Warning: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /home/forumbs/public_html/includes/class_core.php on line 1960
من يدفع الفتنة..؟ [الأرشيف] - منتديات بانى ستار

المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يدفع الفتنة..؟



bassem_1974
04-27-2008, 12:48 PM
بد أن نعرف أن الفتنة طالما نفخ فيها السفيه اتّقدت نارها وعظم شررها، وإذا وقعت الفتنة وابتلى بها الناس، تاهت العقول واضطربت، قال ابن تيمية رحمه الله: "والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، وهذا شأن الفتن، كما قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوّث بها إلا من عصمه الله" اهـ. [منهاج السنة 4/343]

ولو تأمّلت حالنا (بإنصاف) دون الخضوع للأهواء والنظريات السياسية وجدت أنه ما من فتنة في الدين إلا ووراءها جنس من البشرية قليلو العلم كثيرو الخوض في السياسة، دون عقل أو كياسة، حكموا العقول في دعوتهم وجعلوها أساس انطلاقتهم إلى الناس، وابحث جيداً في مجتمعاتنا المبتلاة بمثل هذه الأجناس وتأمل: هل تجد عالماً بالشرع ممن تجردوا للعلم الشرعي قاد زمام الفتنة وعرّض المسلمين للقتل والنهب والتشريد من أجل تحقيق مآربه السياسية، أم ستجد أن من يقوم بهذه الأمور (في الأعم الأغلب) من مدّعي العلم بالسياسة الذين فشلوا علمياً وسياسياً.
وهنا يجب أن نعترف أن بعض الناس ممن اشتغل بالسياسة يعاني من الانهزامية وتحركه ضغوط الناس في الشوارع حتى دهمائهم وجهالهم، وها هو أحدهم يعترف بذلك قائلاً: "إن ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال الآن، ونحن في عصر صار للجماهير تأثير كبير، فأسقطوا زعماء كباراً، وهزوا عروشاً، وحطموا أسواراً وحواجز، وما زالت صور العزَّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي.."، فهذا الكلام حول التأثير الجماهيري لو كان من رجل ديمقراطي لقُبِل منه (لا أقصد الكلام ولكن الموقف) ولكن حينما يصدر ممن يعمل في حقل الدعوة فإنه موقف مرير، فمتى تقاس الدعوة ونجاحها بالأعداد المتكاثرة؟....وأين هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويأتي النبي وليس معه أحد"، أي يوم القيامة.
فإلى متى يستمر أسلوب التهييج في الشباب حتى يخترقوا أبواب الفتنة..؟
لماذا نجد بعض الدعاة يسعى للتكثير، دون أن يمحص عقائد من ساروا معه، حتى يأخذه الاغترار ويحاصره الغرور حينما يتكاثر حوله الشباب، ويا ليته يحافظ عليهم بعد أن وثقوا به فلا يلج بهم أبواب الفتنة في الدين والدنيا..، قال الماوردي رحمه الله في "درر السلوك في سياسة الملوك" (ص 122): "مع أن لكل جديد لذة، ولكل مستحدث صبوة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي منافقٌ عليم اللسان"، فتصير البدع فاشية، ومذاهب الحق واهية، ثم يفضي الأمر إلى التحزب والعصبية، فإذا رأوا كثرة جمعهم وقوة شوكتهم داخَلَهم عزُّ القوة، ونخوة الكثرة، فتضافر جهّال نسّاكهم، وفسقة علمائهم بالميل إلى مخالفيهم، فإذا استتب لهم ذلك زاحموا السلطان في رئاسته، وقبحوا عند العامة جميل سيرته، فربما انفتق ما لا يرتق، فإن كبار الأمور تبدو صغارا".
وما ذكره المارودي رحمه الله هنا ينطبق على أحوالنا أشد انطباق وأعظمه.

فتأمله بتجرد.