Warning: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /home/forumbs/public_html/includes/class_core.php on line 1960
وقف التقادم للحوادث القهرية والظروف المعجزة [الأرشيف] - منتديات بانى ستار

المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقف التقادم للحوادث القهرية والظروف المعجزة



Bakenam
01-28-2009, 08:19 AM
وقف التقادم للحوادث القهرية والظروف المعجزة


مجلة المحاماة – العدد الرابع
السنة الثامنة عشرة

وقف التقادم
للحوادث القهرية والظروف المعجزة
Contra non valentem agere non currit prae************************io
لحضرة صاحب العزة الأستاذ زكي خير الأبوتيجي بك رئيس النيابة لدى محكمة النقض والإبرام (الدائرة المدنية).

1 – تمهيد:
غير خافٍ أن وقف سريان التقادم يراد به أن مضي المدة المكسبة أو المسقطة للحقوق يقف ردحًا من الزمن بسبب الأعذار التي ذكر القانون بعضها ثم يستأنف التقادم سيره بعد زوال تلك الموانع وإذا كانت هناك فترة قد سبقت قيام المانع فتضاف إلى الزمن الذي يلحق زواله - ويسري التقادم ما لم يقطعه فعل من صاحب الحق يدل على سهره ويقظته على حقه وأنه ليس بغافل أو تارك له وقد عدد القانون المدني في المادة (82) أحوال انقطاع التقادم وأهمها التكليف بالحضور للمرافعة أمام المحكمة أو التنبيه بالرد تنبيهًا رسميًا مستوفيًا للشروط اللازمة إلى غير ذلك من الأحوال المنصوص عليها ولما كانت هذه الإجراءات القاطعة للتقادم تتطلب أهلية وإدراكًا لذلك رأي الشارع أن لا يكلف مفقودي الأهلية والإدراك ما ليس في وسعهم فنص في المادة (84) مدني على أن لا يسري التقادم على من يكون مفقود الأهلية شرعًا.
إلا أن الشارع وقف عند هذا الحد وصمت عن الأحوال الأخرى التي قد تحول دون اتخاذ مثل هذه الإجراءات القاطعة للمدة وقد تكون هذه الحوائل ناشئة عن مانع قانوني أو حائل من الحوادث والأفعال القاهرة والمثال على الحالة الأولى دائن المفلس الذي لا يستطيع أن يرفع دعواه مطالبًا بدينه بعد الحكم بالإفلاس عملاً بنص المادة (217) تجاري أو اتخاذ أي إجراء طالما أن إجراءات التفليسة قائمة وقد يمضي أثناء ذلك على استحقاق ذلك الدين أو فوائده المدة المقررة للسقوط فهلا يقف سريان التقادم لهذا العذر القانوني.
وكذلك قد يطرأ من الحوادث ما يكون قاهرًا كأسر صاحب الحق في الحرب أو غيابه غيبة منقطعة وهو لا يستطيع طبعًا أن يتخذ أي إجراء لحفظ حقه من السقوط فهلا يقف سريان التقادم في مثل هذه الصور التي أغفل القانون النص عليها.
هذا هو موضع البحث وقد أرسل رجال الفقه من قديم الزمن المثل اللاتيني المأثور كحل لهذه المسائل:
Contra non valentem agere mon currit prae************************io
ومعناه أن التقادم لا يسري ضد من يستحيل عليه اتخاذ أي إجراء ولما كان النص القانوني المصري مقصورًا على حالة فقد الأهلية وجب البحث في هل يسوغ الأخذ بهذه القاعدة في مصر.
ولما كان باب التقادم في القانون المصري منقولاً عن القانون الفرنسي فلا مندوحة من تتبع سير هذه القاعدة في الزمن السابق واللاحق للقانون الفرنسي للتعرف على روح التشريع المنقول إلينا واستجلاء مراد الشارع المصري من النص الذي وضعه في المادتين (82) و (83) من القانون المدني.
