Cat
01-29-2009, 01:53 PM
آليات نقل حقوق الملكية في الأسواق المالية
بحث مقدم للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي،
الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة خلال شهر محرم 1424هـ
د. محمد بن إبراهيم السحيباني
أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
(طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
يهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية عموماً مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية. يبدأ البحث بمقدمة حول موضوع نقل ملكية الأوراق المالية، ثم يسرد في القسم الثاني الخطوات التي يسلكها الآمر ابتداء من فتح العميل حساباً لدى السمسار، وإرسال الأمر إلى السوق إلى تسوية الصفقة في حالة تنفيذ الأمر. وفي القسم الثالث يستعرض أهم الأطراف المشتركين في عملية نقل الملكية، ووظيفة كل طرف. ويعرض القسم الرابع لمخاطر التسوية بشكل موجز. أما القسم الخامس فيوصف آلية التسوية في أسواق مالية مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل عملية تسوية الصفقات والإشارة إلى بعض الاستنتاجات حول الانعكاسات المحتملة لهذه التطورات على مساحة التعاملات المقبولة من الناحية الشرعية في هذه الأسواق.
Settlement Mechanisms in Financial Markets
Abstract
The paper describes the settlement mechanisms employed in three selected financial markets: New York Stock Exchange (NYSE), London ****************l Exchange (MLE) and Saudi Stock Market (SSM). After the introduction, the paper explains each step of trading process, from opining a new account and placing buy or sell order through to the final settlement. The paper then describes the role and functions of financial institutions in these process and settlement risks involved. The paper concludes by exploring the future of settlement mechanisms and their implication for the range of permissible Islamic transactions in the financial markets.
1- مقدمة:
في أي صفقة تتم بين بائع ومشترٍ, يقوم المشتري بدفع الثمن مقابل قيام البائع بتسليم المثمن سواء كان سلعة أو خدمة أو أصلاً مالياً. والدفع قد يكون بنقد أو بطاقة مصرفية وقت المبادلة، وهنا يتزامن وقت دفع الثمن مع استلام المثمن، أو بعبارة اصطلاحية يتزامن وقت تنفيذ الصفقة مع وقت مقاصتها ووقت تسويتها. ومن أمثلتها الصفقات العادية اليدوية (كالشراء من البقالة)، أو الصفقات الإلكترونية التي تحدث من خلال نقاط البيع عبر الوسائط الإلكترونية ولكن قد يكون الدفع بشيك أو بطاقة ائتمان أو إيداع أو تحويل إلكتروني، وهنا قد لا يتطابق وقت تنفيذ الصفقة مع وقت دفع الثمن أو وقت استلام المثمن، أو بعبارة أخرى يتراخى وقت مقاصة ثم تسوية الصفقة عن وقت تنفيذها.
ويقصد بالمقاصة clearing معالجة عمليات الدفع والتسليم وتحديد حجم الدائنية والمديونية بين المتعاملين، وبالتالي تحديد التزامات كل طرف تمهيداً للتسوية. أمَّا التسوية settlement فيقصد بها التحويل الفعلي للنقود من المشتري إلى البائع، وتسليم المثمن (أي توثيق نقل ملكية المثمن كالأوراق المالية) من البائع إلى المشتري. وبالرغم من إمكانية التفريق بين المقاصة والتسوية من الناحية النظرية، إلا أنه في الواقع العملي يتولى كلا الوظيفتين في الغالب شركة واحدة يطلق عليها عادة شركة المقاصة، أو بيت المقاصة. حيث تقوم هذه الشركة بعملية المقاصة والترتيب مع أطراف أخرى (كحافظ الأوراق المالية ونظام معين للمدفوعات النقدية) لإتمام عملية التسوية.
بالرغم من أن الكثير يجهل عمل آليات المقاصة والتسوية،(1) وبالرغم من عدم شعور المتعاملين بدورها في إتمام الصفقات إلا أن لها دوراً كبيراً في تسهيل مبادلة الأوراق المالية في الاقتصاد؛ وتقليل مخاطر تسويتها، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في المخاطر المنبعثة من نفس النظام systemic risk في حالة الأزمات. ويهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية، كأسواق الأسهم الأمريكية وسوق لندن للمعادن وسوق الأسهم السعودية. ويركز البحث بشكل خاص على توصيف آليات التسوية التي تتم في أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن بالاستعانة بالمصادر المتخصصة وتقديمها للقارئ بلغة سهلة، وبحث الآلية الجديدة لتسوية الصفقات في سوق الأسهم السعودية كما طبقت في التحديث الأخير لنظام التداول الإلكتروني (تداول).
ويفترض البحث إلمام القارئ بالقواعد الرئيسية الحاكمة للمبادلات في الفقه الإسلامي، حيث أنه كتب بهدف تعريف الفقهاء بالإجراءات التفصيلية المتبعة لنقل الملكية في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية. وقد تم تنقيحه أكثر من مرة استجابة لاستفسارات فقهية محددة آثارها البحث. فالبحث ذو طابع وصفي، ولا ينزع إلى التحليل الفقهي الذي يروم الوصول إلى اجتهاد في المسائل المطروحة. مع ذلك فلم يغفل البحث الإشارة في خاتمته إلى بعض الاستنتاجات التي يمكن الوصول إليها من واقع آليات نقل حقوق الملكية كما تطبقها أبرز الأسواق المالية القائمة، وانعكاسات التطورات المتوقعة في هذه الآليات على مساحة التعاملات الإسلامية في هذه الأسواق.
وقد تم تقسيم البحث على النحو التالي: يبدأ البحث بسرد الخطوات التي يسلكها الأمر ابتداء من فتح الحساب وطلب تنفيذ الأمر وانتهاء بتسوية الصفقة. ويستعرض القسم الثالث أهم الجهات ذات العلاقة بعملية نقل ملكية الأوراق المالية، وبيان دور كل جهة. ثم يبين في القسم الرابع أهم المخاطر التي تهدد إكمال التسوية ونقل الملكية. ويشير القسم الخامس إلى آلية التسوية في أسواق مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل آليات التسوية في الأسواق المالية، وانعكاساته على مجال التعاملات الإسلامية فيها.
2- المراحل التي تمر بها أوامر البيع والشراء:
من المهم استعراض المراحل التي يمر بها الأمر ابتداء من فتح الحساب وإرسال الأمر وتنفيذه إلى نقل ملكيته. وينبغي التأكيد ابتداء على أن التطور في مجال تقنية المعلومات سائر في اتجاه دمج أكثر من مرحلة في مرحلة واحدة. وكما سنبين في القسم التالي فإن بعض المراحل قد تتولاها شركة واحدة أو شركات متعددة بينها ارتباط وثيق. ويوضح الشكل (2) تسلسل هذه المراحل، والأطراف الرئيسة المشتركة فيها.
