المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آليات نقل حقوق الملكية في الأسواق المالية



Cat
01-29-2009, 01:53 PM
آليات نقل حقوق الملكية في الأسواق المالية

بحث مقدم للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي،
الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة خلال شهر محرم 1424هـ

د. محمد بن إبراهيم السحيباني
أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية




(طبعة تمهيدية)



ملخص البحث
يهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية عموماً مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية. يبدأ البحث بمقدمة حول موضوع نقل ملكية الأوراق المالية، ثم يسرد في القسم الثاني الخطوات التي يسلكها الآمر ابتداء من فتح العميل حساباً لدى السمسار، وإرسال الأمر إلى السوق إلى تسوية الصفقة في حالة تنفيذ الأمر. وفي القسم الثالث يستعرض أهم الأطراف المشتركين في عملية نقل الملكية، ووظيفة كل طرف. ويعرض القسم الرابع لمخاطر التسوية بشكل موجز. أما القسم الخامس فيوصف آلية التسوية في أسواق مالية مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل عملية تسوية الصفقات والإشارة إلى بعض الاستنتاجات حول الانعكاسات المحتملة لهذه التطورات على مساحة التعاملات المقبولة من الناحية الشرعية في هذه الأسواق.










Settlement Mechanisms in Financial Markets
Abstract
The paper describes the settlement mechanisms employed in three selected financial markets: New York Stock Exchange (NYSE), London ****************l Exchange (MLE) and Saudi Stock Market (SSM). After the introduction, the paper explains each step of trading process, from opining a new account and placing buy or sell order through to the final settlement. The paper then describes the role and functions of financial institutions in these process and settlement risks involved. The paper concludes by exploring the future of settlement mechanisms and their implication for the range of permissible Islamic transactions in the financial markets.









1- مقدمة:
في أي صفقة تتم بين بائع ومشترٍ, يقوم المشتري بدفع الثمن مقابل قيام البائع بتسليم المثمن سواء كان سلعة أو خدمة أو أصلاً مالياً. والدفع قد يكون بنقد أو بطاقة مصرفية وقت المبادلة، وهنا يتزامن وقت دفع الثمن مع استلام المثمن، أو بعبارة اصطلاحية يتزامن وقت تنفيذ الصفقة مع وقت مقاصتها ووقت تسويتها. ومن أمثلتها الصفقات العادية اليدوية (كالشراء من البقالة)، أو الصفقات الإلكترونية التي تحدث من خلال نقاط البيع عبر الوسائط الإلكترونية ولكن قد يكون الدفع بشيك أو بطاقة ائتمان أو إيداع أو تحويل إلكتروني، وهنا قد لا يتطابق وقت تنفيذ الصفقة مع وقت دفع الثمن أو وقت استلام المثمن، أو بعبارة أخرى يتراخى وقت مقاصة ثم تسوية الصفقة عن وقت تنفيذها.
ويقصد بالمقاصة clearing معالجة عمليات الدفع والتسليم وتحديد حجم الدائنية والمديونية بين المتعاملين، وبالتالي تحديد التزامات كل طرف تمهيداً للتسوية. أمَّا التسوية settlement فيقصد بها التحويل الفعلي للنقود من المشتري إلى البائع، وتسليم المثمن (أي توثيق نقل ملكية المثمن كالأوراق المالية) من البائع إلى المشتري. وبالرغم من إمكانية التفريق بين المقاصة والتسوية من الناحية النظرية، إلا أنه في الواقع العملي يتولى كلا الوظيفتين في الغالب شركة واحدة يطلق عليها عادة شركة المقاصة، أو بيت المقاصة. حيث تقوم هذه الشركة بعملية المقاصة والترتيب مع أطراف أخرى (كحافظ الأوراق المالية ونظام معين للمدفوعات النقدية) لإتمام عملية التسوية.
بالرغم من أن الكثير يجهل عمل آليات المقاصة والتسوية،(1) وبالرغم من عدم شعور المتعاملين بدورها في إتمام الصفقات إلا أن لها دوراً كبيراً في تسهيل مبادلة الأوراق المالية في الاقتصاد؛ وتقليل مخاطر تسويتها، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في المخاطر المنبعثة من نفس النظام systemic risk في حالة الأزمات. ويهدف البحث إلى توصيف آلية تسوية الصفقات في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية مع التركيز على الآلية المطبقة في عدد من الأسواق المالية ذات الأهمية النسبية، كأسواق الأسهم الأمريكية وسوق لندن للمعادن وسوق الأسهم السعودية. ويركز البحث بشكل خاص على توصيف آليات التسوية التي تتم في أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن بالاستعانة بالمصادر المتخصصة وتقديمها للقارئ بلغة سهلة، وبحث الآلية الجديدة لتسوية الصفقات في سوق الأسهم السعودية كما طبقت في التحديث الأخير لنظام التداول الإلكتروني (تداول).
ويفترض البحث إلمام القارئ بالقواعد الرئيسية الحاكمة للمبادلات في الفقه الإسلامي، حيث أنه كتب بهدف تعريف الفقهاء بالإجراءات التفصيلية المتبعة لنقل الملكية في الأسواق المالية ذات النظم الإلكترونية. وقد تم تنقيحه أكثر من مرة استجابة لاستفسارات فقهية محددة آثارها البحث. فالبحث ذو طابع وصفي، ولا ينزع إلى التحليل الفقهي الذي يروم الوصول إلى اجتهاد في المسائل المطروحة. مع ذلك فلم يغفل البحث الإشارة في خاتمته إلى بعض الاستنتاجات التي يمكن الوصول إليها من واقع آليات نقل حقوق الملكية كما تطبقها أبرز الأسواق المالية القائمة، وانعكاسات التطورات المتوقعة في هذه الآليات على مساحة التعاملات الإسلامية في هذه الأسواق.
وقد تم تقسيم البحث على النحو التالي: يبدأ البحث بسرد الخطوات التي يسلكها الأمر ابتداء من فتح الحساب وطلب تنفيذ الأمر وانتهاء بتسوية الصفقة. ويستعرض القسم الثالث أهم الجهات ذات العلاقة بعملية نقل ملكية الأوراق المالية، وبيان دور كل جهة. ثم يبين في القسم الرابع أهم المخاطر التي تهدد إكمال التسوية ونقل الملكية. ويشير القسم الخامس إلى آلية التسوية في أسواق مختارة هي أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية. ويختم القسم السادس البحث باستشراف مستقبل آليات التسوية في الأسواق المالية، وانعكاساته على مجال التعاملات الإسلامية فيها.
2- المراحل التي تمر بها أوامر البيع والشراء:
من المهم استعراض المراحل التي يمر بها الأمر ابتداء من فتح الحساب وإرسال الأمر وتنفيذه إلى نقل ملكيته. وينبغي التأكيد ابتداء على أن التطور في مجال تقنية المعلومات سائر في اتجاه دمج أكثر من مرحلة في مرحلة واحدة. وكما سنبين في القسم التالي فإن بعض المراحل قد تتولاها شركة واحدة أو شركات متعددة بينها ارتباط وثيق. ويوضح الشكل (2) تسلسل هذه المراحل، والأطراف الرئيسة المشتركة فيها.
1- فتح الحساب: يقوم العميل (المستثمر) بفتح حساب لدى أحد سماسرة الأوراق المالية وأشهر أنواع الحسابات هما حساب النقد، وحساب الهامش.والفرق بينهما هو التزام صاحب حساب النقد بدفع كامل قيمة صفقة الشراء، واستحقاقه استلام كامل قيمة صفقة البيع. وقد يتطلب الأمر إيداع ما يغطي قيمة الصفقة بالنسبة للشراء أو ما يثبت الملكية بالنسبة للبيع، ولكنه ليس ضرورياً؛ إذ قد يسمح السمسار لصاحب الحساب بتسديد كامل المبلغ بعد إشعاره بتنفيذ أمر الشراء خلال أيام (قد تصل إلى 3 أيام في ظل بعض أنظمة التسوية). كما قد يتأخر السمسار في تحويل المبلغ إلى حساب العميل البائع في حدود نفس هذه الفترة. أما في حساب الهامش فيحق لصاحب الحساب دفع بعض قيمة الصفقة واقتراض الباقي من السمسار برهن ما لديه من الأوراق المالية. أو اقتراض أوراق مالية وبيعها "بيعاً مكشوفاً" بعد توفير حد أدنى من الضمانات. ويثير هذا النوع من الحسابات تعقيدات إضافية في عمل السمسار والأطراف الآخرين المشتركين في صناعة تداول الأوراق المالية. حيث يتطلب من السمسار إنشاء أكثر من قسم للتعامل مع هذا النوع من الحسابات. بالإضافة إلى هذين النوعين يتم التفريق عادة بين حساب الأفراد وحساب المؤسسات المالية التي تستثمر في الأوراق المالية (مثل صناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد ونحوها). ويبرز الفرق بين هذين الحسابين في آلية مقارنة الصفقة وتسويتها كما سنبين لاحقاً. وأياً كان نوع الحساب فإن العميل يجب أن يحدد –من بين أشياء أخرى- مدى رغبته في قيام السمسار بدور الحافظ لأوراقه المالية؛ إذ قد يطلب العميل أن يتم تسجيل الورقة المالية باسمه وترسل الشهادة إلى عنوانه، أو تسجل باسمه ويحفظها السمسار في خزانته، أو أن يسجلها السمسار باسمه ويحفظها لديه أو لدى حافظ آخر.
مسائل تطبيقية:
مسألة (1)
لماذا يرغب أو يشترط السمسار الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية؟
مصطلح street name يستخدم على نطاق واسع في هذه الصناعة ويقصد به الأوراق المالية المسجلة باسم السمسار لصالح العميل. وفي هذه الحالة يكون هناك فرق بين المالك الاسمي (السمسار) والمالك الفعلي (العميل) حيث يكون العميل هو المالك المنتفع beneficial owner فالسمسار أمام الشركة المصدرة للورقة يعتبر المالك ولكن المالك الحقيقي الذي ينتفع من الأرباح والفوائد وحق التصويت في حالة الأسهم هو العميل وهذا النوع من الإنفاق يحتم على السمسار إرسال الأرباح التي تصله من الشركة إلى حساب العميل، وإرسال المعلومات التي ترسلها الشركة إلى بريد العميل، وإعطاء العميل وكالة لحضور الجمعية العمومية التصويت.
ويحرص أغلب السماسرة على الحصول على إذن العميل في الاحتفاظ اسماً بملكية الأوراق المالية التي يشترونها، لأنه يسهل عملية التسوية، بل يعتبر شرطاً في فتح حساب الهامش لدى كثير من السماسرة، حيث يسهل هذا من تسييل السمسار للأوراق المالية للعميل في حالة إخفاقه في الاحتفاظ بالحد الأدنى من الهامش. بالإضافة إلى ذلك يمكن هذا الإجراء السماسرة من إقراض واقتراض الأوراق المالية لعملائهم أو فيما بينهم لأغراض مختلفة.
2- طلب تنفيذ أمر: يطلب العميل تنفيذ أمر بيع أو شراء. وهناك أنواع عديدة من الأوامر، كالأمر السوقي والأمر المقيد، وأمر وقف الخسارة. ما يستطيع العميل أن يحدد شروط تنفيذ الأمر من حيث الكمية، والوقت، ومدة بقائه نشطاً، وغيرها من الشروط المعتادة. ومن المعلومات التي يتضمنها الأمر عادة: اسم العميل ورقم حسابه، بيع أم شراء، الكمية، اسم الورقة المالية ورمزها، السعر، مدة بقاء الأمر نشطاً، بالإضافة إلى معلومات عن مكان الورقة المالية (في حالة البيع) أو أين تودع (بعد الشراء)، وطريقة الدفع والإيداع، ونوع الحساب. وقد يقوم السمسار بتوفير خدمة الاطلاع على أحوال الأسواق وإمكانية إدخال الأوامر للعميل في موقعه أو مواقع العملاء من خلال شبكة الانترنت.
3- إرسال الأمر إلى السوق: بعد التأكد من صحة معلومات الأمر يقوم السمسار بإرسال الأمر إلى أحد الأسواق المالية عن طريق الهاتف أو الفاكس أو التلكس أو إلكترونياً (وهو السائد حالياً) حتى يتم تنفيذه (مع طرف مقابل). وفي بعض الدول كالولايات المتحدة يوجد أكثر من سوق مالية للأسهم، ويمكن أن تكون الشركة مدرجة في أكثر من سوق. ولكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التنفيذ، ولهذا يتضمن اختيار السوق تفضيلات العميل تجاه آلية التنفيذ. ويلاحظ أن التنظيمات تسمح للسمسار باختيار السوق المالية التي يرسل الأمر إليها إذا لم ينص العميل على سوق مالية محددة.
والمراحل الثلاث السابقة (من فتح الحساب إلى إرسال الأمر إلى السوق) يمكن أن يقوم بها العميل في الوقت الحاضر بدون أن يكون هناك اتصال (وجهاً لوجه) مع السمسار وذلك من خلال زيارة مواقع السماسرة الذين يقدمون خدماتهم عبر شبكة الإنترنت.