2 - التعليل المنطقي:
وقبل الخوض في غمار هذا البحث يبدو لمن يمعن التفكير أن مفقودي الأهلية شرعًا يكون لهم من يذود عن حقوقهم وهم الأوصياء والأولياء وإذا أهمل هؤلاء يجوز الرجوع عليهم بما جنت أيديهم فهم إذن في غنى عن هذه الرعاية ودونهم في ذلك بالطبيعة من تعيقهم الحوادث القهرية أو الموانع القانونية التي تحول استحالة مطلقة دون اتخاذ أي عمل لصون الحق من السقوط – وهذا اعتراض له وجاهته، إلا أن الفقهاء يعللون ذلك بأسباب تاريخية ترجع إلى عصر القانون الروماني إذ يقول كولان وكابتان أن القاصر لم يكن مأذونًا له في العصر الروماني بالخصومة لعدم أهليته ولم يكن رئيس عائلته ممثلاً له قانونًا حتى يستطيع أن يصون حقه من السقوط بالنيابة عنه وإذا رفع الدعوى لم تكن لتقبل منه لانعدام مصلحته فيها لذلك كان من العدل أن يقف سريان التقادم إبان قصره (انظر كولان وكابتان طبعة سادسة ص (897) جزء أول)، على أن هذا الاعتبار لا محل له الآن لزوال علته إذ أن الأولياء والأوصياء والقوام يمثلون مفقودي الأهلية تمثيلاً قانونيًا صحيحًا ولهم بل عليهم أن يصونوا حقوقهم.
على أن الشارع الفرنسي أصر على إعفاء مفقودي الأهلية من سير التقادم في بعض الأحوال وجرى وراءه الشارع المصري ولا اجتهاد مع النص الصريح.
3 - تاريخ التشريع في فرنسا:
أخذت قاعدة الأعذار عن القانون الروماني وأول من قال المثل المأثور contra non valentiem هو برنولي عند شرحه قوانين جوستنيان والمجموعة الرومانية وكانت المحاكم الفرنسية في جميع المقاطعات لا تتردد في تطبيقها تطبيقًا واسع المدى فكانت تأخذ بأحوال القوة القاهرة والغيبة والجهل بالحق وغير ذلك من الأعذار وتعتبرها معطلة لسير التقادم وكان للقاضي سلطان واسع في تقدير هذه الأعذار.
ولما صدر القانون المدني الفرنسي ورد النص في المادة (2252) منه كما يأتي:

La pre************************ion ne court pas contre. Les mineurs et interdits, sauf ce qui est dit à l’article 2278 of à l’exception des autres cas dèterminés par la loi

وورد النص في المادة (2251) هكذا:

La pre************************ion court contre tontes personnes, à moins quelles ….. [(1)]dans quelque exception établie par une loi.

وترجمته أن التقادم لا يسري ضد القصر والمحجور عليهم ما عدا ما نص عليه في المادة (2278) ويستثنى من ذلك الحالات التي حددها القانون وأن التقادم يسري ضد كل شخص إلا من استثنى قانونًا.
4 - خلاف الفقهاء في تفسير النص الوارد في القانون الفرنسي:
وقد آثار هذا النص الخلف في آراء علماء القانون المدني في فرنسا فذهبوا مذاهب ثلاثة في تفسيره.
5 - المذهب الأول:
ومنهم لوران في كتابة القانون المدني جزء 32 وديمانتى وكولمبيه سانتر في الجزء الثامن بند (358) ثم بودرى وتيسيه في كتاب التقادم ص (284) بند (366) وما بعده.
ويقول أصحاب هذا المذهب أن الشارع الفرنسي أراد بالنص الوارد في المادة (2252) أن يحضر أحوال وقف التقادم بحيث لا يجوز الاجتهاد ولا التوسع فيها وأنه إزاء اختلاف الشراح والمحاكم في الأخذ بالأعذار المتعددة أراد الشارع القضاء على هذه الأعذار التي كانت تطيل أمد التقادم والتي كان يترتب عليها عدم استقرار الحقوق وتجدد النزاع على وقائع قديمة توالت عليها السنون.