1- فتح الحساب: يقوم العميل (المستثمر) بفتح حساب لدى أحد سماسرة الأوراق المالية وأشهر أنواع الحسابات هما حساب النقد، وحساب الهامش.والفرق بينهما هو التزام صاحب حساب النقد بدفع كامل قيمة صفقة الشراء، واستحقاقه استلام كامل قيمة صفقة البيع. وقد يتطلب الأمر إيداع ما يغطي قيمة الصفقة بالنسبة للشراء أو ما يثبت الملكية بالنسبة للبيع، ولكنه ليس ضرورياً؛ إذ قد يسمح السمسار لصاحب الحساب بتسديد كامل المبلغ بعد إشعاره بتنفيذ أمر الشراء خلال أيام (قد تصل إلى 3 أيام في ظل بعض أنظمة التسوية). كما قد يتأخر السمسار في تحويل المبلغ إلى حساب العميل البائع في حدود نفس هذه الفترة. أما في حساب الهامش فيحق لصاحب الحساب دفع بعض قيمة الصفقة واقتراض الباقي من السمسار برهن ما لديه من الأوراق المالية. أو اقتراض أوراق مالية وبيعها "بيعاً مكشوفاً" بعد توفير حد أدنى من الضمانات. ويثير هذا النوع من الحسابات تعقيدات إضافية في عمل السمسار والأطراف الآخرين المشتركين في صناعة تداول الأوراق المالية. حيث يتطلب من السمسار إنشاء أكثر من قسم للتعامل مع هذا النوع من الحسابات. بالإضافة إلى هذين النوعين يتم التفريق عادة بين حساب الأفراد وحساب المؤسسات المالية التي تستثمر في الأوراق المالية (مثل صناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد ونحوها). ويبرز الفرق بين هذين الحسابين في آلية مقارنة الصفقة وتسويتها كما سنبين لاحقاً. وأياً كان نوع الحساب فإن العميل يجب أن يحدد –من بين أشياء أخرى- مدى رغبته في قيام السمسار بدور الحافظ لأوراقه المالية؛ إذ قد يطلب العميل أن يتم تسجيل الورقة المالية باسمه وترسل الشهادة إلى عنوانه، أو تسجل باسمه ويحفظها السمسار في خزانته، أو أن يسجلها السمسار باسمه ويحفظها لديه أو لدى حافظ آخر.
مسائل تطبيقية:
مسألة (1)
لماذا يرغب أو يشترط السمسار الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية؟
مصطلح street name يستخدم على نطاق واسع في هذه الصناعة ويقصد به الأوراق المالية المسجلة باسم السمسار لصالح العميل. وفي هذه الحالة يكون هناك فرق بين المالك الاسمي (السمسار) والمالك الفعلي (العميل) حيث يكون العميل هو المالك المنتفع beneficial owner فالسمسار أمام الشركة المصدرة للورقة يعتبر المالك ولكن المالك الحقيقي الذي ينتفع من الأرباح والفوائد وحق التصويت في حالة الأسهم هو العميل وهذا النوع من الإنفاق يحتم على السمسار إرسال الأرباح التي تصله من الشركة إلى حساب العميل، وإرسال المعلومات التي ترسلها الشركة إلى بريد العميل، وإعطاء العميل وكالة لحضور الجمعية العمومية التصويت.
ويحرص أغلب السماسرة على الحصول على إذن العميل في الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية التي يشترونها، لأنه يسهل عملية التسوية، بل يعتبر شرطاً في فتح حساب الهامش لدى كثير من السماسرة، حيث يسهل هذا من تسييل السمسار للأوراق المالية للعميل في حالة إخفاقه في الاحتفاظ بالحد الأدنى من الهامش. بالإضافة إلى ذلك يمكن هذا الإجراء السماسرة من إقراض واقتراض الأوراق المالية لعملائهم أو فيما بينهم لأغراض مختلفة.
2- طلب تنفيذ أمر: يطلب العميل تنفيذ أمر بيع أو شراء. وهناك أنواع عديدة من الأوامر، كالأمر السوقي والأمر المقيد، وأمر وقف الخسارة. ما يستطيع العميل أن يحدد شروط تنفيذ الأمر من حيث الكمية، والوقت، ومدة بقائه نشطاً، وغيرها من الشروط المعتادة. ومن المعلومات التي يتضمنها الأمر عادة: اسم العميل ورقم حسابه، بيع أم شراء، الكمية، اسم الورقة المالية ورمزها، السعر، مدة بقاء الأمر نشطاً، بالإضافة إلى معلومات عن مكان الورقة المالية (في حالة البيع) أو أين تودع (بعد الشراء)، وطريقة الدفع والإيداع، ونوع الحساب. وقد يقوم السمسار بتوفير خدمة الاطلاع على أحوال الأسواق وإمكانية إدخال الأوامر للعميل في موقعه أو مواقع العملاء من خلال شبكة الانترنت.
3- إرسال الأمر إلى السوق: بعد التأكد من صحة معلومات الأمر يقوم السمسار بإرسال الأمر إلى أحد الأسواق المالية عن طريق الهاتف أو الفاكس أو التلكس أو إلكترونياً (وهو السائد حالياً) حتى يتم تنفيذه (مع طرف مقابل). وفي بعض الدول كالولايات المتحدة يوجد أكثر من سوق مالية للأسهم، ويمكن أن تكون الشركة مدرجة في أكثر من سوق. ولكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التنفيذ، ولهذا يتضمن اختيار السوق تفضيلات العميل تجاه آلية التنفيذ. ويلاحظ أن التنظيمات تسمح للسمسار باختيار السوق المالية التي يرسل الأمر إليها إذا لم ينص العميل على سوق مالية محددة.
والمراحل الثلاث السابقة (من فتح الحساب إلى إرسال الأمر إلى السوق) يمكن أن يقوم بها العميل في الوقت الحاضر بدون أن يكون هناك اتصال (وجهاً لوجه) مع السمسار وذلك من خلال زيارة مواقع السماسرة الذين يقدمون خدماتهم عبر شبكة الإنترنت.