مسألة تطبيقية
مسألة (2)
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور التاجر؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بتنفيذ الأمر مما لديه من مخزون مملوك له؟ أو بعبارة أخرى هل تسمح الأنظمة بقيام السمسار بدور السمسار والتاجر معاً؟ هذه الظاهرة تسمى بتبطين تيار الأوامر order flow internalization، ويرتبط بها قضية مشابهة هي اتفاق السمسار مع أحد تجار الأسهم على تحويل أوامر عملائه إليه مقابل مدفوعات معينة، وتسمى بالدفع لتيار الأوامر payment for order flow. ومن المستغرب أن الأنظمة تسمح بهما بالرغم مما قد تؤديان إليه من تعارض في المصالح. ولكن الإذن مشروط باتباع قوانين معينة تمنع أو تقلل من غبن عميل السمسار.ومصلحة العميل في حالة تبطين الأوامر هو تقليل تكلفة التعامل حيث لا يتحمل السمسار –التاجر- تكاليف إتمام الصفقة عبر السوق المالية، بل يحصل على الفرق بين أفضل عرض وطلب الذي كان من الممكن أن يذهب لصانع السوق. وفي حالة الدفع لتيار الأوامر فإن تاجر الأسهم يسهم في تقليل التكاليف التي يتحملها السمسار مما ينعكس بدوره على العميل. وتلزم الأنظمة السمسار بإعلام العميل (على أساس سنوي)عما إذا كان يحصل على مبالغ من جراء توجيه تيار الأوامر، وتفاصيل تلك المبالغ كما تلزم إعلام السمسار للعميل عند تأكيد تنفيذ الصفقة ما إذا كان استلم مبلغ عن تلك الصفقة أم لا، وللعميل الحق في الحصول –عند الطلب- على معلومات إضافية. وفي جميع الأحوال فإن التنظيمات تلزم السمسار بتنفيذ الأمر وفق أفضل الشروط الممكنة. ويعني هذا وجوب الحرص على إرسال الأمر إلى السوق التي توفر أفضل تنفيذ ممكن للأمر. بل عليه الاجتهاد في الحصول على سعر أفضل مما حدد العميل في الأمر. كما يحق للعميل اشتراط توجيه الأمر إلى سوق محددة وهناك تنظيمات في الطريق للتطبيق تهدف إلى توفير مزيد من الشفافية حول درجة جودة التنفيذ من خلال مؤشرات تلتزم بنشرها الأسواق شهرياً، والسماسرة كل ثلاثة شهور. كما إن هناك أنظمة تتطلب توفر حد أدنى من الشفافية في عروض وطلبات تجار الأسهم، بهدف تقليل الغبن، مثل إعلام العميل عن مصدر الصفقة (هل هو السمسار، أو تاجر أسهم مستقل، أو سوق مالية) كما تلزم الأنظمة السمسار –التاجر- بأن يفصل بشكل واضح في حساباته بين ما يملكه لنفسه، وما يملكه لعملائه وأن يقدم تنفيذ أوامر العملاء على تنفيذ أوامره الخاصة، إلا إذا كان سعره أفضل.
4- تنفيذ الأمر: يتم تهيئة الأمر للتنفيذ من قبل السوق المالي وفق قواعد التعامل التي تحكم تلك السوق، وشروط العميل كما هي محددة في الأمر. ويجب التأكيد على أن لكل سوق قواعده الخاصة التي تحكم آلية التعامل مثل أنواع الأوامر، وآلية التنفيذ (سوق نداء أم سوق مستمرة)، وأولوية تنفيذ الأوامر (السعر، الوقت، الحجم)، وأوقات التعامل، وحجم الحد الأدنى والأعلى للتغير في السعر، وهيكل العمولة. ويتم تنفيذ كامل كمية الأمر أو بعضها (وبالتالي حدوث صفقة) إذا تطابق سعر أمر الشراء مع سعر أمر البيع. وفي حالة تنفيذ الصفقة يتم الانتقال إلى المرحلة التالية. أما في حالة عدم تنفيذها فيشعر العميل بذلك، حتى يتمكن من اتخاذ القرار المناسب. (2)
مسائل تطبيقية
مسألة (3)
هل يمكن أن ينافس بعض السماسرة الأسواق المالية التقليدية؟
هل يمكن أن يقوم السمسار بدور السوق بمطابقة أوامر العملاء مع بعضها بدون إرسالها للسوق؟ أو بعبارة هل تسمح الأنظمة للسمسار بأن ينافس القائمة في الاستحواذ على تيار الأوامر؟ والجواب نعم وأشهر الأمثلة على ذلك رويتر وITG وغيرهما. فهذه الشركات تقوم بتنفيذ أوامر العملاء مقابل بعضها البعض وفق أسعار الإغلاق في الأسواق المالية الرئيسية. والإطار القانوني الذي يسمح لمثل هؤلاء السماسرة بالقيام بهذا الدور هو كونهم من السماسرة الأعضاء في سوق NASDAQ. للتعرف على سبب نشأة هذه الأسواق، ومدى تهديدها للأسواق التقليدية، انظر Sirri (2000)
5- تسجيل معلومات الصفقة: في حالة تنفيذ الصفقة يرسل السوق تقريراً إلى السمسار وشركة المقاصة يبين جميع معلومات الصفقة بما في ذلك معلومات الطرف المقابل. ويقوم السمسار بترميز الصفقة؛ أي يضع لها رقماً مميزاً، مع بيان معلوماتها، أين وكيف ومتى تم تنفيذها، حجم الصفقة وقيمتها، عمولتها، الطرف المقابل في الصفقة، مراحل مقاصتها وتسويتها. ويرسل هذا التقرير عادة في شكل إلكتروني إلى السمسار بهدف إبلاغ العميل وتحديث حساباته، وإلى شركة المقاصة بهدف إجراء المقاصة والتمهيد للتسوية.
6- المقارنة مع الطرف المقابل: يقوم السمسار بمقارنة معلومات التنفيذ مع السمسار الآخر (الطرف المقابل في الصفقة) مباشرة أو من خلال شركة مقاصة (وهو الأغلب) للتأكد من صحتها. ولابد من حل أي مشكلة تنتج عن عدم تطابق معلومات الطرفين قبل الانتقال إلى مرحلة المقاصة والتسوية. وفي ظل التطور الحاصل في تقنية المعلومات والاتصالات تتم عمليات المقارنة هذه آنياً عند تنفيذ الصفقة؛ حيث يتم الاحتفاظ بمعلومات طرفي الصفقة وإرسالها مباشرة لشركة المقاصة. ويسمى هذا النوع المتزايد من الصفقات باسم Locked-in trade ويراد بها الصفقات التي تم مقارنتها لحظة تنفيذها إلكترونياً. وهنا يلحظ أن التقدم في تقنية المعلومات والاتصالات يوشك أن يدمج المرحلتين (5) و(6) في مرحلة التنفيذ (4).
7- إشعار العميل: يقوم السمسار (قبل الخطوة السابقة أو أثناءها أو بعدها) بإرسال إشعار للعميل، يؤكد فيه على تنفيذ الصفقة وبيان معلوماتها (اسم الورقة المالية، عددها، سعر التنفيذ، تكلفة الصفقة، عمولة السمسار، تاريخ التسوية). وتعتمد طبيعة الإشعار على طبيعة العميل فالمستثمر الفرد يرسل الإشعار إلى عنوانه البريدي أو الإلكتروني، والمستثمر المؤسسي أو الدولي يتم إشعاره غالباً من خلال شبكة معتمدة مثل SWIFT. ونظراً لكبر حجم أوامر المؤسسات المالية فإنه يتوقع من العميل المؤسسي أن يقوم بالموافقة صراحة أو ضمناً على معلومات الصفقة بعد تنفيذها. وفي نفس الوقت يتم تحديث حساب العميل لدى السمسار ليعكس التغيرات الجديدة.
8- المقاصة: تتم بعد ذلك عملية المقاصة بواسطة إحدى شركات المقاصة التي يعتبر سمسار العميل أحد أعضائها. ويقصد بالمقاصة جميع الإجراءات المتعلقة بحساب التزامات الأطراف المشتركين في الصفقات، تمهيداً لتسويتها. ويتم هذا الحساب في الغالب وفق مبدأ التصفية netting، الذي يقوم بإلغاء المراكز المالية المتقابلة لكل متعامل، ويؤدي في النهاية إلى تحديد صافية الدائنية أو المديونية لكل المتعاملين المشتركين في عملية التصفية(3) ويترتب على عملية المقاصة حينئذ تحديد ما إذا كان السمسار مستلماً أو مسلماً للورقة المالية محل التعامل، بعد مراعاة حجم الأوراق الذي لا يمكن استخدامه في عملية المقاصة (لكونها مقرضة أو مرهونة)، وتحديد المبالغ النقدية الدائنة والمدينة المترتب على الصفقات بالنسبة لجميع السماسرة الأعضاء في شركة المقاصة. وقد تتم المقاصة بواسطة شركة أو نظام تابع للسوق المالي نفسه.
9- التسوية: يقصد بالتسوية إتمام إجراءات الصفقة بقيام البائع بتحويل الأصل المالي إلى المشتري، في مقابل قيام المشتري بتحويل مبلغ الصفقة إلى البائع. وتبدأ هذه الإجراءات بعد إتمام المقاصة، حيث تبدأ عملية الدفع وتوثيق نقل الملكية وفق تنظيم معين تديره شركة المقاصة. والتنظيم يشمل بالإضافة إلى شركة المقاصة كلاً من: (1) حافظ الأوراق المالية. (2) ونظام للمدفوعات النقدية.
وتتطلب عملية المقاصة وجود حساب للسمسار لدى هاتين الجهتين حيث تقوم شركة المقاصة بتسوية جميع الصفقات من خلال إرسال تعليمات لكل من حافظ الأوراق المالية لتحديث قاعدة الملاك، وتعليمات لنظام المدفوعات لتحويل المبالغ النقدية بين حسابات السماسرة. وتقوم شركة المقاصة بإرسال تقرير نهائي عن عمليات التسوية لمكتب السمسار. ويسهل من عملية التسوية ارتباط شركة المقاصة بحافظ الأوراق المالية محل التعامل. ويمكن أن يتولى عمليتي المقاصة وحفظ الأوراق المالية وتحويل المبالغ النقدية جهة واحدة. وعادة ما يتم تحديد موعد التسوية وفق الاصطلاح التالي (T+3) حيث يمثل T تاريخ الصفقة (منتصف ليل يوم تنفيذها). ومعنى هذا الاصطلاح أن الصفقة سوف تسوى في اليوم الثالث بعد تاريخ تنفيذها. وبالنسبة للسندات الحكومية فتتم التسوية وفق T+1. وكما سنبين لاحقاً هناك جهود متواصلة على مستوى صناعة الأوراق المالية في العديد من الدول لتقليل الفارق إلى T+1.
ويفرق عادة بين أنواع أنظمة التسوية بحسب كونها إجمالية أو صافية (تبعاً لطبيعة المقاصة التي تسبقها)، وآنية أو متراخية (تبعاً للفرق بين التنفيذ والتسوية). ففي الإجمالية يتم تسوية كل صفقة على حدة (بدون تصفية)، ويمكن أن تكون فيها التسوية آنية بحيث يسلم البائع في الحال كل الأوراق المالية ويدفع المشتري كامل مبلغ الصفقة (وفي هذه الحالة فقط تتحد المقاصة مع التسوية) أو يقل الفرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية بشكل كبير. كما يمكن أن تكون التسوية الإجمالية متراخية عن وقت التنفيذ (غالباً في نهاية يوم التداول). أماالتسوية الصافية فيتم تسوية مجموعة من الصفقات في نـهاية اليوم أو في أوقات متفرقة خلال اليوم بعد أن يتم تصفية الصفقات التي تم تنفيذها قبل موعد التسوية.(4) ويوضح الجدول التالي هذه الأنواع:
نوع التسوية إجمالية صافية
آنية تتم في أثناء اليوم آنياً أو مع تأخير بسيط لكل صفقة على حدة وتستخدم عادة لتسوية الصفقات ذات المبالغ الكبيرة. ويطلق على هذا النظام الذي يتميز بخاصتي التسوية الإجمالية والآنية مصطلح:
Real-time gross settlement (RTGS) لا يمكن
(لا يمكن استخدام التصفية إلا إذا كان هناك فرق بين وقت التنفيذ ووقت التسوية يتسنى فيه تراكم عدد من الصفقات التي يمكن تسويتها على أساس صاف. ومن ثم لا يمكن أن تكون التسوية الآنية إلا إجمالية).
متراخية تسوية في نهاية اليوم لكل صفقة على حدة. ويستخدم عادة لتسوية المبالغ المترتبة على نتائج أنظمة المقاصة المختلفة. كما يدخل فيه نظم التسوية الإجمالية الآنية التي تجري المقاصة خلال اليوم بشكل آني ولكن مع قابلية النظام لإلغاء التسوية حتى نهاية اليوم. يمكن
وتتم التصفية في الغالب في نهاية اليوم. ولكنها يمكن أن تحدث خلال أوقات متقطعة أثناء اليوم.
ويمكن أن تستخدم التسوية الإجمالية والصافية في جانب التسليم و/أو الدفع. حيث يمكن أن يعتمد مبدأ التسوية الإجمالية لتسليم الأوراق المالية ودفع مبالغ الصفقات، أو يتم الاعتماد على مبدأ التسوية الإجمالية للتسليم فقط ومبدأ التسوية الصافية للدفع، أو يتم استخدام مبدأ التسوية الصافية للتسليم والدفع معاً.
وهناك صيغ مختلفة لتطبيق كل من التسوية الإجمالية والصافية. فمثلاً صيغ التسوية الإجمالية تختلف بحسب آلية الحصول على السيولة في حالة عدم قدرة الدافع على تغطية مبلغ الصفقة (عن طريق البنك المركزي، أو تنظيم داخلي بين مجموعة من المؤسسات، أو من ممول خارجي). كما أن التسوية الصافية يمكن أن تكون ثنائية bilateral أو متعددة multilateral، والأخيرة أكفأ من الثنائية في تقليل حجم وعدد المدفوعات التي يتحتم على كل طرف تسويتها.(5)
ولكل من التسوية الإجمالية والصافية مزايا وعيوب؛ فالمقاصة الصافية تقلل من حجم الصفقات، والمدفوعات المطلوب تحويلها وقت التسوية، ولكن مخاطر تسويتها –خاصة الخطر الائتماني- أعلى. أما المقاصة الإجمالية فتتطلب تحويلات مالية أكثر، وتتطلب من البنوك إدارة مخاطر السيولة بشكل متواصل مما يترتب عليه زيادة تكلفة الاحتفاظ بالاحتياطات، ولكن مخاطر تسويتها منخفضة.(6)
وتختلف أنظمة التسوية كذلك في وقت ما يسمى بحسم التسوية settlement finality ويقصد به الوقت الذي ينتفي فيه حق أي من الطرفين في إلغاء التسوية. إذ قد تسمح بعض الأنظمة بحق الإلغاء حتى وقت معين عادة ما يكون نهاية اليوم، بينما تمنع أخرى إلغاء التسوية بعد إتمامها تحقيقاً لاستقرار التعامل