ويعللون هذا الرأي بأن التقادم لا يقوم على افتراض الإهمال فقط بل على فكرة أسمى وهي المصلحة العامة التي يجب صونها والتي يجب أن تزول أمامها مصلحة الأفراد حتى لو كانت الموانع التي عاقتهم عن حفظ حقوقهم من السقوط قوية وجدية، ولا يجب أن يقال أن هذا مما ينافي العدالة لأن التقادم لا يقوم على أساس من العدالة بل على أساس الصالح العام وأنه إذا اعترض على هذا بأن الشارع راعى العدالة بإعفائه القصر والمحجور عليهم من سريان التقادم وتقاس عليه الأحوال الأخرى التي يقتضيها الإنصاف فإنه يرد على هذا بأن الشارع أظهر تساهلاً مع من ذكرهم على سبيل الحصر فيجب التزام الحد الذي وقف عنده الشارع ولا يسوغ تجاوزه إلى حالات أخرى بعيدة عنها وتختلف عنها في طبيعتها ونوعها، وإذا تُرك للقاضي الحبل على الغارب فإن بواعث العدل والعطف قد تحمله على قبول كل عذر ومانع مثل الجهل أو الغباب أو المرض وبهذا يصبح النص على التقادم حبرًا على ورق (انظر بودرى وتيسيه في شرحه هذا الرأي بالأسباب في المرجع المشار إليه آنفًا).
ويقول المسيو لا بيه في تعليقه على مجلة سيري سنة 1878 جزء (2) ص (313) ما هي الفائدة من النص الوارد في المادة (2252) إذا كانت المحاكم لا زالت مصرة على التمسك بالقاعدة القديمة..... Contra mort velentem التي كان معمولاً بها قبل القانون والتي قصد الشارع القضاء عليها وحصر مدى تطبيقها.
وأكثر من هذا فإن أصحاب هذا الرأي يستندون أيضًا إلى المراسيم والقوانين التي تصدر أثناء الحروب بوقف سريان التقادم أثناء قيام الحرب ويقولون لو كان التقادم موقوفًا أثناء الحرب وهو من الحوادث القهرية بحكم المادة (2251) ما كانت هناك ضرورة لإصدار مثل هذه القوانين.
6 - المذهب الثاني:
وزعيم هذا المذهب دالوز في موسوعاته تحت عنوان تقادم مدني بند (684) وما بعده وترولنج بند (701) وميرلان في موسوعاته تحت عنوان التقادم.
ويقول أصحاب هذا الرأي بأن النص الوارد في المادة (2251) لا يمنع تطبيق القاعدة القديمة لأن الشارع إنما أراد حصر الأعذار التي تقوم على حالة الأشخاص فلم يعتبر منها سوى فقد الأهلية أما الأعذار الناشئة عن حوادث القوة القاهرة وغيرها فلم يتعرض لها القانون ولم يحرمها.
ويقول دالوز في المرجع المشار إليه أن القاعدة القديمة إنما تقوم على أساس من العدالة وأن التقادم إنما بنى على افتراض أن الدائن أهمل حقه وتركه فكيف يسوغ عدلاً وعقلاً افتراض مثل هذا الإهمال إذا كان الدائن لا يستطيع مطلقًا أن يعمل شيئًا يصون حقه بسبب القوة القاهرة أو الحوادث المعجزة.
ويقول نرولونج أن أصحاب الرأي المخالف يفسرون المادة (2251) تفسيرًا غير معقول ويفرضون على القاضي أن يحكم بما ينافي الضمير والعدل وهل يعقل أن يجد الشارع متسعًا للنص على جميع صنوف الأعذار والموانع وإذا قيل بأن الشارع لم يقصد سوى ما عدده من الأعذار فيكون عمله هذا ضربًا من ضروب الظلم والعسف.
