Warning: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /home/forumbs/public_html/includes/class_core.php on line 1960
تعريف الاختلاس فى السرقة واختلاف النظريات [الأرشيف] - منتديات بانى ستار

المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعريف الاختلاس فى السرقة واختلاف النظريات



Medhat Karram
04-26-2008, 04:37 PM
تعريف الاختلاس واختلاف النظريات
حول تحديد مفهومه

تمهيد وتقسيم:
عرفت المادة (311) من قانون العقوبات السارق بأنه "كل من اختلس منقولاً مملوكاً للغير" ( ) وبالتالي فإن الأخذ خلسة ركن من أركان جريمة السرقة حيث ذهبت إلي ذلك محكمة النقض المصرية وهي تقول إذا كان قد "أعطى سيد خادمه حمارة وجحشاً لبيعهما في السوق، فبادل بهما حمارة أخرى لم يقبلها السيد فاضطر الخادم لأخذها ثم باعها . لا يعتبر عمل الخادم سرقة لأن الحمارة الأخيرة دخلت في حوزته بعد أن رفضها المجني عليه فهي لم تؤخذ خلسة، والأخذ خلسة من أركان السرقة" ( ) .
وإن كان"يبين من نص المادة (311) أن المشرع "وإن كان قد عبر عن السرقة بفعل الاختلاس إلا أنه لم يحدد مفهوماً لكنه هذا الاختلاس أو ماهيته ، فأضحى المجال خصباً لشروح الفقهاء وآرائهم" ( ) ، وإن كان البعض قد انتقد هذا اللفظ باعتبار أنه "غير دقيق المعنى بما يعرف المقصود منه فهو في حقيقته أقرب إلي أن يكون وصفاً للسلوك أو حكماً عليه من أن يكون تحديداً لماهيته" ( ) .
والاختلاس لفظاً "يعني الخطف بسرعة وعلي غفلة وهذا هو المعنى الذي يستعمله الفقهاء المسلمون ، أما في المفهوم العام له ، عبارة عن الاستيلاء علي الشيء بطريقة لا يقرها الضمير الإنساني ولا أحكام الدين ولا المجتمع ، وبعبارة أخرى نجد أن لفظ الاختلاس يقترن بفكرة الأخذ خلسة" ( ).
وبالعودة إلي الأصل التاريخي فإننا نجد أن القانون الروماني كان يعطي الاختلاس معنى واسعاً بحيث "يشمل:
1ـ سلب الملكية Furtum Rei ، ويقصد به تملك مال الغير جهرةً أو خفية ، ولذلك كان يدخل في إطار هذه الصورة تصرف الحائز ـ كالمستأجر أو المستعير ـ في المال المسلم إليه تصرف المالك ، كما يدخل فيه تملك الشخص المال الذي سلم إليه دون حق "( ) .
2 ـ " سلب المنفعة Furtum Usus ، ويعني استعمال الحائز ـ دون رضاء المالك شيئاً في حيازته لا يخوله سند الحيازة مثال ذلك أن يستعمل المودع لديه الشيء المودع استعمالاً لا يخوله عقد الوديعة ولا يسمح به المالك" ( ) .
3 ـ سلب الحيازة Furtum Possessionis ، ويعني أخذ المالك المال الذي يملكه من الحائز الشرعي له ، مثال ذلك أن يأخذ المدين المال المرهون الذي يحوزه المرتهن أو يأخذ المؤجر ماله المؤجر من مستأجرة " ( ).
"ولقد سار القانون الفرنسي علي نهج الروماني "من إعطاء مدلول واسع للاختلاس في جريمة السرقة وفي خيانة الأمانة كما اتجه أيضاً إلي إدخال سرقة العين والمنفعة وسرقة الحيازة باعتبارهم من الأفعال التي تعد مكونة لجريمة السرقة" ( ) "وقد حاول المشرع الفرنسي في القوانين المتتابعة ..، تحديد الجرائم التي يعاقب عليها إلا أنه لم يصل إلي التحديد الدقيق لها وبالتالي فقد أعطت هذه القوانين الفرصة للقضاء لتفسير النصوص مما جعلهم في وضع أشبه بالمشرع والقاضي في نفس الوقت" ( ).
وإثر هذا ثارت "نظريات ثلاث: الأولى، وهي النظرية التقليدية ، مؤداها أن الاختلاس يتحقق بأخذ المال بحركة مادية من صاحبه ، والثانية قيل بها لسد ما أسفر عنه تطييق النظرية التقليدية من ثغرات؛ أما النظرية الثالثة ـ وهي النظرية الحديثة ـ فقد ربطت فكرة الاختلاس بالاستيلاء علي الحيازة الكاملة كما هي محددة في القانون المدني"( ) .
وسيدرس الباحث هذه النظريات في ثلاثة فروع علي النحو التالي:

