Warning: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /home/forumbs/public_html/includes/class_core.php on line 1960
حكم تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس [الأرشيف] - منتديات بانى ستار

المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس



Cat
01-29-2009, 02:28 PM
حكم تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس
بقلم : د. أحمد بن محمد الخليل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
تتميز الشركات حديثة التأسيس بأن أغلب موجوداتها من النقود وقد يكون مع هذه النقود بعض الموجودات الأخرى من الأعيان، أو المنافع، أو الحقوق.
ومن هنا نشأ الإشكال في حكم تداول أسهم هذه الشركات؛ لأن تداولها يعني تداول نقد بنقد معه أعيان، ومنافع، وإن كان هذا الإشكال لا يختص بالشركة التي نشأت حديثاً، بل يشمل كل شركة بقية غالب موجوداتها من النقود ولم يبدأ تشغيل واستثمار تلك النقود.
وأُحب في هذه الكلمات المختصرة بيان حكم تداول هذه الأسهم، راجياً من الله التوفيق والسداد، فأقول مستعيناً بالله.
من أهم الأمور التي تحتاج إلى بيان وإيضاح في هذه الشركات ما يتعلق بالنقد الموجود فيها هل هو مقصود أم لا؟
وإذا نظر الإنسان إلى النقد الموجود في هذه الشركات وجده مقصوداً لعدة اعتبارات:
أولاً: قوام هذا النوع من الشركات في هذا الوقت هو النقد الذي تملكه الشركة، فهو مهم جداً في هذه المرحلة من مراحل الشركة. وغيره من الموجودات الأخرى ليس بأهمية هذا النقد؛ لأن المشروعات الإنتاجية التي ستقوم تعتمد بالدرجة الأولى على هذا النقد، بل ربما احتاجت الشركة إلى الاقتراض لزيادة هذا النقد.
من أهم الأمور التي تحتاج إلى بيان وإيضاح في هذه الشركات ما يتعلق بالنقد الموجود فيها هل هو مقصود أم لا؟
ثانياً: الجزء غير المقصود في السلعة من خصائصه أنه تبع لا يؤثر فقده على السلعة، ولو فقدت الأموال النقدية لهذه الشركة بأي سبب من الأسباب لسقطت سقوطاً ذريعاً، ولأصلح سهمها لا قيمة له فكيف يقال مع ذلك أن النقود غير مقصودة؟!
وبالمقابل لو فقدت بعض الأعيان، أو المنافع، أو الحقوق، لم تؤثر على الشركة تأثير فقد النقود.
وأنا أقول لا قيمة لهذه الأعيان، والحقوق، بل لها قيمة، لكن النقود أيضاً مقصودة ومهمة في هذه المرحلة للشركة.
ثالثاً: هذه النقود هي الغالب في موجودات الشركة فكيف يكون غالب السلعة ليس مقصوداً؟
رابعاً: عندما تحدث الفقهاء عن قاعدة (التابع تابع) ذكروا من أمثلتها: جلد الحيوان، والجفن والحمائل للسيف، ونحوها.
فهل نسبة الأموال النقدية للشركة كنسبة الحمائل للسيف؟ إن في التسوية بينهما بعداً لا يخفى.
خامساً: المساهم الذي يشتري السهم يقصده كله بنقده وموجوداته الأخرى غير النقدية كالموجودات العينية، والحقوق المعنوية ونحوها.
فإن قيل إنه لا يقصد النقد ولا يخطر بباله
فالجواب أنه لا يقصد أيضاً الموجودات الأخرى غير النقدية، وهذا يدل على أنه يقصد سهم الشركة بموجوداته جملة من غير تعيين(1).
وكون الشركة في الأصل تريد استثمار هذه النقود في المستقبل، لا ينفي أن ننظر إليها الآن(2) باعتبار حقيقتها، وهي أنها نقود وأعيان؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
فإذا ثبت أن أسهم الشركات حديثة التأسيس تشتمل على أموال وأعيان كلاهما مقصود صارت هذه المسألة تدخل في مسألة "مد عجوة ودرهم" التي ذكرها الفقهاء.
ولا أريد هنا الإطالة بذكر الخلاف مع الأدلة والترجيح في هذه المسألة، إنما سأذكر الأقوال فقط ثم أذكر بعد ذلك حكم مسألتنا.
وقد اختلف فيها الفقهاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يجوز بيع الربوي بجنسه، ومع إحداهما، أو معهما، من غير جنسهما، كمد عجوة ودرهم بمدين، أو بدرهمين، أو بمد ودرهم، وهذا قول جماهير أهل العلم.
