المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هنا وهناك-لكي يعرف ميتشل



الساحر2
03-25-2010, 11:23 AM
من هنا وهناك-لكي يعرف ميتشل

بقلم : عدلي صادق

في خضم العدوان المتمادي الذي نتعرض له، في القدس وفي سائر الوطن؛ يصل جورج ميتشل، لكي تبدأ في معيته، عملية التفاوض غير المباشر. وها هي اللحظة نفسها، توفر للرجل، دونما عناء، أدلة لا تحصى، على همجية الطرف الاحتلالي الاسرائيلي، وعلى منهجه المنقلب أصلاً على العملية السلمية. ولسنا في حاجة الى التأكيد، بأن سلوك الدولة العبرية، سيجعل من المحق ومن المنطقي، العودة الى التمسك برفض التفاوض بأي شكل، قبل أن يحسم المجتمع الدولي، أمر هذه العربدة التي يراها ميتشل بأم عينه. فلا مجال لتوقعات بأي قدر من التفاؤل، مع حكومة مستوطنين متطرفين، ليس لديها أية تصورات تتعلق بالحل، وكل ما تنطوي عليه، هو الهواجس المتطيرة من وجودنا على أرض وطننا. فالحاكمون في تل أبيب، يريدون اقتلاعنا واعادة المنطقة كلها الى كل أنواع الحرب، ويعولون على أميركا لكي يقهروا بمساعدتها الأمم والأوطان، كبيرها وصغيرها!
في هذا السياق، نرى بأن يُصار الى تثقيف ميتشل على صعيد آخر، من خلال التركيز على نقاط تساعد الرجل الذي سيكون شاهداً، على تفهم بعض التطورات المستقبلية. فمن يُقاوم ظلماً أو يتمرد عليه أو يرده عن نفسه بعنف، ليس عدواً للانسانية ولا ارهابياً ولا نقيضاً للسلام. ان جيش الاحتلال وأجهزته العسكرية وساسته يفتحون الأبواب على مصاريعها لكي تنقلب كل الحسابات ولكي تعم الفوضى وتلتهب الآفاق، لأن ما يجري يراكم أخطر أنواع الاحتقان، ولا بد من مسارب لكل احتقان، وعندما تنفجر الأمور، لن تجدي تدابير أمنية أو أكاذيب أو تطمينات، أو الباس الغضب الشعبي الصفات التي لا تنطبق على مشاعر الأمم عندما تغضب. فان كان علينا أن نختار، بين أن نكون في هذا الذل أو أن نكون أفغاناً طالبانيين، سيكون الخيار الثاني هو الأنسب، لكي يستجدي الجبناء المحتلون سلامنا وصلحنا ولكي يستجدوا انخلاعهم. لذا ينبغي أن يكون على رأس أهداف ميتشيل، هو أن لا نُحشر أمام أحد هذين الخيارين أو أشباههما. فالأمم لا تُعدم الوسائل ان كانت وضعتها مقادير الاستبداد الأميركي أمام خيارات بغيضة، ان رغبت في أن تحيا بسلام!
* * *
بقي أن نقول لمناسبة وصول الوسيط الأميركي، لقد تفاءل المتفائلون بمسار التسوية، وظنوا أن أميركا، راعية اسرائيل ومُغيثتها والمتكفلة بتسليحها بكل أدوات عربدتها، ستتصرف بأخلاق، وكدولة كبرى تسعى الى السلام العادل. لكن الجميع الآن، بات متشائماً، لأن رعاية عملية السلام، تطلبت ما تفتقده السياسة الأميركية، وهو الحد الأدنى من العدالة ومن الأمانة في تقييم المواقف والانتهاكات. وبصراحة ان هذه العملية السلمية، التي انقلب عليها متطرفون عنصريون مسكونون بأساطير ما أنزل الله بها من سلطان؛ ماتت ولم يتبق من عمل اللجان التي رعتها (رباعية وغيرها) سوى الوصايا أو الارث الذي في الاضبارات. ونقول بواقعية ان حالاً فلسطينياً كهذا، يعذبنا بكل ألوان العذاب، حتى بتنا بسبب ألفاظ التسوية، وبسبب شروط بقاء السلطة تالياً، نخسر في كل يوم، قدراً من العصب اللازم لشد النسيج الوطني وتقوية صلابته، بل كدنا نخسر أنفسنا، وأن تتأذى علاقتنا بالعروبة من حيث هي وجدان شعبي، ونصبح عنواناً للانزلاق الاستراتيجي الكبير، دون أن نكون الا صابرين ومناضلين. ان واشنطن تريد لنا أن نصمت في مهاجع نومنا، وأن نمتص كل تعديات الأوساخ المحتلين دونما حراك، وان قاوم أبناؤنا فان المحتلين، ومعهم الأوساط الأميركية النافذة والمتصهينة، يلبسوننا صفات مشينة، ويروجون لفكرة أن اسرائيل هي الضحية البريئة المعتدى عليها!
لم نعد نستطيع الاستمرار في تحمل هذا الهوان. اننا عنوان حركة تحرر وطني، باتت محاصرة وبات رأسها على المقصلة. فإن لم يرحل المحتلون عن أرضنا، لن يكون التمرد على هذا الواقع، الا الطريق المحتم الذي أمامنا، وما يقع من السماء تتلقفه الأرض!