ORED_ELGANA
04-26-2008, 05:30 PM
نص السؤال :
قوله تعالى { الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم } . فهل هذا يعني أن الأعراب هم دوما أشد كفرا ونفاقا من غيرهم كالأوربيون ومن جنسيات أخرى ؟؟؟
الجواب :
{ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }التوبة-97-99.
قال العلامة ابن عجيبة الحسني -رحمه الله-:
يقول الحق جل جلاله : { الأعراب } ، وهم سكان البادية ، قال ابن عزيز : يقال : رجل أعرابي ، إذا كان بدويا .
وإن لم يكن من العرب ، ورجل عربي ، إذا كان منسوبا إلى العرب ، وإن لم يكن بدويا .
أهل البوادي من المنافقين هم { أشد كفرا ونفاقا } من أهل الحاضرة ، وذلك لتوحشهم وقساوتهم ، وعدم مخالطتهم لأهل العلم وقلة استماعهم للكتاب ، { وأجدر } أي : أحق { ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله } من الشرائع وفرائضها وسننها ، لبعدهم عن مجالس العلم ، { والله عليم حكيم } ؛ يعلم كل واحد من أهل الوبر والمدر ، حكيم فيما يدبر من إسكان البادية ، أو الحاضرة ، ويختار لكم واحد بحكمته البالغة ما يليق به ، وسيأتي بقية الكلام على سكنى الحاضرة أو البادية في الإشارة ، إن شاء الله .
{ ومن الأعراب من يتخذ } أي : يعد { ما ينفق } من الزكاة وغيرها في سبيل الله ، { مغرما } أي : غرامة وخسرانا؛ إذ لا يحتسبه عند الله ، ولا يرجوا عليه ثوابا ، وإنما ينفقه لرياء أو تقية ، فيثقل عليه ثقل المغرم الذي ليس بحق ، { ويتربص بكم الدوائر } أي : دوائر الزمان ونوبه ، أو ينتظر بكم مصائب الزمان ، لينقلب الأمر عليكم؛ فيتخلص من الإنفاق الذي كلف به .
قال تعالى : { عليهم دائرة السوء } ، وهو دعاء عليهم بنحو ما يتربصونه أي : عليهم يدور من الدهر ما يسوؤهم أو جعل الله دائرة السوء نازلة بهم .
قال ابن عطية : كل ما كان بلفظ دعاء من جهة الله عز وجل فإنما هو بمعنى إيجاب الشيء؛ لأن الله تعالى لا يدعو على مخلوقاته وهي في قبضته ، ومن هذا قوله : { ويل لكل همزة لمزة } [ الهمزة : 1 ]، { ويل للمطففين } [ المطففين : 1 ] ، وهي كلها أحكام تامة تضمنها خبره تعالى، أو إخبار عن وقوع ما يتربصونه عليهم .
قال البيضاوي : الدوائر في الأصل : مصدر أضيف إليه السوء؛ للمبالغة ، كقولك : رجل صدق . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : « السوء » هنا ، وفي الفتح بضم السين { والله سميع } لما يقولونه عند الإنفاق { عليم } بما يضمرونه من الرياء وغيره .
ثم ذكر ضدهم ، فقال : { ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق } أي : يعد ما ينفقه من الزكاة وغيرها { قربات عند الله } ؛ تقربهم إليه زلفى؛ لإخلاصهم فيها . { وصلوات الرسول } أي : ويتخذ ما ينفق سبب صلوات الرسول؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يدعو للمتصدقين ، ويقول : اللهم صل على فلان ، ويستغفر لهم .
ولذلك سن للمصدق عليه أن يدعو للمتصدق عند أخذ صدقته ، ولكن ليس له أن يصلي عليه ، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك منصبه ، فله أن يتفضل به على غيره .
{ ألا إنها } أي : نفقاتهم ، { قربة لهم } تقربهم إلى حضرة ربهم ، وهذا شهادة من الله لصحة معتقدهم وكمال إخلاصهم ، { سيدخلهم الله في رحمته } ، وعد من الله لهم بإحاطة الرحمة بهم ، أو سيدخلهم في جنته التي هي محل رحمته وكرامته ، والسين لتحقيق وقوعه .
{ إن الله غفور رحيم } ؛ يغفر ما فرط من الخلل ، ويتفضل برحمته على ما نقص عن درجات الكمال .
قيل : إن الآية الأولى نزلت في أسد وغطفان وبني تميم؛ فهم الذين يتخذون ما ينفقون مغرما .
