sameer29s
01-20-2009, 11:01 PM
جبل الريس.. حي التفاح شرق مدينة غزة
الزمان:
صباح يوم الإثنين الخامس من يناير 2009
المشهد وتفاصيله:
3 مجموعات من العناصر الاستشهادية.. كل مجموعة منهم تضم استشهاديين اثنين.. الأولى في المقدمة، والثانية في القلب، والثالثة في المؤخرة.. كل مجموعة منها تحمل عدتها العسكرية، ومن ضمنها عبوات مضادة للأفراد وأسلحة رشاشة متوسطة وقذائف "آر. بي. جي" مضادة للدروع.. مع تفاصيل أخرى صغيرة.. مثل أكف ضارعة بالدعاء إلى الله بالتوفيق.. شفاه تقرأ القرآن الكريم بصوت خفيض.. أصوات بعض أجهزة الاتصال اللاسلكية.. بعضها ينقل تعليمات، وبعضها يضلل العدو الآخذ في الاقتراب.
الحدث:
الهدوء يلف المكان باستثناء أصوات صرير جنازير بعض الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية التي تقترب من بعيد، ينكسر الهدوء مع هدير بعض الطائرات الإسرائيلية القادمة وهي تقصف المكان المفتوح لتأمين تقدم الرتل العسكري البري الإسرائيلي بعتاده الضخم، المكان يستحيل جحيما، ولا أحد يصدق أن جوانب الممر البري يضم كامنين متأهبين لا يزالون على قيد الحياة.
وما إن دخل الرتل العسكري الإسرائيلي إلى الممر في جبل الريس، حتى عاد الجحيم يفتح أوسع أبوابه.. عبوات مضادة للأفراد تنفجر.. طلقات نيران المقاومة تحصد من استطاعت حصده من العناصر الإسرائيلية الفارة.. وقذائف الـ"آر. بي. جي" تعطب ما تبقى من الآليات الإسرائيلية.
لم يكن ذلك المشهد من تأليف أحد أدباء الحرب، أو مشهد من مشاهد أفلام "الأكشن" أو الحركة الأمريكية، التي تبرع في وصف مشاهد الحرب، بل هو مشهد حقيقي ومن صناعة فلسطينية هذه المرة، كما رواه لـ"إسلام أون لاين.نت" أحد شهوده وصانعيه، الاستشهادي القسامي (هـ. ص).
معركة حربية
وفي المزيد من التفاصيل يحكي (هـ. ص) أنه وبعد أن تقدمت الدبابات الإسرائيلية في منطقة جبل الريس، شرع في تطبيق الخطة الموضوعة سلفا على مستوى غزة كلها؛ تحسبا من جانب المقاومة الفلسطينية سلفا للغزو البري الإسرائيلي.
ويوضح (هـ. ص) أن الخطة تبدأ بإجراء مناورات وهمية عبر أجهزة الاتصال التابعة لكتائب القسام، التي تعرف سلفا أنها مراقبة من جانب القوات الإسرائيلية: "أوهمت تلك المناورات القوات الإسرائيلية أن جميع الطرق يصعب الدخول من خلالها ما عدا طريقا واحدا، وكما هو مخطط تم استدراجهم للدخول من هذا الطريق الذي نصب فيه الكمين، بعد أن أوهمناهم أنه طريق سهل المرور فيه".
بدأت الطائرات الإسرائيلية بمختلف أنواعها بعملية تطهير لمنطقة التوغل؛ تحسبا لوجود عناصر المقاومة عبر قصف متقدم للمنطقة بكل أنواع الصواريخ وجميع الأماكن التي يتوقع أن يتواجد بها مقاومون، ثم بدأت قوة مكونة من 10 دبابات و4 ناقلات جند في التقدم عبر الطريق المراد استدراج العدو فيه، تحت ستار من القصف المدفعي الكثيف، وقنابل دخانية كثيفة للتعمية عن رجال الرصد التابعين للمقاومة والمنتشرين على خطوط متقدمة.
وتقدمت القوات الإسرائيلية بحذر، وبعد أن اطمأنت من خلو المنطقة من المقاومين ترجلت عناصر الوحدات الخاصة الإسرائيلية من ناقلات الجند، فتخطت المجموعة الأولى من الاستشهاديين دون أن تكتشفها.
