المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشريعة والفقه



Cat
01-29-2009, 09:53 AM
بحوث احوال شخصية
الشريعة والفقه


مقدمه:ـ

أولا:ـ نشأة الشرائع وضرورتها:ـ من المسلم به أن الإنسان عاجز عن توفير جميع مقتضيات حياته بنفسه.. بل هو فى احتياج دائم لغيره ليكمل له حاجياته. لذا يقال بأن الإنسان مدنى بطبعه.. لذا تظهر حاجة الفرد للعيش فى جماعة يساعد كل منها فى توفير جزء من مقتضيات الحياة لأفرادها.

ولكن.. لما فطرت عليه النفس البشرية من حب الذات والأثرة، وحب الرياسة والهيمنة على الغير، فقد ظهرت الحاجة الأكبر إلى نظم راسية وقواعد ثابتة تنظم علاقات الإنسان وتوفق بين مصالح الأفراد والجماعات منعا للفوضى واضطراب الحياة.. لهذا ولغيره كان رحمة من الله بعباده أن أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين يبينون للناس طريق الحق من الباطل..

ثانيا:ـ مصدر الشرائع السماوية:ـ اتحدت الشرائع السماوية فى مصدرها.. وهو الله سبحانه وتعالى المشرع الأعظم الذى أرسل رسله بالهدى ودين الحق.. وهو سبحانه المرجع فى كل الأمور التى تتطلبها حاجة البشر ـ دينية أو دنيوية.. كما اتحدت الشرائع جميعها فيما نادت به من الإيمان بالله وكتبه ورسله، وباليوم الآخر والحساب والثواب والعقاب.

· كما نادت الشرائع وعنيت بما هو ضرورى للمحافظة على الدين والنفس والمال والعقل والنسل.. ومن ذلك يتضح اتحاد الشرائع فى المصدر والجوهرـ والاختلاف بينها لا يكون إلا فى الفروع والتطبيقات.. فقد قال رب العزة فى محكم آياته:ـ (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) صدق الله العظيم

ثالثا:ـ الحكمة من تعدد الشرائع السماوية:ـ نظرا لخبرة الله بعباده، ولاختلاف البشرية وحاجياتها على مر العصور.. ولمرورها بنفس مراحل حياة بنى الإنسان من طفولة.. فشباب فرجولة ورشد وكمال نضج، ولاختلاف كل مرحلة من هذه المراحل فى ظروفها وأحوالها المصاحبة لها.. فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تتمشى هذه الرسالات مع هذه المراحل وما يناسب حاجيات البشر وقت نزول الرسالة عليهم..

لذا نزلت الشريعة اليهودية مهتمة وحاجة المجتمع إلى تنظيم المعاملات بينهم، ثم جاءت الشريعة المسيحية متفقة وحاجة البشر للاهتمام بأمور العبادات ـ ثم اختتمتها الشريعة الإسلامية مهتمة بالأمرين معا من عبادات ومعاملات..

وغيرها.حاجة الإنسان إلى التشريع:ـ نظرا لطبيعة الإنسان المدنية وعدم قدرته على النهوض بأموره وحده ـ ولضرورة تعاونه مع غيره لتحصيل كل ما يلزمه فى الحياة ـ ظهرت الحاجة للجماعة التى يقوم كل فرد منها بسد ثغرة فى بناء المجتمع، ويستتبع ذلك دخول الأفراد فى علاقات مختلفة كالزواج والبيع والإجارة.. وغيرها .. وهذه العلاقات لابد لها من تشريع ينظمها لكى نهنأ بالحياة واستقرارها. ولكى نرسى نظاما يقوم على المجتمع، فذلك لا يكون إلا بقواعد آمرة تجبر الإنسان على احترامها.

ولكون الخالق عز وجل هو الأقدر على معرفة حاجيات خلقه، وهو الأعلم بالغيب والمستور الذى يعجز عن العلم به البشر مهما بلغ..

لذا كان من الضرورى وجود تشريع سماوى يحقق للبشر الانتفاع الأمثل بمقتضيات حياتهم وينظم سبل هذا الانتفاع بما لا يتعارض وحقوق الآخرين والمجتمع.. لهذا فقد أنزل سبحانه وتعالى رسله من هؤلاء البشر بالشرائع السماوية وأحكامها وأوامرها ونواهيها..

خامسا:ـ تعريف الشريعة والفقه والعلاقة بينهما:ـ

· الشريعة لغة لها معنيان:ـ أولاهما:ـ الطريقة المستقيمة الواضحة ـ قال تعالى:ـ ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون )

صدق الله العظيم

وثانيهم:ـ مورد الشاربة ـ أى الطريق الذى يسلكه الناس والإبل لشرب الماء.