الفرع الأول
النظرية التقليدية

"عرف الفقه التقليدي الاختلاس بأنه نزع الشيء أو نقله أو أخذه دون رضاء مالكه بقصد تملكه، وهذا التحديد لمعنى الاختلاس يميز بين السرقة وكل من جريمتي خيانة الأمانة والنصب، فإذا كان الجاني في جريمة النصب يحتال علي المجني عليه فيسلمه الأخير المال برضاه، كما أن الجاني في جريمة خيانة الأمانة يكون قد تسلم المال من المجني عليه بموجب عقد من عقود الأمانة ، فإن الجاني في جريمة السرقة لا يتسلم المال المسروق من المجني عليه وإنما ينتزعه ويأخذه أو ينقله من حيازة المجني عليه إلي حيازته دون رضاء المجني عليه" ( ) .
ويترتب علي "تحديد معنى الاختلاس بهذه الصورة أنه إذا كان الجاني قد تسلم المال من المجني عليه ليتأمله أو ليفحصه ثم يرفض بعد ذلك رده ويستولي عليه لنفسه فإنه لا يسأل عن السرقة إذ لم ينتزع حيازته أو ينقلها، كما يترتب عليه أيضاً بأنه إذا اشترى شخص شيئاً بثمن معجل ثم فر به أو استهلكه علي الفور دون أن يدفع ثمنه فإنه لا يؤاخذ أيضاً عن سرقة وهو البيع نقداً، وكذلك الحال إذا أخذ شخص من غيره قطعة من النقود أو ورقة مالية ليستبدل بها عملة صغيرة فيستولي عليها ولا يؤدي المقابل لصاحبها فإنه لا يسأل أيضاً عن سرقة وهذه هي المصارفة" ( ) .
وكان من شأن الربط بين التسليم والاختلاس والقول بأن التسليم ينفي الاختلاس أن أفلت عديد من الجناة من العقاب " ( ) .

الفرع الثاني
نظرية التسليم الاضطراري

نتيجة لما سبق ابتدع "القضاء فكرة جديدة اشتهرت باسم نظرية التسليم الاضطراري"( ) "حيث تشترط هذه النظرية بألا يكون التسليم اضطرارياً Remise Nécessaire Ou Forcée وإلا فإن هذا التسليم لا ينفي الاختلاس ومن ثم السرقة ، حيث أنه إذا كان التسليم مما تتطلبه ضرورات التعامل ومقتضيات الأخذ والعطاء بين الناس فهو لا يمنع من قيام السرقة" ( ) .
"ويمكن رد حالات التسليم الضروري أو الاضطراري إلي ثلاث حالات:
أولاً: حالة الشخص الذي يضع شيئاً بين يدي آخر ليفحصه أو ليتأمله.
ثانياً: حالة البيع نقداً.
ثالثاً: حالة المصارفة" ( ) .
ولذا قضي بأنه إذا "توجه شخص إلي آخر في دكانه يشتغل به، وأعطاه ورقة مالية بخمس جنيهات ليصرفها له، فخرج ثم عاد وأخبره أنه بحث عن نقود يستبدلها بالورقة فلم يوفق ، ورد له ورقة بجنيه واحد علي اعتبار أنها هي الورقة التي سلمت إليه، فليس في هذه الواقعة معنى الاختلاس الذي أراده القانون في جريمة السرقة. لأن المتسلم لم يأخذ الورقة ذات الخمسة جنيهات في غفلة من المسلم وبدون علمه أو رضاه ، كما أن تسليم الورقة إياه لم يكن تسليماً اضطرارياً جرت إليه ضرورة المعاملة" ( )
كما قضي بأنه "إذا كان المتهم قد توجه إلي بائع الفاكهة في دكانه ، وطلب منه أقة موز، وأن يبدل له ورقة بخمس جنيهات بفضة ، فأعطاه الفاكهي أربعة جنيهات وثلاثة وتسعين قرشاً، وحسب عليه أقة الموز بسبعة قروش ، فطلب منه احتسابها بستة قروش وطالبه بالقرش ، فأعطاه إياه، ولم يسلمه هو الورقة ذات الخمسة جنيهات وشغل الفاكهي بإحضار فاكهة لشخص آخر ، ثم التفت إلي المتهم فلم يجده فإن هذه الواقعة تحققت فيها أركان جريمة السرقة، ويحق العقاب عليها .. لأن تسلم المجني عليه النقود كان تسليماً مادياً اضطرارياً جر إليه العرف الجاري في المعاملة" ( ) .
وقد انتقد الفقه فكرة التسليم الاضطراري علي أساس أنها تخالف قاعدة الشرعية "بالنظر إلي أن ربط التسليم الاضطراري بقواعد الأخذ والعطاء ودواعي المعاملة بين الناس يسلم إلي معيار فضفاض لا حدود له لأنه لا سبيل إلي تحديد يقيني للحالات التي يقع فيها التسليم "لمقتضيات" التعامل ، ثم أن الحالات التي قيل بها للتسليم الاضطراري لا تلازم بينها وبين انتفاء أو امتناع الإرادة . فالأمثلة التي أطلقها الفقه لحالات التسليم الاضطراري لا يبدو أن إرادة المجني عليه فيها كانت مقيدة علي النحو الذي يتيح القول من الناحية القانونية بأن التسليم قد وقع قهراً عن الإرادة أو أنها كانت مكرهة أو مضطرة بالقدر الكافي " ( ) "فضلاً عن ذلك فإن تلك النظرية قد تؤدي في بعض الحالات إلي تضييق فكرة الاختلاس وإلي إفلات بعض الجناة من عقوبة السرقة، فالطالب إذا تناول كتاباً ليطلع عليه فاستولى عليه لنفسه لا يعد مختلساً وفقاً لمنطقها، إذ ليس هناك ثمة ضرورة ملحة ألجأت صاحب الكتاب إلي تسليمه لمن استولى عليه" ( ) .
كما أنها "تشمل حالات من المسلم به بأنها لا تعتبر سرقة ، مثال ذلك حالة تقديم طعام أو شراب إلي شخص في مطعم فيتناوله ثم يفر دون دفع الثمن ، فضرورة التعامل تقتضي أن يسلم صاحب المطعم ماله أولاً ومع ذلك فهذا الفعل لا يعتبر سرقة مما دعا المشرع إلي التدخل بالعقاب عليه بنص خاص" ( )