مسألة تطبيقية
مسألة (2)
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور التاجر؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بتنفيذ الأمر مما لديه من مخزون مملوك له؟ أو بعبارة أخرى هل تسمح الأنظمة بقيام السمسار بدور السمسار والتاجر معاً؟ هذه الظاهرة تسمى بتبطين تيار الأوامر order flow internalization، ويرتبط بها قضية مشابهة هي اتفاق السمسار مع أحد تجار الأسهم على تحويل أوامر عملائه إليه مقابل مدفوعات معينة، وتسمى بالدفع لتيار الأوامر payment for order flow. ومن المستغرب أن الأنظمة تسمح بهما بالرغم مما قد تؤديان إليه من تعارض في المصالح. ولكن الإذن مشروط باتباع قوانين معينة تمنع أو تقلل من غبن عميل السمسار.ومصلحة العميل في حالة تبطين الأوامر هو تقليل تكلفة التعامل حيث لا يتحمل السمسار –التاجر- تكاليف إتمام الصفقة عبر السوق المالية، بل يحصل على الفرق بين أفضل عرض وطلب الذي كان من الممكن أن يذهب لصانع السوق. وفي حالة الدفع لتيار الأوامر فإن تاجر الأسهم يسهم في تقليل التكاليف التي يتحملها السمسار مما ينعكس بدوره على العميل. وتلزم الأنظمة السمسار بإعلام العميل (على أساس سنوي)عما إذا كان يحصل على مبالغ من جراء توجيه تيار الأوامر، وتفاصيل تلك المبالغ كما تلزم إعلام السمسار للعميل عند تأكيد تنفيذ الصفقة ما إذا كان استلم مبلغ عن تلك الصفقة أم لا، وللعميل الحق في الحصول –عند الطلب- على معلومات إضافية. وفي جميع الأحوال فإن التنظيمات تلزم السمسار بتنفيذ الأمر وفق أفضل الشروط الممكنة. ويعني هذا وجوب الحرص على إرسال الأمر إلى السوق التي توفر أفضل تنفيذ ممكن للأمر. بل عليه الاجتهاد في الحصول على سعر أفضل مما حدد العميل في الأمر. كما يحق للعميل اشتراط توجيه الأمر إلى سوق محددة وهناك تنظيمات في الطريق للتطبيق تهدف إلى توفير مزيد من الشفافية حول درجة جودة التنفيذ من خلال مؤشرات تلتزم بنشرها الأسواق شهرياً، والسماسرة كل ثلاثة شهور. كما إن هناك أنظمة تتطلب توفر حد أدنى من الشفافية في عروض وطلبات تجار الأسهم، بهدف تقليل الغبن، مثل إعلام العميل عن مصدر الصفقة (هل هو السمسار، أو تاجر أسهم مستقل، أو سوق مالية) كما تلزم الأنظمة السمسار –التاجر- بأن يفصل بشكل واضح في حساباته بين ما يملكه لنفسه، وما يملكه لعملائه وأن يقدم تنفيذ أوامر العملاء على تنفيذ أوامره الخاصة، إلا إذا كان سعره أفضل.
4- تنفيذ الأمر: يتم تهيئة الأمر للتنفيذ من قبل السوق المالي وفق قواعد التعامل التي تحكم تلك السوق، وشروط العميل كما هي محددة في الأمر. ويجب التأكيد على أن لكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التعامل مثل أنواع الأوامر، وآلية التنفيذ (سوق نداء أم سوق مستمرة)، وأولوية تنفيذ الأوامر (السعر، الوقت، الحجم)، وأوقات التعامل، وحجم الحد الأدنى والأعلى للتغير في السعر، وهيكل العمولة. ويتم تنفيذ كامل كمية الأمر أو بعضها (وبالتالي حدوث صفقة) إذا تطابق سعر أمر الشراء مع سعر أمر البيع. وفي حالة تنفيذ الصفقة يتم الانتقال إلى المرحلة التالية. أما في حالة عدم تنفيذها فيشعر العميل بذلك، حتى يتمكن من اتخاذ القرار المناسب. (2)
مسائل تطبيقية
مسألة (3)
هل يمكن أن ينافس بعض السماسرة الأسواق المالية التقليدية؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور السوق بمطابقة أوامر العملاء مع بعضها بدون إرسالها للسوق؟ أو بعبارة هل تسمح الأنظمة للسمسار بأن ينافس القائمة في الاستحواذ على تيار الأوامر؟ والجواب نعم وأشهر الأمثلة على ذلك رويتر وITG وغيرهما. فهذه الشركات تقوم بتنفيذ أوامر العملاء مقابل بعضها البعض وفق أسعار الإغلاق في الأسواق المالية الرئيسية. والإطار القانوني الذي يسمح لمثل هؤلاء السماسرة بالقيام بهذا الدور هو كونهم من السماسرة الأعضاء في سوق NASDAQ. للتعرف على سبب نشأة هذه الأسواق، ومدى تهديدها للأسواق التقليدية، انظر Sirri (2000)
5- تسجيل معلومات الصفقة: في حالة تنفيذ الصفقة يرسل السوق تقريراً إلى السمسار وشركة المقاصة يبين جميع معلومات الصفقة بما في ذلك معلومات الطرف المقابل. ويقوم السمسار بترميز الصفقة؛ أي يضع لها رقماً مميزاً، مع بيان معلوماتها، أين وكيف ومتى تم تنفيذها، حجم الصفقة وقيمتها، عمولتها، الطرف المقابل في الصفقة، مراحل مقاصتها وتسويتها. ويرسل هذا التقرير عادة في شكل إلكتروني إلى السمسار بهدف إبلاغ العميل وتحديث حساباته، وإلى شركة المقاصة بهدف إجراء المقاصة والتمهيد للتسوية.
6- المقارنة مع الطرف المقابل: يقوم السمسار بمقارنة معلومات التنفيذ مع السمسار الآخر (الطرف المقابل في الصفقة) مباشرة أو من خلال شركة مقاصة (وهو الأغلب) للتأكد من صحتها. ولابد من حل أي مشكلة تنتج عن عدم تطابق معلومات الطرفين قبل الانتقال إلى مرحلة المقاصة والتسوية. وفي ظل التطور الحاصل في تقنية المعلومات والاتصالات تتم عمليات المقارنة هذه آنياً عند تنفيذ الصفقة؛ حيث يتم الاحتفاظ بمعلومات طرفي الصفقة وإرسالها مباشرة لشركة المقاصة. ويسمى هذا النوع المتزايد من الصفقات باسم Locked-in trade ويراد بها الصفقات التي تم مقارنتها لحظة تنفيذها إلكترونياً. وهنا يلحظ أن التقدم في تقنية المعلومات والاتصالات يوشك أن يدمج المرحلتين (5) و(6) في مرحلة التنفيذ (4).
7- إشعار العميل: يقوم السمسار (قبل الخطوة السابقة أو أثناءها أو بعدها) بإرسال إشعار للعميل، يؤكد فيه على تنفيذ الصفقة وبيان معلوماتها (اسم الورقة المالية، عددها، سعر التنفيذ، تكلفة الصفقة، عمولة السمسار، تاريخ التسوية). وتعتمد طبيعة الإشعار على طبيعة العميل فالمستثمر الفرد يرسل الإشعار إلى عنوانه البريدي أو الإلكتروني، والمستثمر المؤسسي أو الدولي يتم إشعاره غالباً من خلال شبكة معتمدة مثل SWIFT. ونظراً لكبر حجم أوامر المؤسسات المالية فإنه يتوقع من العميل المؤسسي أن يقوم بالموافقة صراحة أو ضمناً على معلومات الصفقة بعد تنفيذها. وفي نفس الوقت يتم تحديث حساب العميل لدى السمسار ليعكس التغيرات الجديدة.
