المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهر رمضان وعافية القلوب والأبدان



expresso222
07-30-2008, 09:03 AM
شهر رمضان وعافية القلوب والأبدان

الحمد لله ذي الطول والإحسان، خالق الإنسان وبارئ الزمان، والصلاة والسلام على حامل لواء الإسلام ومرشد السالكين إلى دار السلام، وبعد:
يقول الله تعالى في سورة "الأنعام": http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFأو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملونhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF، يقول ابن كثير في تفسيرها هذا مثل ضربه الله تعالى للإنسان الذي كان ميتًا أي في الضلالة هالكًا حائرًا فأحياه الله أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه له ووفقه لاتباع رسله.
فقد أظلنا شهر الصيام والقيام الذي فيه حياة القلوب وعافية الأبدان، قال تعالى في سورة النحل: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFمن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملونhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF، قال ابن القيم في الداء والدواء: فَضَمِن الله لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا الحياة الطيبة، والحسنى يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين فهم أحياء في الدارين.
فتعالَ أخي المسلم لنُحيي شهر رمضان بالصيام والقيام لتحيى به القلوب والأبدان، فقد بَلِي من الإيمان في القلوب الكثيرُ خلال أحد عشر شهرًا قد مضت وقد أُمِرْنا بتجديد الإيمان ليبقى في القلوب حيًا وتظهر آثاره على الأبدان في مثل ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الإيمان لَيخلق في جوف أحدكم كما يخلَق الثوبُ فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم".
{السلسلة الصحيحة برقم 1585}.
وفي رمضان تعود العافية والصحة إلى القلوب والأبدان وتصفو من المنكرات والأدران، بملازمة ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم وهجرانِ ما ابتدعه إخوان الشياطين، قال الحق سبحانه: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFيا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقونhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF.
قال ابن قدامة: وإنما فُضّل الصوم لمعنيين أحدهما: أنه سر وعمل باطن لا يراه الخلق ولا يدخله رياء، والثاني أنه قهر لعدو الله لأن وسيلة العدو الشهوات، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب وما دامت أرض الشهوات مخصبة فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى وبترك الشهوات تضيق عليهم المسالك.
ويقول أيضًا: اعلم أن أشرف ما في الإنسان قلبه، فإنه العالم بالله العامل له الساعي إليه، وإنما الجوارح أتباع وخدام له يستخدمها استخدام الملوك للعبيد ومن عرف قلبه عرف ربه، وأكثر الناس جاهلون بقلوبهم ونفوسهم والله يحول بين المرء وقلبه وحيلولته أن يمنعه من معرفته ومراقبته. {منهاج القاصدين: 35، 36، 146}، فإذا صام العبد الصيام الصحيح سلمت له جوارحه وطاب له قلبه، وأصبح صومه وقاية وجُنة له؛ لما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". {البخاري: 4-1905}.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك وللصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه". {البخاري في الصوم}.
وفي رمضان إذا أفطر المسلم كل يوم متبعًا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يَرْفُل في الخير والبركة التي تحفظ عليه جوارحه وقلبه لما رواه النسائي عن أنس وصححه الألباني قال: "كان يبدأ إذا أفطر بالتمر".
{الصحيحة برقم 2117}.
وعنه أيضًا قال: "ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قط صلى صلاة المغرب حتى يفطر ولو على شربة ماء". وعنه أيضًا: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء".
وهذا يؤدي إلى الارتواء قبل الأكل والتغذي بالسكر قبل تناول الطعام، فلا يسرف في تناول الطعام لشعوره بالشبع ويبقى في الخير ما بقي ملتزمًا للسنة لما رواه أحمد عن أبي ذر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر".
ولما رواه البخاري عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تسحروا فإن في السحور بركة".


معنى البركة في السحور


وإليك أخي المسلم ما قاله ابن حجر في معنى البركة في السحور، حيث قال: البركة في السحور تحصل بجهات متعددة وهي اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب، التقوي به على العبادة والزيادة في النشاط ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.
وقال ابن دقيق العيد: ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم، ومما يعلل استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب؛ لأنه ممتنع عندهم. {فتح الباري 4-166}
أرأيت أخي المسلم العافية والبركة للقلب في السحور من ولاء للمؤمنين ومخالفة للكافرين ودعاء وابتهال ورجاء وعافية للبدن بالتَّقوي على عبادة الصوم، حقّا إنها البركة، فلا تترك أخي المسلم السحور ولو كان بالتمر فهو نعم السحور؛ لما رواه ابن حبان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نِعْمَ سَحُورُ المؤمن التمرُ". {الصحيحة برقم 562}.