Cat
01-29-2009, 02:04 PM
مسائل تطبيقية
مسألة (4)
هل ستلغي التسوية الآنية المقاصة؟
هل ستلغي التسوية الإجمالية الآنية Real Time Gross settlement الحاجة إلى شركات المقاصة؟ يبدو أن الإجابة علن هذا السؤال هي أن الاعتماد بشكل متزايد على هذه الآنية في التسوية سوف تقلل تدريجياً من الحاجة إلى شركات المقاصة، ويتوقع أن تختفي نهائياً في حالة وجود نظام واحد مركزي يتولى المطابقة والمقاصة والتسوية آنياً.
وتجدر الإشارة إلى آلية مشهورة للتسوية يتزامن فيها التسليم مع الاستلام Delivery-versus-payment (DVP). وفيها لا يعتبر تحويل المبالغ النقدية من المشتري إلى البائع نهائياً إلا بعد تحويل ملكية الأوراق المالية. ويعد نظام التسوية الإجمالية الآنية (RTGS) متطلباً مهماً لتطبيق هذه الآلية. وهو يقلل بشكل كبير من مخاطر التسوية، ويستخدم على نطاق واسع من قبل قطع الاستثمار المؤسسي.
مسائل تطبيقية
مسألة (5)
كيف يمكن البيع والشراء في نفس اليوم مع تراخي التسوية ؟
اشتهر في الوقت الحاضر ما يسمى بالتعامل اليومي day trading بين المتعاملين العاديين في الأوراق المالية عبر الإنترنت (مع أنه كان يمارس من قبل المتعاملين المحترفين لفترة طويلة) ويقصد بالتعامل اليومي إمكانية البيع والشراء في نفس اليوم؛ حيث يستطيع المتعامل أن يشتري السهم ثم يبيعه، أو العكس. فكيف يمكن التوفيق بين هذا الواقع وحقيقة أن نقل الملكية تتم في حالة الأسهم بعد ثلاثة أيام؟ والجواب هو أن العميل يقوم بتصفية مركزه المالي قبل التسوية. ولا يتأثر وضع السمسار من حيث تسليم واستلام الأسهم في اليوم الثالث لأن المتعامل اليومي ينهي يومه في الغالب كما بدأه flat. فهو إما أن يشتري أسهماً قد باعها بداية اليوم، أو يبيع أسهماً قد اشتراها بداية اليوم، فيتم تعديل حسابه لدى السمسار في اليوم التالي بناء على مقدار ما ربح أو خسر خلال التعامل اليومي ويمكن إجراء مثل هذا النوع من التعاملات لمن فتح حساباً نقدياً لدى السمسار، ولكن حساب الهامش يسهل من القيام بهذا النوع من التعامل بشكل كبير. وتجدر الإشارة إلى أن هناك قيوداً متزايدة على هذا النوع من التعامل بسبب انطوائه على مخاطرة كبيرة. فبعد دراسة مستفيضة لهذا النوع من التعامل والسماسرة الذين يروجون له أصدرت هيئة سوق المال في الولايات المتحدة أنظمة إضافية أكثر صرامة فيما يتعلق بمنح الائتمان لهؤلاء المتعاملين، وشروط إجراء البيع بعد الشراء أو العكس، كما ألزمت السماسرة بأن يفصحوا للعملاء بشكل واضح عن درجة المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها هذا التعامل (وقد توصلت الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من المتعاملين بهذا النوع يخسرون) للتفصيل راجع: (NASAA, 1999)
10 - تحديث قاعدة الملاك: تقوم شركة المقاصة بإبلاغ الشركة مصدرة الورقة أو البنك الذي يعمل وكيلاً عنها في حفظ أوراقها المالية، أو الحافظ المركزي للأوراق المالية depository (وهو المعمول به على نطاق واسع اليوم) عن التغيرات التي حصلت في الملكية من أجل تحديث قاعدة الملاك وأخذها في الاعتبار عند توزيع الأرباح أو الفوائد وغيرها من الحقوق التي يتمتع بها المالك الحقيقي للورقة كالتصويت في الجمعية العمومية بالنسبة للمساهم. وفي ظل هذا النظام يصبح التحويل بين الحسابات بديلاً عن استلام الشهادات كإثبات لانتقال الملكية. وفي ظل الربط الإلكتروني بين شركة المقاصة وحافظ الأوراق المالية، يمكن أن تتم التسوية بمجرد تحديث قاعدة الملاك إلكترونياً من خلال عمليات تحويل بين حسابات الأعضاء. وهناك اتجاه في صناعة الأوراق المالية لإلغاء الشهادات وجعل جميع الأوراق المالية قابلة للإيداع والتحويل الإلكتروني وهذا بلا شك سوف يساعد على تقليل المدة اللازمة لإتمام الصفقة. كما يلاحظ أن هناك درجة توجه لاندماج شركات المقاصة وحافظي الأوراق المالية كما سنبين لاحقاً.
11- تحويل المبالغ النقدية: في نفس الوقت تقوم شركة المقاصة من خلال نظام المدفوعات الرئيسي المملوك والمدار بواسطة البنك المركزي، أو من خلال نظام مدفوعات تعاوني بين بنوك السماسرة بتحويل المبالغ النقدية المترتبة على التسوية بين حسابات السماسرة.
12- تحديث بيانات السمسار: في اليوم التالي يقوم السمسار بتحديث بيانات الخزينة لديه وفقاً لتقرير شركة المقاصة. مع بيان تلك الأوراق المالية التي يحتاج إلى تسليمها للعملاء وتلك التي يحفظها السمسار في خزانته.
وفي ظل تطبيق ما يسمى بالمعالجة المتكاملة للصفقات CCP (انظر الفقرة 3-4) فإنه يتوقع أن يتم معالجة إجراءات ما بعد مرحلة التنفيذ من مقاصة وتسوية (المراحل 5-11) بشكل آلي بدون أي تدخل يدوي. أما في ظل تطبيق آلية التسوية الآنية RTGS فإن جميع الإجراءات المتعلقة بنقل الملكية سوف تتم لحظة تنفيذ الصفقة. ويوضح الشكل (1) التغيرات المقترحة في آليات التنفيذ والتسوية وتأثيرها على إجراءات نقل الملكية.
ويجدر التأكيد في ختام هذا القسم على أن عملية التسوية هي في الواقع إتمام أو توثيق أو نقل لمستندات الملكية فنقل الملكية إجراءات تبدأ بتنفيذ الصفقة وتنتهي بالتسوية. وفترة التسوية (الفترة بين التنفيذ والتسوية) قد تطول أو تقصر تبعاً لعوامل عديدة. ومما يدل على ذلك أن المشتري خلال هذه الفترة هو الذي يتحمل مخاطرة تغير سعر الورقة المالية كما توضحه المسألة التطبيقية التالية.
مسائل تطبيقية
مسألة (6)
الغنم والغرم بين التنفيذ والتسوية
من الذي يتحمل مخاطر تقلب سعر الورقة المالية خلال الفترة بين التنفيذ والتسوية: البائع أم المشتري؟
تتأثر أسعار الأسهم بالأحداث المهمة المرتبطة بالشركة المساهمة، أو القطاع الاقتصادي الذي تعمل فيه، أو حتى الاقتصاد المحلي والعالمي. ويصعب على المتعاملين توقع مثل هذه الأحداث. ومن الأحداث الأخرى التي يجهلها المتعاملون كذلك قرار مجلس الإدارة –في حالة تحقيق أرباح- حول نسبة ما سيوزع منها على المساهمين؛ حيث تمنع أنظمة الأسواق التعامل المبني على معلومات داخلية ذات قيمة تم الحصول عليها من مجلس الإدارة والسؤال المهم في هذا الإطار هو: من الذي يستحق الأرباح (أو يتحمل الخسائر) التي تحدث بسبب تقلبات سعر الأسهم بسبب هذه الأحداث –بما في ذلك حدث توزيع الأرباح- إذا وقعت بعد تنفيذ الأمر ولكن قبل التسوية، هل هو المشتري أم البائع؟
والجواب هو أن المشتري بعد تنفيذ الصفقة هو الذي يتحمل المخاطرة فهو الذي يستفيد من الأحداث التي ترفع من قيمة السهم، ويخسر من جراء الأحداث التي تقلل من قيمته، بغض النظر عن تاريخ تسوية الصفقة وللتمثيل نأخذ حالة توزيع الأرباح إذا قامت الشركة بالإعلان عن توزيع أرباح فإن سعر السهم يتغير مباشرة تبعاً لكون النسبة الموزعة أقل أو أعلى مما يتوقعه المتعاملون في السوق. والمستفيد أو المتضرر هو من اشترى السهم قبل هذا الإعلان سواء تمت تسوية الصفقة أم لا. وعادة ما يتم التفرقة في هذا الإطار بين عدة تواريخ تتعلق بتوزيع أرباح الأسهم على النحو التالي:
تاريخ الإعلان declared date تاريخ تصويت وتصديق مجلس الإدارة على توزيع الأرباح
تاريخ السجل record date التاريخ الذي يجب أن يكون فيه اسم المساهم موجوداً ضمن قائمة ملاك الشركة حتى يستحق الأرباح.
تاريخ التوزيع payable date التاريخ الذي تقوم فيه الشركة بتوزيع الأرباح التي تم الإعلان عنها.
تاريخ الصفقة trade date تاريخ شراء العميل أو بيعه للسهم محل التوزيع.
تاريخ التسوية settlement date تاريخ قيام العميل بدفع مبلغ شراء السهم وتوثيق ملكيته، أو تسليم السهم الذي قام ببيعه واستلام قيمة صفقة بيعه.
تاريخ التعامل "بدون أرباح" Ex-divided date تاريخ التعامل بالسهم بدون الأرباح الموزعة، وفي بدايته ينخفض سعر السهم بنفس مقدار الأرباح الموزعة وبعبارة أوضح هو أول يوم يتم فيه التعامل بالسهم بدون أحقية المشترى في الأرباح المعلنة حتى وإن لم تقم الشركة فعلاً بتوزيعها.
وتسلسل وقوع هذه التواريخ كالتالي: تاريخ الإعلان، تاريخ التعامل "بدون أرباح"، تاريخ السجل، تاريخ التسوية وعادة ما يتم تحديد تاريخ السجل ضمن قرار الإعلان والتوزيع يمكن أن يتم في أي وقت بعد تاريخ السجل كما إن الصفقة يمكن أن تتم في أي تاريخ، ولكن التاريخ الحاسم هو تاريخ التعامل "بدون أرباح" فمن يشتري السهم قبل هذا التاريخ، يستحق استلام الأرباح من الشركة. ولذا تكون الفترة بين تاريخ الإعلان وتاريخ التعامل "بدون أرباح" أطول من فترة التسوية لضمان تحقق النفع للمشتري، كما يجب أن تتطابق الفترة بين تاريخ التعامل "بدون أرباح" وتاريخ السجل مع فترة التسوية حتى لا يصبح اسم المشتري في قائمة المالكين في تاريخ السجل. فمن اشترى قبل تاريخ التعامل "بدون أرباح" يضمن وجود اسمه في سجل الملاك وبالتالي استلام الأرباح. ويوضح الشكل التالي تسلسل وقوع هذه التواريخ في ظل نظام التسوية بعد ثلاثة أيام T+3.
المشتري يستحق الأرباح المشتري لا يستحق الأرباح
T-3 T-1 T-1 T T-1 T-1 T-3
تاريخ الإعلان … تاريخ التعامل (بدون أرباح) تاريخ السجل تاريخ التسوية …