8- المقاصة: تتم بعد ذلك عملية المقاصة بواسطة إحدى شركات المقاصة التي يعتبر سمسار العميل أحد أعضائها. ويقصد بالمقاصة جميع الإجراءات المتعلقة بحساب التزامات الأطراف المشتركين في الصفقات، تمهيداً لتسويتها. ويتم هذا الحساب في الغالب وفق مبدأ التصفية netting، الذي يقوم بإلغاء المراكز المالية المتقابلة لكل متعامل، ويؤدي في النهاية إلى تحديد صافية الدائنية أو المديونية لكل المتعاملين المشتركين في عملية التصفية(3) ويترتب على عملية المقاصة حينئذ تحديد ما إذا كان السمسار مستلماً أو مسلماً للورقة المالية محل التعامل، بعد مراعاة حجم الأوراق الذي لا يمكن استخدامه في عملية المقاصة (لكونها مقرضة أو مرهونة)، وتحديد المبالغ النقدية الدائنة والمدينة المترتب على الصفقات بالنسبة لجميع السماسرة الأعضاء في شركة المقاصة. وقد تتم المقاصة بواسطة شركة أو نظام تابع للسوق المالي نفسه.
9- التسوية: يقصد بالتسوية إتمام إجراءات الصفقة بقيام البائع بتحويل الأصل المالي إلى المشتري، في مقابل قيام المشتري بتحويل مبلغ الصفقة إلى البائع. وتبدأ هذه الإجراءات بعد إتمام المقاصة، حيث تبدأ عملية الدفع وتوثيق نقل الملكية وفق تنظيم معين تديره شركة المقاصة. والتنظيم يشمل بالإضافة إلى شركة المقاصة كلاً من: (1) حافظ الأوراق المالية. (2) ونظام للمدفوعات النقدية.
وتتطلب عملية المقاصة وجود حساب للسمسار لدى هاتين الجهتين حيث تقوم شركة المقاصة بتسوية جميع الصفقات من خلال إرسال تعليمات لكل من حافظ الأوراق المالية لتحديث قاعدة الملاك، وتعليمات لنظام المدفوعات لتحويل المبالغ النقدية بين حسابات السماسرة. وتقوم شركة المقاصة بإرسال تقرير نهائي عن عمليات التسوية لمكتب السمسار. ويسهل من عملية التسوية ارتباط شركة المقاصة بحافظ الأوراق المالية محل التعامل. ويمكن أن يتولى عمليتي المقاصة وحفظ الأوراق المالية وتحويل المبالغ النقدية جهة واحدة. وعادة ما يتم تحديد موعد التسوية وفق الاصطلاح التالي (T+3) حيث يمثل T تاريخ الصفقة (منتصف ليل يوم تنفيذها). ومعنى هذا الاصطلاح أن الصفقة سوف تسوى في اليوم الثالث بعد تاريخ تنفيذها. وبالنسبة للسندات الحكومية فتتم التسوية وفق T+1. وكما سنبين لاحقاً هناك جهود متواصلة على مستوى صناعة الأوراق المالية في العديد من الدول لتقليل الفارق إلى T+1.
ويفرق عادة بين أنواع أنظمة التسوية بحسب كونها إجمالية أو صافية (تبعاً لطبيعة المقاصة التي تسبقها)، وآنية أو متراخية (تبعاً للفرق بين التنفيذ والتسوية). ففي الإجمالية يتم تسوية كل صفقة على حدة (بدون تصفية)، ويمكن أن تكون فيها التسوية آنية بحيث يسلم البائع في الحال كل الأوراق المالية ويدفع المشتري كامل مبلغ الصفقة (وفي هذه الحالة فقط تتحد المقاصة مع التسوية) أو يقل الفرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية بشكل كبير. كما يمكن أن تكون التسوية الإجمالية متراخية عن وقت التنفيذ (غالباً في نهاية يوم التداول). أماالتسوية الصافية فيتم تسوية مجموعة من الصفقات في نـهاية اليوم أو في أوقات متفرقة خلال اليوم بعد أن يتم تصفية الصفقات التي تم تنفيذها قبل موعد التسوية.(4) ويوضح الجدول التالي هذه الأنواع:
نوع التسوية إجمالية صافية
آنية تتم في أثناء اليوم آنياً أو مع تأخير بسيط لكل صفقة على حدة وتستخدم عادة لتسوية الصفقات ذات المبالغ الكبيرة. ويطلق على هذا النظام الذي يتميز بخاصتي التسوية الإجمالية والآنية مصطلح:
Real-time gross settlement (RTGS) لا يمكن
(لا يمكن استخدام التصفية إلا إذا كان هناك فرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية يتسنى فيه تراكم عدد من الصفقات التي يمكن تسويتها على أساس صاف. ومن ثم لا يمكن أن تكون التسوية الآنية إلا إجمالية).
متراخية تسوية في نهاية اليوم لكل صفقة على حدة. ويستخدم عادة لتسوية المبالغ المترتبة على نتائج أنظمة المقاصة المختلفة. كما يدخل فيه نظم التسوية الإجمالية الآنية التي تجري المقاصة خلال اليوم بشكل آني ولكن مع قابلية النظام لإلغاء التسوية حتى نهاية اليوم. يمكن
وتتم التصفية في الغالب في نهاية اليوم. ولكنها يمكن أن تحدث خلال أوقات متقطعة أثناء اليوم.
ويمكن أن تستخدم التسوية الإجمالية والصافية في جانب التسليم و/أو الدفع. حيث يمكن أن يعتمد مبدأ التسوية الإجمالية لتسليم الأوراق المالية ودفع مبالغ الصفقات، أو يتم الاعتماد على مبدأ التسوية الإجمالية للتسليم فقط ومبدأ التسوية الصافية للدفع، أو يتم استخدام مبدأ التسوية الصافية للتسليم والدفع معاً.
وهناك صيغ مختلفة لتطبيق كل من التسوية الإجمالية والصافية. فمثلاً صيغ التسوية الإجمالية تختلف بحسب آلية الحصول على السيولة في حالة عدم قدرة الدافع على تغطية مبلغ الصفقة (عن طريق البنك المركزي، أو تنظيم داخلي بين مجموعة من المؤسسات، أو من ممول خارجي). كما أن التسوية الصافية يمكن أن تكون ثنائية bilateral أو متعددة multilateral، والأخيرة أكفأ من الثنائية في تقليل حجم وعدد المدفوعات التي يتحتم على كل طرف تسويتها.(5)
ولكل من التسوية الإجمالية والصافية مزايا وعيوب؛ فالمقاصة الصافية تقلل من حجم الصفقات، والمدفوعات المطلوب تحويلها وقت التسوية، ولكن مخاطر تسويتها –خاصة الخطر الائتماني- أعلى. أما المقاصة الإجمالية فتتطلب تحويلات مالية أكثر، وتتطلب من البنوك إدارة مخاطر السيولة بشكل متواصل مما يترتب عليه زيادة تكلفة الاحتفاظ بالاحتياطات، ولكن مخاطر تسويتها منخفضة.(6)
وتختلف أنظمة التسوية كذلك في وقت ما يسمى بحسم التسوية settlement finality ويقصد به الوقت الذي ينتفي فيه حق أي من الطرفين في إلغاء التسوية. إذ قد تسمح بعض الأنظمة بحق الإلغاء حتى وقت معين عادة ما يكون نهاية اليوم، بينما تمنع أخرى إلغاء التسوية بعد إتمامها تحقيقاً لاستقرار التعامل
بحث مقدم للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي،
الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة خلال شهر محرم 1424هـ
د. محمد بن إبراهيم السحيباني
أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
(طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
يهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية عموماً مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية. يبدأ البحث بمقدمة حول موضوع نقل ملكية الأوراق المالية، ثم يسرد في القسم الثاني الخطوات التي يسلكها الآمر ابتداء من فتح العميل حساباً لدى السمسار، وإرسال الأمر إلى السوق إلى تسوية الصفقة في حالة تنفيذ الأمر. وفي القسم الثالث يستعرض أهم الأطراف المشتركين في عملية نقل الملكية، ووظيفة كل طرف. ويعرض القسم الرابع لمخاطر التسوية بشكل موجز. أما القسم الخامس فيوصف آلية التسوية في أسواق مالية مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل عملية تسوية الصفقات والإشارة إلى بعض الاستنتاجات حول الانعكاسات المحتملة لهذه التطورات على مساحة التعاملات المقبولة من الناحية الشرعية في هذه الأسواق.