7 - المذهب الثالث:
وهو مذهب أوبرى ورو في كتاب القانون المدني جزء (2) بند (214) وهامش نمرة (29) ونمرة (53) وجويار في التقادم جزء أول بند (153) ونمرة (165) وهذا المذهب يفرق بين حالتين فإما أن يكون العذر قانونيًا أي أن له سببًا من القانون أو واقعيًا أي أن يكون منشؤه الوقائع والحوادث ففي الحالة الأولى يقف التقادم ومثال ذلك دائن المفلس الذي لا يستطيع مقاضاته أثناء قيام التفليسة فإن التقادم لا يسري حتى تقفل التفليسة ولا تسقط الديون التي استحقت في أثنائها ولا فوائدها أيضًا.
أما في حالة الموانع القهرية فقد اختلف أصحاب هذا الرأي فيما بينهم فقال أوبرى وروانه لا يجوز للقاضي أن يعفي صاحب الحق من سريان التقادم ضده أثناء وقوع الحادثة القاهرة إذا ظهر أنه بادر واتخذ إجراءات المطالبة بحقه عقب زوال الحادث القهري مباشرة ويخالفه في هذا جويار في الجزء الأول من كتابه التقادم ص (169) ويقول أن هذا الحل لا يرتكز على أي أساس من القانون الذي يحرم ما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة (2251) وما بعدها.
8 - مذهب القضاء في فرنسا:
ليس العالم الشارح للنظريات القانونية الصرفة كالقاضي الذي يجابه الوقائع ويَلْمَسُ الظروف في الدعوى وما تحويه من عسف فالأول يبسط آراءه العلمية ونتائجه المنطقية بدون تطبيقها على الوقائع أما الثاني فعند تطبيق القانون تطبيقًا حرفيًا قد يصطدم أحيانًا بما يبعده عن جادة العدل والإنصاف بعدًا شاسعًا عندئذ لا يرى القاضي مندوحة من الاجتهاد والتوسع في تفسير النص القانوني حتى يرى مخرجًا لتحرج ضميره.
وهذا ما وقع في محاكم فرنسا فإنه بعد صدور النص الوارد في المادة (2251) مدني فرنسي وبالرغم من تفسير الفريق الأول من العلماء فإن تلك المحاكم لم تعبأ بالحصر الوارد في المادة (2251) ولم تأخذ بآراء أولئك العلماء الذين يقصرون أسباب وقف التقادم على الأحوال الواردة في تلك المادة بل أعاد القضاء في فرنسا تطبيق القاعدة القديمة contra non valentem بأوسع معانيها وظل الأخذ بهذه القاعدة راجحًا في الأحكام الفرنسية للآن وقد قالت محكمة للنقض الفرنسية في حكمها الصادر في 22 يونيه سنة 1853 والمنشور في سيرى سنة 1855 جزء أول ص (511) أن التقادم لا يسري ضد من استحال عليه المطالبة بالحق مهما كان نوع الأعذار وسواء كانت ناشئة عن القانون أو عن العقد أو الحوادث القهرية وظلت على مبدئها هذا في أحكامها العديدة (انظر محاكمها الصادر في 12 مايو سنة 1900 والمنشور في سيرى 912 جزء أول من 133) وهاكم بعض الأمثلة على ذلك:
1/ حكم بأن المهلة التي يطلبها المدين من الدائن ليتحقق من صحة مقدار الدين بعد مراجعة المستندات التي ينتظر ورودها إليه والتي لا بد من الاطلاع عليها لمعرفة مقدار الدين معرفة محققة تُعَدُّ مانعًا من سريان التقادم الذي يجب أن يقف في بحر هذه المهلة (حكم دائرة العرائض في محكمة النقض المدنية بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1865 ومنشور في دالوز بريودك سنة 1867 جزء أول من 124).
2/ ويقول مجلس الدولة في فرنسا في فتواه الصادرة في 27 يناير سنة 1814 أن الحرب والوباء وغير ذلك يوقف التقادم ما دام أنه يترتب على ذلك استحالة مطلقة للمطالبة بالحق.
3/ وحكم أيضًا بوقف التقادم طوال المدة التي يكون الدائن جاهلاً بحقه قانونًا أي أنه كان لا يعلم موضوع الحادثة التي نشأ عنها حقه (محكمة ييزامسون في 20 مايو سنة 1891 ومنشور في دالوز سنة 1845 جزء أول ص (180).