وفيما يتعلق بالسندات، فإن مقدار الفوائد موعد حلولها معروف مسبقاً، مما يعني انعدام المخاطرة على الأقل من الناحية التعاقدية –فيما يتعلق بمن يستحق الفوائد ولهذا يتم التعامل مع قضية الفوائد بشكل آلي عند تسوية صفقاتها فيما يعرف بمصطلح الفوائد المستحقة accrued interest ووفق هذا المفهوم يقوم المشتري (الذي يفترض أن يستلم الفوائد من مصدر السند) بدفع نسبة من الفائدة إلى البائع عند تسوية الصفقة، وتعتمد هذه النسبة على كل من الفترة الدورية لدفع الفائدة، وتاريخ دفعها، وتاريخ الصفقة. مثال: إذا كان السند يدفع مبلغ 100 في نهاية كل سنة، وتم شراؤه في نهاية شهر 9 فإن المشتري يدفع 75 للبائع إضافة إلى سعر السند؛ لأن المشتري سوف يستلم كامل مبلغ الفائدة 100 بعد ثلاثة أشهر.
3- دور المؤسسات المالية في التسوية:
عادة ما يقسم العاملون في صناعة الأوراق المالية security industry إلى جانبين جانب الطلب buy-side وجانب العرض sell-side.(7) ويقصد بجانب الطلب الجهات التي تستخدم الخدمات المالية مثل الأفراد وصناديق استثمار الاحتياطيات على اختلاف أنواعها كصناديق استثمار أموال الأوقاف، واحتياطيات الدول، واحتياطيات شركات التأمين. ومصدر التسمية أن هذا الجانب يشكل مصدر الطلب على خدمات صناعة الأوراق المالية. أما جانب العرض فيتمثل في الجهات التي تقدم الخدمات المالية مثل السماسرة، وتجار الأسهم، والأسواق المالية وشركات المقاصة والتسوية وحفظ الأوراق المالية. على أن هناك أنواعاً من المؤسسات التي يصعب تصنيفها ضمن هذين الجانبين لأنها تستخدم وتقدم الخدمات المالية كصناديق الاستثمار المشتركة والبنوك والشركات المصدرة للأوراق المالية. أما المنظمون فهم الذين ينظمون سوق الخدمات المالية كلاً أو جزءاً.
وسوف يركز هذا القسم بشكل أكبر على جانب العرض باعتباره المسؤول عن معالجة عملية نقل ملكية الأوراق المالية، وذلك من خلال استعراض دور الجهات المختلفة المرتبطة بعملية التسويه وينبغي التأكيد في هذا المقام على التمييز بين الوظائف الرئيسة المرتبطة بعملية نقل ملكية الأوراق المالية – والتي تم استعراضها في القسم السابق- أسهل من تصنيف المؤسسات التي تقوم بأداء هذه الوظائف. ويرجع السبب في هذا إلى عدم انتظام العلاقة بين الوظيفةوالمؤسسة بين مختلف الدول التي تعمل فيها هذه المؤسسات ونتيجة لعدم الاتساق في دور المؤسسات المالية في عملية التسوية يفضل بعض الكتاب دراسة موضوع نقل ملكية الأوراق المالية باستخدام مدخل الوظائف (التنفيذ، المقابلة، المقاصة، التسوية، ..) بدلاً من مدخل المؤسسات (السمسار، السوق المالية، شركة المقاصة، .. ..).
3-1 الجهات المصدرة للأوراق المالية:
الجهة قد تكون شركة مساهمة أو بنكاً تجارياً أو مركزياً، أو جهة حكومية. والأوراق المالية التي يمكن أن تصدرها هذه الجهات أنواع، أشهرها، الأسهم والسندات، ووحدات صناديق الاستثمار، والخيارات والمستتقبليات. وما يهمنا هو دور هذه الجهة في عملية التسوية،وهو يتم من خلال توكيل ما يسمى بوكيل التحويل transfer agent (غالباً أحد البنوك التجارية) ليقوم بتسجيل أسماء وعناوين الملاك لأوراقها المالية، وتحديث بيانات الملاك (بتسجيل أسماء الملاك الجدد وإلغاء أسماء الملاك القدامى) بعد كل عملية تسوية. وله دور خاص فيما يسمى بالنقل القانوني للملكية legal transfer (خلافاً للنقل العادي regular transfer الذي يحدث في الأسواق) في حالات الميراث والتنازل ونحوها. كما يمكن أن يوكل إلى هذا الوكيل أعمال أخرى للشركة المصدرة مثل: توزيع الأسهم والأرباح على المساهمين المسجلين في تاريخ معين والفوائد على الدائنين، واستبدال الشهادات التالفة أو المسروقة، وتوزيع النشرات والأخبار والتقارير المالية على المساهمين. ويلاحظ أن الشركات المصدرة للأوراق تميل للاعتماد على شركات حفظ الأوراق المالية التي تقوم بنقل الملكية إلكترونياً. كما أصبحت شركات المقاصات تعتمد على شركات حفظ الأوراق المالية كمنطقة معالجة مركزية تتعامل مع جميع وكلاء التحويل (الخاصين بالشركات التي لم تقم بإيداع أوراقها المالية في شركات حفظ الأوراق المالية).