Settlement Mechanisms in Financial Markets
Abstract
The paper describes the settlement mechanisms employed in three selected financial markets: New York Stock Exchange (NYSE), London ****************l Exchange (MLE) and Saudi Stock Market (SSM). After the introduction, the paper explains each step of trading process, from opining a new account and placing buy or sell order through to the final settlement. The paper then describes the role and functions of financial institutions in these process and settlement risks involved. The paper concludes by exploring the future of settlement mechanisms and their implication for the range of permissible Islamic transactions in the financial markets.
1- مقدمة:
في أي صفقة تتم بين بائع ومشترٍ, يقوم المشتري بدفع الثمن مقابل قيام البائع بتسليم المثمن سواء كان سلعة أو خدمة أو أصلاً مالياً. والدفع قد يكون بنقد أو بطاقة مصرفية وقت المبادلة، وهنا يتزامن وقت دفع الثمن مع استلام المثمن، أو بعبارة اصطلاحية يتزامن وقت تنفيذ الصفقة مع وقت مقاصتها ووقت تسويتها. ومن أمثلتها الصفقات العادية اليدوية (كالشراء من البقالة)، أو الصفقات الإلكترونية التي تحدث من خلال نقاط البيع عبر الوسائط الإلكترونية ولكن قد يكون الدفع بشيك أو بطاقة ائتمان أو إيداع أو تحويل إلكتروني، وهنا قد لا يتطابق وقت تنفيذ الصفقة مع وقت دفع الثمن أو وقت استلام المثمن، أو بعبارة أخرى يتراخى وقت مقاصة ثم تسوية الصفقة عن وقت تنفيذها.
ويقصد بالمقاصة clearing معالجة عمليات الدفع والتسليم وتحديد حجم الدائنية والمديونية بين المتعاملين، وبالتالي تحديد التزامات كل طرف تمهيداً للتسوية. أمَّا التسوية settlement فيقصد بها التحويل الفعلي للنقود من المشتري إلى البائع، وتسليم المثمن (أي توثيق نقل ملكية المثمن كالأوراق المالية) من البائع إلى المشتري. وبالرغم من إمكانية التفريق بين المقاصة والتسوية من الناحية النظرية، إلا أنه في الواقع العملي يتولى كلا الوظيفتين في الغالب شركة واحدة يطلق عليها عادة شركة المقاصة، أو بيت المقاصة. حيث تقوم هذه الشركة بعملية المقاصة والترتيب مع أطراف أخرى (كحافظ الأوراق المالية ونظام معين للمدفوعات النقدية) لإتمام عملية التسوية.
بالرغم من أن الكثير يجهل عمل آليات المقاصة والتسوية،(1) وبالرغم من عدم شعور المتعاملين بدورها في إتمام الصفقات إلا أن لها دوراً كبيراً في تسهيل مبادلة الأوراق المالية في الاقتصاد؛ وتقليل مخاطر تسويتها، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في المخاطر المنبعثة من نفس النظام systemic risk في حالة الأزمات. ويهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية، كأسواق الأسهم الأمريكية وسوق لندن للمعادن وسوق الأسهم السعودية. ويركز البحث بشكل خاص على توصيف آليات التسوية التي تتم في أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن بالاستعانة بالمصادر المتخصصة وتقديمها للقارئ بلغة سهلة، وبحث الآلية الجديدة لتسوية الصفقات في سوق الأسهم السعودية كما طبقت في التحديث الأخير لنظام التداول الإلكتروني (تداول).
ويفترض البحث إلمام القارئ بالقواعد الرئيسية الحاكمة للمبادلات في الفقه الإسلامي، حيث أنه كتب بهدف تعريف الفقهاء بالإجراءات التفصيلية المتبعة لنقل الملكية في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية. وقد تم تنقيحه أكثر من مرة استجابة لاستفسارات فقهية محددة آثارها البحث. فالبحث ذو طابع وصفي، ولا ينزع إلى التحليل الفقهي الذي يروم الوصول إلى اجتهاد في المسائل المطروحة. مع ذلك فلم يغفل البحث الإشارة في خاتمته إلى بعض الاستنتاجات التي يمكن الوصول إليها من واقع آليات نقل حقوق الملكية كما تطبقها أبرز الأسواق المالية القائمة، وانعكاسات التطورات المتوقعة في هذه الآليات على مساحة التعاملات الإسلامية في هذه الأسواق.
وقد تم تقسيم البحث على النحو التالي: يبدأ البحث بسرد الخطوات التي يسلكها الأمر ابتداء من فتح الحساب وطلب تنفيذ الأمر وانتهاء بتسوية الصفقة. ويستعرض القسم الثالث أهم الجهات ذات العلاقة بعملية نقل ملكية الأوراق المالية، وبيان دور كل جهة. ثم يبين في القسم الرابع أهم المخاطر التي تهدد إكمال التسوية ونقل الملكية. ويشير القسم الخامس إلى آلية التسوية في أسواق مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل آليات التسوية في الأسواق المالية، وانعكاساته على مجال التعاملات الإسلامية فيها.
2- المراحل التي تمر بها أوامر البيع والشراء:
من المهم استعراض المراحل التي يمر بها الأمر ابتداء من فتح الحساب وإرسال الأمر وتنفيذه إلى نقل ملكيته. وينبغي التأكيد ابتداء على أن التطور في مجال تقنية المعلومات سائر في اتجاه دمج أكثر من مرحلة في مرحلة واحدة. وكما سنبين في القسم التالي فإن بعض المراحل قد تتولاها شركة واحدة أو شركات متعددة بينها ارتباط وثيق. ويوضح الشكل (2) تسلسل هذه المراحل، والأطراف الرئيسة المشتركة فيها.