4/ وحكم أن الجهل المطلق بالحق الذي لا دليلي عليه إلا خريطة ترجع إلى قرون عديدة هو من قبيل الحادث القهري ويجوز معه وقف التقادم على شريطة أن لا يكون هذا الجهل ناشئًا عن الإهمال (انظر الحكم السابق) ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت بعكس ذلك في حكمها الصادر في 10 يوليو سنة 1868 والمنشور في سيرى 1869 جزء أول ص (407) إذ قالت أن الجهل بالحق ليس من الحوادث القهرية ولذلك لا يقف سريان للتقادم وفي حكم صدر من محكمة النقض الفرنسية في 11 يونيه سنة 918 ومنشور في سيري 922 جزء أول ص (217) قالت النقض بأن الجهل بالحق لا يقف سير التقادم إلا إذا كان في درجة الحادث القهري.
5/ وحكم بأنه في دعوى التعويض التي يرفعها ضد كاتب العقود من كلفه بكتابه عقد له وظهر بعدئذ أن بالعقد بطلانًا لم يكن ظاهرًا في شكله لا يسري التقادم في هذه الحالة إلا من تاريخ اكتشاف هذا البطلان (حكم محكمة النقض المدنية الفرنسية الصادر في 27 مايو سنة 1857 والمنشور في دالوذ 1857 جزء أول ص (290)).
6/ وحكم بأنه إذا لم يكن هناك استحالة مطلقة من اتخاذ إجراءات المطالبة بالحق فلا يجوز وقف سير التقادم لذلك حكم بأن الغياب لا يقف التقادم (حكم دائرة العرايض في 19 يوليه سنة 1869 ومنشور في دالوز (1870) جزء أول ص (75)).
7/ وقضت دائرة العرائض بمحكمة النقض أنه إذا سرق المدين سند الدين أو بدده، فإن هذا يحرمه من التمسك بالتقادم لأن اختلاسه للسند يمنع الدائن من المطالبة بحقه ويقطع سريان التقادم (حكم دائرة العرائض في 3 يناير سنة 1832 جزء أول ص (352)).
8 - وحكم أيضًا أنه إذا رفعت دعوى بطلب بطلان البيع فلا يسري التقادم بالنسبة للفوائد المستحقة للبائع على الثمن لأن البائع في أثناء نظر هذه الدعوى لا يستطيع المطالبة بالثمن ولا بالفوائد (حكم محكمة النقض الصادر في 5 يوليو سنة 1858 والمنشور في دالوز سنة 1858 جزء أول ص (413)).
9/ وحكم بأن المشتري الحائز للعقار الذي اشترط في عقد البيع بأن البائع لا يستطيع أن يطالبه بالثمن ولا بالفوائد إلا بعد استحضار الشهادات الدالة على شطب جميع الحقوق العينية على العقار المبيع لا يستطيع التمسك بالتقادم بالنسبة للفوائد طالما أن البائع باشر إجراءات التوزيع للتوصل إلى شطب هذه الحقوق (حكم محكمة بارنس الصادر في 2 يناير سنة 1864 سيرى (861) جزء (2) ص(383)) وحكم بوقف التقادم لصالح المقاول الذي يطالب جهة الإدارة بالفوائد المستحقة على التأمين الذي أودعه متى تبين أن الإدارة منعت المقاول منعًا كليًا عن قبض تلك الفوائد (حكم مجلس الدولة الصادر في 10 يناير سنة 1856 والمنشور في دالوز سنة 1856 جزء (3) صرة (57)).
10 - رأي القضاء البلجيكي:
أن نص المادة (2251) فرنسي منقول بحرفيته إلى القانون المدني البلجيكي وقد جرى القضاء البلجيكي وراء المحاكم الفرنسية فقضت محكمة النقض البلجيكية مرارًا بأن الحوادث القهرية تقف سير التقادم كحالة الحرب أو انقطاع المواصلات.