وبعد أن أصبحت في مواجهة مجموعة الاستشهاديين الثانية، ضغط الاستشهادي الأول على زر تفجير العبوات المضادة للأفراد، بينما ضغط الثاني على زر تفجير العبوات المضادة للدروع، فتطايرت الأشلاء، وعلا الصراخ في وسط القوة الخاصة الإسرائيلية.. أربكت صفوفهم وعلا صراخهم، ووقع عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم.
ثم خرج الاستشهاديان من مكامنهما وتقدموا من القوة الإسرائيلية الراجلة مسافة لا تزيد عن 10 أمتار، واشتبكوا معها عن قرب بالرشاشات المتوسطة التي يحملونها.
وشلت قدرة الدبابات الإسرائيلية عن استهداف الاستشهاديين بقذائفها؛ نظرا لقربهما من القوة الإسرائيلية الراجلة، بينما عجزت الطائرات الإسرائيلية التي كانت ترافق الدبابات عن تحديد أماكن المجاهدين، أو قصفهم خوفا من قتل مقاتليها.
وشرعت القوات المساندة، والتي ترابط في أماكن بعيدة، وبالتنسيق مع مجموعات الاستشهاديين عبر أجهزة اتصال خاصة في إطلاق نيران المضادات الأرضية تجاه الطائرات الإسرائيلية في المنطقة، وإطلاق قذائف الهاون لإشغال الدبابات الإسرائيلية وزيادة ارتباكها.
بي 29
وخلال اشتباك المجاهدين مع القوة الراجلة حاولت دبابة إسرائيلية من نفس القوة الالتفاف على الاستشهاديين لقتلهما، فكانت المجموعة الثالثة لها بالمرصاد، فلاحقها أحد الاستشهاديين وضربها بقذيفة (بي- 29) المضادة للدروع ذات الرأسين المتفجرين؛ مما أدى إلى اشتعال النار فيها، وشل حركتها قبل أن يعود إلى مكمنه من جديد.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت في وقت سابق استخدامها للقذائف (بي- 29) لأول مرة في الحرب كأحد مفاجآتها التي وعدت بها قوات الاحتلال.
المعركة استمرت 15 دقيقة، وحاولت فيها القوة القسامية الحصول على أسرى من بين الجنود الإسرائيليين المصابين، لكن إحدى الطائرات الإسرائيلية قتلت أحد عناصر القوة القسامية والجندي الإسرائيلي الذي كان قد سيطر عليه العنصر القسامي وأسره.
وتمكنت ذات الطائرة من تحديد مكان استشهادي آخر؛ فلاحقته بصواريخها؛ مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة، لكنه تمكن من الفرار والاختباء في مكمن بديل كان قد أعد سلفا، بينما لم تتمكن الطائرات الإسرائيلية في عملية تطهيرها للموقع من إصابة أي عنصر من العناصر القسامية الباقية.
قصف "بجنون"
وتحت تغطية نيران الطائرات الإسرائيلي الكثيف، تمكنت مروحيات إسرائيلية من نوع "أباتشي" من الهبوط في المنطقة لنقل الجنود الجرحى، وبعد ساعتين تقدمت قوة إسرائيلية أخرى لسحب الدبابات الإسرائيلية التي أعطبت، وسلكت الطريق الذي توقعته خطة كتائب القسام، فوقعت في كمين آخر من قذائف الهاون والألغام الأرضية، بتنسيق بين فرق المدفعية التابعة لكتائب القسام والمجموعة المتقدمة من الاستشهاديين في منطقة الكمين؛ مما أدى لإعطاب عدد آخر من الدبابات الإسرائيلية.
في هذه المرحلة تدخل الطيران الإسرائيلي بجنون بكافة أنواعه وضرب كل المناطق بشكل عشوائي لتطهير المنطقة بشكل أكبر، ووصل القصف لينال عشرات المنازل المحيطة بالمنطقة.
وبعد 36 ساعة من وقوع الكمين الذي استمرت اشتباكاته ما يقارب 4 ساعات، تمكن مجاهدو القسام من الانسحاب بسلام مخلفين وراءهم أعدادا من القتلى والجرحى الإسرائيليين، وشهيدا قساميا رفض الاستشهادي "هـ. ص" الإفصاح عن اسمه، وترك ذلك لقيادة كتائب القسام.
كمين محكم
بدوره يروي أبو عبيدة، وهو قائد ميداني في كتائب القسام، لـ"إسلام أون لاين.نت" تفاصيل كمين محكم نفذته مجموعة قسامية خاصة أخرى في مكان آخر من جبل الريس.