1- فتح الحساب: يقوم العميل (المستثمر) بفتح حساب لدى أحد سماسرة الأوراق المالية وأشهر أنواع الحسابات هما حساب النقد، وحساب الهامش.والفرق بينهما هو التزام صاحب حساب النقد بدفع كامل قيمة صفقة الشراء، واستحقاقه استلام كامل قيمة صفقة البيع. وقد يتطلب الأمر إيداع ما يغطي قيمة الصفقة بالنسبة للشراء أو ما يثبت الملكية بالنسبة للبيع، ولكنه ليس ضرورياً؛ إذ قد يسمح السمسار لصاحب الحساب بتسديد كامل المبلغ بعد إشعاره بتنفيذ أمر الشراء خلال أيام (قد تصل إلى 3 أيام في ظل بعض أنظمة التسوية). كما قد يتأخر السمسار في تحويل المبلغ إلى حساب العميل البائع في حدود نفس هذه الفترة. أما في حساب الهامش فيحق لصاحب الحساب دفع بعض قيمة الصفقة واقتراض الباقي من السمسار برهن ما لديه من الأوراق المالية. أو اقتراض أوراق مالية وبيعها "بيعاً مكشوفاً" بعد توفير حد أدنى من الضمانات. ويثير هذا النوع من الحسابات تعقيدات إضافية في عمل السمسار والأطراف الآخرين المشتركين في صناعة تداول الأوراق المالية. حيث يتطلب من السمسار إنشاء أكثر من قسم للتعامل مع هذا النوع من الحسابات. بالإضافة إلى هذين النوعين يتم التفريق عادة بين حساب الأفراد وحساب المؤسسات المالية التي تستثمر في الأوراق المالية (مثل صناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد ونحوها). ويبرز الفرق بين هذين الحسابين في آلية مقارنة الصفقة وتسويتها كما سنبين لاحقاً. وأياً كان نوع الحساب فإن العميل يجب أن يحدد –من بين أشياء أخرى- مدى رغبته في قيام السمسار بدور الحافظ لأوراقه المالية؛ إذ قد يطلب العميل أن يتم تسجيل الورقة المالية باسمه وترسل الشهادة إلى عنوانه، أو تسجل باسمه ويحفظها السمسار في خزانته، أو أن يسجلها السمسار باسمه ويحفظها لديه أو لدى حافظ آخر.
مسائل تطبيقية:
مسألة (1)
لماذا يرغب أو يشترط السمسار الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية؟
مصطلح street name يستخدم على نطاق واسع في هذه الصناعة ويقصد به الأوراق المالية المسجلة باسم السمسار لصالح العميل. وفي هذه الحالة يكون هناك فرق بين المالك الاسمي (السمسار) والمالك الفعلي (العميل) حيث يكون العميل هو المالك المنتفع beneficial owner فالسمسار أمام الشركة المصدرة للورقة يعتبر المالك ولكن المالك الحقيقي الذي ينتفع من الأرباح والفوائد وحق التصويت في حالة الأسهم هو العميل وهذا النوع من الإنفاق يحتم على السمسار إرسال الأرباح التي تصله من الشركة إلى حساب العميل، وإرسال المعلومات التي ترسلها الشركة إلى بريد العميل، وإعطاء العميل وكالة لحضور الجمعية العمومية التصويت.
ويحرص أغلب السماسرة على الحصول على إذن العميل في الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية التي يشترونها، لأنه يسهل عملية التسوية، بل يعتبر شرطاً في فتح حساب الهامش لدى كثير من السماسرة، حيث يسهل هذا من تسييل السمسار للأوراق المالية للعميل في حالة إخفاقه في الاحتفاظ بالحد الأدنى من الهامش. بالإضافة إلى ذلك يمكن هذا الإجراء السماسرة من إقراض واقتراض الأوراق المالية لعملائهم أو فيما بينهم لأغراض مختلفة.
2- طلب تنفيذ أمر: يطلب العميل تنفيذ أمر بيع أو شراء. وهناك أنواع عديدة من الأوامر، كالأمر السوقي والأمر المقيد، وأمر وقف الخسارة. ما يستطيع العميل أن يحدد شروط تنفيذ الأمر من حيث الكمية، والوقت، ومدة بقائه نشطاً، وغيرها من الشروط المعتادة. ومن المعلومات التي يتضمنها الأمر عادة: اسم العميل ورقم حسابه، بيع أم شراء، الكمية، اسم الورقة المالية ورمزها، السعر، مدة بقاء الأمر نشطاً، بالإضافة إلى معلومات عن مكان الورقة المالية (في حالة البيع) أو أين تودع (بعد الشراء)، وطريقة الدفع والإيداع، ونوع الحساب. وقد يقوم السمسار بتوفير خدمة الاطلاع على أحوال الأسواق وإمكانية إدخال الأوامر للعميل في موقعه أو مواقع العملاء من خلال شبكة الانترنت.
3- إرسال الأمر إلى السوق: بعد التأكد من صحة معلومات الأمر يقوم السمسار بإرسال الأمر إلى أحد الأسواق المالية عن طريق الهاتف أو الفاكس أو التلكس أو إلكترونياً (وهو السائد حالياً) حتى يتم تنفيذه (مع طرف مقابل). وفي بعض الدول كالولايات المتحدة يوجد أكثر من سوق مالية للأسهم، ويمكن أن تكون الشركة مدرجة في أكثر من سوق. ولكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التنفيذ، ولهذا يتضمن اختيار السوق تفضيلات العميل تجاه آلية التنفيذ. ويلاحظ أن التنظيمات تسمح للسمسار باختيار السوق المالية التي يرسل الأمر إليها إذا لم ينص العميل على سوق مالية محددة.
والمراحل الثلاث السابقة (من فتح الحساب إلى إرسال الأمر إلى السوق) يمكن أن يقوم بها العميل في الوقت الحاضر بدون أن يكون هناك اتصال (وجهاً لوجه) مع السمسار وذلك من خلال زيارة مواقع السماسرة الذين يقدمون خدماتهم عبر شبكة الإنترنت.