وانظر حكم محكمة النقض البلجيكية الصادر في أول فبراير سنة 1926 والمنشور في البازكريزى سنة 1926 جزء أول ص (208) والحكم الصادر في 20 يوليو سنة 1922 والمنشور في البازكريرى سنة 1922 جزء أول ص (411) والحكم الصادر في 8 يوليو سنة 1919 والمنشور في البازكريزى سنة 1919 جزء أول ص (207).
(انظر أيضًا الأحكام التي سردها كليمن في رسالة أسباب وقف التقادم سنة 1902 ص (174) و(175).
11 - رأي القضاء الإيطالي:
قد أخذت المحاكم الإيطالية بقاعدة (contra non velentem agere) في أكثر أحكامها (انظر رسالة كليمن ص(181)).
12 - التشريع المصري:
لم ينقل الشارع المصري إلى قانوننا المدني نص المادة (2251) فرنسي بل نص في المادتين (84) و (85) على أن التقادم لا يسري على من يكون مفقود الأهلية شرعًا ولم يشر إلى شيء عن الأعذار القهرية أو المعجزة أو الموانع القانونية التي تحول دون اتخاذ الإجراءات للمطالبة بالحق وورد النص في المادة (205) على أن القواعد المقررة للتقادم بمضي المدة من حيث أسباب انقطاعها أو إيقاف سريانها تتبع أيضًا في التخلص من الدين بمضي المدة.
13 - رأي الفقه المصري:
يكاد يجمع شراح القانون المدني المصري على الرأي القائل بأن الشارع المصري أراد بإغفال النص الفرنسي الوارد في المادة (2251) أن يترك للقاضي سلطة الأخذ بالأحوال الأخرى كالقوة القاهرة وأن لا يتحرج عن تطبيق القاعدة القديمة (Contra non valentem.....
ويقول فتحي باشا زغلول في كتابه القانون المدني صحيفة (104) أن القوة القاهرة هي عذر شرعي يقف التقادم كالأسر أو الغرق أو إعلان الأحكام العرفية وكذلك هالتون في كتابه جزء أول ص (212) يقول إن المحاكم المصرية تتمتع بحرية أوسع في هذا الصدد لأن القانون المصري لم ينقل النص الذي حرم أحوال وقف التقادم الأخرى وعلى القاضي المصري أن يقضي فيها بمقتضى قواعد العدالة عملاً بنص المادة (29) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
وهذا هو رأي والتون أيضًا في كتابه شرح الالتزامات جزء ثانٍ ص (370) إذ يقول بأن الاستحالة المطلقة في المطالبة بالحق يقف سير التقادم.
ويقول دي هلتس في كتابه القانون المدني جزء (3) ص (329) تحت عنوان التقادم بند (63) أنه يلوح لنا من عدم نقل النص الفرنسي جواز تطبيق القاعدة القديمة مع التحفظ وذلك في أحوال الاستحالة الواقعية أي إذا كانت الأعذار مطلقة ونتيجة الحوادث القهرية التي طرأت على شرط أن لا يعزى أي خطأ أو إهمال إلى صاحب الحق – ويقول أيضًا في بند (95) أن المأمول أن لا تفرط المحاكم في هذا التوسع الذي تحتمه العدالة حتى لا ينقلب إلى سوء استعمال للحق.
(انظر أيضًا كتاب كامل بك مرسي في الأموال ص (552) بند (888) وكتاب عبد السلام ذهني بك في الالتزامات صحيفة (492) بند (486)).
14 - رأينا:
إن الشارع المصري لم يغفل نقل المادة (2251) مدني فرنسي عفوًا بل جاء ذلك منه عن حكمة رمى إليها فقد كان ماثلاً أمامه وقت وضع القانون المدني ذلك الخلف في الرأي في الفقه الفرنسي ثم إحجام المحاكم الفرنسية عن الإقلاع عن القاعدة اللاتينية القديمة بالرغم من النص الوارد في المادة (2251) فرنسي فأراد أن يقضي على مثار هذا الخلاف فطرح نص تلك المادة جانبًا وبذلك مهد السبيل لاجتهاد القاضي والأخذ بما يراه عذرًا شرعيًا وقهريًا.
