Cat
01-25-2009, 03:06 AM
ميعـــــاد :
المبدأ : المرض لا يعتبر عذراً قهرياً يحول بين المريض ومباشرة الدعاوى أمام القضاء حيث كفل القانون لـه ذلك عن طريق وكيل :
ـ وجوب التزام المصنفات الفنية بالنظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا , وألا تتضمن أو تنطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام :
ـ مناط التعويض : توافر أركان المسئولية ـ وعند تقديره لا ينظر إلى جسامة الخطأ وإنما إذا تحققت المسئولية قدر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ , ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلاً على نحو يعين القاضى على تحديد مقداره :
تطبيق : " من حيث إن وقائع النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 30/11/1997م وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بعدم الترخيص لقصته (محاكمة ميت) لتحويلها إلى فيلم سينمائى والصادر بتاريخ 7/10/1997م وإلزام المدعى عليهم بتعويضه بمبلغ مائة ألف جنيه مصرى كتعويض جابر للضرر الذى يقع عليه أدبياً ومادياً من جراء ما لحق به من عدم التصريح لـه بالقصة المذكورة وإلزام جهة الإدارة المصروفات . وقال شرحا للدعوى أنه قام بكتابة قصة (محاكمة ميت) والتى تعالج الحريات الخاصة للأفراد , وتقدم بها إلى الرقابة المركزية للمصنفات بتاريخ 7/4/1997م للموافقة على الترخيص بالقصة للمدعى وذلك لعمل سيناريو وحوار لجعلها صالحة للتصوير السينمائى والتليفزيونى , وبتاريخ 1/6/1997م تسلم المدعى كتاب جهة الإدارة والذى يفيد رفضها منحه الترخيص باعتماد القصة متعللةً بأن المصنف المذكور مخالف لأحكام القانون رقم 430 لسنة 1955م , فتظلم من هذا القرار بتاريخ 7/6/1997م وأخطر برفض تظلمه فى 7/10/1997م وبجلسة 2/1/2001م صدر الحكم المطعون فيه , وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد أعلن به المدعى بكتاب جهة الإدارة المؤرخ فى 26/5/1997م , وتظلم منه بتاريخ 7/6/1997م , وإذ انقضت الثلاثون يوماً المنصوص عليها فى المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955م دون أن تبت اللجنة المختصة فى هذا التظلم , فكان يتعين على المدعى إقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لإنقضاء الثلاثين يوماً المذكورة أى فى ميعاد غايته 5/9/1997م وإذ تقاعس المدعى عن ذلك وأقام دعواه بتاريخ 30/11/1997م فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر قانوناً .
وبالنسبة لطلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من مطالعة القصة محل النزاع (محاكمة ميت) أنها تنطوى على سخرية من فكرة الموت حيث نسب إلى المتوفاة أنها ارتكبت الأعمال الآتية : ـ
1 ـ الهروب من الحياة إلى الأبدية .
2 ـ الاختباء فى باطن الأرض .
3 ـ أتت فعلاً فاضحاً منافيا للآداب العامة حيث ضبطت وهى متجردة من ملابسها وعارية تماماً .
4 ـ اختلاس عهدة حكومية حيث وجدت عضمًا بدون لحم , وتلك الصور تسئ إلى ما رسخ فى وجدان شعبنا من تقديس لفكرة الموت والقيامة ولحرمة الميت , ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة برفض الترخيص للمدعى بتحويل هذه القصة إلى عمل سينمائى أو تليفزيونى يكون والحالة هذه قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون الأمر الذى ينتفى معه ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة وبالتالى لا يكون للمدعى ثمة حق فى التعويض .