والثانية نزلت في عبد الله ذي البجادين وقومه؛ فهم الذين يتخذون ما ينفقون قربات عند الله وصلوات الرسول . والله تعالى أعلم .
الإشارة : قد ورد الترغيب في سكنى المدن؛ لأنها محل العلم وسماع الوعظ ، وفيها من يستعان بهم على الدين ، وورد الترغيب أيضا في سكنى الجبال والفرار بالدين من الفتن ، وخصوصا في آخر الزمان .
ولهذا اختار كثير من الصحابة والتابعين سكنى البوادي؛ كأبي ذر؛ وسلمة بن الأكوع ، وغيرهما رضي الله عنهم .
والتحرير في المسألة : أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والمقاصد ، فمن كان مراده تحقيق الشريعة ، وتحرير مسائل العلم الظاهر ، والقيام بوظائف الدين ، ولم يجد في البادية من يعينه على ذلك؛ فسكنى المدن أفضل له ، ومن كان مراده تصفية قلبه وتحقيق علم الطريقة ، وتهيئة القلب لإشراق أنوار الحقيقة ، فالاعتزال في البوادي ، وقرون الجبال ، أوفق له ، إن وجد من يستعين بهم على ذلك؛ لأن شواغل المدن ، وعوائدها كثيرة ، وقد كثرت فيها الحظوظ والأهوية؛ فلا يجد فيها إلا من هو مفتون بدنيا أو مبتلى بهوى ، بخلاف أهل البادية ، هذه العوائد فيهم قليلة ، وجل أهلها على الفطرة .
وأيضا : هم مفتقرون إلى من يسوسهم بالعلم أكثر من غيرهم ، فمن تصدى لتعليمهم وتذكيرهم لا يعلم قدره إلا الله . قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : أرحم الناس بالناس من يرحم من لا يرحم نفسه .
أي : من يرحم الجاهل الذي لا يرحم نفسه؛ بأن يعلمه ما ينفع به نفسه ويرحمها . وقال الغزالي في الإحياء : يجب على العلماء أن يبعثوا من يعلم الناس في البوادي؛ فإن أخلوا بذلك الأمر عاقبهم الله ، فمن تعرض لتعليمهم قام بهذا الواجب . والله تعالى أعلم .
قوله تعالى { الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم } . فهل هذا يعني أن الأعراب هم دوما أشد كفرا ونفاقا من غيرهم كالأوربيون ومن جنسيات أخرى ؟؟؟
الجواب :
{ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }التوبة-97-99.
قال العلامة ابن عجيبة الحسني -رحمه الله-:
يقول الحق جل جلاله : { الأعراب } ، وهم سكان البادية ، قال ابن عزيز : يقال : رجل أعرابي ، إذا كان بدويا .
وإن لم يكن من العرب ، ورجل عربي ، إذا كان منسوبا إلى العرب ، وإن لم يكن بدويا .
أهل البوادي من المنافقين هم { أشد كفرا ونفاقا } من أهل الحاضرة ، وذلك لتوحشهم وقساوتهم ، وعدم مخالطتهم لأهل العلم وقلة استماعهم للكتاب ، { وأجدر } أي : أحق { ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله } من الشرائع وفرائضها وسننها ، لبعدهم عن مجالس العلم ، { والله عليم حكيم } ؛ يعلم كل واحد من أهل الوبر والمدر ، حكيم فيما يدبر من إسكان البادية ، أو الحاضرة ، ويختار لكم واحد بحكمته البالغة ما يليق به ، وسيأتي بقية الكلام على سكنى الحاضرة أو البادية في الإشارة ، إن شاء الله .
{ ومن الأعراب من يتخذ } أي : يعد { ما ينفق } من الزكاة وغيرها في سبيل الله ، { مغرما } أي : غرامة وخسرانا؛ إذ لا يحتسبه عند الله ، ولا يرجوا عليه ثوابا ، وإنما ينفقه لرياء أو تقية ، فيثقل عليه ثقل المغرم الذي ليس بحق ، { ويتربص بكم الدوائر } أي : دوائر الزمان ونوبه ، أو ينتظر بكم مصائب الزمان ، لينقلب الأمر عليكم؛ فيتخلص من الإنفاق الذي كلف به .
قال تعالى : { عليهم دائرة السوء } ، وهو دعاء عليهم بنحو ما يتربصونه أي : عليهم يدور من الدهر ما يسوؤهم أو جعل الله دائرة السوء نازلة بهم .