وأكثر من هذا قد كانت أحكام الشريعة الإسلامية معمولاً بها في مصر قبل وضع القانون المدني وهي تقضي بقبول أعذار أخرى لوقف سير التقادم فوق فقد الأهلية فأراد الشارع التوفيق في هذا الصدد بين التشريع الجديد وما استقرت عليه المعاملات في الديار المصرية من قبل ويظهر بجلاء تأثر التشريع المدني المصري بأحكام الشريعة الغراء من اعتبار المدة الطويلة للتقادم 15 سنة بدلاً من 30 سنة وهي المدة المقررة في القانون الفرنسي.
وها هي النصوص التي تظهر بأجلى بيان الحكم الشرعي في وقف التقادم - مادة (151) من مرشد الحيران لقدري باشا – من كان واضعًا يده على عقار أو غيره أو متصرفًا فيه تصرف الملاك بلا منازع ولا معارض مدة 15 سنة فلا تسمع عليه دعوى الملك لغير الإرث من أحد ليس بذي عذر شرعي إن كان منكرًا (راجع أيضًا نص المادتين (152) و (156).
وورد في نص المادة (157) من هذا المرجع ما يأتي: إذا تركت الدعوى لعذر من الأعذار الشرعية في المدة المحدودة كأن كان المدعي غائبًا أو قاصرًا أو مجنونًا ولا ولي له ولا وصي فلا مانع من سماع الدعوى.
وجاء في المادة (375) من لائحة ترتيب المحاكم الصادرة بالمرسوم بقانون رقم (87) سنة 1931 النص الآتي الذي هو ترديد للنص الوارد في اللوائح الشرعية السابقة لها (القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي مضى عليها 15 سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي).
وكل هذه النصوص تدل على أن الفقهاء كانوا يأخذون بالحوادث القهرية وغيرها.
ويرى بودرى وتيسيه أن التقادم شرع لمصلحة اجتماعية وهي استقرار الأمر الواقع وسدل الستار على ما طواه الزمان من الوقائع والحوادث وفاتهما أن هناك حكمة أخرى لشرع التقادم وهي أهم عنصر في تشريعه أي أن التقادم يقول على افتراض أن صاحب الحق أهمل في حقه وتركه ولم يرعه بالصيانة والمفرط أولى بالخسارة ولذلك أعفي فاقد الأهلية من سريان التقادم لأنه قليل التمييز والإدراك والإهمال لا يصدر إلا عن دراية ويجب أن يقاس عليه منطقيًا من يستحيل عليه بفعل الحوادث القهرية أن يصون حقه فإنه عاجز عجزًا تامًا عن المطالبة به ولا يمكن تصور الإهمال أو القعود عن العمل إلا إذا كان العمل مقدورًا ومستطاعًا ولا يكلف الإنسان بما يستحيل عليه عمله.
ويرد على قول هذين المؤلفين بودرى وتيسيه أن صالح الفرد يجب أن يزول أمام المصلحة العامة بأن القوانين لم تجرِ على مبدأ أن يضحى صالح الفرد تضحية تامة ليتمتع الجمهور به بل يكون ذلك مع مراعاة مصلحة الفرد أيضًا ففي أحوال نزع الملكية للمنافع العامة مثلاً يعطي المالك تعويضًا عما فقده في هذا السبيل، وخير من فناء المصلحة الفردية أمام الصالح العام – خير من ذلك أن يوقف بينهما وأن يراعي كل من الصالحين معًا وهذا ما يقتضيه العدل - من أجل هذا كان من العدالة أن تراعي حالة الاستحالة التي تعيق صاحب الحق عن صونه بفعل الحوادث وأن يوقف سريان التقادم ثم يستأنف سيره بعد زوال هذه الموانع وبهذا تصان المصلحة العامة ومصلحة الفرد فضلاً عن أنه يتمشى مع مقتضيات العدالة