ويقول أبو عبيدة: "كمنت المجموعة المتقدمة المكونة من استشهاديين اثنين في مكمن أعد مسبقا في منطقة شجرية في جبل الريس شرق غزة، وكانت مسلحة برشاشات متوسطة وعبوات مضادة للأفراد وقذائف (آر.بي.جي)، بينما زرعت في الأرض عبوات ناسفة مضادة للدروع يتم التحكم فيها عن بعد".
ويضيف: "وبعد أكثر من 30 ساعة من الانتظار، تقدمت قوة إسرائيلية من الكمين، ومرت على العبوات الناسفة، وبعد مرور عدة دبابات، بدأت المجموعة في تفجير العبوات تحت الدبابات؛ مما أحدث إرباكا كبيرا في صفوف العدو، وجرى تدمير عدد من ناقلات الجند".
وقال: إن الطائرات الإسرائيلية التي كانت ترافق القوة أطلقت نيران أسلحتها بكثافة في المنطقة، لإجراء عملية تطهير لها، وبعد ساعة تقدمت قوات خاصة إسرائيلية راجلة في المنطقة لتمشيطها والبحث عن مقاومين محتملين فيها.
ويضيف: "وبعد اقترابها من مجموعة الاستشهاديين، فجرت المجموعة عدة عبوات مضادة للأفراد، سمع بعدها سماع صراخ الجنود الإسرائيليين"، وتابع: "أثناء العملية شرعت الطائرات الإسرائيلية في إطلاق صواريخها في كل مكان وضرب كل شيء متحرك؛ مما أدى إلى إصابة العنصرين الاستشهاديين بجروح، انسحبا بعدها إلى مكمن جديد، وبقوا ينزفون فيه لأكثر من 18 ساعة".
عملية إنقاذ
ويشير أبو عبيدة إلى أنه، وبعد التأكد من بقاء الاستشهاديين على قيد الحياة، قررت قيادة كتائب القسام إنقاذ حياتهما، وقال: "تدخلت مجموعة خاصة تحت تغطية قذائف الهاون التي بدأت فرق المدفعية لكتائب القسام بإطلاقها".
واستمر يروي التفاصيل المثيرة لعملية إخلاء العنصرين القساميين، وقال: "تقدم استشهادي قسامي من مخبأ الاستشهاديين وحملهما، وخلال محاولته الفرار لاحظته الدبابات الإسرائيلية في المنطقة، فلاحقته قذائفها حتى وصل إلى مكان آمن دون أن يصاب بأذى، وعمل على تقديم الإسعافات الأولية لزميليه، وبعد عدة ساعات تمكن من الانسحاب برفقتهما إلى داخل مدينة غزة".
بيت مفخخ
ويشير أبو عبيدة إلى عملية أخرى نفذت في منطقة جبل الكاشف شمال قطاع غزة، عملت خلالها كتائب القسام على إغراء القوات الخاصة الإسرائيلية لاحتلال منزل عائلة أبو عيدة الواقع في هذه المنطقة.
ويروي القيادي القسامي: "بعد تمركز القوات خاصة في بيت (أبو عيدة) لتتخذه مكانا لقنص المقاومين الذين يتحركون في المنطقة، أحاطت الدبابات الإسرائيلية بالمنزل حماية له من أي هجوم للمقاومة الفلسطينية، وبينما كان جنود (الكوماندوز) الإسرائيليين يجلسون بالبيت وحوله بأريحية كاملة، بدأت قوة كوماندوز تابعة لكتائب القسام التسلل عبر نفق يوصل إلى منزل أبو عيدة كان قد أعد من قبل، وسارت من أسفل الدبابات".
وأضاف أنه قبل وصول المجموعة إلى البيت بدأت قذائف الهاون تتساقط على الدبابات المحيطة بالمنزل، فيما عملت مجموعات أخرى باستهداف المنزل بقذائف الـ"آر. بي. جي" لإرباك صفوف الجنود الإسرائيليين الكامنين داخل البيت.
واستمر أبو عبيدة يروي: "وعلى عجل تمكنت وحدة الكوماندوز القسامية من اقتحام البيت، وفي أقل من عشرة دقائق تمكنت القوة من قتل وإصابة كل من كان داخل المنزل والانسحاب بسلام، ثم تدمير المنزل بعدد من العبوات الناسفة".
ينهي أبو عبيدة حديثه.. لكن التفاصيل المثيرة التي رواها هؤلاء من المتوقع أن تكشف الأيام القليلة القادمة المزيد والمزيد منها بعد انقشاع دخان القنابل، وسكوت المدافع والطائرات.