مسألة تطبيقية
مسألة (2)
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور التاجر؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بتنفيذ الأمر مما لديه من مخزون مملوك له؟ أو بعبارة أخرى هل تسمح الأنظمة بقيام السمسار بدور السمسار والتاجر معاً؟ هذه الظاهرة تسمى بتبطين تيار الأوامر order flow internalization، ويرتبط بها قضية مشابهة هي اتفاق السمسار مع أحد تجار الأسهم على تحويل أوامر عملائه إليه مقابل مدفوعات معينة، وتسمى بالدفع لتيار الأوامر payment for order flow. ومن المستغرب أن الأنظمة تسمح بهما بالرغم مما قد تؤديان إليه من تعارض في المصالح. ولكن الإذن مشروط باتباع قوانين معينة تمنع أو تقلل من غبن عميل السمسار.ومصلحة العميل في حالة تبطين الأوامر هو تقليل تكلفة التعامل حيث لا يتحمل السمسار –التاجر- تكاليف إتمام الصفقة عبر السوق المالية، بل يحصل على الفرق بين أفضل عرض وطلب الذي كان من الممكن أن يذهب لصانع السوق. وفي حالة الدفع لتيار الأوامر فإن تاجر الأسهم يسهم في تقليل التكاليف التي يتحملها السمسار مما ينعكس بدوره على العميل. وتلزم الأنظمة السمسار بإعلام العميل (على أساس سنوي)عما إذا كان يحصل على مبالغ من جراء توجيه تيار الأوامر، وتفاصيل تلك المبالغ كما تلزم إعلام السمسار للعميل عند تأكيد تنفيذ الصفقة ما إذا كان استلم مبلغ عن تلك الصفقة أم لا، وللعميل الحق في الحصول –عند الطلب- على معلومات إضافية. وفي جميع الأحوال فإن التنظيمات تلزم السمسار بتنفيذ الأمر وفق أفضل الشروط الممكنة. ويعني هذا وجوب الحرص على إرسال الأمر إلى السوق التي توفر أفضل تنفيذ ممكن للأمر. بل عليه الاجتهاد في الحصول على سعر أفضل مما حدد العميل في الأمر. كما يحق للعميل اشتراط توجيه الأمر إلى سوق محددة وهناك تنظيمات في الطريق للتطبيق تهدف إلى توفير مزيد من الشفافية حول درجة جودة التنفيذ من خلال مؤشرات تلتزم بنشرها الأسواق شهرياً، والسماسرة كل ثلاثة شهور. كما إن هناك أنظمة تتطلب توفر حد أدنى من الشفافية في عروض وطلبات تجار الأسهم، بهدف تقليل الغبن، مثل إعلام العميل عن مصدر الصفقة (هل هو السمسار، أو تاجر أسهم مستقل، أو سوق مالية) كما تلزم الأنظمة السمسار –التاجر- بأن يفصل بشكل واضح في حساباته بين ما يملكه لنفسه، وما يملكه لعملائه وأن يقدم تنفيذ أوامر العملاء على تنفيذ أوامره الخاصة، إلا إذا كان سعره أفضل.
4- تنفيذ الأمر: يتم تهيئة الأمر للتنفيذ من قبل السوق المالي وفق قواعد التعامل التي تحكم تلك السوق، وشروط العميل كما هي محددة في الأمر. ويجب التأكيد على أن لكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التعامل مثل أنواع الأوامر، وآلية التنفيذ (سوق نداء أم سوق مستمرة)، وأولوية تنفيذ الأوامر (السعر، الوقت، الحجم)، وأوقات التعامل، وحجم الحد الأدنى والأعلى للتغير في السعر، وهيكل العمولة. ويتم تنفيذ كامل كمية الأمر أو بعضها (وبالتالي حدوث صفقة) إذا تطابق سعر أمر الشراء مع سعر أمر البيع. وفي حالة تنفيذ الصفقة يتم الانتقال إلى المرحلة التالية. أما في حالة عدم تنفيذها فيشعر العميل بذلك، حتى يتمكن من اتخاذ القرار المناسب. (2)
مسائل تطبيقية
مسألة (3)
هل يمكن أن ينافس بعض السماسرة الأسواق المالية التقليدية؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور السوق بمطابقة أوامر العملاء مع بعضها بدون إرسالها للسوق؟ أو بعبارة هل تسمح الأنظمة للسمسار بأن ينافس القائمة في الاستحواذ على تيار الأوامر؟ والجواب نعم وأشهر الأمثلة على ذلك رويتر وITG وغيرهما. فهذه الشركات تقوم بتنفيذ أوامر العملاء مقابل بعضها البعض وفق أسعار الإغلاق في الأسواق المالية الرئيسية. والإطار القانوني الذي يسمح لمثل هؤلاء السماسرة بالقيام بهذا الدور هو كونهم من السماسرة الأعضاء في سوق NASDAQ. للتعرف على سبب نشأة هذه الأسواق، ومدى تهديدها للأسواق التقليدية، انظر Sirri (2000)
5- تسجيل معلومات الصفقة: في حالة تنفيذ الصفقة يرسل السوق تقريراً إلى السمسار وشركة المقاصة يبين جميع معلومات الصفقة بما في ذلك معلومات الطرف المقابل. ويقوم السمسار بترميز الصفقة؛ أي يضع لها رقماً مميزاً، مع بيان معلوماتها، أين وكيف ومتى تم تنفيذها، حجم الصفقة وقيمتها، عمولتها، الطرف المقابل في الصفقة، مراحل مقاصتها وتسويتها. ويرسل هذا التقرير عادة في شكل إلكتروني إلى السمسار بهدف إبلاغ العميل وتحديث حساباته، وإلى شركة المقاصة بهدف إجراء المقاصة والتمهيد للتسوية.
6- المقارنة مع الطرف المقابل: يقوم السمسار بمقارنة معلومات التنفيذ مع السمسار الآخر (الطرف المقابل في الصفقة) مباشرة أو من خلال شركة مقاصة (وهو الأغلب) للتأكد من صحتها. ولابد من حل أي مشكلة تنتج عن عدم تطابق معلومات الطرفين قبل الانتقال إلى مرحلة المقاصة والتسوية. وفي ظل التطور الحاصل في تقنية المعلومات والاتصالات تتم عمليات المقارنة هذه آنياً عند تنفيذ الصفقة؛ حيث يتم الاحتفاظ بمعلومات طرفي الصفقة وإرسالها مباشرة لشركة المقاصة. ويسمى هذا النوع المتزايد من الصفقات باسم Locked-in trade ويراد بها الصفقات التي تم مقارنتها لحظة تنفيذها إلكترونياً. وهنا يلحظ أن التقدم في تقنية المعلومات والاتصالات يوشك أن يدمج المرحلتين (5) و(6) في مرحلة التنفيذ (4).
7- إشعار العميل: يقوم السمسار (قبل الخطوة السابقة أو أثناءها أو بعدها) بإرسال إشعار للعميل، يؤكد فيه على تنفيذ الصفقة وبيان معلوماتها (اسم الورقة المالية، عددها، سعر التنفيذ، تكلفة الصفقة، عمولة السمسار، تاريخ التسوية). وتعتمد طبيعة الإشعار على طبيعة العميل فالمستثمر الفرد يرسل الإشعار إلى عنوانه البريدي أو الإلكتروني، والمستثمر المؤسسي أو الدولي يتم إشعاره غالباً من خلال شبكة معتمدة مثل SWIFT. ونظراً لكبر حجم أوامر المؤسسات المالية فإنه يتوقع من العميل المؤسسي أن يقوم بالموافقة صراحة أو ضمناً على معلومات الصفقة بعد تنفيذها. وفي نفس الوقت يتم تحديث حساب العميل لدى السمسار ليعكس التغيرات الجديدة.