الفرع الثالث
النظرية الحديثة لجارسون

"نادي الأستاذ جارسون بهذه النظرية والتي تتلخص في أن الشروط القانونية للاختلاس لا يمكن تحديدها إلا بالرجوع إلي المبادئ المستقرة في قانوننا الوضعي بشأن الحيازة" ( ) "وتأسيساً علي ذلك فإن جارسون يحيل إلي قواعد القانون المدني في تعريف الحيازة" ( ) فبالاعتماد "علي فقه القانون المدني ، وبالأخص مذهب سافيني "Savigny" وإهرنج "Ihering" يمكن تعريف الحيازة بأنها "حالة واقعية تعطي للشخص قدرة مادية تمكنه من استعمال شيء منقول والتصرف فيه.. والحائز هو من لديه منقول يخضع لسلطانه أو سلطاته ، وللحائز علي المنقول قدرة التمتع به واستعماله وتحويله للغير وكذلك التصرف فيه" ( ) وفي سبيل إيضاح الفكرة "أوضح جارسون أن الحيازة تنقسم إلي عنصرين :
أ ـ عنصر مادي (Corpus) .
ب ـ عنصر معنوي (Animus)"( )
"ويتمثل العنصر المادي في مجموعة الأفعال والتصرفات التي يباشرها حائز الشيء عليه كحقه في حبسه واستعماله واستغلاله أو التصرف فيه. ويتمثل العنصر المعنوي : في توافر نية الاستئثار بالشيء لدى الحائز وانصراف إرادته إلي مباشرة سلطاته بوصفه مالكاً دون غيره" ( ) والحيازة "بالنظر إلي هذين العنصرين تنقسم إلي ثلاثة أنواع:
1 ـ الحيازة التامة أو الكاملة: يقصد بها السيطرة الفعلية علي الشيء ومباشرة سلطات المالك عليه مع نية الاستئثار به كمالك . وفي هذه الحالة يبدو العنصر المادي للحيازة .. والعنصر المعنوي" ( ) .
2 ـ الحيازة المؤقتة (الناقصة) : "وهي تلك التي تنصرف إلي الحالة التي يباشر فيها الشخص علي الشيء بعض السلطات بمقتضى عقد من عقود الأمانة كالإيجار أو الوديعة أو الرهن .. الخ. فالحائز حيازة مؤقتة وإن كان يباشر علي الشيء بعض سلطات المالك ، فتتوافر له بعض مظاهر الجانب المادي للحيازة، إلا أن حيازته لهذا الشيء حيازة ناقصة، إذ ينقصها جانبها المعنوي نظراً لأن سلطات الحائز علي الشيء في هذه الحالة تستند إلي عقد يتضمن اعترافه بملكية الغير له" ( ) .
3 ـ الحيازة المادية أو العارضة: "وتتوافر بوجود الشيء بين يدي الشخص دون أن يتوافر له حق يباشره علي الشيء. لا بوصفه مالكاً ولا بوصفه صاحب حق عيني أو شخصي علي الشيء. وكل ما في الأمر هو وضع الشيء مادياً بين يدي الشخص بصفة عارضة. وفي هذه الحالة لا تتوافر الحيازة في عنصرها المادي ولا المعنوي . وطالما كان هذا النوع من الحيازة لا يخول لصاحبه علي الشيء أي حق من الحقوق ، فإنه لا يحول دون وقوع الاختلاس" ( ) كيد "العامل في المصنع بالنسبة للأدوات التي يستعملها في عمله" ( ) .
وعلي ضوء ما تقدم يعرف جارسون الاختلاس بأنه الاستيلاء علي الحيازة الكاملة للشيء بعنصريها المادي والمعنوي بغير رضاء مالكه أو حائزه" ( )