القول الثاني: يجوز إن لم يكن الذي معه مقصوداً، كالسيف المحلى(3)، وهو رواية لأحمد، وأحد قولي شيخ الإسلام، واختارها ابن قاضي الجبل.
القول الثالث: يجوز بشرط ألا يكون حيلة على الربا، وأن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره، أو يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه، وهو رواية لأحمد، وأحد قولي شيخ الإسلام، ولهذا القول شرط آخر سيأتي تفصيله.
فإذا عرفت الأقوال في هذه المسألة فأقول:
على القول الأول لا يجوز تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس.
وعلى القول الثاني أيضاً لا يجوز تداول هذه الأسهم، باعتبار أن النقد ا لذي فيها مقصود، على ما سبق بيانه.
وإنما يتصور الجواز على القول الثالث فقط.
وكون الشركة في الأصل تريد استثمار هذه النقود في المستقبل، لا ينفي أن ننظر إليها الآن(2) باعتبار حقيقتها، وهي أنها نقود وأعيان؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
والصواب أنه لا يجوز تداول أسهم هذه الشركات، حتى على القول الثالث؛ لأن لهذا القول شرطاً يمنع من الجواز.
ذلك؛ لأن الفقهاء الذين أخذوا بالقول الثالث إنما يجيزون بيع الربوي بجنسه، ومعه من غير جنسه إذا كان المفرد أكثر بشرط وهو المقابلة.
ومعنى المقابلة تقسيم الثمن على المثمن، فمثلاً إذا باع درهمين بدرهم ومد، فإن المد مقابل الدرهم والدرهم مقابل الدرهم.
قال حرب: قلت لأحمد: دفعت ديناراً كوفياً ودرهماً وأخذت ديناراً شامياً وزنهما سواء، قال: لا يجوز إلا أن ينقص الدينار فيعطيه بحسابه فضة(4).
وذكر شيخ الإسلام أن الفضة إذا كان معها نحاس وبيعت بفضة خالصة "والفضة المقرونة بالنحاس أقل، فإذا بيع مائة درهم من هذه بسبعين مثلاً من الدراهم الخالصة فالفضة التي في المائة أقل من سبعين، فإذا جعل زيادة الفضة بإزاء النحاس جاز على أحد قولي العلماء الذين يجوزون مسألة "مد عجوة"، كما هو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين"(5).
ولزيادة الإيضاح أنقل كلاماً نفيساً للحافظ ابن رجب، حول حكم مسألة مد عجوة ودرهم، قال ابن رجب:
"ومنها مسألة مد عجوة وهي قاعدة عظيمة بنفسها فلنذكر هاهنا مضمونها ملخصاً: إذا باع ربوياً بجنسه ومعه من غير جنسه من الطرفين أو أحدهما كمد عجوة ودرهم بمد عجوة أو مد عجوة ودرهم بمدي عجوة أو بدرهمين ففيه روايتان أشهرهما بطلان العقد وله مأخذان: أحدهما: وهو مسلك القاضي وأصحابه أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفي القيمة يقسط الثمن على قيمتهما وهذا يؤدي هاهنا إما إلى يقين التفاضل وإما إلى الجهل بالتساوي وكلاهما مبطل للعقد في أموال الربا. وبيان ذلك: أنه إذا باع مداً يساوي درهمين ودرهماً بمدين يساويان ثلاثة دراهم كان الدرهم في مقابلة ثلثي مد ويبقى مد في مقابلة مد وثلث ذلك ربا وكذلك إذا باع مداً يساوي درهماً ودرهمين بمدين يساوين ثلاثة دراهم فإنه يتقابل الدرهمان بمد وثلث مد ويبقى ثلثا مد في مقابلة مد، وأما إن فرض التساوي كمد يساوي درهماً، ودرهم بمد يساوي درهماً ودرهم فإن التقويم ظن وتخمين فلا يتيقن معه المساواة والجهل بالتساوي هاهنا كالعلم بالتفاضل فلو فرض أن المدين من شجرة واحدة أو من زرع واحد وإن الدرهمين من نقد واحد ففيه وجهان ذكرهما القاضي في خلافه احتمالين: أحدهما: الجواز لتحقق المساواة. والثاني: المنع لجواز أن يتغير أحدهما قبل العقد فتنقص قيمته وحده وصحح أبو الخطاب في انتصاره المنع قال؛ لأنا لا