Cat
01-29-2009, 02:05 PM
2 السماسرة:
الوظيفة الرئيسية لسمسار الأوراق المالية القيام بدور الوكيل عن العميل في تنفيذ أوامره وفق شروطه مقابل عمولة. وتقوم شركات السمسرة بدور رئيس في صناعة الأوراق المالية. وللقيام بهذا الدور على أفضل وجه يقوم السمسار عادة بالاحتفاظ بقاعدة معلومات عن كل عميل لديه (الاسم، العنوان، نوع الحساب، عدد الأوراق المالية المملوكة له ونحوها) وعن كل ورقة مالية يتعامل بها (الاسم، وحدة التعامل، عملة التعامل، رمزها الدولي، الجهات المسؤولة عن مقاصتها وتسويتها، خطوات المقاصة والتسوية، وغيرها)، وعن الأسواق المالية التي يتعامل معها (الاسم، الموقع، نظام التداول)، ومعلومات عن شركة المقاصة والتسوية وإجراءات التسوية. كما يحتفظ بقاعدة بيانات لكل الصفقات التي يقوم بتنفيذها.
كما قد يقوم السمسار –بناء على طلب العميل- بدور الحافظ للأوراق المالية للعملاء، وبدور المقرض للعملاء الذين يتعاملون بالهامش، ورهن أوراقهم المالية، وإقراضها لمن يريد بيعها بيعاً مكشوفاً أو اقتراضها لتسليمها في حالة عدم توفرها لديها. وفي حالة بقاء أسهم العملاء باسمه يلتزم السمسار بتحويل الأرباح والفوائد إلى العملاء، وتبليغهم بأي معلومات ترد من الشركات، ومنحهم توكيل للتصويت في حالة الأسهم. كما قد يقوم السمسار بتقديم خدمة الاستشارة المالية لمن يطلبها من العملاء.
ودور شركة السمسرة في تحويل الملكية يبرز في تنفيذ الصفقة ابتداء، ومتابعة إجراءات مقاصتها وتسويتها لاحقاً. فالسمسار هو الذي يتولى إرسال الأمر إلى السوق، وبعد تنفيذه يتولى متابعته حتى تتم مقارنة الصفقة مع الطرف المقابل مباشرة أو من خلال شركة المقاصة للتأكد من سلامة معلوماتها، تمهيداً لتسويتها.
مسألة تطبيقية
مسألة (7)
هل يمكن للمستثمر أن يتخطى السمسار؟
يتبادر إلى الذهن تساؤل حول مدى إمكانية قيام المستثمر بالتعامل بالسوق مباشرة بدون الحاجة إلى المرور من خلال سمسار ما. هذا ممكن من الناحية النظرية ولكن يترتب عليه وجوب التزام المستثمر بجميع الأنظمة التي تحكم عمل السماسرة (بما في ذلك تكلفة الوصول إلى السوق) وهذا مكلف بالنسبة له، والأهم من هذا التزام المستثمر بالإعلان عن هويته والإفصاح عن تعاملاته لبقية المتعاملين بالسوق، مما قد يؤثر سلبياً على تعاملاته خاصة إذا كان مستثمراً مؤسسياً يتعامل بكميات كبيرة، أو كان من المتعاملين المعروفين بالعمل في مجال التحليل المالي. مع هذا فإن للتطور في مجال تقنية المعلومات والاتصالات دوراً في هذا المجال حيث أصبح بإمكان المتعاملين العاديين والمستثمرين المؤسسيين من إدخال الأوامر وإرسالها مباشرة للسوق للتنفيذ، ومتابعة تنفيذها وتسويتها بدون الحاجة للتدخل المباشر من السمسار. وفي هذه الحالة يتمثل دور السمسار في توفير البنية الأساسية (والمتمثلة في أجهزة الحاسب والبرامج) التي تمكن المستثمر من الوصول –عبر أقل تدخل من السمسار- إلى السوق. ويسمى هذا النوع من السماسرة بـonline broker. بالإضافة إلى ذلك يمكن للشخص التعامل بدون اللجوء إلى السمسار مطلقاً من خلال قسم التحويل بالشركة، أو وكيل تحويل الشركة، ولكن هذا يتم عادة لأسباب لا علاقة لها بالتغير المتوقع في قيمة الورقة المالية (حالات الهبة، والميراث، والتنازل ونحوها).
مسائل تطبيقية
مسألة (8)
هل يمكن أن يضمن السمسار للعميل تنفيذ الصفقة قبل إرسال أمره إلى السوق؟
لا يستطيع السمسار ذلك من الناحية الفنية إلا إذا كان سينفذها من مخزونه الخاص. ولا توجد أنظمة تلزم السمسار بتنفيذ الأمر في مدة محددة. والذي يحدث في الواقع أن بعض السماسرة يعلن –بهدف الترويج لخدماته- أنه يضمن تنفيذ الصفقات في حدود فترة زمنية معينة (مثلاً خلال 30 ثانية من وصول الأمر إليه).ولا يقدم على هذا إلا إذا كان يدرك بما لديه من خبرة وإمكانيات فنية أنه يستطيع إنجاز ذلك في أغلب الحالات. ولكنه قد يعجز، وفي هذه الحالة ينفذ الأمر بدون تحميل العميل أي عمولة مقابل التنفيذ لأنه أخفق في الالتزام بوعوده ويلاحظ أن هناك تبادلاً بين السرعة وجودة التنفيذ. فإعطاء السمسار فترة أطول لتنفيذ الأمر يؤدي في الغالب إلى تنفيذه عند سعر أفضل. وعموماً يتحمل السمسار أي تقصير أو خطأ في تنفيذ تعليمات العميل كما حددها في أمره كالخسارة التي يمكن أن تترتب على تأخير إرسال الأمر السوقي مباشرة. بل يصبح مسؤولاً في بعض الدول عن تحقيق أفضل تنفيذ، فإذا وجد أفضل من السعر الذي طلبه العميل يكون ملزماً نظاماً بالتنفيذ وفق السعر الأفضل (الأعلى في حالة البيع والأقل في حالة الشراء).
3-3 الأسواق المالية:
الأسواق المالية أنواع، منها البورصات التي لا تسمح بالتعامل إلا من خلال قاعة تداولها، والأسواق التي يتم التعامل فيها من خلال شبكة إلكترونية. كما قد تتخصص الأسواق في نوع معين من الأوراق المالية، كالأسهم أو السندات، أو السلع أو الخيارات أو المستقبليات. ولكل سوق قواعد خاصة تحكم آلية الإدراج والتعامل والإفصاح عن المعلومات. وتهدف السوق إلى توفير السيولة (من خلال جذب أكبر قدر ممكن من تيار أوامر البيع والشراء)، واكتشاف أفضل الأسعار للأوراق المالية التي يتم تداولها في السوق (من خلال توفير آلية تسعير تقلل ما أمكن من الفرق بين سعر الورقة المالية وقيمتها الحقيقية). ولذا فهي توفر جميع التجهيزات اللازمة لإدراج الأوراق المالية، ووضع القواعد التي تكفل التعامل العادل في هذه الأوراق، وتسجيل معلومات الصفقات اللازمة لإتمام عملية نقل الملكية، وبث المعلومات الأساسية المترتبة على التعامل بالأوراق المالية المدرجة فيها.
والأسواق المالية يمكن أن تتخذ أشكالاً عدة؛ فقد تتمثل في سوق منظمة سواء كانت مركزية (مثل سوق نيويورك NYSE) أو غير مركزية (مثل سوق نازداك NASDAQ) أو صانع سوق مستقل (كشركة تتاجر بالأسهم) أو شبكات تعامل إلكترونية تعمل على مدار الساعة (مثل شبكات ECN في الولايات المتحدة) وتقوم كل سوق عادة بإرسال تقرير للجهات المعنية (السماسرة وشركات المقاصة) يتضمن كل صفقة تتم فيها بهدف تسهيل إجراءات المقاصة والتسوية.
3-4 شركات المقاصة:
وهي شركات تعاونية يتكون أعضاؤها من السماسرة، وتتمثل مهمتها الأساسية في مقارنة معلومات الصفقات التي يقدمها طرفي كل صفقة من أعضائها، ومن ثم تحديد صافي المديونية أو الدائنية (من مختلف الأوراق المالية والنقود) لكل سمسار، تمهيداً لتسويتها بتحويل النقود من المدين للدائن، ونقل ملكية الأوراق المالية من البائع للمشتري.
ولتسهيل عملية التسوية عادة ما ترتبط شركة المقاصة بحافظ الأوراق المالية ونظام للمدفوعات النقدية fund-transfer system. وتجدر الإشارة إلى أن نظام المدفوعات قد يكون خاصاً مملوكاً لمجموعة من المؤسسات العاملة في هذه الصناعة، أو نظاماً تابعاً للبنك المركزي وعموماً تعتمد كفاءة المقاصة على كفاءة نظم المعلومات والاتصالات والحاسب، وتنميط رسائل الاتصال، ويرفع من كفاءة استخدام التسجيل المركزي (عدم تحريك الشهادات أو إلغائها) مما يمكن من نقل الملكية إلكترونياً. وهناك اتجاه متزايد لإتمام نقل الملكية من خلال تحويل الحسابات لدى حافظي الأوراق المالية.
ويمكن أن تقوم شركة المقاصة بدور الطرف المقابل في كل معاملة في النظام المسمى الطرف المقابل المركزي (CCP) Central Counterparity، فتكون المشتري من كل بائع والبائع لكل مشتري. ومن ثم يحول هذا النظام العقد بين البائع والمشتري في السوق إلى عقدين: عقد بين البائع والطرف المقابل المركزي، وعقد بين الطرف المقابل المركزي والمشتري. وبالتالي يكون التعامل بين شركة المقاصة وكل عميل تعاملاً أصيلاً وفق هذه الآلية. والأثر القانوني لهذه الآلية أنه في حالة إخفاق أحد الطرفين تكون المسؤولية القانونية بين شركات المقاصة والطرف الذي أخفق فقط، وليس بين الطرفين. وتماثل شركة المقاصة عند قيامها بهذا الدور شركة التأمين، فهي تضمن تسوية الصفقة، في مقابل مساهمة الأعضاء في صندوق يقدم الحماية للأعضاء في حالة تعرض أحدهم للإفلاس. كما تشترط شركة المقاصة لمزيد من الحماية تحديد سقف أعلى لمديونية كل عضو، أو أن يقدم ضمانات إضافية تتناسب مع حجم المديونية الصافية وهذه الترتيبات تؤدي في الواقع إلى تماثل درجة مخاطر تسوية الصفقات التي يواجهها كل عضو في هذا النظام.
وأخيراً يلاحظ أنه في بعض الدول تقوم الأسواق بعمل شركة المقاصة بما في ذلك التسوية (كما في حالة المملكة). من جهة أخرى قد يدخل في عمل شركة المقاصة في بعض الدول بالإضافة إلى التسوية عملية حفظ الأوراق المالية. وكما أشرنا هناك توجه لاندماج شركات المقاصة مع حافظي الأوراق المالية كما حديث في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قامت شركة المقاصة NSCC بالاندماج مع حافظ الأوراق المالية الرئيس DTC في عام 2000م.(8)
3-5 حافظ الأوراق المالية:
يقوم حافظ الأوراق المالية بخزن الأوراق المالية، ويقوم بناء على تعليمات شركة المقاصة بنقل ملكية الأوراق المالية من شخص أو مؤسسة إلى آخر غالباً في شكل تحويل إلكتروني بين الحسابات. وقد يقوم الحافظ بخزن الشهادات الحقيقية (في شكل شهادات ورقية). وفي بعض الدول يقوم بعمل شركة المقاصة والحفظ شركة واحدة. ولقوة الصلة بين هذه الشركات نجد أن هناك توجهاً لاندماجها.
مسائل تطبيقية
مسألة (9)
هل يمكن للمستثمر أن يفتح حساباً لدى المقاص والحافظ مباشرة؟
البيئة المحاسبية التي يعمل فيها السماسرة في الأغلب تقوم على مبدأ الإمساك غير المباشر للحسابات. فشركة المقاصة وحافظ الأوراق المالية يمسكان حسابات السماسرة، والسماسرة يمسكون حسابات العملاء، تماماً مثلماً يمسك البنك المركزي حسابات البنوك، وتمسك البنوك حسابات العملاء. ولكن لا يوجد ما يمنع من الناحية الفنية والنظامية من قيام شركة المقاصة والحافظ للأوراق المالية بإمساك حسابات العملاء مباشرة (وهو المعمول به في المملكة).
3-6 البنوك:
ولها ارتباط كبير ببيوت السمسرة والشركات المصدرة للأوراق المالية. فهي ممول حساب الهامش لدى السماسرة، كما أنها قد تتولى إصدار أوراق مالية جديدة كالأوراق التجارية، والعمل بالوكالة عن الجهة المصدرة كحافظ لأوراقها المالية، وتوزيع الأسهم الجديدة والأرباح أو الفوائد للملاك في تاريخ محدد. كما أن البنوك يمكن أن تكون من عملاء السماسرة نظراً لحاجتها إلى الاستثمار في أسواق الأوراق المالية لإدارة محافظها الاستثمارية الخاصة، أو تلك الخاصة بالعملاء كصناديق الاستثمار المشتركة.
3-7 البنك المركزي:
للبنك المركزي دور في التحكم في سن القوانين التي تنظم عمل نسبة الهامش لما يترتب عليها من منح ائتمان، كما أن البنك المركزي يقوم بدور المشغل لنظام المدفوعات الرئيس في الدولة، والذي يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالمؤسسات المعنية بتسوية صفات الأوراق المالية.
3-8 هيئة سوق المال:
يوجد في كل بلد سلطة تشرف على الأسواق المالية وجميع المتعاملين بها، وتهتم بسن القوانين التي تضمن سلامة واستقرار قطاع الخدمات المالية وهي ما يطلق عليه عادة مصطلح "هيئة سوق المال". بالإضافة إلى ذلك تقوم الأسواق المالية وجمعيات تجار الأوراق المالية والسماسرة بسن تنظيمات داخلية تهدف إلى تعزيز ثقة الناس بالخدمات التي يقدمها الأعضاء في هذه الجمعيات.
مسائل تطبيقية
مسألة (10)
لماذا تتعدد المؤسسات المالية العاملة في صناعة الأوراق المالية؟
من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة مسألة تعدد المؤسسات المالية العاملة في مجال خدمة الأوراق المالية: لماذا لا يكون هناك سوق مالية وطنية واحدة؟ لماذا لا يوجد شركة مقاصة واحدة؟ لماذا لا يوجد حافظ واحد للأوراق المالية؟ لماذا الفصل بين هذه المؤسسات المختلفة؟ أليس من الممكن أن يقوم بها جميعاً مؤسسة واحدة؟ الإجابة عن السؤال الأخير: نعم من الممكن أن تتولى جميع الأمور المتعلقة بتداول الأوراق المالية جهة واحدة. وأفضل مثال على ذلك –كما سنرى بالتفصيل- حالة المملكة فمؤسسة النقد العربي السعودي تتولى الإشراف على السوق، وتقوم بدور المقاصة والتسوية. وهذا التوحد في القيام بالوظائف الأساسية المتعلقة بتداول الأسهم مكن المؤسسة من تقديم خدمات في مجال التداول لم تصل لها دول مثل الولايات المتحدة، ومن أبرزها التسوية الآنية. فما هو تفسير التجزئة الحاصلة في الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة؟
يمكن تفسير التجزئة بالعوامل التالية:
(1) المصالح المتأصلة: تعتبر الأسواق المالية وشركات المقاصة والتسوية وحفظ الأوراق المالية منظمات غير هادفة للربح ولكنها تتكون من أعضاء يهدفون إلى الربح ولهم مصالح أخرى خارج السوق (وهم تجار الأسهم والسماسرة). ولذا قد تكون بعض التغيرات في بنية السوق نحو مزيد من الاندماج مبررة من وجهة نظر الكفاءة الاقتصادية والرفاهة الاجتماعي، ولكنها تتعارض بدرجة أو بأخرى مع المصالح الخاصة للأعضاء الذين عادة ما يكونون أعضاء في أكثر من سوق.
(2) تباين رغبات المستفيدين: اختلاف الأسواق في أنظمتها المتعلقة بشروط الإدراج، والإفصاح عن المعلومات، وآلية تنفيذ الأوامر يجعل السوق مفضلة لنوعية معينة من مصدري الأوراق المالية، ونوعية معينة من السماسرة وتجار الأسهم، ونوعية معينة من المستثمرين.
(3) تعدد الأوراق المالية: تعدد الأسواق وشركات المقاصة وحافظي الأوراق المالية يجد من يدعمه على أساس أن كل نوع من الأوراق المالية (الأسهم مقابل الخيارات مثلاً) يحتاج إلى معاملة خاصة، وبالتالي تحظى المنتجات المالية المتعددة بمعاملة أفضل في ظل التعدد، وبمعاملة أقل كفاءة في ظل التوحد.
(4) ولعل أقوى الأسباب هو حرص المنظمين على إتاحة المنافسة بين مختلف مقدمي الخدمات المالية بهدف تحفيز الابتكار وتقديم أفضل الخدمات للمستثمرين. والمنافسة تتطلب التجزئة. بالإضافة إلى ذلك يؤدي السماح بتبطين الأوامر (انظر المسألة (2)) بزيادة حدة المنافسة والتجزئة من خلال تسهيل إنشاء أسواق مالية جديدة.
ويلخص الجدول (1) طبيعة التداخل بين المؤسسات المالية المختلفة في القيام بالوظائف الرئيسية في صناعة الأوراق المالية. كما يوضح الشكل (2) طبيعة العلاقة بين ه ذه الوظائف والمؤسسات المالية كما هو عليه الوضع في أكثر الدول.