8- المقاصة: تتم بعد ذلك عملية المقاصة بواسطة إحدى شركات المقاصة التي يعتبر سمسار العميل أحد أعضائها. ويقصد بالمقاصة جميع الإجراءات المتعلقة بحساب التزامات الأطراف المشتركين في الصفقات، تمهيداً لتسويتها. ويتم هذا الحساب في الغالب وفق مبدأ التصفية netting، الذي يقوم بإلغاء المراكز المالية المتقابلة لكل متعامل، ويؤدي في النهاية إلى تحديد صافية الدائنية أو المديونية لكل المتعاملين المشتركين في عملية التصفية(3) ويترتب على عملية المقاصة حينئذ تحديد ما إذا كان السمسار مستلماً أو مسلماً للورقة المالية محل التعامل، بعد مراعاة حجم الأوراق الذي لا يمكن استخدامه في عملية المقاصة (لكونها مقرضة أو مرهونة)، وتحديد المبالغ النقدية الدائنة والمدينة المترتب على الصفقات بالنسبة لجميع السماسرة الأعضاء في شركة المقاصة. وقد تتم المقاصة بواسطة شركة أو نظام تابع للسوق المالي نفسه.
9- التسوية: يقصد بالتسوية إتمام إجراءات الصفقة بقيام البائع بتحويل الأصل المالي إلى المشتري، في مقابل قيام المشتري بتحويل مبلغ الصفقة إلى البائع. وتبدأ هذه الإجراءات بعد إتمام المقاصة، حيث تبدأ عملية الدفع وتوثيق نقل الملكية وفق تنظيم معين تديره شركة المقاصة. والتنظيم يشمل بالإضافة إلى شركة المقاصة كلاً من: (1) حافظ الأوراق المالية. (2) ونظام للمدفوعات النقدية.
وتتطلب عملية المقاصة وجود حساب للسمسار لدى هاتين الجهتين حيث تقوم شركة المقاصة بتسوية جميع الصفقات من خلال إرسال تعليمات لكل من حافظ الأوراق المالية لتحديث قاعدة الملاك، وتعليمات لنظام المدفوعات لتحويل المبالغ النقدية بين حسابات السماسرة. وتقوم شركة المقاصة بإرسال تقرير نهائي عن عمليات التسوية لمكتب السمسار. ويسهل من عملية التسوية ارتباط شركة المقاصة بحافظ الأوراق المالية محل التعامل. ويمكن أن يتولى عمليتي المقاصة وحفظ الأوراق المالية وتحويل المبالغ النقدية جهة واحدة. وعادة ما يتم تحديد موعد التسوية وفق الاصطلاح التالي (T+3) حيث يمثل T تاريخ الصفقة (منتصف ليل يوم تنفيذها). ومعنى هذا الاصطلاح أن الصفقة سوف تسوى في اليوم الثالث بعد تاريخ تنفيذها. وبالنسبة للسندات الحكومية فتتم التسوية وفق T+1. وكما سنبين لاحقاً هناك جهود متواصلة على مستوى صناعة الأوراق المالية في العديد من الدول لتقليل الفارق إلى T+1.
ويفرق عادة بين أنواع أنظمة التسوية بحسب كونها إجمالية أو صافية (تبعاً لطبيعة المقاصة التي تسبقها)، وآنية أو متراخية (تبعاً للفرق بين التنفيذ والتسوية). ففي الإجمالية يتم تسوية كل صفقة على حدة (بدون تصفية)، ويمكن أن تكون فيها التسوية آنية بحيث يسلم البائع في الحال كل الأوراق المالية ويدفع المشتري كامل مبلغ الصفقة (وفي هذه الحالة فقط تتحد المقاصة مع التسوية) أو يقل الفرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية بشكل كبير. كما يمكن أن تكون التسوية الإجمالية متراخية عن وقت التنفيذ (غالباً في نهاية يوم التداول). أماالتسوية الصافية فيتم تسوية مجموعة من الصفقات في نـهاية اليوم أو في أوقات متفرقة خلال اليوم بعد أن يتم تصفية الصفقات التي تم تنفيذها قبل موعد التسوية.(4) ويوضح الجدول التالي هذه الأنواع:
نوع التسوية إجمالية صافية
آنية تتم في أثناء اليوم آنياً أو مع تأخير بسيط لكل صفقة على حدة وتستخدم عادة لتسوية الصفقات ذات المبالغ الكبيرة. ويطلق على هذا النظام الذي يتميز بخاصتي التسوية الإجمالية والآنية مصطلح:
Real-time gross settlement (RTGS) لا يمكن
(لا يمكن استخدام التصفية إلا إذا كان هناك فرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية يتسنى فيه تراكم عدد من الصفقات التي يمكن تسويتها على أساس صاف. ومن ثم لا يمكن أن تكون التسوية الآنية إلا إجمالية).
متراخية تسوية في نهاية اليوم لكل صفقة على حدة. ويستخدم عادة لتسوية المبالغ المترتبة على نتائج أنظمة المقاصة المختلفة. كما يدخل فيه نظم التسوية الإجمالية الآنية التي تجري المقاصة خلال اليوم بشكل آني ولكن مع قابلية النظام لإلغاء التسوية حتى نهاية اليوم. يمكن
وتتم التصفية في الغالب في نهاية اليوم. ولكنها يمكن أن تحدث خلال أوقات متقطعة أثناء اليوم.
ويمكن أن تستخدم التسوية الإجمالية والصافية في جانب التسليم و/أو الدفع. حيث يمكن أن يعتمد مبدأ التسوية الإجمالية لتسليم الأوراق المالية ودفع مبالغ الصفقات، أو يتم الاعتماد على مبدأ التسوية الإجمالية للتسليم فقط ومبدأ التسوية الصافية للدفع، أو يتم استخدام مبدأ التسوية الصافية للتسليم والدفع معاً.
وهناك صيغ مختلفة لتطبيق كل من التسوية الإجمالية والصافية. فمثلاً صيغ التسوية الإجمالية تختلف بحسب آلية الحصول على السيولة في حالة عدم قدرة الدافع على تغطية مبلغ الصفقة (عن طريق البنك المركزي، أو تنظيم داخلي بين مجموعة من المؤسسات، أو من ممول خارجي). كما أن التسوية الصافية يمكن أن تكون ثنائية bilateral أو متعددة multilateral، والأخيرة أكفأ من الثنائية في تقليل حجم وعدد المدفوعات التي يتحتم على كل طرف تسويتها.(5)
ولكل من التسوية الإجمالية والصافية مزايا وعيوب؛ فالمقاصة الصافية تقلل من حجم الصفقات، والمدفوعات المطلوب تحويلها وقت التسوية، ولكن مخاطر تسويتها –خاصة الخطر الائتماني- أعلى. أما المقاصة الإجمالية فتتطلب تحويلات مالية أكثر، وتتطلب من البنوك إدارة مخاطر السيولة بشكل متواصل مما يترتب عليه زيادة تكلفة الاحتفاظ بالاحتياطات، ولكن مخاطر تسويتها منخفضة.(6)
وتختلف أنظمة التسوية كذلك في وقت ما يسمى بحسم التسوية settlement finality ويقصد به الوقت الذي ينتفي فيه حق أي من الطرفين في إلغاء التسوية. إذ قد تسمح بعض الأنظمة بحق الإلغاء حتى وقت معين عادة ما يكون نهاية اليوم، بينما تمنع أخرى إلغاء التسوية بعد إتمامها تحقيقاً لاستقرار التعامل