الزمان:
صباح يوم الإثنين الخامس من يناير 2009
المشهد وتفاصيله:
3 مجموعات من العناصر الاستشهادية.. كل مجموعة منهم تضم استشهاديين اثنين.. الأولى في المقدمة، والثانية في القلب، والثالثة في المؤخرة.. كل مجموعة منها تحمل عدتها العسكرية، ومن ضمنها عبوات مضادة للأفراد وأسلحة رشاشة متوسطة وقذائف "آر. بي. جي" مضادة للدروع.. مع تفاصيل أخرى صغيرة.. مثل أكف ضارعة بالدعاء إلى الله بالتوفيق.. شفاه تقرأ القرآن الكريم بصوت خفيض.. أصوات بعض أجهزة الاتصال اللاسلكية.. بعضها ينقل تعليمات، وبعضها يضلل العدو الآخذ في الاقتراب.
الحدث:
الهدوء يلف المكان باستثناء أصوات صرير جنازير بعض الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية التي تقترب من بعيد، ينكسر الهدوء مع هدير بعض الطائرات الإسرائيلية القادمة وهي تقصف المكان المفتوح لتأمين تقدم الرتل العسكري البري الإسرائيلي بعتاده الضخم، المكان يستحيل جحيما، ولا أحد يصدق أن جوانب الممر البري يضم كامنين متأهبين لا يزالون على قيد الحياة.
وما إن دخل الرتل العسكري الإسرائيلي إلى الممر في جبل الريس، حتى عاد الجحيم يفتح أوسع أبوابه.. عبوات مضادة للأفراد تنفجر.. طلقات نيران المقاومة تحصد من استطاعت حصده من العناصر الإسرائيلية الفارة.. وقذائف الـ"آر. بي. جي" تعطب ما تبقى من الآليات الإسرائيلية.
لم يكن ذلك المشهد من تأليف أحد أدباء الحرب، أو مشهد من مشاهد أفلام "الأكشن" أو الحركة الأمريكية، التي تبرع في وصف مشاهد الحرب، بل هو مشهد حقيقي ومن صناعة فلسطينية هذه المرة، كما رواه لـ"إسلام أون لاين.نت" أحد شهوده وصانعيه، الاستشهادي القسامي (هـ. ص).
معركة حربية
وفي المزيد من التفاصيل يحكي (هـ. ص) أنه وبعد أن تقدمت الدبابات الإسرائيلية في منطقة جبل الريس، شرع في تطبيق الخطة الموضوعة سلفا على مستوى غزة كلها؛ تحسبا من جانب المقاومة الفلسطينية سلفا للغزو البري الإسرائيلي.
ويوضح (هـ. ص) أن الخطة تبدأ بإجراء مناورات وهمية عبر أجهزة الاتصال التابعة لكتائب القسام، التي تعرف سلفا أنها مراقبة من جانب القوات الإسرائيلية: "أوهمت تلك المناورات القوات الإسرائيلية أن جميع الطرق يصعب الدخول من خلالها ما عدا طريقا واحدا، وكما هو مخطط تم استدراجهم للدخول من هذا الطريق الذي نصب فيه الكمين، بعد أن أوهمناهم أنه طريق سهل المرور فيه".
بدأت الطائرات الإسرائيلية بمختلف أنواعها بعملية تطهير لمنطقة التوغل؛ تحسبا لوجود عناصر المقاومة عبر قصف متقدم للمنطقة بكل أنواع الصواريخ وجميع الأماكن التي يتوقع أن يتواجد بها مقاومون، ثم بدأت قوة مكونة من 10 دبابات و4 ناقلات جند في التقدم عبر الطريق المراد استدراج العدو فيه، تحت ستار من القصف المدفعي الكثيف، وقنابل دخانية كثيفة للتعمية عن رجال الرصد التابعين للمقاومة والمنتشرين على خطوط متقدمة.
وتقدمت القوات الإسرائيلية بحذر، وبعد أن اطمأنت من خلو المنطقة من المقاومين ترجلت عناصر الوحدات الخاصة الإسرائيلية من ناقلات الجند، فتخطت المجموعة الأولى من الاستشهاديين دون أن تكتشفها.
وبعد أن أصبحت في مواجهة مجموعة الاستشهاديين الثانية، ضغط الاستشهادي الأول على زر تفجير العبوات المضادة للأفراد، بينما ضغط الثاني على زر تفجير العبوات المضادة للدروع، فتطايرت الأشلاء، وعلا الصراخ في وسط القوة الخاصة الإسرائيلية.. أربكت صفوفهم وعلا صراخهم، ووقع عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم.