Cat
01-29-2009, 02:06 PM
- مخاطر التسوية:
تبلغ قيمة الصفقات التي تنتظر التسوية في الولايات المتحدة –كمثال- 375 بليون دولار يومياً، وفي ظل النظام القائم على التسوية بعد ثلاثة أيام من التنفيذ (T+3) تتجاوز الأموال المنتظرة للتسوية تريليون دولار. وإذا استمر نمو التعامل وفق معدله الحالي فإن هذا المبلغ سوف يصل إلى 2.8 تريليون في العام 2004م (SIA, 2001). وتدل هذه الأرقام الضخمة على عظم الخطر الذي يمكن أن يترتب على إخفاق نظم تسوية الصفقات، وأهمية السعي الدؤوب نحو تقليل المخاطر التي تهددها.
يعرض هذا القسم للمخاطر التي تؤثر على إتمام عملية تسوية الصفقات وسبل تجنبها. وأبرز هذه المخاطر هي:
• الخطر التقني: ويحدث عندما تخفق تقنية المعلومات والاتصالات المستخدمة في عملية التسوية في إتمام عمليات نقل الملكية والتحويلات المالية المترتبة عليها في الوقت المحدد. ومثال هذا الخطر ما حدث لبنك نيويورك في 1985 عندما عجز عن إكمال التسوية بسبب تعطل أجهزة الحاسب والاتصالات بين البنك والجهات الأخرى. وقد تم حل هذه المشكلة من خلال تدخل البنك المركزي بإقراض هذا البنك، خشية انتشار هذا الخطر وتحوله إلى أزمة مالية.
• احتمال وقوع الخطأ: ويحدث هذا أكثر في الأنظمة التي تعتمد على الوسطاء في تنفيذ الصفقات وتقرير معلوماتها. حيث يترتب على ذلك عدم اتحاد معلومات الصفقة عند مقارنتها من خلال مركز المقاصة. ويقلل استخدام أنظمة التداول الإلكترونية من هذا الخطر. مع ذلك يظل احتمال وقوع الخطأ من أي من العاملين سواء في إدخال الأمر أو تسجيل معلوماته وغيرها. وعادة ما يتم التعامل مع هذه الحالات الاستثنائية من خلال إجراءات متفق عليها مسبقاً لا يتأثر بها وضع العميل.
وتسمى بعض المراجع هذين النوعين من الأخطار بأخطار التشغيل operation risks. ويؤدي التقدم التقني إلى تقليل دور الإنسان في معالجة الصفقات وبالتالي تقليل من احتمال وقوع هذه الأخطار. كما يقلل من احتمال وقوع هذه الأخطار زيادة قدرة أنظمة الحاسب والمعلومات على التعامل مع الحجم المتزايد للصفقات، وحمايتها من العبث، وتوفير آلية سهلة لمراجعة سلامة عمليات التنفيذ والتسوية، ووضع خطة لمجابهة الطوارئ تشتمل على نظام الحفظ الاحتياطي backup system للمعلومات في أماكن مختلفة.
• الخطر الائتماني: هو خطر إفلاس أحد طرفي الصفقة، وبالتالي عجزه عن الوفاء بكامل أو بعض قيمة الصفقة. وهو في الواقع من أهم الأخطار التي تواجه عملية التسوية. ولذا تحرص الجهات المسؤولة عن تنظيم هذه الصناعة على سن الأنظمة التي تحمي النظام ككل من هذا الخطر. وباعتبار أن أحد أسباب هذا الخطر هو الإفراط في منح الائتمان، تحرص التشريعات على التحكم في الأنظمة التي تسمح به بشكل صارم. كما يحرص السماسرة وتجار الأسهم على الاشتراك في نوع تأمين للتقليل من حدة هذا الخطر، وزيادة الثقة في عملية التسوية. وأحد أبرز هذه الترتيبات ما يسمى بالتسوية وفق مبدأ الطرف المركزي CCP، كما سبقت الإشارة إليه (فقرة 3-4).
• خطر السيولة: ويتمثل في تأخر أحد طرفي الصفقة في الالتزام بدفع الثمن أو تسليم الورقة المالية في تاريخ التسوية. وهذا الخطر وإن كان أقل من سابقه فهو قد يؤدي إليه؛ إذ قد يؤدي إلى عجز طرف ثالث عن الوفاء بالتزاماته. ولذا يحرص المنظمون والعاملون في هذه الصناعة على وضع القيود التي تقلل من احتمال حدوثه. وقد يكون من بين هذه القيود إلزام المشتري بإيداع قيمة الصفقة في حسابه لدى السمسار قبل إرسال أمر الشراء، وتسليم البائع ما يثبت ملكيته للورقة المالية قبل إرسال أمر البيع.
• خطر الحافظ: ويقصد بها خطر فقدان الأصول المالية نتيجة إفلاس الحافظ أو إهماله أو نتيجة استغلاله للأوراق المالية بطريقة غير مشروعة، أو سوء الإدارة وضعف نظام مسك الحسابات. ويقلل من هذا الخطر التوجه نحو نظام الإيداع المركزي للأوراق المالية.
• خطر الأزمة المالية: وهو أسوأ ما يمكن أن يحدث. ويتسبب فيه تتابع إعلان الإفلاس نتيجة إخفاق إحدى المؤسسات المالية الأعضاء في نظام المقاصة والتسوية في الوفاء بالتزاماتها، بشكل يهدد نظام التسوية والمدفوعات في الإخفاق ككل. وللبنك المركزي دور بارز في وقاية النظام من هذا الخطر، والقضاء عليه قبل أن يستفحل من خلال التدخل في فك حلقات هذه الأزمة.
• خطر التسوية عبر الحدود: نظراً لانتشار التداول بين الدول المختلفة في الأوراق المالية، وبسبب اختلاف وقت عمل نظم المدفوعات في الدول يكون هناك احتمال عدم تسوية الصفقات بسبب عدم إمكانية التسوية الآنية. وهناك مقترحات للتقليل من هذا الخطر ولكنها تقع خارج نطاق هذا البحث.
• الخطر القانوني: الخطر الناتج عن عدم وضوح الأنظمة التي تعالج المقاصة والتسوية، والحقوق المالية المترتبة عليهما في الدول المختلفة. وهو خطر ناجم عن التوسع في التعامل عبر الحدود واختلاف الأنظمة التي تحكم صناعة الأوراق المالية في الدول المختلفة. وتقليل هذا الخطر يتطلب توحيد هذه الأنظمة ما أمكن.
ويلاحظ عموماً أن مخاطر التسوية تزيد بزيادة المدة بين تنفيذ الصفقة وتسويتها. ولهذا يحرص مختلف العاملين في هذه الصناعة ومنظميها على تقليل هذه الفترة التي تبلغ حالياً 3 أيام. حيث يوجد توجه نحو الانتقال إلى يوم واحد في المستقبل القريب.

مسائل تطبيقية
مسألة (11)
الصفقات ذات التسوية المتراخية والعقود الآجلة
يلاحظ أن تأخر تسوية الصفقات يقرب الصفقات الحالة في الأوراق المالية من حالة العقود المستقبلية فكلما زادت الفترة بين التنفيذ والتسوية، يبدأ المتعاملون في أخذ التغيرات المتوقعة في السعر عند تحديد سعر الصفقة، وقد يقوم بعضهم بتصفية مركزة من خلال إعادة البيع أو الشراء قبل حلول موعد التسوية ودفع أو استلام الفرق. كما يخلق تزايد الفترة مخاطر ائتمانية تشبه تلك التي تواجهها العقود المستقبلية. ولكن يفترق هذان النوعان فيما يتعلق بمن يستحق الأرباح الموزعة أو الفوائد خلال هذه الفترة. فالذي يستحقها في حالة العقود الآجلة البائع (إذا كان يملك الأصل الذي سيتم بيعه وقت توزيع الأرباح) أما في التسوية المتراخية فيستحقها المشتري. ولكن هذا الفرق غير مؤثر على سلوك المتعاملين؛ إذ يتم تحديد السعر في الحالتين (سعر الصفقة الحال في حال التسوية المتراخية، أو سعر التسلم الآجل في حال العقد الآجل) وفق نفس المبدأ العام الذي يحكم اختيار الأسعار في العقود الآجلة ولكن مع تجاهل أو حساب الأرباح التي يتوقع أن يدرها الأصل المالي خلال الأجل. انظر المزيد Hull (1997; p 45).
5- التسويق في أسواق مالية مختارة:
يستعرض هذا القسم آلية تسوية الصفقات في أسواق مالية مختارة هي: أسواق الأسهم الأمريكية، وسوق لندن للمعادن، وسوق الأسهم السعودية.
5- 1 أسواق الأسهم الأمريكية:
العرض في الأقسام السابقة ينطبق إلى حد كبير على أسواق الأسهم الأمريكية. وسنشير فيما يلي إلى أهم أطراف صناعة الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية. تعتبر الأسهم والسندات للشركات المساهمة والحكومات أبرز الأوراق المالية التي يتم تداولها في أسواق الأسهم في الولايات المتحدة. ويوجد أسواق أخرى للمستقبليات والمشتقات، بالإضافة إلى أسواق السلع والمعادن. ويقوم السماسرة وتجار الأسهم بدور كبير في تقديم خدمة تداول الأوراق المالية للمستثمرين. وتمثل الأسواق المالية المراكز التي يرسل إليها السماسرة أوامر العملاء لتنفيذها. وأهمها سوق نيويورك (NYSE) وسوق نازداك (NASDAQ)، وشبكات التداول الإلكترونية (Electronic Communication Network (ECN)، كما يمكن أن يتم التعامل بين المستثمرين وكبار تجار الأسهم مباشرة أو من خلال السماسرة. ولا يوجد ما يمنع أن يكون السمسار عضواً في أكثر من سوق مالية.
ويتولى عملية المقاصة في كل هذه الأسواق الشركة الوطنية لمقاصة الأوراق المالية National Securities Clearing Corporation (NSCC)، ويتم نقل ملكية الأسهم من خلال حافظ الأوراق المالية Depository Trust Company (DTC)، ونظراً لارتباط عمل هاتين الشركتين فقد تم اندماجهما مؤخراً (في عام 1999) في شركة واحدة هي شركة الحفظ والتسوية: Depository Trust & Cleaning Corporation (DTCC). وتقوم البنوك والبنك المركزي بدور كبير في هذه الصناعة من خلال تسهيل عملية تسوية المبالغ المترتبة على الصفقات من خلال نظام المدفوعات الخاص Clearing House Inter-bank Payment System (CHIPS)، أو من خلال نظام المدفوعات الذي يديره البنك المركزي FedWire ويشرف على السوق هيئة سوق المال Security Exchange Commission (SEC). وهناك مشروع قائم في هذه الصناعة نحو تقليص فترة التسوية من ثلاثة أيام إلى يوم واحد بعد تنفيذها (T+1)، ويتوقع أن يتم إنجاز هذا المشروع في العام 2002م. ويوضح الشكل (3) العلاقة بين أطراف هذه الصناعة.
5-2 سوق لندن للمعادن London ****************l Exchange (LME)
تعتبر سوق لندن للمعادن إحدى الأسواق الدولية الرائدة في التعامل في المعادن وعقود المستقبليات والخيرات المشتقة منها. وهي متخصصة في المعادن غير الثمينة (النحاس، الألمنيوم، الزنك، الرصاص، النيكل، القصدير) بالإضافة إلى الفضة والعقود المشتقة منها ومن مؤشر السوق LMEX الذي يمثل المعادن الرئيسة الست التي يتم تداولها في السوق. ويمكن إرجاع بداية التعامل في هذه السوق إلى عام 1571م. وتتمثل وظائفها الرئيسة فيما يلي:
(1) اكتشاف الأسعار: اكتشاف أسعار المعادن التي تتعامل بها السوق بشكل يومي بحيث تكون مرجعاً للمتعاملين بها عالمياً. وينبغي التنبيه إلى أن السوق ليست هي مقصد من يبيع ويشتري في هذه المعادن. فمن يريد شراء معدن معين ذي تصنيف معين يجب عليه أن يتوجه لمن يملك ذلك المعدن مسترشداً بالأسعار التي يتم التوصل إليها في السوق. فالسوق تقدم خدمة اكتشاف الأسعار وليس التعامل الفعلي في هذه المعادن. مع هذا فإن السوق يمكن أن ترتب تسليم المعادن المشتراة عندما يتطلب الأمر ذلك كما سنبين في الفقرة 3 أدناه. وترى هيئة السوق أن الأسعار التي يتم اكتشافها للعقود الحالة تعكس حالة الطلب والعرض العالمي من هذه المعادن، كما تعكس أسعار العقود المستقبلية والخيارات توقعات السوق فيما يتعلق بالأسعار المستقبلية لهذه المعادن. ويتم توزيع معلومات الأسعار على جميع مناطق العالم من خلال شركات متخصصة في مجال بث المعلومات المالية.
(2) توقي المخاطرة: وذلك من خلال إتاحة عقود مستقبلية وخيارات بهدف توقي المخاطرة hedging. والمستفيد الأول في هذه الوظيفة التي تعتبر أهم وظائف السوق هي الشركات التي تتعامل فعلياً بهذه المعادن في صناعاتها؛ حيث تسمح هذه العقود بتجنب المخاطرة التي قد تنتج عن تقلبات الأسعار. وهذه العقود في الواقع تقدم خدمة التأمين ضد هذه التقلبات، مما يقلل من درجة المخاطرة التي تواجهها الشركات الصناعية المتعاملة بهذه المعادن سواء كانت مرتبطة بالتكاليف، أو الإيرادات أو كليهما. ولكن هذه العقود يمكن أن تستخدم لغرض المجازفة. ويختلف المجازف عن متوقي المخاطرة في أن المجازف لا يواجه في الواقع أي مخاطرة قبل الدخول طرفاً في هذه العقود، ويتحمل المخاطرة بدخوله في هذه العقود طوعاً. أما المتوقي فهو يواجه مخاطرة فعلية قبل الدخول في هذه العقود ويسعى من الدخول فيها إلى تقليل حجم خسارته على حساب تقليل حجم ربحه، بينما يعرض المجازف نفسه لخطر الخسارة على أمل تحقيق ربح.
(3) المستلم الأخير: تلتزم السوق بتسليم المعادن في حالة حلول وقت تسليمها، وطلب المشتري لذلك. وللقيام بدور المسلم الأخير تقوم السوق بالإذن لمخازن معينة (بدون تملكها) بتخزين أصناف محددة من المعادن. وتبلغ المخازن المرخصة حالياً 370 مخزناً في 12 دولة. كما تبلغ أصناف المعادن التي يتم التعامل بها 460 صنفاً، من 66 دولة. ويلاحظ أن أغلب المتعاملين في العقود المستقبلية وعقود الخيارات التي يتم تداولها السوق يقومون بتصفية مراكزهم المالية قبل حلول وقت التسليم مما يلغي الحاجة إلى تسليم المعادن والاكتفاء بتسوية المبالغ النقدية التي تنتج عن عملية تسوية المراكز المالية. أما العقود الفورية فيه التي قد يترتب عليها عملية تسليم أو استلام فعلي، وتعكس هذه التغيرات في المخزون المترتبة على العمليات الفورية حالة الطلب والعرض العالمي على المعادن، ومن ثم أسعارها.
مسائل تطبيقية
مسألة (12)
كيف تقوم سوق لندن للمعادن باكتشاف الأسعار؟
تمثل سوق لندن للمعادن جزءاً من سوق المعادن. فكيف يمكن أن يكون لهذا الجزء دور بارز في تحديد أسعار المعادن التي تتداول في السوق العالمي للمعادن؟ تحقق السوق في هذه الوظيفة من خلال دور الموازن للأسعار. فإذا زاد الطلب العالمي على معدن معين من صنف محدد –في ظل بقاء العرض على ما هو عليه- فإن سعره سيرتفع في السوق، وبافتراض أن سعر سوق لندن لم يتغير فإن جزءاً كبيراً من الطلب سيتوجه للحصول على المعدن المطلوب من مخازن السوق مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار سوق لندن حتى يتوازن مع السعر خارج السوق. وبالمثل إذا زاد العرض العالمي من معدن معين من صنف محدد –في ظل بقاء الطلب على ما هو عليه- فإن سعره سينخفض في السوق، وبافتراض أن سعر سوق لندن لم يتغير فإن جزءاً كبيراً من العرض سيتوجه إلى مخازن السوق مما يؤدي إلى انخفاض أسعار سوق لندن حتى يتوازن مع السعر خارج السوق. وبناء عليه فإن التسليم الذي يزيد أو ينقص من كمية المعادن في مخازن السوق يعكس إلى حد بعيد حالة العرض والطلب العالمي على المعادن. ولهذا السبب يستخدم التقرير اليومي عن مخزون السوق في تقييم العروض والطلبات التي يعلنها المتعاملون في هذه السوق.
وهكذا يتضح أن السوق لا تهدف إلى التعامل الفعلي بالمعادن، حيث إنها تستخدم مخازن المعادن والتسليم الفعلي وسيلة ذات مصداقية لاكتشاف أسعار المعادن. وكلما زادت كفاءة السوق، كانت أسرع في اكتشاف الأسعار، وقل التغير في المخزون. ولهذا يمكن إرجاع انخفاض نسبة العقود التي يتم تسليمها فعلاً- من بين عوامل أخرى- إلى كفاءة سوق لندن للمعادن في اكتشاف الأسعار.
ومما يسهل قيام السوق بهذا الدور نمطية العقود المتداولة؛ حيث يتم توصيف المعادن القابلة للتداول في السوق إلى أصناف وفق معايير مختلفة. ولا يدخل أي صنف من المعادن مخازن السوق إلا إذا كان مطابقاً تماماً للمواصفات التي وضعتها السوق لذلك الصنف من حيث الجودة والشكل والوزن. فهذه النمطية تؤدي إلى إيجاد أصول موصوفة بدقة ومثلية وقابلة للتجزئة؛ مما يقلل من احتمال وقوع الغبن بين المتعاملين في السوق، ويزيد من سيولة السوق.

