ORED_ELGANA
04-10-2008, 10:53 PM
من التعبيرات القرآنية التي تلفت النظر ونرى الوقوف عندها تعاور المفردات (أي تبادلها في المواضع) فتستعمل مفردة في موضع بينما تستعمل غيرها في موضع آخر شبيه به، مع أن الموضوع واحد والموقف واحد، ومثال ذلك في موقف بني “إسرائيل” عندما طلبوا من نبيهم موسى عليه السلام ان يستسقي لهم، ويضرب موسى عليه السلام بعصاه الحجر فتنبع العيون التي كان عددها اثنتي عشرة، في البقرة جاء التعبير بقوله تعالى: “فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً” بينما في سورة الاعراف جاء التعبير بلفظة معاورة للفظة “فانفجرت” قال تعالى: “فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً” والانفجار بالماء اقوى واغزر ماء من الانبجاس، فخالف بين المفردتين مع ان الموضوع واحد، فلماذا هذا التعاور؟ من المؤكد انه لم يحدث دون اسباب اقتضت ذلك، ونعيش ايضاح ذلك وتفصيله مع الدكتور فاضل السامرائي من كتابه “بلاغة الكلمة في التعبير القرآني” فالتعاور هذا لا بد ان يكون وراءه اعجاز بلاغي، ومع الدكتور فاضل السامرائي في توضيح وتفصيل لماذا “انفجرت” في البقرة و”انبجست” في الاعراف؟ يقول “إن كلا الأمرين حصل، فقد انفجرت أولاً بالماء الكثير كما قيل ثم قل بمعاصيهم فأخذ ينبجس، فجاء التعبير بالانفجار في موطن الانبجاس في موطن آخر، تبعاً لما يقتضيه السياق والمقام، ولكي ندخل في مزيد من التفصيل لا بد لنا من ان نضع الآيتين أمامنا. قال تعالى: “وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، قد علم كل أناس مشربهم، كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين” البقرة الآية 60. وقال تعالى: “وأوحينا الى موسى إذ استسقاه قومه ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً، قد علم كل أناس مشربهم، وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى، كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا، ولكن كانوا انفسهم يظلمون” الاعراف الآية 160.
والملاحظ ان الاستسقاء في البقرة جاء من موسى لقومه بينما في الاعراف الاستسقاء جاء بطلب من قومه، وفي البقرة بالقول المباشر من رب العالمين، بينما في الاعراف بوحي والسياق في البقرة يدل على أن القوم كانوا في فترة استقامة لأن الطلب منهم ان لا يعثوا في الارض فساداً، وهذا كان معروفاً في طبعهم المتقلب، أما في الأعراف فالسياق يدل على انهم فعلاً في حالة انحراف على الرغم من نعم الله عليهم، لأن الله سبحانه خاطبهم بأنه لم يظلمهم شيئاً ولكن هم انفسهم يظلمون، لهذا الاختلاف جاء الانفجار بما يتناسب معه وهو قوة اندفاع الماء غزيراً، وجاء الانبجاس في السياق الآخر بقلة في انسياب الماء لما حصل من تجاوزات من القوم، والله أعلم.
والملاحظ ان الاستسقاء في البقرة جاء من موسى لقومه بينما في الاعراف الاستسقاء جاء بطلب من قومه، وفي البقرة بالقول المباشر من رب العالمين، بينما في الاعراف بوحي والسياق في البقرة يدل على أن القوم كانوا في فترة استقامة لأن الطلب منهم ان لا يعثوا في الارض فساداً، وهذا كان معروفاً في طبعهم المتقلب، أما في الأعراف فالسياق يدل على انهم فعلاً في حالة انحراف على الرغم من نعم الله عليهم، لأن الله سبحانه خاطبهم بأنه لم يظلمهم شيئاً ولكن هم انفسهم يظلمون، لهذا الاختلاف جاء الانفجار بما يتناسب معه وهو قوة اندفاع الماء غزيراً، وجاء الانبجاس في السياق الآخر بقلة في انسياب الماء لما حصل من تجاوزات من القوم، والله أعلم.