ثم خرج الاستشهاديان من مكامنهما وتقدموا من القوة الإسرائيلية الراجلة مسافة لا تزيد عن 10 أمتار، واشتبكوا معها عن قرب بالرشاشات المتوسطة التي يحملونها.
وشلت قدرة الدبابات الإسرائيلية عن استهداف الاستشهاديين بقذائفها؛ نظرا لقربهما من القوة الإسرائيلية الراجلة، بينما عجزت الطائرات الإسرائيلية التي كانت ترافق الدبابات عن تحديد أماكن المجاهدين، أو قصفهم خوفا من قتل مقاتليها.
وشرعت القوات المساندة، والتي ترابط في أماكن بعيدة، وبالتنسيق مع مجموعات الاستشهاديين عبر أجهزة اتصال خاصة في إطلاق نيران المضادات الأرضية تجاه الطائرات الإسرائيلية في المنطقة، وإطلاق قذائف الهاون لإشغال الدبابات الإسرائيلية وزيادة ارتباكها.
بي 29
وخلال اشتباك المجاهدين مع القوة الراجلة حاولت دبابة إسرائيلية من نفس القوة الالتفاف على الاستشهاديين لقتلهما، فكانت المجموعة الثالثة لها بالمرصاد، فلاحقها أحد الاستشهاديين وضربها بقذيفة (بي- 29) المضادة للدروع ذات الرأسين المتفجرين؛ مما أدى إلى اشتعال النار فيها، وشل حركتها قبل أن يعود إلى مكمنه من جديد.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت في وقت سابق استخدامها للقذائف (بي- 29) لأول مرة في الحرب كأحد مفاجآتها التي وعدت بها قوات الاحتلال.
المعركة استمرت 15 دقيقة، وحاولت فيها القوة القسامية الحصول على أسرى من بين الجنود الإسرائيليين المصابين، لكن إحدى الطائرات الإسرائيلية قتلت أحد عناصر القوة القسامية والجندي الإسرائيلي الذي كان قد سيطر عليه العنصر القسامي وأسره.
وتمكنت ذات الطائرة من تحديد مكان استشهادي آخر؛ فلاحقته بصواريخها؛ مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة، لكنه تمكن من الفرار والاختباء في مكمن بديل كان قد أعد سلفا، بينما لم تتمكن الطائرات الإسرائيلية في عملية تطهيرها للموقع من إصابة أي عنصر من العناصر القسامية الباقية.
قصف "بجنون"
وتحت تغطية نيران الطائرات الإسرائيلي الكثيف، تمكنت مروحيات إسرائيلية من نوع "أباتشي" من الهبوط في المنطقة لنقل الجنود الجرحى، وبعد ساعتين تقدمت قوة إسرائيلية أخرى لسحب الدبابات الإسرائيلية التي أعطبت، وسلكت الطريق الذي توقعته خطة كتائب القسام، فوقعت في كمين آخر من قذائف الهاون والألغام الأرضية، بتنسيق بين فرق المدفعية التابعة لكتائب القسام والمجموعة المتقدمة من الاستشهاديين في منطقة الكمين؛ مما أدى لإعطاب عدد آخر من الدبابات الإسرائيلية.
في هذه المرحلة تدخل الطيران الإسرائيلي بجنون بكافة أنواعه وضرب كل المناطق بشكل عشوائي لتطهير المنطقة بشكل أكبر، ووصل القصف لينال عشرات المنازل المحيطة بالمنطقة.
وبعد 36 ساعة من وقوع الكمين الذي استمرت اشتباكاته ما يقارب 4 ساعات، تمكن مجاهدو القسام من الانسحاب بسلام مخلفين وراءهم أعدادا من القتلى والجرحى الإسرائيليين، وشهيدا قساميا رفض الاستشهادي "هـ. ص" الإفصاح عن اسمه، وترك ذلك لقيادة كتائب القسام.
كمين محكم
بدوره يروي أبو عبيدة، وهو قائد ميداني في كتائب القسام، لـ"إسلام أون لاين.نت" تفاصيل كمين محكم نفذته مجموعة قسامية خاصة أخرى في مكان آخر من جبل الريس.