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ؛ ذلك أن الطاعن بعد أن تظلم لجهة الإدارة من القرار المطعون فيه أصيب بمرض أقعده تماما ومنعه من مغادرة الفراش مدة ثلاثة أشهر فقد عجز عن إقامة دعواه فى الميعاد وذلك ثابت من التقرير الطبى المودع بالملف ومن ثم تكون الدعوى مقامة فى الميعاد , وقد شاب الحكم القصور فى التسبيب مع الفساد فى الاستدلال إذ ذهبت المحكمة إلى أن القصة تسئ إلى فكرة الموت وإلى ما يحيط بها من توقير وإجلال وانتصرت لما أسمته وجدان شعبنا وكان حرياً بها أن تنتصر لله ولصحيح الدين لأصل يفرض عليها ذلك وهو الدستور , فقد تبنت وجدان شعبنا فى عصوره الوثنية وفاتها أنها معنية بهذا الوجدان حيال شعب مصر المعاصر والذى تحول إلى الإسلام حتى إنها اضطرت وهى تفعل ذلك إلى أن تعزل نفسها عن الدستور وتستقل برأيها حين ضربت الصفح عن موافقة مجمع البحوث الإسلامية القائم عليه علماء الأزهر الشريف أكبر مرجع إسلامى فى العالم وبحسب أنه جهة الاختصاص الوحيدة فى مثل هذه الواقعة , وكان على المحكمة أن تطلب من المدعى الربط العضوى بين القصة موضوع الدعوى وموافقة مجمع البحوث الإسلامية وذلك بمراجعة المجمع وعلمائه الأفاضل , ولم تنزل المحكمة النص القانونى منزلة الواقعة المعروضة عليها ؛ فالواقعة عمل فنى وكان يتعين على المحكمة أن تتناولها بما لا يجاوز وضعها بحيث يتم نظرها بمقتضيات العمل الفنى والمفترض فى المحكمة مادامت هى جهة اختصاص فى نظر مثل تلك الدعوى أنها على دراية بمقتضيات الفن فى الأعمال الفنية , فالفنان لـه حريات فى السياحة الفكرية وفى طرح صور مستقاة من الخيال الطليق بما لا تطيقه نصوص القانون , وإذ أسست المحكمة أسباب رفضها على أصل فاسد فطبيعى أن ما يرتبه هذا الأصل على ما انتهت إليه المحكمة برفض طلب التعويض يكون فاسدا بدوره .
ومن حيث إنه عما ساقه الطاعن من أن ثمة مرضًا أقعده تماماً ومنعه من مغادرة الفراش لمدة ثلاثة أشهر مما أعجزه عن إقامة دعواه فى الميعاد ولما كان الثابت أن الطاعن قد تظلم من القرار الطعين بتاريخ 7/6/1997م وسكتت اللجنة المنصوص عليها فى المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955م سالف البيان عن البت فى التظلم لمدة الثلاثين يوماً المقررة لذلك فقد كان عليه إقامة دعواه فى ميعاد غايته 5/9/1997م وإذ كان المرض يحول بينه وبين مباشرة الدعوى بنفسه فقد كفل القانون لـه ذلك عن طريق وكيل وهو ما لم يقم به ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار لإقامتها بعد الميعاد متفقاً وأحكام القانون .
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض , فإنه يتعين التعرض للقرار المطعون فيه لبيان مدى توافر أركان المسئولية الموجبة للتعويض من عدمه , وإذ تنص المادة الأولى من القانون رقم 430 لسنة 1955م بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى .. المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992م على أن : " تخضع للرقابة المصنفات السمعية والبصرية , سواء أكان أداؤها مباشراً أو كانت مثبتة أو مسجلة على أشرطة أو أسطوانات أو أى وسيلة من وسائل التقنية الأخرى , وذلك بقصد حماية النظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا . "
وتنص المادة الثانية على أنه : " لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الثقافة القيام بأى عمل من الأعمال الآتية , ويكون متعلقاً بالمصنفات السمعية والبصرية :
أولا : تصويرها أو تسجيلها أو تحويلها بقصد الاستغلال .
ثانيا : أداؤها أو عرضها أو إذاعتها فى مكان عام ...................
