المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغيير الواقع



bassem_1974
04-27-2008, 12:46 PM
لا شك أن كثيراً من الدعاة (أو ممن يعمل بحقل الدعوة) يسعى للتغيير، وأنا لا أدّعي الكمال في مجتمعاتنا الإسلامية، بل إن روح الإسلام قد تكاد تختفي في بعض الدول الإسلامية ومع الأسف الشديد. لكن السؤال كيف تكون معالجة هذا الواقع دون مفاسد؟..
أولاً: لا بد أن يعرف الدعاة أنه يجب علينا جميعاً أن نخضع لنصوص الكتاب والسنة ولا نتقدم عليهما برأي أو نظر، ولو فعلنا ذلك لاستقام لنا الأمر.
ثانياً: لا بد من معرفة أن الناس في هذه المجتمعات على صنفين: صنف يعيش في دار يكثر فيها البلاء على المسلمين، ويكون فيها المسلمون مستضعفين، وهؤلاء قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيهم: "فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين". [الصارم المسلول ص221]
فالواجب إذن ألا يعرض نفسه للبلاء والفتنة، وليعلم المسلم أنه كلما زاد تمسكه بالسنة والعقيدة الصحيحة واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كلما عصمه الله من كثير من الفتن وعواقب الأمور المردية.
قال ابن القيم عن قول الله تعالى ـ في المشركين ـ مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: "وتأمل قوله تعالى لنبيه: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} كيف يفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه وذاته فيهم دفع عنهم البلاء وهم أعداؤه، فكيف وجود سرِّه والإيمان به ومحبته، ووجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص، أفليس دفعه عنهم بطريق الأولى والأحرى؟". [إعلام الموقعين 1/173]
وأما الصنف الآخر: فأولئك الذين يعيشون في بلاد يتمتعون فيها بالحرية في ممارسة دينهم وعبادتهم، فهم يعبدون ربهم دون خوف ويمارسون دعوتهم بكل أمان دون ضغوط، ولكن سرعان ما تغشاهم الأفكار الدخيلة التي تدفعهم لتغيير هذا الواقع الطيب، وكأنهم يريدون إما أن تكون الدنيا خلافة على منهاج النبوة وإلا لا...
وهنا لابد لنا من وقفة... فكم من دولة كانت تتمتع بالدعوة على منهاج النبوة مع إقبال أهلها على الدين والاستقامة على السنة، فلم يهدأ أصحاب الدعوات السياسية والثورات حتى قاموا ببعض الأعمال المناوئة للحكومة، فضيقت عليهم ومحت رسوم الدعوة، بل إنك لم تعد تجد من يتزيَّ بزي الإسلام؛ بسبب الحماس غير المنضبط وعدم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته.
إن من قواعد الإسلام العظيمة القاعدة الفقهية المشهورة التي تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" فلا أدري لماذا لا يستعملها كثير من دعاة السياسة اليوم؟
وهذه القاعدة من أدلتها أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتل عبد الله بن أبى بن سلول ـ رأس المنافقين ـ بالرغم من إيذائه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم وما ترك قتله إلا خشية المفسدة، وذلك مخافة أن يسمع به البعيد، فيقول محمد صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه؟! فلا يدخل في دعوته ظاناً أن ابن سلول من أصحابه.
فترك قتله مع ما كان في قتله من مصلحة عظيمة وهي كف الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فمالِ فقهاء السياسة لا يستعملون هذه القاعدة العظيمة المستمدة من الكتاب والسنة.
هذا إذا كان في العمل مصلحة محققة فكيف إذا لم يوجد وراء هذا العمل إلا مفسدة مثلها؟.
إننا نعاني من التصرفات غير المسؤولة عند بعض المتصدرين للدعوة، فكم تصرفوا من تصرّف رجع على الدعوة الإسلامية بالضرر والفساد وأدى إلى تراجعها عشرات السنين..
هل فكر من (يقوم ببعض الأعمال الإفسادية) ما الذي يمكن أن يحدث لإخوانه المسلمين الذين يعيشون بين صفوف الكفار؟..
أتدري.. أن تلك الأعمال غير المدروسة شرعاً، أفسدت معايش كثير من إخواننا المسلمين الذين يعيشون في ديار الكفار؟!
فمسلم يوجد مقتولاً ملقى في طريق.. ومحجبة تختفي فجأة، وأخريات يسجنّ بين عتاولة المجرمين!
وغير ذلك من الأمور التي كان أبرزها تحجيم أعمال الخير في كثير من دول الإسلام.. وتشويه صورة الإسلام التي يسعى بعض المسلمين المخلصين إلى تحسينها عند الكفار من أجل دعوتهم..
فماذا استفدنا من تلك الأعمال..؟!