الساحر2
03-25-2010, 11:19 AM
هكذا هو
بقلم : محمود ابو الهيجاء
فاض الشتاء علينا اخيرا في الايام القليلة الماضية بكل تفاصيله تقريبا بعدما عاتبناه قبل قليل بأنه شتاء باهت، قليل المطر، خفيف البرد، عديم اللمة حول نار الكستناء، ويمكننا الان ان نقول ان الموسم قد اكتمل والارض اظنها ارتوت، وها هي شجرة اللوز التي قبالة باب مسكني كاملة البسمة بل واسمعها تضحك بخفر كما تضحك أمرأة عاشقة قابلت للتو حبيبها كلما راح المطر يشتد عليها وإليها، فيما الوردات الصغيرات يتلاعبن بالريح ويتناثرن بعطر اللون والتراب، اما الزيتونات الطيبات فقد اغتسلن تماما كعرائس المعابد المقدسة وبتن يرسلن لمعات الفضة الطاهرة من على صفحات اوراقهن السليلات كأشارات لعاصرات الزيت ان يجهزن لليلة الحنة، وأما البرد وإن لم يعد خفيفا فأنه بات صديقا صادق النصيحة وهو يحرض الجسد على ذلك الدفء وتلك الكستنا، هكذا احب الشتاء وهكذا اريده دائما فياضا بالمطر وبضحكات الحب ونيرانه وبتلك الوردات الصغيرات اللواتي يمنحن القلب بهجته ويجعلن من الصبح شغوفا بالقهوة والأمل، أحب الشتاء كلما كان كذلك، وكلما كان كذلك لا اراه إلا شاعرا وقد استبد به الشوق واشتد عليه الحب، وارجوكم المعذرة على هذا التشبيه، فالشتاء من الناحية الواقعية ليس صديقا للجوعى والمشردين، غير ان المجاز يحكم عندي كثيرا اذا ما شاء الاعتراض والتمرد على الواقع ببرده وحره وقبل ذلك اذا ما شاء التحليق في فضاء التطلع حتى يرى ما يشتهي وما يريد، ثم هناك حق الشاعر الذي ليس لغيره في الازاحة والتأويل وحتى كسر اللغة اذا ما تطاولت على الايقاع والموسيقى واذا ما ما تشردت في اقاليم المخيلة، واعرف ان كل هذا هو ما سيقودني الى ذلك المصير الذي تحدث عنه الزميل حافظ البرغوثي يوم امس في مقالته عن رباعيات الخطيب التي اشعلت شمعة اخرى في جريدة "الحياة الجديدة"، واعني المصير البعيد عن " الوزارة " القريب من المرض والموت، فلست من كتاب السياسة ولا اريد ان اكون والفقد مشيئة الخالق وامر الطبيعة التي احب شتاءها اذا ما فاض بالمطر واشعل نار الكستناء
بقلم : محمود ابو الهيجاء
فاض الشتاء علينا اخيرا في الايام القليلة الماضية بكل تفاصيله تقريبا بعدما عاتبناه قبل قليل بأنه شتاء باهت، قليل المطر، خفيف البرد، عديم اللمة حول نار الكستناء، ويمكننا الان ان نقول ان الموسم قد اكتمل والارض اظنها ارتوت، وها هي شجرة اللوز التي قبالة باب مسكني كاملة البسمة بل واسمعها تضحك بخفر كما تضحك أمرأة عاشقة قابلت للتو حبيبها كلما راح المطر يشتد عليها وإليها، فيما الوردات الصغيرات يتلاعبن بالريح ويتناثرن بعطر اللون والتراب، اما الزيتونات الطيبات فقد اغتسلن تماما كعرائس المعابد المقدسة وبتن يرسلن لمعات الفضة الطاهرة من على صفحات اوراقهن السليلات كأشارات لعاصرات الزيت ان يجهزن لليلة الحنة، وأما البرد وإن لم يعد خفيفا فأنه بات صديقا صادق النصيحة وهو يحرض الجسد على ذلك الدفء وتلك الكستنا، هكذا احب الشتاء وهكذا اريده دائما فياضا بالمطر وبضحكات الحب ونيرانه وبتلك الوردات الصغيرات اللواتي يمنحن القلب بهجته ويجعلن من الصبح شغوفا بالقهوة والأمل، أحب الشتاء كلما كان كذلك، وكلما كان كذلك لا اراه إلا شاعرا وقد استبد به الشوق واشتد عليه الحب، وارجوكم المعذرة على هذا التشبيه، فالشتاء من الناحية الواقعية ليس صديقا للجوعى والمشردين، غير ان المجاز يحكم عندي كثيرا اذا ما شاء الاعتراض والتمرد على الواقع ببرده وحره وقبل ذلك اذا ما شاء التحليق في فضاء التطلع حتى يرى ما يشتهي وما يريد، ثم هناك حق الشاعر الذي ليس لغيره في الازاحة والتأويل وحتى كسر اللغة اذا ما تطاولت على الايقاع والموسيقى واذا ما ما تشردت في اقاليم المخيلة، واعرف ان كل هذا هو ما سيقودني الى ذلك المصير الذي تحدث عنه الزميل حافظ البرغوثي يوم امس في مقالته عن رباعيات الخطيب التي اشعلت شمعة اخرى في جريدة "الحياة الجديدة"، واعني المصير البعيد عن " الوزارة " القريب من المرض والموت، فلست من كتاب السياسة ولا اريد ان اكون والفقد مشيئة الخالق وامر الطبيعة التي احب شتاءها اذا ما فاض بالمطر واشعل نار الكستناء