القيام في رمضان


وفي رمضان تهجد وقيام، وبالصلاة تسلم القلوب وتصح الأبدان وتكفر الذنوب والأدران، فعن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيت لو كان بفناء أحدكم نهر يجري فيغتسل منه كل يوم خمس مرات ما كان يُبقي من درنه؟ قالوا: لا شيء، قال: إن الصلوات تذهب الذنوب كما يُذهب الماء الدرن". {الصحيحة برقم 1614}.
ولا يخفى عليك أخي المسلم أن الذنوب هي التي تعمي القلب وتُمرضه وتُقسيه: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFكلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبونhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF، وانظر إلى رسولك صلى الله عليه وسلم وهو قلق مُتعب يبحث عن الراحة في أن يَصُفَ قدميه ويَنْصب أمام ربه وهو يقول لبلال رضي الله عنه: "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها".
{صحيح الجامع: 7769}.
والزم الجماعة في كل أوقات النهار ونم على طهارة استعدادًا لصلاة الليل لتحرسك الملائكة وتُحفظ نائمًا من شر كل ذي شر.
أخرج أحمد في المسند عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن فلان يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال: "إنه سينهاه ما تقول".
{صححه الألباني في المشكاة: 1237}.
فاحرص أخي المسلم على التراويح والتهجد لتطيب لك اللقمة وتستجاب لك الدعوة ومن بركات القيام والتهجد أيضًا طرد الكسل الذي هو من أعظم الأدواء، وكان رسولنا يستعيذ بالله منه لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقد يضرب على كل عُقدة: عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلَّتْ عقده فإن توضأ انحلت عقدة، فإذا صلى انحلت عُقَده كلها فأصبح نشيط النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان". فبركة صلاة الليل تجعل المسلم يستغني عن المنشطات والمنبهات وتطيب نفسه بقربه من ربه وقال الحسن البصري رحمه الله: لم أجد من العبادة شيئًا أشد من الصلاة في جوف الليل، فقيل له ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
ومن بركات صلاة الليل سلامة المسلم من أذى الشيطان وتطهيره من رجسه ودنسه لما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليله حتى أصبح قال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنه أو قال في أذنيه". وقال الحافظ في الفتح واختلف في بول الشيطان فقيل: هو على حقيقته؟ وقال القرطبي وغيره: لا مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن يبول، وقيل هو كناية عن ازدراء الشيطان به وقيل معناه أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول إذ من عاده المستخف بالشيء أن يبول عليه، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFومن يكن الشيطان له قرينا فساء قريناhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF.
ومن بركاتها أيضًا- أي صلاة الليل- ما رواه الترمذي والحاكم والبيهقي عن بلال قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير السيئات، ومطردة للداء عن الجسد ".
{صحيح الجامع: 3958}.
فصلاة الليل مطردة للداء عن الجسد وصدق من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فقد ثبت في بعض الأبحاث العلمية أن هناك فروقًا كبيرة بين المصلين لصلاة التراويح وغير المصلين في درجة مرونة العمود الفقري، وكذلك في الكفاءة الوظيفية للقلب، وتقول صاحبة هذا البحث: لقد أوصيت في هذه الدراسة بتشجيع المسلم على تأدية الصلاة عمومًا وعلى صلاة التراويح على وجه الخصوص لما لها من فائدة على الجهاز الدوري والتنفسي ومرونة مفاصل الجسم وخاصة العمود الفقري، حيث إن كبار السن في حاجة إلى القيام بتأدية التمرينات التي تحافظ على اللياقة البدنية واللياقة الوظيفية للقلب. {رهبان الليل: ج1 ص200- 201}.
واعلم أخي المسلم أن عافية القلب في وَجَلِه إذا تلا أو تُلِيت عليه آيات ربه، وسلامته في لينه لذكر الله، وسلامة العين في دمعها من خشية الله، وسلامة اللسان في رطوبته بذكر الله، وسلامة الأذن في سماعها لكلام الله وسلامة اليد في كفها عن أذى عباد الله، وسلامة الرجل في خطوها إلى مساجد الله، وسلامة كل هذا في توحيد الله واتباع سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وجديد كل هذا في رمضان.
والحمد لله الكريم المنان .

إعداد- شوقي عبد

sameer29s
01-22-2009, 07:24 AM
جميل ما تذكرنا به من امور قد تغيب عن بعضنا البعض - جعله الله في ميزان حسناتك