ثالثا : توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع " .
وتنص المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 62 لسنة 1993م فى شأن اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن : " تتولى الإدارة العامة للرقابة على المصنفات بوزارة الثقافة الرقابة على الأعمال المتعلقة بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية ـ وتختص هذه الإدارة بمنح تراخيص تصوير المصنفات المشار إليها أو تسجيلها أو عرضها أو إذاعتها فى مكان عام أو توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع أو تحويلها بقصد الاستغلال " .
وتنص المادة الثانية من ذات اللائحة على أن : " يلتزم القائمون بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر فى طلب الترخيص بأى مصنف مراعاة ألا يتضمن أو ينطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام .... ".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص وجوب التزام المصنفات المشار إليها بالنظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا , وألا تتضمن أو تنطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام وقد ناط المشرع بالقائمين بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر فى طلب الترخيص بأى مصنف مراعاة المصالح والقيم المشار إليها فى ضوء قواعد عامة مجردة بالنظر إلى أن أمر الأعمال الفنية يختلف تقبله من شخص لآخر حسب تفكيره وثقافته واعتقاده والتزامه ومزاجه النفسى إلى آخر ما يشكل وجدان الفرد وشخصيته , والفيصل فى النهاية لمتلقى العمل الفنى وهو الجمهور والذى قد يقبل على هذا العمل أو ذاك تبعاً لموضوعه وجودة عرضه وكتابته وشخصية مؤلفه ومدى إشباعه رغبات الجمهور ولا تتساوى الأعمال الفنية كلها فى قبول الجمهور لها على نحو ما هو مشاهد ومرصود فى هذا السبيل , ولبيان مدى توافر أركان المسئولية فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مسئولية الإدارة عن التعويض عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذى أصاب الفرد . والضرر بوصفه ركنا من أركان المسئولية التقصيرية إما أن يكون مادياً أو أدبياً والضرر المادى هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية المضرور , أما الضرر الأدبى فهو الذى يصيب مصلحة غير مالية للمضرور على أن يكون هذا الضرر مترتباً مباشرة عن الخطأ ومحققاً هذا وأن التعويض عن الضرر يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره وبما لا يجاوزه حتى لا يثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب , والأصل أنه لا ينظر إلى جسامة الخطأ عند تقرير التعويض فإذا تحققت المسئولية , قدر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ , ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلا على نحو يعين القاضى على تحديد مقداره .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية قد ذكرت سببا لرفض الترخيص أن فكرة القصة تتناول بالنقد الساخر إهدار حق وحرية الفرد غير أنها تتعرض لأمور دينية وهى الموت بدون إذن الحكومة والدفن وهروب المتوفاة فى باطن الأرض عارية وهو من الأفعال الفاضحة والفناء واختلاس لحم الجثة وهو من أملاك الحكومة مما يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية ولما كان البادى من صورة طبق الأصل من تقرير الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة بالأزهر الشريف " أنه ليس فى المسرحية مخالفات من الناحية الدينية وفى الأدب الرمزى مجال متسع حيث محاكمة الميت لم تكن أكثر من سخرية رمزية من الروتين المميت ولا مانع من تداول المسرحية ونشرها ما لم تمنع أسباب أخرى " . وهو ما يفيد أن القرار الصادر برفض الترخيص بتحويل القصة رغم موافقة الأزهر يشكِّل ركن الخطأ من أركان المسئولية .