· وأما الشريعة فقها فهى:ـ ما شرعه الله لعباده من الأحكام التى جاء بها نبى من الأنبياء ( عليهم الصلاة والسلام) ـ سواء ما يتعلق بالعمل ( المعاملات)، أو بالاعتقاد ( العبادات).. وهى بهذا المعنى شاملة لكل شريعة سماوية وتنسب لديانة الرسول الذى نزلت عليه.

· وكلا المعنيان ـ اللغوى والفقهى ـ مرتبطان.. فأحكام الرسالات السماوية مستقيمة واضحة لا انحراف فيها ـ وهى أشبه بمرور الماء من حيث أن كل منهما سبيل إلى حياة ـ فالشرائع السماوية تحمى النفوس وتغذى العقول والأرواح، والماء سبيل لحياة الأبدان.

· ومما تقدم يمكننا تعريف الشريعة الإسلامية بأنها:ـ مجموعة الأحكام التى سنها الله تعالى على لسان رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) ليؤمنوا بها ويعملوا بمقتضاها.

· الأحكام التى جاءت بها الشريعة الإسلامية



وقد جاءت بثلاث أنواع من الأحكام متنوعة وهى:ـ

1. الأحكام الاعتقادية:ـ وهى التى تتعلق بذات الله وصفاته، وبالإيمان به وبرسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر.. وتكفل ببيانها علم الكلام ( التوحيد).

2. الأحكام الخلقية:ـ وهى التى تتعلق بما يهذب النفوس ويقومها، وما يجب أن يتحلى به الشخص كالصدق والأمانة والشجاعة والوفاء بالعهد.. وما يجب أن يبتعد عنه كالكذب والخيانة والغدر والظلم.. وقد تكفل ببيانها علم الأخلاق.

3. الأحكام العملية:ـ وهى التى تتعلق بأفعال المكلفين وتصرفاتهم من حيث كونها واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة، أو صحيحة أو باطلة أو شرطا أو سببا أو مانعا لشئ.



· تعريف الفقه لغة وشرعا



· الفقه لغة:ـ وللكلمة فى اللغة عدة معان من أشهرها:ـ



1. مطلق الفهم ـ قال تعالى:ـ ( واحلل العقدة من لسانى يفقهوا قولى).

صدق الله العظيم

2. الفهم الدقيق ـ قال تعالى:ـ ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول)

صدق الله العظيم

3. فهم غرض المتكلم من كلامه.. فالفقه أخص من الفهم، وهو قدر زائد عن مجرد فهم اللفظ فى اللغة.

وفى ظل الإسلام خص الفقه بفهم الأحكام الشرعية لشرفها..

· الفقه شرعا:ـ وقد اختلف الفقهاء فى تعريفه من عصر لآخر..

· ففى صدر الإسلام:ـ أطلق على ( العلم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية).. وبهذا الإطلاق يكون شامل لجميع ما شرعه الله لعباده من أحكام.. سواء ما تعلق منها بالعقيدة أو بأفعال العباد.

وبجانب إطلاق الفقه فى هذا العصر على العلم بالأحكام الشرعية ـ فإنه كان يطلق على الأحكام ذاتها.

وقد ظل استعمال الفقه بهذا الإطلاق ( العلم بالأحكام الشرعية ـ أو نفس الأحكام) حتى عصر المذاهب الجماعية، وفيه بدأت التخصصات فى الأبحاث الإسلامية، وتنوع اسم الفقه إلى ثلاث علوم مستقلة وهى:ـ

أ?) موضوعات العقائد.. واستقلت تحت اسم علم الكلام ( التوحيد).

ب?) موضوعات الأخلاق.. واستقلت تحت اسم علم الأخلاق.

ج ) موضوعات الأحكام.. واستقل بها علم الفقه.

وبناء على هذا عرفه المتأخرون من الفقهاء بأنه ( العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية.).

ولكن صار بعرف العلماء عبارة عن ( العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة..)

ثم تطور مفهوم الفقه فصار يطلق على ( حفظ طائفة من مسائل الأحكام الشرعية العملية المقررة بواسطة الوحى صراحة، أو استنباط المجتهدين، أو تخريج المقلدين، سواء حفظت مع أدلتها أو مجردة عنها..).

موضوع علم الفقه:ـ هو الأحكام الشرعية لأفعال الإنسان من حيث كونها واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة أو مباحة أو صحيحة أو فاسدة أو باطلة.. ولابد أن يستند الحكم إلى دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع أو القياس.