عضوية السوق:
يبلغ عدد الأعضاء حالياً أكثر من 100 عضو، ويمكن تقسيمهم إلى مجموعتين رئيستين:
(1) السماسرة: ويحق لهم إنشاء عقود مستقبلية وخيارات جديدة، كما يحق لهم البيع والشراء لصالح عملائهم، ليس على سبيل الوكالة ولكن بناء على عقد بين طرفين أصيلين principal-to-principal basis، وهو عقد قابل للتفاوض. وأهم هؤلاء سماسرة الحلقة؛ حيث تحدد أنشطتهم في قاعة السوق the ring (أثناء المزاد وبعده) أهم مخرجاتها والمتمثلة في الأسعار. كما يقومون بالتعامل خارج أوقات المزاد العلني عبر شبكة التعامل الإلكترونية الخاصة بالسوق.
(2) المتعاملون: وهم عادة من المنتسبين للصناعات التي تتعامل بالمعادن الست التي تتداول في السوق، ولا يحق لهم إنشاء عقود جديدة، ولا التعامل مباشرة بل عن طريق السماسرة. والهدف من العضوية هو الإبقاء على صلة بالسوق لمتابعة التطورات فيه عن كثب.
آلية نقل الملكية:
تتم عملية تسوية الصفقات وفق الخطوات التالية: يتم تنفيذ الصفقات في السوق أثناء المزاد العلني، أو من خلال نظام التداول الإلكتروني LME Select الذي بدأ العمل بإصداره الأول في 9 فبراير 2001. ويمثل المزاد العلني الآلية الأساسية لاكتشاف الأسعار خلال اليوم، ولكن يتم التعامل وفقها خلال فترات محدودة. أما التداول الإلكتروني فمستمر خلال اليوم (24 ساعة) مسترشداً بالأسعار التي يتم الوصول إليها في المزاد. ونظام التداول الإلكتروني هو خاص بالسماسرة الأعضاء ويتم التعامل فيه من حساباتهم فقط. ولكن يمكن الوصول إلى معلومات التعامل التي يتضمنها من خلال الشركات التي تقوم ببث بيانات السوق.
بعد تنفيذ الصفقة يقوم كل عضو طرف في الصفقة بتغذية بيت لندن للمقاصة (شركة المقاصة المرتبطة بالسوق) بمعلومات الصفقة، حيث يقوم البيت بمقارنة الصفقات تمهيداً لمقاصتها. وتتم التسوية وفق مفهوم الطرف المركزي المقابل Central Counterparity (CCP). وهو يعني أن بيت التسوية يقيم نفسه وسيطاً بين البائعين والمشترين، فيصبح المشتري من كل بائع، والبائع لكل مشترٍ. وقيامه بهذه الوظيفة له مزية تقليل مخاطر التسوية التي يتعرض لها كل طرف، حيث يصبح التعامل مع طرف واحد ملتزم بإتمام التسوية بغض النظر عن ظروف الطرف المقابل. ولكنه يزيد من درجة المخاطرة التي يتحملها البيت نتيجة إفلاس أحد الأعضاء. ولهذا يشترط البيت على الأعضاء دعم عمل بيت المقاصة من خلال 150 مليون جنيه كضمانات بنكية، ومبلغ مماثل لصندوق الحماية ضد الإفلاس، وهو ما يمكنه من حياة الأعضاء ضد خطر إفلاس أحدهم. كما يطلب البيت من الأعضاء –بهدف تقليل المخاطر التي يواجهها- إيداع هامش مرتبط بمقدار الخسارة التي يمكن أن تتعرض لها جميع المراكز المالية للعضو. والهامش قد يكون في شكل مبالغ نقدية، أو ضمان بنكي، وتتم مطالبة العضو بزيادة الإيداع أو الإذن بالسحب منه حسب التغير في صافي المراكز المالية للعضو. وتجب ملاحظة أن المتعاملين غير الأعضاء (في بيت المقاصة) لا يتأثرون بعملية المقاصة باعتبار أن تعاملاتهم مبنية على عقود منفصلة مع السماسرة الأعضاء.
ويتم نقل الملكية في شكل وثيقة تفويض تخول حاملها تملك كمية من معدن ذي صنف معين، في مخزن محدد، ويستطيع المشتري استلام ما يملكه فعلاً من ذلك المخزن إن شاء، أو إعادة بيع ما تمثله في السوق. وفي عام 1999م قامت السوق بتطبيق نظام إلكتروني للتحويل SWORD بهدف توليد هذه الوثائق وتحويل ملكيتها إلكترونياً. وهذا النظام مشروع مشترك بين كل من السوق وبيت لندن للمقاصة (LCH). وقد أدى تطبيق هذا النظام إلى إلغاء العديد من عمليات المعالجة اليدوية لعمليات نقل الملكية حيث أصبحت عملية تسجيل الملكية تتم بصورة مركزية وبشكل إلكتروني، وأصبحت الوثاق محفوظة بدون تنقل لدى حافظها وهو مركز المقاصة والحفظ الذي يديره فرع Bank One في لندن. ويجب التأكيد على أن خيارات التسليم (المكان، المنتج، الشكل) في يد البائع، ولكن يجب أن يكون من نفس الصنف المحدد في العقد. والتسعير يتم بافتراض أن التسليم سيكون من أحد المخازن، مع تحمل المشتري تكلفة نقل ذلك المعدن من المخازن إلى موقعه. ويتوقع أن يشتمل التحديث القادم لنظام التداول LME Select على تحسينات أهمها القدرة على المعالجة المتكاملة للصفقات (STP) من خلال ربط نظام التداول ببيت لندن للمقاصة.