وبالنسبة لركن الضرر وإذ لم يبين الطاعن الضرر الذى أصابه وعناصره ومدى جسامة الضرر ففى الحالة الماثلة كان يتعين عليه بيان ما فاته من جراء عدم تحويل القصة من تعاقد على إنتاجها أو طبعها وتوزيعها أو اتفاقات من المنتجين على تحويلها إلى فيلم , وأن القصة لا محالة سيتهافت عليها المنتجون شأن كبار المؤلفين الذين يسارع المنتجون إلى التهافت على إنتاجهم فى الوقت الذى تكثر فيه كتابات عامة الناس ودهمائهم فى أفكار من شَطَحَات الخيال قد لا تساوى ثمن الورق الذى كتبت عليه ولا تعد كتاباتهم ذات بال ينظر إليه بل يمر الزمن دون الالتفات إليه فليس كل ما يكتب ينشر ويذاع وقد يذاع ولا يلقى قبولا بل يقابل بالنقد اللاذع والسخرية , وإذ لم يقـدم الطاعن عناصر الضرر من واقع سوابق مؤلفات لـه لاقت القبول وعظم شأنها , فلا يكفى لبيان الضرر مجرد كتابة وريقات من نسج خيال الطاعن يتوهم من ورائها وحسب تصوره أنها أعظـم القصص ولا محالة بمجرد صدور ترخيص تحويلها سيقف المنتجون وكبار الفنانين متصارعين على أدائها كفيلم سينمائى ـ كما إنه لم يدلِّل على أن رفـض الترخيص المذكور هو السبب بذاته والذى أدى مباشرة إلى عـدم تحويلها إلى فيلم سينمائى , فقد يكون السبب ضحالة الفكرة وعدم تميزها أو أنها لن تفيد قارئها ومشاهدها بالنظر إلى أن مؤلفها مغمور لا اسم لـه فى عالم الكتابة , ومن ثم تنقطع علاقة السببية كذلك فلا يتوافر بالتالى هذا الركن من أركان المسئولية ومن ثم لا يكون للطاعن ثمة حق فى التعويض عن القرار المطعون فيه ويتعين بالتالى رفض طعنه وإن كان لأسباب أخرى بخلاف ما سـاقه الحكم المطعون فيه من أسباب مما لا مناص معه من رفض الطعن ."
( الطعن رقم 5231 لسنة 47 ق . عليا ـ جلسة 7/5/2005م ـ الدائرة الأولى عليا
المبدأ : المرض لا يعتبر عذراً قهرياً يحول بين المريض ومباشرة الدعاوى أمام القضاء حيث كفل القانون لـه ذلك عن طريق وكيل :
ـ وجوب التزام المصنفات الفنية بالنظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا , وألا تتضمن أو تنطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام :
ـ مناط التعويض : توافر أركان المسئولية ـ وعند تقديره لا ينظر إلى جسامة الخطأ وإنما إذا تحققت المسئولية قدر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ , ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلاً على نحو يعين القاضى على تحديد مقداره :
تطبيق : " من حيث إن وقائع النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 30/11/1997م وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بعدم الترخيص لقصته (محاكمة ميت) لتحويلها إلى فيلم سينمائى والصادر بتاريخ 7/10/1997م وإلزام المدعى عليهم بتعويضه بمبلغ مائة ألف جنيه مصرى كتعويض جابر للضرر الذى يقع عليه أدبياً ومادياً من جراء ما لحق به من عدم التصريح لـه بالقصة المذكورة وإلزام جهة الإدارة المصروفات . وقال شرحا للدعوى أنه قام بكتابة قصة (محاكمة ميت) والتى تعالج الحريات الخاصة للأفراد , وتقدم بها إلى الرقابة المركزية للمصنفات بتاريخ 7/4/1997م للموافقة على الترخيص بالقصة للمدعى وذلك لعمل سيناريو وحوار لجعلها صالحة للتصوير السينمائى والتليفزيونى , وبتاريخ 1/6/1997م تسلم المدعى كتاب جهة الإدارة والذى يفيد رفضها منحه الترخيص باعتماد القصة متعللةً بأن المصنف المذكور مخالف لأحكام القانون رقم 430 لسنة 1955م , فتظلم من هذا القرار بتاريخ 7/6/1997م وأخطر برفض تظلمه فى 7/10/1997م وبجلسة 2/1/2001م صدر الحكم المطعون فيه , وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد أعلن به المدعى بكتاب جهة الإدارة المؤرخ فى 26/5/1997م , وتظلم منه بتاريخ 7/6/1997م , وإذ انقضت الثلاثون يوماً المنصوص عليها فى المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955م دون أن تبت اللجنة المختصة فى هذا التظلم , فكان يتعين على المدعى إقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لإنقضاء الثلاثين يوماً المذكورة أى فى ميعاد غايته 5/9/1997م وإذ تقاعس المدعى عن ذلك وأقام دعواه بتاريخ 30/11/1997م فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر قانوناً .
