ولا قوم يحملون على أعداء الله الذين شنوا حرباً دولية علينا، وحولونا من مناضلين شرفاء مظلومين إلى قتلة مجرمين إرهابيين، وتعاهدوا على تدميرنا والقضاء علينا! لا تنتظروا منا أن نستسلم أو أن نرفع الراية البيضاء، لأننا تعلّمنا أننا سنموت أيضاً إن فعلنا ذلك، فاتركونا نموت بشرف المجاهد، وإن شئتم كونوا معنا بما تستطيعون، فثأرنا يتقلّده كل واحد منكم في عنقه، ولكم أن تشاهدوا موتنا وتترحموا علينا، نرجوكم أن لا تكونوا علينا! بالله عليكم لا تكونوا علينا يا قادة أمتنا، ويا شعوب أمتنا"!
ذلك بعض ما قاله الشيخ المقعد الشهيد، مخاطباً الذين قست قلوبهم فهي كالحجارة بل أشدّ قسوة!
أما على الجانب الآخر، فقد قال الرئيس الأميركي جورج بوش مؤخراً (12/12/2005) في خطاب ألقاه في فيلادلفيا ما يلي:" إذا كنتم من مؤيدي "إسرائيل" فإنني أدعوكم بإلحاح إلى مساعدة الدول الأخرى لتصبح ديمقراطية. إن بقاء "إسرائيل" على الأمد الطويل مرتبط بانتشار الديمقراطية في الشرق الأوسط"!
إن الديمقراطية التي يعنيها الرئيس بوش في خطابه، والتي يتوقف عليها بقاء "إسرائيل" على المدى الطويل، هي الهدنة الأبدية التي توقف المقاومة، وهي الانصياع لهيمنة حكومته ولهيمنة قاعدته الإسرائيلية، وهي انخراط العرب والمسلمين طوعاً أو كرهاً في مشروعه الشرق أوسطي الكبير! وهو دعا في خطابه شعبه "لمساعدة الدول الأخرى كي تصبح ديمقراطية"! أي تأييد إرسال الجنود لتحقيق هذا الغرض، كما تفعل قواته في العراق، وكما تفعل قاعدته الإسرائيلية في فلسطين، ففي العراق وفلسطين تقتضي اللعبة الأميركية الصهيونية "الديمقراطية" استئصال المقاومة، وإنهاض بدائل محلية تدير شؤون البلاد نيابة عن الأميركيين والإسرائيليين، ولمصلحتهم، وبإشرافهم المباشر، وهذا يتطلب "هدنة" مفتوحة، أبديّة استسلامية، رفضها الشيخ الشهيد، ولن تقبل بها الأمة العربية والإسلامية.