Cat
01-29-2009, 02:07 PM
أما تسوية المبالغ المترتبة على الصفقات فتتم من خلال نظام خاص للمدفوعات يسمى Protected Payment System. وهو نظام يربط بنوك السماسرة ببيت التسوية لتسهيل تحويل المبالغ بين السماسرة الأعضاء في البيت. ويقوم البنك المركزي بتسوية المدفوعات النقدية المترتبة على الصفقات في الأسواق المالية وغيرها من خلال العمود الفقري لنظام المدفوعات في بريطانيا CHAPS. ويوضح الشكل (4) العلاقة بين سوق لندن للمعادن والأطراف الآخرين في هذه الصناعة.
5-3 سوق الأسهم السعودية:
تم تنظيم سوق الأسهم في المملكة عام 1405هـ (1984م)؛ حيث تم تحويل دور السمسرة بشكل رئيس من المكاتب غير المرخصة في بيع وشراء الأسهم إلى البنوك المحلية. وفي عام 1410هـ (1990) تمت ميكنة عملية تداول الأسهم عن طريق النظام الآلي لتداول الأسهم المعروف باسم (ESIS). ومن الناحية التنظيمية تعتبر وزارة التجارة مسؤولة حالياً عن نظام الشركات الذي ينظم إجراءات تأسيس الشركات المساهمة أو تحويل الشركات الخاصة إلى مساهمة. أما القواعد التنفيذية لتنظيم عملية تداول الأسهم فهو نظام صادر من لجنة وزارية مكونة من وزير التجارة، والمالية، ومحافظ مؤسسة النقد. وتشرف على السوق لجنة إشراف دائمة مكونة من مندوبين من الجهات الثلاث أعلاه. وتقوم إدارة الرقابة على الأسهم في مؤسسة النقد بالتحقق من تنفيذ القواعد التنظيمية لعملية التداول والإشراف اليومي على كافة عمليات التداول. ويعتبر نظام التداول (ESIS) نظام إلكتروني متكامل للتداول والتسوية والمعلومات. وهو يقوم بربط وحدات التداول المركزي بالبنوك (وهي الجهات التي تقوم بدور السمسار في صناعة تداول الأسهم في المملكة) بالحاسب المركزي في مؤسسة النقد، مما يمكن الوسطاء في هذه الوحدات من إدخال أوامر العملاء مباشرة في النظام، وتنفيذها إلكترونياً، والبدء في مراحل تسويتها إلكترونياً. وقد تم تحديث نظام (ESIS) منذ تطبيقه تسع مرات. ثم تم أخيراً استبداله بنظام تداول جديد أطلق عليه اسم (تداول Tadawul).
نقل الملكية في ظل النظام الإلكتروني السابق (ESIS):
يتم تنفيذ الصفقات عندما تتطابق إلكترونياً عروض البائعين مع طلبات المشترين. وبعد تنفيذ الصفقة يطبع النظام إيصال تأكيد تنفيذ الصفقة للعميل، ويتم تحويل الصفقة آلياً إلى نظام التسويات. ويقوم نظام التسويات بمتابعة كل الصفقات التي ترد خلال أوقات التعامل في اليوم استعداداً لمقاصتها وتسويتها آلياً في نهاية اليوم. وتعتبر الفترة اللازمة لإتمام نقل الملكية من خلال هذا النظام من أقصر الفترات مقارنة مع بقية دول العالم. حيث تتم التسوية بنهاية نفس يوم تنفيذ الصفقة (T+0) بالنسبة للإشعارات وفي اليوم التالي (T+1) بالنسبة لشهادات الأسهم. وتنبغي ملاحظة أن صاحب الإشعار أو الشهادة يتمتعان بجميع حقوق الملكية من حيث قبض الأرباح وخلافه، والفرق بينهما أن الإشعار يتم تداوله فقط من خلال النظام. ويتميز الإشعار بأنه يسرع من عملية التسوية بسبب سهولة إلغائه وإصداره، ولهذا تتم تسوية الصفقات المنفذة بموجب الإشعارات الإلكترونية في مساء نفس يوم التعامل وتسوية الإشعارات بخلاف الشهادات تتم إلكترونيا، ولا تتطلب تسليم أي أوراق أو وثائق ، ويقوم النظام في مساء يوم التعامل بطباعة إشعارات الملكية في الوحدات المركزية بالبنوك وفروعها المتخصصة. أما الصفقات المنفذة بموجب الشهادات فيتم تسويتها في اليوم التالي من التنفيذ، لأن ذلك يتطلب تسليم شهادات الأسهم للوسطاء.
ويسهل من عملية نقل الملكية النظام المركزي لتسجيل ملكية الأسهم الذي تديره الشركة السعودية لتسجيل الأسهم SSRC والمربوط بنظام التداول. حيث يقوم نظام التحويل ضمن نظام التسوية باستحداث تعليمات التحويل في شكل تقارير (خطابات نقل الملكية) لكل شركة مساهمة على حدة مبيناً فيها البائعين والمشترين. ويتم إرسال هذه التقارير إلى الحساب المركزي لدى شركة تسجيل الأسهم حتى يتم إلغاء شهادات الأسهم المباعة وتسجيلها باسم المشترين الجدد. وتتم هذه العمليات إلكترونياً. وتقوم الشركة بإخطار الشركات المساهمة بتعليمات تحويل الملكية، واستلام شهادات الأسهم (للعملاء الذين يطلبونها فقط)، لتسليمها للبنوك، التي تقوم بدورها بتسليمها للعملاء.
ولتسوية المبالغ المترتبة على الصفقات يتم تسجيل قيمة كل صفقة في تقرير المقاصة للبنك البائع والمشتري. وتتم مقاصة مبالغ الصفقات بين البنوك كالمعتاد. حيث يتم في نهاية اليوم إرسال تقرير لكل بنك يوضح المبلغ الدائن أو المدين للبنك. وفي اليوم التالي يتم الخصم أو الإضافة لحسابات البنوك المحلية لدى المؤسسة. ولاشك أن إدارة نظام التداول من قبل البنك المركزي يسهل من هذه العملية بشكل كبير، خاصة في ظل ربط نظام التداول بالعمود الفقري لنظام المدفوعات سريع SARIE (1997). (9)
وتوفر إجراءات النظام ضوابط لحماية المتعاملين أهمها ضمان تحصيل مبالغ صفقات الشراء قبل إرسال أوامر الشراء إلى السوق، ودفع مبالغ صفقات البيع من البنوك للعملاء وفق نظام محاسبي دقيق. ومع التوسع في استخدام الإشعارات يضعف احتمال إخفاق البائع في تسليم الأسهم المباعة، ويقلل من احتمال عمليات تزوير الشهادات.
نقل الملكية في ظل الإصدار الجديد من النظام (تداول Tadawul):
بدأ العمل بهذا الإصدار في الربع الأخير من عام 2001م. ويهدف النظام إلى تحديث نظام التداول والتسوية السابق، وتقديم خدمات إضافية جديدة للسوق، ودعم التوجه نحو المعالجة الآلية المتكاملة للصفقات (Straight Through Processing STP) من خلال تحديث أنظمة التداول والتسوية، واستخدام شبكة معلومات أسرع تعتمد على معايير قياسية عالمية، وتطوير آلية نشر معلومات السوق، وزيادة مستوى الأمن. وحيث إن البنوك سوف تستمر في القيام بدور السمسار في النظام الجديد، فإن هذا يتطلب من البنوك تطوير أنظمتها حتى تستطيع التوافق مع هذه المزايا الجديدة.
ويتيح النظام للمستثمر إمكانية فتح الحسابات في كل من البنوك ومركز الإيداع. ويتوجب على كل مستثمر أن يفتح حساباً إما في البنك (ويسمى حساب العضو)، أو لدى الحافظ المسمى بمركز الإيداع (ويسمى حساب السوق). ويمكن للمستثمر أن يفتح عدة حسابات أعضاء في بنك واحد أو عدة بنوك، لكنه لا يمكن أن يفتح أكثر من حساب واحد في مركز الإيداع. وللمستثمر الحق في الحصول بشكل دوري على كشف بجميع العمليات والإيداعات على حساباته في البنك. ويمكن للمستثمر التداول من خلال البنوك التي فتح فيها حسابه أو حساباته فقط. ويسمح الإصدار الجديد التعامل بأنواع جديدة من الأوامر مثل شرط تنفيذ كامل كمية الأمر أو عدم تنفيذه نهائياً، وتحكم المتعامل بمدى إظهار كمية الأمر، بالإضافة إلى إمكانية التعامل مباشرة بالأسهم من خلال الاتصال –عبر الإنترنت- بنظام إدارة الأوامر الموجود لدى البنوك. ويتضمن نظام تداول الجديد كذلك خاصيّة ضمان أفضل تنفيذ للعميل خاصة خلال فترة الافتتاح. فالعميل قد يطلب الشراء بسعر ولكن النظام قد ينفذ أمر الشراء عند سعر أقل تبعاً لحالة العرض والطلب التي تمثلها بقية أوامر البيع والشراء في السوق. ويتم بث معلومات السوق إلى شركات مزودي المعلومات إلكترونياً. وتتضمن معلومات السوق الأسعار، ومعلومات الشركات، والإعلانات، بالإضافة إلى معلومات تاريخية. كما سيتم ربط الشركات –عبر الإنترنت- بنظام معلومات الشركات المرتبط بنظام التداول، لتسهيل نشر المعلومات المتعلقة بكل شركة لجميع المتعاملين في وقت واحد. وسيظل نظام التسويات مرتبطاً بنظام التداول كما كان في السابق.
ويقدم نظام تداول وظائف متكاملة للإيداع. فمثلاً، يمكن بسهولة رهن الأسهم المودعة في الحساب. وحالما يتفق البنك مع المستثمر على رهن الأسهم، فإن البنك يقوم آلياً بتحويل تفاصيل الرهن إلى مركز الإيداع. ويقوم نظام تداول تلقائياً بالتأكد من توفر الأسهم. ويتم نقل الأسهم من الأسهم المتاحة إلى الأسهم المرهونة بحيث لا يمكن تداولها أو رهنها من قبل بنك آخر. ولا يمكن فك رهن الأسهم إلا من قبل البنك الذي رهنها في الأصل. كما يسمح النظام بالقيام بجميع أنواع إجراءات الشركات مثل توزيع أسهم المنحة وتجزئة الأسهم والأرباح النقدية. فزيادة عدد الأسهم الناتجة عن إجراء في الشركة يظهر مباشرة في حسابات المساهمين، بحيث لا يضطر المستثمر إلى أن ينتظر حتى يستلم شهادته وبدلاً من انتظار استلام الشيك، فإنه يمكن إيداع الأرباح النقدية مباشرة في الحاسب البنكي الخاص بالمستثمر.
ومن أهم التطورات في مجال نقل الملكية هي إمكانية المعالجة الآلية المتكاملة للصفقات (STP)، والذي مكن من حدوث التسوية الآنية.(10) وسيساعد على هذه النقلة النوعية استخدام تحويل الحاسبات بدلاً من طباعة الإشعارات، وهو ما سيمكن المتعاملين من الشراء والبيع في نفس اليوم باستخدام أرقام الحسابات بدلاً من الإشعارات أو الشهادات.
ويسعى الإصدار الجديد إلى ربط النظام بأنظمة البنوك بهدف مساندة المعالجة المتكاملة للصفقات، باستخدام رسائل تبادل المعلومات المالية القياسية (Financial Information Exchange FIX). ويمكن هذا الربط البنوك من تقديم خدمات تنافسية للعملاء مثل إدارة المحافظ، والتداول عبر الإنترنت. ويخطط في مرحلة لاحقة مساندة الربط بأسواق أخرى إقليمية ودولية. وسيتم ربط نظام التداول بشكل أقوى مع نظام سريع من أجل تسوية المبالغ النقدية المترتبة عن الصفقات وفق مبدأ المقاصة الإجمالية الآنية Real-Time Gross Settlement (RTGS).
ويعرض الشكل (5) العلاقة بين الأطراف صناعة تداول الأسهم في المملكة.
6- مستقبل آليات التسوية:
في ظل التطور في تقنية الحاسب والاتصالات والاتجاه نحو تحرير التجارة يتوقع أن تحدث تغيرات هيكلية في آليات تسوية الصفقات في الأسواق المالية على اختلاف أنواعها. ولعل أهم هذه التغيرات ما يلي:
• تقليل الفترة بين التنفيذ والتسوية إلى T+1 (الاقتراب من التسوية الآنية): مع تزايد عدد الصفقات وقيمها، أصبحت مخاطر تسويتها تمثل ضغوطاً مستمرة نحو السعي لتقليل هذه المخاطر من خلال تقليل الفترة بين تنفيذ الصفقة وتسويتها. وقد قامت الولايات المتحدة في منتصف عام 1995م وبريطانيا في عام 2001 بتقليل فترة التسوية من T+5 إلى T+3. وتسعى الصناعة في الوقت الراهن إلى إتمام عملية الانتقال إلى T+1 في غضون السنوات الثلاث القادمة. ولا شك أن تقليل مدة التسوية يتطلب تسريع عملية معالجة إجراءات ما بعد الصفقة، والذي يتطلب بدوره الاستثمار في العديد من التقنيات الجديدة التي تمكن من المعالجة المتكاملة للصفقات.
• ربط الصفقات locked-in trades: ويقصد به مقارنة معلومات الصفقة من قبل السوق المالي وقت تنفيذها. فهناك توجه نحو تعميم مبدأ مقارنة الصفقات عند تنفيذها من خلال التوسع في استخدام نظم التداول الإلكترونية لأن هذا يقلل من حاجة السمسار أو شركة المقاصة إلى مقارنة الصفقات، مما يسهم في تسريع وميكنة جميع الإجراءات التي تتبع تنفيذ الصفقة في الطريق إلى تسويتها. ويعتبر هذا الإجراء أحد أهم متطلبات الانتقال إلى نظام التسوية الجديد T+1.
• الإيداع المركزي للأوراق المالية Centralized Securities Depository (CSD) ويقصد به حفظ الأوراق المالية في شكل شهادات أو حسابات في مكان واحد بهدف تمكين نقل الملكية من خلال التحويل بين حسابات أطراف الصفقة. ويسمى أيضاً بالتسجيل المركزي. ويقوم بهذه المهمة عادة حافظو الأوراق المالية بهدف تقليل الحاجة إلى التسليم الفعلي للأوراق المالية. ونظراً للتطور في مجال التعامل بالأوراق المالية بين الدول المختلفة هناك توجه لقيام حافظ عالمي Global Depository للأوراق المالية يتكون من شبكة من حافظي الأوراق المالية في الدول المختلفة. وسيسهل هذا الإيداع أو التسجيل المركزي من عملية نقل الملكية بشكل كبير.
• الطرف المقابل المركزي Central Counterparity (CCP): ويقصد به قيام شركة المقاصة بوضع نفسها طرفاً مقابلاً في كل صفقة، فتكون المشتري من كل بائع، والبائع لكل مشتر. والاتجاه متزايد لتعميم هذا المبدأ حتى على المستوى العالمي. ومن فوائده ضمان تسوية الصفقة وبالتالي تقليل المخاطر الائتمانية المتعلقة بالتسوية، وسرية معلومات الأطراف في التعامل (وهو مطلب للعديد من المتعاملين)، وتنميط عملية التسوية مما يقلل من تكلفتها، بالإضافة إلى إمكانية استخدام مبدأ التسوية الصافية مما يقلل من حجم المدفوعات.
• المعالجة المتكاملة للصفقات Straight Through Processing (STP): ويقصد بها ميكنة كل المراحل التي تعقب تنفيذ الأمر حتى تسويته بدون أي تدخل يدوي. وقد تم تبنيها من قبل العديد من المؤسسات المالية العاملة في هذه الصناعة، ويتوقع أن يكون هو الأسلوب السائد بعد خمس سنوات من الآن. والعوامل التي تدفع صناعة الأوراق المالية نحو هذه المعالجة هي: تقديم خدمات أفضل، والتوجه نحو تقليل الفترة بين التنفيذ والتسوية إلى يوم واحد، واتساع استخدام التجارة، والتعامل الإلكتروني، والتعامل عبر الحدود، بالإضافة إلى تقليل تكلفة الصفقات ورفع مستوى كفاءة معالجتها. وهي تتطلب من بين أشياء أخرى تنميط الرسائل المتعلقة بالصفقات، وتطوير التقنية الحالية. وسوف يسهم هذا النظام في تقليل حالات الإخفاق، وبالتالي تقليل مخاطر التسوية، وزيادة الكفاءة من خلال تقليل عدد العاملين في معالجة الصفقات في المكاتب الخلفية. وسوف يعين هذا بلا شك على توجيه جهود الشركات المالية من تعقيدات معالجة الصفقات إلى كيفية خدمة المتعاملين بشكل أفضل.
• الاعتماد على معايير دولية موحدة لتبادل المعلومات المالية مثل نسق Financial Information Exchange (FIX): يدعم هذا النمط القياسي التراسل بين مديري المحافظ الاستثمارية والسماسرة والتجار فيما يتعلق بالأوامر، وتنفيذها. وهو وإن كان جانباً تقنياً إلا أنه مهم لأن توحيد اللغة التي تستخدمها التقنيات الحديثة للتخاطب فيما بينها يسرع من معالجة البيانات بدون أخطاء. ويعتبر هذا النوع من التنميط أحد متطلبات البنية الأساسية للمعالجة المتكاملة.
• توجه العملاء نحو طلب المزيد من الاتصال المباشر بالأسواق، والتحكم بحساباتهم عبر شبكات الاتصال الإلكترونية كما يدل على ذلك تزايد عدد السماسرة الذين يقدمون خدمة الاتصال المباشر بالسوق من خلال مكاتب السماسرة أو عن طريق شبكة الإنترنت فيما يعرف الآن بسماسرة الإنترنت online broker. وقد أدى هذا التوجه إلى زيادة استخدام شبكات التعامل الإلكترونية ECN التي تعمل في الغالب طوال اليوم بدون توقف. ويتوقع أن يؤدي هذه التوجه مع مرور الوقت إلى تقليل هامش أرباح الشركات العاملة في هذا القطاع، مما قد يولد ضغطاً على الشركات لتقوم بالاندماج في سبيل تحقيق أرباح أعلى. وقد تمت الإشارة إلى بعض حالات الاندماج ضمن ثنايا هذا البحث.