وبالنسبة لطلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من مطالعة القصة محل النزاع (محاكمة ميت) أنها تنطوى على سخرية من فكرة الموت حيث نسب إلى المتوفاة أنها ارتكبت الأعمال الآتية : ـ
1 ـ الهروب من الحياة إلى الأبدية .
2 ـ الاختباء فى باطن الأرض .
3 ـ أتت فعلاً فاضحاً منافيا للآداب العامة حيث ضبطت وهى متجردة من ملابسها وعارية تماماً .
4 ـ اختلاس عهدة حكومية حيث وجدت عضمًا بدون لحم , وتلك الصور تسئ إلى ما رسخ فى وجدان شعبنا من تقديس لفكرة الموت والقيامة ولحرمة الميت , ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة برفض الترخيص للمدعى بتحويل هذه القصة إلى عمل سينمائى أو تليفزيونى يكون والحالة هذه قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون الأمر الذى ينتفى معه ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة وبالتالى لا يكون للمدعى ثمة حق فى التعويض .
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ؛ ذلك أن الطاعن بعد أن تظلم لجهة الإدارة من القرار المطعون فيه أصيب بمرض أقعده تماما ومنعه من مغادرة الفراش مدة ثلاثة أشهر فقد عجز عن إقامة دعواه فى الميعاد وذلك ثابت من التقرير الطبى المودع بالملف ومن ثم تكون الدعوى مقامة فى الميعاد , وقد شاب الحكم القصور فى التسبيب مع الفساد فى الاستدلال إذ ذهبت المحكمة إلى أن القصة تسئ إلى فكرة الموت وإلى ما يحيط بها من توقير وإجلال وانتصرت لما أسمته وجدان شعبنا وكان حرياً بها أن تنتصر لله ولصحيح الدين لأصل يفرض عليها ذلك وهو الدستور , فقد تبنت وجدان شعبنا فى عصوره الوثنية وفاتها أنها معنية بهذا الوجدان حيال شعب مصر المعاصر والذى تحول إلى الإسلام حتى إنها اضطرت وهى تفعل ذلك إلى أن تعزل نفسها عن الدستور وتستقل برأيها حين ضربت الصفح عن موافقة مجمع البحوث الإسلامية القائم عليه علماء الأزهر الشريف أكبر مرجع إسلامى فى العالم وبحسب أنه جهة الاختصاص الوحيدة فى مثل هذه الواقعة , وكان على المحكمة أن تطلب من المدعى الربط العضوى بين القصة موضوع الدعوى وموافقة مجمع البحوث الإسلامية وذلك بمراجعة المجمع وعلمائه الأفاضل , ولم تنزل المحكمة النص القانونى منزلة الواقعة المعروضة عليها ؛ فالواقعة عمل فنى وكان يتعين على المحكمة أن تتناولها بما لا يجاوز وضعها بحيث يتم نظرها بمقتضيات العمل الفنى والمفترض فى المحكمة مادامت هى جهة اختصاص فى نظر مثل تلك الدعوى أنها على دراية بمقتضيات الفن فى الأعمال الفنية , فالفنان لـه حريات فى السياحة الفكرية وفى طرح صور مستقاة من الخيال الطليق بما لا تطيقه نصوص القانون , وإذ أسست المحكمة أسباب رفضها على أصل فاسد فطبيعى أن ما يرتبه هذا الأصل على ما انتهت إليه المحكمة برفض طلب التعويض يكون فاسدا بدوره .