نقابل مداً بمد ودرهما بدرهم بل نقابل مداً بنصف مد ونصف درهم، وكذلك لو خرج مستحقاً لاسترد ذلك وحينئذ فالجهل بالتساوي قائم، هذا ما ذكره في تقريره هذه الطريقة. وهو عندي ضعيف؛ لأن المنقسم هو قيمة الثمن على قيمة ا لمثمن لا إجراء(6) أحدهما على قيمة الآخر ففيما إذا باع مداً يساوي درهمين ودرهماً بمدين يساويان ثلاثة لا نقول درهم مقابل بثلثي مد بل نقول ثلث الثمن مقابل بثلث المثمن فنقابل ثلث المدين بثلث مد وثلث درهم ونقابل ثلث المدين بثلثي مد وثلثي درهم فلا تنفك مقابلة كل جزء من المدين بجزء من المد والدرهم. ولهذا لو باع شقصاً وسيفاً بمائة درهم وعشرة دنانير لأخذ الشفيع الشقص بحصته من الدراهم والدنانير، نعم نحتاج إلى معرفة ما يقابل الدرهم أو المد من الجملة الأخرى إذا ظهر أحدهما مستحقاً أو رد بعيب أو غيره ليرد ما قابله من عوضه حيث كان المردود هاهنا معيناً مفرداً، أما مع صحة العقد في الكل واستدامته فإنا نوزع أجزاء الثمن على أجزاء المثمن بحسب القيمة وحينئذ فالمفاضلة المتيقنة كما ذكروه منتفية، وأما أن المساواة غير معلومة فقد تعلم في بعض الصور كما سبق".
فهذا الكلام نقلته لبيان أن العلماء يرون أنه في مسألة مد عجوة ودرهم لا بد من انقسام أجزاء أحدهما على قيمة الآخر على طريقة القاضي.
أو انقسام قيمة الثمن على قيمة المثمن على طريقة ابن رجب.
وعلى كلٍّ لا بد من هذا التقسيم.
وقد نقلت هذا للإيضاح كما سبق، وإلا فإن هذا التفصيل كله يتعلق بالرواية الأولى وهي المنع.
ونأتي الآن إلى الرواية الثانية يقول ابن رجب:
"والرواية الثانية: يجوز ذلك بشرط أن يكون مع الربوي من غير جنسه من الطرفين، أو يكون مع أحدهما ولكن المفرد أكثر من الذي معه غيره نص عليه أحمد في رواية جماعة، جعلا لغير الجنس في مقابلة الجنس، أو في مقابلة الزيادة، ومن المتأخرين كالسامري من يشترط فيما إذا كان مع كل واحد من غير جنسه من الجانبين التساوي جعلا لكل جنس في مقابلة جنسه، وهو أولى من جعل الجنس في مقابلة غيره، لا سيما مع اختلافهما في القيمة، وعلى هذه الرواية فإنما يجوز ذلك ما لم يكن حيلة على الربا، وقد نص أحمد على هذا الشرط في رواية حرب ولا بد منه. وعلى هذه الرواية يكون التوزيع هاهنا للأفراد على الأفراد، وعلى الرواية الأولى هو من باب توزيع الأفراد على الجمل، أو توزيع الجمل على الجمل".
إذاً على هذه الرواية – الجواز – يكون التوزيع للأفراد على الأفراد، أي نجعل غير الجنس في مقابلة الجنس، أو في مقابلة الزيادة، كما تقدم عن ابن رجب، وإذا اختل هذا المبدأ حرمت العاملة وإذا أردنا أن نطبق هذه المقابلة، أو التقسيم، على مسألتنا فإنه ينتج من ذلك عدم الجواز.
ولبيان ذلك سأضر مثلاً بشركة الصحراء فأقول:
طرحت شركة الصحراء أسهمها للاكتتاب بقيمة (50) ريالاً للسهم الواحد(7).
وصُرف جزء يسير من هذه الـ(50) في شراء أعيان، أو منافع ولنفرض أنها تشكل 10% من قيمة السهم، فبقي من الأموال النقدية 45 ريالاً.
ثم ارتفعت قيمة الأسهم لتصل إلى (220) ريالاً للسهم الواحد.
فإذا أردنا تطبيق مبدأ مد عجوة ودرهم فنقول:
الـ(45) ريالاً من الثمن أي (220) مقابل الـ(45) من المثمن (النقد في الشركة) ويبقى من الثمن 220 – 45 = 175
فهذا المبلغ المتبقي من الثمن وهو (175) لا يمكن أن يكون مقابل الأعيان والمنافع فقط لما يلي:
هذه الأعيان والمنافع لا يعرفها كثير من المساهمين أصلاً، بل كثير من الناس لا يعرف عن هذه الشركة إلا أنها ما زالت نقوداً