ويقول أبو عبيدة: "كمنت المجموعة المتقدمة المكونة من استشهاديين اثنين في مكمن أعد مسبقا في منطقة شجرية في جبل الريس شرق غزة، وكانت مسلحة برشاشات متوسطة وعبوات مضادة للأفراد وقذائف (آر.بي.جي)، بينما زرعت في الأرض عبوات ناسفة مضادة للدروع يتم التحكم فيها عن بعد".
ويضيف: "وبعد أكثر من 30 ساعة من الانتظار، تقدمت قوة إسرائيلية من الكمين، ومرت على العبوات الناسفة، وبعد مرور عدة دبابات، بدأت المجموعة في تفجير العبوات تحت الدبابات؛ مما أحدث إرباكا كبيرا في صفوف العدو، وجرى تدمير عدد من ناقلات الجند".
وقال: إن الطائرات الإسرائيلية التي كانت ترافق القوة أطلقت نيران أسلحتها بكثافة في المنطقة، لإجراء عملية تطهير لها، وبعد ساعة تقدمت قوات خاصة إسرائيلية راجلة في المنطقة لتمشيطها والبحث عن مقاومين محتملين فيها.
ويضيف: "وبعد اقترابها من مجموعة الاستشهاديين، فجرت المجموعة عدة عبوات مضادة للأفراد، سمع بعدها سماع صراخ الجنود الإسرائيليين"، وتابع: "أثناء العملية شرعت الطائرات الإسرائيلية في إطلاق صواريخها في كل مكان وضرب كل شيء متحرك؛ مما أدى إلى إصابة العنصرين الاستشهاديين بجروح، انسحبا بعدها إلى مكمن جديد، وبقوا ينزفون فيه لأكثر من 18 ساعة".
عملية إنقاذ
ويشير أبو عبيدة إلى أنه، وبعد التأكد من بقاء الاستشهاديين على قيد الحياة، قررت قيادة كتائب القسام إنقاذ حياتهما، وقال: "تدخلت مجموعة خاصة تحت تغطية قذائف الهاون التي بدأت فرق المدفعية لكتائب القسام بإطلاقها".
واستمر يروي التفاصيل المثيرة لعملية إخلاء العنصرين القساميين، وقال: "تقدم استشهادي قسامي من مخبأ الاستشهاديين وحملهما، وخلال محاولته الفرار لاحظته الدبابات الإسرائيلية في المنطقة، فلاحقته قذائفها حتى وصل إلى مكان آمن دون أن يصاب بأذى، وعمل على تقديم الإسعافات الأولية لزميليه، وبعد عدة ساعات تمكن من الانسحاب برفقتهما إلى داخل مدينة غزة".
بيت مفخخ
ويشير أبو عبيدة إلى عملية أخرى نفذت في منطقة جبل الكاشف شمال قطاع غزة، عملت خلالها كتائب القسام على إغراء القوات الخاصة الإسرائيلية لاحتلال منزل عائلة أبو عيدة الواقع في هذه المنطقة.
ويروي القيادي القسامي: "بعد تمركز القوات خاصة في بيت (أبو عيدة) لتتخذه مكانا لقنص المقاومين الذين يتحركون في المنطقة، أحاطت الدبابات الإسرائيلية بالمنزل حماية له من أي هجوم للمقاومة الفلسطينية، وبينما كان جنود (الكوماندوز) الإسرائيليين يجلسون بالبيت وحوله بأريحية كاملة، بدأت قوة كوماندوز تابعة لكتائب القسام التسلل عبر نفق يوصل إلى منزل أبو عيدة كان قد أعد من قبل، وسارت من أسفل الدبابات".
وأضاف أنه قبل وصول المجموعة إلى البيت بدأت قذائف الهاون تتساقط على الدبابات المحيطة بالمنزل، فيما عملت مجموعات أخرى باستهداف المنزل بقذائف الـ"آر. بي. جي" لإرباك صفوف الجنود الإسرائيليين الكامنين داخل البيت.
واستمر أبو عبيدة يروي: "وعلى عجل تمكنت وحدة الكوماندوز القسامية من اقتحام البيت، وفي أقل من عشرة دقائق تمكنت القوة من قتل وإصابة كل من كان داخل المنزل والانسحاب بسلام، ثم تدمير المنزل بعدد من العبوات الناسفة".
ينهي أبو عبيدة حديثه.. لكن التفاصيل المثيرة التي رواها هؤلاء من المتوقع أن تكشف الأيام القليلة القادمة المزيد والمزيد منها بعد انقشاع دخان القنابل، وسكوت المدافع والطائرات.