ومن حيث إنه عما ساقه الطاعن من أن ثمة مرضًا أقعده تماماً ومنعه من مغادرة الفراش لمدة ثلاثة أشهر مما أعجزه عن إقامة دعواه فى الميعاد ولما كان الثابت أن الطاعن قد تظلم من القرار الطعين بتاريخ 7/6/1997م وسكتت اللجنة المنصوص عليها فى المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955م سالف البيان عن البت فى التظلم لمدة الثلاثين يوماً المقررة لذلك فقد كان عليه إقامة دعواه فى ميعاد غايته 5/9/1997م وإذ كان المرض يحول بينه وبين مباشرة الدعوى بنفسه فقد كفل القانون لـه ذلك عن طريق وكيل وهو ما لم يقم به ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار لإقامتها بعد الميعاد متفقاً وأحكام القانون .
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض , فإنه يتعين التعرض للقرار المطعون فيه لبيان مدى توافر أركان المسئولية الموجبة للتعويض من عدمه , وإذ تنص المادة الأولى من القانون رقم 430 لسنة 1955م بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى .. المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992م على أن : " تخضع للرقابة المصنفات السمعية والبصرية , سواء أكان أداؤها مباشراً أو كانت مثبتة أو مسجلة على أشرطة أو أسطوانات أو أى وسيلة من وسائل التقنية الأخرى , وذلك بقصد حماية النظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا . "
وتنص المادة الثانية على أنه : " لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الثقافة القيام بأى عمل من الأعمال الآتية , ويكون متعلقاً بالمصنفات السمعية والبصرية :
أولا : تصويرها أو تسجيلها أو تحويلها بقصد الاستغلال .
ثانيا : أداؤها أو عرضها أو إذاعتها فى مكان عام ...................
ثالثا : توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع " .
وتنص المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 62 لسنة 1993م فى شأن اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن : " تتولى الإدارة العامة للرقابة على المصنفات بوزارة الثقافة الرقابة على الأعمال المتعلقة بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية ـ وتختص هذه الإدارة بمنح تراخيص تصوير المصنفات المشار إليها أو تسجيلها أو عرضها أو إذاعتها فى مكان عام أو توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع أو تحويلها بقصد الاستغلال " .
وتنص المادة الثانية من ذات اللائحة على أن : " يلتزم القائمون بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر فى طلب الترخيص بأى مصنف مراعاة ألا يتضمن أو ينطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام .... ".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص وجوب التزام المصنفات المشار إليها بالنظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا , وألا تتضمن أو تنطوى على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام وقد ناط المشرع بالقائمين بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر فى طلب الترخيص بأى مصنف مراعاة المصالح والقيم المشار إليها فى ضوء قواعد عامة مجردة بالنظر إلى أن أمر الأعمال الفنية يختلف تقبله من شخص لآخر حسب تفكيره وثقافته واعتقاده والتزامه ومزاجه النفسى إلى آخر ما يشكل وجدان الفرد وشخصيته , والفيصل فى النهاية لمتلقى العمل الفنى وهو الجمهور والذى قد يقبل على هذا العمل أو ذاك تبعاً لموضوعه وجودة عرضه وكتابته وشخصية مؤلفه ومدى إشباعه رغبات الجمهور ولا تتساوى الأعمال الفنية كلها فى قبول الجمهور لها على نحو ما هو مشاهد ومرصود فى هذا السبيل , ولبيان مدى توافر أركان المسئولية فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مسئولية الإدارة عن التعويض عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذى أصاب الفرد . والضرر بوصفه ركنا من أركان المسئولية التقصيرية إما أن يكون مادياً أو أدبياً والضرر المادى هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية المضرور , أما الضرر الأدبى فهو الذى يصيب مصلحة غير مالية للمضرور على أن يكون هذا الضرر مترتباً مباشرة عن الخطأ ومحققاً هذا وأن التعويض عن الضرر يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره وبما لا يجاوزه حتى لا يثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب , والأصل أنه لا ينظر إلى جسامة الخطأ عند تقرير التعويض فإذا تحققت المسئولية , قدر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ , ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلا على نحو يعين القاضى على تحديد مقداره .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية قد ذكرت سببا لرفض الترخيص أن فكرة القصة تتناول بالنقد الساخر إهدار حق وحرية الفرد غير أنها تتعرض لأمور دينية وهى الموت بدون إذن الحكومة والدفن وهروب المتوفاة فى باطن الأرض عارية وهو من الأفعال الفاضحة والفناء واختلاس لحم الجثة وهو من أملاك الحكومة مما يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية ولما كان البادى من صورة طبق الأصل من تقرير الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة بالأزهر الشريف " أنه ليس فى المسرحية مخالفات من الناحية الدينية وفى الأدب الرمزى مجال متسع حيث محاكمة الميت لم تكن أكثر من سخرية رمزية من الروتين المميت ولا مانع من تداول المسرحية ونشرها ما لم تمنع أسباب أخرى " . وهو ما يفيد أن القرار الصادر برفض الترخيص بتحويل القصة رغم موافقة الأزهر يشكِّل ركن الخطأ من أركان المسئولية .
وبالنسبة لركن الضرر وإذ لم يبين الطاعن الضرر الذى أصابه وعناصره ومدى جسامة الضرر ففى الحالة الماثلة كان يتعين عليه بيان ما فاته من جراء عدم تحويل القصة من تعاقد على إنتاجها أو طبعها وتوزيعها أو اتفاقات من المنتجين على تحويلها إلى فيلم , وأن القصة لا محالة سيتهافت عليها المنتجون شأن كبار المؤلفين الذين يسارع المنتجون إلى التهافت على إنتاجهم فى الوقت الذى تكثر فيه كتابات عامة الناس ودهمائهم فى أفكار من شَطَحَات الخيال قد لا تساوى ثمن الورق الذى كتبت عليه ولا تعد كتاباتهم ذات بال ينظر إليه بل يمر الزمن دون الالتفات إليه فليس كل ما يكتب ينشر ويذاع وقد يذاع ولا يلقى قبولا بل يقابل بالنقد اللاذع والسخرية , وإذ لم يقـدم الطاعن عناصر الضرر من واقع سوابق مؤلفات لـه لاقت القبول وعظم شأنها , فلا يكفى لبيان الضرر مجرد كتابة وريقات من نسج خيال الطاعن يتوهم من ورائها وحسب تصوره أنها أعظـم القصص ولا محالة بمجرد صدور ترخيص تحويلها سيقف المنتجون وكبار الفنانين متصارعين على أدائها كفيلم سينمائى ـ كما إنه لم يدلِّل على أن رفـض الترخيص المذكور هو السبب بذاته والذى أدى مباشرة إلى عـدم تحويلها إلى فيلم سينمائى , فقد يكون السبب ضحالة الفكرة وعدم تميزها أو أنها لن تفيد قارئها ومشاهدها بالنظر إلى أن مؤلفها مغمور لا اسم لـه فى عالم الكتابة , ومن ثم تنقطع علاقة السببية كذلك فلا يتوافر بالتالى هذا الركن من أركان المسئولية ومن ثم لا يكون للطاعن ثمة حق فى التعويض عن القرار المطعون فيه ويتعين بالتالى رفض طعنه وإن كان لأسباب أخرى بخلاف ما سـاقه الحكم المطعون فيه من أسباب مما لا مناص معه من رفض الطعن ."
( الطعن رقم 5231 لسنة 47 ق . عليا ـ جلسة 7/5/2005م ـ الدائرة الأولى عليا