الفرق بين الشريعة والفقه:ـ من التعريفات السابقة وبالمقارنة بينها نجد أن:ـ

أولا:ـ معنى الفقه بناء على الإطلاق الأول مرادفا لمعنى الشريعة.. لأنها عبارة عن الأحكام التى سنها الله تعالى على لسان محمد (ص) والفقه هو العلم بالأحكام الشرعية مطلقا.

ثانيا:ـ بناء على الاطلاقين الثانى والثالث الذى خص الفقه بالأحكام الشرعية العملية فقط أو قصره على حفظ طائفة من مسائل الأحكام الشرعية يكون الفقه جزء من الشريعة.

أقسام الفقه:ـ الفقه الاسلامى نظام عام تناول بالتنظيم علاقة الإنسان بخالقه، كما تناول علاقته بغيره.. سواء أكانوا أفراد أو جماعات أو دول.. لذلك فإن معظم الفقهاء يقسمون الفقه الاسلامى إلى قسمين:ـ

أولاهما:ـ العبادات:ـ وهى الأحكام الشرعية التى تنظم علاقة المرء بربه، فتبين ما يجب عليه نحو خالقه من فعل الطاعات تقربا إلى الله تعالى طلبا لمرضاته وخوفا من عقابه وترويضا للنفس على الطاعة.

وخصائص هذا القسم:ـ 1. أن أحكامه ثابتة بنصوص صريحة آمرة وناهية.

2. أحكامه لها صفة الدوام والاستمرار. 3. أحكامه بينت بطريقة مفصلة.

4. أحكامه لا مجال للعقل فيها، ويجب اتباعها ولولم نقف على معانيها أو مراميها.

5. أحكامه خارجة عن نطاق الاجتهاد لأن الله عز وجل هو الذى فرضها وتولى بيانها.

وثانيهم:ـ المعاملات ( العادات):ـ وهى الأحكام التى تحكم وتنظم علاقة الفرد بالفرد وعلاقته بالدولة الإسلامية، وعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول.. وصولا للمحافظة على الحقوق وحفظ الأمن والنظام، وتحقيق قواعد العدل والمساواة.

وخصائص هذا القسم:ـ 1. أن أحكامه وردت مجملة فى صورة أصول كلية وقواعد عامة. 2. أحكامه جاءت مقرونة بعللها ومعقولة المعنى.

3أحكامه قد تتغير تبعا لزوال العلة أو تدبر وجه المصلحة.

4. أحكامه مبنية على أعراف الناس أو تغير وجه المصلحة.

5. بإمكان الفقهاء الاجتهاد فى تطبيقها والقياس على ما ورد بالشرع منها.



الفقه وفروع القانون الأخرى



رغم أن الفقه خلافا للقانون الوضعى يقدم بحث العبادات على كافة الأبحاث الأخرى، فإنه يشتمل على جميع فروع القانون الوضعى.. العام منه والخاص..

1. القانون الدولى العام:ـ وهو الذى ينظم علاقة الدول ببعضها فى الحرب والسلم.. وقد اشتمل الفقه الاسلامى على كل قواعده التى جاءت تحت عنوان السيرة والجهاد.

2. القانون الدستورى:ـ وهو الذى يحدد نظام الحكم فى الدولة وينظم سلطاتها، ويوزع اختصاصاتها ـ وهو الذى يحدد علاقة الحاكم بالمحكوم، وقد اشتمل الفقه الإسلامى عليها، وأفضل ما كتب فيها كتاب السياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والرعية لابن تيمية.

3. القانون الإدارى:ـ وهو مجموعة القواعد التى تحكم نشاط السلطة التنفيذية وتعرض الفقه لها بعنوان السياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية.

4. القانون الجنائى:ـ وهو الذى يبين الجرائم المعاقب عليها والعقوبات الخاصة بها.. وقد بحثه الفقه تحت عنوان كتاب الجنايات.. أو الحدود والتعزيرات.

5. القانون الخاص:ـ وقد اشتمل الفقه على كافة فروعه.. فالقانون المدنى جاء تحت أبواب أحكام المعاملات..

6. والقانون التجارى:ـ وهو الذى ينظم العلاقات التجارية.. وقد بحثه علماء الفقه.. ثم جعلوا العرف حكما فيما يجد فيها.

7. قانون المرافعات:ـ وهو الذى يبين مجموعة القواعد المتعلقة بإجراءات التقاضى وتطبيق القانون وقد بحثه الفقهاء فى أبواب الدعوى والقضاء.

8. القانون الدولى الخاص:ـ وهو الذى يبين المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق فى القضايا التى فيها عنصرأجنبى، وقد بحثه الفقهاء عند كلامهم على أحكام أهل الذمة والحربيين