قال ابن عطية : كل ما كان بلفظ دعاء من جهة الله عز وجل فإنما هو بمعنى إيجاب الشيء؛ لأن الله تعالى لا يدعو على مخلوقاته وهي في قبضته ، ومن هذا قوله : { ويل لكل همزة لمزة } [ الهمزة : 1 ]، { ويل للمطففين } [ المطففين : 1 ] ، وهي كلها أحكام تامة تضمنها خبره تعالى، أو إخبار عن وقوع ما يتربصونه عليهم .
قال البيضاوي : الدوائر في الأصل : مصدر أضيف إليه السوء؛ للمبالغة ، كقولك : رجل صدق . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : « السوء » هنا ، وفي الفتح بضم السين { والله سميع } لما يقولونه عند الإنفاق { عليم } بما يضمرونه من الرياء وغيره .
ثم ذكر ضدهم ، فقال : { ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق } أي : يعد ما ينفقه من الزكاة وغيرها { قربات عند الله } ؛ تقربهم إليه زلفى؛ لإخلاصهم فيها . { وصلوات الرسول } أي : ويتخذ ما ينفق سبب صلوات الرسول؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يدعو للمتصدقين ، ويقول : اللهم صل على فلان ، ويستغفر لهم .
ولذلك سن للمصدق عليه أن يدعو للمتصدق عند أخذ صدقته ، ولكن ليس له أن يصلي عليه ، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك منصبه ، فله أن يتفضل به على غيره .
{ ألا إنها } أي : نفقاتهم ، { قربة لهم } تقربهم إلى حضرة ربهم ، وهذا شهادة من الله لصحة معتقدهم وكمال إخلاصهم ، { سيدخلهم الله في رحمته } ، وعد من الله لهم بإحاطة الرحمة بهم ، أو سيدخلهم في جنته التي هي محل رحمته وكرامته ، والسين لتحقيق وقوعه .
{ إن الله غفور رحيم } ؛ يغفر ما فرط من الخلل ، ويتفضل برحمته على ما نقص عن درجات الكمال .
قيل : إن الآية الأولى نزلت في أسد وغطفان وبني تميم؛ فهم الذين يتخذون ما ينفقون مغرما .
والثانية نزلت في عبد الله ذي البجادين وقومه؛ فهم الذين يتخذون ما ينفقون قربات عند الله وصلوات الرسول . والله تعالى أعلم .
الإشارة : قد ورد الترغيب في سكنى المدن؛ لأنها محل العلم وسماع الوعظ ، وفيها من يستعان بهم على الدين ، وورد الترغيب أيضا في سكنى الجبال والفرار بالدين من الفتن ، وخصوصا في آخر الزمان .
ولهذا اختار كثير من الصحابة والتابعين سكنى البوادي؛ كأبي ذر؛ وسلمة بن الأكوع ، وغيرهما رضي الله عنهم .
والتحرير في المسألة : أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والمقاصد ، فمن كان مراده تحقيق الشريعة ، وتحرير مسائل العلم الظاهر ، والقيام بوظائف الدين ، ولم يجد في البادية من يعينه على ذلك؛ فسكنى المدن أفضل له ، ومن كان مراده تصفية قلبه وتحقيق علم الطريقة ، وتهيئة القلب لإشراق أنوار الحقيقة ، فالاعتزال في البوادي ، وقرون الجبال ، أوفق له ، إن وجد من يستعين بهم على ذلك؛ لأن شواغل المدن ، وعوائدها كثيرة ، وقد كثرت فيها الحظوظ والأهوية؛ فلا يجد فيها إلا من هو مفتون بدنيا أو مبتلى بهوى ، بخلاف أهل البادية ، هذه العوائد فيهم قليلة ، وجل أهلها على الفطرة .
وأيضا : هم مفتقرون إلى من يسوسهم بالعلم أكثر من غيرهم ، فمن تصدى لتعليمهم وتذكيرهم لا يعلم قدره إلا الله . قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : أرحم الناس بالناس من يرحم من لا يرحم نفسه .
أي : من يرحم الجاهل الذي لا يرحم نفسه؛ بأن يعلمه ما ينفع به نفسه ويرحمها . وقال الغزالي في الإحياء : يجب على العلماء أن يبعثوا من يعلم الناس في البوادي؛ فإن أخلوا بذلك الأمر عاقبهم الله ، فمن تعرض لتعليمهم قام بهذا الواجب . والله تعالى أعلم .